آفاق الروایة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

آفاق الروایة - نسخه متنی

محمد شاهین

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


وفي الستينيات، قامت البنيوية ربما على أنقاض الوجودية ونادت بأن الذي يتحكم في حياتنا بناء خفي لغوي يفوق استيعاب أي قدرة ذاتية. ويرجع تاريخ البنيوية إلى العالم السويسري ديسوسور الذي نظر إلى اللغة على أنها نظام إشارات. ومن رواد البنيوية العالم الأنثروبولوجي ليفي شتراوس والماركسي الثوسير. وقد ذاع صيت البنيوية على مدى عقدي الستينيات والسبعينيات، وهي في مجملها محاولة لخلق منظور علمي للثقافة والمجتمع، يتخطى حدود الدراسات الإنسانية التقليدية. لكن البنيوية لم تعمر طويلاً لكثرة ما شابها من غموض، ولتطرفها في التركيز على نظام العالم الخارجي على حساب الذات.

وعندما دبَّ الضعف في البنيوية ظهرت نظريات مناهضة فندت مكونات البنيوية، وأهمها هي النظريات ما بعد البنيوية وما بعد الحداثة والتفكيكية. وهي جميعاً على عكس البنيوية لا تعيد الاعتبار إلى الذات. هذه النظريات لا تلغي ما قبلها، أي ما قبل البنيوية بل أنها تضعها في منظور جديد يحاول الإبقاء على الذات والعالم الخارجي مع أنها لا تتوقع للذات جواباً موضوعياً في العالم الخارجي، كما تفعل الماركسية وعلم النفس. وأصبحت المسألة ليست مسالة إنقاذ الذات أو تجاهلها، بل الاحتفاظ بها وتحليل ما حولها من علاقات إنسانية لها شأن بها. هذا هو دريدا مثلاً زعيم التفكيكية ينادي بالتأكيد على وجود هوية اعتبارية للذات القومية لأمة ما، ولكن دون التقليل من شأن الذات الأخرى لقومية أمة مختلفة، ويؤكد على أن الاختلاف بين قومية وأخرى يجب ألا يؤدي إلى نظرة فوقية، أو عدوانية، أو استعمارية كما حصل في الماضي عندما كانت القومية سلاحاً في أيدي أصحابها يشهرونه في وجه الآخرين بسبب التمييز الذي يمنحونه لقوميتهم على حساب القوميات المختلفة الأخرى، ويوضح دريدا قوله إنه ليس من الحق أن يقول الانكليز أو الألمان أو الفرنسيون نحن المسؤولون عن حقوق الإنسان في أوروبا أو في العالم، أو أن يقول اليهود نحن شعب الله المختار. ويبيّن دريدا أيضاً أن هنالك فرقاً بين من يقول أنا فرنسي، أتكلم الفرنسية، وعندما أكون في بريطانيا أتكلم الانجليزية، وأحاضر في روسيا بالانجليزية، وبين من يقول أنا فرنسي لا أرضى لغير الفرنسية بديلاً.

السندباد: حكاية العودة:

من الشعر إلى القصة

أصبحت حكايات السندباد جزءاً هاماً من التراث القصصي العالمي. فمنذ أن دخلت ألف ليلة وليلة بلاد الغرب في أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر على يد أنطوان جالان، والسندباد يتشكل في القصص الغربي بأشكال تباينت بتباين الأمكنة والأزمنة والأشخاص الذين جذبتهم هذه الحكايات من روائيين وفنانين. وللحديث عن هذا الموضوع مجال خارج هذا المجال، إذ إن الأمر هنا مقصور على حكايات السندباد وتأثيرها في الكاتب العربي الحديث وتوظيفها من قِبَل بعض الشعراء والقصاصين الذين وجدوا في السندباد مصدر إلهام ساهم مساهمة جليلة في تكوين وعي فني جديد لديهم، أدى إلى تشكيل صورة جديدة للسندباد تنسحب عليها وتخرج منها هموم الكاتب العربي الحديث ومجتمعه.

أول مبادرة رائدة استطعت أن أعثر عليها في هذا السياق، هي مبادرة ميشيل عفلق. ففي عام 1936، قام ميشيل عفلق بنشر قطعتين نثريتين استقاهما من حكايات السندباد. الأولى قصة بعنوان "السندباد وعشقيته"، وهي قصة مكثفة تصدرتها مقدمة قصيرة تبدو كأنها مكتوبة من قِبَل المحرر، لكنها تنطق بلسان حال الكاتب نفسه، وأغلب الظن أنها وضعت من كاتب القصة نفسها. وفي جميع الأحوال لا تؤثر هوية واضعها في القصة نفسها، إذ إنها تأتي منسجمة مع القصة، بل وتدخل في تكوينها الفني، فهي إعلان صريح من كاتب المقدمة أن القصة خارجة عن المألوف من القصص التي تتكون عادة من تسلسل الحوادث النمطي الذي يهتم برواية الحدث تلو الآخر من البداية إلى النهاية، وتنتهي القصة دون أن تترك أثراً خارج التسلية التي تعتمد على وقوع الأحداث متتالية.

يعبر ميشيل عفلق في المقدمة عن حرصه الشديد على تقديم فن جديد في الأدب العربي مناهضاً للتقاليد المعروفة التي يرى فيها عيباً ظاهراً يميز- على حد قوله- الأدب العربي المعاصر بجملته. وتعلن المقدمة عن كاتب القصة أنه أديب جديد يتمتع بخيال يحلق فيما يكتب، كذلك تبين المقدمة قدرة الكاتب على التكثيف وعلى تصوير حالة نفسية عميقة يهدف منها إلى الدخول في نفسية السندباد بدلاً من تتبع حوادثه، وبهذا يكون على وعي بالتجديد وتقديم السندباد إلى عالم الحداثة.

/ 137