إرث الإخوة والأخوات في القصاص
ثانيها : الإخوة والأخوات من قبل الاُمّ ومن يتقرّب بها ، ففي «الشرائع» : «وقيل
لايرث القصاص إلاّ العصبـة دون الإخوة والأخـوات مـن الاُمّ ومـن يتقرّب بها»[1233]
. ففي المسألة قولان :
أحدهما : عدم الاستثناء وأنّ غير العصبة كالعصبة في إرث القصاص ، وهو الظاهر
ممّن لم يستثنه من عموم ويرث القصاص من يرث المال .
ثانيهمـا : الاستثنـاء، وهـو للشيـخ في «النهايـة» [1234]
و «الاستبصـار» [1235] و«مختصر الفرائـض»[1236] ، وهـو
الأظهـر عند المحقّـق في «الشرائـع»[1237]
والشهيد فـي حواشيـه[1238] . بل عـن الحلّي في موضع مـن «السرائر» :
«إنّ كلالـة الاُمّ لاتـرث الديـة ولا القصاص ولا القـود بغير خـلاف»[1239]
، بل فـي تعليقات صاحب «مفتاح الكرامـة» على قصاص «اللثام» : «وقـد يظهر ذلك ـ أي
عـدم إرثهنّ ـ مـن «المقنعة»[1240] و «الخلاف»[1241]
و «الكافي»[1242] ، بناءً على أنّ إرث القصاص مترتب على إرث الدية ،
وستسمع أنّ الأكثر على أنّ المتقرّب بالاُمّ لايرث الدية»[1243] .
ولا يخفى أ نّه على ذلك ينبغي أن يكون خيرة غيرها أيضاً ، حيث إن الأكثر أو
المشهور على عدم إرث المتقرّب بالاُمّ لها من الدية ، لكن البناء غير تامّ ; للفرق
بين القصاص والدية ، فمن الممكن عدم الإرث من الدية التي تكون من أموال المقتول
وثابتة بالشرع أصالةً تخصيصاً في عموم أدلّة الإرث ، وذلك بخلاف القصاص الثابت
للورثة بالولاية وعموم : (وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ
سُلْطَاناً)[1244] فالمتّبع في كلٍّ منهما الدليل .
وبذلك يظهر عدم تماميّة الاستدلال ; للبناء المذكور ، والملازمة بين عدم الدية
وعدم القصاص بالأولوية بأ نّه إذا لم يكن للوارث الدية فليس له القصاص بطريق أولى ;
وذلك لما بيّنا من تفاوت البابين ، فأحدهما بالإرث وثانيهما بالولاية ، فلا اشتراك
بينهما حتّى تصح الأولويّة .
نعم ، بين القصاص والعفو ملازمة وجوداً وعدماً ; لكون العفو فرع القصاص لا
مقابلاً له ، كما أ نّه قد ظهر عدم صحّة الاستثناء ; لعموم أدلّة الولاية وعدم
الدليل على التخصيص ، إلاّ أن يقال بأنّ في شمول العموم فيها لمثلهنّ تأ مّل ، وكيف
كان ، فهو الأشبه ، كما في المتن .