قطع كفّ الجاني مع كون كفّ المجنيّ عليه بغير أصابع
(35) لما أنّ «الجواهر» حام حول البحث عن هذه المسألة ، وأتى في بيانها بما لا
مزيد عليه من البحث عن الرواية وقواعد القصاص ونفي الضرر ، فلنكتف بنقل عبارته .
نعم ما ذكره (رحمه الله) في العفو غير تامّ ; لما مرّ .
ففيه ـ بعد الميل إلى الاعتماد بخبر سورة بن كليب ، وأ نّه عمل بها ابن إدريس
الذي لا يعمل إلاّ بالقطعيّات ـ ما هذا لفظه : «بل لم نعرف من ردّها صريحاً إلاّ ما
سمعته من الشيخ ، ويحكى عن الفخر ، نعم توقف فيه غير واحد .
مؤ يّدة مع ذلك بخبر الحسن بن الجريش[1603] عن أبي جعفر الثاني(عليه
السلام) ، الذي أشار المصنّف إلى مضمونه بقوله : وكذا لو قطع كفّاً بغير أصابع قطعت
كفّه بعد ردّ دية الأصابع ، قال : قال أبو جعفر الأوّل(عليه السلام) لعبد الله بن
عباس : «يابن عباس أنشدك الله هل في حكم الله اختلاف» ؟ قال : لا . قال : (فما ترى
في رجل ضربت أصابعه بالسيف حتّى سقطت فذهب فأتي رجل آخر فأطار يده فأتى به إليك
وأنت قاض ، كيف أنت صانع ؟ قال : أقول لهذا القاطع : أعط دية كفّه ، وأقول لهذا
المقطوع : صالحه على ما شئت أو ابعث إليهما ذوي عدل ، قال : فقال له : (جاء
الاختلاف في حكم الله ، ونقضت القول الأوّل ، أبى الله أن يحدث في خلقه شيئاً من
الحدود وليس تفسيره في الأرض ، اقطع يد قاطع الكفّ أصلاً ثمّ أعط دية الأصابع ،
هكذا حكم الله عزّوجلّ) .
ونحوه ما عن الكليني من المرسل في باب شأن : (إنّا أنزلناه في ليلة القدر)
وتفسيرها من كتاب الحجّة من «الكافي»[1604] عن الصادق عن أبيه(عليهما
السلام) ، وقد عمل به الشيخ[1605]
والمصنّف[1606] وغيرهما ، بل عن «المبسوط» : (أ نّه رواه أصحابنا)[1607]
. بل في «غاية المراد»[1608]
و «المسالك»[1609] : عمل به الأكثر .
بل عن «الخلاف»[1610]
و «المبسوط»[1611] الإجماع على أنّ من قطع ذراع رجل بلا كفّ كان
للمجنيّ عليه القصاص وردّ دية ، بل عن «الخلاف» منهما نسبته إلى أخبار الفرقة أيضاً
. بل عن «الغنية»[1612] الإجماع على أ نّه إذا كانت يد المقطوع ناقصة
أصابع أنّ له قطع يد الجاني وردّ الفاضل .
بل لم نعرف له رادّاً إلاّ ابن إدريس بناءً منه على أصله ، فقال : (إنّه مخالف
لاُصول المذهب ، إذ لا خلاف بيننا أ نّه لايقتصّ العضو الكامل للناقص ـ إلى أن قالـ
: والأولى الحكومة في ذلك وترك القصاص وأخذ الأرش)[1613] ، نحو ما سمعته
من ابن عباس المخالف لقوله تعالى : (وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ)[1614]
وغيره ، والفاضل في «المختلف» وإن نفى البأس عنه لكن قال : (ونحن في هذه المسألة من
المتوقّفين)[1615] فانحصر «الخلاف» فيه خاصّة بناءً على أصله .
وحينئذ فضعف الخبر المزبور بسهل والحسن ـ إن كان ـ منجبر بما عرفت ، كما أنّ
احتمال ضرب الأصابع فيه مفسّر بخبر سورة[1616]
السابق ، المراد من الأخذ فيه ما يشمل صورة العفو ولو باعتبار أ نّه أخذ للعوض الذي
هو الثواب .
بل يظهر من غير المقام تنزيل العفو منزلة الأداء ، وبذلك كلّه تخصّ العمومات إن
قلنا بظهورها في عدم الردّ ، وإلاّ فلا منافاة .
بل قد يظهر من الأخير أنّ ذلك هو مقتضى الجمع بين قوله تعالى : (وَالْجُرُوحَ
قِصاصٌ) (وَالنَّفْسَ بِالنَّفْسِ)[1617] وبين قاعدة الضرر والضرار
والتساوي في الاقتصاص المبني على التغليب ، فيكون عامّاً لمحلّ الخبر وغيره ، فتأ
مّل جيّداً ، فإنّه نافع جدّاً»[1618] .
ما اختاره من الردّ في المسألة في غير صورة العفو غير بعيد ، بل لايخلو من قوّة
; قضاءً لمفهوم القصاص في الجروح ، وللرواية ، ولما ذكره (رحمه الله) من القواعد .