عدم جواز الاقتصاص من الحامل
(26) لايقتصّ من الحامل حتّى تضع ولو تجدّد حملها بعد الجناية وكان من زنا بلا
خلاف أجده فيه ، بل في «كشف اللثام»[1499] : الاتّفاق عليه ; لكونه
إسرافاً في القتل ، ولغير ذلك ممّا هو واضح ومعلوم من روايات الحدود[1500]
وغيرها ، نعم هو كذلك مع ثبوت الحمل بالأمارات الدالّة عليه ، فإن لم يثبت ولا
ادّعته فلا إشكال في القصاص منها وإن احتمل الحمل ، للأصل وغيره .
فإن ادّعت الحمل وأثبتته بالحجّة الشرعيّة فلا يجوز قصاصها ، وإن تجرّدت دعواها
عن الحجّة قيل : لايؤخذ بقولها ; لأنّ فيه دفعاً للوليّ عن سلطنته مع أنّ الأصل
عدمه .
ولو قيل : يؤخذ بقولها فيؤخّر حتّى يعلم حالها كان أحوط احتياطاً يلزم مراعاته ،
كما جزم به الفاضل في «الإرشاد»[1501] وولده[1502]
والشهيدان[1503] والكركي[1504]
والأردبيلي[1505] على ما حكى عن بعضهم ; لأنّ للحمل أمارات تظهر
وأمارات تخفى ، وهي عوارض تجدها الحامل من نفسها وتختصّ بمراعاتها على وجه يتعذّر
إقامة البيّنة عليها ، فيقبل قولها فيه كالحيض ونحوه ممّا دلّت عليه الأدلّة في
قبول قولها فيهما ، بل لعلّ قوله تعالى : (وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ما
خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحامِهِنَّ)[1506]
ظاهر في تصديقها ، ولا أقلّ من الشبهة المقتضية تأخير ذلك إلى أن يعلم الحال .
بل لم نجد مخالفاً صريحاً ، فإنّ «الشرائع»[1507]
والفاضل في «القواعد»[1508] والشيخ في محكي «المبسوط»[1509]
وإن ذكروا أنّ الأولى الاحتياط ، لكن يمكن إرادتهم الاحتياط اللازم ، بل لعلّه
الظاهر من عبارة «الشرائع» .
ثمّ إنّ الظاهر أيضاً عدم جواز قتلها بعد الوضع حتّى يشرب الصبي اللبأ الذي ذكر
الشيخ[1510] والفاضل[1511]
والشهيد[1512] وغيرهم من أ نّه لايعيش الصبي بدونه وإن كان الوجدان
يشهد بخلافه ، كما اعترف به في «المسالك»[1513] ، إلاّ أنه يمكن أن يكون
ذلك غالباً ، ويكفي حينئذ في تأخير القتل عنها .
بل الظاهر عدم جواز قتلها أيضاً إذا توقّفت حياة الصبي عليها ; لعدم وجود مايعيش
به غيرها ; لأ نّه إذا وجب الانتظار احتياطاً للحمل فبعد الوضع وتيقّن الوجود اُولى
، بل احتمل غير واحد القصاص عليه لو بادر إلى القصاص والحال هذه عالماً بالحال ;
لصدق قتله التسبّبي ، نحو ما لو حبس رجلاً ومنعه الطعام أو الشراب حتّى مات جوعاً
أو عطشاً . ويحتمل العدم ; لعدم صدق التسبيب إلى قتله على وجه يترتّب عليه القصاص ،
لأ نّه كمن غصب طعام رجل أو سلبه فتركه حتّى مات جوعاً أو برداً لكن يمكن حصول
الغذاء له إلاّ أ نّه اتّفق العدم .
هذا كلّه إذا لم يوجد ما يعيش به ، أ مّا مع وجوده ولو من شاة أو مراضع متعدّدة
يتناوبن عليه أو نحو ذلك ، فالظاهر أنّ له القصاص وإن قيل :استحب له الصبر لئلاّ
يفسد خلقه ونشوؤه بالألبان المختلفة ، بل ربّما احتمل العدم لذلك حتّى لو وجدت
مرضعة راتبه ; لأنّ لبن اُمّه أوفق بطبعه وإن كان فيه منع واضح حتّى مع القول بمثله
في الحدود التي مبناها التخفيف ، بخلاف حقوق الناس التي لايجوز تأخيرها مع طلب
أهلها بمثل هذه الاعتبارات .
ولو قتلت المرأة قصاصاً فبانت حاملاً فالدية على الوليّ القاتل لها بدون(مسألة 24) : لو قطع يد رجل وقتل رجلاً آخر تقطع يده أوّلاً ثمّ يقتل
(27) ; من غير فرق بين كون القطع أوّلاً أو القتل ، ولو قتله وليّ المقتول قبل
القطع أثم ، وللوالي تعزيره ، ولا ضمان عليه (28) ، ولو سرى القطع في المجنيّ عليه
قبل القصاص يستحقّ وليّه ووليّ المقتول القصاص (29) ، ولو سرى بعد القصاص فالظاهر
(30) عدم وجوب شيء في تركة الجاني ، ولو قطع فاقتصّ منه ثمّ سرت جراحة المجني عليه
، فلوليه القصاص في النفس (31) .
إذن الحاكم ، بل ومع إذنه مع علمهما بالحال أو جهلهما أو علم القاتل دون الحاكم
; لأ نّه المباشر ، وأما الإثمّ فعلى من علم منهما .