فيما تتحقّق به الشركة في القتل
(69) ما في المسألة من الصور الثلاث كلّها مشتركة في تحقّق الشركة في القتل وفي
نسبة القتل إليهم ، ولكن في الاُولى والثانية تكون الشركة على نحو المباشرة ، وفي
الثالثة على نحو السببيّة ، إذ فعل كلٍّ منهم سبب للقتل من حيث السراية عن جرح
الجميع ، فلو لم يكن من أحدهم جرح لم يتحقّق الموت ، ولم تكن سراية البقيّة موجبة
لقتله كما هو المفروض .
مسألة : لو اتّفق جمع على واحد وضربه كلّ واحد سوطاً فمات وجب القصاص على الجميع
بلا فرق بين ضارب السوط الأوّل وضارب الأخير ; لاستواء الكلّ في سببيّة الموت ، إذ
كما أ نّه لو اكتفى الأوّل لم يمت فلو لم يكن الأوّل لم يمت بالأخير .
وعن العامّة قول بأ نّه لا قصاص ، وآخر إذا وقع منهم اتّفاقاً دون ما إذا
تواطؤوا عليه ، وهما معاً كما ترى .
نعم ، قد يُشكّ في ثبوت القصاص على الجميع لو فرض ترتّب الأسواط ، وكان موته من
السوط الأخير ، بل ينبغي الجزم بعدمه لو فرض كونه على وجهولا يعتبر التساوي في عدد الجناية ، فلو ضربه أحدهم ضربة والآخر ضربات والثالث أكثر
وهكذا ، فمات بالجميع ، فالقصاص عليهم بالسواء ، والدية عليهم سواء . وكذا لايعتبر
التساوي في جنس الجناية ، فلو جرحه أحدهما جائفة والآخر موضحة مثلاً ، أو جرحه
أحدهما وضربه الآخر ، يقتصّ منهما سواء ، والدية عليهما كذلك بعد كون السراية من
فعلهما (70) .
(مسألة 46) : لو اشترك اثنان أو جماعة في الجناية على الأطراف ، يقتصّ منهم كما
يقتصّ في النفس ، فلو اجتمع رجلان على قطع يد رجل ، فإن أحبّ أن يقطعهما أدّى
إليهما دية يد يقتسمانها ثمّ يقطعهما ، وإن أحبّ أخذ منهما دية يد ، وإن قطع يد
أحدهما ردّ الذي لم يقطع يده على الذي قطعت يده ربع الدية ، وعلى هذا القياس اشتراك
الجماعة (71) .
يسند إليه الموت نحو إسناده في الجرح الذي يحصل به الموت دون سرايته للمجروح
سابقاً ، وبالجملة المدار على صدق الاشتراك والاتّحاد .
(70) الوجه فيما ذكره ـ سلام الله عليه ـ من عدم اعتبار التساوي في العدد ولا في
النوع ، وجود التساوي في نسبة القتل وفي صدق القاتل ، فيشمله إطلاق أدلّة الاشتراك
في القتل .
(71) الاقتصاص من الجماعة في الأطراف كالاقتصاص منهم في النفس على نحو ما في
المتن بلا خلاف ولا إشكال فيه ; لفحوى ما مرّ في الاشتراك في القتل ، ولصحيح أبي
مريم الأنصاري عن أبي جعفر(عليه السلام) في رجلين اجتمعا على قطع يد رجل قال : «إن
أحبّ أن يقطعهما أدّى إليهما دية يد ]أحد فاقتسماها ثمّ يقطعهما ، وإن أحبّ أخذ
منهما دية يد[ ـ قال ـ وإن قطع يد أحدهما ردّ الذي(مسألة 47) : الاشتراك فيها يحصل باشتراكهم في الفعل الواحد المقتضي
للقطع ; بأن يكرهوا شخصاً على قطع اليد ، أو يضعوا خنجراً على يده واعتمدوا عليه
أجمع حتّى تقطع . وأ مّا لو انفرد كلّ على قطع جزء من يده فلا قطع في يدهما ، وكذا
لو جعل أحدهما آلته فوق يده والآخر تحتها ، فقطع كلّ جزء منها حتّى وصل الآلتان
وقطعت اليد ، فلا شركة ولا قطع ، بل كلّ جنى جناية منفردة ، وعليه القصاص أو الدية
في جنايته الخاصّة (72) .
(مسألة 48) : لو اشترك في قتل رجل امرأتان قتلتا به من غير ردّ شيء ، ولو كنّ
أكثر فللوليّ قتلهنّ وردّ فاضل ديته يقسّم عليهنّ بالسويّة ، فإن كنّ ثلاثاً وأراد
قتلهنّ ردّ عليهنّ دية امرأة ، وهي بينهنّ بالسويّة ، وإن كنّ أربعاً فدية امرأتين
كذلك وهكذا ،
لم تقطع يده على الذي قطعت يده ربع الدية»[334] .
(72) ما في المسألة من قوله : «الاشتراك» إلى قوله : ـ سلام الله عليه ـ «وأ مّا
لو انفرد» مثل ما في المسألة الخامسة والأربعين ، بيان للمصداق العرفي للشركة لا
بحث فقهي كما هو ظاهر ، نعم ، ما بيّنه ـ سلام الله عليه ـ تامٌّ ; لقضاء العرف
بالاشتراك ويصير محكوماً بحكمه ; لما في صحيح أبي مريم[335]
مـن الإطلاق كما أنّ المذكور بعده بيان للموضوع أيضاً ، ولعدم الشركة عرفاً وهو
أيضاً مطابق لما عندهم .
وإن قتل بعضهنّ ردّ البعض الآخر ما فضل من جنايتها ، فلو قتل في الثلاث اثنتين
ردّت المتروكة ثلث ديته على المقتولين بالسويّة ، ولو اختار قتل واحدة ردّت
المتروكتان على المقتولة ثلث ديتها ، وعلى الوليّ نصف دية الرجل (73) .
(مسألة 49) : لو اشترك في قتل رجل رجل وامرأة فعلى كلّ منهما نصف الدية ، فلو
قتلهما الوليّ فعليه ردّ نصف الدية على الرجل ، ولا ردّ على المرأة ، ولو قتل
المرأة فلا ردّ ، وعلى الرجل نصف الدية ، ولو قتل الرجل ردّت المرأة عليه نصف ديته
لا ديتها .
(73) كلّ ما في المسألة موافق لأدلّة الشركة في القتل بناءً على ما هو المعروف
بينهم ، بل كأ نّه إجماعيٌّ من لزوم ردّ نصف الدية إلى القاتل في قصاص الرجل
بالمرأة . ويدلّ على الفرع الأوّل صحيح محمّد بن مسلم قال : سألت أبا جعفر(عليه
السلام) عن امرأتين قتلتا رجلاً عمداً ، قال : «تقتلان به ، ما يختلف في هذا أحد»[336]
.
وأ مّا بناء على المختار من تساوي الرجل والمرأة فـي القصاص ـ كما سيأتي بيانه ـ
فلا يلزم ردّ النصف في قتل الرجل المرأة كالعكس وأنّ النفس بالنفسِ ، ويكون حكـم
اشتراك النسوة فـي قتل الرجل كحكم اشتراك الـرجال في قتله مـن دون فرق بينهما ،
ومثل هـذه المسألـة المسألـة التالية حـرفاً بحرف كما لا يخفى .
(مسألة 50) : قالوا : كلّ موضع يوجب الردّ يجب أوّلاً الردّ ثمّ يستوفى ، وله
وجه (74) . ثمّ إنّ المفروض في المسائل المتقدّمة هو الرجل المسلم الحرّ والمرأة
كذلك .