قسامة الكافر
(12) عدم القبول والمنع عن حجّية قسامـة الكافر على دعـوى المسلم وفاقاً للشيخ[1147]
، والفاضل[1148] وولده[1149]
ووالده[1150] ، وغيرهم على ما حكي عنهم ، وهـو الأظهر فـي «الشرائع»[1151]
; لأ نّها على خلاف الأصل ، ومـورد النصّ[1152]
قسامـة المسلم ، بل فـي الحسن كالصحيح : «إنّما حقـن دمـاء المسلمين بالقسامة»[1153]
.
وفي آخر : «إنّما جعلت القسامة احتياطاً للناس لكيما إذا أراد الفاسق أن يقتل
رجلاً أو يغتال رجلاً حيث لا يراه أحداً خاف ذلك فامتنع من القتل»[1154]
.
ففي الكافر تبقى على أصالة عدم ثبوت الحقّ بها ، ولأ نّها يثبت بها القود في
القتل عمداً ، والكافر لا يستحقّه على المسلم .
وعن «الخلاف» : «ولو أوجبنا عليه الدية لأوجبنا بيمين كافر ابتداءً على مسلم
مالاً ، مع علمنا بأ نّهم يستحلّون أموال المسلمين ودماءهم»[1155] ، ولأ
نّها سبيل منفي عن الكافر على المسلم ، ولتقرير النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)
الأنصار على آبائهم قبول قسامة اليهود ، ولذا أدّاه هو (صلى الله عليه وآله وسلم)
من بيت المال .
ولكن الجميع كما ترى ، ضرورة الخروج عن الأصل بإطلاق قوله (عليه السلام) :
«القسامة حقّ ، ولولاها لقتل الناس بعضهم بعضاً»[1156]
«والقسامة نجاة للناس»[1157] ، وغير ذلك ممّا يظهر منه مشروعيّة القسامة
للناس كافة ، وهو مقتضى أصالة الاشتراك ، وليس المراد من الخبرين الأوّلين أ نّها
شرعت لهم خاصّة كي يكون معارضاً بها ، فيحتاج فيه إلى الجمع بالإطلاق والتقييد ،
كما تخيّله بعض المشايخ ; لكونهما مثبتين ، ولأنّ التعبير بالمسلم والمؤمن رائج في
بيان الأحكام ، ويكون تذكّراً إلى إسلام المسلمين وإيمانهم لصيرورته داعياً ومحركاً
إلى العمل وإلاّ فالأحكام للناس عامّة .
وعدم ثبوت القود بها ; لعدم استحقاق الكافر له على المسلم ، لا ينافي ثبوت القتل
عمداً بها لاستحقاقه الدية عليه ، كما لو قامت البيّنة ، ووجـوب المال بها ابتداءً
علـى المسلم كالشاهـد واليمين غير مناف لشيء مـن الأدلّـة ، بل إطلاقها يقتضيه .
ومنه يعلم عـدم كونها سبيلاً ، ضرورة عـدم كون الحـقّ على الوجـه الشرعي سبيلاً
منفياً .
وتقرير النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) الأنصار على الآباء وأداؤه من نفسه إنّما
كان سياسة ، لا لعدم جواز قسامتهم ، وإلاّ لم يأمر (صلى الله عليه وآله وسلم) بها .
فإنّ ذلك صريح في ثبوتها ، بل هو دليل على المشروعيّة بناءً على اتّحاد الدعوى مع
الإنكار في القبول كما هو واضح ، فالأقوى حينئذ ثبوتها في الكافر كالمسلم ، وفاقاً
للشيخ في «المبسوط»[1158] وغيره من الأصحاب .
ولا يخفى عليك أنّ مصبّ البحث بينهم وإن كان هو الكافر ، لكن الظاهر كون المراد
منه غير المسلم الأعمّ من الكافر ، وقد مرّ منّا في شرائط القصاص عدم شرطيّة
التساوي في الدين ، وأ نّه يقتل المسلم بالكافر فضلاً عن غير المسلم ،(مسألة 10) : لابدّ في اليمين من ذكر قيود يخرج الموضوع ومورد الحلف
عن الإبهام والاحتمال ; من ذكرالقاتل والمقتول ونسبهما ووصفهما بما يزيل الإبهام
والاحتمال ، وذكر نوع القتل من كونه عمداً أو خطأً أو شبه عمد ، وذكرالانفراد أو
الشركة ونحوذلك من القيود (13) .
وعلى هذا يظهر عدم تماميّة الاستدلال للمنع من رأس بأ نّه يثبت بها القود . . .
إلى آخره ، فلا حاجة إلى الجواب عنه ; لما مرّ من عدم منافاة عدم القود في قتل
المسلم الكافر عمداً ثبوت الدية ، كما لا يخفى .
نعم ، الاستدلال والجواب عنه إنّما يكون في محلّه على المعروف بين الأصحاب من
شرطيّة التساوي ، كما لا يخفى عليك أيضاً عدم تماميّة مختار المتن ، وأنّ الوجه بل
الأقوى القبول .
(13) وجه اعتبار ذكر الاُمور المذكورة واضح من المتن ; لما يعتبر في الحلف عدم
الإبهام والاحتمال .