كتاب الدال
دأب : الدال والهمزة والباء أصلٌ واحد يدلُّ على ملازمة ودوام. فالدأبُ : العادةُ والشّأْن. قال الفرّاء : الدأْب ، أصله من دَأبْتُ ، إلاّ أنّ العربَ حوّلت معناه إلى الشّأن. ودأَبَ الرّجُل في عمله ، إذا جَدَّ. وأدْأبتْهُ أنا إِدآباً. والدائِبان : اللّيلُ والنَّهار.
دأث : الدال والهمزة والثاء ليس أصلاً؛ لأنّ الدَّأْثاءَ ـ وهي الأَمَةُ ـ مقلوبةٌ من الثأْداء. على أنَّهم يقولون : دَأَثْتُ الطّعام : أكلتُه.
دأظ : الدال والهمزة والظاء كلمةٌ واحدةٌ. يقولون : الدّأْظ : المَلْء . ويقال : دأظتُ المَتَاعَ في الوِعاء. قال :
والدّأظُ حَتَّى لا يَكونُ غَرْضُ
الدأْظ : الامتلاء. والغَرْض : أن يبقى موضعٌ لا يبلُغه الماء .
دأل : الدال والهمزة واللام يدل على خِفّة ونَشْطَة . فالدَّأَلاَنُ : المَشْيُ بنَشاط. يقال : منه دَألْتُ أدْأَل. والدَّأْل : الخَتْل. ويقولون : الدُّؤُلُول الدّاهية؛ وهو قريب من الباب. والدؤَل قَبِيلةٌ.
دأم : الدال والهمزة والميم يدلّ على تَوَال وتَنَضّد. قال الخليل : دَأَمْتُ الحائطَ؛ أَي رفَعْتُه ، ويكون هذا ممّا ذكرناه؛ لأنَّه شيءٌ فوق شيء. ويقال : تداءَمَتْ عليه الرِّياح ، إذا توالت؛ وتَدَأَّمَت الأمواجُ . وقال :
تحت ظِلال المَوْج إِذْ تَدَأَّمَا
والبحر نَفسُه الدَّأْماءُ. ولعلّ هذا القياسَ أولَى به ، وتَدَاءمْتُ الرَّجلَ ، إذا وثبتَ عليه. وتداءمَ الفحلُ النّاقَة ، إذا تجلّلَها. وتداءمَت السماءُ : توالت أمطارُها .
دأى : الدال والهمزة والياء أصلان : أحدهما يدلّ على خَتْل ، والآخر عَظْمٌ متَّصل بمِثْله ، ويشبّه به غيره ، ويكون من خَشَب.
فالأوَّل الدّأْي ، وهو الختْل؛ يقال : دَأيْتُ أدأَى دَأْياً؛ وهو الخَتْل. والذِّئب يَدأَى ، إِذا خَتَل.
وأمَّا الآخَر فالدّأْيات : الفَقَار ، الواحدةُ دَأْية؛ وابنُ دَأيَةَ : الغُرابُ؛ لأنَّه يقع على دأْية البعير الدّبِر فينقُرها؛ والدّأية من البعير : الموضعُ تقع عليه ظَلِفَةُ الرَّحْلِ فتَعقِرُه.
دبّ : الدال والباء أصلٌ واحد صحيح مُنقاس ، وهو حركةٌ على الأرض أخفُّ من المشْي. تقول : دَبَّ دبيباً. وكلُّ ما مَشى على الأرض فهو دابة. وفي الحديث : « لا يَدخُل الجنَّةَ دَيْبُوبٌ ولا قَلاّع ». يُراد بالدَّيبوب النمّام الذي يدِب بين النّاس بالنمائم. والقَلاَّع : الذي يَشِي بالإنسان إلى سُلطانه ليَقلَعه عن مرتبة له عندَه. ويقال : ناقة دَبُوبٌ ، إذا كانت لا تَمْشي من كثرة اللّحم إلاّ دَبيباً. ويقال : ما بالدارِ دِبِّيٌّ ودُبِّيٌّ؛ أَي أحدٌ يدِبُّ. ويقال : طَعنةٌ دبُوب ، إذا كانت تَدِبُّ بالدّم. قال الهذَليّ :
بصَفْحتهِ دَبُوبٌ تَقْلِسُ
ويقال : ركب فلانٌ دُبَّةَ فُلان ، وأخَذَ بدُبَّتِه ، إذا فعل مِثل فِعلِه ، كأنّه مَشَى مِثل مَشيِه. والدُّبَّاء : القَرْع. ويجوز أن يكون شاذّاً ، ومحتملٌ أن يكون سمِّي بذلك لملاسَته ، كأنّه يَخِفُّ إذا دُحْرِجَ. قال امرؤ القيس :
إذا أقبَلَتْ قلتَ دُبَّاءَةً
من الخُضْرِ مَغْمُوسَةًٌ في الغُدُرْ
وأمَّا الدَّبَبُ في الشّعَْرِ فمن باب الإبدال؛ لأنَّ الدال فيه مبدلةٌ من زاء. والأدْبَبُ من الإبل : الأزبُّ. وفي الحديث ـ إن صحّ ـ : « أيَّتُكُنَّ صاحبة الجَمَل الأدْبَب ». وأمَّا الدَّبُوب ، فيقال : إنّه الغار البعيد القَعْر وليس هذا بشيء.
دبج : الدال والباء والجيم أصلٌ واحد يدلُّ على شيء ذي صفحة حَسَنَة. الدّيباجُ معروفٌ. والدِّيباجَتانِ : الخَدّان. وقال ابن مقبل :
يَجرِي بديباجَتَيهِ الرَّشْحُ مُرْتَدِعُ
ويقال : هما اللِّيتان . وأمّا قولهم : « ما بالدّار دِبِّيجٌ » فيقال هو بالحاء ، وقد ذُكر في بابه ، وإن كان بالجيم كما قيل فليس من هذا ، ولعلّه أنْ يكون من دِبِّيٍّ ، من الدَّبيب ، ثمّ حُوِّلت ياء النِّسبة جيماً على لغة من يفعل .
دبح : الدال والباء والحاء أُصَيلٌ ، وهو الإقبال على الشَّيء بالجِسْم حتَّى تَحْنُوَ عليه كلّ الحُنوّ. يقال : دبَّحَ الرجُل رأسَه ، وذلك إذا نكسَه وطأطأه. ونُهِيَ أن يُدَبِّحَ الرّجُل في الصَّلاة كما يدبِّح الحِمار. والذي يقولون ما بالدَّار مِنْ دِبِّيح ، فهو من هذا؛ أَي مقيم في الدَّار مقبل عليها ، والحاء في هذه الكلمة أقيس من الجيم ، لما ذكرناه.
دبر : الدال والباء والراء. أصلُ هذا الباب أنَّ جُلّه في قياس واحد ، وهو آخِر الشَّيء وخَلْفُه خلافُ قَبُلِه. وتشذّ عنه كلماتٌ يسيرة نذكرُها.
فمعظم الباب أنَّ الدُّبُرَ خلافُ القُبُل. والدَّبِير: ما أدْبَرَتْ به المرأةُ من غزْلِها حين تفتِلُه. قال ابن السّكِّيت : القَبِيل من الفَتْل : ما أقبَلْتَ به إلى صدرك ، والدَّبير : ما أدبَرْتَ به عن صدرك. ودابرةُ الطّائر : الإِصبع التي في مُؤخَّر رِجْله. وتقول : جعلتُ قولَه دَبْرَ أُذُني؛ أَي أغضَيْت عنه وَتصامَمْت ، ودَبَر النَّهارُ وأدَبرَ ، وذلك إذا جاء آخِرُه ، وهو دُبُره. ودبَّرْتُ الحديثَ عن فُلان ، إذا حدَّثتَ به عنه ، وهو من الباب؛ لأنّ الآخِر المحدِّثَ يَدْبُر الأوّلَ يجيءُ خَلْفَه. ودابرة الحافر : ما حاذَى مؤخَّر الرُّسْغ. وقَطَعَ اللهُ دابِرَهم؛ أَي آخِرَ مَن بَقِيَ منهم. والدّابر من السِّهام : الذي يخرُج من الهَدَف ، كأنَّه وَلّى الرّاميَ دُبُرَه ، وقد دَبَرَ يَدْبُرُ دُبُوراً ، والدَّبَرانُ : نجمٌ ، سمِّي بذلك لأنَّه يَدْبُر الثّريّا. ودابَرْتُ فُلاناً : عاديتُه. وفي الحديث : « لا تَدَابَرُوا » ، وهو من الباب ، وذلك أنْ يترُكَ كلُّ واحد منهما الإقبالَ على صاحبه بوجْهه. والتدبير : أنْ يُدبِّر الإنسانُ أمرَه ، وذلك أنَّه يَنظُر إلى ما تصير عاقبتُه وآخرُه ، وهو دُبُره. والتَّدبير عِتْق الرّجُل عبدَه أو أمَتَه عن دُبُر ، وهو أن يَعْتِقَ بعد موت صاحبِه ، كأنَّه يقول : هو حُرٌّ بعدَ موتي. ورجل مقابَلٌ مُدابَرٌ ، إذا كان كريمَ النَّسَب من قِبَل أبوَيه؛ ومعنى هذا أنَّ من أقبَلَ منهم فهو كريمٌ ، ومن أدبَرَ منهم فكذلك. والمُدَابَرَة : الشاة تُشَقُّ أُذُنُها من قِبَل قَفاها. والدّابر من القِداح : الذي لم يَخْرُج؛ وهو خلاف الفائز ، وهو من الباب؛ لأنَّه ولّى صاحبَه دُبُرَه. والدَّابر : التابع؛ يقال : دَبَرَ دُبُوراً. وعلى ذلك يفسَّر قوله جلَّ ثناؤُه : ) واللَّيلِ إِذا دَبَرَ ( ، يقول : تَبِع النَّهارَ. وَدَبَرَ بالقِمار ، إذا ذَهَب به. ويقال : ليس لهذا الأمرِ قِبْلةٌ ولا دِبْرَةٌ؛ أَي ليس له ما يُقبِل به فيُعْرَفَ ولا يُدْبِر به فيُعرَف. ورجلٌ أُدابرٌ : يقطَع رَحِمَه؛ وذلك أنَّه يُدبِرُ عنها ولا يُقْبِل عليها. والدَّبُور : ريحٌ تُقبِل مِن دُبُر الكعبة. والدَّابرة : ضربٌ مِن أُخَذِ الصَّرْع . قال أبو زيد : يقال : « هو لا يُصَلِّي الصّلاةَ إلاّ دَبَرِيّاً » ، والمُحدِّثونَ يقولون : دُبُريّاً. وذلك إذا صلاّها في آخِر وقتها ، يريد وقد أدبَرَ الوقتُ.
وأمّا الكلمات الأُخَرُ فأُراها شاذّةً عن الأصل الذي ذكرناه ، وبعضُها صحيح. فأمَّا المشكوك فيه فقولهم : إنّ دُبَاراً اسمُ يوم الأربعاء ، وإنّ الجاهليَّة كذا كانوا يسمُّونه. وفي مثل هذا نَظَرٌ. وأمَّا الصَّحيح فالدِّبار ، وهي المَشَارات من الزَّرْع. قال بِشرٌ :
عَلَى جِرْبَة تَعلُو الدِّبارَ غُروبُها
ومن ذلك الدَّبْر ، وهو المال الكثير؛ يقال : مالٌ دَبْرٌ ، ومالان دَبرٌ ، وأموالٌ دَبْرٌ.
دبس : الدال والباء والسين أصلٌ يدلُّ على عُصارة في لون ليس بناصع. من ذلك الدِّبس ، وهو الصَّقْر. والدُّبْسيُّ : طائرٌ؛ لأنَّه بذلك اللّون. وجِئتَ بأُمور دُبْس ، إذا جاء بها غيرَ واضحة. قال بعضُ أهل العلم : أَدْبَسَتِ الأرضُ فهي مُدْبِسَةٌ ، إذا رُئِيَ فيها أوّلُ سواد النَّبت. فأمّا الكثْرة فهي الدَِّبْسُ ، وهو استعارةٌ ، كما يقال لها الدَّهْماء والسَّواد ، فقد عاد إلى ذلك القياس. ويقولون : الدَِّباساء ، على فِعالاء ، للإناث من الجراد.
دبش : الدال والباء والشين ليس بشيء. على أنّهم يقولون : أرضٌ مَدبُوشَة : أَكَلَ الجراد نَبْتها. قال :
في مُهْوَأَنٍّ بالدَّبَا مَدْبُوشِ
دبغ : الدال والباء والغين كلمةٌ. دَبْغتُ الأديمَ أدْبَغُه وأدبُغه دَبغا.
دبق : الدال والباء والقاف ليس بشيء. يقولون لِذِي البَطْن الدَّبُوقاء.
دبل : الدال والباء واللام أصلٌ يدلُّ على جَمْع وتجمُّع وإصلاح لمَرَمَّة . تقول : دَبَلْتُ الشَّيءَ جمَعتُه ، كَدَبلْك اللُّقمةَ بأصابعك. والدُّبُول : الجداول. وسمِّيت بذلك لأنّها تُدْبَل؛ أَي تُنَقَّى وتُصلَح. قال الكِسائيّ : أرضٌ مَدبولَةٌ ، إذا أُصلِحَتْ بسِرْجين وغيره. قال : وكلُّ شيء أصلحتَه فقد دَبَلْتَه ودَمَلْتَه. ويقال : الدَّوْبَل : الحِمار الصَّغير. وسمِّي بذلك لتجمُّع خَلْقِه. ويقال : دَبِلَ البعيرُ وغيرُه يَدْبَلُ ، إذا امتلأَ لحماً.
وممّا شذّ عن هذا الأصل الدِّبْلُ : الدَّاهيةُ ودَبَلَهُم الأمرُ من الشرِّ : نَزلَ بهم. يقال : دِبْلاً دَبيلاً ، كما يقولون : ثُكْلاً ثاكِلاً. قال الشاعر :
طِعانَ الكُماةِ ورَكْضَ الجِيادِ
وقَوْلَ الحَواضِنِ دِبلاً دَبيلاً
دبى : الدال والباء والياء ليس أصلاً ، وإنَّما هو كلمةٌ واحدةٌ ، ثم يُحمَل عليها تشبيهاً. فالدَّبا : الجرادُ إذا تحرَّك . والتَّشبيهُ قولُهم : أدْبَى الرِّمْثُ ، أوَّلَ ما يتفَطَّر؛ وذلك لأنَّه يشبَّه بالدَّبا. وذكر بعضُهم : جاء فلانٌ بدَبَادَبَا ، إذا جاء بمال كالدّبا . ويقال : أرضٌ مَدْبَاةٌ : كثيرة الدبا. ومَدْبِيَّةٌ : أَكَلَ الدّبَا نباتَها.
دثأ : الدال والثاء والهمزة ليس أصلاً؛ لأنَّه من باب الإبدال. يقولون : مطر دَثَئِيٌّ ، وهو الذي بين الحَمِيم والصَّيف . وإنَّما الأصل دَفَئِيٌّ ، وهو من الدِّفء.
دثّ : الدال والثاء كلمةٌ واحدةٌ ، وهو المَطَر الضَّعيف .
دثر : الدال والثاء والراء أصلٌ واحد منقاسٌ مطّرد. وهو تضاعُفُ شيء وتناضُدُه بعضِه على بعض. فالدَّثْر : المال الكثير. والدِّثار : ما تدثَّر به الإنسانُ ، وهو فوق الشِّعار. فأمّا قول القائل :
والعَكرِ الدَّثِرْ
فإنَّه أراد الدَّثْر فحرك الثاء ، وهو الكثير.
ومن الباب تَدَثَّر الفَحْلُ الناقَة ، إذا تَسَنَّمَها ، كانَّه صار دِثاراً لها. وتدثَّر الرجُلُ فرسَه ، إذا وثب عليه فركِبَه. والدَّثُور : الرّجل النَّؤُوم . وسمِّي لأنَّه يتدثَّر وينام. فأمّا قولهم : رسْمٌ داثِرٌ ، فهو من هذا ، وذلك أنَّه يكون ظاهراً حتّى تهبّ عليه الرِّياحُ وتأتِيَه الرَّوامسُ ، فتصيرَ له كالدِّثار فتغطِّيه.
دثن : الدال والثاء والنون كلامٌ لعلّه أن يكون صحيحاً. فأمّا أنْ يكون له قياسٌ فلا. يقولون : دثَّن الطَّائرُ : أسرع في طَيَرانه. ودثَّن اتَّخَذَ عُشَّه. والكلمتان متشابهتان ، والأمر فيهما ضعيف.
دجّ : الدال والجيم أصلان : أحدهما كشِبه الدَّبيب ، والثاني شيءٌ يُغَشِّي ويغطِّي.
فالأوّل قولهم : دَجَّ دَجيجاً إذا دبّ وسَعَى. وكذلك الداجُّ الذين يسعَون مع الحاجِّ في تجاراتهم. وفي الحديث : « هؤلاء الدّاجُّ ولَيسُوا بالحاجّ ». فأمَّا حديث أنس : « ما تركت من حاجَة ولا داجَة » فليس من هذا الباب؛ لأنّ الدَّاجَة مخفّفة ، وهي إِتْباعٌ للحاجَة. وأمّا الدَِّجاجَة فمعروفةٌ؛ لأنّها تُدجْدِجُ؛ أَي تَجِيءُ وتَذهَبُ. والدَّجَاجَةُ : كُبَّةُ المِغْزَلِ. فإن كان صحيحاً فهو علَى معنَى التشبيهِ. وكذلك قولهم : لفلان دَجاجةٌ ، أَي عِيالٌ. وهو قياسٌ؛ لأنَّهم إليه يدِجُّون.
وأمّا الآخَر فقولهم تَدَجْدَج اللَّيل : إذا أظْلَم. وليلٌ دَجُوجيّ. ودَجَّجت السماءُ تدجيجاً : تغيَّمت. وتدَجْدَجَ الفارسُ بشِكَّته ، كأنَّه تغطَّى بها. وهو مدجّج ومدَجَّج. وقولهم للقُنفذ : مُدَجَِّج من هذا. قال :
ومُدَجَِّج يَعدُو بشِكّته
محمَرَّة عيناهُ كالكَلْبِ
وأمّا قولهم للنّاقة المنبسطة على الأرض : دَجَوْجَاةٌ ، فهو من الباب؛ لأنّها كأنّها تُغَشّى الأرض.
دجر : الدال والجيم والراء أصلٌ يدلُّ على لُبْس. فالدَّيجور : الظَّلام؛ والجمع دَياجِر ودياجِير. والدَّجَرُ : شِبْهُ الحَيْرة ، وهو ذلك القياس ، يقال : رجلٌ دَجْرانُ ودَجَارَى ، كما يقال : حَيرانُ وحَيارَى.
وهاهنا كلمةٌ إنْ صحّت فهي شاذّة عن الأصل الذي ذكرناه. يقولون : إنّ الدَُّجْر : الخشبة التي يُشدّ عليها حديدةُ الفَّدَّان. وما أُرَى هذا من كلام العرب.
دجل : الدال والجيم واللام أصلٌ واحد منقاسٌ ، يدلُّ على التغطية والسَّتْر. قال أهلُ اللُّغة : الدَّجْل : تَموِيهُ الشَّيءِ ، وسُمِّي الكَذَّابُ دَجَّالاً. وسمِعت عليَّ بن إبراهيمَ القَطَّان يقول : سمِعت ثعلباً يقول : الدَّجّالُ المُمَوِّهُ. يقال : سيفٌ مُدَجَّل؛ إذا كان قد طُلِيَ بذهب. قال : فقِيل له : فيجوز أن يكون الذّهب يسمَّى دَجَّالاً ؟ فقال : لا أعرِفُه . ومن الباب الدّجّالةُ : الجماعة العظيمة تحمل المتاع للتجارة. ويقال : دَجَّلْتُ البعيرَ؛ إذا طلَيتَه بالقَطِران ، والبعيرُ مدجَّلٌ.
قال ابنُ دريد : كلُّ شيء غطّيته فد دجَّلتَه. وسُمِّيت دِجلةُ لأنّها تغطِّي الأرض بالجمع الكثير . ويقال : رُِفْقَةٌ دَجَّالة ، إذا غَطَّت الأرض بزَحْمَتها. قال :
دَجّالة من أعظَم الرِّفاقِ
وفي كتاب الخليل : الدّجال : الكذَّاب ، وإنّما دَجَلُه كِذْبه؛ لأنَّه يدجِّل الحقَّ بالباطل.
دجم : الدال والجيم والميم كلمةٌ واحدةٌ. يقال : دَُجِمَ ، إذا حَزنَ. ويقولون : ما سمعتُ لفُلان دَُجْمَةً؛ أَي كلمة. وهذه كأنّها من باب الإبدال ، والأصل زَُجْمَة .
دجن : الدال والجيم والنون قياسُه قياسُ الدال والجيم واللام. فالدَّجْن : ظلُّ الغيم في اليوم المَطِر . وأدْجَنَ المطرُ : دامَ أيّاماً. والمُداجَنةُ : حُسن المخالَطة. والدُّجُنَّة : الظلماء. وفي كتاب الخليل قال : لو خفّفه الشاعر لجازَ له. قال حُمَيدٌ :
حتَّى إذا انجلَتْ دُجَى الدُّجُونِ
ومن الباب دَجَن دُجُوناً : أقام. والشَّاةُ الدّاجِن : التي تَأْلف البيوت. والله أعلم.
دحّ : الدال والحاء أصلٌ واحد يدلُّ على اتّساع وتبسُّط. تقول العرب : دحَحْتُ البيت وغيرَه ، إذا وسَّعته. واندَحَّ بطنُه ، إذا اتَّسع. قال أعرابيّ : « مُطِرْنا لليلتين بقيتا من الشّهر ، فاندحَّتِ الأرضُ كَلاًَ ». ويقال : دحَّ الصَّائدُ بيتَه ، إذا جعَلَه في الأرض. قال أبو النَّجم :
بيْتاً خَفِيّاً في الثَّرَى مَدْحُوحَا
ومن الباب الدَّحْدَاح : القصير ، سمِّي لتطامُنِه وجُفُورِه .وكذلك الدُّحَيْدِحَةُ. قال :
أغَرَّكِ أنَّني رجلٌ دميم
دُحَيْدِحَة وأنَّكِ عَيْطَمُوس
دحر : الدال والحاء والراء أصلٌ واحد ، وهو الطَّرد والإِبعاد. قال الله تعالى : ) اخْرُجْ مِنْهَا مَذْؤوماً مَدْحُوراً ( .
دحز : الدال والحاء والزاء ليس بشيء. وقال ابن دريد : الدَّحْز : الجِماع . وقد يُولَع هذا الرجلُ بباب الجماع والدَّفْع ، وباب القَمْش والجمع.
دحس : الدال والحاء والسين أصلٌ مطَّرِد مُنْقاس ، وهو تخلُّل الشَّيءِ بالشَّيءِ في خَفاء ورِفق. فالدَّحْس : طلَب الشَّيءِ في خفاء. ومن ذلك دَحَسْتُ بينَ القوم ، إذا أفسدْتَ؛ ولا يكون هذا إلاّ برفْق ووَسواس لطيف خفيّ. ويقال : الدّحْسُ: إدخالك يَدَك بين جِلْدة الشَّاة وصِفَاقها تسلخُها. والدَّحَّاس : دويْبَّة تغيب في التراب ، والجمع دَحاحيس. وداحِسٌ : اسم فرس؛ وسمِّي بذلك لأنَّ حَوْطاً سطا على أُمِّه ـ أُمّ داحس ـ بماء وطِين ، يريد أن يخرج ماءَ فرسه من الرَّحِم. وله حديث .
دحص : الدال والحاء والصاد كلمةٌ واحدةٌ. يقال : دَحَصَ المذبوحُ برِجْله يدحَصُ دَحْصاً ، إذا ارتكَضَ. قال علقمة :
رغا فوقَهم سَقْبُ السّماءِ فداحِصٌ
بشِكَّتِهِ لم يُسْتَلَب وسليبُ
دحض : الدال والحاء والضاد أصلٌ يدلُّ على زوال وزَلَق. يقال : دَحْضَتْ رجلُه : زَلِقَتْ. ومنه دَحَضَت الشّمس : زالت. ودَحَضَتْ حُجّةُ فلان ، إذا لم تَثْبُت. قال الله جلّ ثناؤه : ) حُجَّتُهُمْ دَاحضةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ( شورى : 16.
دحق : الدال والحاء والقاف قياسٌ يقرُب من الذي قبْلَه. يقال : دَحَقَ الشَّيءُ : زَالَ ولم يثُبتْ. والدَّحيق : البعيد. ويقال : فعلَ فلانٌ كذا فدحَقْتُ عنه يدَه؛ أَي قبضتُها. ويقال : أدْحَقَه الله؛ أَي أبْعَدَه. وَدَحَقت الرّحِمُ : رَمَتْ بالماء فلم تقبلْهُ. والدِّحاق : أن تخرُجَ رحِمُ الأُنثَى بعد الولادة ، فلا تنجو حتّى تموت. وهي دَحُوقٌ. قال :
وأُمُّكُمْ خَيْرَةُ النِّساء عَلَى
ما خانَ منها الدِّحاقُ والأَتَمُ
دحل : الدال والحاء واللام يدلُّ على تلجُّف في الشَّيء وتطامُن. فالدَّحْل : المُطمَئِنُّ من الأرض ، والجمع الدُّحُول. ويقال : بئرٌ دَحُولٌ : ذاتُ تلجُّف ، وذلك إذا أكمَلَ الماءُ جِرابَها. فأمَّا الدَّحِلُ في خَلْقِ الإنسان ، فيقال هو العظيم البَطْن؛ وهذا قياسُ الباب؛ لأنَّه يدلُّ على سَعة وتلجُّف.
دحم : الدال والحاء والميم ليس بشيء. على أنّهم يقولون : دَحَمَه ، إذا دَفَعه دفعاً شديداً. وبه سُمِّي الرَّجُل دَحْمانَ ودُحَيْماً.
دحمس : مما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف من المشتقّ المنحوت : الدُّحْمُسَانُ : الأسود ، والحاء زائدة ، وهو من الدَّسَم ، وهو عندنا موضوعٌ وضعاً. وقد يكون عند سِوانا مشتقّاً. والله أعلم.
دحن : الدال والحاء والنون ليس بأصل؛ لأنَّه من باب الإبدال. يقال : رجل دَحِنٌ ، وهو مثل الدَّحِلِ . وقد فسَّرناه.
دحو : الدال والحاء والواو أصلٌ واحد يدلُّ على بَسْط وتمهيد. يقال : دحا الله الأرضَ يدحُوها دَحْواً ، إذا بَسَطَها. ويقال : دحا المطرُ الحَصَى عن وجْه الأرض. وهذا لأنَّه إذا كان كذا فقد مهّد الأرض. ويقال للفرَس إذا رمَى بيديه رمْياً ، لا يرفع سُنْبُكَه عن الأرض كثيراً : مرّ يدحُو دَحْواً. ومن الباب أُدْحِيُّ النَّعام : الموضع الذي يُفَرِّخ فيه ، أُفْعولٌ مِن دحوت؛ لأنَّه يَدْحُوه برِجْله ثمّ يبيض فيه. وليس للنّعامة عُشٌّ.
دخّ : الدال والخاء ليس أصلاً يُفَرّع منه ، لكنّهم يقولون : دخدَخْنا القومَ : أذْلَلْناهم ، دَخدَخةً. وذكر الشَّيبانيّ أنَّ الدخدخة الإعياء. فأمّا الدَُّخُّ فقد ذُكِر في بابه ، وهو الدُّخان. قال :
عند سُعَار النّارِ يَغْشَى الدَُّخَّـا
دخر : الدال والخاء والراء أصلٌ يدلُّ على الذُّلِّ. يقال : دَخَرَ الرّجُلُ ، وهو داخِرٌ ، إذا ذَلَّ. وأَدْخَرَهُ غيرُه : أَذَلَّه. فأمّا الدَّخْدَار فالثَّوب الكريمُ يُصانُ. قال :
ويَجْلُو صَفْحَ دَخْدار قَشِيبِ
وليس هذا من الكلمة الأُولى في شيء؛ لأنَّ هذه مُعرَّبة ، قالوا : أصلها تَخْت دار؛ أَي مَصُونٌ في تَخْت .
دخرص : مما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف من المشتقّ المنحوت : دَخْرَصَ فلانٌ الأمرَ ، إذا بيَّنَه. وإنّه لَدِخْرِصٌ؛ أَي عالمٌ . والوجه أن يكون الدال فيه زائدة ، وهو من خَرَصَ الشَّيءَ ، إذا قدَّره بفِطْنته وذكائه.
دخس : الدال والخاء والسين أصلٌ واحد ، يدلُّ على اكتناز واندساس في تراب أو غيره. فالدَّخْسُ أن يندسَّ الشَّيءُ في التراب. ولذلك سَمَّى الرّاجزُ الأثافيَّ دُخَّساً. فهذا هو الأصل ، ثمّ سُمِّي كلُّ شيء تجمَّعَ إلى شيء وداخَلَه ، بذلك. والدَّخيس : الحَوْشَب ، وهو ما بين الوَظيف والعصَب. والدَّخِيس من الناس : العددُ الجَمُّ. والدَّخَس : داءٌ في قوائم الدّابة. والدَّخِيس : اللحم المكتَنِز. وكلُّ ذي سِمَن دَخيسٌ. ويقال : الدَّخيس : لحمُ باطن الكفّ. والدَّخيس من أَنْقَاء الرّملِ : الكثير. وكَلاٌَ دَيْخَسٌ ؛ أَي كثير. وأنشد :
يَرْعَى حَلِيّاً ونَصِيّاً دَيْخَسَا
دخش : الدال والخاء والشين ليس بشيء. وزعم ابنُ دريد أنّ الدَّخش فِعْلٌ مُماتٌ ، يقال : دَخِشَ دَخَشاً ، إذا امتلأَ لَحماً. ومنه اشتقاقُ دَخْشَم.
دخص : الدال والخاء والصاد كالذي قبله. وذكر ابن دُريد أنّ الدَّخُوص : الجاريةُ السَّمينة.
دخل : الدال والخاء واللام أصلٌ مطّرد منقاس ، وهو الوُلوج. يقال : دخل يدخُل دخولاً. والدُِّخْلَةُ : باطنُ أَمرِ الرَّجُل. تقول : أنا عالمٌ بدخْلَته. والدَّخَل : العَيب في الحَسب ، وكأنَّه قد دخل عليه شيءٌ عابَه. والدَّخَل كالدَّغَل ، وهو من الباب؛ لأنَّ الدّغَل هذا قياسُه أيضاً. ويقال : إنّ المدخُول : المهزُول؛ وهو الصَّحيح؛ لأنّ لحمهُ كأنّه قد دُخِلَ. ودَخِيلُك : الذي يُداخِلُك في أُمورك. والدِّخال في الوِرد : أنْ تشربَ الإبل ثمّ تردّ إلى الحوض ليشرب منها ما عساه لم يكن شَرِبَ. قال الهُذَليّ :
وتُوفِي الدُّفوفَ بشُرب دِخَالِ
ويقال : إنّ كلَّ لحمة مجتمعة دُخَّلةٌ ، وبذلك سُمِّي هذا الطائر دُخَّلاً. ويقال : دُخِل فلانٌ ، وهو مدخولٌ ، إذا كان في عقله دَخَلٌ. وبنو فلان في بني فلان دَخِيلٌ؛ إذا انتسبوا معهم. ونَخْلَةٌ مدخولةٌ : عَفِنةُ الجَوفِ. والدُّخْلَلُ : الذي يُداخِلُك في أُمورك. والدُّخَّل من ريش الطائر : ما بين الظُّهْرَانِ والبُطْنان ، وهو أجْوَدُ الرِّيش. وداخِلَة الإِزار : طَرَفه الذي بلى الجسَد. والدُّخَّل من الكلأ : ما دَخل منه في أُصول الشجر. قال :
تَبَاشِير أَحْوَى دُخَّل وجميمِ
دخمس : مما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف من المشتقّ المنحوت : الدَّخْمَسَةَ ، وهو كالخِبّ والخِدَاع ، وهي منحوتةٌ من كلمتين : من دَخس ودَمَس ، وقد ذكرناهما.
دخن : الدال والخاء والنون أصلٌ واحد ، وهو الذي يكون عن الوَقُود ، ثمَّ يشبَّه به كلُّ شيء يُشْبِهُه مِن عَداوة ونظيرِها. فالدُّخَانُ معروفٌ ، وجمعه دَوَاخِن على غير قياس. ويقال : دَخَنَتِ النّارُ تَدخُن ، إذا ارتفع دُخانها ، ودخِنَتْ تَدْخَنُ ، إذا ألقيْتَ عليها حطباً فأفسَدْتَها حتى يهيجَ لذلك دُخانٌ وكذلك دَخِن الطَّعامُ يَدْخَن . ويقال : دَخَن الغُبار : ارتفَعَ. فأمّا الحديث : « هُدْنَةٌ على دَخَن » ، فهو استقرارٌ على أُمور مكروهة. والدُّخْنَةُ من الألوان : كُدرةٌ في سواد. شاةٌ دَخْناءُ ، وكبشٌ أدْخَنُ ، وليلةٌ دَخْنانةٌ ، ورجلٌ دَخِنُ الخُلُق. وأبناء دُخان : غنيٌّ وباهلةُ. والدُّخْنَة : بَخُورٌ يُدخَّن به البيتُ.
ددّ : الدال والدال كلمةٌ واحدةٌ. الدَّدُ : اللهو واللَّعِب. قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : « ما أنا مِن دَد ولا الدَّدُ مِنِّي ».
ويقال : دَدٌ ، وَدَداً ، ودَدَنٌ. قال :
أيُّها القلبُ تَعَلَّلْ بدَدَنْ
إنّ همِّي في سَمَاع وأَذَنْ
ودَد ـ فيما يقال ـ اسمُ امرأة. والله أعلم.
ددن : الدال والدال والنون كلمتان : إحداهما اللَّهو واللَّعب ، يقال : دَدَنٌ ودَدٌ . قال :
أيُّها القلب تعلَّلْ بدَدَنْ
إنّ هَمِّي في سَماع وأَذَنْ
ومن هذا اشتُقَّ السَّيف الدَّدَانُ؛ لأنَّه ضعيفٌ ، كأنّه ليس بِحادٍّ في مَضائه. والكلمة الأُخرى : الدَّيْدَنُ : العادَة.
والله أعلم.
درب : الدال والراء والباء الصّحيح منه أصلٌ واحد ، وهو أن يُغْرَى بالشّيءِ ويلزمه. يقال : دَرِبَ بالشّيء ، إذا لزِمَه ولصق به. ومن هذا الباب تسميتُهم العادةَ والتّجرِبة دُرْبَة. ويقال : طَيْرٌ دَوَارِبُ بالدِّماء ، إذا أُغْرِيَت. قال الشّاعر :
يصاحِبْنَهم حتَّى يُغِرْنَ مُغارَهم
مِن الضّاريات بالدّماءِ الدّوارِب
وَدَرْبُ المدينة معروف ، فإنْ كان صحيحاً عربيّاً فهو قياسُ الباب؛ لأنّ النّاسَ يَدْرَبُون به قصداً له. فأمّا تَدَرْبَى الشَّيءُ ، إذا تَدَهْدَى ، فقد قيل . والدَّرْبانِيَّة : جنسٌ من البقر. والدّردابُ : صوت الطَّبل. فكلُّ هذا كلامٌ ما يُدْرَى ما هو.
دربخ : مما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف من المشتقّ المنحوت : دَرْبَخَ : إذا تذلَّل. والدال فيه زائدة ، وهو من دبخ ، يقال : مشى حَتَّى تدبَّخَ؛ أَي استرخَى.
و دَرْبَحَ. عَدَا .
دربس : مما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف من المشتقّ المنحوت : تَدَرْبَسَ الرّجُل ، إذا تقدَّم. وأنشد :
إذا القوم قالُوا مَنْ فَتىً لُمهِمَّة
تَدَرْبَسَ باقِي الرِّيقِ فَخْمُ المناكبِ
والدال زائدة ، وإنَّما هو من الراء والباء والسين. يقال : أربَسَّ اربِساساً ، إذا ذَهَب في الأرض.
دربل : الدَّرْبَلَةُ : ضربٌ من المشي.
درج : الدال والراء والجيم أصلٌ واحد يدلُّ على مُضِيِّ الشَّيءِ والمُضيِّ في الشَّيء. من ذلك قولهم : دَرَجَ الشَّيءُ ، إذا مَضَى لسبيله. ورجَع فُلانٌ أدراجَه ، إذا رجَع في الطّريق الذي جاء منه. ودَرَجَ الصَّبِيُّ ، إذا مَشَى مِشْيته. قال الأصمعيّ : دَرَجَ الرجُلُ ، إذا مَضَى ولم يُخْلِفْ نَسْلاً. ومَدَارج الأكمَة : الطُّرق المعترِضة فيها. قال :
تَعَرّضِي مَدَارِجاً وسُومِي
تعرُّضَ الجَوْزاءِ للنُّجوم
فأمّا الدُّرج لبعض الأصوِنة والآلات ، فإن كان صحيحاً فهو أصلٌ آخَرُ يدلُّ على سَتر وتَغْطية. من ذلك أدْرَجْتُ الكتابَ ، وأدْرَجْتُ الحَبْل. قال :
مُحَمْلَجٌ أُدْرِجَ إِدْراجَ الطّلَقْ
ومن هذا الباب الثاني الدُّرْجة ، وهي خِرَقٌ تُجعَل في حَياءِ النّاقةِ ثمّ تُسَلُّ ، فإذا شَمَّتْها النّاقَةُ حسِبَتْها وَلَدَها فعَطفَتْ عليه. قال :
ولم تُجعَلْ لها دُرَجُ الظِّئارِ
درح : الدال والراء والحاء أُصَيْلٌ أيضاً. يقولون للرجل القصير : دِرْحايَة ، ويكون مع ذلك ضَخْماً. قال :
عَكَوَّكاً إذا مَشَى دِرْحايَهْ
والله أعلم.
درد : الدال والراء والدال أُصَيْلٌ فيه كلامٌ يسير. فالدَّرَدُ من الأسنان : لصوقُها بالأسناخ وتأكُلُ ما فَضَل منها. وقد دَرِدَتْ وهي دُرْدٌ. ورجلٌ أدْرَدُ وامرأةٌ درداء.
دردبس : الدَّرْدَبِيس : الدّاهيِةَ ، والشيخ الهِمّ.
دردقس : الدُّرْدَاقِسُ : عظم يفصِلُ بين الرّأس والعُنق. وما أبعد هذه من الصحّة.
درّ : الدال والراء في المضاعف يدلُّ على أصلين : أحدهما تولُّد شيء عن شيء ، والثاني اضطرابٌ في شيء.
فالأوّل الدَّرُّ دَرُّ اللَّبَن. والدَِّرّة دَِرّة السّحاب : صَبُّه. ويقال : سَحابٌ مِدْرارٌ. ومن ذلك قولهم : « لله دَرُّه »؛ أَي عمله ، وكأنّه شُبِّه بالدَّر الذي يكونُ من ذوات الدّرّ. ويقولون في الشَّتْم : « لا دَرّ دَرُّه » أي لا كَثُر خَيره. ومن الباب : دَرّت حَلُوبةُ المسلمين؛ أَي فَيْئُهم وخَراجهم. ولهذه السُّوق دِرَّة؛ أَي نَفَاق ، كأنّها قد دَرَّت. وهو خلاف الغِرار. قال :
ألا يا لَقومي لا نَوَارُ نَوارُ
ولِلسُّوق منها دِرَّةٌ وغِرارُ
ومن هذا قولهم : استدرَّتِ المِعْزَى استدراراً ، إذا أرادت الفحلَ ، كأَنَّها أرادت أنْ يَدِرَّ لها ماءُ فَحْلِها.
وأمَّا الأصل الآخرُ فالدّرِيرُ من الدوابّ : الشديدُ العَدْو السريعُهُ. قال :
دَرِيرٌ كَخُذْرُوف الوَلِيد أَدَرَّهُ
تَتَابُعُ كَفَّيْه بخَيط مُوَصَّلِ
والدُّرْدُرُ : مَنابت أسنانِ الصبِيّ. وهو من تَدَرْدَرَتِ اللحمةُ تَدَرْدُراً ، إذا اضطربَتْ ، ودَرْدَر الصبيُّ الشَّيءَ ، إذا لاكَهُ ، يُدَرْدِرُه.
وَدَرَرُ الرِّيح : مَهَبُّها. ودَرَوُ الطَّريق : قَصْدُهُ؛ لأنَّه لا يخلو من جاء وذاهب.
والدُّرُّ : كبار اللُّؤلؤ ، سمِّي بذلك لاضطراب يُرَى فيه لصفائه ، كأنّه ماءٌ يضطرب. ولذلك قال الهذليّ :
فجاء بها ما شِئْتَ مِن لَطَمِيَّة
يَدُوم الفُراتُ فوقَها ويموجُ
يقول : كأنَّ فيها ماءً يموجُ فيها؛ لصَفائِها وحُسنِها.
والكَوكَب الدُّرِّيُّ : الثاقبُ المُضِيءُ. شُبِّه بالدُّر ونُسبَ إليه لِبَياضِه.
درز : الدال والراء والزاء ليس بشيء ، ولا أحسب العربَ قالت فيه. إلاّ أنّ ابنَ الأعرابيّ حُكِي أنّه قال : يقول العرب للسِّفْلة : هم أولادُ دَرْزَة ، كما تقول للُّصوص وأشباهِهم : بنو غَبْرَاء. وأنشد :
أولادُ دَرْزَةَ أسلَموكَ وطارُوا
درس : الدال والراء والسين أصلٌ واحد يدلُّ على خَفاء وخفض وعَفَاء. فالدَّرْس : الطَّريق الخفيّ. يقال : دَرَسَ المنزلُ : عفا. ومن الباب الدَّرِيس : الثّوب الخَلَق. ومنه دَرَسَتِ المرأةُ : حاضَت. ويقال : إنّ فرجَها يكنّى أبا أَدْرَاس وهو من الحَيْض. ودَرَسْتُ الحَنْطةَ وغيرَها في سُنْبُلها. إذا دُسْتَها. فهذا محمولٌ على أنّها جُعِلت تحتَ الأقدام ، كالطَّريق الذي يُدْرس ويُمشَى فيه. قال :
سَمْرَاءَ ممّا دَرَسَ ابنُ مِخْراقْ
والدَّرْس : الجَرَب القليل يكون بالبَعير.
ومن الباب دَرَسْتُ القُرآنَ وغيرَه. وذلك أنّ الدّارِسَ يتتبَّع ما كان قرأ ، كالسَّالك للطّريق يتَتبَّعُه.
وممّا شذَّ عن الباب الدِّرْوَاس : الغليظ العُنق من النّاسِ والدّوابّ.
درص : الدال والراء والصاد ليس أصلاً يُقاس عليه ولا يفرَّع منه ، لكنّهم يقولون الدِّرص ولدُ الفأرة ، وجمعُه دِرَصَة. ويقولون : وقع القوم في أُمِّ أدْرَاص ، إذا وقعوا في مَهْلَُِكَة. وهو ذاك الأوّل؛ لأنّ الأرض الفارغةَ يكون فيها أدراص. قال :
وما أُمُّ أدراص بأرض مَضَلَّة
بأغْدَرَ مِن قيس إذا اللَّيلُ أظلما
ويقولون للرّجُل إذا عَيَّ بأمرِه : « ضَلَّ دُرَيْصٌ نَفَقَهُ ».
درع : الدال والراء والعين أصلٌ واحد ، وهو شيءٌ من اللِّباس ثمّ يُحمَل عليه تشبيهاً. فالدِّرع دِرْعُ الحديد مؤنّثة ، والجمع دُروع وأدراع. ودِرْع المرأة : قميُصها ، مذكّر.
وهذا هو الأصل. ثمَّ يقال : شاةٌ دَرْعاء ، وهي التي اسوَدَّ رأسُها وابيضَّ سائرُها. وهو القياس؛ لأنّ بياضَ سائِر بدنِها كدرع لها قد لبِسَتْهُ. ومنه اللَّيالي الدُّرَْع؛ وهي ثلاثٌ تَسوَدُّ أوائِلُها ويَبيَضُّ سائِرُها ، شُبِّهت بالشَّاة الدَّرْعاء. فهذا مشبَّهٌ بمشبَّه بغيره.
وممّا شذَّ عن الباب الاندراعُ : التقدُّمُ في السير. قال :
أمامَ الخَيْل تَنْدَرِعُ اندرَاعا
درعف : مما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف من المشتقّ المنحوت : ادْرَعَفَّتِ الإبلُ : إذا مضَتْ على وجُوهها. ويقال : اذرعَفَّتْ بالذال. والكلمتان صحيحتان؛ فأمّا الدال فمن الاندراع ، وأمّا الذال فمن الذريع. والفاء فيهما جميعاً زائدة.
درفس : الدِّرَفْسُ و الدِّرْفاس : الضخم من الرِّجال.
درفق : مما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف من المشتقّ المنحوت : الادْرِنْفَاقُ ، وهو السَّير السَّريع. وهذا ممّا زِيدت فيه الراء والنون؛ وإنَّما هو من دَفَقَ ، وأصله الاندفاع. والدُّفْقَة من الماء : الدُّفعة. وقد مضى.
درق : الدال والراء والقاف ليس هو عندي أصلاً يُقاس عليه. لكن الدَّرَقَة معروفة ، والجمع دَرَق وأدْراق. قال رؤبة :
لو صَفَّ أدْرَاقاً مَضَى من الدّرَقْ
والدَّرْدَق : صِغار الإبل ، وأطفالُ الوِلْدان.
درقع : مما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف من المشتقّ المنحوت : الدَّرْقَعة : هو الفِرار. فالزائِدة فيه القاف ، وإنَّما هو من الدال والراء والعين.
درقل : الدِّرَقْل : ضربٌ من النِّياب.
درك : الدال والراء والكاف أصلٌ واحد ، وهو لُحوق الشَّيء بالشيء ووُصوله إليه. يقال : أدْرَكْتُ الشَّيءَ أُدْرِكُه إدراكاً. ويقال : فرس دَرَكُ الطريدةِ ، إذا كانت لا تَفوتُه طريدة. ويقال : أدرك الغلامُ والجارية ، إذا بَلَغَا. وتدارَكَ القومُ : لَحِق آخرُهم أوّلَهم. وتدارَكَ الثَّرَيَانِ ، إذا أدرك الثَّرَى الثاني المَطَرَ الأوّل. فأمَّا قوله تعالى : ) بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الاْخِرَةِ ( النمل : 66 فهو من هذا؛ لأنّ عِلْمَهم أدركَهم في الآخرة حين لم ينفَعْهم.
والدَرَك : القطعة من الحَبْل تُشَدُّ في طَرَف الرِّشاء إلى عَرْقُوَة الدَّلو؛ لئلاَّ يأكلَ الماءُ الرِّشاء. وهو وإن كان لهذا فبِهِ تُدرَك الدَّلْو .
ومن ذلك الدَّرَك ، وهي منازِل أهل النار. وذلك أنّ الجنّة درجاتٌ ، والنَّار دركات. قال الله تعالى : ) إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الاَْسْفَلِ مِنَ النَّارِ( النساء : 145، وهي منازلُهم التي يُدْرِكونها ويَلْحَقُون بها. نعوذُ بالله منها!
درم : الدال والراء والميم أصلٌ يدلُّ على مقاربة ولِين. يقال : دِرْعٌ درِمَةٌ؛ أَي ليِّنة مُتَّسقة. والدَّرَمان : تقارُبُ الخَطْو. وبذلك سمِّي الرَّجُل دارماً.
ومن الباب الدَّرَم ، وهو استواءٌ في الكَعْب تحت اللَّحم حتَّى لا يكونُ له حَجْم. يقال له : كَعْبٌ أدْرَمُ. قال :
قامتْ تُرِيكَ خَشْيةً أن تَصْرِما
سَاقاً بخَنْدَاةً وكَعْباً أدْرَما
ويقال : دَرِمَتْ أسنانُه؛ وذلك إذا انسَحَجَتْ ولانَتْ غُرُوبُها.
ومن هذا قولهم : أدْرَمَ الفَرَسُ ، إذا سقَطَتْ سِنُّه فخرَجَ من الإثْناء إلى الإرباع. والدَّرَّامة : المرأة القصيرة. وهو عندنا من مُقارَبَة الخطوْ؛ لأنَّ القصيرة كذا تكون. قال :
مِن البِيضِ لا دَرَّامةٌ قَمَلِيَّةٌ
تُبذُّ نِساء الحَيِّ دَلاًّ وَمِيسَمَا
ثمّ يشتقّ من هذا الذي ذكرناه ما بَعدَه. فبَنُو الأدرَم : قَبيلة. قال :
إنّ بَنِي الأَدْرَمِ لَيْسُوا مِنْ أحَدْ