فقه الثقلین فی شرح تحریر الوسیلة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

فقه الثقلین فی شرح تحریر الوسیلة - نسخه متنی

یوسف صانعی؛ شارح: روح الله خمینی(ره)

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید



أقسام القتل


ولنذكر هنا تفصيل صور ما أشار إليه الماتن في قتل العمد ـ وإن أحال تفصيله إلى
كتاب الديات ـ تتميماً للبحث فعلاً ووفاقاً لطبع البحث ، وأقول مستعيناً بالله :

إنّ الصور أربع ، فإنّ القاتل إمّا أن يكون عامداً وقاصداً ، وإمّا أن لايكون
كذلك ، وفي كلٍّ منهما إمّا تكون الآلة ممّا يقتل بها غالباً ، وإمّا لاتكون كذلك ،
بل القتل بها نادر ، فالصور أربع :

إحداها : القصد إلى القتل بالآلة القتّالة وبما يقتل به غالباً ، وكون القتل
كذلك عمداً موجباً للقصاص بديهي غير محتاج إلى البيان ، ويكون مشمولاً ومدلولاً
بالكتاب والسنّة ومتيقناً منهما قطعاً ، كيف وإن لم يكن القتل كذلك موجباً له فلا
موجب له أصلاً .

ثانيتها : مثل الاُولى إلاّ في الآلة من حيث إنّها ممّا لا يغلب بها القتل ،
كالرمي بالحصاة بقصد القتل ، وفيه قولان :

أحدهما : أ نّه عمد أيضاً كما في «الشرائع»[45]
و «النافع»[46] وكتب الفاضل[47] ، ومحتمل «السرائر»[48]
، وصريح الفاضل المقداد في «الكنز»[49]
و «التنقيح»[50] ، وعن ابن حمزة[51] ، وهو ظاهر «الغنية»[52]
نافياً الخلاف عنه ، وعليه الشهيد الثاني في شرحيه على «اللمعة»[53]
و «الشرائع»[54] وغيره من المتأخّرين ، بل في «الرياض» : «لعلّه عليه
عامتهم ، بل لم أجد الخلاف فيه وإن نقلوه ، نعم ظاهر «اللمعة» التردّد فيه حيث نسب
ما في العبارة إلى القيل مشعراً بتمريضه أو متردّداً فيه»[55] .

ثانيهما : أ نّه غير عمد ، وفي «اللثام»[56]
نسبته إلى ظاهر الأكثر ، إلاّ أنّ في «الجواهر» : «ولكن لم نتحقّقه»[57]
.

وكيف كان ، فالأوّل هو الأقوى بل المتعيّن ، وذلك ـ مضافاً إلى أ نّه مقتضى
الإطلاق والأصل اللفظي الذي مرّ بيانه ـ أنّ العمد محقّق في القتل والفعل معاً
كالصورة الأولى ، ولا دخاله للآلة لغة وعرفاً في الصدق حتّى تكون الصورة مغايرة
للأولى .

وللأخبار : كصحيح عبدالرحمن بن الحجّاج عن الصادق(عليه السلام) «فقال : إنّ من
عندنا ليقيدون بالوكزة وإنّما الخطأ أن يريد الشيء فيصيب غيره»[58]
فإنّ القدر المتيقّن بل الظاهر منه ما كانت الوكزة بقصد القتل ، وهي ممّا لايُقتل
بها غالباً .

وصحيح الحلبي قال : قال أبو عبدالله(عليه السلام) : «العمد كلّ ما اعتمد شيئاً
فأصابه بحديدة أو بحجر أو بعصا أو بوكزة ، فهذا كلّه عمد ، والخطأ من اعتمد شيئاً
فأصاب غيره»[59] ، وفيه دلالة على أنّ المعيار في العمد القصد إلى الفعل
وكفاية مطلق الآلة ولو مثل الوكزة أو العصا ممّا لايحصل القتل بهما غالباً .

ومرسل جميل عن أحدهما(عليهما السلام) قال : «قتل العمد كلّ ما عمد به الضرب
فعليه القود ، وإنّما الخطأ أن تريد الشيء فتصيب غيره . . .»[60]
إلى آخره . ودلالته أوضح من صحيح الحلبي ; للتصريح فيها بقتل العمد ، فتأ مّل .

وخبر أبي بصير عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : «لو أنّ رجلاً ضرب رجلاً بخزفة
أو بآجرة أو بعود فمات كان عمداً»[61] .

والظاهر أنّ التمثيل بالثلاثة لبيان عدم دخل الغالبيّة للآلة في صدق القتل ، وأ
نّه صادق مع هذه الآلات غير الغالبيّة ، وإن أبيتَ فالاستدلال بإطلاقها في محلّه .

ومرسل ابن أبي عمير عن بعض أصحابه عن أحدهما(عليهما السلام) قال : «كلّما اُريد
به ففيه القود ، وإنّما الخطأ أن تريد الشيء فتصيب غيره»[62] ، ودلالته
بالعموم على كفاية مطلق الآلة بشرط العمد في القتل واضحة .

وخبر عبدالرحمن بن الحجّاج عن أبي عبدالله(عليه السلام) في حديث قال : «إنّما
الخطأ أن تريد شيئاً فتصيب غيره ، فأ مّا كلّ شيء قصدت إليه فأصبته فهو العمد»[63]
، ودلالته كالمرسل بالعموم .

وهذه هي الأخبار المستفيضة الدالّة على القول الأوّل عموماً كجلّها ، أو ظهوراً
كصحيحي الحلبي وابن الحجّاج وخبر أبي بصير على ما ذكرناه في كيفية الاستدلال بها .

وأ مّا القول الثاني : فاستدلّ له بوجوه ثلاثة : من الاحتياط ، ومن أ نّه لما لم
تكن الآلة ممّا يقتل بها عادة فاجتماع القصد معها كالقصد بلا ضرب ، ومن الأخبار
الاُخرى المستفيضة ، مضافاً إلى النصوص الدالّة على عدم العمد بضرب الرجل بالعصا أو
بالحجر بضربة واحدة فمات بها قبل أن يتكلّم :

منها : الموثّق لأبي العباس عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : قلت له : أرمي
الرجل بالشيء الذي لايقتل مثله ، قال : «هذا خطأ» ، ثمّ أخذ حصاة صغيرة فرمى بها ،
قلت : أرمي الشاة فاُصيب رجلاً ، قال : «هذا الخطأ الذي لا شكّ فيه ، والعمد الذي
يضرب بالشيء الذي يقتل بمثله»[64] .

ومنها : المرسل عن عبدالله بن سنان ، قال : سمعت أبا عبدالله(عليه السلام) يقول
: «قال أمير المؤمنين(عليه السلام) : في الخطأ شبه العمد أن تقتله بالسوط أو بالعصا
أو بالحجارة إنّ دية ذلك تغلظ ، وهي مائة من الإبل . . .»[65]
الحديث .

ومنها : خبر أبي العباس وزرارة عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : «إنّ العمد أن
يتعمّده فيقتله بما يقتل مثله ، والخطأ أن يتعمّده ولا يريد قتله ، يقتله بما
لايقتل مثله ، والخطأ الذي لاشكّ فيه أن يتعمّد شيئاً آخر فيصيبه»[66] .

هذا ، مع إمكان الجواب عن النصوص المتقدّمة بحمل العمد فيها على ما يشمل شبه
العمد ; لمقابلته بالخطأ المحض .

وفيه : لا دلالـة لهذه الأخبار على المدّعى أوّلاً ، أ مّـا الموثّق فإنّ
الظاهـر منه بالقرينة الداخليّة والخارجيّة كون مراد السائل الرمي بما لايقتل بمثله
مع عـدم قصد القتل ، فلا محلّ للاستفصال حتّى يكون عدمه دليلاً على الأعمّ منه ومن
قصد القتل :

أ مّا الداخليّة فأخذه(عليه السلام) الحصاة والرمي بها ، حيث إنّ تعليمه العملي
للرمي بقصد الضرب العدواني فضلاً عمّا قصد به القتل بعيد عن ساحة المعصوم(عليه
السلام) الذي يكون من عباده المخلصين إن لم نقل بامتناعه ، فتعليمه لابدّ وأن يكون
لعدم قصد القتل وفيه دلالة على مراد السائل كما لايخفى .

وأ مّا الخارجيّة فقوله(عليه السلام) في موثّق أبي العباس وزرارة : «والخطأ أن
يتعمّده ولا يريد قتله ، يقتله بما لايقتل مثله»[67] .

والاستدلال بذيل الموثّق وهو قوله(عليه السلام) : «والعمد الذي يضرب الشيء الذي
يقتل بمثله»[68] .

ففيه : أنّ الوصف بالصلة ليس لبيان الشرطيّة ، بل لبيان اللازم الواقعي لقتل
العمد ، بمعنى أنّ من يريد القتل فيقتله بما يقتل بمثله بحسب العادة ، ويشهد على
ذلك قوله(عليه السلام) في موثّق أبي العباس وزرارة : «إنّ العمد أن يتعمّده فيقتله
بما يقتل بمثله» حيث فرّع القتل بالآلة القتّالة على التعمّد ، فذلك بيان للواقع
والعادة لا الشرطيّة للصدق ، وإلاّ لم يفرّعه بالفاء ولم يجعله جزاءً ، وتظهر
الشهادة على ذلك أيضاً في قوله(عليه السلام) : «والخطأ أن يتعمّده ولا يريد قتله ،
يقتله بما لا يقتل مثله» ، فإنّ القتل بالآلة غير القتّالة جزاءٌ للشرط لا شرطاً في
الصدق .

وبالجملة : ظاهر الموثّقة ـ تفريعاً وجزاءً ـ هو بيان الأمر العادي لا الشرط
الشرعي ، فتدبّر جيّداً و تأ مّل في كلمات المعصومين (عليهم السلام) حتّى تطّلع على
مقاصدهم العالية وأحكامهم السامية .

وأ مّا المرسل فالظاهر منه أيضاً صورة عدم قصد القتل حيث إنّ الشباهة بالعمد في
الخطأ ليست إلاّ بقصد الضرب دون القتل ، وإلاّ فهو عمد ، ومع عدمها خطأٌ محض . وحيث
إنّه(عليه السلام) بصدد بيان شبه العمد من الخطأ الذي تغلظ ديته على دية الخطأ
المحض ، وهو محقّق عرفاً ولغة مع قصد الضرب دون القتل ، فعمده في الضرب وخطأه في
القتل .

وأ مّا موثّق أبي العباس وزرارة فالظاهر منه بيان العادة لا الشرط كما مرّ
تحقيقه ، فهو كسابقيه مربوط بعدم قصد القتل ، وعن محل البحث خارج .

هذا كلّه مع أنّ هذه النصوص ـ على فرض تسليم الدلالة ـ غير مكافئة للنصوص
السابقة ثانياً ، وذلك لما فيها من الترجيح عليها بموافقة الكتاب والشهرة وكثرة
العدد وأوضحيّة الدلالة لما فيها من القود الذي هو نصٌّ في العمد . ولننقل عبارة
«الرياض» ; لما فيها من التوضيح لبعض ما ذكر ومن الجواب عن بقية الوجوه ، ففيه بعد
بيانه للوجوه الثلاثة ، وإمكان الجواب عن النصوص الدالّة على القول الأوّل بحمل
العمد فيها على شبه العمد ما هذا لفظه :

«وفيه : أ نّه معارض بإمكان حمل الأخبار الأخيرة على صورة عدم القصد إلى القتل
كما هو الغالب في الضرب بما لايقتل إلاّ نادراً ، مع ضعف الشاهد على الحمل الأوّل
بتضمّن جملة منها التصريح بالقود في العمد ، وهو لا يجامع حمله على شبه العمد أو ما
يعمّه .

هذا ، مع أ نّه لا داعي إلى هذا الحمل سوى الاحتياط الغير اللازم مراعاته بعد
قيام الدليل من العمومات والنصوص الصحيحة الظاهرة على خلافه ، والتعليل بعده في
غاية من الضعف سيّما في مقابلتها .

والنصوص معارضة مع ضعف دلالتها جملة كما عرفته ، أكثرها ضعيفة السند ، والمعتبرة
منها بحسبه غير مكافئة للأدلّة من وجوه عديدة ، مع مخالفة الصحيح منها وما في معناه
للإجماع ظاهراً ; لجعلهما القتل بالسيف من قسم شبه العمد مطلقاً ، ولا قائل به
مطلقاً»[69] .

وما ذكره من «مخالفة الصحيح وما في معناه للإجماع ظاهراً» الظاهر أنّ نظره إلى
المرسل عن ابن سنان على نقله السيف بدل السوط ، وهو مخالف لنقل «الوسائل»[70]
و «الكافي»[71] و «التهذيب»[72]
و «الاستبصار»[73] و «الفقيه»[74] .

نعم ، على صحّة نقله فالمخالفة للإجماع في محلّه ، لكنّ الشأن في النقل .

ثالثتها : ما ليس فيه قصد القتل ولا الآلة قتّالة بل فيه قصد الفعل فقط ، كالضرب
بالحصاة الصغار والعود الخفيف ونحوهما في غير مقتل بغير قصد القتل ، وفيه قولان :

أحدهما : أ نّه عمد كما عن الشيخ في «المبسوط»[75] : إمّا مطلقاً كما
حكاه عنه جماعة[76] ، أو في الأشياء المحدّدة خاصّة كما حكاه عنه الفاضل
الأصبهاني في «كشف اللثام»[77] .

ثانيهما : أ نّه خطأ شبه العمد وهو الأشهر كما في «النافع»[78]
و «المسالك»[79] ، بل هو المشهور كما في «المجمع»[80] ، بل
لا خلاف فيه بين المتأخّرين ، بل عن «الغنية»[81]
الإجماع عليه .

دليل الأوّل : عموم الآيات مثل (النَّفْسَ بِالنَّفْسِ)[82]
و (الحُرُّ بِالْحُرِّ)[83] و (وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ
جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً)[84] ، وعموم الروايات مثل صحيحة
الحلبي قال : قال أبو عبدالله(عليه السلام) : «العمد كلّ ما اعتمد شيئاً فأصابه
بحديدة أو بحجر أو بعصا أو بوكزة فهذا كلّه عمد ، والخطأ من اعتمد شيئاً فأصاب
غيره»[85] .

ورواية أبي بصير عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : «لو أنّ رجلاً ضرب رجلاً
بخزفة أو بآجرة أو بعود فمات كان عمداً»[86] .

ومرسلة جميل عن بعض أصحابه عن أحدهما(عليهما السلام) قال : «قتل العمد كلّ ما
عمد به الضرب فعليه القود ، وإنّما الخطأ أن تريد الشيء فتُصيب غيره» ، وقال : «إذا
أقرّ على نفسه بالقتل ، قُتِل وإن لم يكن عليه بيّنة»[87] .

وما في صحيحة عبدالرحمن بن الحجاج عن أبي عبدالله(عليه السلام) من الحصر :
«وإنّما الخطأ أن يريد شيئاً فيصيب غيره»[88] .

وفيه : أ مّا آية السلطنة فموضوعها المقتول مظلوماً ، وصدقه مع عدم القصد إلى
القتل ولا إلى سببه أي الآلة القتّالة مشكل بل ممنوع ، فإنّ المقتول في المورد
مقتول اتّفاقاً وإن كان مضروباً ظلماً .

وأ مّا آية النفس فمربوطة بالقصاص وهو منوط بالعمد في القتل المحلّ للكلام فكيف
الاستدلال بها ؟ وبذلك يظهر الإشكال في عموم الأخبار حيث إنّ العموم تابع للصدق ،
وصدق العمد في القتل أوّل الكلام .

نعم ، على فرض كون العموم من جهة التعبّد والادّعاء فالاستدلال تامّ ، لكن الشأن
فيه ، فإنّ الادّعاء مخالف للظاهر ولا يُصار إليه إلاّ بدليل .

وأ مّا الحصر فمن المحتمل أن يكون بالنسبة إلى الخطأ المنسوب للعمد ، ويشهد عليه
خبر أبي العباس وزرارة الآتي .

هذا كلّه مع أنّ الدلالة في تلك الأدلّة بأجمعها ليست إلاّ بالإطلاق وعلى
التماميّة ، فمقيّدة بالأخبارالآتية الخاصّة الدالّة على عدم كون المبحوث عنه عمداً
.

هذا كلّه ، مع ما في «مجمع الفائدة والبرهان» من المناقشة في سند رواية أبي بصير
وصحيحة الحلبي وعبدالرحمن وإن أجاب عنها في الأخير بل الأخيرين ، لكنّها للمناقشة
كافية ، فتأ مّل .

دليل الثاني : موثّق أبي العباس وزرارة عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : «إنّ
العمد أن يتعمّده فيقتله بما يقتل مثله ، والخطأ أن يتعمّده ولا يريد قتله يقتله
بما لا يقتل مثله ، والخطأ الذي لا شك فيه أن يتعمّد شيئاً آخر فيصيبه»[89]
.

والموثّق الأوّل عن أبي العباس وحده عنه(عليه السلام) قال : قلت له : أرمي الرجل
بالشيء الذي لا يقتل مثله قال : «هذا خطأ» ، ثمّ أخذ حصاة صغيرة فرمى بها ، قلت :
أرمي الشاة فاُصيب رجلاً ، قال : «هذا الخطأ الذي لا شكّ فيه ، والعمد الذي يضرب
بالشيء الذي يقتل بمثله»[90] .

والموثّق الثالث عن أبي العباس عنه(عليه السلام) : قال : سألته عن الخطأ الذي
فيه الدية والكفّارة أهو أن يعتمد ضرب رجل ولا يعتمد قتله ؟ فقال : «نعم» . قلت :
رمى شاة فأصاب إنساناً ؟ قال : «ذاك الخطأ الذي لا شكّ فيه ، عليه الدية والكفّارة»[91]
.

وخبر علاء بن فضيل عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : «العمد الذي يضرب بالسلاح
أو بالعصا لا يقلع عنه حتّى يقتل ، والخطأ الذي لا يتعمّده»[92] .

ومرسل يونس عن بعض أصحابه عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : «إن ضرب رجل رجلاً
بعصا أو بحجر فمات من ضربة واحدة قبل أن يتكلّم فهو يشبه العمد ، فالدية على القاتل
، وإن علاه وألحّ عليه بالعصا أو بالحجارة حتّى يقتله فهو عمد يقتل به ، وإن ضربه
ضربة واحدة فتكلّم ثمّ مكث يوماً أو أكثر من يوم فهو شبه العمد»[93] .

والأوّلان من الأحاديث نصٌّ في المطلوب ، والبقيّة ظاهرة بالإطلاق كالثالث
والرابع ، أو بالحمل على كون الضربة الواحدة بغير القتّالة بقرينة التقييد بالموت
بها وأ نّه شبه العمد في الخامس وهو مرسل يونس .

رابعتها : القصد إلى الفعل دون القتل ، لكن مع كون الآلة ممّا يقتل بها غالباً
كالضرب بالسيف أو السهم على رأسه مثلاً ، ولا خلاف في كونه عمداً كالأوّل ، واستدلّ
لذلك بوجوه أربعة :

الأوّل : أنّ قصد السبب مع العلم بالسببيّة قصدٌ للمسبّب كما في «اللثام»[94]
، أو أنّ القصد إلى الفعل المزبور كالقصد إلى القتل كما في «الرياض»[95]
و «الجواهر»[96] والظاهر رجوعهما إلى ما في «اللثام» ، وأنّ المقصود
واحد فإنّ التشبيه إن لم يرجع إلى الملازمة المذكورة ليس بأزيد من الادّعاء ، وأشبه
شيء بالمصادرة .

الثاني : الإجماع المفهوم من «الغنية»[97] كما في «الرياض»[98]
.

الثالث : النصوص المعتبرة للعمد الشاملة بإطلاقها لمن قصد القتل بما يقتل به
غالباً ، ولمن لم يقصده مع قصده الفعل .

الرابع : ـ وهو العمدة ـ الأخبار المستفيضة المعتبرة كصحيح الحلبي وخبر أبي
الصباح الكناني جميعاً عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : سألناه عن رجل ضرب رجلاً
بعصا فلم يقلع عنه الضرب حتّى مات ، أيدفع إلى وليّ المقتول فيقتله ؟ قال : «نعم ،
ولكن لا يترك يعبث به ، ولكن يجيز عليه بالسيف»[99] .

ومثله خبر موسى بن بكر[100] وسليمان بن خالد[101] .

ووجه الاستدلال بها : أنّ الظاهر كون السؤال عن القود في الصورة الرابعة ، وهي
صورة عدم القصد إلى القتل بالضرب المسؤول عنه بما يقتل به غالباً ، بل السؤال
كالنصّ في ذلك ، حيث إنّ تحقّق العمد مع القصد إلى القتل فيما يقتل به غالباً ممّا
لا إشكال ولا كلام فيه ويكون واضحاً غير محتاج إلى السؤال ، فالعناية في السؤال
لابدّ وأن يكون مع عدم القصد ومربوطاً بالرابعة ، فالجواب بقوله «نعم» حجّة على
كونها عمداً ، وإن أبيت عن ذلك الظهور ففي ترك الاستفصال كفاية ، ثمّ لا يخفى عليك
ما في بقيّة الوجوه .

أ مّا الإجماع المنقول في المسألة التي فيها وجوه ثلاثة اُخرى ـ لما فيه من
احتمال كونـه مدركيّاً ، فلعلّ الإجماع على القاعـدة لا دون القاعدة ـ غير حجّة كما
لا يخفى .

وأ مّا الملازمة بين قصد السبب مع العلم بالسببيّة فتكون أخصّ من المدّعى ; لأ
نّها ثابتة مع ذلك العلم دون الغفلة عنها ، كما هو أوضح من أن يخفى ، اللهمّ إلاّ
أن يقال بكفاية القصد الارتكازي ، ولعلّه المقصود للمستدلّ ، وهو كما ترى .

وأ مّا الإطلاق في النصوص فقد عرفتَ أ نّه لبيان العمد عرفاً لا ادعاءً ،
فإثباته بإطلاقها أوّل الكلام .

وأ مّا الأخبار المستفيضة التي جُعلت وجهاً رابعاً ، ففيها أنّ الظاهر كون
السؤال عن وقوع القتل بالآلة الغير القتّالة ، فإنّ العصا ليس منها ، كما لاينبغي
الشكّ فيه أصلاً .

والأولى بل المتعيّن الاستدلال بآية السلطنة ، فإنّ المناط فيها القتل ظلماً
المحقّق في المورد قطعاً ، وعدم قصد القتل ـ كما هو المفروض فيه ـ غير مضرّ ; لعدم
دخالته في مناط الآية .

ولا يتوهّم أنّ اللازم من ذلك الحكم بالقود فيما لم تكن الآلة قتّالة أيضاً ،
فهما مشتركان في عدم القصد والعمد إلى القتل وفي كون القتل ظلماً ; لوضوح الفرق
بينهما عرفاً ، فإنّ القتل في تلك الصورة اتفاقيّة ، لعدم القصد وعدم الغالبيّة ،
دون المبحوث عنه الذي يكون الغلبة في الآلة والفعل القتل ، فإنّه ليس من باب
الإتّفاق بنظر العرف بل ظلم ، وأيّ ظلم أشدّ من قتله بضرب السيف على عنقه ولو مع
عدم قصد القتل وغفلته عنه ؟ ! فتدبّر جيّداً .

نعم ، مع جهله بكون الآلة والفعل ممّا يكون كذلك وزعمه أ نّه ممّا لايقتل به
غالباً ، فالظاهر عدم القود ; لعدم العمد لا تفصيلاً ولا إجمالاً ، ولعدم كون
المقتول ظلماً عرفاً بل مقتول اتفّاقاً مثل ما لو كان القتل به واقعاً .

وبالجملة : الظاهر أنّ المانع من صدق القتل ظلماً اعتقاد القاتل بالنسبة إلى
الفعل ، لا الواقع منه ثبوتاً .

نعم ، ادّعاؤه الجهل غير مسموع ، فإنّه لو سُمعت دعواه بطلت أكثر الدماء ،
فالجهل مانع والأصل القصاص ، لا أنّ العلم شرط حتّى يعكس الأمر ويصير الأصل عدم
القصاص إلاّ مع إثباته .

وقد ظهر ممّا ذكرناه وجوه المسائل التي ذكرها الاُستاذ ـ سلام الله عليه ـ في
كتاب الديات من «التحرير» تفصيلاً لما وعده في المقام ، وتلك المسائل ثمانية من
المسألة الاُولى إلى الثامنة من مسائل القول في أقسام القتل ، فراجعها .

ولزيادة التوضيح في شبه العمد والخطأ ننقل عبارة «القواعد» والفاضل الأصبهاني في
شرحه :

«وأ مّا شبيه العمد فهو أن يكون عامداً في فعله مخطئاً في قصده ; لأ نّه لم يقصد
القتل ولكن أفضى إليه فعله ، مثل أن يضرب للتأديب أو يمازح به أو يعالجه الطبيب
فيموت ، أو يقصد ضربه بما لا يقتل غالباً بقصد العدوان فيموت .

وأ مّا الخطأ المحض الذي ورد في الأخبار أ نّه الخطأ الذي لا شبهة فيه ، بأن
يكون مخطئاً في فعله وقصده جميعاً ، وهو أن يفعل فعلاً لا يريد به إصابة المقتول
فضلاً عن إرادة قتله فيصيبه ، مثل أن يقصد صيداً أو هدفاً أو عدوّاً أو غيره فيصيبه
، سواء كان بآلة قتّالة غالباً أو لا ، أو أن لا يقصد الفعل أصلاً كمن يزلق رجله
فيسقط على غيره فيقتله أو ينقلب في النوم على طفل فيقتله»[102] .

(مسألة 2) : العمد : قد يكون مباشرة ، كالذبح والخنق باليد والضرب بالسيف
والسكّين والحجر الغامز والجرح في المقتل ، ونحوها ممّا يصدر بفعله المباشري عرفاً
، ففيه القود . وقد يكون بالتسبيب بنحو ، وفيه صور نذكرها في ضمن المسائل الآتية
(3) .

/ 118