عمانوئيل: من الناس من يدعو إلى الضلال وتكون دعواه ودعوته مقرونتين بالموانع العقلية والشرعية من صدقهما محفوفتين بالشواهد القيمة على كذبهما وامتناعهما كما في الأمثلة الذي ذكرتها في موانع النبوة فهل يجوز على جلال الله إظهار خارق العادة على يد مثل هذا فإنه ليس فيه إغراء بالجهل لكافة البشر ولا مصادمة لأدلة الهدى ولا إعانة على الضلال. الشيخ: إن لله توفيقات وعنايات وتسديدات خصوصية يراعي بها غير المتمردين عليه من عبادة الذين هم ضعفاء في المدارك وقاصرون في مجال التحقيق فإنه يرحمهم ولا يجعل للريب والفتنة مجالا في قصورهم وإن أوضح لهم الحق بأكمل إيضاح فلا يظهر خارق العادة على يد هذا الذي تذكره. اللهم إلا إذا تمرد الناس على الحق وأعرضوا عن الحجج الواضحة وعاندوا الأدلة الكافية واتبعوا لأجل ترويج أهوائهم كل ناعق فإنهم يخرجون عن أهليتهم للعناية والتوفيق والتسديد فتبقي الحكم الخصوصية في أعمال الله بلا جهة تعارضها.عمانوئيل: نجد أن معجزات الأنبياء لم تؤثر بالرسول والتصديق به ولم تنفع في كل الناس وخصوص المشاهدين لها والعالمين بها من أهل قطرها وعصرها بل نرى كثيرا منهم من جحد النبوة والرسالة ولم يبال بالمعجز. الشيخ: ليس المعجز تكوين يلجئ الناس إلى الإيمان والتصديق إلجاء بل هو حجة ودليل يهدي إلى الإيمان من لم يتلوث بالموانع وسفسطات التشكيك وعناد الأهواء، فلا يلزم فيه رفع الموانع التي احتجبوا بها عن نور عقولهم وشرف إنسانيتهم بسوء اختيارهم للعصبية والحسد واتباع الهوى والتقليد في أمر الدين مما لم يحتجبوا به في القليل والكثير من أمور معاملاتهم وأموالهم ومنازعاتهم وحججهم بل ترى لهم في أمورهم رشدا وتمييزا لما هو دون المعجز ودونه في الدلالة والحجة وترى لهم صحة استدلال واعتماد على العقل فيما هو أخفى من دلالة المعجز.