محكومية المسلم المعتاد بقتل غير المسلم
(9) قد ظهر ممّا مرّ أنّ قتل المعتاد من باب الحدّ ، ورواياته ظاهرة فيه ، وأنّ
المسلم المعتاد قتل الكافر وغير المسلم محكوم بحكمين : أحدهما : القصاص من جهة
القتل الموجب له وإن كان المقتول غير مسلم مطلقاً ، ثانيهما : من جهة حدّ الاعتياد
. والأوّل حقّ الله تعالى ، والثاني حقّ الناس .
ودليل الأوّل : الأصل ، أي عمومات القصاص وإطلاقاتها .
ودليل الثاني : أخبار الهاشمي المستدلّ بها في بحث السنّة ، وفيها الصحيح ،
وصحيح محمّد بن فضل عن أبي الحسن الرضا(عليه السلام) ، الذي يكون مثل الصحيح من
أخبار الهاشمي على ما في «الوسائل»[545] .
وفي «الجواهر» في قتل المتعوّد : «وعلى كلّ حال ، لم يحك القول بالقتل حدّاً في
«غاية المراد»[546] إلاّ عن أبي علي والتقي .
نعم في «كشف اللثام»[547] حكايته عن «المختلف»[548]
وظاهر «الغنية»[549] ، بل وعن «الفقيه»[550]
أ نّه يقتل عقوبة لخلافه على الإمام . إلى أن قال : ـ بعد نقل ما في «الفقيه» و
«المقنع»[551] ـ وهما معاً كما ترى لا يستأهلان ردّاً كما عرفت ، بل
وسابقهما أي القتل حدّاً بعد النصوص المزبورة المعتضدة بما عرفت ، ولولاهما لأمكن
القول به على معنى إيكال أمر ذلك إلى الإمام ، خصوصاً بعد خبر سماعة : سألت أبا
عبدالله(عليه السلام) عن مسلم قتل ذمّياً ، فقال : (هذا شيء شديد لايحتمله الناس ،
فليعطِ أهله دية المسلم حتّى ينكل عن قتل أهل السواد وعن قتل الذمّي) ثمّ قال : (لو
أنّ مسلماً غضب على ذمّي فأراد أن يقتله ويأخذ أرضه ويؤدّي إلى أهله ثمانمائة درهم
إذاً يكثر ]القتل[[552] في الذمّيين ، ومن قتل ذمّياً ظلماً فإنّه
ليحرم على المسلم أن يقتل ذمّياً حراماً ، آمن[553] بالجزية وأدّاها
ولم يجحدها)[554] .
الذي جعله الشيخ شاهداً على الجمع بين ما دلّ على أنّ ديته ثمانمائة درهم وبين
ما دلّ على أ نّها أربعة آلاف أو دية المسلم بحمل الأوّل على غير المتعوّد وغيره
على المتعوّد الذي يرجع في تنكيله إلى ما يراه الإمام صلاحاً .
مويّداً ذلك بأنّ ظاهر بعض النصوص المزبورة استيفاء الكافر منه ذلك ، ولا ريب في
أ نّه سبيل له ، وستعرف أ نّه حيث يكون للكافر قصاص على المسلم في طرف يستوفيه
الإمام دونه ، كما تسمعه في مسألة المرتد .
بل وبغير ذلك ممّا دلّ على عدم قتل الواحد من الشيعة بألف من العامّة ، إذا قام
الحقّ المستفاد من فحواها عدم قتل الواحد منهم بألف من الكفّار وغيره . اللهمّ إلاّ
أن يقال : إنّ ذلك كلّه لا يقابل ما عرفت من النصّ والفتوى على قتله به قصاصاً
لاحدّاً . وفائدة ذلك واضحة ، ضرورة سقوطه بالعفو ، وعدم استيفائه منه إلاّ بعد طلب
الوليّ وردّ الأولياء فاضل الدية على الأوّل بخلاف الثاني .
ومن الغريب ما في «الروضة»[555] من احتمال القول بالقتل حدّاً مع
ردّ فاضل الدية ، إذ هو ـ مع أ نّه إحداث قول يمكن دعوى الإجماع المركب على خلافه
وإن سبقه إليه الكركي في حاشية الكتاب ـ غير واضح الوجه ، ومناف لما سمعته من
النصوص ، فليس حينئذ إلاّ القول بقتله قصاصاً»[556] . انتهى كلامه رفع
في الخلد مقامه .
نقلناه بطوله لما فيه من الفوائد والمحالّ للأنظار ، وفيها ما يلي :
أوّلاً : وجود القول بالحدّ مضافاً إلى أبي علي[557]
والتقي[558] من «المختلف»[559]
و «الغنية»[560] ، ووجود القائلين بذلك من مثلهم يخرج ذلك القول عن كونه
نادراً إلى خلاف المشهور إن لم يكن موجباً لصيرورة المسألة ذات قولين ، وهذه فائدة
جيّدة للمختار ومعتضد له ، كما لا يخفى .
ثانياً : وفي ما ذكره تأييداً للممكن من القول بالحدّ بقوله : «بأنّ ظاهر ذلك .
. .إلى آخره» ، وقوله : «بل وبغير ذلك ممّا دلّ . . . إلى آخره» فائدة اُخرى أيضاً
، وهي أ نّهما كما فيهما التأييد لاحتمال الحدّ بذلك المعنى ، فكذلك فيهما التأييد
للمختار من معنى الحديث أنّ التأييد من حيث عدم مناسبة الوجهين مع القصاص الشامل
للحدّ بالمعنيين ، بل بالحدّ على مختار الصدوق أيضاً .
ثالثاً : النصوص التي أشار إليها في كلامه مرّتين تضعيفاً للقول بالحدّ ، ففيه :
أ نّه لو جعلها تقوية ودليلاً على الحدّية لكان أولى ، بل كان متعيّناً ; لما مرّ
من ظهورها في الحدّ ، أو لا أقل من الاحتمال المسقط للاستدلال .
رابعاً : ما اعتمد عليه من الفتوى اعتضاداً للأخبار ، ولكونه[561]
موجباً لعدم مقابلة القول الممكن في الحدّ به وبالنصّ ، ليس بتلك المثابة ، مع ما
في ظاهر «الشرائع»[562] و «القواعد»[563]
و «اللمعة»[564] من التردّد في المسألة ، ومع مخالفة ابن إدريس[565]
فيها ، كما صرّح صاحب «الجواهر» بكليهما في أوائل المسألة بقوله(قدس سره) : «فإنّه
لم يخالف فيها أحد منّا سوى ابن إدريس» ، وقوله(قدس سره) : «وظاهر(مسألة 3) : يقتل الذمّي بالذمّي وبالذمّية مع ردّ فاضل الدية ،
والذمّية بالذمّية وبالذمّي من غير رد الفضل كالمسلمين ; من غير فرق بين وحدة
ملّتهما واختلافهما ، فيقتل اليهودي بالنصراني وبالعكس ، والمجوسي بهما وبالعكس
(10) .
المتن و «القواعد» و «اللمعة» التردّد»[566] . هذا مع عدم ظهور
كلماتهم في الحديّة كما لا يخفى على من راجعها ، وبالجملة عباراتهم مأخوذة من
النصوص فليس فيها إلاّ ما فيها .
(10) ما في المسألة من قتل كلٍّ من الذمّي والذمّية بالآخر كالمسلمين ، وكذا قتل
المستأمن بالذمّي والذمّية والعكس ممّا لا خلاف فيه بين الأصحاب ، لعموم أدلّة
القصاص وإطلاقها ، فإنّ (النَّفْسَ بِالنَّفْسِ)[567]
(وَالحُرُمَاتُ قِصَاصٌ)[568] .
وما عن أبي حنيفة[569] من أ نّه لا يقتل الذمّي بالمستأمن واضح
الضعف ومناف لعموم الأدلّة ، والحربي مثلهما في الحكم أيضاً ; لعموم الأدلّة ، من
غير رجحان ، والكفر ملّة واحدة ، وزيادة الكفر في الحربي وخفّته في غيره ليس بفارق
كزيادة الإيمان والتقوى وعدمهما في المسلمين ، وهذا ظاهر مكشوف .
ويؤ يّده موثّقة السكوني عن أبي عبدالله(عليه السلام) : «إنّ أمير المؤمنين(عليه
السلام) كان يقول : يقتصّ اليهودي والنصراني والمجوسي (للنصراني ـ خ ل) بعضهم من
بعض ويقتل بعضهم بعضاً إذا قتلوا عمداً»[570] .
وفي «الجواهر» : «نعم في «كشف اللثام»[571] لا يقتل الذمّي ولا
المستأمن بالحربي ، ولعلّه لأنّ الحربي غير محقون الدم ، إلاّ أنّ مقتضى ذلك عدم
القود ولو قتله حربي ، والتزامه مشكل وإن جزم به الفاضل في «القواعد»[572]
، فإنّ أهل الذمّـة في ما بينهم حربيّين ، إذ لا ذمّـة لبعضهم على بعض ، فالعمدة
حينئذ الإجماع إن كان»[573] .
والظاهر عدم الإجماع أيضاً كعدم الذمّة ، وإلاّ كان ينبغي لصاحب «اللثام»
الاستدلال به .
ثمّ إنّ ما في المتن وغيره من ردّ فاضل الدية في طوائف الكفر كالمسلمين مبنيٌّ
على عموم ما دلّ على أنّ دية المرأة في العمد نصف الرجل ، وعدم كون الكافرة بأولى
من المسلمة ، وأ نّه لا يجني الجاني بأكثر من نفسه .
ولا يخفى أنّ بناء حكم الردّ في الطوائف مبنيٌّ على مبناه في المسلمين قضاءً
لعموم أدلّته وإطلاقه ممّا لا إشكال فيه ولا كلام ، وإنّما الإشكال والكلام في أصل
المبنى ، فقد مضى الإشكال فيه وأنّ أخبار الردّ مخالفة للكتاب ، فلا تكون حجّة
بالنسبة إلى المسلمين فضلاً عن الكافرين ، فالحقّ فيهم ـ كالحقّ في المسلمين ـ عدم
الردّ ، وكون النفس بالنفس لابها مع الردّ في بعض الأنفس .
(مسألة 4) : لو قتل ذمّي مسلماً عمداً دفع هو وماله إلى أولياء المقتول ، وهم
مخيّرون بين قتله واسترقاقه ; من غير فرق بين كون المال عيناً أو ديناً منقولاً أو
لا ، ولابين كونه مساوياً لفاضل دية المسلم أو زائداً عليه أو مساوياً للدية أو
زائداً عليها (11) .
(11) في «الشرائع» : «لو قتل الذمّي مسلماً عمداً دفع هو وماله إلى أولياء
المقتول وهم مخيّرون بين قتله واسترقاقه»[574] .
وفي «الجواهر» في ذيله : «على المشهور بين الأصحاب نقلاً وتحصيلاً ، بل في
«الانتصار»[575] و «السرائر»[576]
و «الروضة»[577] وظاهر «النكت»[578]
الإجماع عليه ، وهو الحجّة ـ أي الإجماع المنقول ـ بعد صحيح ضريس عن أبي جعفر(عليه
السلام)في نصراني قتل مسلماً ]فلمّا اُخذ أسلم ، قال : (اقتله به) قيل : وإن لم
يسلم قال : [(يُدفع إلى أولياء المقتول فإن شاؤوا قتلوا ، وإن شاؤوا عفوا ، وإن
شاؤوا استرقّوا) ، قيل : وإن كان معه عين مال قال : (دفع إلى أولياء المقتول هو
وماله)[579] .
وفي حسنة عنه(عليه السلام) أيضاً ، وحسن عبدالله بن سنان عن الصادق(عليه السلام)
في نصراني قتل مسلماً فلمّا اُخذ أسلم ، قال : (اقتله به) ، قيل : فإن لم يسلم ،
قال : (يدفع إلى أولياء المقتول هو وماله)[580] »[581] .
وليعلم أنّ العمدة في استدلاله (رحمه الله) النصّ وفيه ما يأتي ، وإلاّ فالإجماع
مضافاً إلى كونه منقولاً ، وإلى أ نّه في مورد النصوص المنقولة في كلامه وهو صحيح
ضريس وحسنته وحسن عبدالله بن سنان كما أشار إليه (رحمه الله) بقوله : «وهو الحجّة
بعد صحيح ضريس . . .» ، وإلى أ نّه في مورد القاعدة فيكون مدركياً ، فإنّه (رحمه
الله) ادّعى كون الاسترقاق للخروج عن الذمّة بالقتل وصرّح بذلك بقوله : «والظاهر
أنّ ذلك حكم قتله المسلم لا لخروجه بذلك عن الذمّة المبيح لنفسه قتلاً واسترقاقاً
ولما له كما في «كشف اللثام»[582] ، بل وعن التقي[583]
وابن زهرة[584] والكيدري[585] ، وإلاّ لجاز لغير أولياء
المقتول ، وهو خلاف النصّ والفتوى»[586] .
ثمّ إنّ الحديث منقول عن ضريس عن أبي جعفر(عليه السلام) في «التهذيب»[587]
و «الفقيه»[588] و «الكافي»[589] ، وعن عبدالله بن سنان في
«التهذيب» فقط ، وسنده إليه سنده إلى ابن سنان .
فحديث ابن سنان صحيح أيضاً كحديث ضريس ، فتعبيره (رحمه الله) بحسنة ابن سنان
ممّا لا ينبغي بل لا يكون في محلّه ، نعم في واحد من سندي «الكافي» إبراهيم بن هاشم
، وفي الآخر سهل بن زياد ، والحكم بالحسن دون الصحيح من جهة إبراهيم له مجال وإن
كان غير تامّ أيضاً ، فإنّه في أعلى مراتب الوثاقة كما حقّق في محلّه ، ومع ذلك لا
يصحّ التعبير عنه بالحسنة على الإطلاق مع كونه بسند «التهذيب» صحيحاً كما لا يخفى .
وكيف كان ، ففي الاستدلال بالحديث مناقشة وإشكال من جهات :
أحدها : الاختلاف في النقل زيادة ونقيصة من حيث الكلمات كما بيّنه المقدّس
الأردبيلي(قدس سره) في «المجمع» وسننقل عبارته ، فهذا الاختلاف إن لم يكن كاشفاً
جزماً عن عدم بيان الحكم في الحالة العاديّة فلا أقلّ من كونه موجباً لاحتماله ،
والاعتماد مع ذلك الاحتمال مشكل بل ممنوع .
ثانيها : ما فيه من المخالفة للقواعد في باب القصاص وفي حرمة مال الغير ، فتخصيص
تلك القواعد الواضحة المطلقة والعامّة بصحيح واحد أو بصحيحين من المشكل عند العقلاء
، بل الظاهر عدم حجيّة الصحيح أو الصحيحين في مثل هذه الأحكام المخالفة للقواعد
المسلّمة الشرعيّة والعقلائيّة والعقليّة ، ومنعهم تخصيصها به ، وبعد ما كانت حجيّة
الأخبار وتخصيص العمومات من باب بناء العقلاء فكيف يجترئ الفقيه ترك القواعد والعمل
بذلك الصحيح أو الصحيحين ؟ !
ثالثها : عدم معلوميّة الجهة في السؤال ، فلعلّها إن كانت معلومـة كانت قرينـة
على أنّ القضيّة شخصيّة وواقعة في واقعة ، فلم يكن في الحديث إطلاق ولا عموم أصلاً
.
رابعها : الحديث إمّا يكون مختصّاً بالنصراني قضاءً لظاهر العنوان ، أو الأعمّ
منه ومن الذمّي لترك الاستفصال ، فتخصيصهم الحكم بالذمّي بلا دليل ، إلاّ أن يكون
المراد منه القابل للذمّة لا الفعلي منه ، فالتأ مّل في ما هو المشهور مع هذه
المناقشات في محلّه ، والعمل بالقواعد أحوط وأضبط .
ثمّ مع التنزّل لابدّ من الاختصاص بالنصراني أخذاً بظاهر العنوان ، لا الذمّي ،
بل ولا أهل الكتاب أيضاً ، فتأ مّل .
ولننقل عبارة «المجمع» في المسألة بتمامها تفصيلاً للبحث وتبييناً لما في نقل
«الكافي» مع نقل «الفقيه» و «التهذيب» من الاختلاف :
«قوله : (ولو قتل الذمّي مسلماً) دفع الذمّي القاتل عمداً وماله إلى ورثة المسلم
المقتول المسلم ، وتخييرهم بين قتله واسترقاقه هو المشهور بين الأصحاب .
لعلّ دليله حسنة ضريس الكناسي في «الكافي» عن أبي جعفر(عليه السلام) في نصراني
قتل مسلماً فلمّا اُخذ أسلم ، قال : (اقتله به) ، قيل : وإن لم يسلم ، قال : (يدفع
إلى أولياء المقتول هو وماله)[590] .
وهي صحيحة في «التهذيب» عن ضريس الكناسي عن أبي جعفر(عليه السلام)وعبدالله ابن
سنان عن أبي عبدالله(عليه السلام) في نصراني قتل مسلماً فلمّا اُخذ أسلم قال :
(اقتله به) ، قيل : فإن لم يسلم ، قال : (يدفع إلى أولياء المقتول فإن شاؤوا قتلوا
وإن شاؤوا عفوا وإن شاؤوا استرقّوا) ، وقيل : وإن كان معه عين (مال ـ خ ل ئل) قال :
(دفع إلى أولياء المقتول هو وماله)[591] .
لعلّه سقط عن «الكافي» ، وهي مذكورة في «الفقيه» أيضاً مثل «التهذيب» بتغيير مـا
، مثل حذف (قال) بعد قولـه : (أسلم) ، وزيادتـه مـع (نعم) بعد قولـه : (بـه) ،
وزيادة (مال) أيضاً بعد (عين) و (له) ، وحذف (قال) أيضاً بعد قوله : (عيـن) وهـو
أولى ، فإنّـه لايحتاج إلى تقديـر (قيل) قبل قولـه : (وإن كان . . . إلـى آخره) .
ثمّ اعلم أنّ صريح هذه الرواية أنّ قتل الذمّي بالمسلم للقصاص ، وأ نّه مع ماله
عوض قتل المسلم ، سواء كان المال زائـداً عـن ديـة المسلم أو ناقصاً أو مساوياً لها
; لأ نّه قال(عليه السلام) : (يدفع الذمّي إلى أولياء الدم فإن شاؤوا . . . إلى
آخره) ، وكـذا قال : (ويدفع مالـه) ، وكـذا ظاهـر كلامهم ، فلا بُعد في ذلك بعد
وجـود النصّ والفتوى .
وأ مّا دفع أولاده الصغار إليه ليكونوا أرقاء لهم فليس بظاهر (بذلك ـ خ) الدليل
، سواء استرقّوا أباهم القاتل أو قتلوه ، إذ لا يلزم من استرقاق مَن استحقّ ذلك
بسبب قتله عمداً استرقاق أولاده ، وهو ظاهر ، ومن قتله بالطريق الأولى ، ولا نصّ في
ذلك على مـا يظهر الآن ، بل أنكر فـي الشرح كونـه قولاً للشيخ ، وقال : نقلـه
المصنّف عنه ، وكـذا نقل عميد الدين شيخنا أ نّه قوله فـي «الفقيـه» ، ومـا رأيته ،
وهما أعرف بما قالا .
ونقل الشارح أ نّه قول للمفيد ، وقال : يبعد أن يكون مراد المصنّف الشيخ المفيد
، فإنّه ليس عادته كذلك .
وأيضاً يبعد قول ابن إدريس بمنع أخذ المال إن قتله أو عفا عنه وجواز أخذه لو
استرقّه ، إذ ما نظر إلى قول الأصحاب ودليلهم . دليله غير ظاهر ، وكذا مذهب التقي[592]
وابن زهرة[593] والكيدري[594]
أ نّه يقتل بخرقه الذمّة ثمّ يؤخذ من ماله دية المسلم تامّة ، إذ قتله لخرق الذمّة
، ليس لأولياء الدم بل للإمام ومن يأذن له ، وهو ظاهر .
وفي الرواية : أ نّه (يدفع إلى أولياء المقتول إن شاؤوا قتلوا ، وإن شاؤوا عفوا
، وإن شاؤوا استرقّوا ، ويدفع إليهم هو وماله) وليس مخصوصاً بمقدار الدية ، فهم
أيضاً تركوا هذه الرواية وما أعرف لهم دليلاً ، وهم أعرف .
وكذا قول الصدوق : يقتصّ للمسلم من الذمّي في النفس والأطراف ، ويؤخذ من ماله أو
من مال أوليائه فضل ما بين ديتي المسلم والذمّي . وفي هذا المذهب أيضاً الرواية
متروكة ، وما نعرف له دليلاً مع أ نّه إنّما ذكر في كتابه «الفقيه» رواية ضريس
الكناسي ، فتأ مّل .
وذكر الشارح هذه المذاهب ، ثمّ قال : (ومبنى هذه الأقوال على أنّ قتله هل هو
قوداً ولخرقه (بخرقه ـ خ) الذمّة ، وعلى أنّ أخذ ماله هل هو لتكملة دية المسلم ، أو
لاسترقاقه ، أو لمجرّد جنايته ؟) وأنت تعلم أنّ هذا كلّه خروج عن(مسألة 5) : أولاد الذمّي القاتل أحرار لايسترقّ واحد منهم لقتل
والدهم (12) ،
الأدلّة ، وليست هذه الأمور مبنى هذه الأقوال كلّها ، مع أ نّه لا يخرج عن
الجهالة ولم يرجح مبنى مذهب حتّى يتحقّق ، فلا ثمرة لذلك ، فتأ مّل .
ثمّ نقل في آخر القول ما يدلّ على أنّ مضمون الرواية كأ نّه مجمع عليه حيث قال :
قال المحقّق في «النكت» : (وعلى ذلك عمل الأصحاب)[595]
إشارة إلى ماتضمّنته الرواية من جواز قتله والعفو والاسترقاق له وأخذ ماله .
وأ مّا وجه سقوط الاسترقاق لو أسلم قبل القتل والاسترقاق فهو أنّ المسلم لا
يسترقّ فيسقط الاسترقاق ، وإن كان جائزاً قبل الإسلام فانحصر ما يلزمه في القود
خاصّة . وكذا يمكن سقوط أخذ ماله على القول به ، إذ لا يحلّ مال امرء مسلم بغير وجه
مقرّر عندهم . نعم ، يجوز له العفو أيضاً وهو ظاهر»[596] .
(12) وجـه عـدم استرقاق الأولاد واضـح ، فإنّ الحكم على تماميّتـه مخالف للقواعد
يقتصر على مورد النصّ ، (وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)[597] .
وعـن المفيد[598] وسـلاّر[599] ، وابـن حمزة[600]
: استرقاق صغار أولادهـمولو أسلم الذمّي القاتل قبل استرقاقه لم يكن لأولياء المقتول غير قتله (13) .
(مسألة 6) : لو قتل الكافر كافراً وأسلم لم يقتل به ، بل عليه الدية إن كان
المقتول ذا دية (14) .
لتبعيّتهم له ، ولأ نّه بخروجه عن الذمّة التحق بأهل الحرب ، ومن أحكامهم
استرقاق أولادهم الصغار .
وفيه : ما لا يخفى من عدم الدليل على أ نّه بخروجه عن الذمّة يلتحق بأهل الحرب
وأ نّه منهم أوّلاً ، وعدم الدليل على الإلحاق في جميع الأحكام على تسليم أصل
الإلحاق ثانياً .
نعم ، الذمّي ـ مع الخروج ـ حربي أي غير ذمّي ، لا أ نّه محارب وأ نّه من أهل
الحرب ، فتأ مّل جيّداً .
(13) بلا خلاف ولا إشكال لصحيح ضريس ، عن أبي جعفر(عليه السلام) : في نصراني قتل
مسلماً فلمّا اُخذ أسلم قال : «اقتله به . . .»[601] .
(14) عدم قتله مبنيّ على شرطيّة التساوي في الدين وأ نّه لا يقتل مسلم بكافر ،
وعلى شمول أدلّته لما كان القاتل مسلماً ولوحين القصاص فقط رغم كونه كافراً حال
قتله ، وأ مّا بناءً على عدم الشرطيّة كما اخترناه أو بناءً على أنّ المانع الإسلام
حين القتل والقصاص معاً فالقصاص هو الأوجه بل المتعيّن ، وممّا ذكرنا يظهر حكم
الدية أيضاً .
(مسألة 7) : يقتل ولد الرشدة بولد الزنية بعد وصفه الإسلام حين تميّزه ولو لم
يبلغ . وأ مّا في حال صغره قبل التميّز أو بعده وقبل إسلامه ، ففي قتله به وعدمه تأ
مّل وإشكال (15) .
(15) ما في المسألة مبنيّ أيضاً على شرطيّة التساوي ، وإلاّ فعلى المختار القصاص
ظاهر .
وفي «الجواهر» : «ويقتل ولد الرشدة بولد الزنية بعد وصفه الإسلام ، لتساويهما في
الإسلام عندنا ، نعم مَن حكم بكفره من الأصحاب وإن أظهر الإسلام لا يقتله به ، بل
قيل : لا يقتل به وهو صغير ، لعدم إسلامه التبعي بعدم الأبوين لـه شرعـاً إلاّ أن
يسبى بناءً على صحّـة سبي مثلـه ، فيحكم حينئذ بإسلامه تبعاً للسابي ، وكأ نّه
مبنيّ على اشتراط المساواة فـي الـدين في القصاص ، للإجماع ونحوه ، وإلاّ فما سمعته
من النصوص عدم قتل المسلم بالكافر ، وولد الزنا قبل وصفه الإسلام لا يحكم بكفره ،
ولذا قلنا بطهارتـه ، فيندرج في قولـه تعالى : (النَّفْسَ بِالنَّفْسِ)[602]
، وغيره ممّا دلّ على القصاص ، والله العالم»[603] .
ومن لواحق هذا الباب فروع (16) :
منها : لو قطع مسلم يد ذمّي عمداً فأسلم وسرت إلى نفسه ، فلا قصاص في الطرف (17)
ولا قود في النفس (18) ، وعليه دية النفس كاملة (19) ، وكذا لو قطع صبيّ يد بالغ
فبلغ ثمّ سرت جنايته ، لا قصاص في الطرف ولا قود في النفس (20) ،
(16) لايخفى ; عليك عدم الموضوعيّة لهذه اللواحق على المختار ، لكنّه نبحث عنها
على مختار المتن وغيره من الأصحاب .
(17) قطعاً ، لدخوله في النفس .
(18) لأنّ التكافؤ في الإسلام ليس بحاصل وقت الجناية حتّى يتحقّق العمد في قتل
المسلم للمسلم ، والعمد في قتل المسلم هو المناط في القصاص لا نفس قتل المسلم وكون
القاتل مسلماً المتحقّق في المورد .
(19) لأ نّـه يكفي في الديـة استناد القتل إليه ولو بالتسبيب الـذي لا ريب في
حصوله هنا بالسراية المتولّدة من فعله التي بها حصل إزهاق النفس المسلمة .
(20) لكنّه فيما لو كان الصبي غير مميّز ، وإلاّ فالصبي المميّز كالبالغ كما
يأتي وجهه في الشرط الخامس . ووجه عدمه ظاهر ممّا مرّ ; لعدم العمد في القتل الموجب
للقصاص ، فإنّه لابدّ وأن يكون القاتل حين العمد إلى القتل واجداً لشرطيّة البلوغ ،
وإلاّ فمحض العمد إلى القتل مع عدم الشرائط غير موجب للقصاص بداهة ; قضاءً للشرطيّة
.
وعلى عاقلته دية النفس (21) .
ومنها : لو قطع يد حربي أو مرتدّ فأسلم ثمّ سرت فلا قود (22) ، ولا دية على
الأقوى . وقيل بالدية اعتباراً بحال الاستقرار ، والأوّل أقوى (23) ،
(21) حيث إنّ عمد الصبي خطأ تحمله العاقلة ، ولا يخفى عليك جريان ما ذكر من عدم
القصاص فيما لم يكن القاتل واجـداً للشرائط حين الجنايـة وصار واجداً لها حين
السراية ، والقتل بالنسبة إلى جميع الشرائط الثلاثة من البلوغ والتساوي في الدين
والحرية كما لا يخفى .
وحكم جنايـة الحـرّ على العبد مثل قطع يـدْ وسرايتـه إلى قتله حـال عتقـه
وحرّيّته ، حكم غير المسلم وغير البالغ من دون تفاوت ; قضاءً للمناط المذكور ، كما
أنّ عليه الديـة أيضاً ، كما مـرّ مـن كفاية نسبـة القتل فـي ثبوت الديـة مطلقاً .
(22) قطعاً ; لما عرفت من عدم التساوي حين القتل .
(23) في «الجواهر» الاستدلال عليه بأنّ «الجناية لم تكن مضمونة بقصاص ولا دية ،
فلم تضمن سرايتها كالقطع بالسرقة والقصاص ، وكذا في كلّ جناية غير مضمونة حال
وقوعها فتجدّد لها حال يضمن به ابتداؤها»[604] .
وعدم الضمان بالدية فيهما لدليل خاصّ ، وإلاّ فلا منافاة بين الإذن في الجناية
مع الضمان بالسراية .
نعم ، الضمان لنفس تلك الجناية من دون السراية مناف للإذن فيها كماولو رماه فأصابه بعد إسلامه فلا قود (24) ولكن عليه الدية (25) ، وربما يحتمل العدم
اعتباراً بحال الرمي ، وهو ضعيف (26) ، وكذا الحال لو رمى ذمّياً فأسلم ثمّ أصابه
فلا قود ، وعليه الدية (27) .
لا يخفى ، وعلى هـذا فضمان الديـة اعتباراً بحـال الاستقرار ـ بناءً على مـا
عرفت من تحقّق عنوانها بنسبة القتل إليه ولو بالسراية المتولّدة من فعله ـ هـو
الأقوى ، ويزيده تأييداً ما تسمعه من الحكم بالدية لو رماه بسهم حربيّاً فأصابه
مسلماً ، ضرورة اتّحاد السراية مع الإصابة في التوليد من فعله ، بل لو قلنا بمنع
جرحه المرتـدّ على وجـه يتحقّق فيه ضمان الديـة باعتبار تفويض قتله إلـى الإمـام ،
أو منع جرحـه الحـربي كذلك باعتبار تفويض قتله إلى حـال الحـرب كما هـو الحقّ فيهما
، اتّجه حينئذ اعتبار حال الاستقرار فيه كما مرّ في الفرع السابق .
(24) لعدم العمد إلى قتل المسلم .
(25) لكفاية نسبة قتل المسلم إلى القاتل في ثبوت الدية مطلقاً ، وعدم اشتراطه
بشيء غير النسبة كما لايخفى .
ومثله في عدم القود وثبوت دية الحرّ فيما لو رمى عبداً فاعتق ثمّ أصابه فمات ;
لما عرفت ، ولعدم طل دم امرء مسلم .
(26) لعدم كون الرمي بما هو سبباً للضمان قطعاً حتّى يعتبر حاله ، بل السبب في
الضمان القتل ، فالاعتبار بحاله .
(27) وجهه ظاهر ممّا مرّ .
ومنها : لو قتل مرتدّ ذمّياً يقتل به (28) ، وإن قتله ورجع إلى الإسلام فلا قود
(29)
(28) كما قوّاه «الشرائع»[605] وفاقاً للفاضل وغيره ممّن تأخّر عنه
، بل وللمحكي عن «المبسوط»[606]
و «الخلاف»[607] ; للتساوي في الكفر ، كما يقتل النصراني باليهودي ;
لأنّ الكفر كالملّة الواحدة ، بل المرتد أسوء حالاً ; لأ نّه لا يقرّ على دينه ،
ولإطلاق أدلّة القصاص المقتصر في الخروج عنها على عدم قتل المسلم بالكافر ، إذ لا
دليل على اعتبار التساوي على وجه يقتضي خروج المفروض ، بل لعلّ المراد من اشتراط
التساوي في عبارة الأصحاب ـ ولو بقرينة التفريع ـ هو عدم قتل المسلم بالكافر ، فلا
دليل لاعتبار حرمته بالإسلام في سقوط القصاص مع إمكان مقابلته بما يقتضي كونه أسوأ
حالاً من الذمّي ، كوجوب قتله مع عدم التوبة دونه ، وعدم حلّ ذبيحته إجماعاً ،
بخلاف الذمّي المختلف فيه وعدم إقراره بالجزية ، وعدم الدية له مع فرض قتله بالمسلم
على الظاهر المصرّح به في غير واحد من العبائر وإن كان فيه تأ مّل بل منع .
(29) كما في «الشرائع»[608] و «القواعد»[609] ، بل في
«اللثام»[610] التصريح بالقطع ، وفي «الجواهر»[611]
الاستدلال عليه بعموم ما دلّ على أنّ المسلم لا يقتل بكافر ، ويجبّ الإسلام ما قبله
ويعلو ولا يُعلى عليه ما قبله .
والحقّ هو القصاص ; لعموم أدلّته .
وما دلّ على عدم قتله به مثل قوله(عليه السلام) : «لا يقاد مسلم بذمّي»[612]
ظاهر في عدمه في المسلم المتّصف بالإسلام في حال القود وحال القتل معاً ، فعدم
القصاص مشروط بالإسلام حالهما ، فلا فائدة في الإسلام في حال القود فقط مع عدمه في
وحال القتل ; قضاءً للاشتراط الظاهر من الحديث ، فإنّ معنى نفي القود فيه نفي قصاص
المسلم بقتله الكافر بقتله عوضاً عنه قصاصاً للكافر ، فالقتل الموضوع لنفي القود
قتل المسلم الذي لا يتحقّق إلاّ بصدق النسبة حينه ، فإنّ المشتق حقيقة في المتلبّس
بالمبدأ حال النسبة .
هذا ، مع أنّ ذلك هو المستفاد أيضاً من بقيّة الأخبار ، ففي موثّق أبان بن عثمان
، عن إسماعيل بن فضل ، قال : سألت أبا عبدالله(عليه السلام) إلى أن قال : سألته عن
المسلم هل يقتل بأهل الذمّة وأهل الكتاب إذا قتلهم ؟ قال :«لا ، إلاّ أن يكون
معتاداً لذلك . . .»[613] إلى آخره .
ودلالة الرواية على أنّ السؤال عمّن يكون مسلماً في زمان القتل لدلالة الشرط
ممّا لايحتاج إلى البيان .
وفي صحيح ابن رئاب ، عن محمّد بن قيس عن أبي جعفر(عليه السلام) قال : «لايقادوعليه دية الذمّي (30) ، ولو قتل ذمّي مرتدّاً ـ ولو عن فطرة ـ قتل به (31) ،
مسلم بذمّي في القتل ولا في الجراحات ولكن يؤخذ . . .»[614]
إلى آخره ، ودلالة الجارّ المتعلّق بالقود على المقصود ظاهر .
ومثله ما عن أبان بن إسماعيل بن الفضل عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : سألت
أبا عبدالله(عليه السلام) عن المسلم هل يقتل بأهل الذمّة ؟ قال : «لا . . .»[615]
إلى آخره .
ففيه : الدلالة لمكان الجارّ أيضاً .
هذا كلّه فيما ; استدلّ لعدم القود من عدم قتل المسلم بالكافر ، وأ مّا حديث
الجبّ فيرتبط بحقّ الله لاحقّ الناس .
(30) كما في «الشرائع»[616] و «القواعد»[617]
وغيرهما ، مع إمكان القول بعدمها أيضاً إن لم يكن إجماع على الثبوت ; باعتبار كون
الواجب عليه القصاص ، والفرض سقوطه عنه بالإسلام .
اللهمّ إلاّ أن يستفاد من الأدلّة قيامها مقامه في كلّ مقام تعذّر الاستيفاء على
وجه يشمل الفرض .
(31) بلا خلاف أجده فيه ; لعمومات أدلّة القصاص وإطلاقها . وفي «الشرائع» و
«القواعدة» الاستدلال بأ نّه «محقون الدم بالنسبة إلى الذمّي»[618] .
وفي «اللثام» تفسيره بقوله : «لا يستحقّ قتله إلاّ المسلمون»[619] ،
فيندرج في عموم أدلّة القصاص بالحقن ، فأدلّة القصاص هي الدليل .
وما عن الشافعيّة[620] ـ من القول بالمنع ; لأ نّه مباح الدم ، فلا
يجب القصاص بقتله كالحربي ، وكما لو قتله مسلم .
وتحريم قتله بغيره مع كونه مباح الدم لكفره لا يوجب إقادة القاتل به ، كما لو
قتل الزاني المحصن غير الإمام ، وبهذا فارق من عليه القصاص إذا قتله غير المستحقّ ;
لأ نّه معصوم الدم بالنسبة إليه ـ واضح الضعف ; ضرورة عدم كونه مباح الدم لكلّ أحد
.
وفي «المسالك» : «يمكن بناء هذين الوجهين على ما تقدّم في السابقة من أنّ
المرتدّ أسوأ حالاً من الذمّي أو بالعكس»[621] .
وفيه : ما أشرنا إليه سابقاً من عدم اعتبار ذلك ، إذ لا دليل على اعتبار
المساواة فـي القصاص بالنسبـة إلى ذلك ، وإنّما بناء المسألـة على كونـه مهدور الدم
في نفسـه ، وإن أثمّ غير الإمام بقتلـه ، فلا قصاص على قاتله بل ولا ديـة ، لعدم
احترام نفسه أو أ نّه كذلك بالنسبة إلى الإمام دون غيره ، أو أ نّه بالنسبة إلى
المسلمين غير محترم وإن أثموا أيضاً بقتله من دون إذن الإمام بخلاف غيرهم ، فإنّ
الاحترام الموجب للضمان باق ، وستسمع بعض الكلام في ذلك .
ولو قتله مسلم فلا قود (32) ، والظاهر عدم الدية عليه ، وللإمام(عليه
السلام)تعزيره (33) .