سراب عفان - آفاق الروایة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

آفاق الروایة - نسخه متنی

محمد شاهین

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


سراب عفان

حصاد المرايا المهشمّة

صحيح أنّ نائل عمران مستشار قانوني، أو أستاذ حقوق جامعي، وأنّه علاوة على ذلك، يمارس نشاطاً أدبياً مرموقاً خارج مهنته، ولكنّه جبرا إبراهيم جبرا، الفلسطيني الذي اقتلع من جذوره ووجد نفسه في العاصمة العربية المعروفة، يعيش فيها جسداً، ولكنّه يحيا روحاً في مهد روحه وطفولته وصباه الأول، الذي شهد المحنة. في اليقظة يرى موطنه واقعاً صلباً صلابة الصخر الذي دعم طفولته وصباه، يتمثّله في حواسه، من زعتره المترع بعبق الجبال والصخور كما يذكر هو نفسه، إلى زيتونه الأخضر الذي يحسّ بتميّزه عن كل زيتون. لا أعرف روائياً فلسطينياً في جيل جبرا عاش المحنة فرأى حياته تتشكّل طوعاً من خلال إيقاع هذه المحنة أكثر من جبرا نفسه، ونحن نعلم أنّ جبرا فنّان مرموق، فهو في طليعة الرسّامين والشعراء والروائيين العرب. والذي نلاحظه بشكل عام، أنّه مهما غلبت الجماليّات على أعماله الفنية، فإنّها في النهاية تتشكّل كالدوامة لتعبّر في حركتها المتقاطبة عن آلام المحنة، لتخرجها من الأعماق وتنشرها (أو تنثرها) على السطح بعنف مع عمق المعاناة.

ولو طلب منّي جبرا أن أقترح عليه عنواناً آخر لروايته لاقترحت "صورة الفنّان في عنفوان كهولته" مستميحاً جويس عذراً في التسمية، والتعديل عليها. والفنّان هنا، نائل عمران، على عكس ستيفن الذي ما زال في بداية الطريق يتلمّس سبيله إلى الفنّ من خلال التعبير عن فرديته وخياله ورفض التقاليد الكاثوليكية، وكتابة الشعر أحياناً. فنائل عمران كهلاً، نضجت فنّيته وكتب روايات آخرها الدخول في المرايا.

غير أنّ جبرا ليس بهذه السهولة، أي إن محاولته تتعدّى مجرّد استخدام صورة الكهل بدلاً من الشاب، وأودّ هنا أن أنوّه إلى أنّ إطّلاع جبرا الواسع على الأدب الغربي ليس على حساب أصالته، فهو الفنّان القدير على استثمار المؤثرات الأجنبية وتطويعها، لتصبح مناسبة لموهبته الفردية وأصالته الفنيّة. أي أنّ جبرا لم يتوقّف عند تقديم صورة الكهل، بدلاً من الشاب، بل أنّه رأى صورة الفنّان تتّسع للشباب والكهولة معاً، وأنّها خارج الزمن المألوف ومواسمه المعينة، فالرواية أيضاً، لو أردنا لها عنواناً آخر، لقلنا إنها "صورة الفنانة في شبابها"، وصورة اليوميات في الرواية، هي صورة مشتركة بين الشباب والكهولة، والمذكرات هي مذكرات الطرفين المتكافلين المتضامنين في المحنة، وصورة سراب عفان شابة كصورة ستيفن في شبابه، تكشف عن خيال جامح يؤهّل صاحبه لأن يكون كاتباً، فكما أنّ ستيفن استجاب استجابة غريزية إلى القصة التي رواها عليه والده منذ أول كلمة في الرواية، فكذلك سراب عفان تداوم على قراءة الروايات، وكانت استجابتها متميّزة للغاية لرواية نائل عمران الجديدة الدخول في المرايا، والتقطتها من بائع الكتب بلهفة شديدة، وذهبت بسرعة إلى البيت، لا تريد أن تؤجل قراءتها، وبدأت على الفور تلتهم الصفحات الأولى مع طعام غدائها، كذلك فإننا نقابلها وهي منكبّة على كتابة مذكّراتها التي هي في واقع الأمر جزءٌ لا يتجزأ من الرواية الكلية. وهي مثل ستيفن أيضاً، تمتلك عواطف متأججة ثائرة على الحصار الذي يحيط بها. وهي في كل لحظة تنتظر لحظة الانعتاق والانطلاق إلى فضاء رحب يتّسع إلى أحلامها وآمالها العريضة. ومنذ الأسطر الأولى للرواية، نقابل فتاة تمتلك القدرة الفائقة على التعبير عن المحنة التي تعيش فيها. وفي مشهد جميل نتعرّف على مصدر هذه الأزمة التي تشكّل التعبير، ولو أعاد جبرا النظر في هذا المشهد لربّما استطاع أن يخلّده في صورة زيتيّة. هكذا يتبدّى المشهد لسراب:

/ 137