العقاب في المعاد - رحلة المدرسیّة والمدرسة السیّارة فی نهج الهدی نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

رحلة المدرسیّة والمدرسة السیّارة فی نهج الهدی - نسخه متنی

محمدجواد بلاغی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

العقاب في المعاد



العقاب في المعاد


الشيخ: قد تقدم مكررا أن الحكمة والنعمة اقتضتا أن يخلق الانسان مختارا في أفعاله وإرادته لكي يبتهج بذلك وبكماله الاختياري وينال سعادة الجزاء بابتهاج الاستحقاق والكرامة ومجد الأهلية والفضيلة فجعل الله له برحمته ولطفه قدرة واختيارا لأجل صلاحه الاختياري وبعثه على الكمال والسعي إلى كرامة الفضيلة ومجد الجزاء بالاستحقاق. ووهبه عقلا يهديه ببديهاته إلى ما يصلحه في شؤون شخصه ونوعه. وأيد ذلك بنعمة إرسال الرسل وإرشاد الأنبياء والأئمة والصالحين وأكمل ذلك وأتم النعمة بزواجر الوعيد بالعقاب الأخروي المجعول لغاية إصلاح الانسان بالتهديد به وتحذير الانسان من وبال الإثم الذي يرذله ويجعله من الساقطين المستحقين لذلك العقاب. ولأجل تحقيق التهديد والتحذير وغايتهما الحميدة في إصلاح الشخص وتكميله وصلاح النوع والاجتماع جعل الله العقاب حتميا في الجملة وأنذر بذلك وأكد الانذار لكيلا تغالطنا أهواؤنا فتسقط غاية التحذير والتهديد. وإن شئت الاعتبار لذلك لكي تذعن بحكمته وتعمه أسلاحه فانظر إلى الحكومات المعتنية بإصلاح المملكة وتكميل أفراد الرعية كيف تجعل قوانين العقاب وتجعل لكل جرم عقابا وتنذر بذلك. وبحسب استطاعتها لا تجعل لأهواء الرعية مجالا للمغالطة بتأمين المجرم من عقابه الذي يستحقه لئلا يستفحل التمرد. وإن الحكومات يلزمها تعجيل العقاب حذرا من أن يفوتها إجراؤه فتمحى صورة العقاب من المملكة ويبطل التهديد وفائدته في مهمة الاصلاح وتكميل الرعية. لكن الله الإله القادر الذي لا يفوته شئ قد أجل العقاب نوعا إلى الآخرة إمهالا لعباده لأجل استصلاحهم بالتوبة التي دعا إليها ورغب فيها ووعد التائب بالغفران والرحمة والجزاء ولأجل أن يعطيهم مجالا للتوبة والرجوع إلى الصلاح والاستقامة في سيرهم في نهج الكمال.. ألا وإن الاعتبار الصحيح والنظر الحر والفهم المستقيم المنزه تعرف الانسان أن العقاب والتهديد به وتأجيله نوعا والإمهال لأجل إصلاح التوبة قد أحاطت بها الحكمة والنعمة في إصلاح الانسان وتكميله باختياره من جميع الجهات.


ولأجل أن نظام المدنية وصلاح الاجتماع وقطع انتشار الغواية والفساد تحتاج إلى نوع من التأديب المعجل شرع الله في شريعته المدنية الاصلاحية نوعا من العقاب التأديبي وقرنه بجهات من الحكمة من حيث التوبة والعفو. لكن الانسان الأثيم تغالطه أهواؤه للتمرد في فساده بالشبهات التي لا يخفى فسادها كما ضرب اليعازر لذلك المثل المطابق.


في المعاد



في المعاد


عمانوئيل: ربما يسأل السائل ويقول: إن الانسان يذنب وهو صغير الجسم أو نحيفه ثم يكبر ويسمن ويموت فهل ينال العقاب هذا الزائد؟ بل إن بدن الانسان لا يزال في نمو وتحليل حتى إنه يمكن أن يقال. إن بدنه بواسطة التحليل والنمو الدائمين قد يتبدل في حياته مرارا فأي هذه يعود وأي هذه يعذب وينعم. الشيخ: يولد لك الولد طفلا صغيرا ثم يكبر وتتبادل هيئاته وصفاته ومقاديره ويتغير بتلك التغيرات التي يعسر إحصائها من حال طفوليته إلى زمان شيخوخته. وأنت تقول أيضا إن بدنه بواسطة النمو والتحليل يتبدل مرارا كثيرة. فهل تقول يا عمانوئيل: إن الذي هو ولدك حينما ولد قد تغير وتبدل مرارا فمن هو ولدك إذن من هذه الموجودات المتبادلة.


عمانوئيل: للانسان أنانية جسمانية مستقرة لا تتبادل وذلك لأنها تقوم بأجزاء أصلية لا تتبدل بل هي ثابتة من أول نشأته إلى آخر عمره. فكل زيادة بالنمو إنما هي إضافة محسنة وخادمة لها والذي يذهب بالتحليل إنما هي الأجزاء التي تنضاف إليه بالنمو فهذه الأجزاء التي تنضاف بالنمو وتذهب بالتحليل لا مداخلة لها في الحقيقة بالأنانية الانسانية الجسمية بل هي كأليف يتحد بالانسان زمانا ويفارقه. إن الانسان إذا سمن جدا ثم هزل جدا لا يقول نقصت ذاتي وأنانيتي الجسمانية. ومما يستأنس به لهذا البيان أن بعض الأجزاء إذا قطعت من الانسان لا تعود بالنمو وهذه هي التي يسميها الأطباء بالأجزاء المنوية فيستدل من ذلك أن النمو والتحليل لا مداخلة لها في ذات الأجزاء الأصلية التي تقوم بها أنانية الانسان الجسمانية. الشيخ: إذن فالذي يقوم به المعاد الجسماني هي تلك الأجزاء التي تقوم بها أنانية الانسان والثابتة من أول نشأته إلى آخر عمره لا تزول بالتحليل ولم يكن نشأها من النمو بواسطة الغذاء وهي محفوظة لأنانية صاحبها حيثما ذهبت. هذه يجمعها الله في المعاد من أين ما كانت (يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم) فيعود الانسان بما قامت به أنانيته الجسمانية في الحياة الدنيا. تلك الأجزاء التي أن أكل الانسان شيئا لا تزيد بذاتها وأن أكله غيره لا تكون جزءا أصليا تقوم به أنانية الأكل.


/ 482