محزانا ساكن الغضب إلا في أمر عظيم و ثبتغضبه دون ثبات الحار المزاج الذي يشاكلهفي سائر الأوصاف و فوق ثبات الرقيق القوامو يكون حقودا.
قال الشيخ في سبب شدة الفرح في شارب الخمرو شدة الغم في السوداوي
أما الأول
فلأن الخمر إذا شربت باعتدال ولدت روحاكثيرة معتدلة في الرقة و الغلظ شديدةالنورانية و ذلك هو السبب الأول و سببيتهللفرح أن الروح إذا كانت كثيرة معتدلةساطعة يستعد للانفعال من أدنى سبب منالمفرحات فإن المستعد للشيء يكفيه أضعفأسبابه مثل الكبريت في الاشتعال فإنهيشتعل بأدنى نار لا يشتعل الحطب بأضعافهاو لهذا يكثر فرح شارب الخمر حتى يظن به أنهيفرح لذاته و ليس كذلك لأن حدوث أثر لا عنمؤثر محال.
و السبب الثاني
أن تلك الأرواح يكون الدماغية منها شديدةالرطب و شديد التموج لما يتصعد إليها منالبخارات الرطبة المضطربة فلرطوبتها لايذعن للتحريك اللطيف الروحاني ولاضطرابها لا يذعن للتشكيل الروحاني وحينئذ يصعب على العقل أن يستعمله فيالحركات الفكرية فيعرض القوة العقليةعنها إعراضا بقدر مقتضى حالها ريثما يعتدلمزاجها و يسكن تموجها.
و إذا قل استعمال العقل لتلك الأرواح صارتتلك الأرواح مشغولة بما يرد عليها منالأسباب الخارجة و لذلك تأثرها من الأسبابالنافعة في اللذة أكثر من تأثرها منالأسباب النافعة في الجميل و من النافعةفي الحال أكثر من النافعة في المستقبل و منالذي بحسب الظن أكثر من الذي بحسب العقل.
و السبب الثالث
أن الحس الظاهر أقدر على تحريك الروحالباطن من العقل على تحريكه و لذلك فإنالعقل إذا استصعت الروح الباطن عليهاستعان بالحس فيمكن منه كما في العلومالهندسية و إذا كان كذلك قل تأثيرالمفرحات المستقبلة و الجميلة و العقليةفي نفس الشارب و استولى عليه تأثرالمفرحات اللذيذة و العاجلة