أنّ هذه الآية تدلُّ على حشر فوج من كلِّ أُمّة من أُمم البشرية ممّن كان
يكذّب بآيات الله ، و ( من ) في قوله تعالى ( مِن كلِّ أُمّة ) تفيد
التبعيض ، وهذا يعني الاستثناء ، وقد دلنا الكتاب الكريم في آيات عديدة
على أنّ حشر القيامة لا يختصّ بقوم دون آخرين ، ولا بجماعة دون
أُخرى، بل يشمل الجميع دون استثناء ( ويومَ يَحشُرُهُم جميعاً ) (1)،
فطالما حصل الاستثناء فإنَّ ذلك لا يتعلق بأحداث يوم القيامة الذي ينهي
الحياة برمّتها على وجه الاَرض ، ومن خلال ما تقدم اتضح الكلام عن
دلالة الآية الثانية التي ذكرناها كعلامة بين يدي الساعة .إذن فالآية تأكيد لحدوث الرجعة التي تعتقد بها الشيعة الاِمامية في
حق جماعة خاصة ممّن محضوا الكفر أو الاِيمان ، وتعني عودة هذه
الجماعة للحياة قبل يوم القيامة ، أما خصوصيات هذه العودة وكيفيتها
وطبيعتها وما يجري فيها ، فلم يتحدث عنها القرآن الكريم ، بل جاء
تفصيلها في السُنّة المباركة ، فإنّ صحت الاَخبار بها توجّب قبولها
والاعتقاد بها ، وإلاّ وجب طرحها (2).
استدلال الاَئمة عليهم السلام :
لقد استدل أئمة الهدى من آل البيت عليهم السلام بهذه الآية على صحة الاعتقادبالرجعة ، فقد روي عن أبي بصير ، أنّه قال : قال لي أبو جعفر عليه السلام : « ينكر
أهل العراق الرجعة ؟ » قلتُ : نعم ، قال : « أما يقرأون القرآن ( ويومَ
____________
(1) سورة الانعام 6 : 128 .(2) راجع نقض الوشيعة ، للسيد محسن الاَمين : 473 طبعة 1951 م .