من تخلّف عن بيعته - سیاست نامه امام علی(علیه السلام) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

سیاست نامه امام علی(علیه السلام) - نسخه متنی

محمد محمدی ری شهری، سید محمدکاظم طباطبایی، سید محمود طباطبایی نژاد، محمدعلی مهدوی راد؛ ترجمه: مهدی مهریزی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

من تخلّف عن بيعته

كانت بيعة الإمام عليه السلام عامّة شاملة، وقد اشترك فيها جميع المهاجرين والأنصار [ تاريخ دمشق: 437:42. ]، وتمام من كان في المدينة. وقد بايع الجميع عن اختيار كامل، وحرّية تامّة. ثمّ بايعه أهالي مكّة والحجاز والكوفة [ الفتوح: 439:2. ]

وقد صرّح الإمام عليه السلام بأنّ بيعته عامّة شاملة [ الكامل للمبرّد: 428:1؛ وقعة صفّين: 58، الإرشاد: 243:1. ]، كما صرّحت المصادر التاريخيّة الكثيرة باجتماع المهاجرين والأنصار على بيعة الإمام عليه السلام [ العقد الفريد: 311:3، تاريخ الطبري: 427:4، الكامل في التاريخ: 302:2. ]

لكن ذكرت بعض المصادر أخباراً تدلّ على تخلّف أمثال: عبد اللَّه بن عمر، وسعد بن أبي وقّاص، ومحمّد بن مسلمة، واُسامة بن زيد، وحسّان بن ثابت، وكعب بن مالك،وعبد اللَّه بن سلام، ومروان بن الحكم، وسعيد بن العاص، والوليد بن عقبة، عن البيعة [ الإرشاد: 243:1؛ تاريخ دمشق: 437:42، شرح نهج البلاغة: 47.9:4. ]

وفي تخلّف هؤلاء عن البيعة نظريّتان:

الاُولى: إنّ هؤلاء تخلّفوا عن بيعة الإمام، بل كانوا مخالفين لبيعته واقعاً. الثانية: إنّهم لم يخالفوا أصل البيعة، وأنّ ما ورد في النصوص مشعراً بذلك فهو بمعنى عدم مُسايرتهم للإمام في حروبه الداخليّة.

قال الحاكم النيسابوري- بعد ذكر الأخبار الواردة في بيعة الناس للإمام-:

أمّا قول من زعم أنّ عبد اللَّه بن عمر وأبا مسعود الأنصاري وسعد بن أبي وقّاص وأبا موسى الأشعري ومحمّد بن مسلمة الأنصاري واُسامة بن زيد قعدوا عن بيعته، فإنّ هذا قول مَن يجحد حقيقة تلك الأحوال، ثمّ ذكر أنّ هؤلاء بايعوا الإمام لكن لم يسايروه في حروبه الداخليّة؛ لأسباب دَعَتهم إلى ذلك، ممّا أوقع البعض في اعتقاد أنّهم مخالفين لبيعة الإمام عليه السلام [ شرح نهج البلاغة:9:4 و10. ]
وقد ارتضى هذا الرأي ابن أبي الحديد، ونسبه إلى المعتزلة في كتابه شرح نهج البلاغة [ شرح نهج البلاغه: 9:4 و10. ]

وإذا تأمّلنا نصوص الباب نجد أنّ أكثر من عُرف بالتخلّف عن البيعة قد بايع الإمام عليه السلام، لكنّ بيعة بعضهم- نظير: عبد اللَّه بن عمر، وسعد بن أبي وقّاص- لم تكن بمعنى الوفاء لقيادة الإمام؛ حيث أعلنوا صراحة عدم مرافقتهم للإمام في حروبه. كما أنّ بيعة بعض آخر منهم- نظير: مروان بن الحكم، وسعيد بن العاص، والوليد بن عقبة- كانت بدوافع سياسيّة.

ومن هنا يمكن عدّ هؤلاء في المتخلّفين عن البيعة؛ لأنّ بيعتهم لم تكن حقيقيّة وكاملة، كما يكن عدّهم في المبايعين؛ لاشتراكهم من المراسم الرسميّة للبيعة. وبهذا يمكن الجمع بين النظريّتين.

وهنا احتمال ثالث، وهو: أنّهم تخلّفوا عن البيعة العامّة الشاملة والتي كانت في المسجد، وقد اختلقوا أعذاراً لتوجيه ذلك، لكن لمّا تمّت البيعة واستحكمت خلافة الإمام عليه السلام رغبوا في البيعة.

ويؤيّد ذلك أنّ مروان بن الحكم والوليد بن عقبة وسعيد بن العاص جاؤوا إلى الإمام- بعد انتهاء البيعة العامّة- فبايعوه بعد نقاش.

كما يشهد له اعتراف عبد اللَّه بن عمر واُسامة بن زيد وسعد بن أبي وقّاص ببيعة الإمام علي عليه السلام، كما ورد في بعض النصوص.

38- الإمام عليّ عليه السلام- من كلامه حين تخلّف عن بيعته عبد اللَّه بن عمر، وسعد ابن أبي وقّاص، ومحمّد بن مسلمة، وحسّان بن ثابت، واُسامة بن زيد-: أيّها
الناس! إنّكم بايعتموني على ما بُويع عليه من كان قبلي، وإنّما الخيار إلى الناس قبل أن يبايعوا، فإذا بايعوا فلا خيار لهم. وإنّ على الإمام الاستقامة،وعلى الرعيّة التسليم. وهذه بيعة عامّة، من رغب عنها رغب عن دين الإسلام، واتّبع غير سبيل أهله، ولم تكن بيعتُكم إيّاي فلتة، وليس أمري وأمركم واحداً. وإنّي اُريدكم للَّه، وأنتم تريدونني لأنفسكم، وايم اللَّه لَأنصحنّ للخصم، ولاُنصفنّ المظلوم.

وقد بلغني عن سعد وابن مسلمة واُسامة وعبد اللَّه وحسّان بن ثابت اُمور كرهتُها، والحقّ بيني وبينهم [ الإرشاد: 243:1؛ المعيار والموازنة: 105، الأخبار الطوال: 140 وفيه إلى فلتة وكلاهما نحوه وراجع نهج البلاغة: الخطبة 136. ]

39- مروج الذهب: كان سعد واُسامة بن زيد وعبد اللَّه بن عمر ومحمّد بن مسلمة [ في الطبعة المعتمدة: سلمة وهو تصحيف، والصحيح ما أثبتناه كما في طبعة دار الهجرة: 15:3. ] ممّن قعد عن عليّ بن أبي طالب، وأبَوا أن يبايعوه، هم وغيرهم [ في الطبعة المعتمدة: هم غيرهم، والتصحيح من طبعة دار الهجرة: 15:3. ] ممّن ذكرنا من القعّاد، وذلك أنّهم قالوا: إنّها فتنة. ومنهم من قال لعليّ: أعطِنا سيوفاً نقاتل بها معك، فإذا ضربنا بها المؤمنين لم تعمل فيهم ونَبَتْ عن أجسامهم، وإذا ضربنا بها الكافرين سَرت في أبدانهم. فأعرض عنهم عليّ، وقال: وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لأََّسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ [ الأنفال: 23. مروج الذهب: 24:3. ]
40- تاريخ اليعقوبي: بايع الناس إلّا ثلاثة نفر من قريش: مروان بن الحكم، وسعيد بن العاص، والوليد بن عقبة- وكان لسان القوم- فقال: يا هذا، إنّك قد وَتَرتَنا جميعاً، أمّا أنا فقتلتَ أبي صبراً يوم بدر، وأمّا سعيد فقتلتَ أباه يوم بدر- وكان أبوه من نور قريش- وأمّا مروان فشتمتَ أباه وعِبتَ على عثمان حين ضمّه إليه... فتَبايَعنا على أن تضع عنّا ما أصبنا، وتعفي لنا عمّا في أيدينا، وتقتُل قتلة صاحبنا.

فغضب عليٌّ وقال: أمّا ما ذكرتَ من وتري إيّاكم، فالحقّ وَتَرَكم. وأمّا وَضعي عنكم ما أصبتُم، فليس لي أن أضع حقّ اللَّه تعالى. وأمّا إعفائي عمّا في أيديكم، فما كان للَّه وللمسلمين فالعدل يَسَعُكم. وأمّا قتلي قتلةَ عثمان، فلو لزمني قتلُهم اليومَ لزمني قتالهم غداً، ولكن لكم أن أحملكم على كتاب اللَّه وسنّة نبيّه، فمن ضاق عليه الحقّ فالباطل عليه أضيق، وإن شئتم فالحقوا بملاحقكم.

فقال مروان: بل نبايعك، ونقيم معك، فترى ونرى [ تاريخ اليعقوبي: 178:2؛ الفتوح: 442:2 و 443 نحوه. ]

41- تاريخ الطبري عن عبد اللَّه بن الحسن: لمّا قُتل عثمان بايعت الأنصار عليّاً إلّا نُفَيراً يسيراً؛ منهم حسّان بن ثابت، وكعب بن مالك، ومسلمة بن مخلّد، وأبو سعيد الخدري، ومحمّد بن مسلمة، والنعمان بن بشير، وزيد بن ثابت، ورافع بن خديج، وفضالة بن عبيد، وكعب بن عجرة؛ كانوا عثمانيّة.

فقال رجل لعبد اللَّه بن حسن: كيف أبى هؤلاء بيعة عليّ! وكانوا عثمانيّة؟!

قال:أمّا حسّان فكان شاعراً لا يُبالي ما يصنع. وأمّا زيد بن ثابت فولّاه عثمان الديوان وبيت المال، فلمّا حُصر عثمان قال: يا معشر الأنصار كونوا
أنصاراً للَّه... مرّتين. فقال أبو أيّوب: ما تنصره إلّا أنّه أكثر لك من العِضدان.فأمّا كعب بن مالك فاستعمله على صدقة مُزينة، وترك ما أخذ منهم له [ تاريخ الطبري: 429:4، الكامل في التاريخ: 303:2 وفيه العبدان بدل العضدان. ]

42- وقعة صفّين عن عمر بن سعد: دخل عبد اللَّه بن عمر وسعد بن أبي وقّاص والمغيرة بن شعبة مع اُناس معهم، وكانوا قد تخلّفوا عن عليّ، فدخلوا عليه، فسألوه أن يعطيهم عطاءهم- وقد كانوا تخلّفوا عن عليّ حين خرج إلى صفّين والجمل-.

فقال لهم عليّ: ما خلّفكم عنّي؟

قالوا: قُتل عثمان، ولا ندري أحلّ دمه أم لا، وقد كان أحدث أحداثاً ثمّ استتبتموه فتاب، ثمّ دخلتم في قتله حين قُتل، فلسنا ندري أصبتم أم أخطأتم! مع أنّا عارفون بفضلك- يا أميرالمؤمنين- وسابقتك وهجرتك.

فقال عليّ: أ لستم تعلمون أنّ اللَّه عزّ وجلّ قد أمركم أن تأمروا بالمعروف وتنهوا عن المنكر، فقال: إِن طَآلِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُواْ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا فَإِن م بَغَتْ إِحْدَلهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَتِلُواْ الَّتِى تَبْغِى حَتَّى تَفِى ءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ [ الحجرات: 9. ]؟

قال سعد: يا عليّ، أعطِني سيفاً يعرف الكافر من المؤمن؛ أخاف أن أقتل مؤمناً فأدخل النار.

فقال لهم عليّ: أ لستم تعلمون أنّ عثمان كان إماماً، بايعتموه على السمع والطاعة، فعلامَ خذلتموه إن كان محسناً!! وكيف لم تقاتِلوه إذ كان مسيئاً؟! فإن كان عثمان أصاب بما صنع فقد ظلمتم؛ إذ لم تنصروا إمامكم، وإن كان مسيئاً فقد
ظلمتم؛ إذ لم تعينوا مَن أمر بالمعروف ونهى عن المنكر، وقد ظلمتم إذ لم تقوموا بيننا وبين عدوّنا بما أمركم اللَّه به، فإنّه قال: قَتِلُواْ الَّتِى تَبْغِى حَتَّى تَفِى ءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ.

فردّهم ولم يُعطِهم شيئاً [ وقعة صفّين: 551. ]

43- المستدرك على الصحيحين- بعد ذكر الأخبار الواردة في بيعة الناس أميرالمؤمنين عليه السلام-: أمّا قول من زعم أنّ عبد اللَّه بن عمر وأبا مسعود الأنصاري وسعد بن أبي وقّاص وأبا موسى الأشعري ومحمّد بن مسلمة الأنصاري واُسامة بن زيد قعدوا عن بيعته، فإنّ هذا قول من يجحد حقيقة تلك الأحوال.... |ثمّ قال- بعد أن ذكر أسباب اعتزالهم|: فبهذه الأسباب وما جانَسها كان اعتزال من اعتزل عن القتال مع عليّ رضى الله عنه، وقتال من قاتله [ المستدرك على الصحيحين: 4596:124:3 و ص 4605:127. ]

44- الجمل عن أبي مخنف: إنّ أميرالمؤمنين عليه السلام لمّا همّ بالمسير إلى البصرة، بلغه عن سعد بن أبي وقّاص وابن مسلمة واُسامة بن زيد وابن عمر تثاقل عنه، فبعث إليهم. فلمّا حضروا قال لهم: قد بلغني عنكم هناتٍ كرهتُها، وأنا لا اُكرهكم على المسير معي، أ لستم على بيعتي؟

قالوا: بلى.

قال: فما الذي يُقعدكم عن صحبتي؟

فقال له سعد: إنّي أكره الخروج في هذا الحرب؛ لئلّا اُصيب مؤمناً، فإن أعطيتَني سيفاً يعرف المؤمن من الكافر، قاتلتُ معك!
وقال له اُسامة: أنت أعزّ الخلق عليَّ، ولكنّي عاهدتُ اللَّه أن لا اُقاتل أهل لا إله إلّا اللَّه...

وقال عبد اللَّه بن عمر: لست أعرف في هذا الحرب شيئاً، أسألك ألّا تحملني على ما لا أعرف.

فقال لهم أميرالمؤمنين عليه السلام: ليس كلّ مفتون معاتب، أ لستُم على بيعتي؟ قالوا: بلى. قال: انصرفوا فسيُغني اللَّه تعالى عنكم [ الجمل: 95. ]

45- تاريخ الطبري عن أبي المليح- في ذكر بعض ما جرى عند بيعة الإمام عليه السلام-: خرج عليّ إلى المسجد، فصعد المنبر و عليه إزار وطاق وعمامة خزّ ونعلاه في يده، متوكّئاً على قوس، فبايعه الناس.

وجاؤوا بسعد، فقال عليّ: بايع. قال: لا اُبايع حتى يبايع الناس، واللَّه ما عليك منّي بأس. قال: خلّوا سبيله.

وجاؤوا بابن عمر، فقال: بايع. قال: لا اُبايع حتى يبايع الناس. قال: ائتني بحميل. قال: لا أرى حميلاً. قال الأشتر: خلِّ عني أضرب عنقه! قال عليّ: دعوه؛ أنا حميلُه، إنّك- ما علمتُ- لَسيّئ الخلق صغيراً وكبيراً [ تاريخ الطبري:428:4. ]

46- شرح نهج البلاغة: ذكر أبو مخنف في كتاب الجمل أنّ الأنصار والمهاجرين اجتمعوا في مسجد رسول اللَّه صلى الله عليه وآله؛ لينظروا من يولّونه أمرهم، حتى غصّ المسجد بأهله، فاتّفق رأي عمّار وأبي الهيثم بن التيّهان ورفاعة بن رافع
ومالك بن عجلان وأبي أيّوب خالد بن زيد [ في المصدر: يزيد، والصحيح ما أثبتناه كما في كتب الرجال. ] على إقعاد أميرالمؤمنين عليه السلام في الخلافة. وكان أشدّهم تهالكاً عليه عمّار، فقال لهم: أيّها الأنصار، قد سار فيكم عثمان بالأمس بما رأيتموه، وأنتم على شرف من الوقوع في مثله إن لم تنظروا لأنفسكم، وإنّ عليّاً أولى الناس بهذا الأمر؛ لفضله، وسابقته!

فقالوا: رضينا به حينئذٍ.

وقالوا بأجمعهم لبقيّة الناس من الأنصار والمهاجرين: أيّها الناس، إنّا لن نألوكم خيراً وأنفسنا إن شاء اللَّه، وإنّ عليّاً من قد علمتم، وما نعرف مكان أحد أحمل لهذا الأمر منه، ولا أولى به.

فقال الناس بأجمعهم: قد رضينا، وهو عندنا ما ذكرتم وأفضل.

وقاموا كلّهم، فأتوا عليّاً عليه السلام، فاستخرجوه من داره، وسألوه بسطَ يده، فقبضها، فتداكّوا عليه تداكّ الإبل الهِيم على وِردها، حتى كاد بعضهم يقتل بعضاً، فلمّا رأى منهم ما رأى سألهم أن تكون بيعته في المسجد ظاهرة للناس، وقال: إن كرهني رجلٌ واحد من الناس لم أدخل في هذا الأمر.

فنهض الناس معه حتى دخل المسجد، فكان أوّل من بايعه طلحة. فقال قبيصة ابن ذؤيب الأسدي: تخوّفت أن لا يتمّ له أمره؛ لأنّ أوّل يد بايعته شلّاء. ثمّ بايعه الزبير، وبايعه المسلمون بالمدينة، إلّا محمّد بن مسلمة، وعبد اللَّه بن عمر، واُسامة بن زيد، وسعد بن أبي وقّاص، وكعب بن مالك، وحسّان بن ثابت، وعبد اللَّه بن سلام.

فأمر بإحضار عبد اللَّه بن عمر، فقال له: بايع. قال: لا اُبايع حتى يبايع جميع
الناس. فقال له عليه السلام: فأعطني حميلاً أن لا تبرح. قال: ولا اُعطيك حميلاً. فقال الأشتر: يا أميرالمؤمنين، إنّ هذا قد أمن سوطَك وسيفَك، فدعني أضرب عنقه! فقال: لستُ اُريد ذلك منه على كره، خلّوا سبيله. فلمّا انصرف قال أميرالمؤمنين: لقد كان صغيراً وهو سيّئ الخلق، وهو في كبره أسوأ خلقاً.

ثمّ اُتي بسعد بن أبي وقّاص، فقال له: بايع. فقال: يا أبا الحسن خلّني، فإذا لم يبقَ غيري بايعتُك، فواللَّه لا يأتيك من قبلي أمر تكرهه أبداً. فقال: صدق، خلّوا سبيله.

ثمّ بعث إلى محمّد بن مسلمة، فلمّا أتاه قال له: بايع. قال: إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله أمرني إذا اختلف الناس وصاروا هكذا- وشبّك بين أصابعه- أن أخرج بسيفي فأضرب به عرض اُحد فإذا تقطّع أتيت منزلي، فكنت فيه لا أبرحه حتى تأتيني يد خاطية، أو منيّة قاضية. فقال له عليه السلام: فانطلق إذاً، فكن كما اُمرت به.

ثمّ بعث إلى اُسامة بن زيد، فلمّا جاء قال له: بايع. فقال: إنّي مولاك، ولا خلاف منّي عليك، وستأتيك بيعتي إذا سكن الناس. فأمره بالانصراف، ولم يبعث إلى أحد غيره.

وقيل له: أ لا تبعث إلى حسّان بن ثابت، وكعب بن مالك، وعبد اللَّه بن سلام؟ فقال: لا حاجة لنا فيمن لا حاجة له فينا.

فأمّا أصحابنا فإنّهم يذكرون في كتبهم أنّ هؤلاء الرهط إنّما اعتذورا بما اعتذورا به لما ندبهم إلى الشخوص معه لحرب أصحاب الجمل، وأنّهم لم يتخلّفوا عن البيعة، وإنّما تخلّفوا عن الحرب.

وروى شيخنا أبو الحسين في كتاب الغرر: أنّهم لمّا اعتذروا إليه بهذه الأعذار،قال لهم: ما كلّ مفتون يُعاتب، أعندكم شكّ في بيعتي؟ قالوا: لا. قال: فإذا بايعتم فقد قاتلتم، وأعفاهم من حضور الحرب. [ شرح نهج البلاغة: 8:4. ]

/ 170