الدخول في البيت وأكل السمّ فيه
(26) عدم القود والدية مع الدخول من دون الإذن ; لعدم نسبة المباشرة ولا التسبيب
لا في قتله ولا في أكله لصاحب البيت ، حيث إنّ المقتول هو المباشر في أكل السمّ وفي
قتل نفسه اختياراً ، فلو لم يدخل البيت لم يقتل ، فلا دخالة مؤثرة لصاحب البيت في
قتله ، وإنّما يكون عمله عملاً جائزاً لنفسه ، والآكل هو المتعدّي بدخول دار غيره
والأكل من طعامه .
وبالجملة : هو قاتل نفسه حيث إنّ له أن لا يدخل البيت ، بل كان ممنوعاً ; لكونه
عدواناً وظلماً ، بل لا ضمان لصاحب البيت والطعام أيضاً إن كان الآكل متعدّياً بأن
لم يكن مأذوناً في أكله وإن كان مأذوناً في الدخول لعين ما ذكر قبيل ذلك ، حيث إنّه
مباشر في قتل نفسه ويكون هو المتعدّي في الأكل مثل المتعدّي في الدخول ، فلو لم
يأكل لم يقتل ، وصاحب البيت لم يكن داعياً ومؤثّراً في أكله حتّى يكون سبباً أقوى
من المباشر . وبذلك يظهر وجه قوله ـ سلام الله عليه ـ في المتن : «ولو دعاه إلى
داره لا لأكل الطعام . . .» .
وأ مّا إن كان الأكل غير عاديّ ومأذوناً في أكله فعليه الدية مع عدم قصد القتل ;
لجهله بوجود السمّ في الطعام ، ولكون القتل منسوباً إليه وكونه دخيلاً فيه ولو من
جهة الإذن ، فإنّ السبب أقوى من المباشر ; لضعف المباشرة بالغرور والجهل ، ومحض
النسبة مع كون الآلة أو الفعل بما يقتل به غالباً كافية في الدية ، وأ مّا مع قصده
القتل فالقصاص ، حيث إنّ كون الإذْن كالتقديم غير بعيد .
السموم القاتلة من غير أكل وشرب
مسألة : مثل الطعام المسموم غيره من السموم القاتلة بغير الأكل والشرب ،
كمسموميّة المكان والمحيط أو الوسائل والأدوات ، وغيرها ممّا يوجب الموت سريعاً أو
بطيئاً بعد مدّة غالباً ، فحكم ذلك المكان أو العامل بتلك الآلات والوسائل والمواد
السامّة حكم الطعام المسموم ، فالداعي لهما إلى المكان وإلى العمل بها كالمستأجر
وصاحب العمل إن كان عالماً بذلك وكان المقتول جاهلاً ، فعلى مثل المستأجر (السبب)
القود ; لضعف المباشرة بالغرور والجهل .
وأ مّا إن كان المقتول عالماً فلا ضمان على السبب ، عالماً كان أو جاهلاً ;
لإقدامه على قتل نفسه ، وضعف السبب بعلم المباشر ، فيكون كمن أعطاه الغير سكيناً
فقتل نفسه به متعمّداً ، فلا ضمان على المعطي كما لايخفى .
وإن كانا جاهلين فلا ضمان على السبب ، مع اشتراكه المباشر في الجهل وعدم الغرور
.