الفصل الخامس المهدي المنتظر يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما - حقیقة الاعتقاد بالإمام المهدی المنتظر نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

حقیقة الاعتقاد بالإمام المهدی المنتظر - نسخه متنی

أحمد حسین یعقوب اردنی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

وليس من المستبعد أيضا بأن النبي عندما أخبر الأمة بما كان وما هو كائن،
أن يكون قد قال للعباس بأن ذرية العباس ستستولي على الخلافة بالقوة يوما ما،
وأن من جملة ملوكهم أو خلفائهم رجال يلقبون أحدهم بالسفاح والآخر
بالمنصور، والثالث بالمهدي. ومصطلح المهدي مجرد لقب لقب به وعرف به،
وهذا اللقب لا يجعل منه المهدي الذي بشر به الرسول، فإذا سميت ابنك أو أحد
الملوك بالمهدي فهل يصبح بموجب هذه التسمية المهدي الذي بشر به
رسول الله ؟ ؟!

ومن المؤكد أن العباسيين كانت لهم دولة، وكانت لهذه الدولة أجهزتها
السرية المكلفة بدعم النظام والمحافظة عليه بالأساليب الخفية، كما تفعل الدول
اليوم، ومن الجائز أن تكون الدولة قد استغلت إخبار الرسول للعباس، بما هو
كائن، فطورت هذا الحديث واختلقت توابعه!! مع أن كافة الأحاديث المتعلقة
بمهدي العباسيين ساقطة بكل الموازين التي أوجدها علماء الحديث، ومعارضة
لأحاديث المهدي المنتظر الصحيحة والمتواترة عندهم.

وليس من المستبعد أن تكون أحاديث مهدي العباسيين، ومهدي الأمة
المجهول، أو نفي فكرة المهدي عن الجميع وقصرها على عيسى ابن مريم من
اختلاق الأمويين وأوليائهم لنفس الغايات والأهداف التي أشرنا إليها وتفصيل
ذلك:

أن الخلفاء الثلاثة الأول كانوا قد منعوا كتابة ورواية الأحاديث النبوية،
وأحرقوا المكتوب منها، ورفعوا شعار (حسبنا كتاب الله)، ولم يأذنوا برواية إلا ما
يتفق مع توجهاتهم وسياساتهم.

وعندما آلت الخلافة إلى علي بن أبي طالب بدأ نشر الحديث بأسلوب
المناشدة والاستشهاد بقدامى المحاربين من الصحابة، وأوشكت الأمور أن
تتضح، وكاد الحبل أن يفلت من بناة دولة الخلافة وأوليائهم، ولكن في بداية
الطريق برز معاوية بن أبي سفيان والي الشام، وأحد مؤسسي نظام الخلافة، وأبرز
أركان دولة الخلفاء الثلاثة الأول، وعندما غلب معاوية أمة محمد واستولى بالقوة
على منصب الخلافة، قاد بنفسه حملة كبرى لرواية وكتابة أحاديث الرسول

المتعلقة (بالفضائل فقط) فأصدر سلسلة من المراسيم الملكية إلى كافة ولاته
وأمرائه وعماله أمرهم فيها:

1 - بأن يرووا فضائل الخلفاء الثلاثة الأول وأن يركزوا تركيزا خاصا على
فضائل الخليفة الثالث، وبعد ذلك يروون فضائل الصحابة.

2 - أن لا يتركوا فضيلة لعلي بن أبي طالب أو أحد من أهل البيت إلا
ويضعوا فضيلة لأحد من الصحابة تنقضها وتشابهها. (راجع شرح النهج
لابن أبي الحديد ج 3 ص 595. وما فوق نقلا عن المدائني في كتابة الأحداث:

(تحقيق حسن تميم)) وأمر معاوية الولاة والعمال والأمراء بأن يقربوا الرواة،
ويجزلوا لهم العطايا والإقطاعات. وفجأة انشقت الأرض عن آلاف الرواة الذين
رووا عشرات الألوف من أحاديث الفضائل التي لا أصل لها، والتي اختلقت
لإرغام أنوف بني هاشم كما يقول ابن نفطويه، ولما تحقق لمعاوية ما أراد، وقدر
أن فضائل أهل بيت النبوة قد ضاعت، أو فقدت قيمتها، وأن مكانتهم الدينية قد
تلاشت تماما أمر معاوية بتدريس هذه المرويات في المدارس والجامعات
والمعاهد، وفرض على العامة والخاصة تعلمها وحفظها، ودامت الحال حتى
أواخر عهد الأمويين وبعد سقوط الدولة الأموية، ورفع الحظر والمنع عن رواية
وكتابة أحاديث الرسول في بداية العهد العباسي نقل علماء الحديث كافة الروايات
التي تمخضت عنها حملة معاوية، والتي احتضنتها الدولة الأموية وعممتها، وهي
روايات متقنة من حيث الشكل لأنها قد وضعت تحت إشراف دولة ومن الممكن
جدا بل ونكاد أن نقطع، بأن (لا مهدي إلا عيسى، والمهدي من ولد العباس،
والمهدي رجل من الأمة)، كانت من هندسة معاوية وولاته ورواته لأنها تتفق مع
المراسيم الملكية التي أصدرها في بداية عهده، وتخدم ذات الغاية: (لا تتركوا
فضيلة لأبي تراب أو لأحد من أهل بيته إلا وتأتوني بمناقض لها من الصحابة)
وكون المهدي من صلب علي فضيلة بموازين معاوية، وحتى تنقض هذه الفضيلة،
لا بد من نفي فكرة المهدي، وإلصاقها بشخص آخر، وليكن عيسى ابن مريم ولما
أدرك رجال معاوية أن النفي غير ممكن جعلوا المهدي نكرة من أفراد الأمة، ولما
أدركوا عدم معقولية الفكرة، جعلوا المهدي من ولد العباس..

وجاء علماء الحديث فنقلوا مرويات معاوية وطاقمه، كما هي ودونوها في
صحاحهم ومسانيدهم ومؤلفاتهم باعتبارها جزءا من وثائق الدولة الإسلامية، ولأن
رعايا الدولة كلها قد أطلعوا عليها، وتعلموها. هذه هي الجذور التاريخية
لأحاديث (لا مهدي إلا عيسى، والمهدي رجل من الأمة، والمهدي رجل من ولد
العباس)، وهي محض اختلاق، وأثر من آثار حملة الرواية التي قادتها دولة معاوية
وطواقمها.

وهذه الأحاديث (لا مهدي إلا عيسى والمهدي مجرد رجل من الأمة،
والمهدي من ولد العباس) تتعارض مع الأحاديث الصحيحة والمتواترة ومع إجماع
الأمة ومع إجماع أهل بيت النبوة وأوليائهم وهي ساقطة بكل موازين علم
الحديث. والاهم أن وقائع التاريخ تناقضها وتكذبها تماما).

الفصل الخامس المهدي المنتظر يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما

من السمات البارزة، والبنى الأساسية التي تستند عليها نظرية المهدي
المنتظر في الإسلام هي التأكيدات النبوية القاطعة، بأن المهدي الذي بشر النبي
بظهوره ذات يوم سوف يملأ الأرض بالقسط والعدل تماما، كما ملئت قبل ظهوره
بالجور والظلم.

فأهل بيت النبوة مجمعون على أنهم قد سمعوا تلك التأكيدات القاطعة من
رسول الله، وأنهم قد تناقلوها جيلا بعد جيل، وورثوها من النبي مع نفائس علمي
النبوة والكتاب، وسماعهم لهذه التأكيدات واستيعابهم لها من الأمور اليقينية التي
لا يشكون إطلاقا بصحتها، وهي متواترة عندهم ويرسلها الكبير والصغير منهم
إرسال المسلمات، وتبعا لإجماع أهل بيت النبوة المشهود لهم إلهيا، بالطهر
والتميز والملازمة الدائمة لرسول الله أثناء حياته، وبوراثتهم لعلمي النبوة والكتاب
أجمعت شيعتهم على أن هذه التأكيدات قد صدرت من الرسول بالفعل، فهي مع
بقية البنى الأساسية من نظرية المهدي المنتظر تشكل جزءا أساسيا من معتقدهم
الإسلامي، وسمة مميزة من مذهبهم الديني.

أما الخلفاء التاريخيون وشيعتهم (أهل السنة) فقد توصلوا إلى ذات النتائج
المتعلقة بهذه التأكيدات، فصحت عندهم كافة الأحاديث النبوية التي تؤكد بأن.

المهدي المنتظر سيملأ الأرض قسطا وعدلا، كما ملئت جورا وظلما، وتواترت
هذه التأكيدات، وأرسلها علماء أهل السنة الأعلام إرسال المسلمات أيضا،
وجزموا بأن هذه التأكيدات قد صدرت عن رسول الله بالفعل.

مما يعني أن الأمة بشقيها: (أهل بيت النبوة ومن والاهم والخلفاء
التاريخيون ومن والاهم)، مجمعون على أن رسول الله قد بين للمسلمين وأكد لهم
بأن المهدي المنتظر سيملأ الأرض قسطا وعدلا، كما ملئت جورا وظلما، وهم
جميعا قد جزموا بأن هذه الأحاديث قد صدرت من رسول الله بالفعل، وهم على
يقين بأن هذه المهمة: (مل ء الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما) من
المبررات والأسباب الأساسية، لظهور المهدي المنتظر، ويعتقد الجميع بذلك،
ويؤمنون به، وقد شكل هذا الاعتقاد جزءا من عقيدة المسلمين الدينية.

فبعد موت النبي بقليل حلت عرى الإسلام كلها، عروة بعد عروة، ورفع
الحكم الإلهي من الأرض، وصار الملك الذي تمخضت عنه النبوة. بحوزة من
غلب، وحيل بين المرجع الديني المعتمد من الله ورسوله، وبين ممارسة مهام
مرجعيته، وبموت النبي وانتهاء عهده العظيم، وبتحييد المرجع الديني، فقد العالم
النموذج الأمثل، وحل الرأي محل النص، وشاع الاجتهاد مع وجود النص، وإن
جرت محاولات لتطبيق النصوص الشرعية، فإنها قد فشلت، لأن تطبيق النصوص
الشرعية يحتاج إلى أهلية وإعداد خاص لا يتوفر إلا بالنبي، أو الإمام المؤهل إلهيا
من بعده، وهذا مبدأ مسلم به حتى في القوانين الوضعية، فالجهة المؤهلة لإصدار
حكم قطعي مبرم حائز على الحقيقة القانونية هي محكمة التمييز، أو محكمة
النقض، وأعضاؤها يشكلون أو من المفترض أن يشكلوا ويكونوا قمة الفهم
والوعي القانوني، بحيث لا يعلو فهمهم فهم، ولا وعيهم وعي، فإذا كانت
القوانين التي يضعها البشر قد وصلت إلى هذا المستوى من التقنية القانونية، فلا
تتعجب من قولنا بأن النص الشرعي يحتاج تطبيقه إلى نبي، أو إمام مؤهل ومعد
إلهيا. فضلا عن ذلك فإن الإسلام كشريعة لا يؤتي أكله كاملا إلا إذا طبق كاملا،
وبقيت عراه - خاصة نظام الحكم - كلها متماسكة، ولم تحل..

والخلاصة أنه وبعد موت النبي، وحل عرى الإسلام، والاستيلاء على
منصب الخلافة بالقوة والتغلب، وحلول الآراء محل النصوص والعمل
بالاجتهادات، مع وجود النصوص الشرعية، رفع الحكم الإسلامي عمليا من واقع
الحياة، ولم يبق من الإسلام إلا الهيكل أو الشكل الخارجي اللازم للمحافظة على
الملك وتوسيعه باسم الإسلام.

بمعنى أن حكما وضعيا له طبيعة دينية قد دخل الساحة الدولية المكتظة
بالأحكام والمنظومات الوضعية، والمستندة إلى الآراء الشخصية القابلة للصواب
والخطأ، وأن الساحة الدولية قد خلت تماما من أي منظومة حقوقية إلهية، ومن أي
ترشيد إلهي عملي لحركة العالم السياسية، مما يعني أن المناخ الملائم لنشوء
الظلم ونموه وترعرعه قد نشأ، وأخذ ساعد الظلم يشتد بهذا المناخ يوما بعد يوم،
حتى ألقى الظلم أجرانه على الأرض فعلا، فالناس يقدسون اليوم عقيدة وضعية،
وتتبناها دوله، وتقدمها على أساس أنها أكسير الحياة، وبعد تطبيقها وبوقت يطول
أو يقصر يكتشف الناس فساد هذه العقيدة، وتعترف الدولة بهذا الفساد وتأتي
عقائد أخرى، ثم تموت، ولا تثمر إلا الظلم والمعاناة، حتى صار الظلم من أبرز
الموجودات على وجه الأرض.

بعد أن يجرب العالم كل شئ، ويلجأ لكل رأي، ويختبر كل عقيدة
وضعية، ثم يكتشف أن ما جرب وما لجأ إليه، وما اختبر، لم يثمر إلا الظلم
وعندما يحس كل واحد من أفراد الجنس البشري بوطأة الظلم وهوله، وعندما
تمتلئ الكرة الأرضية، ويكتوي الجميع بنار الظلم، هنالك فقط يعرفون قيمة
القسط والعدل، عندئذ يظهر الإمام المهدي المنتظر ومعه عقيدة الإسلام من أنقى
المصادر، فيقوم بتطبيقها، فتثمر الحكم الإلهي ويثمر الحكم الإلهي العدل
والقسط، وعندما يذوق أبناء الجنس البشري طعم العدل الحقيقي يعشقونه،
ويعشقون الذي جاء به ويكرهون الظلم الذي كوى قلوبهم، وبفترة وجيزة، تقتلع
جذور الظلم من الكرة الأرضية، ويحل محلها العدل المطلق، والقسط المطلق
الذي يتولى المهدي المنتظر وبالإشراف الإلهي نشرهما، حتى يلقيا أجرانهما في
الأرض. وهذا هو الجانب الحقوقي من عصر المهدي المنتظر الذهبي..

نماذج من الأحاديث النبوية التي تؤكد بأن المهدي سيملأ الأرض عدلا وقسطا

1 - قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا تقوم الساعة حتى تمتلئ الأرض ظلما وعدوانا. ثم
يخرج رجل من عترتي أو أهل بيتي يملؤها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وعدوانا).

(راجع معجم أحاديث المهدي ج 1 ص 104، ومسند أحمد ج 3 ص 36،
وابن حبان ج 8 ص 290 - 291، والحاكم ج 4 ص 557)....

2 - (لا تقوم الساعة حتى يملك رجل من أهل بيتي... يملأ الأرض عدلا
كما ملئت قبله ظلما...). (راجع مسند أحمد بن حنبل ج 3 ص 17، وأبو يعلى
ج 1 ص 367 ح 1128، وابن حبان ج 8 ص 291، ومجمع الزوائد ج 7
ص 314، والحاوي للسيوطي ج 2 ص 63، ومعجم أحاديث الإمام المهدي
ج 1 ص 108 - 110).

3 - (تملأ الأرض ظلما وجورا، ثم يخرج رجل من عترتي... فيملأ
الأرض قسطا وعدلا). (الحاكم ج 4 ص 558، وعقد الدرر ص 16، نقلا عن
البيهقي، ومسند أحمد ج 3 ص 28.... ومعجم أحاديث المهدي) ج 1
ص 110 - 111).

4 - (يخرج في آخر الزمان رجل من ولدي... يملأ الأرض عدلا كما ملئت
جورا). (تذكرة الخواص ص 363، منهاج السنة لابن تيمية ج 4 ص 261).

5 - (لو لم يبق من الدهر إلا يوم لبعث الله رجلا من أهل بيتي يملأها عدلا
كما ملئت جورا). (ابن أبي شيبة ج 15 ص 198، وأبو داود ج 4 ص 107،
والبزار ج 1 ص 104... ومعجم أحاديث الإمام المهدي ج 1 ص 119 -
122).

6 - ومثله قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (المهدي مني.. يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت
جورا وظلما). (ابن حماد ص 100، عبد الرزاق ج 11 ص 372، والترمذي
على ما في مطالب السؤول، والمنار المنيف، والنسائي على ما في عقد الدرر،
والطبراني على ما في بيان الشافعي، والحاكم ج 1 ص 57... وراجع معجم
أحاديث الإمام المهدي ج 1 ص 126 128)..

الفصل السادس المهدي المنتظر سيملك العالم كله ويكون دولة عالمية

أهل بيت النبوة مجمعون على أن الإمام المهدي المنتظر سيملك العالم بعد
وقت قصير من ظهوره، وستكون له دولة عالمية، تصبح كل أقاليم الكرة الأرضية
ولايات لها، ويتحول كل سكان العالم آنذاك إلى رعايا ومواطنين في تلك الدولة،
أما عمالها وأمراؤها وقادتها فهم أهل القوة والأمانة من رجال العالم ونسائه.

وستكون المنظومة الحقوقية الإلهية هي القانون النافذ في كل أرجاء العالم،
ونقصد بالمنظومة الحقوقية الإلهية: (كتاب الله كما أنزل وبيان النبي لهذا الكتاب
تماما كما وعاه أهل بيت النبوة، وتتكون موارد هذه الدولة المالية من إنتاج العالم
كله، وموارده وإمكاناته الاقتصادية، ومن خلال إمامته وقيادته الراشدة، ومن
خلال تطبيقه للمنظومة الحقوقية الإلهية، ومن خلال توزيعه العادل للموارد
العالمية ينشر العدل والرخاء في الكرة الأرضية، ويبدو واضحا من تتبع روايات
أهل بيت النبوة وأخبارهم حول هذا الموضوع، بأن المهدي المنتظر سيملك أولا
بلاد العرب وبلاد فارس، ومن هذه البلاد سينطلق إلى كافة أرجاء المعمورة، حيث ستدخل في طاعته حربا أو سلما. ويرسل موالي أهل بيت النبوة كافة هذه
المعلومات إرسال المسلمات. ويعتبرونها جزءا من قناعاتهم الدينية وسماتهم
المذهبية..

ومن المؤكد أن أولياء الخلفاء التاريخيين (أهل السنة) قد توصلوا بوسائلهم
الخاصة بهم إلى ذات المعلومات، ونفس النتائج، وتكونت عندهم نفس القناعات
المتعلقة بعالمية دولة المهدي، فقد صحت عندهم وتواترت الأحاديث النبوية التي
بينت بأن المهدي المنتظر (سيملك) على الإطلاق. (راجع على سبيل المثال
الأحاديث النبوية التي رواها أحمد بن حنبل في مسنده ج 3 ص 17، وأبو يعلى
ج 2 ص 367، والسيوطي في الحاوي ج 2 ص 63، ومثله قول النبي عن
المهدي، بأنه (سيملك العرب) خاصة راجع مسند أحمد ج 1 ص 367،
وأبو داود ج 4 ص 107 ح 4282 والبزار ج 1 ص 381، والترمذي ج 4
ص 505، والطبراني في الكبير ص 78 ومثله قول النبي: (لو لم يبق من الدنيا إلا
ليلة واحدة (لملك فيها) رجل من أهل بيتي... راجع ابن حبان ج 7 ص 576
ح 5922، والطبراني في الكبير ج 10 ص 161 والطبراني في الصغير ج 2
ص 158... راجع معجم أحاديث الإمام المهدي المنتظر الجزء الأول)...

وقد صحت وتواترت عندهم الأحاديث النبوية التي أكدت تأكيدات قاطعة
بأن المهدي المنتظر (سيملأ الأرض عدلا وقسطا، كما ملئت جورا وظلما) حتى
أنهم قد اتفقوا على اللفظ الحرفي للحديث (سيملأ الأرض) و (قسطا وعدلا)،
و (ظلما وجورا)، وتلك من الحالات النادرة في علم الحديث، وقد وثقنا ذلك في
البحوث السابقة، ومقتضى الحال، يعني أن أهل السنة على يقين من أن المهدي
المنتظر سيملك الأرض كلها، وإلا كيف ينشر ويملأ بالعدل والقسط أرضا لا
يملكها!!!

وصحت وتواترت عندهم الأحاديث النبوية التي ذكرت بأن السماء ستعطي
كل خيراتها، قطرها وبركاتها، وأن الأرض كل الأرض ستخرج كل نباتها وكنوزها
ونفائسها في زمن المهدي، لقد جاءت هذه الأحاديث وأمثالها بصيغة العموم، ولم
يرد ما يخصصها، وكل هذا يعني بأن ملك المهدي المنتظر سيشمل الكرة الأرضية
كلها، وموالي الخلفاء، يتفقون مع أهل بيت النبوة ومواليهم بأن المهدي المنتظر
سيملك بلاد العرب وبلاد فارس أولا، ويشكل منها قاعدة قوية ثم ينطلق منها إلى
كافة البلاد المعمورة التي ستخضع له في النهاية طوعا أو كرها. ويصبح المهدي.

المنتظر أول إمام شرعي يمارس السيادة ومهام الحكم على العالم كله. ويطبق
الشرع الإلهي على كافة سكانه.

وروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه لما عرج به إلى السماء السابعة ومنها إلى سدرة
المنتهى، ومن السدرة إلى حجب النور ناداه جل جلاله... وبك، وبه، وبالأئمة
من ولده أرحم عبادي وإمائي، وبالقائم منكم (المهدي المنتظر) أعمر أرضي
بتسبيحي وتهليلي وتقديسي وتكبيري وتمجيدي، وبه أطهر الأرض من أعدائي
وأورثها أوليائي، وبه أجعل كلمة الذين كفروا هي السفلى، وكلمتي العليا وبه
أحيي عبادي وبلادي بعلمي، وبه أظهر الكنوز والذخائر بمشيئتي، وإياه أظهر على
الأسرار والضمائر بإرادتي، وأمده بملائكتي لتؤيده على إنفاذ أمري، وإعلان
ديني، ذلك وليي حقا، ومهدي عبادي صدقا). (راجع منتخب الأثر للرازي
ص 167 ف 2 ب 1 ح 77، وأمالي الصدوق ص 504 مجلس 92 ح 4، والبحار
ج 18 ص 341 ب 2 ح 49 و ج 23 ص 128 و ج 51 ص 65 - 66 ومعجم
أحاديث الإمام المهدي ج 1 ص 214 - 215)..

الفصل السابع عهد الإمام المهدي المنتظر عهد الكفاية والرخاء المطلق

أهل بيت النبوة مجمعون على أنهم قد سمعوا ووعوا تأكيدات الرسول
المتكررة بأن عهد الإمام المهدي سيكون من الناحية الاقتصادية، عهد الكفاية
والرخاء المطلق لكافة سكان الكرة الأرضية في عهده، وأن عهده من هذه الناحية
سيكون أزهى عهد عاشته البشرية إطلاقا، حيث ستتحقق الكفاية والوفرة للجميع
وينعم جميع أبناء الجنس البشري بالرخاء التام في عهده. ولا يختلف في ذلك
اثنان من شيعة أهل بيت النبوة.

ويبدو أن شيعة الخلفاء، (أهل السنة) قد وصلوا إلى ذات النتائج،
واستقرت في قلوبهم نهائيا ذات القناعات، بعد أن وقفوا على الأحاديث النبوية
التي تواترت عندهم، والتي عالجت هذه الناحية معالجات مقنعة.

ويمكنك القول بأن خاصة المسلمين وعامتهم يرسلون هذه المعلومات
إرسال المسلمات، لأنه قد تحقق لهم اليقين بصحتها، ومن المستحيل عقلا أن
ينطلق ويتكون هذا اليقين العام من فراغ، إنما كان ثمرة طبيعية للتأكيدات النبوية
المتلاحقة والتي شقت طريقها بيسر إلى أسماع المسلمين وقلوبهم بعد أن تخطت
كل العوائق التي وضعت سابقا للحيلولة دون رواية الحديث النبوي وكتابته.

فالنبي يؤكد بأن السماء في عهد المهدي ستنزل قطرها، وأن الأرض ستخرج
له بذرها. (راجع الحديث رقم 66 ج 1 من معجم أحاديث الإمام المهدي)..

وفي تأكيد آخر يبين الرسول بأن الله سينزل البركة للمهدي من السماء،
ويخرج له من الأرض بركتها. (راجع الحديث رقم 73 وفي الحديث 123). وأكد
الرسول بأنه لما عرج به إلى السماء السابعة، ثم إلى سدرة المنتهى وإلى حجب
النور كلمه الله تعالى عن أمور كثيرة من جملتها المهدي المنتظر، وأن الله تعالى قد
وعده وأكد له بأنه سيحيي بالمهدي العباد والبلاد، وأنه سيظهر في عهده الكنوز
والذخائر، ويمده بالملائكة لتساعده على تنفيذ الأوامر الإلهية وإعلان الدين.

ويؤكد الرسول في حديث رابع أن السماء لن تدع من قطرها شيئا إلا صبته، وأن
الأرض لن تدع من نباتها شيئا إلا أخرجته بإذن الله. (راجع الحديث رقم 141
ج 1 من معجم أحاديث الإمام المهدي). وفي حديث خامس يؤكد الرسول حجم
العطاء الإلهي في عهد المهدي قائلا (تقئ الأرض أفلاذ كبدها) أمثال الاسطوان
من الذهب والفضة، ويتابع الرسول تأكيداته موضحا الصورة فيقول: (فيجئ
القاتل فيقول في هذا قتلت، ويجئ القاطع فيقول في هذا قطعت رحمي، ويجئ
السارق فيقول في هذا قطعت يدي، ثم يدعونه فلا يأخذون منه شيئا). (راجع
الحديث رقم 142 ج 1). وفي حديث سادس يجزم الرسول قائلا: (تنعم أمتي
في زمن المهدي نعمة لم ينعموا مثلها قط، ترسل السماء عليهم مدرارا، ولا تدع
الأرض شيئا من النبات إلا أخرجته، والمال كدوس، يقوم الرجل فيقول: (يا
مهدي أعطني فيقول خذ) الحديث 139، ويؤكد الرسول بأن المهدي سيعطي
المال بغير عد) الحديث 143، وفي الحديث 144 يوضح الرسول الصورة فيقول:

(ويكون المال كدوسا، يجئ الرجل إليه فيقول يا مهدي أعطني، فيحثي له
المهدي في ثوبه ما استطاع أن يحمل)، وفي الحديث 146 يؤكد الرسول بأن
المهدي: (يحثي المال حثيا ولا يعده عدا)، وفي الحديث 149 يؤكد الرسول أنه
في عهد الإمام المهدي (يفيض المال فيضا)، وفي الحديث رقم 151 يقول
الرسول: (أن المال سيكثر فيفيض حتى يهم رب المال من يقبل الصدقة ومتى
يعرضه، فيقول الذي يعرضه عليه (لا إرب لي)، وتتكرر الأحاديث النبوية بهذه
المضامين، وتتعد الصيغ، ويبدو أن الرسول الأعظم قياما بواجب البيان، وتأكيدا
لما أراد تأكيده، وحرصا منه على غرس ما يريد في قلوب السامعين، وتوصيل ما.

أراد لمن بلغ، قد حدث بهذه الأحاديث في أكثر من مكان وفي أوقات متعددة.

وتحدث الإمام زين العابدين عن الكفاية والرخاء في عهد الإمام المهدي
فقال إن القائم: (يعطي الناس عطايا مرتين في السنة، ويرزقهم في الشهر رزقتين
ويسوي بين الناس، حتى لا ترى محتاجا إلى الزكاة، ويجئ أصحاب الزكاة
بزكاتهم إلى المحتاجين من شيعته فلا يقبلونها، فيصرونها ويدورون في دورهم،
فيخرجون إليهم فيقولون لا حاجة لنا في دراهمكم)... ثم قال: ويجتمع إليه
أموال أهل الدنيا كلها من بطن الأرض وظهرها فيقال للناس: (تعالوا إلى ما قطعتم
فيه الأرحام، وسفكتم فيه الدم الحرام، وركبتم فيه المحارم، فيعطي عطاء لم يعطه
أحد من قبله. (راجع الحديث رقم 867 مجلد 3 من معجم أحاديث الإمام المهدي).

وهذه الصور الحقيقية حتى بموازين البحث الاقتصادي، فأقاليم العالم كله
خاضعة لدولة واحدة، وهذه الأقاليم متكاملة بالضرورة، وكافة مواردها مستثمرة
استثمارا سليما، وهذه الموارد جميعا تجبى إلى بيت المال للإمام المهدي، حيث
يتولى توزيعها بعدالة بين الناس، وفقا للتسديد والتأييد الإلهي المطلق، فموارد
العالم مجتمعة إذا وزعت بعدالة ستتحقق الكفاية والوفرة والرخاء لكل سكان
العالم، ولن يبقى في الأرض محتاج واحد، هذا حسب الموازين الاقتصادية،
فكيف يكون حجم الكفاية والرخاء عندما تقذف الأرض بكل نفائسها وكنوزها،
وتخرج كل نباتها، وعندما ينزل الله من السماء كل قطرها ؟ عند ذلك سيفوق حجم
الكفاية والرخاء حدي التصور والتصديق..

الفصل الثامن سكان الأرض والسماء يحبون المهدي ويرضون منه

عمى القلوب والخلل المزمن بالذوق البشري العام

طوال تاريخ البشرية وهي مصابة بعمى القلوب، وبخلل مذهل بالذوق
العام. فقد صفقت البشرية دائما للجبابرة والطغاة والأغبياء، وأعجبت بهم،
والتفت حولهم، ووضعت نفسها تحت تصرفهم، وبذلت لهم الغالي والرخيص،
وأعطتهم كل ما طلبوه منها، لقد سعت البشرية بكل طاقاتها لترضي الطغاة
والجبابرة طوال تاريخها رغبة أو رهبة!!

أما الأنبياء، والرسل، والمصلحون، فقد تجاهلتهم البشرية تماما،
وعاملتهم باحتقار، وسعت في مقاومتهم، وتعاونت للصد عما يدعون إليه.

واتهمتهم ظلما بأشنع التهم، وأقذعها، فنسبتهم إلى الجنون، والسحر والكهانة،
والشيطنة والسفاهة، وصورتهم بصور بشعة، وتمادت بعض المجتمعات البشرية،
فاستعدى بعضها بعضا، وكونت الأحلاف وجيشت الجيوش، وشنت على الأنبياء
والرسل حروبا عدوانية لا مبرر لها، فقتلتهم ومن والاهم، أو أذاقتهم من أمرهم
عسرا!!

كانت المجتمعات البشرية تعتقد أن الأنبياء والرسل والمصلحين يمثلون

الشر كله، وأن الجبابرة والطغاة يمثلون الخير كلهم، لأن بأيديهم مفاتيح الأموال
والجاه والسلطة، وكانوا يعتقدون أن دعوات الأنبياء تمثل خطرا على مجتمعاتهم
ونظمهم وأنماط حياتهم، لذلك اعتقدوا بأنهم ملزمون للتصدي للأنبياء والرسل
ولكل ما جاءوا به، وأنهم ملزمون بموالاة الطغاة والجبابرة والوقوف معهم صفا
واحدا لمواجهة خطر النبوة والرسالة والاصلاح!! إنها ثقافة الطغيان، إنها النتائج
اللاشعورية للرعب والخوف وتقديس الغالب وتكريس ثقافته ومناهجه التربوية.

أحدث الأمثلة والبراهين على ذلك

وأحدث الأمثلة والبراهين على صحة ما ذكرناه موقف بطون قريش والعرب
عامة من نبوة ورسالة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فقد وقفت بطون قريش وقفة رجل واحد ضد
النبي، وقاومته ودعوته طوال مدة ال 15 سنة التي قضاها في مكة قبل الهجرة،
وحاصرته وبني هاشم ودعوته وقاطعتهم، وعذبت المستضعفين من أتباعه،
وتآمرت على قتله، ولما نجح النبي بهجرته استعدت عليه العرب، وجيشت
الجيوش، وشنت عليه حروبها العدوانية، وحاربته حربا لا هوادة فيها، ومكرت به
مكرا يزيل الجبال!! كانت بطون قريش ومن والاها من العرب يعتقدون أن
رسول الله هو الشر بعينه، وكانوا يكرهونه إلى درجة العقد، ويكرهون من والاه
حقا بنفس الدرجة. وكانوا يعتقدون أن أبا سفيان، ومعاوية، ويزيد، وأبا جهل،
وعتبة وغيرهم من أئمة الكفر هم رموز الخير، وقادة الفلاح، ورموز الإصلاح،
وأن الحياة لا تستقيم بغير قيادتهم الملهمة، لذلك والوهم وأطاعوهم ووضعوا
تحت تصرفهم الغالي والرخيص ليحاربوا عدوهم محمدا حتى آخر سهم!!!

ومضوا بعداوتهم المجنونة للنبي، وبحقدهم عليه، وعلى من والاه، وبعد 23 سنة
من المقاومة والعداء والحرب لمحمد كانوا يعتقدون أن الحرب ما زالت في أولها،
وأنه لا ينبغي لهم أن يضعوا السلاح حتى يموت محمد ومن والاه أو يموتون، بهذا
المناخ دخلت جيوش محمد عاصمتهم، عاصمة الشرك، وأحيط بالمجرمين وبقادة
جبهة الشرك فاستسلموا عسكريا، واضطروا مكرهين أن يعلنوا إسلامهم بقيا منهم
على الحياة!! وتبعا لاستسلام قادة الشرك وإعلان إسلامهم، استسلمت جموع
المجتمع، وأعلنت إسلامها وادعى قادة الشرك بأن قلوبهم كانت عمياء، وأن في

ذوقهم العام خلل رهيب، وادعى أتباعهم مثل ادعائهم، وصرحوا علنا بأن محمدا
رسول الله هو الجدير بالمحبة، وأنهم كانوا خاطئين بعدائهم له، وهم راضون من
قيادته كل الرضا، ومن المؤكد أن رسول الله كان يعرف حقيقة ادعاءاتهم ولكن
الرسول عفا عنهم، وأعطاهم فرصة جديدة، وقبل منهم الظاهر، ولكنه وعلى
سبيل الاحتياط والتحذير لأوليائه من كيدهم سماهم بالطلقاء وسماهم بالمؤلفة
قلوبهم، وخصص الله تعالى لهم جزءا من الصدقات حتى يعرفهم المؤمنون بهذه
الصفة أبدا فيحذروهم ويتقون شرور مكائدهم، وبنفس الوقت فرصة أمامهم
ليصلحوا أنفسهم ويرجعوا عن غيهم، ولكن المؤمنين تناسوا، فبعد وفاة النبي
مباشرة صار الطلقاء والمؤلفة قلوبهم هم أركان الدولة الفعليين!! فجنوا ثمرة
حربهم للنبي وعدائهم له، وحققوا بالدهاء ما عجزوا عن تحقيقه بالحرب.

وما يعنينا أنه بعد هزيمة جبهة الشرك صار محمد حبيب الجميع وادعى
الجميع بأنهم راضون منه، وقابلون بحكمه، وسعداء بقيادته!! لست أدري هل
فاضت مشاعرهم بالمحبة للنبي لأنه نبي وحامل دعوة الإصلاح الحقيقية، أم لأنه
غلبهم، وقهرهم، وكانوا من قبل قد تعودوا على موالاة من يغلب ويقهر!! ؟ يقينا
أن المؤمنين الصادقين والعقلاء قد أفاضوا تلك المشاعر بحق وصدق، لكن أنى
للظالمين، وأنى للغوغاء أن يقولوا فيصدقوا، أو يوالوا فيخلصوا وهم الذين صنعوا
ثقافة الذل وورثوها جيلا بعد جيل!!

محبة الإمام المهدي موالاته

هذه المعلومة يقينية عند أهل بيت النبوة، وهم يرسلونها إرسال المسلمات،
لأنهم سمعوا ووعوا رسول الله وهو يؤكد ذلك مرارا وتكرارا، وفي أوقات متعددة
وأمكنة مختلفة، وتبعا ليقين أهل بيت النبوة وإجماعهم، تيقن أولياؤهم وأجمعوا
على أن الرسول الله قد أخبر المسلمين بأن سكان الأرض والسماء سيحبون المهدي
ويرضون عنه.

وقد توصلت شيعة الخلفاء التاريخيين (أهل السنة) بوسائلها الخاصة إلى أن
رسول الله بالفعل قد أخبر المسلمين بأن أهل الأرض وأهل السماء سيحبون.

المهدي المنتظر ويرضون عنه تماما، وأن هذه المعلومة من علم الغيب لا يعلم
حقيقتها إلا الله تعالى، مما يعني بأن الله قد أوحى لرسوله بأن يبين ذلك للمؤمنين
ويبشرهم بهذه الحقيقة وبقية الحقائق المتعلقة بالمهدي المنتظر. وقد صحت هذه
الأحاديث عندهم، وتواترت بينهم حتى صارت من المسلمات واعتقد بها العامة
والخاصة منهم.

فيض من تأكيدات الرسول

قال رسول الله: (المهدي رجل من ولدي، وجهه كالقمر الدري.... يملأ
الأرض عدلا كما ملئت جورا يرضى بخلافته أهل السماء وأهل الأرض والطير في
الهواء...). (راجع الحديث 72 ج 1 ص 130 من معجم أحاديث الإمام المهدي، تجد أربعين مرجعا لهذا الحديث منهم ابن ماجة، والطبراني،
والسيوطي، والشافعي، والذهبي والطبري). وفي حديث آخر يوضح النبي الصورة
بقوله عن المهدي: (تأوي إليه أمته كما تأوي النحلة إلى يعسوبها). (ابن حماد
ص 99، والحاوي للسيوطي ج 2 ص 77، وملاحم بن طاووس ص 70،
ومنتخب الأثر ص 78، الحديث 130 ج 1 ص 220).

ويؤكد النبي هذا الخبر بصيغة أخرى فيقول عن المهدي المنتظر: (يرضى
عنه ساكن الأرض وساكن السماء). (راجع الحديث رقم 141 من المعجم).

حتمية حب العالم للمهدي وقبوله بخلافته ورضوانه عنها

كان المهدي في البداية طريدا شريدا يظهر فجأة وحده، وتبدأ الآيات
بالظهور تباعا ويلتف حوله حفنة من المؤمنين، ويتصدى المهدي لطغاة العالم
وجبابرته وظالميه وبمدة لا تتجاوز الثمانية أشهر يحسم المواجهة لصالحه، وينقاد
له العالم طوعا أو كرها ويصبح المهدي هو الزعيم أو الإمام أو الخليفة العالمي
الأوحد، ومن بيده مفاتيح أموال العالم وخزائنه ونفوذه وجاهه وسلطانه، وفوق
هذا وذاك فهو مزود بقدرات إلهية خارقة، حيث تسير الملائكة بين يديه، وتتجلى
كراماته التي أعطاها الله تعالى له كرامة بعد كرامة، علنا وعلى رؤوس الأشهاد،

وتخرج له الأرض كنوزها ونفائسها ونباتاتها بأذن الله، وتجبى إليه موارد العالم
كله، ثم يتصرف بهذه الأكداس المكدسة من الأموال على الوجه الشرعي، ويقسم
بين الناس بالسوية، كما كان يفعل النبي وعلي، فيغمر سكان الأرض بعطاياه، ولا
يبقى في الأرض كلها محتاج واحد، وينشر القسط، وينشر العدل، ويعمم
المعارف الحقيقية، ويسع عدله البر والفاجر، ويعمر الأرض، ويدخل البشرية
عصرها الذهبي، ويحقق المعجزات خلال فترة حكمه، فما الذي يمنع العالم من
أن ينبهر بهذا الإمام وأن يعجب به، وأن يحبه حبا صادقا وأن يرضى عنه، وعن
خلافته!! إن هذه المشاعر نتائج حتمية وثمرات طبيعية لإنجازات وأفعال المهدي
الماجدة خاصة وأن البشرية قد جربت كل أنماط الحكم، واكتوت بنيران الظلم عبر
تاريخها الطويل، فيكون المهدي البلسم الشافي فمن لا يحبه ومن لا يرضى به في
هذه الحالة!!.

الفصل التاسع الله تعالى يظهر بالإمام المهدي دين الإسلام على جميع الأديان

الثابت والمجمع عليه عند أهل بيت النبوة وشيعتهم، بأن رسول الله قد أكد
وبكل وسائل التأكيد، بأن الله سبحانه وتعالى سيظهر الإسلام بالمهدي المنتظر
على الدين كله، بحيث تختفي كل الأديان وتتلاشى ولا يبقى منها إلا دين
الإسلام. (راجع ينابيع المودة ص 423، ومنتخب الأثر للرازي ص 294،
والحديث 712 من أحاديث المعجم ج 3). وهذه المعلومة عند أهل بيت النبوة
وأوليائهم من المسلمات التي لا يختلف فيها اثنان، لأن المهدي ستكون له دولة
عالمية يشمل حكمها وسلطانها ونظامها كل أقاليم الكرة الأرضية، وستكون
المنظومة الحقوقية الإلهية المتكونة من القرآن الكريم والسنة النبوية هي القانون
الأوحد والنافذ في هذه الدولة، وسيكون الدين الإسلامي هو الدين الرسمي
والفعلي لكافة رعايا ومواطني تلك الدولة. حيث ستتزامن عملية بناء الدولة
العالمية مع عملية نشر الإسلام، فتسير العمليتان معا، حيث سيدعو المهدي الناس
جميعا إلى الإسلام، ويهديهم إلى أمر قد دثر فضل عنه الجمهور. (راجع الإرشاد
ص 364، وروضة الواعظين ج 2 ص 264، وإعلام الورى ص 431، وكشف
الغمة ج 3 ص 254، وإثبات الهداة ص 537 ج 3، والبحار ج 51 ص 30،
والحديث 1122 من المعجم). وإن المهدي سيصنع كما صنع رسول الله، حيث
سيهدم أمر الجاهلية كله، ويستأنف الإسلام جديدا. (راجع الحديث 1123 من.

أحاديث المعجم وراجع المصادر المذكورة فيه والحديث 1124).

وأكد الرسول هذا المحتوم بقوله: (... أما والله لا تذهب الأيام والليالي
حتى يحيي الله الموتى ويميت الأحياء ويرد الله الحق إلى أهله، ويقيم دينه الذي
ارتضاه لنفسه فأبشروا ثم أبشروا... (راجع البحار ج 41 ص 127،
والتهذيب ج 4 ص 97، والكافي ج 3 ص 536، والحديث رقم 1126 من
أحاديث المعجم). وحيثما حل المهدي وحيثما ارتحل يفتح المدارس والمعاهد
لتعليم الناس القرآن على ما أنزل الله، فمع المهدي القرآن المكتوب بخط علي،
وبإملاء رسول الله، ومع هذا القرآن حاشية بخط علي، وإملاء الرسول تتضمن
القول الفصل بكل مسألة وردت فيه، فضلا عن ذلك فإن المهدي بوصفه الإمام
الثاني عشر من أئمة أهل بيت النبوة الذين اختارهم الله لقيادة العالم قد ورث علمي
النبوة والكتاب، ولا يخفى عليه من أمرهما شئ فيوجه الحركة العلمية، بحيث
تأتي منسجمة مع علمي النبوة والكتاب، ومتفقة معهما، ويعدل الوقائع السابقة
لعهده لتكون متفقة مع المفهوم الشرعي، فقد يهدم منابر ويدخل التعديلات
الجذرية، حتى على المساجد لتكون كما أرادها الله ورسوله بلا زيادة ولا نقصان.

ويبدو واضحا أن شيعة الخلفاء: (أهل السنة) على شح مواردهم اليقينية من
الحديث قد توصلوا إلى ذات النتيجة، فكيف يمكن أن يملأ المهدي الأرض عدلا
وقسطا، ويرضى عنه ساكن الأرض وساكن السماء أن لم يحكم بما أنزل الله!! وما
أنزل الله وحكم الله مختصر بكلمة الإسلام، فعند ما يكون الإسلام هو القانون
النافذ في الدولة وهو دينها الرسمي، ويتزامن نشره في العالم مع بسط المهدي
لسلطانه في الأرض، فيعني ذلك ضمنا أن المهدي سيظهر الإسلام على الدين
كله، وقد صرح بذلك أعلام المفسرين من أهل السنة كما أسلفنا تحت عنوان:

(المهدي في القرآن والسنة).

حتمية هذه المعلومة ومنطقيتها معا

الثابت بأن عيسى ابن مريم سينزل ويظهر في زمن المهدي، وأن المهدي.

المنتظر سوف يؤم المسيح ابن مريم في الصلاة، وعندما ينزل المسيح ابن مريم
تكون للمهدي دولته المستقرة، وحكومته المشكلة، وجيشه القائم ونفوذه وصيته
الواسع، مما يعني أن المهدي هو الإمام الشرعي والرئيس الفعلي لأمته ورعاياه،
ويفهم بوضوح من الأحاديث والأخبار التي عالجت هذه الناحية، بأن السيد
المسيح مكلف بمهام معينة تساعد على تمكين أمر المهدي، وهزيمة أعدائه، وأن
الاثنين سيشكلان فريقا واحدا برئاسة المهدي ينصب هدفه بالدرجة الأولى
والأخيرة على إنقاذ الجنس البشري وهدايته إلى الصراط المستقيم، والعمل معا
لتكون كلمة الله هي العليا، وكلمة أعداء الله هي السفلى، وتوحيد العالم كله
لتكون له دولة واحدة، ودين واحد هو دين الله، ولتقسيم موارد العالم على سكانه
بالسوية، ليتحقق الوفر والكفاية للجميع، ولتعيش البشرية أزهى عصورها في
ظلال الحكم الإلهي، فيحق الله الحق ويبطل دعاوي المبطلين.

فعندما يرى أتباع الديانة المسيحية المسيح ابن مريم نفسه منقادا للمهدي
ومتبعا لدينه، فما هي حججهم، وما هي مبرراتهم لمخالفة المسيح وعدم اعتناقهم
للدين الذي اعتنقه!! ثم ماذا يبقى لهم إن كان المسيح نفسه على غير دينهم، وهذا
يدعوهم وبالضرورة لاعتناق الإسلام دين الله ودين المهدي والمسيح، وعندما
تدخل هذه الكثرة من أتباع المسيح في الإسلام على يد المسيح وبمساعدته، فإن
دخولها سيخلق حالة من الانبهار العالمي، والوعي العالمي، والمناخ الملائم
لاعتناق العالم لدين الإسلام فتقبل الأكثرية الساحقة على دين الله لتدخله أفواجا
أفواجا، ويبدو أن اليهود سيقاومون بكل قواهم، وسيقتل خلق كثير منهم، ولكن
من يبقى منهم سيستسلم في النهاية ويعتنق الإسلام. ثم إن الله سبحانه وتعالى
سيسلح المهدي والمسيح بفيض وافر ودائم من الآيات الربانية والمعجزات
المتتابعة التي تخضع لها الأعناق، بحيث يضطر أكثر الخلق عتوا إلى التصديق
والتسليم.

وعندما ينجح المهدي بتوحيد العالم، وتكوين دولته العالمية، ونشر القسط
والعدل وتحقيق الكفاية والرخاء المطلق لكل سكان الأرض، فلا يبقى فيها محتاج
واحد، عندئذ يبهر العالم بالفعل، ويحب هذا الرجل المعجزة حبا عظيما.

فيتعلق المهدي وبدينه تعلقا شديدا، فيكتشف العالم بأنه قد وجد ضالته
المنشودة بالإسلام الذي حقق به المهدي عصر البشرية العظيم.

ألم تر كيف دخلت الملايين في الشيوعية ووالتها بسبب وعود الكفاية
والرخاء، وكيف أن هذه الملايين قد أعطت كل ما لديها وصبرت صبر أيوب، ولما
اكتشفت الملايين أن الشيوعية لا تملك ذلك انفضت من حولها!! وأكثر العقائد
البشرية استقطبت أتباعها بشعارات تهواها النفوس، ثم اكتشفت أنها وعود لا يمكن
تحقيقها!! ويمكنك أن تتصور حجم الإقبال على دين المهدي وشخصه عندما
يحول الأحلام إلى حقائق، والمنى إلى وقائع ملموسة بأيام أو شهور!! يقينا أن
العالم الذي عضه الظلم وأذلته الحاجة، وكفر بالوعود الكاذبة سيحب المهدي
ودينه إلى درجة العشق والدنف، والهيام.

المهدي المنتظر يظهر في آخر الزمان

كما صحت وتواترت عند أهل بيت النبوة وشيعتهم وعند الخلفاء
والتاريخيين وشيعتهم (أهل السنة) الأحاديث التي تحدثت عن حتمية ظهور الإمام المهدي المنتظر، صحت وتواترت عندهم الأحاديث النبوية التي تحدثت عن أن
المهدي المنتظر سيظهر في آخر الزمان، أي في المرحلة الأخيرة من الحياة الدنيا،
وقبيل قيام الساعة وانتهاء دورة الحياة الدنيا وعلى هذا أجمعت الأمة، وأرسلت
هذه المعلومة الدينية إرسال المسلمات.

نماذج من هذه الأحاديث

1 - قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (يخرج في آخر الزمان رجل من ولدي)... (راجع تذكرة الخواص
ص 363، وعقد الدرر ص 32 ب 3، ومنهاج السنة لابن تيمية ج 4
ص 211، وقال إن الأحاديث التي يحتج بها على خروج المهدي أحاديث
صحيحة رواها أبو داود والترمذي وأحمد وغيرهم، منهاج الكرامة ص 28
عن ابن الجوزي ص 115، وإثبات الهداة ج 3 ص 606، ومنتخب الأثر
ص 182 ف 2 ب 1 ج 1 عن تذكرة الخواص لابن الجوزي الحنبلي،.

ومعجم أحاديث الإمام المهدي ج 1 ص 113).

2 - ومثله قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (يقوم في آخر الزمان رجل من عترتي).... (راجع الداني
ص 94، وعقد الدرر ص 39 ب 3، ومعجم أحاديث الإمام المهدي ج 1
ص 114).

3 - ومثله قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (المهدي يخرج في آخر الزمان)... (غيبة الطوسي
ص 111، وإثبات الهداة ج 3 ص 502، والبحار ج 51 ص 73 - 74،
ومنتخب الأثر ص 168، ومعجم الأحاديث ج 1 ص 114 - 115).

4 - ومثله قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (.... يقوم بالدين في آخر الزمان كما قمت به في أول
الزمان)... (راجع الطبراني في الكبير ج 3 ص 52 ح 2675، وفي
الأوسط على ما في مجمع الزوائد، وصفة المهدي لأبي نعيم على ما في عقد
الدرر، وينابيع المودة، وبيان الشافعي ص 478، وذخائر العقبى مختصرا
ص 44، وعقد الدرر ص 151، ومجمع الزوائد ج 9 ص 165، وينابيع
المودة ص 223، والإزاء ص 136، وكفاية الأثر 62، وكشف الغمة ج 3
ص 592).

5 - ومثله قوله عن المهدي: (يظهر في آخر الزمان على رأسه غمامة). (راجع
مواليد الأمة ووفياتهم ص 201، والصراط المستقيم ج 2 ص 260، وإثبات
الهداة ج 3 ص 615. ومعجم الأحاديث ج 1 ص 211).

6 - ومثله قوله عن المهدي: (يخرج في آخر الزمان خليفة يعطي المال بغير عدد).

(ابن حماد ص 98، ابن أبي شيبة ص 196 ح 19486، وأحمد بن حنبل
ج 3 ص 5 و 48 - 49 - 60 و 98، وصحيح مسلم ج 4 ص 2234
وص 2235، وأبو يعلى ج 2 ص 421، وابن حبان ج 8 ص 240،
والحاكم ج 4 ص 454، والداني ص 98، والفردوس ج 5 ص 510،
ومجمع الزوائد ج 7 ص 316، ومقدمة ابن خلدون ص 250، وراجع معجم
أحاديث الإمام المهدي ج 1 ص 231 - 236 تجد بقية المراجع).

والأحاديث النبوية التي سقناها كنماذج لحتمية ظهور الإمام المهدي تنم.

وتوحي بما لا يخفى على الإنسان العادي، بأن الإمام المهدي سيظهر في
المرحلة الأخيرة من الحياة الدنيا، وبعد ظهوره بزمن يطول قليلا أو يقصر
ستنتهي دورة الحياة الدنيا، وتقوم الساعة حيث ستبدأ دورة الحياة الأخرى..

الباب الرابع

هوية المهدي الذي بشر به الرسول وعلامات ظهوره

الفصل الأول اسم المهدي المنتظر واسم أبيه وجده ورهطه وكنيته عند أهل بيت النبوة ومن والاهم

أجمع عمداء أهل بيت النبوة، أو شيوخ آل محمد، أو الأئمة الأعلام الذين
ورثوا علمي النبوة والكتاب، والذين اختارهم الله، وأعدهم وأهلهم لقيادة الأمة
ومرجعيتها طوال عصر ما بعد النبوة، والذين سماهم رسول الله بأسمائهم قبل أن
يولد تسعة منهم، بأن المهدي المنتظر هو العميد أو الإمام الثاني عشر من أئمة أهل
بيت النبوة وهو:

الإمام محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن
محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب حفيد النبي الأعظم، وحفيد بنته
البتول الزهراء الهاشمي، ويكنى بأبي القاسم، وقد نهى الأئمة الكرام عن ذكر
اسمه - ربما خوفا عليه - فعرف بمجموعة من الاصطلاحات منها الصاحب،
والقائم، وصاحب الزمان، وصاحب الدار والحضرة المقدسة، والرجل،
والغريم. (راجع في رحاب أئمة أهل بيت النبوة مجلد 2 - 3 - 5 ص 5 لمحسن
الأمين).

وعندما يجمع الأئمة الأعلام على أمر من الأمور ويحدثون به فإنهم لا
يجمعون ولا يحدثون بناء على رأي أو اجتهاد منهم، إنما يجمعون ويحدثون بناء.

على حديث رسول الله، فقد جزم الأئمة الأعلام بأنهم قد سمعوا ووعوا وتيقنوا
يقينا قاطعا بأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد أخبرهم بأن المهدي المنتظر هو محمد بن الحسن
المكنى بأبي القاسم، وهو خاتم الأئمة، وتبعا لإجماع أئمة أهل بيت النبوة الأعلام
أجمعت شيعتهم التي والتهم، وتتلمذت على أيديهم، ونهلت علومهم. وتحقق
عند الشيعة اليقين القاطع بأن المهدي المنتظر الذي بشر به رسول الله وخاتم النبيين
هو محمد بن الحسن الإمام الثاني عشر من أئمة أهل بيت النبوة وهو ابن النبي
وحفيده، والبقية الباقية من عترته أهل بيته الطاهرين وآله الأكرمين، وصار هذا
اليقين جزءا أصيلا من العقيدة الدينية الإسلامية عندهم، وسمة من أبرز سمات
مذهبهم. وهكذا وصل أئمة أهل بيت النبوة الأعلام، وهم ناصية آل محمد وتاج
أهل بيته إلى القول الفصل واليقين المطلق بهذه الناحية، وأوردوا شيعتهم
ومواليهم المخلصين نفس المورد، فتحقق اليقين الكامل عند أهل بيت النبوة
وشيعتهم، بأن المهدي المنتظر هو خاتم الأئمة الاثني عشر، وهو محمد بن
الحسن.... حتى ينتهي برسول الله أبا وجدا وبعلي بن أبي طالب أبا وجدا،
وبالسيدة البتول الزهراء ابنة النبي أما وجدة. وهكذا حسم أهل بيت النبوة بما
ورثوه من علمي النبوة والكتاب اسم المهدي المنتظر، واسم أبيه وجده ورهطه
وكنيته ونعموا هم ومواليهم بسلام اليقين، وراحته.

اسم المهدي واسم أبيه وجده وبطنه وكنيته عند شيعة الخلفاء أهل السنة

1 - لكي تقف على الحقائق المجردة

أسست بطون قريش الخلافة التاريخية على أساس أن الهاشميين: (على
الأخص عترة النبي وأهل بيته) قد أخذوا النبوة ولا ينبغي لهم، ولا حق لهم بأخذ
الملك أيضا. بل يتوجب أن يكون الملك لبطون قريش تتداوله في ما بينها، ولا
حرج إن آلت الخلافة لأي مسلم يرى رأي هذه البطون، ويخلص لقضيتها ولو كان
من الموالي: (لو كان سالم مولى أبي حذيفة حيا لوليته واستخلفته)، ثم إن قيادة
بطون قريش لم تكن ترى لأهل بيت النبوة وللهاشميين فضلا أو مكانة خاصة أو

تميزا عن غيرهم، وحتى تنجح بطون قريش بدعاويها استولت على السلطة، أو
الخلافة بالقوة والقهر وكثرة الأتباع، وسلمت حكم الولايات والأعمال وقيادات الجيش والمناصب العليا في الدولة لأبناء البطون، وشانئي أهل بيت النبوة
والكارهين لولايتهم، وحتى لا يحتج أهل بيت النبوة بالأحاديث النبوية التي ذكرت
فضائلهم وأكدت على حقهم الشرعي بقيادة الأمة ومكانتهم التأسيسية المميزة في
الأمة، فإن قيادة بطون قريش التي صارت دولة منعت منعا باتا كتابة ورواية
أحاديث رسول الله، ورفع مؤسسوها وخلفاؤها شعار: (حسبنا كتاب الله)، بمعنى
أن القرآن يغني عن حديث النبي، وعللت ذلك بقولها: (أن أحاديث النبي تسبب
الخلاف والاختلاف بين المسلمين. وبقي منع رواية وكتابة الأحاديث النبوية ساريا
قرابة مائة عام). ولما آلت الأمور إلى معاوية جند كافة طاقات دولة الخلافة
وإمكانياتها وقاد بنفسه حملة كبرى يمكن أن نسميها: (حملة الفضائل) كلف أركان
دولته بأن يرووا كافة الفضائل التي ذكرها رسول الله عن الخلفاء الثلاثة الأول،
وخاصة الثالث وكافة الفضائل الواردة بحق أي رجل من الصحابة لم يوال آل بيت
النبوة، ولم يفعل معاوية ذلك حبا بالخلفاء، ولا بالصحابة ولكن إرغاما لأنوف
آل بيت النبوة، وحتى تضيع فضائل أه ل بيت النبوة ويميع الأحكام الشرعية،
ويطمس أي دليل على أحقية أهل بيت النبوة بقيادة الأمة، بدليل مرسومه الملكي
الموجه لعماله والذي جاء بفقرة منه: فلا تدعو لأبي تراب (يقصد الإمام علي) أو
لأحد من أهل بيته (يقصد آل محمد وعترته أهل بيته) فضيلة يرويها أحد من
المسلمين إلا وتأتوني بما يناقضها في الصحابة!! (راجع شرح النهج ج 3
ص 595 تحقيق حسن تميم نقلا عن المدائني). ولم يكتف معاوية بذلك بل فرض
على كل رعيته أن يسبوا عليا بن أبي طالب بالعشي والإبكار وأن يلعنوه، ومن لا
يفعل ذلك فقد حل دمه، ولم يكتف ابن هند بذلك بل اعتبر أن موالاة أهل بيت
النبوة ومحبتهم من جرائم الخيانة العظمى، وعقوبتها القتل وهدم الدار، وقطع
العطاء عن الذرية والتجريد من الحقوق المدنية، فلا تقبل شهادة من يحب عليا،
أو أحدا من أهل بيت النبوة، ولما نفذت مراسيم معاوية بحذافيرها، وتمخضت
عن مئات الألوف من الفضائل المروية والمختلقة، كما يقول ابن نفطويه، ولما

/ 13