إرث القصاص
(6) الوارث للقصاص هو الوارث للمال ; لعموم أدلّة الارث من آية اُولي الأرحام
وغيرها ، وإطلاق قوله تعالى : (وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا
لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً)[1227] وسائر نصوص القصاص ممّا هي نحوه .
وهذا في الجملة لاكلام ولا إشكال ولا خلاف فيه بل عليه الإجماع ، وإنّما الإشكال
في استثناء الزوج والزوجة من ذلك وإن كانت إجماعيّة ، وهو مع الخلاف في استثناء
الإخوة والأخوات والمتقرّب بهما من الاُمّ والنساء مطلقاً وإن تقرّبن بالأب .
فالبحث في موارد ثلاثة :
إرث الزوج والزوجة في القصاص
أحدها : الزوج والزوجة ، وفي «الجواهر» : «فإنّهما لا يستحقّان قصاصاً إجماعاً
بقسميه»[1228] . وفي «اللثام» : «اتّفاقاً»[1229] .
ويظهر من تعليقات صاحب «مفتاح الكرامة» على «اللثام» : كون نقل الاتّفاق
مستفيضاً نقله في «الخلاف» وما تأخّر عنه[1230] .
وفي «المسالك» : «هذا موضع وفاق ، وعلّل بأنّ القصاص يثبت للوليّ للتشفّي ، ولا
نسب في الزوجيّة من حيث هي زوجيّة يوجبه»[1231] .
والمستفاد من هذه العبائر في مثل تلك الكتب الفقهيّه المفصّلة الجامعة للأدلّة ،
عدم الدليل على ذلك الاستثناء إلاّ الإجماع .
وما في «المسالك» من قوله : وعلّل . . . إلى آخره بالمبني للمفعول ليس بأزيد من
التعليل الاعتباري ، لا الدليل الاستدلالي .
نعم في «الخلاف» : «دليلنا : إجماع الفرقة وأخبارهم»[1232] .
ولكن ليس للمسألة خبر واحد فضلاً عن الأخبار ، ومن البعيد وجود تلك الأخبار
عندهم ، لكنّه لم تصل إلينا حتّى الواحد منها ، وكيف يكون كذلك مع خلوّ كتابيه في
الأخبار لاسيّما «التهذيب» الجامع لما في غالب الثلاثة من الكتب الأربعة ؟ فوقوع
الخلط والسهو منه(قدس سره) في ذلك غير بعيد .
وكيف كان ، فالعمدة في المسألة الإجماع ، وبعده التعليل على كونه دليلاً لكنّ
الثاني غير تامّ ; لعدم كون القصاص للتشفّي بل للحياة كما في كتاب الله أوّلاً ، وأ
نّه على صحّته اجتهاد في مقابل نصّ الكتاب ثانياً ، وعدم اختصاص التشفّي بالنسب ،
فإنّه موجود في الزوجين اللذين جعل كلّ منهما سكناً للآخر ، كما هو المعلوم
بالوجدان ثالثاً .
وأ مّا الأوّل ـ وهو العمدة بل الدليل الوحيد ـ فالاعتماد عليه مع احتمال
استنادهم جميعاً أو بعضهم بالعلّة المذكورة ومع كونه مخالفاً للقواعد والعمومات
مشكل ، كما أنّ رفع اليد منه مع كونه مخالفاً للقواعد ومع عدم النصّ أشكل بل ممنوع
، فإنّ الإجماع عليه تعبّدي .
هذا مع أنّ في عدم ردع الأئمّة المعصومين (عليهم السلام) ذلك وعدم إنكارهم
للعامّة ، شهادة على الرضى منهم بذلك .