لو فعله قصدا لم يضمنه بغير خلاف و كان عليه ضمان الاعمى و لو لم يكن سببا لم يلزمه ضمان بقصده لكان له وجه الا أن يكون مجمعا عليه فلا تجوز مخالفة الاجماع و يحتمل أنه إنما لم يجب الضمان على القائد لوجهين ( أحدهما ) أنه مأذون فيه من جهة الاعمى فلم يضمن ما تلف به كما لو حفر له بئرا في داره باذنه فتلف بها ( الثاني ) أنه فعل مندوب اليه مأمور به فأشبه ما لو حفر بئرا في سابلة ينتفع بها المسلمون فانه لا يضمن ما تلف بها ( فصل ) فان سقط رجل في بئر فتعلق بآخر فوقعا معا فدم الاول هدر لانه مات من فعله و على عاقلته دية الثاني ان مات لانه قتله بجذبته فان تعلق الثاني بثالث فماتوا جميعا فلا شيء على الثالث و على عاقلة الثاني ديته في أحد الوجهين لانه جذبه و باشره بالجذب و المباشرة تقطع حكم السبب كالحافر مع الدافع ( و الثاني ) ديته على عاقلة الاول و الثاني نصفين ، لان الاول جذب الثاني الجاذب للثالث فصار مشاركا للثاني في إتلافه ودية الثاني على عاقلة الاول في أحد الوجهين لانه هلك بجذبته و ان هلك بسقوط الثالث عليه فقد هلك بجذبة الاول و جذبة نفسه للثالث فسقط فعل نفسه كالمصطدمين و تجب ديته بكمالها على الاول ذكره القاضي ( و الوجه الثاني ) يجب على الاول نصف ديته و يهدر نصفها في مقابلة فعل نفسه و هذا مذهب الشافعي ، و يتخرج وجه ثالث و هو وجوب نصف ديته على عاقلته لورثته كما قلنا فيما إذا رمى ثلاثة بالمنجنيق فقتل الحجر أحدهم ، و أما الاول إذا مات بوقوعهما عليه ففيه الاوجه الثلاثة لانه مات من جذبته و جذبة الثاني للثالث فتجب ديته كلها على عاقلة الثاني و يلغى فعل نفسه على الوجه الاول ، و على الثاني يهدر نصف ديته المقابل لفعل نفسه و يجب نصفها على الثاني ، و على الثالث يجب نصفها على عاقلته لورثته ، و ان جذب الثالث رابعا فمات جميعهم بوقوع بعضهم على بعض فلا شيء على الرابع لانه لم يفعل شيئا في نفسه و لا غيره ، و في ديته وجهان ( أحدهما ) أنها على عاقلة الثالث المباشر لجذبه ( و الثاني ) على عاقلة