عمر والسنة - سبیل المستبصرین إلی الصراط المستقیم و سفینة الناجین نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

سبیل المستبصرین إلی الصراط المستقیم و سفینة الناجین - نسخه متنی

صلاح الدین الحسینی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید



روى احمد في مسنده الحسن بن جابر قال زيد في حديثه حدثني الحسن بن جابر قال سمعت المقدام بن معدى كرب يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوشك أحدكم أن يكذبني وهو متكئ على أريكته يحدث بحديثي فيقول بيننا وبينكم كتاب الله فما وجدنا فيه من حلال استحللناه وما وجدنا فيه من حرام حرمناه إلا وإن ما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ما حرم الله.

روى الترمذي في سننه عن أبي رَافِعٍ وَغَيْرِهِ رَفَعهُ قالَ: "لا أُلْفيَنّ أحَدَكُم مُتَكِئاً عَلَى أرِيكَتِهِ يَأْتِيِه أمْرٌ مِمّا أمَرْتُ بِهِ أو نَهيْتُ عَنْهُ فَيَقُولُ لاَ ادْرِي. مَا وَجَدْنَا في كِتَابِ الله أِتّبَعْنَاهُ". رواه الدارمي، وابن ماجة.

روى الحاكم ي مستدركه قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (يوشك أن يقعد الرجل منكم على أريكته يحدث بحديثي فيقول: بيني وبينكم كتاب الله فما وجدنا فيه حلالا استحللناه، وما وجدنا فيه حراما حرمناه، وإنما حرم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما حرم الله).

ومن المعروف في اللغة العربية أن كلمة(يوشك) هي من أفعال المقاربة. أي تدل على حدوث هذا الفعل بعد رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم مباشره، ولو كان رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم الذي هو سيد البلغاء , وأفصح العرب. لو كان يريد الزمن البعيد. لقال يأتي زمان، أو يكون في آخر الزمان كما ذكر في أحاديث كثيرة.

ثم إن أبا بكر لم يكتف بذلك بل أراد أن يسلك طريقاً اشد وأوضح حتى يؤكد على معنى نبذ السنة وتركها. فقد قام بخطوة خطيرة جداً ضد أحاديث رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم. حيث قام بجمع الأحاديث النبوية التي كانت عنده وقام بحرقها جميعا, وهذا الحدث الخطير , موجود في صحاح أهل السنة وكتبهم، واليك بعضاً من تلك الروايات التي تؤكد وقوع هذا الحادث الخطير.

روى المتقي الهندي في كنز العمال حدثنا القاسم بن محمد قال: قالت عائشة: جمع أبي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانت خمسمائة حديث، فبات ليلة يتقلب كثيرا، قالت: فغمني فقلت تتقلب لشكوى أو لشيء بلغك؟ فلما أصبح قال: أي بنية هلمي الأحاديث التي عندك فجئته بها فدعا بنار فأحرقها وقال: خشيت أن أموت وهي عندك فيكون فيها أحاديث عن رجل ائتمنته ووثقت به ولم يكن كما حدثني فأكون قد تقلدت ذلك.

وروى في الرياض النضرة وعن عائشة رضي الله عنها قالت جمع أبي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان خمسمائة حديث فبات ليلته يتقلب قالت أعدلوا فقلت لأي شيء تتقلب لشكوى أو لشيء بلغك فلما أصبح قال أي بنية هلمي الأحاديث التي هي عندك قالت فجئته بها فدعا بنار فأحرقها فقلت ما لك يا أبت تحرقها قال ما بت الليلة خشيت أن أموت


وهي عندي فيكون فيها أحاديث عن رجل ائتمنته ووثقت له ولم يكن كما حدثني فأكون قد تقلدت ذلك.

وأعتقد انه لا يوجد عند كل عقل سوي، أي مبرر لهذا الحادث الخطير إلا اغتيال سنة رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ووأدها في مهدها, قبل انتشارها. لأسباب كثيرة نذكر بعضاً منها خلال البحث.

والسؤال الذي يطرح نفسه، كيف يقوم هذا الرجل الذي يدَّعي محبة رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم، والإقتداء به بهذا العمل، مع العلم بأن جميع الأمم في السابق واللاحق إذا مات عندهم عزيز، فإنهم أول ما يقومون به بعد وفاته تخليد ذكراه وتمجيده من خلال إنجازاته وأفعاله وأقواله. وأظن أن هذا الأمر تقوم به جميع الأمم حتى الأمم الملحدة، فدونك مدونات مراجع الشيوعيين مثل ستالين وليينين وماركس، وأيضا أقوال زعماء أمريكا وغيرهم مدونة حتى اليوم، حتى أن الحضارات السابقة مثل الفراعنة خلدت الكثير من أقوال فراعنتها على الحجارة التي لا زالت موجودة حتى اليوم.

فهل هذا جزاء رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم سيد الخلق، وخير الخلق، هل هذا جزاؤهُ أن تحرق سنته وتطمس.

عمر والسنة

عمر والسنة النبوية

وأنتقل بك عزيزي القارئ إلى العصر الثاني، عصر الخليفة الثاني عمر، وماذا قام من إجراءات ضد السنة النبوية.

في البداية أود أن أذكر أن عمر بن الخطاب كان في حياة النبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم له مواقف عجيبة وغريبة ومتناقضة مع موقفه من تدوين سنة رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم مدعيا أن وجود السنة النبوية مدونة في كتب قد تختلط على المسلمين فلا يستطيعون إن يفرقوا بينها وبين كتاب الله.

روى المتقي الهندي في كنز العمال إن عمر بن الخطاب قال: إني كنت أريد أن أكتب السنن، وإني ذكرت قوما كانوا قبلكم كتبوا كتابا فأكبوا عليها وتركوا كتاب الله،

روى المتقي الهندي في كنز العمال عن الزهري قال: أراد عمر بن الخطاب أن يكتب السنن فاستخار الله شهرا ثم أصبح فقد عزم له فقال: ذكرت قوما كتبوا كتابا فأقبلوا عليه وتركوا كتاب الله.

ولذلك كان مبرره أمام المسلمين كان حرصه على إلا يختلط الحديث بالقرآن، وهذا الادعاء الباطل من أساسه يتناقض مع واقع حياة رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم حيث كان رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم يبلغ القرآن وفي نفس الوقت يتحدث بالحديث ويأمر بالكتابة، وكان المسلمون يستطيعون التمييز بين الآية والحديث.


والأمر الثاني أن الله سبحانه وتعالى قد تكفل بحفظ القرآن وآياته حيث قال: " أنا نحن نزلنا الذكر وأنا له لحافظون " وهذا الحفظ الإلهي للقرآن والعقيدة والذي ليس بحاجة إلى أي ادعاء من نوع ادعاءات عمر.

ثم لو كان هذا الادعاء صحيحا لما دعى رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم إلى كتابة حديثه وحفظة ورعايته وتبليغه، فالله أمر رسوله بتبليغ الإسلام من قرآن وحديث، حيث قال تعالى " يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك) وكذلك فإن رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم قد قال في عدة مناسبات إني أوتيت القرآن ومثله معه.

فقد روى أبو داوود في سننه: عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "إلا إنِّي أوتيت الكتاب ومثله معه، لا يوشك رجلٌ شبعان على أريكته يقول: عليكم بهذا القرآن؛ فما وجدتم فيه من حلالٍ فأحلوه وما وجدتم فيه من حرامٍ فحرموه.

وروي في الدر المنثور للسيوطي:أخرج الدارمي عن يحيى بن أبي كثير قال: كان جبريل ينزل بالسنة كما ينزل بالقرآن.

وأيضا فإن من المعلوم من الدين بالضرورة أنه لا يمكن أن يفهم القرآن بدون أن يبينه رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ويبين أحكامه، ويشرح مفصله، أو يعمم خصوصه، أو يخصص عمومه، أو يبين ناسخه من منسوخة، فالحديث النبوي إذا ضرورة دينية لا بد من وجودها وتدوينها وحفظها، ورعايتها، وتبليغها.

ثم أن المسلمين أدركوا بطلان صحة ذلك الادعاء وهو ادعاء عمر، أن في حرق سنة رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ومحوها ومنع تدوينها حفظا للدين والقرآن، أدرك المسلمون بطلان ذلك الادعاء والمبرر، فلم يقبلوه بل ورفضوه، ولم يلتزموا به، حيث قاموا ببدء تدوين الحديث لكن بعد القرن الأول الهجري وفي القرن الثاني حتى بداية الثالث الهجري، فلو كان هناك أمر نبوي بمنع التدوين، أو بحرق السنة أو محوها، لما خالف المسلمون ذلك الأمر النبوي.

ثم أنه من المعروف أن عمر بن الخطاب كان في حياة رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم يحاول دائما أن يقرأ التوراة، وكان رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم يغضب لذلك وكان دائما يمنعه من قراءتها، حتى وصل به الأمر أن طلب من رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم أن عند اليهود حكم وتعاليم كثيرة يتحدثون بها ويتداولونها، وطلب عمر بن الخطاب من رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم أن يدونها حتى تنفع المسلمين، إلا أن رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم، رفض ذلك الأمر وغضب غضبا شديدا.

روى احمد في مسنده عن عبد الله بن ثابت قال جاء عمر بن الخطاب إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال يارسول الله إني مررت بأخ لي من قريظة فكتب لي جوامع من التوراة إلا أعرضها عليك؟ قال فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال عبد الله: فقلت له ألا ترى ما بوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم.


روى الهيثمي في مجمع الزوائد عن عبد الله بن ثابت قال جاء عمر بن الخطاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إني مررت بأخ لي من بني قريظة فكتب لي جوامع من التوراة إلا أعرضها عليك؟ قال فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال عبد الله يعني ابن ثابت فقلت إلا ترى ما بوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم!!

روى في أسد الغابة قال جاء عمر بن الخطاب بكتاب إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال أقرأ عليك هذا الكتاب؟ فغضب النبيّ صلى الله عليه وسلم. أخرجه ابن مندة وأبو نعيم.

روى الدارمي في سننه عن جابر أن عمر بن الخطاب أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بنسخةٍ من التوراة فقال يا رسول الله هذه نسخة من التوراة فسكت، فجعل يقرأ ووجه رسول الله يتغير.

وروى احمد في مسنده عن جابر بن عبد الله أن عمر بن الخطاب أتى النبيّ صلى الله عليه وسلم بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب فقرأه النبيُّ، فغضب فقال: أمتهوِّكون فيها يا ابن الخطاب! والذي نفسي بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقيةً لا تسألوهم عن شيءٍ فيخبروكم بحقٍّ فتكذبوا به أو بباطل فتصدِّقوا به، والذي نفسي بيده لو أن موسى كان حياً ما وسعه إلا أن يتبعني). وروي في كنز العمال، والدر المنثور، ومجمع الزوائد، وأبو يعلى، والبزار

وروي في مجمع الزوائد وعن جابر أيضا قال نسخ عمر كتابا من التوراة بالعربية فجاء به إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فجعل يقرأ ووجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتغير فقال رجل من الأنصار ويحك يا ابن الخطاب إلا ترى وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تسألوا أهل الكتاب عن شيءٍ فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا وإنكم إما أن تكذبوا بحق أو تصدقوا بباطل. والله لو كان موسى بين أظهركم ما حل له إلا أن يتبعني). رواه البزار وعند أحمد

وروي في مجمع الزوائد عن أبي الدرداء قال جاء عمر بجوامع من التوراة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله جوامع من التوراة أخذتها من أخٍ لي من بني زريق فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال عبد الله بن زيد الذي أري الأذان: أمسخ الله عقلك إلا ترى الذي بوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!

وروي في كنز العمال عن جبير بن نفير عن عمر قال: انطلقت في حياة النبيّ صلى الله عليه وسلم حتى أتيت خيبر فوجدت يهودياً يقول قولاً فأعجبني قلت هل أنت مكتبي بما تقول؟ قال نعم، فأتيته بأديم فأخذ يملي عليَّ.رواه ابن جرير، والطبراني، والديلمي

وفي الدر المنثور وأخرج عبد الرزاق والبيهقي عن أبي قلابة أن عمر بن الخطاب مر برجل يقرأ كتاباً فاستمعه ساعةً فاستحسنه فقال للرجل أكتب لي من هذا الكتاب قال نعم، فاشترى أديماً فهيأه ثم جاء به إليه فنسخ له في ظهره وبطنه ثم أتى النبيّ صلى الله عليه وسلم


فجعل يقرؤه عليه وجعل وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتلون فضرب رجل من الأنصار بيده الكتاب وقال: ثكلتك أمك يا ابن الخطاب أما ترى وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ اليوم وأنت تقرأ عليه هذا الكتاب! فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم عند ذلك: إنما بعثت فاتحاً وخاتماً وأعطيت جوامع الكلم وفواتحه واختصر لي الحديث اختصاراً فلا يهلكنكم المتهوِّكون.

وروي في كنز العمال عن جبير بن نفير عن عمر قال انطلقت في حياة النبيّ صلى الله عليه وسلم حتى أتيت خيبر فوجدت يهودياً يقول قولاً فأعجبني فقلت هل أنت مكتبي بما تقول؟ قال: نعم، فأتيته بأديم فأخذ يملي عليَّ

وروي في كنز العمال أن عمر بن الخطاب قال: إني كنت أغشى اليهود يوم دراستهم، فقالوا: ما من أصحابك أحد أكرم علينا منك لأنك تأتينا.

وإنني أستغرب واستهجن من هذا الأمر كثيراً، عمر لا يريد كتابة السنة النبوية بل قام بحرقها، ومنع من الحديث بها ومنع من تدوينها وعاقب على ذلك. ويخالف أمر الله وأمر رسوله، بينما كان حريصا على فائدة المسلمين وذلك بتدوين ما عند اليهود من حكم وتعاليم وتعليم الشعر وتدوينه.

وروى ابن سعد في الطبقات الكبرى وراح الصحابة من وراء الخليفة يكتبون الحديث والسـنن، وما سمعوه من النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وما حدّثهم به إخوانهم عنه صلى الله عليه وآله وسلم، حتّى كثرت عندهم الكتب، فبلغ خبرها عمر، فقام فيهم خطيباً، فقال: "إنّه قد بلغني أنّه قد ظهرت في أيديكم كتب، فأحبّها إلى الله أَعْدَلُها وأَقْوَمُها، فلا يُبقينّ أحدٌ عنده كتاباً إلا أتاني به، فأرى فيه رأيي". فظنّوا أنّه يريد أن ينظر فيها ويقوّمها على أمر لا يكون فيه اختلاف، فأتوه بها، فأحرقها بالنار!).

روى الخطيب البغدادي قال: إن عمر بن الخطاب دعا بعد ذلك كل من عنده كتاب أو لوح كتب فيه حديثاً أن يأتيه به، فظنّوا أنه يريد أن يوحّدها، فلمّا اجتمعت عنده أحرقها بالنار.

وروي في كنز العمال عن ابن شهاب أن عمر بن الخطاب كتب إلى أبي الأشعري أن مر من قبلك يتعلم العربية فإنها تدل على صواب الكلام، ومرهم برواية الشعر فإنه يدل على معالي الأخلاق.

وروي في تاريخ المدينة لم يكتف عمر بكلِّ هذا بل حاول الدفاع عن فعله باتهام جميع الصحابة بالكذب في رواية الأحاديث حتى قام خطيباً فيهم يسمعهم أقذع الكلام فقال مخاطباً لهم: "إنّ حديثكم هو شرّ الحديث، وإنّ كلامكم هو شرّ الكلام، من قام منكم فليقم بكتاب الله وإلا فليجلس"


روى الحاكم في مستدركه عن أبيه: أن عمر بن الخطاب قال لابن مسعود، ولأبي الدرداء، ولأبي ذر: ما هذا الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأحسبه حبسهم بالمدينة حتى أصيب.

وروي في كنز العمال عن محمَّد بن إسحاق قال: أخبرني صالح بن إبراهيم ابن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه قال: والله ما مات عمر بن الخطاب حتى بعث إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فجمعهم من الآفاق عبد الله ابن حذافة وأبا الدرداء وأبا ذر وعقبة بن عامر فقال: ما هذه الأحاديث التي قد أفشيتم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الآفاق؟ قالوا: أتنهانا؟ قال: لا أقيموا عندي لا والله لا تفارقوني ما عشت فنحن أعلم نأخذ ونرد عليكم فما فارقوه حتى مات (كر).

وروي في كنز العمال عن سعد بن إبراهيم عن أبيه قال: قال عمر بن الخطاب لعبد الله بن مسعود ولأبي الدرداء ولأبي ذر: ما الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ولم يدعهم يخرجون من المدينة حتى مات (ابن سعد).

وروي في كنز العمال عن السائب بن يزيد قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول لأبي هريرة: لتتركن الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو لألحقنَّك بأرض دوس. وقال لكعب: لتتركن الحديث أو لأ لحقنك بأرض القردة ـ كر)

وروي في تاريخ المدينة عن السائب بن يزيد بن أخت النمر: أن عمر قال: إلا لا أعلمن ما قال أحدكم: إن عمر ابن الخطاب منعنا أن نقرأ كتاب الله، إني ليس لذلك أمنعكم، ولكن أحدكم يقوِّم لكتاب الله الناس يستمعون إليه، ثم يأتي بالحديث من قبل نفسه، إن حديثكم هو شر الحديث، وإن كلامكم هو شر الكلام.

وروي في كنز العمال عن الزهري عن عروة أن عمر بن الخطاب أراد أن يكتب السنن فاستفتى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك، فأشاروا عليه أن يكتبها وعمر رضي الله عنه يستخير الله فيها شهراً! ثم أصبح يوماً وقد عزم الله له فقال: إني كنت أريد أن أكتب السنن، وإني ذكرت قوماً كانوا قبلكم كتبوا كتاباً فأكبوا عليها وتركوا كتاب الله، وإني والله لا أشوب كتاب الله بشيءٍ أبداً ـ ابن عبد البر في العلم)

وروي في كنز العمال عن ابن وهب قال: سمعت مالكاً يحدث أن عمر ابن الخطاب أراد أن يكتب هذه الأحاديث أو كتبها ثم قال: لا كتاب مع كتاب الله (ابن عبد البر).

وروي في كنز العمال عن يحيى بن جعدة قال: أراد عمر أن يكتب السنَّة ثم بدا له أن لا يكتبها، ثم كتب في الأمصار: من كان عنده شيء من ذلك فليمحه (أبو خيثمة وابن عبد البر معا في العلم).


وروي في كنز العمال عن الزهري قال: أراد عمر بن الخطاب أن يكتب السنن فاستخار الله شهراً ثم أصبح فقد عزم له فقال: ذكرت قوماً كتبوا كتاباً فأقبلوا عليه وتركوا كتاب الله ـ ابن سعد.

وروي في كنز العمال عن يحيى بن جعدة قال: أراد عمر رضي الله عنه أن يكتب السنَّة ثم بدا له أن لا يكتبها، ثم كتب في الأمصار: من كان عنده شيء من ذلك فليمحه (أبو خيثمة وابن عبد البر معا في العلم).

لماذا يا عمر بن الخطاب قلت بين يدي رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم حسبنا كتاب الله دعوه فإنه يهجر، بينما كنت حريصا على قراءة التوراة وكنت حريصا على كتابة ما عند اليهود من تعاليم وحكم لفائدة المسلمين؟ أليس في سنة رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم الكفاية أم أنها لم تعجبك؟ ولم تكن تريد أن يعرفها أحد من المسلمين؟ هل كلامك هذا يعني أن الله عز وجل قد أنزل إلينا دينا ناقصا!.

هذه تساؤلات أترك لك عزيزي القارئ الإجابة عليها من خلال البحث والتقصي عنها من خلال كتب أهل السنة وصحاحهم وسيرهم.

والأنكى من ذلك لما حصل الفراغ عند المسلمين، حيث منعوا في زمن عمر التحدث بحديث رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم وكتابته وعوقبوا بالحبس أو النفي، صار الناس يجهلون كثيرا من الأحكام وصارت السنة النبوية بعيدة عن حياتهم العملية، ومن أجل ملئ ذلك الفراغ قام عمر بن الخطاب بخطوة جريئة وهي فرض القصاصين في المساجد،ومن المعروف إن رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم قد حذر المسلمين من أولئك القصاصين وأقدم لك بعضا من الروايات والتي تدل على هذا المعنى

روى السيوطي في الجامع الصغير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سيكون بعدي قصاص لا ينظر الله إليهم.

وروي في كنز العمال عن علي أنه دخل المسجد فإذا بصوت قاص فلما رآه سكت قال علي: من هذا؟ قال القاص أنا فقال علي: أما أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: سيكون بعدي قصاص لا ينظر الله إليهم.

وروى الطبراني قال رسول الله (ص) " إن بني إسرائيل لما هلكوا قصوا " وروي في مجمع الزوائد

وبالرغم من هذا التحذير النبوي من القصاصين وبالرغم من الأحاديث النبوية التي تأمر بحفظ الحديث النبوي وتدوينه ورعايته ونقله، قام عمر بن الخطاب بمخالفة رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم فبعد إن حرق السنة ومنع من التحدث بها وروايتها وعاقب على ذلك، جاء بالقصاصين وعينهم في المساجد حتى يحدثوا الناس وفرض لهم أياما معينة،


روى الإمام أحمد عن السائب بن يزيد قال: " إنه لم يكن يقص على عهد رسول الله (ص) ولا أبي بكر. كان أول من قص تميم الداري. استأذن عمر أن يقص على الناس قائما فأذن له "رواه الطبراني، وفي كنز العمال.

ويجب إن يعلم إن أولئك القصاصين الذين عينهم عمر كانوا أحبارا ورهبانا قبل مجيئهم إلى المدينة المنورة، من أمثال كعب الأحبار، ووهب بن منبه، وعبد الله بن سلام، وتميم الداري، وقد عين عمر بن الخطاب لهم أياما في المسجد لكي يقصوا على الناس قصصا من الإسرائيليات

وروي في تاريخ المدينة حدثنا هارون بن معروف قال، حدثنا محمد بن سلمة الحراني، عن ابن إسحاق، عن نافع، عن ابن عمر قال: خرج عمر إلى المسجد، فرأى حلقا في المسجد فقال: ما هؤلاء؟ فقالوا: قصاص، فقال: وما القصاص؟ سنجمعهم على قاص يقص لهم في يوم سبت مرة إلى مثلها من الآخر. فأمر تميم الداري.

وروي في تاريخ المدينة عن السائب بن يزيد: أنه لم يكن قص على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، كان أول من قص تميم الداري. استأذن عمر ابن الخطاب أن يقص على الناس قائما، فإذن له عمر!

وروي في تاريخ المدينة عن عطاء بن أبي رباح قال: أمر عمر بن الخطاب عبيد بن عمير أن يقص على الناس بعد الصبح وبعد العصر في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة، فلم يزل ذلك جارياً إلى اليوم.

وبما أن هناك فراغ عند الناس وجهل بالسنة النبوية بسبب منع تدوين الحديث اختلطت تلك الإسرائيليات، بما يعرفه الناس من حديث رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم، وبواسطة كعب وابن منبه وسواهما من اليهود الذين اسلموا تسربت إلى الحديث طائفة من أقاصيص الإسرائيليات وما لبثت هذه الروايات أن أصبحت جزءا من الأخبار التاريخية والدينية، حيث قرب عمر هؤلاء الأشخاص وأدناهم من مجلسه وجعل لهم قيمة علمية واجتماعية بين الناس،بينما أقصى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وأبي ذر والمقداد وسلمان وغيرهم ممن منعهم من الحديث بحديث رسول الله، صلَّى الله عليه وآله وسلَّم حتى أن عمر كان يسأل أولئك الأحبار والرهبان عن كثير من أمور العقيدة والأحكام.

روي في كنز العمال عن عمير بن سعد الأنصاري [ كان ولاه عمر حمص فذكر الحديث ] قال: قال عمر لكعب: إني أسألك عن أمر فلا تكتمني، قال: لا والله لا أكتمك شيئاً أعلمه، قال: ما أخوف شيء تخوفه على أمة محمَّد صلى الله عليه وسلم؟ قال: أئمة مضلين.وروي في مجمع الزوائد

وروى السيوطي في الدر المنثور وفي الشفاعة يقول كعب الأحبار، عندما سأله عمر ابن الخطاب إلى ما تنتهي شفاعة محمد يوم القيامة؟: قد أخبرك اللّه في القرآن إن اللّه يقول (ما


سلككم في سقر)... إلى قوله: اليقين. قال كعب:فيشفع يومئذ حتى يبلغ من لم يصل صلاة قط، ويطعم مسكينا قط، ومن لم يؤمن ببعث قط، فاذابلغت هؤلاء لم يبق احد فيه خير.

وروى السيوطي في الدر المنثور وأخرج ابن جرير عن أبي المخارق زهير بن سالم قال قال عمر لكعب ما أول شيء ابتدأه الله من خلقه؟ فقال كعب كتب الله كتاباً لم يكتبه بقلم ولا مداد ولكن كتب بإصبعه يتلوها الزبرجد واللؤلؤ والياقوت: أنا الله لا إله إلا أنا سبقت رحمتي غضبي.

وروى السيوطي في الدر المنثور أن عمر قال لكعب: ماعدن؟ قال هو قصر في الجنة لا يدخله إلا نبي أو صديق أو شهيد أو حكم (حاكم) عدل).

وروي في كنز العمال ً عن أبي إدريس قال: قدم علينا عمر بن الخطاب الشام فقال: إني أريد أن آتي العراق، فقال له كعب الأحبار: أعيذك بالله يا أمير المؤمنين من ذلك! قال وما تكره من ذلك؟ قال: بها تسعة أعشار الشر وكل داء عضال وعصاة الجن وهاروت وماروت، وبها باض إبليس وفرخ (كر).

قد ذكرت لك عزيزي القارئ بعضا من الروايات والتي تبين كيف كان عمر يتتلمذ على أيدي أولئك الأحبار بينما كان يستطيع إن يعلم شيئا من الأشياء التي لم يعلمها من رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم لأنه كان مشغولا بالصفق بالأسواق كما روى البخاري فقال عمر: أخفي هذا علي من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ألهاني الصفق بالأسواق. أن يتوجه إلى أمير المؤمنين باب مدينة العلم سلام الله عليه ليسأله عن أي شيء يجهل حكمه، لا إن يتوجه إلى أولئك الأحبار، ويخلطون في الدين والسنة ما ليس منهما، ولكن النتيجة إن ادخل عمر على المسلمين أفكارا جديدة، كالقدرية، والمرجئة، وغيرها من المعتقدات التي ما انزل الله بها من سلطان، ومع إنه كان واضحا عند الصحابة كذب أولئك الأحبار والرهبان الذين تأسلموا، إلا إن عمر قربهم وأدناهم واعتمد أقوالهم بدلا من سنة رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم.

روى البخاري في باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء). وقال أبو اليمان: أخبرنا شعيب، عن الزُهري: أخبرني حميد بن عبد الرحمن: سمع معاوية يحدث رهطاً من قريش بالمدينة، وذكر كعب الأحبار فقال: إن كان من أصدق هؤلاء المحدِّثين الذين يحدِّثون عن أهل الكتاب، وإن كنا مع ذلك لنبلو عليه الكذب.

روى البخاري في الصحيح خرج رجل من بني سهم مع تميم الداري وعدي بن بداء، فمات السهمي بأرض ليس بها مسلم، فلما قدما بتركته فقدوا جاما من فضة مخوصا من ذهب، فأحلفهما رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم وجد إلجام بمكة، فقالوا: ابتعناه من تميم وعدي، فقام رجلان من أوليائه، فحلفا: لشهادتنا أحق من شهادتهما، وإن الجام لصاحبهم.


وبالتالي صار ادعاء عمر الذي بسببه منع تدوين الحديث، صار ذلك الأمر حقيقة، فدخلت الإسرائيليات على كلام رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم، حتى أن أهل السنة لما دونوا الحديث وضعوا تلك الإسرائيليات في كتبهم واعتبروها من كلام رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم، واليوم المسلمون يعتبرونها سنة نبوية، تقوم على أساسها أحكام شرعية عديدة، مثل القدرية، والمرجئة، والتجسيم، وقضايا كثيرة، كالطعن في عصمة الأنبياء وعصمة رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم والأهم من ذلك التناقضات في المئات من الأحاديث، مما أدى إلى ظهور، الإجتهاد بالرأي والقياس والإستحسان، وغير ذلك في عصر مبكر جدا عند المسلمين.

عثمان والسنة

عثمان بن عفان والسنة

ثم جاء عصر الخليفة الثالث عثمان بن عفان ـ والذي أمضى سنة أبي بكر وعمر في منع تدوين السنة أو التحدث بها ومنع تداولها وأعلن صراحة أن كل حديث لم يوافق عليه أبو بكر أو عمر فإنه لن يقبله (ذكر الحادثة).

روى المتقي الهندي في كنز العمال عن محمود بن لبيد قال: سمعت عثمان بن عفان على المنبر يقول: لا يحل لأحد يروي حديثا لم يسمع به في عهد أبي بكر ولا عهد عمر فإني لم يمنعني أن أحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا أكون أوعى أصحابه عنده إلا أني سمعته يقول: من قال علي ما لم أقل فقد تبوأ مقعده من النار.

وروى ابن سعد في الطبقات الكبرى عن محمود بن لبيد قال سمعت عثمان بن عفان على منبر يقول لا يحل لأحد يروي حديثا لم يسمع به في عهد أبي بكر ولا عهد عمر فإنه لم يمنعني أن أحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أكون من أوعى أصحابه عنه إلا أني سمعته صلى الله عليه وسلم يقول من قال علي ما لم أقل فقد تبوأ مقعده من النار.

إذن عثمان بن عفان أيضا اتبع سنة أبي بكر وعمر في منع التحديث بالسنة النبوية والحديث النبوي، وادعى إن الحديث الذي لم يسمع به في عهد أبي بكر وعمر لا يجوز لأحد أن يرويه، وأتساءل ماذا روي أصلا في زمن أبي بكر وعمر الم يحرقوا السنة ومنعوا تدوينها وعاقبوا على ذلك؟ لكن عثمان بدلا من ذلك كثف وجود القصاصين في المساجد وعين لهم أياما إضافية حتى يرووا للمسلمين قصص الإسرائيليات بدلا من سنة رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم، وبذلك يكون قد أوفى ببيعته لعبد الرحمن بن عوف على إتباع سنة أبي بكر وعمر التي رفضها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب سلام الله عليه عندما شرط عبد الرحمن بن عوف ذلك الشرط.

وروي في تاريخ المدينة فاستأذن تميم في ذلك عثمان بن عفان فأذن له أن يذكر يومين من الجمعة، فكان تميم يفعل ذلك.


وروي في تاريخ المدينة عن ابن شهاب: أنه سئل عن القصص فقال: لم يكن إلا في خلافة عمر، سأله تميم أن يرخص له في مقام واحد في الجمعة، فرخص له فسأله يزيده فزاده مقاما آخر. ثم استخلف عثمان فاستزاده فزاده مقاما آخر، فكان يقوم ثلاث مرات في الجمعة.

ثم أنه عاقب العديد من الصحابة على مخالفة أمره لأنهم كانوا يدعون لتطبيق أمر الله وسنة رسوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم كأبي ذر وبلال وعمار وعبد الله بن مسعود وغيرهم من الذين كانوا يصرخون في وجهه، لأنه خالف سنة رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم وتركها.

أخرج البلاذري في الأنساب عن أبي مخنف قال: كان في بيت المال بالمدينة سفط فيه حلي وجوهر، فاخذ منه عثمان ما حلى به بعض أهله فاظهر الناس الطعن عليه في ذلك وكلموه فيه بكلام شديد حتى أغضبوه، فخطب فقال: لنأخذن حاجتنا من هذا الفيء وان رغمت أنوف أقوام. فقال له علي: إذا تمنع من ذلك ويحال بينك وبينه. وقال عمار بن ياسر: اشهد اللّه أن انفي أول راغم من ذلك. فقال عثمان: علي بابن المتكاء تجترئ؟ خذوه، فاخذ ودخل عثمان ودعا به فضربه حتى غشي عليه، ثم أخرج فحمل حتى أتي به منزل أم سلمة زوج رسول اللّه(ص) فلم يصل الظهر والعصر والمغرب،فلما أفاق توضأ وصلى وقال: الحمد للّه ليس هذا أول يوم أوذينا فيه في اللّه. وقام هشام بن الوليد بن المغيرة المخزومي وكان عمار حليفا لبني مخزوم، فقال: يا عثمان أما علي فاتقيته وبني أبيه، وأما نحن فاجترأت علينا وضربت أخانا حتى أشفيت به على التلف. أما واللّه لئن مات لأقتلن به رجلا من بني أمية عظيم السرة، فقال عثمان: وانك لها هنا يا بن القسرية؟ قال: فانهما قسريتان وكانت أمه وجدته قسريتين من بجيلة فشتمه عثمان وأمر به فاخرج، فأتى أم سلمة فإذا هي قد غضبت لعمار، وبلغ عائشة ما صنع بعمار، فغضبت وأخرجت شعرا من شعر رسول اللّه(ص) وثوبا من ثيابه ونعلا من نعاله ثم قالت: ما أسرع ما تركتم سنة نبيكم وهذا شعره وثوبه ونعله لم يبل بعد! فغضب عثمان غضبا شديدا حتى ما درى ما يقول، فالتج المسجد وقال الناس: سبحان اللّه، سبحان اللّه،وكان عمرو بن العاص واجدا على عثمان لعزله إياه عن مصر وتوليته إياها عبد الله بن سعد بن أبي سرح، فجعل يكثر التعجب والتسبيح. وبلغ عثمان مسير هشام بن الوليد ومن مشى معه من بني مخزوم إلى أم سلمة وغضبها لعمار فأرسل إليها: ما هذا الجمع؟ فأرسلت إليه: دع ذا عنك يا عثمان، ولا تحمل الناس في أمرك على ما يكرهون. واستقبح الناس فعله بعمار وشاع فيهم فاشتد إنكارهم له.

وفي لفظ الزهري كما في انساب البلاذري: كان في الخزائن سفط فيه حلي، واخذ منه عثمان فحلى به بعض أهله، فاظهروا عند ذلك الطعن عليه وبلغه ذلك فخطب فقال: هذا مال اللّه أعطيه من شئت وامنعه من شئت فأرغم اللّه انف من رغم، فقال عمار: أنا واللّه أول من رغم انفه من ذلك. فقال عثمان: لقد اجترأت علي يا بن سمية! وضربه حتى غشي عليه، فقال عمار: ما هذا بأول ما أوذيت في اللّه. واطلعت عائشة شعرا من رسول (ص) ونعله وثيابا من


ثيابه فيما يحسب وهب ثم قالت: ما أسرع ما تركتم سنة نبيكم! وقال عمرو بن العاص: هذا منبر نبيكم وهذه ثيابه وهذا شعره لم يبل فيكم وقد بدلتم وغيرتم. فغضب عثمان حتى لم يدر ما يقول.

قال البلاذري في الأنساب: أن المقداد بن عمرو وعمار بن ياسر وطلحة والزبير في عدة من أصحاب رسول اللّه (ص) كتبوا كتابا عددوا فيه أحداث عثمان، وخوفوه ربه، واعلموه أنهم مواثبوه إن لم يقلع، فأخذ عمار الكتاب وأتاه به فقرأ صدرا منه، فقال له عثمان: اعلي تقدم من بينهم؟ فقال عمار: لأني انصحهم لك. فقال: كذبت يا بن سمية. فقال: أنا واللّه ابن سمية وابن ياسر. فأمر غلمانه فمدوا بيديه ورجليه ثم ضربه عثمان برجليه وهي في الخفين على مذاكيره، فأصابه الفتق، وكان ضعيفا كبيرا فغشي عليه. وذكره ابن أبي الحديد في الشرح نقلا عن الشريف المرتضى من دون غمز فيه.

وروى في الاستيعاب: وللحلف والولاء اللذين بين بني مخزوم وبين عمار وأبيه ياسر كان اجتماع بني مخزوم إلى عثمان حين نال من عمار غلمان عثمان ما نالوا من الضرب، حتى أنفتق له فتق في بطنه، ورغموا وكسروا ضلعا من أضلاعه، فاجتمعت بنو مخزوم وقالوا: واللّه لئن مات لا قتلنا به أحدا غير عثمان.

روى البلاذري: قدم ابن مسعود المدينة وعثمان يخطب على منبر رسول اللّه(ص)، فلما رآه قال: إلا انه قد قدمت عليكم دويبة سوء، من يمشي على طعامه يقي ء ويسلح، فقال ابن مسعود: لست كذلك ولكني صاحب رسول اللّه(ص) يوم بدر ويوم بيعة الرضوان. ونادت عائشة: أي عثمان أتقول هذا لصاحب رسول اللّه؟ ثم أمر عثمان به فاخرج من المسجد إخراجا عنيفا، وضرب به عبد الله بن زمعة الأرض، ويقال: بل احتمله يحموم غلام عثمان ورجلاه تختلفان على عنقه حتى ضرب به الأرض فدق ضلعه، فقال علي: "يا عثمان أتفعل هذا بصاحب رسول اللّه (ص) بقول الوليد ابن عقبة؟" فقال: ما بقول الوليد فعلت هذا ولكن وجهت زبيد بن الصلت الكندي إلى الكوفة فقال له ابن مسعود: أن دم عثمان حلال، فقال علي: "أحلت عن زبيد على غير ثقة".

وروى الواقدي: أن ابن مسعود لما استقدم المدينة دخلها ليلة جمعة، فلما علم عثمان بدخوله قال: يا أيها الناس انه قد طرقكم الليلة دويبة، من يمشي على طعامه يقي ء ويسلح، فقال ابن مسعود: لست كذلك ولكنني صاحب رسول اللّه يوم بدر، وصاحبه يوم بيعة الرضوان، وصاحبه يوم الخندق، وصاحبه يوم حنين. قال: وصاحت عائشة: يا عثمان أتقول هذا لصاحب رسول اللّه؟ فقال عثمان: اسكتي.. ثم قال لعبد الله بن زمعة: أخرجه أخراجا عنيفا، فأخذه ابن زمعة فاحتمله حتى جاء به باب المسجد فضرب به الأرض فكسر ضلعا من أضلاعه، فقال ابن مسعود: قتلني ابن زمعة الكافر بأمر عثمان.


روى ابن كثير في التاريخ ولما مرض ابن مسعود مرضه الذي مات فيه أتاه عثمان عائدا فقال: ما تشتكي؟ قال: ذنوبي. قال: فما تشتهي؟ قال: رحمة ربي. قال: إلا أدعو لك طبيبا؟ قال:الطبيب أمرضني. قال: أفلا آمر لك بعطائك؟ قال: منعتنيه وأنا محتاج إليه، وتعطينيه وأنا مستغن عنه؟ قال:يكون لولدك، قال: رزقهم على اللّه. قال: استغفر لي يا أبا عبد الرحمن، قال: أسال اللّه أن يأخذ لي منك بحقي،وأوصى أن لا يصلي عليه عثمان. فدفن بالبقيع وعثمان لا يعلم. فلما علم غضب وقال: سبقتموني به؟ فقال له عمار بن ياسر: انه أوصى أن لا تصلي عليه. ورواه بن أبي الحديد في شرح النهج

وأخرج محمد بن إسحاق عن محمد بن كعب القرظ ي: إن عثمان ضرب ابن مسعود أربعين سوطا في دفنه اباذر. شرح ابن أبي الحديد

وفي تاريخ الخميس: حبس عثمان عن عبد الله بن مسعود وأبي ذر عطاءهما، وأخرج أبا ذر إلى الربذة وكان بها إلى أن مات.

وفي السيرة الحلبية: من جملة ما انتقم به على عثمان انه حبس عبد الله بن مسعود وهجره، وحبس عطاء أبي بن كعب، واشخص عبادة بن الصامت من الشام لما شكاه معاوية، وضرب عمار بن ياسر وكعب بن عبدة ضربه عشرين سوطا ونفاه إلى بعض الجبال،

حتى أنه كانت له جولات مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب سلام الله تعالى عليه، فقد كان أمير المؤمنين لا يمضي أمرا لا يوافق سنة رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم. والحوادث في ذلك كثيرة ليس فقط مع عثمان بل مع أبي بكر وعمر أيضا.

فقد روى الهيثمي في مجمع الزوائد عن سعيد بن المسيب قال: كان لعثمان إذن فكان يخرج بين يديه إلى الصلاة قال: فخرج يوماً فصلى والإذن بين يديه ثم جاء فجلس الإذن ناحية ولف رداءه فوضعه تحت رأسه واضطجع ووضع الدرة بين يديه فأقبل علي في إزار ورداء وبيده عصا فلما رآه الإذن من بعيد قال: هذا علي قد أقبل فجلس عثمان فأخذ عليه رداءه فجاء حتى قام على رأسه فقال: اشتريت ضيعة آل فلان ولوقف رسول الله صلى الله عليه وسلم في مائها حق أما إني قد علمت أنه لا يشتريها غيرك. فقام عثمان وجرى بينهما كلام حتى ألقى الله عز وجل وجاء العباس فدخل بينهما ورفع عثمان على علي الدرة. رواه الطبراني في الأوسط

وكذلك عندما أراد عثمان الحج وكان يمنع حج التمتع فلم يقبل علي إلا إمضاء سنة رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم

روى مسلم في صحيحه عن قتادة. قال: قال عبد الله ابن شقيق: كان عثمان ينهى عن المتعة. وكان علي يأمر بها. فقال عثمان لعلي كلمة. ثم قال علي: لقد علمت أنا قد تمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: أجل. ولكنا كنا خائفين.


/ 33