الكتاب: فتوح مصر وأخبارها
المؤلف: القرشي المصري
الجزء:
الوفاة: 257
المجموعة: مصادر التاريخ
تحقيق: محمد الحجيري
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: 1416 / 1996م
المطبعة: بيروت - دار الفكر
الناشر: دار الفكر
ردمك:
ملاحظات:
فتوح مصر وأخبارها

1
بسم الله الرحمن الرحيم
أخبرنا الشيخ الفقيه الإمام العالم الحافظ أبو الطاهر أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم السلفي الأصبهاني قراءة عليه وأنا أسمع بثغر الإسكندرية حماه الله تعالى قال أخبرنا الشيخ أبو صادق مرشد بن يحيى بن القاسم بن علي المديني بقراءتي عليه قال أخبرنا الشيخ أبو الحسن علي بن منير بن أحمد الخلال في كتابه سنة خمس وثلاثين وأربع مائة قال أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن الفرج القماح قال أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن بن خلف بن قديد الأزدي قال حدثنا أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم قال

48
الجزء الأول
حدثنا محمد بن إسماعيل الكعبي قال حدثني أبي عن حرملة بن يحيى بن عمران التجيبي عن أبي قبيل عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال خلقت الدنيا على خمس صور على صورة الطير برأسه وصدره وجناحيه وذنبه فالرأس مكة والمدينة واليمن والصدر الشام ومصر والجناح الأيمن العراق وخلف العراق أمة يقال لها واق وخلف واق أمه يقال لها واق واق وخلف ذلك من الأمم ما لا يعلمه الا الله عز وجل والجناح الأيسر السند وخلف السند الهند وخلف الهند أمه يقال لها باسك وخلف باسك أمه يقال لها منسك وخلف ذلك من الأمم ما لا يعلمه إلا الله عز وجل والذنب من ذات الحمام إلى مغرب الشمس وشر ما في الطير الذنب
ذكر وصيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقبط
حدثنا أشهب بن عبد العزيز وعبد الملك بن مسلمة قالا حدثنا

49
مالك بن أنس عن ابن شهاب عن عبد الرحمن بن الكعب بن مالك ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا افتتحتم مصر فاستوصوا بالقبط خيرا فإن لهم ذمة ورخما قال ابن شهاب وكان يقال أن أم إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام منهم
حدثنا عبد الله بن صالح ومحمد بن رمح قالا حدثنا الليث بن سعد عن ابن شهاب عن ابن الكعب بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله قال الليث قلت لابن شهاب ما رحمهم قال إن أم إسماعيل عليه السلام منهم
حدثنا أبي عبد الله بن عبد الحكم وحامد بن يحيى قالا حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري أظنه عن ابن الكعب بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا عبد الملك بن هشام قال حدثنا زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق قال حدثني محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب

50
الزهري أن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك الأنصاري ثم السلمي حدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله قال ابن إسحاق فقلت لمحمد بن مسلم ما الرحم الذي ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم فقال كانت هاجر أم إسماعيل منهم
حدثنا أبي عبد الله بن عبد الحكم قال حدثنا راشد بن سعد وحدثنا عبد الملك بن مسلمة قال حدثنا عبد الله بن وهب عن حرملة بن عمران التجيبي عن عبد الرحمن بن شماسة المهري قال سمعت أبا ذر يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنكم ستفتحون أرضا يذكر فيها القيراط فاستوصوا بأهلها خيرا فإن لهم ذمة ورحما
حدثنا سعيد بن مسيرة عن إسحاق بن الفراط عن ابن لهيعة عن الأسود بن مالك الحميري عن بجير بن ذاخر المعافري عن عمرو بن العاص عن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله عز وجل سيفتح عليكم بعدي مصر فاستوصوا بقبطها خيرا فإن لكم منهم صهرا وذمة

51
حدثنا عبد الملك بن مسلمة ويحيى بن عبد الله بن بكير عن ابن لهيعة عن ابن هبيرة أن أبا سالم الجيشاني أن سفيان بن هانئ أخبره أن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبره أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إنكم ستكونون أجنادا وإن خير أجنادكم أهل المغرب منكم فاتقوا الله في القبط لا تأكلوهم أكل الحضر
حدثنا أبي قال حدثنا إسماعيل بن عياش عن عبد الرحمن بن زياد عن مسلم بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال استوصوا بالقبط خيرا فإنكم ستجدونهم نعم الأعوان على قتال عدوكم
حدثنا عبد الملك بن مسلمة عن الليث وابن لهيعة قال أخبرنا ابن وهب عن عمرو بن حريث عن يزيد بن أبي حبيب أن أبا سلمة بن عبد الرحمن حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصى عند وفاته أن يخرج اليهود من جزيرة العرب وقال الله الله في قبط مصر فإنكم ستظهرون عليهم ويكونون لكم عدة وأعوانا في سبيل الله
حدثنا عبد الملك بن مسلمة قال حدثنا ابن وهب عن موسى بن أيوب الغافقي عن رجل من آل زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرض فأغمي عليه ثم

52
أفاق فقال استوصوا بالأدم الجعد خيرا ثم أغمي عليه الثانية ثم أفاق فقال مثل ذلك ثم أغمي عليه الثالثة فقال مثل ذلك فقال القوم لو سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأدم الجعد فأفاق فسألوه فقال قبط مصر فإنهم أخوال وأصهار وهم أعوانكم على عدوكم وأعونكم على دينكم فقالوا كيف يكونون أعوانا على ديننا يا رسول الله فقال يكفونكم أعمال الدنيا وتتفرغون للعبادة فالراضي بما يؤتى إليهم كالفاعل بهم والكاره لما يؤتى إليهم من الظلم كالدافع عنهم
حدثنا عبد الملك بن مسلمة قال حدثنا ابن وهب عن أبي هانئ الخولاني عن أبي عبد الرحمن الحبلي وعمرو بن حريث وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إنكم ستقدمون على قوم جعد رؤوسهم فاستوصوا بهم خيرا فإنهم قوة لكم وبلاغ إلى عدوكم بإذن الله عز وجل يعني قبط مصر
حدثنا أبو الأسود قال حدثنا ابن لهيعة عن أبي هانئ أنه سمع الحبلي وعمرا بن حريث يحدثان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا عبد الملك بن هشام قال أخبرنا عبد الله بن وهب عن ابن لهيعة قال حدثني عمر مولى عفرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله الله في أهل الذمة أهل المدرة
السوداء السحم الجعاد فإن لهم نسبا وصهرا

53
قال عمر مولى عفرة صهرهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تسرر فيهم ونسبهم أن أم إسماعيل النبي عليه السلام منهم قال ابن وهب فأخبرني ابن لهيعة أن أم إسماعيل هاجر من أم العرب قرية كانت امام الفرما من مصر
حدثنا عثمان بن صالح قال أخبرنا مروان القصاص قال صاهر إلى القبط من الأنبياء صلوات الله عليهم ثلاثة إبراهيم خليل الرحمن عليه الصلاة والسلام تسرر هاجر ويوسف عليه السلام تزوج بنت صاحب عين شمس ورسول الله صلى الله عليه وسلم تسرر مارية
حدثنا هانئ بن المتوكل قال حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب قال إن قرية هاجر ياق التي عند أم دنين ودفنت هاجر حين توفيت كما حدثنا ابن هشام عن زياد بن عبد الله عن ابن إسحاق في الحجر قال ابن هشام تقول العرب هاجر وآجر فيبدلون الألف من الهاء كما قالوا هراق الماء وأراق الماء ونحوه

54
ذكر بعض فضائل مصر
حدثنا عبد الله بن صالح عن ابن لهيعة عن بكر بن سوادة وبكر بن عمرو الخولاني يرفعان الحديث إلى عبد الله بن عمرو بن العاص قال قبط مصر أكرم الأعاجم كلها وأسمحهم يدا وأفضلهم عنصرا وأقربهم رحما بالعرب عامة وبقريش خاصة ومن أراد أن يذكر الفردوس أو ينظر إلى مثلها في الدنيا فلينظر إلى أرض مصر حين تخضر زروعها وتثمر ثمارها
حدثنا أبو الأسود النضر بن عبد الجبار قال حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن عمرو المعافري عن كعب الأحبار قال من أراد أن ينظر إلى شبه الجنة فلينظر إلى مصر إذا أخرفت وقال غير أبي الأسود إلى أرض مصر إذا أزهر ت
وقال غير ابن لهيعة وكان منهم السحرة فآمنوا جميعا في ساعة واحدة ولا يعلم جماعة أسلمت في ساعة واحدة أكثر من جماعة القبط وهم السحرة الذين آمنوا بموسى
وكان السحرة كما حدثنا عثمان بن صالح عن ابن لهيعة عن عبد الله بن هبيرة السبائي وبكر بن عمرو الخولاني ويزيد بن أبي حبيب

55
المالكي يزيد بعضهم على بعض في الحديث اثني عشر ساحرا رؤساء تحت يد كل ساحر منهم عشرون عريفا تحت يد كل عريف منهم ألف من السحرة فكان جميع السحرة مائتي ألف وأربعين ألفا ومائتين واثنين وخمسين إنسانا بالرؤساء والعرفاء فلما عاينوا ما عاينوا أيقنوا أن ذلك من السماء وأن السحر لا يقوم لأمر الله فخر الرؤساء الاثنا عشر عند ذلك سجدا فاتبعهم العرفاء واتبع العرفاء من بقي وقالوا * (آمنا برب العالمين رب موسى وهارون) *
حدثنا هانئ بن المتوكل قال حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن تبيعا قال كانوا من أصحاب موسى صلوات الله عليه ولم يفتتن منهم أحد مع من افتن من بني إسرائيل في عبادة العجل
حدثنا هانىء بن المتوكل قال حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب ان تبيعا كان يقول ما آمن جماعة قط في ساعة واحدة مثل جماعة القبط
حدثنا أبو صالح قال حدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب أنه بلغه أن كعب الأحبار كان يقول مثل قبط مصر كالغيضة كلما قطعت نبتت حتى يخرب الله عز وجل بهم وبصناعتهم جزائر الروم

56
وكانت مصر كما حدثنا عبد الله بن صالح وعثمان بن صالح عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن عبد الرحمن بن شماسة المهري عن أبي رهم السماعي قناطر وجسور بتقدير وتدبير حتى أن الماء ليجري تحت منازلها وأفنيتها فيحبسونه ويرسلونه كيف شاؤوا فذلك قول الله تبارك وتعالى فيما حكي من قول فرعون * (أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي أفلا تبصرون) * ولم يكن في الأرض يومئذ ملك أعظم من ملك مصر وكانت الجنات بحافتي النيل من أوله إلى آخره في الجانبين جميعا ما بين أسوان إلى رشيد وسبع خلج خليج الإسكندرية وخليج سخا وخليج دمياط وخليج منف وخليج الفيوم وخليج المنهى وخليج سردوس جنات متصلة لا ينقطع منها شيء عن شيء والزروع ما بين الجبلين من أول مصر إلى آخرها مما يبلغه الماء وكان جميع أرض مصر كلها تروى من ست عشرة ذراعا لما قدروا ودبروا من قناطرها وخلجها وجسورها فذلك قوله عز وجل * (كم تركوا من جنات وعيون وزروع ومقام كريم) * قال والمقام الكريم المنابر كان بها ألف منبر

57
قال وأما خليج الفيوم والمنهى فحفرهما يوسف صلى الله عليه وسلم وسأذكر كيف كان ذلك في موضعه إن شاء الله وأما خليج سردوس فإن الذي حفره هامان
حدثنا عبد الله بن صالح وعثمان بن صالح قالا حدثنا ابن لهيعة عن يحيى بن ميمون الحضرمي عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن فرعون استعمل هامان على حفر خليج سردوس فلما ابتدأ حفره أتاه أهل كل قرية يسألونه أن يجري الخليج تحت قريتهم ويعطونه مالا قال وكان يذهب به إلى هذه القرية من نحو المشرق ثم يرده إلى قرية من نحو دبر القبلة ثم يرده إلى قرية في الغرب ثم يرده إلى أهل قرية في القبلة ويأخذ من أهل كل قرية مالا حتى اجتمع له في ذلك مائة ألف دينار فأتى بذلك يحمله إلى فرعون فسأله فرعون عن ذلك فأخبره بما فعل في حفره فقال له فرعون ويحك إنه ينبغي للسيد أن يعطف على عباده ويفيض عليهم ولا يرغب فيما بأيديهم رد على أهل كل قرية ما أخذت منهم فرده كله على أهله
قال فلا يعلم بمصر خليج أكثر عطوفا منه لما فعل هامان في حفره وكان هامان كما حدثنا أسد عن خالد بن عبد الله عن محدث حدثه نبطيا وكانت بحيرة الإسكندرية كما حدثنا عبد الله بن صالح عن الليث بن سعد كرما كلها لامرأة المقوقس فكانت تأخذ خراجها منهم الخمر بفريضة

58
عليهم فكثر الخمر عليها حتى ضاقت به ذرعا فقالت لا حاجة لي في الخمر اعطوني دنانير فقالوا ليس عندنا فأرسلت عليهم الماء فغرقتها فصارت بحيرة يصاد فيها الحيتان حتى استخرجها بنو العباس فسدوا جسورها وزرعوا فيها
ذكر نزول القبط بمصر وسكناهم بها
حدثنا عثمان بن صالح قال حدثنا ابن لهيعة عن عياش بن عباس القتباني عن حنش بن عبد الله الصنعاني عن عبد الله بن عباس قال كان لنوح صلوات الله عليه أربعة من الولد سام بن نوح وحام بن نوح ويافث بن نوح ويحطون بن نوح وأن نوحا رغب إلى الله عز وجل وسأله أن يرزقه الإجابة في ولده وذريته حين تكاملوا بالنماء والبركة فوعده ذلك فنادى نوح ولده وهم نيام عند السحر فنادى ساما فأجابه يسعى وصاح سام في ولده فلم يجبه أحد منهم إلا ابنه أرفخشذ فانطلق به معه حتى أتياه فوضع نوح يمينه على سام وشماله على أرفخشذ ابن سام وسأل الله عز وجل أن يبارك في سام أفضل البركة وأن يجعل الملك والنبوة في ولد أرفخشذ ثم نادى حاما فتلفت يمينا وشمالا ولم يجبه ولم يقم إليه هو ولا أحد من ولده فدعا الله عز وجل نوح ان يجعل ولده أذلاء وأن يجعلهم عبيدا لولد سام
قال وكان مصر بن بيصر بن حام نائما إلى جنب جده حام فلما سمع دعاء نوح على جده وولده قام يسعى إلى نوح فقال يا جدي قد أجبتك إذ

59
لم يجبك أبي ولا أحد من ولده فاجعل لي دعوة من دعوتك ففرح نوح صلى الله عليه وسلم ووضع يده على رأسه وقال اللهم إنه قد أجاب دعوتي فبارك فيه وفي ذريته وأسكنه الأرض المباركة التي هي أم البلاد وغوث العباد التي نهرها أفضل أنهار الدنيا واجعل فيها أفضل البركات وسخر له ولولده الأرض وذللها لهم وقوهم عليها
قال ثم دعا ابنه يافث فلم يجبه هو ولا أحد من ولده فدعا الله عز وجل عليهم أن يجعلهم شرار الخلق قال ثم دعا ابنه يحطون فأجابه فدعا الله عز وجل أن يجعل له البركة فلم يكن له ولد ولا نسل فعاش سام مباركا حتى مات وعاش ابنه أرفخشذ بن سام مباركا حتى مات وكان الملك الذي يحبه الله والنبوة والبركة في ولد أرفخشذ بن سام وكان أكبر ولد حام كنعان بن حام وهو الذي حبل به في الرجز في الفلك فدعا عليه نوح عليه السلام فخرج أسود وكان في ولده الجفاء والملك والجبروت وهو أبو السودان والحبش كلهم وابنه الثاني كوش بن حام وهو أبو السند والهند وابنه الثالث قوظ بن حام وهو أبو البربر وابنه الأصغر الرابع بيصر بن حام وهو أبو القبط كلهم
حدثنا عبد الملك بن مسلمة قال حدثنا سليمان بن بلال قال حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير قال حدثنا الليث بن سعد عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب قال ولد نوح النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة نفر سام وحام ويافث فولد كل واحد من الثلاثة ثلاثة فسام أبو العرب وفارس والروم ويافث أبو الصقالبة والترك وياجوج ومأجوج وحام أبو السودان والبربر والقبط

60
ثم رجع إلى حديث عثمان قال فولد بيصر بن حام أربعة مصر بن بيصر وهو أكبرهم والذي دعا له نوح صلوات الله عليه بما دعا له وفارق بن بيصر وماح بن بيصر وياح بن بيصر قال غير عثمان فولد مصر أربعة قبط بن مصر وأشمون بن مصر وأتريب بن مصر وصا بن مصر
حدثنا عثمان بن صالح ويحيى بن خالد عن ابن لهيعة وعبد الله بن خالد يزيد أحدهما على صاحبه وقد كان عثمان ربما قال حدثني خالد بن نجيح عن ابن لهيعة وعبد الله بن خالد قالا فكان أول من سكن مصر بعد أن أغرق الله قوم نوح بيصر بن حام بن نوح فسكن منف وهي أول مدينة عمرت بعد الغرق هو وولده وهم ثلاثون نفسا قد بلغوا وتزوجوا فبذلك سميت مافة ومافة بلسان القبط ثلاثون
قال وكان بيصر بن حام قد كبر وضعف وكان مصر أكبر ولده وهو الذي ساق أباه وجميع إخوته إلى مصر فنزلوا بها فبمصر بن بيصر سميت مصر مصر فحاز له ولولده ما بين الشجرتين خلف العريش إلى أسوان طولا ومن برقة إلى أيلة عرضا قال ثم إن بيصر بن حام توفي فدفن في موضع أبي هرميس

61
قال غير عثمان فهي أول مقبرة قبر فيها بإرض مصر ثم رجع إلى حديث عثمان بن صالح وغيره قال ثم إن بيصر بن حام توفي واستخلف ابنه مصر وحاز كل واحد من اخوة مصر قطعة من الأرض لنفسه سوى أرض مصر التي حاز لنفسه ولولده فلما كثر ولد مصر وأولاد أولادهم قطع مصر لكل واحد من ولده قطيعة يحوزها لنفسه ولولده وقسم لهم هذا النيل
قال فقطع لابنه قبط موضع قبط فسكنها وبه سميت قبط قبطا وما فوقها إلى أسوان وما دونها إلى أشمون في الشرق والغرب وقطع لأشمون من أشمون ما دونها إلى منف في الشرق والغرب فسكن أشمون أشمون فسميت به وقطع لأتريب ما بين منف إلى صا فسكن اتريب فسميت به وقطع لصا ما بين صا إلى البحر فسكن صا فسميت به فكانت مصر كلها على أربعة أجزاء جزءين بالصعيد وجزءين بأسفل الأرض
قال ثم توفي مصر بن بيصر فاستخلف ابنه قبط بن مصر ثم توفي أشمون بن مصر فاستخلف أخاه أتريب بن مصر ثم توفي قبط بن مصر فاستخلف أخاه أشمون بن مصر ثم توفي أتريب بن مصر فاستخلف أخاه صا بن مصر ثم توفي صا بن مصر فاستخلف ابنه تدارس بن صا ثم توفي تدارس بن صا فاستخلف ابنه ماليق بن تدارس ثم توفي ماليق بن

62
تدارس فاستخلف ابنه خربتا بن ماليق ثم توفي خربتا بن ماليق فاستخلف ابنه كلكى بن خربتا فملكهم نحوا من مائة سنة ثم توفي ولا ولد له فاستخلف أخاه ماليا بن خربتا ثم توفي ماليا بن خربتا فاستخلف ابنه لوطيس بن ماليا وهو الذي كان وهب هاجر لسارة امرأة إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام
ذكر دخول إبراهيم مصر
وكان سبب دخول إبراهيم مصر كما حدثنا أسد بن موسى وغيره أنه لما أمر بالخروج عن أرض قومه والهجرة إلى الشام خرج ومعه لوط وسارة حتى أتوا حران فنزلها فأصاب أهل حران جوع فارتحل بسارة يريد مصر فلما دخلها ذكر جمالها لملكها ووصف له أمرها
وكان حسن سارة كما حدثنا أسد بن موسى قال حدثنا عبد الله بن خالد عن خالد بن عبد الله عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال كان حسن سارة حسن حواء
ثم رجع إلى حديث أسد وغيره وقال فأمر بها فأدخلت عليه وسأل إبراهيم صلى الله عليه وسلم قال له ما هذه المرأة منك قال أختي فهم الملك بها فأيبس الله يديه ورجليه
فقال لإبراهيم هذا عملك فادع الله لي فوالله لا اسؤك فيها فدعا الله له فأطلق الله عز وجل يديه ورجليه وأعطاها غنما

63
وبقرا وقال ما ينبغي لهذه أن تخدم نفسها فوهب لها هاجر فكان أبو هريرة يقول فتلك أمكم يا بني ماء السماء يريد العرب
حدثونا عن عبد الله بن وهب عن جرير بن حازم عن أيوب عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن إبراهيم قدم أرض جبار ومعه سارة وكانت أحسن الناس فقال لها إن هذا الجبار إن يعلم أنك امرأتي يغلبني عليك فإن سألك فأخبريه أنك أختي فإنك أختي في الإسلام فلما دخل الأرض رآها بعض أهل الجبار فأتاه فقال لقد دخلت أرضك امرأة لا ينبغي أن تكون إلا لك فأرسل إليها فأتي بها وقام إبراهيم إلى الصلاة فلما أدخلت عليه لم يتمالك أن يبسط يده إليها فقبضت يده قبضة شديدة فقال لها ادعي الله أن يطلق يدي فلا أضرك ففعلت فعاد فقبضت يده أشد من القبضة الأولى فقال لها مثل ذلك ففعلت فعاد فقبضت أشد من القبضتين الأوليين فقال ادعي الله أن يطلق يدي فلك الله أن لا أضرك ففعلت فأطلقت يده فدعا الذي جاء بها فقال أنك إنما اتيتني بشيطان ولم تأتني بإنسان فأخرجها من أرضي فأعطاها هاجر فأقبلت تمشي فلما رآها إبراهيم صلى الله عليه وسلم انصرف فقال لها مهيم قالت خيرا كف الله يد الفاجر واخدم خادما قال أبو هريرة فتلك أمكم يا بني ماء السماء
قال ابن وهب وأخبرني ابن أبي الزناد عن أبيه عن الأعرج عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوه قال فقام إليها فقامت فتوضأت تصلي ثم

64
قالت اللهم إني كنت آمنت بك وبرسولك وأحصنت فرجي إلا على زوجي فلا تسلط علي الكافر فغط حتى ركض برجله
قال الأعراج قال أبو سلمة قال أبو هريرة قال قالت اللهم إن يمت يقال هي قتلته
حدثنا أسد بن موسى عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن حارثة بن مضرب عن علي بن أبي طالب عليه السلام أن سارة كانت بنت ملك من الملوك وكانت قد أوتيت حسنا فتزوجها إبراهيم عليه السلام فمر بها على ملك من الملوك فأعجبته فقال لإبراهيم ما هذه المرأة فقال له ما شاء الله أن يقول فلما خاف إبراهيم وخافت سارة أن يدنو منها دعوا الله عليه فأيبس الله يديه ورجليه فقال لإبراهيم قد علمت إن هذا عملك فادع الله لي فوالله لا اسؤك فيها فدعا له فأطلق الله يديه ورجليه ثم قال الملك إن هذه لامرأة لا ينبغي أن تخدم نفسها فوهب لها هاجر فخدمتها ما شاء الله ثم إنها غضبت عليها ذات يوم فحلفت لتغيرن منها ثلاثة أشياء فقال تخفضينها وتثقبين أذنيها ثم وهبتها لإبراهيم على أن لا يسوئها فيها فوقع عليها فعلقت فولدت إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام قال وكانت سارة كما حدثنا وثيمة بن موسى عن سلمة بن الفضل وعمرو بن الأزهر أو أحدهما عن ابن إسحاق عن عبد الرحمن عن أبي هريرة حين رأت أنها لا تلد أحبت أن تعرض هاجر على إبراهيم فكانت تمنعها الغيرة وكانت هاجر كما حدثنا وثيمة بن موسى عن سلمة بن الفضل وعمرو بن الأزهر أو

65
أحدهما أو كلاهما عن ابن إسحاق أول من جرت ذيلها لتخفي أثرها على سارة وكانت سارة قد حلفت لتقطعن منها عضوا فبلغ ذلك هاجر فلبست درعا لها وجرت ذيلها لتخفي أثرها وطلبتها سارة فلم تقدر عليها فقال إبراهيم هل لك أن تعفي عنها فقالت فكيف بما حلفت قال تخفضيها فيكون ذلك سنة للنساء فتبرين في يمينك ففعلت فمضت السنة بالخفض
ذكر ظفر العمالقة بمصر وأمر يوسف
ثم رجع إلى حديث عثمان وغيره قال ثم توفي لوطيس بن ماليا فاستخلف ابنته حوريا ابنة لوطيس ولم يكن له ولد غيرها وهي أول امرأة ملكت قال ثم توفيت حوريا ابنة لوطيس فاستخلفت ابنة عمها زالفا ابنة مأموم بن ماليا فعمرت دهرا طويلا وكثروا ونموا وملؤا أرض مصر كلها وتشعبوا وملكوا النساء فطمعت فيهم العمالقة فغزاهم الوليد بن دومع فقاتلهم قتالا شديدا ثم رضوا أن يملكوه عليهم فملكهم نحوا من مائة سنة فطغى وتكبر وأظهر الفاحشة فسلط الله عليه سبعا فافترسه فأكل لحمه
والعماليق كما حدثنا عبد الملك بن هشام من ولد عملاق ويقال عمليق ابن لاوذ بن سام
حدثنا أبو الأسود وأسد بن موسى ويحيى بن عبد الله بن بكير عن ابن

66
لهيعة عن يزيد بن عمرو المعافري عن ابن حجيرة قال استظل سبعون رجلا من قوم موسى في قحف رجل من العماليق
قال فملكهم من بعده ابنه الريان بن الوليد بن دومع وهو صاحب يوسف النبي عليه السلام فلما رأى الملك الرؤيا التي رآها وعبرها يوسف صلى الله عليه وسلم الرسل إليه الملك وأخرجه من السجن
حدثنا أسد بن موسى عن خالد بن عبد الله عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال فأتاه الرسول فقال ألق عنك ثياب السجن والبس ثيابا جددا وقم إلى الملك فدعا له أهل السجن وهو يومئذ ابن ثلاثين سنة فلما أتاه رأى غلاما حدثا فقال أيعلم هذا رؤياي ولا يعلمها السحرة والكهنة وأقعده قدامه وقال له لا تخف قال عثمان وغيره في حديثهما فلما استنطقه وسأله عظم في عينيه وجل أمره في قلبه فدفع إليه خاتمه وولاه ما خلف بابه
حدثنا أسد بن موسى عن خالد بن عبد الله عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال وألبسه طوقا من ذهب وثياب حرير وأعطاه دابة مسرجة مزينة كدابة الملك وضرب بالطبل بمصر أن يوسف خليفة الملك حدثنا أسد بن موسى عن خالد بن عبد الله قال حدثني أبو سعد عن عكرمة أن فرعون قال ليوسف قد سلطتك على مصر غير أني أريد أن أجعل

67
كرسي أطول من كرسيك بأربع أصابع قال يوسف نعم
ثم رجع إلى حديث عثمان وغيره قال وأجلسه على السرير ودخل الملك بيته مع نسائه وفوض أمر مصر كلها إليه فبسبب عبارة رؤيا الملك ملك يوسف مصر قال أسد بن موسى قال حدثني الليث بن سعد قال حدثني بعض مشيخة لنا قال اشتد الجوع على أهل مصر فاشتروا الطعام بالذهب حتى لم يجدوا ذهبا فاشتروا بالفضة حتى لم يجدوا
فضة فاشتروا بأغنامهم حتى لم يجدوا غنما فلم يزل يبيعهم الطعام حتى لم يبق لهم ذهب ولا فضة ولا شاة ولا بقرة في تلك السنتين فأتوه في الثالثة فقالوا له لم يبق لنا شيء إلا أنفسنا وأهلنا وأرضنا فاشترى يوسف أرضهم كلها لفرعون ثم أعطاهم يوسف طعاما يزرعونه على أن لفرعون الخمس
ذكر استنباط الفيوم
وفي ذلك الزمان استنبطت الفيوم وكان سبب ذلك كما حدثنا هشام بن إسحاق أن يوسف عليه السلام لما ملك مصر وعظمت منزلته من فرعون وجازت سنه مائة سنة قال وزراء الملك له أن يوسف قد ذهب علمه وتغير عقله ونفدت حكمته فعنفهم فرعون ورد عليهم مقالتهم وأساء اللفظ لهم فكفوا ثم عاودوه بذلك القول بعد سنين فقال

68
لهم هلموا ما شئتم من أي شيء أختبره به وكانت الفيوم يومئذ تدعى الجوبة وإنما كانت لمصالة ماء الصعيد وفضوله فاجتمع رأيهم على أن تكون هي المحنة التي يمتحون بها يوسف صلى الله عليه وسلم فقالوا لفرعون سل يوسف أن يصرف ماء الجوبة عنها ويخرجه منها فتزداد بلدا إلى بلدك وخراجا إلى خراجك فدعا يوسف صلى الله عليه وسلم فقال قد تعلم مكان ابنتي فلانة مني وقد رأيت إذا بلغت أن أطلب لها بلدا وأني لم أصب لها إلا الجوبة وذلك أنه بلد بعيد قريب لا يؤتي من وجه من الوجوه إلا من غابة وصحراء وكذلك هي ليست تؤتى من ناحية من النواحي من مصر إلا من مفازة وصحراء قال غير هشام فالغيوم وسط مصر كمثل مصر في وسط البلاد لأن مصر لا تؤتى من ناحية من النواحي إلا من صحراء أو مفازة
قال هشام في حديثة قال الملك وقد اقطعتها إياها فلا تتركن وجها ولا نظرا إلا بلغته فقال يوسف صلى الله عليه وسلم نعم أيها الملك متى أردت ذلك فابعث إلي فإني إن شاء الله فاعل قال إن أحبه إلي وأوفقه أعجله فأوحي إلى يوسف صلى الله عليه وسلم أن يحفر ثلاثة خلج خليجا من أعلى الصعيد من موضع كذا إلى موضع كذا وخليجا شرقيا من موضع كذا إلى موضع كذا وخليجا غربيا من موضع كذا إلى موضع كذا فوضع يوسف صلى الله عليه وسلم العمال فحفر خليج المنهى من أعلى أشمون إلى اللاهون وأمر البنائين أن يحفروا اللاهون وحفر خليج الفيوم وهو الخليج الشرقي وحفر خليجا بقرية يقال لها تيهمت من قرى الفيوم وهو الخليج الغربي فخرج

69
ماؤها من الخليج الشرقي فصب في النيل وخرج من الخليج الغربي فصب في صحراء تيهمت إلى الغرب فلم يبق في الجوبة ماء ثم أدخلها الفعلة فقطع ما كان فيها من القصب والطرفاء وأخرجه منها وكان ذلك ابتداء جري النيل وقد صارت الجوبة أرضا ريفية تربة وارتفع ماء النيل فدخل في رأس المنهى فجرى فيه حتى انتهى إلى اللاهون فقطعه إلى الفيوم فدخل خليجها فسقاها فصارت لجة من النيل وأخرج إليها الملك ووزارءه وكان هذا كله في سبعين يوما فلما نظر إليها الملك قال لوزرائه أولئك هذا عمل الف يوم فسميت الفيوم وأقامت تزرع كما تزرع غوائط مصر قال وقد سمعت في استخراج الفيوم وجها غير هذا
حدثنا يحيى بن خالد العدوي عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن يوسف النبي صلى الله عليه وسلم ملك مصر وهو ابن ثلاثين سنة فأقام يدبر أمرها أربعين سنة فقال أهل مصر قد كبر يوسف واختلف رأيه فعزلوه وقالوا اختر لنفسك من الموات أرضا نقطعكها لنفسك وتصلحها ونعلم رأيك فيها فإن رأينا من رأيك وحسن تدبيرك ما نعلم أنك في زيادة من عقلك رددناك إلى ملكك فاعترض البرية في نواحي مصر فاختار موضع الفيوم كلها فأعطيها فشق إليها الخليج المنهى من النيل حتى أدخله الفيوم كلها وفرغ من حفر ذلك كله في سنة وبلغنا أنه إنما عمل ذلك بالوحي وقوي على ذلك بكثرة الفعلة والأعوان فنظروا فإذا الذي أحياه يوسف من الفيوم لا يعلمون له بمصر كلها

70
مثلا ولا نظيرا فقالوا ما كان يوسف صلى الله عليه وسلم قط أفضل عقلا ولا رأيا ولا تدبيرا منه اليوم فردوا إليه الملك فأقام ستين سنة أخرى تمام مائة سنة حتى مات يوم مات وهو ابن ثلاثين ومائة سنة والله أعلم
ثم رجع إلى حديث هشام بن إسحاق قال ثم بلغ يوسف صلى الله عليه وسلم قول وزراء الملك وأنه إنما كان ذلك منهم على المحنة منهم له فقال للملك إن من الحكمة والتدبير غير ما رأيت فقال له الملك وما ذاك قال أنزل الفيوم من كل كورة من كور مصر أهل بيت وآمر أهل كل بيت أن يبنوا لأنفسهم قرية وكانت قرى الفيوم على عدد كور مصر فإذا فرغوا من بناء قراهم صيرت لكل قرية من الماء بقدر ما أصير لها من الأرض لا يكون في ذلك زيادة عن أرضها ولا نقصان وأصير لكل قرية شربا في زمان لا ينالهم الماء إلا فيه وأصير مطأطئا للمرتفع ومرتفعا للمطأطيء بأوقات من الساعات في الليل والنهار وأصير لها قبضات ولا يقصر بأحد دون حقه ولا يزاد فوق قدره فقال فله فرعون هذا من ملكوت السماء قال نعم فبدا يوسف صلى الله عليه وسلم فأمر ببنيان القرى وحد لها حدودا وكانت أول قرية عمرت بالفيوم قرية يقال لها شنانة وهي القرية التي كانت تنزلها بنت فرعون ثم أمر بحفر الخليج وبنيان القناطر فلما فرغوا من ذلك استقبل وزن الأرض ووزن الماء ومن يومئذ أحدثت الهندسة ولم يكن الناس يعرفونها قبل ذلك قال وكان أول من قاس النيل بمصر يوسف عليه السلام ووضع مقياسا بمنف ثم وضعت العجوز دلوكة ابنة زباء وهي

71
صاحبة حائط العجوز مقياسا بانصناء وهو صغير الذرع ومقياسا بإخميم ووضع عبد العزيز بن مروان مقياسا بحلوان وهو صغير ووضع أسامة بن زيد التنوخي في خلافة الوليد مقياسا بالجزيرة وهو أكبرها
حدثنا يحيى بن بكير قال أدركت القياس يقيس في مقياس منف ويدخل بزيادته إلى الفسطاط دخول أهل يوسف مصر ووفاة يعقوب وفي زمان الريان بن الوليد دخل يعقوب عليه السلام وولده مصر كما حدثنا هشام بن إسحاق وهم ثلاثة وسبعون نفسا بين رجل وامرأة فأنزلهم يوسف عليه السلام ما بين عين شمس إلى الفرما وهي أرض ريفية تربة حدثنا أسد بن موسى عن خالد بن عبد الله عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال دخل مصر يعقوب وولده وكانوا سبعين نفسا وخرجوا وهم ست مائة ألف
حدثنا أسد بن موسى قال حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن مسروق قال دخل أهل يوسف وهم ثلاثة وتسعون إنسانا وخرجوا وهم ست مائة ألف وأدخل يوسف كما حدثنا أسد عن خالد بن عبد الله عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس أباه وخمسة من إخوته على الملك فسلموا عليه

72
وأمر أن يقطع لهم من الأرض وكان يعقوب لما دنا من مصر أرسل يهودا إلى يوسف فخرج إليه يوسف فلقيه فالتزمه وبكى ثم رجع إلى حديث هشام بن إسحاق قال فلما
دخل يعقوب على فرعون فكلمه وكان يعقوب صلى الله عليه وسلم شيخا كبيرا حليما حسن الوجه واللحية جهير الصوت فقال له فرعون كم أتى عليك أيها الشيخ قال عشرون ومائة سنة وكان بمين ساحر فرعون قد وصف صفة يعقوب ويوسف وموسى عليهم السلام في كتبه وأخبر أن خراب مصر وهلاك أهلها يكون على أيديهم ووضع البربايات وصفات من تخرب مصر على يديه فلما رأى يعقوب قام إلى مجلسه فكان أول ما سأله عنه أن قال له من تعبد أيها الشيخ قال له يعقوب أعبد الله إله كل شيء فقال له كيف تعبد ما لا ترى قال له يعقوب إنه أعظم وأجل من أن يراه أحد قال بمين فنحن نرى آلهتنا قال يعقوب عليه السلام إن آلهتكم من عمل أيدي بني آدم ممن يموت ويبلى وإن إلهي أعظم وأرفع وهو أقرب إلينا من حبل الوريد فنظر بمين إلى فرعون فقال هذا الذي يكون هلاك بلادنا على يديه قال فرعون أفي أيامنا أو في أيام غيرنا قال ليس في أيامك ولا في أيام بنيك أيها الملك قال الملك هل تجد هذا فيما قضى به إلهكم قال نعم قال فكيف نقدر أن نقتل من يريد إلهه هلاك قومنا على يديه فلا تعبأ بهذا الكلام

73
حدثنا أسد بن موسى عن خالد بن عبد الله قال حدثني أبو حفص الكلاعي عن تبيع عن كعب أن يعقوب عاش في أرض مصر ست عشرة سنة فلما حضرته الوفاة قال ليوسف لا تدفني بمصر وإذا مت فاحملوني فادفنوني في مغارة جبل حبرون
وحبرون كما حدثنا أسد بن موسى عن خالد عن الكلبي عن أبي صالح مسجد إبراهيم صلى الله عليه وسلم اليوم وبينه وبين بيت المقدس ثمانية عشر ميلا ثم رجع إلى حديث الكلاعي عن تبيع عن كعب قال فلما مات لطخوه بمر وصبر قال غير أسد وجعلوه في تابوت من ساج
قال أسد في حديثه فكانوا يفعلون ذلك به أربعين يوما حتى كلم يوسف فرعون وأعلمه أن أباه قد مات وأنه سأله أن يقبره في أرض كنعان فأذن له وخرج معه أشراف أهل مصر حتى دفن وانصرفوا
حدثنا عثمان بن صالح قال حدثنا ابن لهيعة عمن حدثه قال قبر يعقوب عليه السلام بمصر فأقام بها نحوا من ثلاث سنين ثم حمل إلى بيت المقدس أوصاهم بذلك عند موته والله أعلم
وفاة يوسف
ثم رجع إلى حديث عثمان بن صالح قال ثم مات الريان بن الوليد

74
العملاقي وهو فرعون يوسف عليه السلام فملكهم من بعده ابنه دارم بن الريان قال غير عثمان وفي زمانه توفي يوسف صلى الله عليه وسلم فلما حضرته الوفاة قال إنكم ستخرجون من أرض مصر إلى أرض آبائكم
كما حدثنا أسد بن موسى عن خالد بن عبد الله قال حدثني أبو حفص الكلاعي عن تبيع عن كعب قال يوسف فاحملوا عظامي معكم فمات فجعلوه في تابوت ودفنوه حدثنا محمد بن أسعد قال حدثنا أبو الأحوص عن سماك بن حرب قال دفن يوسف صلى الله عليه وسلم في أحد جانبي النيل فأخصب الجانب الذي كان فيه وأجدب الجانب الآخر فحولوه إلى الجانب الآخر فأخصب الجانب الذي حولوه إليه وأجدب الجانب الآخر فلما رأوا ذلك جمعوا عظامه فجعلوها في صندوق من حديد وجعلوا فيه سلسلة وأقاموا عمودا على شاطئ النيل وجعلوا في أصله سكة من حديد وجعلوا السلسلة في السكة وألقوا الصندوق في وسط النيل فأخصب الجانبان جميعا
حدثنا العباس بن أبي طالب قال حدثنا عبد الواحد بن زياد عن يونس عن الحسن ان يوسف عليه السلام القي في الجب وهو ابن سبع عشرة سنة ومكث إلى أن لقي يعقوب عليه السلام وأهله ثمانين سنة ثم عاش بعد ذلك ثلاثة وعشرين سنة فمات وهو ابن مائة سنة وعشرين سنة
ويقال وتوفي وهو ابن ثلاثين ومائة سنة

75
ملوك مصر بعد زمان يوسف
ثم رجع إلى حديث عثمان بن صالح وغيره قال ثم إن دارما طغا بعد يوسف صلى الله عليه وسلم وتكبر وأظهر عبادة الأصنام فركب في النيل في سفينة فبعث الله عز وجل عليه ريحا عاصفا فأغرقته ومن كان معه فيما بين طرا إلى موضع حلوان فملكهم من بعده كامس بن معدان وكان جبارا عاتيا
حدثنا أسد بن موسى عن خالد بن عبد الله عن أبي حفص الكلاعي عن تبيع عن كعب قال لما مات يوسف النبي صلى الله عليه وسلم استعبد أهل مصر بني إسرائيل ثم رجع إلى حديث عثمان قال ثم هلك كامس بن معدان فملكهم بعده فرعون موسى
قال غير عثمان واسمه طلما قبطي من قبط مصر حدثنا أبي عبد الله بن عبد الحكم قال سمعت الليث بن سعد وابن لهيعة أو أحدهما يقول كان فرعون قبطيا من قبط مصر يقال له طلما
حدثنا سعيد بن عفير قال حدثنا عبد الله بن أبي فاطمة عن مشايخه قال أنه كان من فران بن بلى واسمه الوليد بن مصعب وكان قصيرا أبرشا يطاء في لحبته

76
حدثنا سعيد بن عفير عن هانىء بن المنذر أنه كان من العماليق وكان يكنى بإبي مره
حدثنا يزيد بن أبي سلمة عن جرير عن عبد الملك بن ميسرة عن النزال بن سبرة عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال كان فرعون أثرم ويقال بل هو رجل من لخم والله أعلم
فمن زعم أنه من العماليق فقد ذكرنا السبب الذي به ملكت العماليق مصر ومن زعم أنه من فران بن بلي فإن سعيد بن عفير حدثنا قال حدثنا عبد الله بن أبي فاطمة عن مشايخه أن ملك مصر توفي فتنازع الملك جماعة من أبناء الملك ولم يكن الملك عهد ولما عظم الخطب بينهم تداعوا إلى الصلح فاصطلحوا عن أن يحكم بينهم أول من يطلع
من الفج فج الجبل فأطلع فرعون بين عديلتي نطرون قد أقبل بهما ليبيعهما وهو رجل من فران بن بلي واسمه الوليد بن مصعب وكان قصيرا أبرص يطأطىء في لحيته فاستوقفوه وقالوا أنا قد جعلناك حكما بيننا فيما تشاجرنا فيه من الملك وأتوه مواثيقهم على الرضى فلما استوثق منهم قال إني قد رأيت أن أملك نفسي عليكم فهو أذهب لضغائنكم وأجمع لأموركم والأمر من بعد إليكم فأمروه عليهم لنفاسة بعضهم بعضا واقعدوه في دار الملك بمنف فأرسل إلى صاحب أمر كل رجل منهم فوعده ومناه أن

77
يملكه على ملك صاحبه ووعدهم ليلة يقتل فيها كل رجل منهم صاحبه ففعلوا ودان له أولئك بالربوبية ولم يكن له تكبر الملوك والله أعلم فملكهم نحوا من خمسمائة سنة وكان من أمره وأمر موسى صلى الله عليه وسلم ما قص الله تبارك وتعالى من خبرهم في القران
ثم رجع إلى حديث عثمان بن صالح وغيره قال فأقام فرعون ملك مصر خمس مائة سنة حتى أغرقه الله عز وجل
حدثنا أبي عبد الله بن عبد الحكم قال حدثنا خلاد بن سليمان الحضرمي قال سمعت أبا الأشرس يقول مكث فرعون أربع مائة سنة الشباب يغدو عليه ويروح حدثنا أبي قال حدثنا خلاد بن سليمان قال سمعت إبراهيم بن مقسم قال مكث فرعون أربع مائة سنة لم تصدع له رأس وكان يملك فيما يذكرما بين مصر إلى أفريقية وكان يقعد على كراسي فرعون كما حدثنا أسد عن خالد عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس مائتان عليهم الديباج وأساور الذهب وقد كان استعمل هامان على الناس فقال يا هامان ابني لي صرحا لعلي أبلغ الأسباب أسباب السماوات يعنير أن من كل سماء إلى سماء سبب وشغل الله عز وجل فرعون بالآيات التي جابها موسى صلى الله عليه وسلم ولم يبن له هامان الصرح

78
حمل عظام يوسف إلى الشام
قال وفي زمانه حملت عظام يوسف صلى الله عليه وسلم من مصر إلى الشأم وكان سبب حمله فيما حدثنا محمد بن أسعد الثعلبي عن أبي الأحوص عن سماك بن حرب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل وهو قافل من الشأم ومعه زيد بن حارثة فمر ببيت شعر فرد وقد أمسيا فدنيا من البيت فقال السلام عليكم فرد رب البيت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ضيف قال أنزل فبات في قرى فلما أصبح وأراد الرحيل قال الشيخ أصيبوا من بقية قراكم فأصابوا ثم ارتحل رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما ظهر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وفتح الله عليه جاءالشيخ على راحلته حتى أناخ بباب المسجد ثم دخل فجعل يتصفح وجوه الرجال فقالوا له هذاك رسول الله فقال رسول الله ما حاجتك قال والله ما أدري إلا أنه نزل بي رجل فأكرمت قراه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنك لفلان قال نعم قال فكيف أم فلان قال بخير قال فكيف حالكم قال بخير وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له حين ارتحل من عنده إذا سمعت بنبي يقد ظهر بتهامه فأته فإنك تصيب منه خيرا فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم تمن ما شئت فإنك لن تتمنى اليوم شيئا إلا أعطيتكه قال فأني أسألك ضأنا ثمانين قال فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال يا عبد الرحمن بن عوف قم فأوفه إياها ثم أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أصحابه فقال ما كان أحوج هذا الشيخ إلى أن يكون مثل عجوز موسى قال قلنا يا رسول الله وما عجوز موسى صلى الله عليه وسلم قال بنت

79
يوسف صلى الله عليه وسلم عمرت حتى صارت عجوزا كبيرة ذاهبة البصر فلما أسرى موسى صلى الله عليه وسلم ببني إسرائيل غشيتهم ضبابة حالت بينهم وبين الطريق أن يبصروه وقيل لموسى لن تعبر إلا ومعك عظام يوسف قال ومن يدري أين موضعها قالوا بنته عجوز كبيرة ذاهبه البصر تركناها في الديار قال فرجع موسى فلما سمعت حسه قالت موسى قال موسى قالت ما ردك قال أمرت أن أحمل عظام يوسف قالت ما كنتم لتعبروا إلا وأنا معكم قال دليني على عظام يوسف عليه السلام قالت لا أفعل إلا أن تعطيني ما سألتك قال فلك ما سألت قالت خذ بيدي فأخذ بيدها فانتهت به إلى عمود على شاطىء النيل في أصله سكة من حديد موتدة فيها سلسلة فقالت إنا كنا دفناه من ذلك الجانب فأخصب ذلك الجانب وأجدب هذا الجانب فحولناه إلى هذا الجانب فأخصب هذا الجانب وأجدب ذلك الجانب الآخر فلما رأينا ذلك جمعنا عظامه فجعلناها في صندوق من حديد وألقيناها في وسط النيل فأخصب الجانبان جميعا قال فحمل موسى الصندوق على رقبته وأخذ بيدها فألحقها بالعسكر وقال لها سلي ما شئت قالت فإني أسألك أن أكون أنا وأنت في درجه واحدة في الجنة وترد علي شبابي وبصري حتى أكون شابة كما كنت قال فلك ذلك

80
حدثنا أسد بن موسى عن خالد بن عبد الله عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال كان يوسف عليه السلام قد عهد عند موته أن يخرجوا بعظامه معهم من مصر قال فتجهز القوم وخرجوا فتحيروا فقال لهم موسى إنما تحيركم هذا من أجل عظام يوسف عليه السلام فمن يدلني عليها فقالت عجوز يقال لها سارح ابنة آشار بن يعقوب أنارأيت عمي يعني يوسف عليه السلام حين دفن فما تجعل لي إن دللتك عليه قال حكمك قال فدلته عليها فأخذ عظام يوسف ثم قال احتكمي قالت أكون معك حيث كنت في الجنة
حدثنا عثمان بن صالح قال أخبرني ابن لهيعة عمن حدثه قال قبر يوسف صلى الله عليه وسلم بمصر فأقام بها نحوا من ثلاث مائة سنة ثم حمل إلى بيت المقدس
خروج بني إسرائيل من مصر
ثم رجع إلى حديث عثمان وغيره قال ثم غرق الله عز وجل فرعون وجنوده في اليم حين أتبع بني إسرائيل وغرق معه من أشراف أهل مصر وأكابرهم ووجوههم أكثر من ألفي ألف
وكان سبب اتباع فرعون بني إسرائيل كما حدثنا أسد بن موسى عن خالد بن عبد الله عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس أن الله تبارك وتعالى أوحى إلى موسى عليه السلام أن * (أسر بعبادي) * قال وكان

81
بنو إسرائيل استعاروا من قوم فرعون حليا وثيابا وقالوا إن لنا عيدا نخرج إليه فخرج بهم موسى ليلا وهم ست مائة ألف وثلاثة آلالف ونيف ليس فيهم ابن ستين ولا ابن
عشرين فذلك قول فرعون * (إن هؤلاء لشرذمة قليلون وإنهم لنا لغائظون) *
حدثنا أسد بن موسى قال حدثنا المسعودي عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة قال خرجوا من مصر وهم ست مائة ألف وسبعون ألفا فقال فرعون إن هؤلاء لشرذمة قليلون ثم رجع إلى حديث أسد بن موسى عن خالد بن عبد الله عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال وخرج فرعون ومعه خمس مائة ألف سوى المجنبتين والقلب
قال خالد حدثنا أبو سعيد عن عكرمة قال لم يخرج مع فرعون من زاد على الأربعين ولا من دون العشرين فذلك قول الله عز وجل * (فاستخف قومه فأطاعوه) * يعني استخف قومه في طلب موسى حدثنا أسد قال حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون قال خرج موسى صلى الله عليه وسلم ببني إسرائيل فلما أصبح فرعون أمر بشاة فأتي بها فأمر بها تذبح ثم قال لا يفرغ من سلخها حتى يجتمع عندي خمس مائة ألف من القبط فاجتمعوا إليه فقال لهم فرعون إن هؤلاء لشرذمة قليلون وكان

82
أصحاب موسى صلى الله عليه وسلم ست مائة ألف وسبعين ألفا قال فسلك موسى وأصحاب طريقا يابسا في البحر فلما خرج آخر أصحاب موسى وتكامل آخر أصحاب فرعون اصطدم عليهم البحر فما روي سواد أكثر من يومئذ وغرق فرعون فنبذ على ساحل البحر حتى نظروا إليه حدثنا أسد بن موسى قال حدثنا خالد بن عبد الله عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال لما انتهى موسى إلى البحر أقبل يوشع بن نون على فرسه فمشى على الماء واقحم غيره خيولهم فرسبوا في الماء وخرج فرعون في طلبهم حين أصبح وبعد ما طلعت الشمس وذلك قوله عز وجل * (فأتبعوهم مشرقين فلما تراءى الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون) * فدعا موسى صلى الله عليه وسلم ربه عز وجل فغشيتهم ضبابة حالت بينهم وبينه وقيل له * (اضرب بعصاك البحر) * ففعل * (فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم) * يعني الجبل فانفلق فيه اثنا عشر طريقا فقالوا إنا نخاف أن نوحل فيه الخيل فدعا موسى ربه فهبت عليهم الصبا فجف فقالوا نخاف أن يغرق منا ولا نشعر فقال لعصاه فثقب

83
الماء فجعل بينهم كوا حتى يرى بعضهم بعضا ثم دخلوا حتى جاوزوا البحر وأقبل فرعون حتى انتهى إلى الموضع الذي عبر منه موسى صلى الله عليه وسلم وطرقه على حاله فقال ادلاءه إن موسى قد سحر البحر حتى صار كما ترى وهو قوله تبارك وتعالى * (واترك البحر رهوا إنهم جند مغرقون) * يعني كما حدثنا عبد الله بن صالح قال حدثنا معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله عز وجل * (واترك البحر رهوا) * قال سمتا
حدثني حفص بن عمر العدني قال حدثنا الحكم بن أبان عن عكرمة قال طريقا حدثنا عثمان بن صالح قال حدثنا ابن لهيعة عن أبي صخر عن محمد بن كعب القرظي قال طريقا مفتوحا حدثنا أبو سهل أحمد بن عبد الرحمن قال حدثنا محمد بن يوسف قال حدثنا إسرائيل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال مفتوحا
حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن قال سهلا دمثا وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم الرهو السهل ثم رجع إلى حديث أسد عن خالد بن عبد الله عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس فجد هاهنا حتى تلحقهم وهو مسيرة ثلاثة أيام في البر وكان فرعون يومئذ على

84
حصان فأقبل جبريل صلى الله عليه وسلم على فرس أنثى في ثلاثة وثلاثين من الملائكة فتفرقوا في الناس وتقدم جبريل صلى الله عليه وسلم فسار بين يدي فرعون وتبعه فرعون وصاحت الملائكة في الناس الحقوا الملك حتى إذا دخل آخرهم ولم يخرج أولهم التقى البحر عليهم فغرقوا فسمع بنو إسرائيل وجبة البحر حين التقوا فقالوا ما هذا فقال موسى غرق فرعون وأصحابه فرجعوا ينظرون فألقاهم البحر على الساحل
حدثنا أسد بن موسى قال حدثنا الحسن بن بلال عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لما غرق الله عز وجل آل فرعون قال فرعون * (آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل) * قال جبريل يا محمد لو رأيتني وأنا آخذ من حماء البحر فأدسه في في فرعون مخافة أن تدركه الرحمة
حدثنا أسد بن موسى قال حدثنا أبو علي عن حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن مجاهد قال كان جبريل بين الناس وبين بني إسرائيل وبين آل فرعون فجعل يقول لبني إسرائيل ليلحق آخركم بأولكم ويستقبل آل فرعون فيقول رويدكم ليلحقكم آخركم فقالت بنو إسرائيل

85
ما رأينا سائقا أحسن سياقا من هذا وقال آل فرعون ما رأينا وازعا أحسن زعة من هذا فلما انتهى موسى وبنو إسرائيل إلى البحر قال مؤمن آل فرعون يا نبي الله اين أمرت هذا البحر أمامك وقد غشينا آل فرعون فقال أمرت بالبحر فاقحم مؤمن آل فرعون فرسه فرده التيار فقال يا نبي الله أين أمرت فقال بالبحر فأقحم أيضا فرسه فرده التيار فجعل موسى صلى الله عليه وسلم لا يدري كيف يصنع وكان الله عز وجل قد أوحى إلى البحر أن أطع موسى وآية ذلك إذا ضربك بعصاه ثم رجع إلى حديث أسد عن خالد عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال وخرج فرعون ومقدمته خمس مائة ألف سوى المجنبتين والقلب ويقال أن موسى عليه السلام قتل عوجا بمصر
قال خالد وحدثنا أبو سعيد عن عكرمة قال لم يخرج مع فرعون من زاد على أربعين سنة ومن دون العشرين وذاك قوله تبارك وتعالى * (فاستخف قومه فأطاعوه) * يعني استخف قومه في طلب موسى قال وحدثنا أسد عن إسرائيل عن أبي إسحق عن عمرو بن ميمون قال خرج موسى ببني إسرائيل فلما أصبح فرعون أمر بشاة فأتي بها فأمر بها تذبح ثم قال لا يفرغ من سلخها حتى يجتمع عندي خمس مائة ألف فارس من القبط فاجتمعوا إليه فقال لهم فرعون * (إن هؤلاء لشرذمة قليلون) * وكان أصحاب موسى ست مائة ألف وسبعين ألفا قال فسلك موسى وأصحابه طريقا يابسا في البحر فلما خرج أصحاب موسى وتكامل آخر

86
أصحاب فرعون اضطرم عليهم البحر فما رئي سواد أكثر من يومئذ قال وغرق فرعون فنبذ على ساحل البحر حتى نظروا إليه
حدثنا عمرو بن خالد قال حدثنا زهير بن معاوية قال حدثنا أبو إسحاق قال زهير أراه عن نوف يعني البكائي قال كان طول سرير عوج الذي قتله موسى ثماني مائة ذراع وعرضه أربع مائة ذراع وكانت عصا موسى صلى الله عليه وسلم عشرة اذرع ووثبته حين وثب إليه عشرة أذرع وطول موسى كذا وكذا فضربه فأصاب كعبه فخر على نيل مصر فجسره للناس عاما يمرون على صلبه وأضلاعه
الملكة دلوكة
ثم رجع إ لي حديث عثمان وغيره قال فبقيت مصر بعد غرقهم ليس فيها من أشراف أهلها أحد ولم يبق بها إلا العبيد والاجراء والنساء فأعظم أشراف من بمصر من النساء أن يولين منهم أحدا وأجمع رأيهن على أن يولين امرأة منهن يقال لها دلوكة ابنة زباء وكان لها عقل ومعرفة وتجارب وكانت في شرف منهن وموضع وهي يومئذ بنت مائة سنة وستين سنة فملكوها فخافت أن يتناولها ملوك الأرض فجمعت نساءالأشراف

87
فقالت لهن إن بلادنا لم يكن يطمع فيها أحد ولا يمد عينه إليها وقد هلك أكابرنا وأشرافنا وذهب السحرة الذين كنا نقوى بهم وقد رأيت أن أبني حصناأحدق به جميع بلادنا فأضع عليه المحارس من كل ناحية فإنا لا نأمن أن يطمع فينا الناس فبنت جدارا أحاطت به على جميع أرض مصر كلها المزارع والمدائن والقرى وجعلت دونه خليجا يجري فيه الماء وأقامت القناطر والترع وجعلت فيه محارس ومسالح على كل ثلاثة أميال محرس ومسلحة وفيما بين ذلك محارس صغار على كل ميل وجعلت في كل محرس رجالا وأجرت عليهم الأرزاق وأمرتهم أن يحرسوا بالأجراس فإذا أتاهم أحد يخافونه ضرب بعضهم إلى بعض بالأجراس فأتاهم الخبر من أي وجه كان في ساعة واحدة فنظروا في ذلك فمنعت بذلك مصر ممن أرادها
قال غير عثمان وفرغت من بنائها في ستة أشهر وهو الجدار الذي يقال له جدار العجوز بمصر وقد بقيت بالصعيد منه بقايا كثيرة
البرابي
حدثنا عثمان بن صالح في حديثه قال وكان ثم عجوز ساحرة يقال لها تدورة وكانت السحرة تعظمها وتقدمها في علمهم وسحرهم فبعث

88
إليها دلوكة ابنة زباء أنا قد احتجنا إلى سحرك وفزعنا إليك ولا نأمن أن تطمع فينا الملوك فاعملي لنا شيئا نغلب به من حولنا فقد كان فرعون يحتاج إليك فكيف وقد ذهب أكابرنا وبقي أقلنا فعملت بربا من حجارة في وسط مدينة منف وجعلت له أربعة أبواب كل باب منها إلى جهة القبلة والبحر والغرب والشرق وصورت فيه صور الخيل والبغال والحمير والسفن والرجال وقالت لهم قد عملت لكم عملا يهلك به كل من أرادكم من كل جهة تؤتون منها برا وبحرا وهذا ما يغنيكم عن الحصن ويقطع عنكم مؤنته فمن أتاكم من أي جهة فإنهم إن كانوا في البر على خيل أو بغال أو إبل أو في سفن أو رجالة تحركت هذه الصور من جهتهم التي يأتون منها فما فعلتم بالصور من شيء أصابهم ذلك في أنفسهم على ما تفعلون بهم فلما بلغ الملوك حولهم أن أمرهم قد صار إلى ولاية النساء طمعوا فيهم وتوجهوا إليهم فلما دنوا من عمل مصر تحركت تلك الصور التي في البربا فطفقوا لا يهيجون تلك الصور بشيء ولا يفعلون بها شيئا إلا أصاب ذلك الجيش الذي أقبل إليهم مثله إن كانت خيلا فما فعلوا بتلك الخيل المصورة في البربا من قطع رؤوسها أو سوقها أو فقء أعينها أو بقر بطونها أثر مثل ذلك بالخيل التي أرادتهم وإن كانت سفنا أو رجالة فكمثل ذلك وكانوا أعلم الناس بالسحر وأقواهم عليه وانتشر ذلك فتناذرهم الناس وكان نساء أهل مصر حين غرق من غرق منهم مع فرعون من أشرافهم ولم يبق إلا العبيد والأجراء لم يصبرن عن الرجال فطفقت المرأة تعتق عبدها وتتزوجه وتتزوج الأخرى أجيرها وشرطن على

89
الرجال أن لا يفعلوا شيئا إلا بإذنهن فأجابوهن إلى ذلك فكان أمر النساء على الرجال
قال عثمان فحدثني ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب إن نساء القبط على ذلك إلى اليوم اتباعا لما مضى منهم لا يبيع أحدهم ولا يشتري إلا قال أستأمر امرأتي
ملوك مصر بعد العجوز دلوكة
فملكتهم دلوكة ابنة زباء عشرين سنة تدبر أمرهم بمصر حتى بلغ صبي من أبناء أكابرهم وأشرافهم يقال له دركوس بن بلطيوس فملكوه عليهم فلم تزل مصر ممتنعة بتدبير تلك العجوز نحوا من أربع مائة سنة
قال ثم مات دركوس بن بلطيوس فاستخلف ابنه بورس بن دركوس ثم توفي بورس بن دركون فاستخلف أخاه لقاس بن تدارس فلم يمكث إلا ثلاث سنين حتى مات ولم يترك ولدا فاستخلف أخاه مرينا بن مرينوس قال ثم توفي مرينا بن مرينوس فاستخلف استمارس بن مرينا فطغا وتكبر وسفك الدم وأظهر الفاحشة فأعظموا ذلك

90
واجمعوا على خلعه فخلعوه وقتلوه وبايعوا رجلا من أشرافهم يقال له بلوطس بن مناكيل فملكهم أربعين سنة ثم توفي بلوطس بن مناكيل واستخلف ابنه مالوس بن بلوطس ثم توفي مالوس بن بلوطس فاستخلف أخاه مناكيل بن بلوطس بن مناكيل فملكهم زمانا ثم توفي فاستخلف ابنه بولة بن مناكيل فملكهم مائة سنة وعشرين سنة وهو الأعرج الذي سبى ملك بيت المقدس وقدم به إلى مصر وكان بولة قد تمكن في البلاد وبلغ مبلغا لم يبلغه أحد ممن كان قبله بعد فرعون وطغا فقتله الله عز وجل صرعته دابته فدقت عنقه فمات
حدثنا أسد بن موسى عن عبد الله بن خالد عن خالد بن عبد الله قال حدثنا الكلاعي عن تبيع عن كعب قال لما مات سليمان بن داود صلى الله عليه وسلم ملك بعده مرحب عم سليمان فسار إليه ملك مصر فقاتله وأصاب أتراس الذهب التي عملها سليمان صلى الله عليه وسلم فذهب بها
أخبرني شيخ من أهل مصر من أهل العلم أن المخلوع الذي خلعه أهل مصر إنما هو بولة وذلك أنه دعا الوزراء ومن كانت الملوك قبله تجري عليهم الأرزاق والجوائز فكأنه استكثر ذلك فقال لهم إني أريد أن أسألكم عن أشياء فإن أخبرتموني بها زدت في أرزاقكم ورفعت من أقداركم وإن أنتم لم تخبروني بها ضربت أعناقكم فقالوا له سلنا عما شئت فقال لهم أخبروني ما يفعل الله تبارك وتعالى في كل يوم وكم عدد نجوم السماء

91
وكم مقدار ما تستحق الشمس في كل يوم على ابن آدم فاستأجلوه فأجلهم في ذلك شهرا وكانوا يخرجون في كل يوم إلى خارج مدينة منف فيقفون في ظل قرموس يتباحثون ما هم فيه ثم يرجعون وصاحب القرموس ينظر إليهم فأتاهم ذات يوم فسألهم عن أمرهم فأخبروه فقال لهم عندي علم ما تريدون إلا أن لي قرموسا لا أستطيع أن أعطله
فليقعد رجل منكم مكاني يعمل فيه وأعطوني دابة كدوابكم وألبسوني ثيابا كثيابكم ففعلوا وكان في المدينة ابن لبعض ملوكهم قد ساءت حالته فأتاه صاحب القرموس فسأله القيام بملك أبيه وطلبه فقال ليس يخرج هذا يريد الملك من مدينة منف فقال أنا أخرجه لك وجمع له مالا ثم أقبل صاحب القرموس حتى دخل على بولة فأخبره أن عنده علم ما سأل عنه فقال له أخبرني كم عدد نجوم السماء فأخرج صاحب القرموس جرابا من الرمل كان معه فنثره بين يديه وقال له مثل عدد هذا قال وما يدريك قال مر من يعده قال فكم مقدار ما تستحق الشمس في كل يوم على ابن آدم قال قيراطا لأن العامل يعمل يومه إلى الليل فيأخذ ذلك في أجرته قال فما يفعل الله عز وجل كل يوم قال له أريك ذلك غدا فخرج معه حتى أوقفه على أحد وزرائه الذي أقعده صاحب القرموس مكانه فقال له يفعل الله عز وجل كل يوم أن يذل قوما ويعز قوما ويميت قوما ومن ذلك أن هذا وزير من وزرائك قاعد يعمل على قرموس وأنا صاحب قرموس على دابة من دواب الملوك وعلي من لباسهم أو كما قال له إن فلان بن فلان أغلق عليك مدينة منف فرجع مبادرا فإذا مدينة منف قد أغلقت ووثبوا مع الغلام على بولة فخلعوه فوسوس فكان يقعد على باب مدينة منف يوسوس ويهذي فذلك

92
قول القبط إذا كلم أحدهم بما لا يريد قال سجناك من بولة يريد بذلك الملك لوسوسته والله أعلم
ثم رجع إلى حديث عثمان وغيره قال ثم استخلف مرينوس بن بولة فملكهم زمانا ثم توفي واستخلف ابنه قرقورة بن مرينوس فملكهم ستين سنة ثم توفي واستخلف أخاه لقاس بن مرينوس وكان كلما انهدم من ذلك البربا الذي فيه الصور شيء لم يقدر أحد على إصلاحه إلا تلك العجوز وولدها وولد ولدها وكانوا أهل بيت لا يعرف ذلك غيرهم فانقطع أهل ذلك البيت وانهدم من البربا موضع في زمان لقاس بن مرينوس فلم يقدر أحد على إصلاحه ومعرفة علمه وبقي على حاله وانقطع ما كانوا يقهرون به الناس وبقوا كغيرهم إلا أن الجمع كثير والمال عندهم
دخول بخت نصر مصر
قال ثم توفي لقاس واستخلف ابنه قومس بن لقاس فملكهم دهرا فلما قدم بخت نصر بيت المقدس كما حدثنا وثيمة بن موسى وغيره وظهر على بني إسرائيل وسباهم وخرج بهم إلى أرض بابل أقام إرميا بأيلياء وهي خراب ينوح عليها ويبكي فاجتمع إلى إرميا بقايا من بني

93
إسرائيل كانوا متفرقين حين بلغهم مقامه بأيلياء فقال لهم إرميا أقيموا بنا في أرضنا لنستغفر الله ونتوب إليه لعله يتوب علينا فقالوا إنا نخاف أن يسمع بنا بخت نصر فيبعث إلينا ونحن شرذمة قليلون ولكنا نذهب إلى ملك مصر فنستجير به وندخل في ذمته فقال لهم إرميا ذمة الله عز وجل أوفي الذمم لكم ولا يسعكم أمان أحد من الأرض أن أخافكم فانطلق أولئك النفر من بني إسرائيل إلى قومس بن لقاس واعتصموا به لما يعلمون من منعته وشكوا إليه شأنهم فقال أنتم في ذمتي فأرسل إليه بخت نصر إن لي قبلك عبيدا أبقوا مني فابعث بهم إلي فكتب إليه قومس ما هم بعبيدك هم أهل النبوة والكتاب وأبناء الأحرار اعتديت عليهم وظلمتهم فحلف بخت نصر لئن لم يردهم ليغزون بلاده وألجأ جميعا وأوحى الله إلى إرميا إني مظهر بخت نصر على هذا الملك الذي اتخذوه حرزا وإنهم لو أطاعوا أمرك ثم أطبقت عليهم السماء والأرض لجعلت لهم من بينهما مخرجا وإني أقسم بعزتي لأعلمنهم أنه ليس لهم محيص ولا ملجأ إلا طاعتي واتباع أمري فلما سمع بذلك إرميا رحمهم وبادر إليهم فقال إن لم تطيعوني أسركم بخت نصر وقتلكم وآية ذلك إني رأيت موضع سريره الذي يضعه بعد ما يظفر بمصر ويملكها ثم عمد فدفن أربعة أحجار في الموضع الذي يضع فيه بخت نصرسريره وقال يقع كل قائمة من سريره على حجر منها فلجوا في رأيهم فسار بخت نصر إلى قومس بن لقاس ملك مصر فقاتله سنة ثم ظفر بخت نصر فقتل قومس وسبى جميع أهل مصر وقتل من قتل فلما أراد قتل من أسر منهم وضع له سريره في الموضع الذي وصف إرميا ووقعت كل قائمة من سريره على حجر من تلك الحجارة التي دفن فلما أتي بالأسارى أتى معهم إرميا فقال له بخت نصر ألا أراك مع

94
أعدائي بعد أن أمنتك وأكرمتك فقال له إرميا إنما جئتهم محذرا وأخبرتهم خبرك وقد وضعت لهم علامة تحت سريرك وأريتهم موضعه قال بخت نصر وما مصداق ذلك قال إرميا إرفع سريرك فإن تحت كل قائمة منه حجرا دفنته فلما رفع سريره وجد مصداق ذلك فقال لإرميا لو أعلم أن فيهم خيرا لوهبتهم لك فقتلهم وأخرب مدائن مصر وقراها وسبى جميع أهلها ولم يترك بها أحدا حتى بقيت مصر أربعين سنة خرابا ليس فيها ساكن يجري نيلها ويذهب لا ينتفع به فأقام إرميا بمصر واتخذ بها جنينة وزرعا يعيش به فأوحى إليه الله إن لك عن الزرع والمقام بمصر شغلا فكيف تسعك أرض وأنت تعلم سخطي على قومك فالحق بأيليا حتى يبلغ كتابي أجله فخرج منها إرميا حتى أتى بيت المقدس ثم إن بخت نصر رد أهل مصر إليها بعد أربعين سنة فعمروها فلم تزل مصر مقهورة من يومئذ
وحدثنا أبي عبد الله بن عبد الحكم وأبو الأسود قالا حدثنا ابن لهيعة عن أبي قبيل عن عبد الرحمن بن غانم الأشعري أنه قدم من الشأم إلى عبد الله بن عمرو بن العاص فقال له عبد الله بن عمرو ما أقدمك إلى بلادنا قال أنت قال لماذا قال كنت تحدثنا أن مصر أسرع الأرضين خرابا ثم أراك قد اتخذت فيها الرباع وبنيت فيها القصور واطمأننت فيها فقال إن مصر قد أوفت خرابها حطمها بخت نصر فلم يدع فيها إلا السباع والضباع وقد مضى خرابها فهي اليوم أطيب الأرضين ترابا وأبعدها

95
خرابا ولن تزال فيها بركة ما دام في شيء من الأرضين بركة
حدثنا عبد الله بن صالح قال حدثني الليث عن أبي قبيل نحوه قال فزعم بعض مشايخ أهل مصر أن الذي كان يعمل به بمصر على عهد ملوكها أنهم كانوا يقرون القرى في أيدي أهلها كل قرية بكراء معلوم لا ينقض عليهم إلا في كل أربع سنين من اجل الظمأ وتنقل اليسار فإذا مضت أربع سنين نقض ذلك وعدل تعديلا جديدا فيرفق بمن استحق الرفق ويزاد على من استحق الزيادة ولا يحمل عليهم من ذلك ما يشق عليهم فإذا جبي الخراج وجمع كان للملك من ذلك الربع خالصا لنفسه يصنع به ما يريد والربع الثاني لجنده ومن يقوى به على حربه وجباية خراجه ودفع عدوه والربع الثالث في مصلحة الأرض وما يحتاج اليه من جسورها وحفر خلجها وبناء قناطرها والقوة للزارعين على زرعهم وعمارة ارضهم والربع الرابع يخرج منه ربع ما يصيب كل قرية من خراجها فيدفن ذلك فيها لنائبة أو جائحة تنزل بأهل القرية فكانوا على ذلك
وهذا الربع الذي يدفن في كل قرية من خراجها هي كنوز فرعون التي يتحدث الناس بها إنها ستظهر فيطلبها الذين يتبعون الكنوز
وحدثنا أبو الأسود النضر بن عبد الجبار قال حدثنا ابن لهيعة عن أبي قبيل قال خرج وردان من عند مسلمة بن مخلد وهو أمير على مصر

96
فمر على عبد الله بن عمرو مستعجلا فناداه أين تريد يا أبا عبيد قال أرسلني الأمير مسلمة أن آتي منفا فأحفر له عن كنز فرعون قال فارجع إليه واقرأه مني السلام وقل له إن كنز فرعون فيأخذ ليس لك ولا لأصحابك إنما هو للحبشة إنهم يأتون في سفنهم يريدون الفسطاط فيسيرون حتى ينزلوا منفا فيظهر لهم كنز فرعون فيأخذون منه ما يشاؤون فيقولون ما ينبغي غنيمة أفضل من هذه فيرجعون ويخرج المسلمون في آثارهم فيدركونهم فيقتتلون فتنهزم الحبش فيقتلهم المسلمون ويأسرونهم حتى أن الحبشي ليباع بالكساء
ظهور الروم وفارس على مصر
ثم رجع إلى حديث عثمان بن صالح وغيره قال ثم ظهرت الروم وفارس على سائر الملوك الذين في وسط الأرض فقاتلت الروم أهل مصر ثلاث سنين يحاصرونهم وصابروهم القتال في البر والبحر فلما رأى ذلك أهل مصر صالحوا الروم على أن يدفعوا إليهم شيئا مسمى في كل عام على أن يمنعوهم ويكونوا في ذمتهم ثم ظهرت فارس على الروم فلما غلبوهم على الشأم رغبوا في مصر وطمعوا فيها وامتنع أهل مصر وأعانتهم الروم وقامت دونهم وألحت عليهم فارس فلما خشوا ظهروهم عليهم صالحوا فارسا على أن يكون ما صالحوا به الروم بين فارس والروم

97
فرضيت الروم بذلك حين خافت ظهور فارس عليها فكان ذلك الصلح على أهل مصر وأقامت مصر بين الروم وفارس نصفين سبع سنين ثم استجاشت الروم وتظاهرت على فارس وألحت بالقتال والمدد حتى ظهروا عليهم وخربوا مصانعهم اجمع وديارهم التي بالشأم ومصر وكان ذلك في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقبل وفاته وبعد ظهور الإسلام فصارت الشأم كلها وصلح أهل مصر كله خالصا للروم ليس لفارس في شيء من الشأم ومصر شيء
وحدثنا عبد الله بن صالح قال حدثنا الليث بن سعد عن عقيل بن خالد عن ابن شهاب قال كان المشركون يجادلون المسلمين بمكة فيقولون الروم أهل كتاب وقد غلبتهم المجوس وأنتم تزعمون إنك ستغلبون بالكتاب الذي معكم الذي أنزل على نبيكم فسنغلبكم كما غلبت فارس الروم فأنزل الله عز وجل * (ألم غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم) *
قال ابن شهاب وأخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أنه قال لما أنزلت هاتان الآيتان ناحب أبو بكر رضي الله عنه بعض المشركين قبل أن يحرم القمار على شيء ان لم تغلب الروم فارس في سبع سنين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لم فعلت فكل ما دون العشربضع وكان ظهور

98
فارس على الروم في سبع سنين ثم أظهر الله عز وجل الروم على فارس زمان الحديبية ففرح المسلمون بنصر أهل الكتاب قال غير عثمان بن صالح عن الليث بن سعد وكانت الفرس قد أسست بناء الحصن الذي يقال له باب اليون وهو الحصن الذي بفسطاط مصر اليوم فلما انكشفت جموع فارس عن الروم وأخرجتهم الروم من الشأم أتمت الروم بناء ذلك الحصن وأقامت به فلم تزل مصر في ملك الروم حتى فتحها الله تعالى على المسلمين
وحدثنا سعيد بن بليد عن ابن وهب قال حدثنا ابن لهيعة قال يقال فارس والروم قريش العجم
انكشاف فارس عن الروم
وكان سبب انكشاف فارس عن الروم كما حدثنا عبد الله بن صالح عن الهقل بن زياد عن معاوية بن يحيى الصدفي قال حدثني الزهري قال حدثني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن ابن عباس أخبره أنه سمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه يسأل الهرمزان عظيم الأهواز عن الذي كان سبب انكشاف فارس عنهم فقال له الهرمزان كان كسرى بعث شهريران وبعث معه جنود فارس قبل الشأم ومصر وخرب عامة حصون الروم فطال زمانه بالشأم ومصر وتلك الأرض فطفق كسرى يستبطئه ويكتب إليه إنك

99
لو أردت أن تفتح مدينة الروم فتحتها ولكنك قد رضيت بمكانك وأردت طول السلطان وكتب إلى عظيم من عظماء فارس مع شهريران يأمره أن يقتل شهريران ويتولى أمرالجنود فكتب إليه ذلك العظيم يذكر أن شهريران جاهد ناصح وأنه أبلى بالحرب منه فكتب إليه كسرى يعزم عليه ليقتلنه فكتب إليه أيضا يراجعه ويقول إنه ليس لك عبد مثل شهريران وإنك لو تعلم ما يداري من مكايدة الروم عذرته فكتب إليه كسرى يعزم عليه ليقتلنه وليتولى أمرالجنود فكتب إليه أيضا يراجعه فغضب كسرى وكتب إلى شهريران يعزم عليه ليقتلن ذلك العظيم فأرسل شهريران إلى ذلك العظيم من فارس فأقراه كتاب كسرى فقال له راجع في قال قد علمت أن كسرى لا يراجع وقد علمت حسن صحابتي إياك ولكن قد جاءني ما لا أستطيع تركه فقال له ذلك الرجل ولا آتي أهلي فأمر فيهم بأمري فيهم بأمري وأعهد إليهم عهدي قال بلى وذلك الذي أملك لك فانطلق حتى أتى أهله فأخذ صحائف كسرى الثلاث التي كتب إليه فجعلها في كمه ثم جاء حتى دخل على شهريران فدفع إليه الصحيفة الأولى فقرأها شهريران فقال له أنت خير مني ثم دفع إليه الصحيفة الثانية فقرأها فنزل عن مجلسه وقال له إجلس عليه فأبى أن يفعل فدفع إليه الصحفية الثالثة فقرأها فلم يفرغ شهريران من قراءتها حتى قال أقسم بالله لأسوءن كسرى وأجمع المكر بكسرى وكاتب هرقل فذكر له أن كسرى قد أفسد فارس وجهز بعوثا وابتليت بطول ملكه وسأله أن يلقاه بمكان نصف يحكمان الأمر

100
فيه ويتعاهدان فيه ثم يكشف عنه جنود فارس ويخلي بينه وبين المسير إلى كسرى فلما جاء هرقل كتاب شهريران دعا رهطا من عظماء الروم فقال لهم اجلسوا فأنا اليوم أحزم الناس أو أعجز الناس قد أتاني ما لا تحسبونه وسأعرضه عليكم فأشيروا علي فيه ثم قرأ عليهم كتاب شهريران فاختلفوا عليه في الرأي فقال بعضهم هذا مكر من قبل كسرى وقال بعضهم أراد هذا العبد أن يلقاك وخاف من كسرى فيستغيث ثم لا يبالي ما لقي قال هرقل إن هذا الرأي ليس حيث ذهبتم إليه إنه ما طابت نفس كسرى أن
يشتم هذا الشتم الذي أجد في كتاب شهريران وما كان شهريران ليكتب إلي بهذا وهو ظاهر على عامة ملكي إلا من أمر حدث بينه وبين كسرى وإني والله لألقينه فكتب إليه هرقل قد بلغني كتابك وفهمت الذي ذكرت وإني لاقيك فموعدك بموضع كذا وكذا فأخرج معك بأربعة آلاف من أصحابك فإني خارج بمثلهم فإذا بلغت موضع كذا وكذا فضع ممن معك خمس مائة فإني سأضع بمكان كذا وكذا مثلهم ثم ضع بمكان كذا وكذا مثلهم حتى نلتقي أنا وأنت في خمس مائة وبعث هرقل الرسل من عنده إلى شهريران إن تم له يرسل إليه وإن أبى ذلك عجلوا إليه في كتاب فرأى رأيه ففعل ذلك وسار هرقل في أربعة آلاف التي خرج فيها لا يضع منهم أحدا حتى التقيا بالموضع ومع هرقل أربعة آلاف ومع شهريران خمس مائة فلما رآهم شهريران أرسل إلى هرقل أغدرت فأرسل إليه هرقل لم أغدر ولكني خفت الغدر من قبلك وأمر هرقل بقبة من ديباج فضربت له بين الصفين فنزل هرقل فدخلها ودخل بترجمان معه وأقبل شهريران حتى دخل عليه فانتحى بينهما الترجمان حتى أحكما أمرهما واستوثق أحدهما من صاحبه بالعهود والمواثيق حتى فرغا من أمرهما فخرج هرقل وأشار إلى شهريران بأن يقتل الترجمان لكي يخفي له السر فقتله

101
شهريران ثم انكشف شهريران فجيش الجيوش وسار هرقل إلى كسرى حتى أغار عليه ومن بقي معه فكان ذلك أول هلكة كسرى ووفى هرقل لشهريران بما أعطاه من ترك أرض فارس وانكشف حين أفسد أرض فارس على كسرى فقتلت فارس كسرى ولحق شهريران بفارس والجنود
بناء الإسكندرية
قال فوجه هرقل ملك الروم كما حدثني شيخ من أهل مصر المقوقس أميرا على مصر وجعل إليه حربها وجباية خراجها فنزل الإسكندرية وكان الذي بنى الإسكندرية وأسس بناءها ذو القرنين الرومي واسمه الإسكندر وبه سميت الإسكندرية وهو أول من عمل الوشي وكان أبوه أول القياصرة حدثنا عبد الملك بن هشام قال اسمه الإسكندر حدثنا وثيمة بن موسى عن سعيد بن بشير عن قتادة قال الإسكندر هو ذو القرنين
حدثنا عبد الملك بن هشام عن زياد بن عبد الله عن محمد بن إسحاق

102
قال حدثني من يسوق الأحاديث عن الأعاجم فيما توارثوا من علمه انه رجل من أهل مصر اسمه مرزبا بن مرزبة اليوناني من ولد يونان بن يافث بن نوح صلى الله عليه وسلم وحدثني شيخ من أهل مصر قال كان ذو القرنين من أهل لوبية كورة من كور مصر الغربية
قال ابن لهيعة وأهلها الروم ويقال بل هو رجل من حمير قال تبع كامل
(قد كان ذو القرنين جدي مسلما
* ملكا تدين له الملوك وتحسد)
(بلغ المغارب والمشارق يبتغي
* أسباب علم من حكيم مرشد)
(فرأى مغيب الشمس عند غروبها
* في عين ذي خلب وثاط حرمد)
ويروى قد كان ذو القرنين قبلي مسلما
حدثني عثمان بن صالح قال حدثني عبد الله بن وهب عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم عن سعد بن مسعود التجيبي عن شيخين من قومه قالا كنا بالإسكندرية فاستطلنا يومنا فقلنا لو انطلقنا إلى عقبة بن عامر نتحدث عنده فانطلقنا إليه فوجدناه جالسا في داره فأخبرناه أنا استطلنا

103
يومنا فقال وأنا مثل ذلك إنما خرجت حين استطلته ثم أقبل علينا فقال كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم اخدمه فإذا أنا برجال من أهل الكتاب معهم مصاحف أو كتب فقالوااستأذن لنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فانصرفت إليه فأخبرته بمكانهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لي ولهم يسألوني عما لا أدري إنما أنا عبد لا علم لي إلا ما علمني ربي ثم قال أبلغني وضوءا فتوضأ ثم قام إلى مسجد بيته فركع ركعتين فلم ينصرف حتى عرفت السرور في وجهه والبشر ثم انصرف فقال أدخلهم ومن وجدت بالباب من أصحابي فأدخله قال فأدخلتهم فلما دفعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم إن شئتم أخبرتكم عما أردتم أن تسألوني قبل أن تتكلموا وأن أحببتم تكلمتم وأخبرتكم قالوا بل أخبرنا قبل أن نتكلم قال جئتم تسألوني عن ذي القرنين وسأخبركم كما تجدونه مكتوبا عندكم أن أول أمره أنه غلام من الروم أعطي ملكا فسار حتى أتى ساحل البحر من أرض مصر فابتنى عنده مدينة يقال لها الإسكندرية فلما فرغ من بنائه أتاه ملك فعرج به حتى استقله فرفعه فقال انظر ما تحتك فقال أرى مدينتي وأرى مدائن معها ثم عرج به فقال انظر فقال اختلطت مدينتي مع المدائن فلا أعرفها ثم زاد فقال انظر فقال أرى مدينتي وحدها ولا أرى غيرها قال له الملك إنما تلك الأرض كلها والذي ترى محيطا بها هو البحر وإنما أراد ربك أن يريك الأرض وقد جعل لك سلطانا فيها وسوف تعلم الجاهل وتثبت العالم فسار حتى بلغ مغرب الشمس ثم سار حتى بلغ مطلع الشمس ثم أتى السدين وهما جبلان لينان يزلف عنهما كل شيء فبنى السد ثم أجاز يأجوج ومأجوج فوجد قوما وجوههم وجوه الكلاب يقاتلون يأجوج ومأجوج ثم قطعهم فوجد أمه قصارا يقاتلون القوم الذين وجوههم وجوه الكلاب ووجد أمه من الغرانيق يقاتلون القوم القصار ثم مضى

104
فوجد أمه من الحيات تلتقم الحية منها الصخرة العظيمة ثم أفضى إلى البحر المدير بالأرض فقالوا نشهد أن أمره هكذا كما ذكرت وأنا نجده هكذا في كتابنا
وحدثنا عبد الملك بن هشام قال حدثنا زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق قال حدثني ثور بن يزيد الكلاعي عن خالد بن معدان الكلاعي وكان رجلا قد أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن ذي القرنين فقال ملك مسح الأرض من تحتها بالأسباب قال خالد وسمع عمر بن الخطاب
رضي الله عنه يقول يا ذا القرنين فقال عمر اللهم غفرا أما رضيتم ان تسموا بالأنبياء حتى تسميتم بالملائكة
حدثنا وثيمة بن موسى عمن أخبره عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن قال كان ذو القرنين ملكا وكان رجلا صالحا وإنما سمي ذي القرنين كما حدثنا وثيمة عن سفيان بن عيينة عن ابن أبي حسين عن أبي الطفيل قال إن عليا رضي الله عنه سئل عن ذو القرنين فقال لم يكن ملكا ولا نبيا ولكن كان عبدا صالحا أحب الله فأحبه الله ونصح لله فنصحه الله بعثه الله عز وجل إلى قومه فضربوه على قرنه فمات فأحياه الله ثم بعثه إلى قومه فضربوه على قرنه فمات فسمي ذو القرنين ويقال إنما سمي ذو القرنين لأنه جاوز قرن الشمس من المشرق والمغرب

105
ويقال إنما سمي ذو القرنين لأنه كان له غديرتان في رأسه من شعر يطأ فيهما فيما ذكر إبراهيم بن المنذر عن عبد العزيز بن عمران عن حازم بن حسين عن يونس بن عبيد عن الحسن
حدثنا عبد العزيز بن منصور اللخمي عن عاصم بن حكيم عن أبي سريع الطائي عن عبيد بن يعلى قال كان له قرنان صغيران تواريهما العمامة حدثنا أحمد بن محمد عن عبد العزيز بن عمران عن سليمان بن أسيد عن ابن شهاب قال إنما سمي ذو القرنين لأنه بلغ قرن الشمس من مغربها وقرن الشمس من مطلعها
قال وذكر بعض مشايخ أهل مصر عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عمن حدثه عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال كان أول شأن الإسكندرية أن فرعون اتخذ بها مصانع ومجالس وكان أول من عمرها وبنى فيها فلم تزل على بنائه ومصانعه ثم تداولتها الملوك ملوك مصر بعده فبنت دلوكة ابنة زباء منارة الإسكندرية ومنارة بوقير بعد فرعون فلما ظهر سليمان بن داود عليهما السلام على الأرض اتخذ بها مجلسا

106
وبنى فيها مسجدا ثم إن ذا القرنين ملكها فهدم ما كان فيها من بناء الملوك والفراعنة وغيرهم إلا بناء سليمان بن داود عليهما السلام لم يهدمه ولم يغيره وأصلح ما كان رث منه وأقر المنارة على حالها ثم بنى الإسكندرية من أولها بناء يشبه بعضه بعضا ثم تداولتها الملوك بعده من الروم وغيرهم ليس من ملك إلا يكون له بها بناء بعضه بالإسكندرية يعرف به وينسب إليه
ويقال أن الذي بنى منارة الإسكندرية قلوبطرة الملكة وهي التي ساقت خليجها حتى أدخلته الإسكندرية ولم يكن يبلغها الماء كان يعدل من قرية يقال لها كسا قبالة الكريون فحفرته حتى أدخلته الإسكندرية وهي التي بلطت قاعته قال ابن لهيعة وبلغني أنه وجد حجر بالإسكندرية مكتوب فيه أنا شداد بن عاد وأنا الذي نصب العماد وحيد الأحياد وسد بذراعه الواد بنيتهن إذ لا شيب ولا موت وإذ

107
الحجارة في اللين مثل الطين قال ابن لهيعة الأحياد كالمغار
ويقال إن الذي بنى الإسكندرية شداد بن عاد والله أعلم
حدثنا إدريس بن يحيى الخولاني قال حدثنا عبد الله بن عياش الشيباني عن أبيه عن تبيع قال خمسة مساجد بالإسكندرية مسجد موسى النبي صلى الله عليه وسلم عند المنارة أقربها إلى الكنيسة ومسجد سليمان عليه السلام ومسجد ذي القرنين أو الخضر عليهما السلام وهو الذي عند النجاة بالقيسارية ومسجد الخضر أو ذي القرنين عند باب المدينة حين تخرج من الباب ولكل واحد منهما مسجد ولكن لا يدرى أين هو ومسجد عمرو بن العاص الكبير
حدثنا هانىء بن المتوكل قال حدثنا عبد الرحمن بن شريح عن قيس بن الحجاج عن تبيع قال إن في الإسكندرية مساجد خمسة مقدسة منها

108
المسجد في القيسارية التي تباع فيها الموازين ومسجد النجاة ومسجد عمرو بن العاص وكانت الإسكندرية كما حدثنا أبي عبد الله بن عبد الحكم ثلاث مدن بعضها إلى جنب بعض منه وهي موضع المنارة وما والاها والإسكندرية وهي موضع قصبة الإسكندرية اليوم ونقيطة وكان على كل واحدة منهن سور وسور من خلف ذلك على الثلاث مدن يحيط بهن جميعا
حدثنا هانىء بن المتوكل قال حدثنا عبد الله بن طريف الهمداني قال كان على الإسكندرية سبعة حصون وسبعة خنادق حدثنا أسد بن موسى عن خالد بن عبد الله قال حدثني ابن السري عن أبيه قال كان أنف الإسكندرية ثلاثة أذرع
قال خالد وأبو حمزة أن ذا القرنين لما بنى الإسكندرية رخمها بالرخام الأبيض جدرها وأرضها وكان لباسهم فيها السواد والحمرة فمن قبل ذلك ليس الرهبان السواد من نصوع بياض الرخام ولم يكونوا يسرجون فيها بالليل من بياض الرخام وإذا كان القمر أدخل الرجل الذي يخيط بالليل في ضوء القمر مع بياض الرخام الخيط في رأس الإبرة
رأس الإسكندرية
رأس الإسكندرية فيما ذكر بعض المشايخ لقد بنيت الإسكندرية

109
في ثلاث مائة سنة وسكنت ثلاث مائة سنة وخربت ثلاث مائة سنة ولقد مكثت سبعين سنة ما يدخلها أحد إلا وعلى بصره خرقة سوداء من بياض جصها وبلاطها ولقد مكثت سبعين سنة ما يستسرج فيها
حدثنا ابن أبي مريم عن العطاف بن خالد قال وكانت الإسكندرية بيضاء تضيء بالليل والنهار وكانوا إذا غربت الشمس لم يخرج أحد منهم من بيته ومن خرج اختطف وكان منهم راع يرعى على شاطئ البحر فكان يخرج من البحر شيء فيأخذ من غنمه فكمن له الراعي في موضع حتى خرج فإذا جارية فتشبث بشعرها ومانعته عن نفسها فقوي عليها فذهب بها إلى منزله فأنست بهم فرأتهم لا يخرجون بعد غروب الشمس فسألتهم فقالوا من خرج منا اختطف فهيأت لهم الطلسمات فكانت أول من وضع
الطلسمات بمصر في الإسكندرية
حدثنا أسد بن موسى قال حدثنا إسماعيل بن عياش عن هشام بن سعد المديني قال وجد حجر بالإسكندرية مكتوب فيه ثم ذكر مثل حديث ابن لهيعة سواء وزاد فيه وكنزت في البحر كنزا على اثني عشر ذراعا لن يخرجه أحد حتى تخرجه أمة محمد صلى الله عليه وسلم
حدثنا محمد بن عبد الله البغدادي عن داود عن عثمان بن عطاء عن أبيه قال كان الرخام قد سخر لهم حتى يكون من بكرة إلى نصف النهار بمنزلة العجين فإذا انتصف النهار اشتد قال وفي زمان شداد بن عاد بنيت الأهرام كما ذكر عن بعض المحدثين ولم أجد عند أحد من أهل المعرفة

110
من أهل مصر في الأهرام خبرا يثبت وفي ذلك يقول الشاعر كامل
(حسرت عقول اولي النهى الأهرام
* واستصغرت لعظيمها الأحلام)
(ملس منيفة البناء شواهق
* قصرت لعال دونهن سهام)
(لم ادر حين كبا التفكر دونها
* واستوهمت لعجيبها الأوهام)
(أقبور املاك الأعاجم هن أم
* هذه طلاسم رمل أم اعلام)
حدثنا أسد بن موسى قال حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن نوف نحوه ولم يذكر السرير فلما أغرق الله فرعون وجنوده كما حدثنا هانىء بن المتوكل عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن تبيع استأذن جماعة من الذين كانوا آمنوا من سحرة موسى في الرجوع إلى أهلهم ومالهم بمصر فأذن لهم ودعا لهم فترهبوا في رؤوس الجبال فكانوا أول من ترهب وكان يقال لهم الشيعة وبقيت طائفة منهم مع موسى عليه السلام حتى توفاه الله عز وجل ثم انقطعت الرهبانية بعدهم حتى ابتدعها بعد ذلك أصحاب المسيح عليه السلام حدثنا عبد الله بن صالح قال حدثنا معاوية ابن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى * (ألم) *

111
غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين) قال غلبتهم فارس ثم غلبت الروم فارس في أدنى الأرض يقول في طرف الأرض الشأم
وقد اختلف في البضع فحدثنا الحارث بن مسكين قال حدثنا ابن القاسم عن مالك بن أنس قال البضع ما بين الثلاث إلى سبع
حدثنا أسد قال حدثنا عبد الله بن خالد عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال البضع سبع سنين حدثنا أسد قال حدثنا إبراهيم بن سعد عن أبي الحويرث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال البضع سنين ما بين خمس إلى سبع ويقال البضع ما لم يبلغ العدد ما بين الواحد إلى أربع ويقال إلى سبع وتسع وعشرة ويقال البضع ما بين العشرة إلى العشرين وكذلك كل عقد إلى المائة فإذا زاد على المائة انقطع البضع وصار نيفا
صورة سماع في الجزء الأول
= من كتاب فتوح مصر =
سمع الجزء كله على الشيخ الأجل أبي صادق مرشد بن يحيى بن القاسم المديني بإجازته عن ابن منير بقرأة صاحبه الشيخ الأجل أبي الطاهر أحمد بن محمدالحافظ الزاهد السلفي الأصبهاني الفقيه أبو الحسين

112
ثروان بن علي القيسراني وأبو القاسم هبة الله بن عبد الصمد الكاملي وولده علي وأبو الطاهر عبد المنعم بن موهوب القارئ الواعظ وأبو الأسوار عمر بن المنخل الدربندي وياسر بن عبد العزيز النابلسي وعلي بن الحسين القيسراني وعبد العزيز بن يوسف الأردبيلي وخضر بن علي بن أبي اليسر الصوري وسيد الأهل بن علي بن سعود الأنصاري البوصيري وكاتب السماع إبراهيم بن حاتم الأسدي وذلك في ذي الحجة سنة ست عشرة وخمس مائة بفسطاط مصر وسمع مع الجماعة عبد الله بن الحسين الدمشقي الأنماطي
تم الجزء الأول من فتوح مصر يوم 3 سلخ ذي الحجة سنة 485 للهجرة

113
الجزء الثاني
حدثنا هشام بن إسحاق وغيره قال لما كانت سنة ست من مهاجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديبية بعث إلى الملوك
حدثنا أسد بن موسى قال حدثنا عبد الله بن وهب قال أخبرني يونس بن يزيد عن ابن شهاب قال حدثني عبد الرحمن بن عبد القارئ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام ذات يوم على المنبر فحمد الله واثنى عليه وتشهد ثم قال أما بعد فإني أريد أن أبعث بعضكم إلى ملوك العجم فلا تختلفوا علي كما اختلف بنو إسرائيل على عيسى بن مريم وذلك أن الله تبارك وتعالى أوحى إلى عيسى أن ابعث إلى ملوك الأرض فبعث الحواريين فأما القريب مكانا فرضي وأما البعيد مكانا فكره وقال لا أحسن كلام من تبعثني إليه فقال عيسى اللهم أمرت الحواريين بالذي أمرتني فاختلفوا علي فأوحى الله إليه إني سأكفيك فأصبح كل انسان منهم يتكلم بلسان الذي وجه إليه فقال المهاجرون يا رسول الله والله لا نختلف عليك ابدا في شيء فمرنا وابعثنا فبعث حاطب بن أبي بلتعة إلى

115
المقوقس صاحب الإسكندرية وشجاع بن وهب الأسدي إلى كسرى وبعث دحية بن خليفة إلى قيصر وبعث عمرو بن العاص إلى ابني الجلندي أميري عمان تم ذكر الحديث
ثم رجع إلى حديث هشام بن إسحاق وغيره قال فمضى حاطب بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما انتهى إلى الإسكندرية وجد المقوقس في مجلس مشرف على البحر فركب البحر فلما حاذى مجلسه أشار بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصبعيه فلما رآه أمر بالكتاب فقبض وأمر به فأوصل إليه فلما قرأ الكتاب قال ما منعه إن كان نبيا أن يدعو علي فيسلط علي فقال له حاطب ما منع عيسى بن مريم أن يدعو على من أبى عليه أن يفعل به ويفعل فوجم ساعة ثم استعادها فأعادها عليه حاطب فسكت فقال له حاطب إنه قد كان قبلك رجل زعم أنه الرب الأعلى فانتقم الله به ثم انتقم منه فاعتبر بغيرك ولا تعتبر بك وأن لك دينا لن تدعه إلا لما هو خير منه وهو الإسلام الكافي الله به فقد ما سواه وما بشارة موسى بعيسى إلا كبشارة عيسى بمحمد وما دعاؤنا إياك إلى القرآن إلا كدعائك أهل التوراة إلى الإنجيل ولسنا ننهاك عن دين المسيح ولكنا نأمرك به ثم قرأ الكتاب فإذا فيه بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى المقوقس عظيم القبط سلام على من اتبع الهدى أما بعد فإني أدعوك بدعاية الإسلام فأسلم تسلم وأسلم يؤتيك الله اجرك مرتين * (يا أهل الكتاب تعالوا) *

116
إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون) فلما قرأه أخذه فجعله في حق من عاج وختم عليه
حدثنا عبد الله بن سعيد المذحجي عن ربيعة بن عثمان عن أبان بن صالح قال أرسل المقوقس إلى حاطب ليلة وليس عنده أحد إلا ترجمان له فقال ألا تخبرني عن أمور أسألك عنها فإني اعلم أن صاحبك قد تخيرك حين بعثك قلت لا تسألني عن شيء إلا صدقتك قال إلى ما يدعو محمد قال إلى أن تعبد الله ولا تشرك به شيئا وتخلع ما سواه ويأمر بالصلاة قال فكم تصلون قال خمس صلوات في اليوم والليلة وصيام شهر رمضان وحج البيت والوفاء بالعهد وينهى عن اكل الميتة والدم قال من اتباعه قلت الفتيان من قومه وغيرهم قال فهل يقتل قومه قلت نعم قال صفه لي قال فوصفته بصفة من صفاته لم آت عليها قال قد بقيت أشياء لم أرك ذكرتها في عينيه حمرة قل ما تفارقه وبين كتفيه خاتم النبوة ويركب الحمار ويلبس الشملة ويجتزي بالثمرات والكسر لا يبالي من لاقى من عم ولا ابن عم قلت هذه صفته قال قد كنت اعلم أن نبيا قد بقي وقد كنت

117
أظن أن مخرجه الشأم وهناك كانت تخرج الأنبياء من قبله فأراه قد خرج في العرب في أرض جهد وبؤس والقبط لا تطاوعني في اتباعه ولا أحب أن يعلم بمحاورتي إياك وسيظهر على البلاد وينزل أصحابه من بعده بساحتنا هذه حتى يظهروا على ما ها هنا وأنا لا اذكر للقبط من هذا حرفا فارجع إلى صاحبك
ثم رجع إلى حديث هشام بن إسحاق قال ثم دعا كاتبا يكتب بالعربية فكتب لمحمد بن عبد الله من المقوقس عظيم القبط سلام
أما بعد فقد قرأت كتابك وفهمت ما ذكرت وما تدعو إليه وقد علمت أن نبيا قد بقي وقد كنت أظن أنه يخرج بالشأم وقد أكرمت رسولك وبعثت إليك بجاريتين لهما مكان في القبط عظيم وبكسوه وأهديت إليك بغلة لتركبها والسلام
حدثنا أسد بن موسى قال حدثنا عبد الله بن وهب قال أخبرني يونس بن يزيد عن ابن شهاب بن عبد الرحمن بن عبد القارئ قال لما مضى حاطب بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل المقوقس الكتاب وأكرم حاطبا وأحسن نزله صم سرحه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهدى له مع حاطب كسوة وبغلة بسرجها وجاريتين إحداهما أم إبراهيم ووهب الأخرى لجهم بن قيس العبدري فهي أم زكرياء بن أبي جهم الذي كان خليفة عمرو بن العاص على مصر
ويقال بل وهبها رسول الله صلى الله عليه وسلم لحسان بن ثابت فهي أم عبد الرحمن بن حسان ويقال بل وهبها رسول الله صلى الله عليه وسلم لمحمد بن مسلمة الأنصاري ويقال بل لدحية بن خليفة الكلبي
حدثنا النضر بن سلمة الشامي عن حاتم بن إسماعيل عن أسامة بن زيد

118
الليثي عن المنذر بن عبيد عن عبد الرحمن بن حسان بن ثابت عن أمه سيرين قالت حضرت موت إبراهيم فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما صحت أنا وأختي ما ينهانا فلما مات نهانا عن الصياح حدثنا عبد الملك بن هشام قال حدثنا زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق عن يعقوب بن عتبة أن صفوان بن معطل ضرب حسان بن ثابت بالسيف قال ابن إسحاق فحدثني محمد بن إبراهيم التيمي أن ثابت بن فيس بن شماس وثب على صفوان بن المعطل حين ضرب حسان فجمع يده إلى عنقه بحبل فلقيه عبد الله بن رواحة فقال ما هذا فقال ضرب حسان بالسيف والله ما أراه إلا قد قتله قال هل علم رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء مما صنعت قال لا قال لقد اجترأت اطلق الرجل فأطلقه ثم أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا ذلك له فدعا حسان وصفوان بن المعطل فقال آذاني يا رسول الله وهجاني فحملني الغضب فضربته فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن يا حسان في الذي قد أصابك قال هو لك فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم عوضا منه بيرحاء وهو قصر بني حديلة اليوم كان مالا لأبي طلحة بن سهل تصدق به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاه رسول الله حسانا في ضربته وأعطاه سيرين أمة قبطية فولدت له عبد الرحمن بن حسان بن ثابت

119
حدثنا هانىء بن المتوكل قال حدثنا ابن لهيعة قال حدثني يزيد بن أبي حبيب أن المقوقس لما أتاه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ضمه إلى صدره وقال هذا زمان يخرج فيه النبي الذي نجد نعته وصفته في كتاب الله تعالى وانا لنجد صفته أنه لا يجمع بين أختين في ملك يمين ولا نكاح وأنه يقبل الهدية ولا يقبل الصدقة وان جلساءه المساكين وإن خاتم النبوة بين كتفيه ثم دعا رجلا عاقلا ثم لم يدع بمصر أحسن ولا أجمل من مارية وأختها وهما من أهل حفن بفتح أوله وسكون ثانيه ثم بعده نون من كورة أنصنا فبعث بهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهدى له بغلة شهباء وحمارا أشهب وثيابا من قباطي مصر وعسلا من عسل بنها وبعث إليه بمال صدقة وأمر
رسوله أن ينظر من جلساؤه وينظر إلى ظهره هل يرى شامة كبيرة ذات شعر ففعل ذلك الرسول فلما قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم إليه الأختين والدابتين والعسل والثياب واعلمه أن ذلك كله هدية فقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم الهدية وكان لا يردها من أحد من الناس
قال فلما نظر إلى مارية وأختها اعجبتاه وكره أن يجمع بينهما وكانت إحداهما تشبه الأخرى فقال اللهم اختر لنبيك فاختار الله له مارية وذلك أنه قال لهما قولا نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله فبدرت مارية فتشهدت وآمنت قبل أختها ومكثت أختها ساعة ثم تشهدت وآمنت فوهب رسول الله صلى الله عليه وسلم أختها لمحمد بن مسلمة الأنصاري وقال

120
بعضهم بل وهبها لدحية بن خليفة الكلبي
حدثنا هاني بن المتوكل قال حدثنا عبد الله بن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن عبد الرحمن بن شماسة المهري أحسبه عن عبد الله بن عمرو قال دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أم إبراهيم أم ولده القبطية فوجد عندها نسيبا لها كان قدم معها من مصر وكان كثيرا ما يدخل عليها فوقع في نفسه شيء فرجع فلقيه عمر بن الخطاب رضي الله عنه فعرف ذلك في وجهه فسأله فأخبره فأخذ عمر السيف ثم دخل على مارية وقريبها عندها فأهوى إليه بالسيف فلما رأى ذلك كشف عن نفسه وكان مجبوبا ليس بين رجليه شيء فلما رآه عمر رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن جبريل أتاني فأخبرني أن الله عز وجل قد برأها وقريبها وأن في بطنها غلاما مني وأنه أشبه الخلق بي وأمرني أن أسميه إبراهيم وكناني بأبي إبراهيم
حدثنا دحيم عبد الرحمن بن إبراهيم قال حدثنا ابن وهب عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن الزهري عن أنس قال لما ولدت أم إبراهيم إبراهيم كأنه وقع في نفس النبي صلى الله عليه وسلم منه شيء حتى جاءه جبريل عليه السلام فقال السلام عليك يا أبا إبراهيم ويقال أن المقوقس بعث معها بخصي فكان يأوي إليها
حدثنا أبو الحارث أحمد بن سعيد الفهري قال حدثنا مروان بن

121
يحيى الحاطبي قال حدثني إبراهيم بن عبد الرحمن بن أدعج قال حدثني عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه قال حدثني يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عن أبيه عن جده حاطب بن أبي بلتعة قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المقوقس ملك الإسكندرية فجئته بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزلني في منزل وأقمت عنده ليالي ثم بعث إلي وقد جمع بطارقته فقال إني سأكلمك بكلام وأحب أن تفهمه عني قلت هلم قال أخبرني عن صاحبك أليس هو بنبي قلت بلى هو رسول الله قال فما له حيث كان هكذا لم يدع على قومه حيث أخرجوه من بلده إلى غيرها قال فقلت له فعيسى بن مريم تشهد أنه رسول الله فما له حيث أخذه قومه فأرادوا أن يصلبوه أن لا يكون دعا عليهم بأن يهلكهم الله حتى رفعه الله إليه في سماء الدنيا فقال أنت حكيم جاء من عند حكيم هذه هدايا أبعث بها معك إلى محمد وأرسل معك مبذرقة يبذرقونك إلى مأمنك فأهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث جوار منهن أم إبراهيم وواحدة وهبها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي جهم بن حذيفة العدوي وواحدة وهبها لحسان بن ثابت وأرسل إليه بثياب مع طرف من طرفهم فولدت مارية لرسول الله صلى الله عليه وسلم إبراهيم فكان من أحب الناس إليه حتى مات فوجد به رسول الله صلى الله عليه وسلم
حدثنا عبد الملك بن مسلمة قال حدثنا حفص بن سليمان عن كثير بن

122
شنظير عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على ابنه إبراهيم وكبر عليه أربعا
قال ورش الماء على قبره كما حدثنا ابن بكير قال حدثنا عبد الملك بن مسلمة قال حدثنا قريش بن حيان عن ثابت البناني عن أنس بن مالك قال دخلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي سيف حين كان بالمدينة وكان ظئر إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاه بإبراهيم فشمه ثم دخلنا عليه وهو في الموت فذرف عيناه فقال له ابن عوف وأنت يا رسول الله قال إنها رحمة واتبعها بالأخرى تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول ما لا يرضي ربنا
حدثنا أبي عبد الله بن عبد الحكم قال حدثنا مسلم بن خالد الزنجي عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن شهر بن حوشب عن أسماء ابنة يزيد أنها حدثته قالت لما توفي إبراهيم بكى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو بكر وعمر أنت أحق من علم لله حقه قال تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول ما يسخط الرب ولولا أنه وعد صادق وموعد جامع وأن الآخر منا يتبع الأول لوجدنا عليك يا إبراهيم أشد مما وجدنا وإنا بك لمحزونون
حدثنا علي بن معبد قال حدثنا عيسى بن يونس عن محمد بن أبي ليلى عن عطاء بن أبي رباح عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال أخذ

123
رسول الله بيد عبد الرحمن بن عوف فانطلق به إلى النخل الذي فيه ابنه إبراهيم فوجده يجود بنفسه فأخذه فوضعه في حجره ثم بكى فقال له عبد الرحمن بن عوف تبكي أو لم تكن نهيت عن البكاء قال لا ولكني نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين صوت عند مصيبة خمش وجوه وشق جيوب ورنة شيطان وصوت عند نغمة لهو ومزامير شيطان وهذه رحمة ومن لا يرحم لا يرحم ولولا أنه أمر حق ووعد صدق وأنها سبيل مأتية لحزنا عليك حزنا هو أشد من هذا وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون يحزن القلب وتدمع العين ولا نقول ما يسخط الرب
حدثنا النضر بن سلمة قال حدثنا إبراهيم بن عبد الرحمن الشامي قال حدثنا حاتم بن إسماعيل قال حدثنا أسامة بن زيد عن المنذر بن عبيد عن عبد الرحمن بن حسان بن ثابت عن أمه سيرين أخت مارية القبطية قالت رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجة في القبر يعني قبر إبراهيم فأمر بها فسدت فقيل يا رسول الله فقال أما أنها لا تضر ولا تنفع ولكن تقر بها عين الحي وإن العبد إذا عمل عملا أحب الله أن يتقنه
حدثنا دحيم قال حدثنا مروان بن معاوية عن إسرائيل عن زياد بن علاقة عن المغيرة بن شعبة قال كسفت الشمس يوم مات إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يكسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتموهما فعليكم بالدعاء حتى ينكشفا
قال ولما ولدت أم إبراهيم كما حدثنا القعنبي عن حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس عن عكرمة عن ابن عباس قال لما ولدت مارية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعتقها ولدها وكان سن إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم مات كما حدثنا علي بن معبد عن عيسى بن يونس عن الأعمش عن رجل

124
قد سماه عن أبيه عن البراء بن عازب ستة عشر شهرا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن له ظئرا في الجنة يتم رضاعه حدثنا يزيد بن أبي سلمة عن عبد الواحد بن زياد قال حدثنا الحجاج بن أرطأة عن أبي بكر بن عمرو عن يزيد بن البراء عن أبيه قال لما توفي إبراهيم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن له مرضعا في الجنة يتم بقية رضاعه ثم رجع إلى حديث يزيد بن أبي حبيب قال وكانت البغلة والحمار أحب دوابه إليه وسمى البغلة دلدل وسمى الحمار يعفور وأعجبه العسل فدعا في عسل بنها بالبركة وبقيت تلك الثياب حتى كفن في بعضها صلى الله عليه وسلم
حدثنا محمد بن عبد الجبار قال حدثنا موسى بن داود عن سلام عن عبد الملك بن عبد الرحمن عن الحسن العربي عن الأشعث بن طليق عن مرة بن المطلب أو الطيب عن عبد الله بن مسعود قال حدثنا عبد الملك بن مسلمة قال حدثنا القاسم بن عبد الله عن عبيد الله بن عمر عن الثقة عن ابن مسعود قال قلنا يا رسول الله فيما نكفنك قال في ثيابي هذه أو في ثياب مصر قال محمد بن عبد الجبار في حديثه أو في ثياب مصر أو في حلة قال أحدهما أو في يمنة قال ابن أبي مريم قال ابن لهيعة وكان اسم أخت مارية قيصرا ويقال بل كان اسمها سيرين

125
وحدثنا عبد الملك بن مسلمة قال حدثنا ابن لهيعة عن الأعرج قال بعث المقوقس صاحب الإسكندرية بمارية وأختها حنة فأسكنها رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدقته في بني قريظة
حدثنا هاني بن المتوكل قال حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب وابن هبيرة أن الحسن بن علي كلم معاوية بن أبي سفيان في أن يضع الجزية عن جميع قرية أم إبراهيم لحرمتها ففعل ووضع الخراج عنهم فلم يكن على أحد منهم خراج وكان جميع أهل القرية من أهلها وأقربائها فانقطعوا إلا بيتا واحدا قد بقي منهم أناس
حدثنا عبد الملك بن مسلمة قال حدثنا إسماعيل بن عياش عن أبي بكر بن أبي مريم عن راشد بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لو بقي إبراهيم ما تركت قبطيا إلا وضعت عنه الجزية وكانت وفاة مارية في المحرم سنة خمس عشرة ودفنت بالبقيع وصلى عليها عمر بن الخطاب وكان الرسول بها من قبل المقوقس كما حدثنا عبد الملك بن مسلمة ابن جبر ثم أن أبا بكر الصديق بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كما حدثنا عبد الملك بن مسلمة عن ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد عن علي بن رياح اللخمي بعث حاطبا إلى المقوقس بمصر فمر على ناحية من قرى الشرقية فهادنهم وأعطوه فلم يزالوا على ذلك حتى دخلها عمرو بن العاص فقاتلوه فانتقض ذلك العهد قال عبد الملك وهي أول هدنة كانت بمصر

126
قال ابن هشام اسم أبي بلتعة عمرو بن حاطب اللخمي وفي ذلك يقول حسان بن ثابت كما حدثنا وثيمة بن موسى من الخفيف (
قل لرسل النبي صاح إلى الناس
* شجاع ودحية بن خليفه) (
ولعمرو وحاطب وسليط
* ولعمرو وذاك رأس الصحيفة)
في ابيات ذكر فيها رسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الملوك
عمرو بن العاص ومصر
قال ثم رجع إلى حديث عثمان بن صالح قال فلما كانت سنة ثماني عشرة وقدم عمر رضي الله عنه الجابية خلا به عمرو بن العاص فاستأذنه في المسير إلى مصر وكان عمرو قد دخل مصر في الجاهلية وعرف طرقها ورأى كثرة ما فيها
وكان سبب دخول عمرو إياها كما حدثنا يحيى بن خالد العدوي عن ابن لهيعة ويحيى بن أيوب عن خالد بن يزيد أنه بلغه أن عمرا قدم إلى بيت المقدس لتجارة في نفر من قريش فإذا هم بشماس من شمامسة الروم من أهل الإسكندرية قدم للصلاة في بيت المقدس فخرج في بعض جبالها يسبح وكان عمرو يرعى إبله وإبل أصحابه وكانت رعية الإبل نوبا بينهم فبينما عمرو يرعى إبله إذ مر به ذلك الشماس وقد أصابه عطش شديد في يوم الحر فوقف على عمرو فاستسقاه فسقاه عمرو من قربة

127
له فشرب حتى روى ونام الشماس مكانه وكانت إلى جنب الشماس حيث نام حفرة فخرجت منها حية عظيمة فبصر بها عمرو فنزع لها بسهم فقتلها فلما استيقظ الشماس نظر إلى حية عظيمة قد أنجاه الله منها فقال لعمرو ما هذه فأخبره عمرو أنه رماها فقتلها فأقبل إلى عمرو فقبل رأسه وقال قد أحياني الله بك مرتين مرة من شدة العطش ومرة من هذه الحية فما أقدمك هذه البلاد قال قدمت مع أصحاب لي نطلب الفضل في تجارتنا فقال له الشماس وكم تراك ترجو أن تصيب في تجارتك قال رجائي أن أصيب ما اشتري به بعيرا فإني لا أملك إلا بعيرين فأملي أن أصيب بعيرا آخر فتكون لي ثلاثة أبعرة فقال له الشماس أرأيت دية أحدكم بينكم كم هي قال مائة من الإبل قال له الشماس لسنا أصحاب إبل إنما نحن أصحاب دنانير قال يكون ألف دينار فقال له الشماس إني رجل غريب في هذه البلاد وإنما قدمت أصلي في كنيسة بيت المقدس وأسبح في هذه الجبال شهرا جعلت ذلك نذرا على نفسي وقد قضيت ذلك وأنا أريد الرجوع إلى بلادي فهل لك أن تتبعني إلى بلادي ولك عهد الله وميثاقه أن أعطيك ديتين لأن الله عز وجل أحياني بك مرتين فقال له عمرو وأين بلادك قال مصر في مدينة يقال لها الإسكندرية فقال له عمرو لا أعرفها ولم ادخلها قط فقال له الشماس لو دخلتها
لعلمت أنك لم تدخل قط مثلها فقال عمرو وتفي لي بما تقول و عليك بذلك العهد والميثاق فقال له الشماس نعم لك الله علي بالعهد والميثاق أن أفي لك وأن أردك إلى أصحابك فقال عمرو وكم

128
يكون مكثي في ذلك قال شهرا تنطلق معي ذاهبا عشرة أيام وتقيم عندنا عشرا وترجع في عشر ولك علي أن احفظك ذاهبا وأن أبعث معك من يحفظك راجعا فقال له عمرو أنظرني حتى أشاور أصحابي في ذلك فانطلق عمرو إلى أصحابه فأخبرهم بما عاهده عليه الشماس وقال لهم تقيموا علي حتى أرجع إليكم ولكم علي العهد أن أعطيكم شطر ذلك على أن يصحبني رجل منكم آنس به فقالوا نعم وبعثوا معه رجلا منهم فانطلق عمرو وصاحبه مع الشماس إلى مصر حتى انتهى إلى الإسكندرية فرأى عمرو من عمارتها وكثرة أهلها وما بها من الأموال والخير فأعجبه ذلك وقال ما رأيت مثل مصر قط وكثرة ما فيها من الأموال ونظر إلى الإسكندرية وعمارتها وجودة بنائها وكثرة أهلها وما بها من الأموال فازداد عجبا ووافق دخول عمرو الإسكندرية عيدا فيها عظيما يجتمع فيه ملوكهم وأشرافهم ولهم أكرة من ذهب مكللة يترامى بها ملوكهم وهم يتلقونها بأكمامهم وفيما اختبروا من تلك الأكرة على ما وضعها من مضى منهم انها من وقعت الأكرة في كمه واستقرت فيه لم يمت حتى يملكهم فلما قدم عمرو الإسكندرية أكرمه الشماس الإكرام كله وكساه ثوب ديباج ألبسه إياه وجلس عمرو والشماس مع الناس في ذلك المجلس حيث يترامون بالأكرة وهم يتلقونها بأكامهم فرمى بها رجل منهم فأقبلت تهوي حتى وقعت في كم عمرو فعجبوا من ذلك وقالوا ما

129
كذبتنا هذه الأكرة قط إلا هذه المرة أترى هذا الأعرابي يملكنا هذا ما لا يكون ابدا
وإن ذلك الشماس مشى في أهل الإسكندرية وأعلمهم أن عمرا أحياه مرتين وأنه قد ضمن له ألفي دينار وسألهم أن يجمعوا له ذلك فيما بينهم ففعلوا ذلك ودفعوها إلى عمرو فانطلق عمرو وصاحبه وبعث معهما الشماس دليلا ورسولا وزودهما وأكرمهما حتى رجع وصاحبه إلى أصحابهما فبذلك عرف عمرو مدخل مصر ومخرجها ورأى منها ما علم أنها أفضل البلاد وأكثرها مالا فلما رجع عمرو إلى أصحابه دفع إليهم فيما بينهم ألف دينار وأمسك لنفسه ألفا قال عمرو وكان أول مال اعتقدته وتأثلته
فتح مصر
حدثنا عثمان بن صالح قال حدثنا ابن لهيعة عن عبيد الله بن أبي جعفر وعياش بن عباس القتباني وغيرهما يزيد بعضهم على بعض قالوا فلما قدم عمر بن الخطاب رضي الله عنه الجابية قام إليه عمرو فخلا به

130
وقال يا أمير المؤمنين إيذن لي أن أسير إلى مصر وحرضه عليها وقال إنك إن فتحتها كانت قوة للمسلمين وعونا لهم وهي أكثر الأرض أموالا وأعجزها عن القتال والحرب فتخوف عمر بن الخطاب على المسلمين وكره ذلك فلم يزل عمرو يعظم أمرها عند عمر بن الخطاب ويخبره بحالها ويهون عليه فتحها حتى ركن عمر لذلك فعقد له على أربعة آلاف رجل كلهم من عك ويقال بل ثلاثة آلاف وخمس مائة
حدثنا أبو الأسود النضر بن عبد الجبار قال حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن عمرو بن العاص دخل مصر بثلاثة آلاف وخمس مائة حدثنا عبد الملك بن مسلمة عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب مثله إلا أنه قال ثلثهم من غافق ثم رجع إلى حديث عثمان وغيره قال فقال له عمر سر وأنا مستخير الله في مسيرك وسيأتيك كتابي سريعا إن شاء الله تعالى فإن أدركك كتابي آمرك فيه بالانصراف عن مصر قبل أن تدخلها أو شيئا من أرضها فانصرف وإن أنت دخلتها قبل أن يأتيك كتابي فامض لوجهك واستعن بالله واستنصره فسار عمرو بن العاص من جوف الليل ولم يشعر به أحد من الناس واستخار عمر الله فكأنه تخوف على المسلمين في وجههم ذلك فكتب إلى عمرو بن العاص يأمره أن ينصرف بمن معه من المسلمين فأدرك الكتاب عمرا وهو برفح فتخوف عمرو بن العاص إن هو أخذ الكتاب وفتحه أن يجد فيه الانصراف كما عهد إليه عمر فلم يأخذ الكتاب من الرسول ودافعه وسار كما هو حتى نزل قرية فيما بين رفح والعريش فسأل عنها فقيل إنها من أرض مصر فدعا بالكتاب فقرأه على المسلمين فقال عمرو لمن معه ألستم تعلمون أن هذه القرية من مصر

131
قالوا بلى قال فإن أمير المؤمنين عهد إلي وأمرني إن لحقني كتابه ولم أدخل أرض مصر أن أرجع ولم يلحقني كتابه حتى دخلنا أرض مصر فسيروا وامضوا على بركة الله وعونه ويقال بل كان عمرو بفلسطين فتقدم بأصحابه إلى مصر بغير إذن فكتب فيه إلى عمر فكتب إليه عمر وهو دون العريش فحبس الكتاب فلم يقرأه حتى بلغ العريش فقرأه فإذا فيه من عمر بن الخطاب إلى العاص بن العاص أما بعد فإنك سرت إلى مصر ومن معك وبها جموع الروم وإنما معك نفر يسير ولعمري لو كان ثكل أمك ما سرت بهم فإن لم تكن بلغت مصر فارجع فقال عمرو الحمد لله أية أرض هذه قالوا من مصر فتقدم كما هو
حدثنا ذلك عثمان بن صالح عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب ويقال بل كان عمرو في جنده على قيسارية مع من كان بها من أجناد المسلمين وعمر بن الخطاب رضي الله عنه إذ ذاك بالجابية فكتب سرا فاستأذن إلى مصر وأمر أصحابه فتنحوا كالقوم الذين يريدون أن يتنحوا من منزل إلى منزل قريب ثم سار بهم ليلا فلما فقده أمراء الأجناد استنكروا الذي فعل ورأوا أن قد غرر فرفعوا ذلك إلى عمر بن الخطاب فكتب إليه عمر إلى العاص بن العاص أما بعد فإنك قد غررت بمن معك فإن أدركك كتابي ولم تدخل مصر فارجع وإن أدركك وقد دخلت مصر فامض واعلم أني ممدك

132
فيما حدثنا عبد الملك بن مسلمة ويحيى بن خالد عن الليث بن سعد قال ويقال أن عمر بن الخطاب كتب إلى عمرو بن العاص بعد ما فتح الشأم أن اندب الناس إلى المسير معك إلى مصر فمن خف معك فسر به وبعث به مع شريك بن عبدة فندبهم عمرو فأسرعوا إلى الخروج مع عمرو ثم إن عثمان بن عفان رضي الله عنه دخل على عمر بن الخطاب فقال عمر كتبت إلى عمرو بن العاص يسير إلى مصر من الشأم فقال عثمان يا أمير المؤمنين إن عمرا لمجرؤ وفيه إقدام وحب للإمارة فأخشى أن يخرج من غير ثقة ولا جماعة فيعرض المسلمين للهلكة رجاء فرصة لا يدرى تكون أم لا فندم عمر بن الخطاب على كتابه إلى عمرو إشفاقا مما قال عثمان فكتب إليه إن أدركك
كتابي قبل أن تدخل مصر فارجع إلى موضعك وإن كنت دخلت فامض لوجهك
عمرو بن العاص
وكانت صفة عمرو بن العاص كما حدثنا سعيد بن عفير عن الليث بن سعد قصيرا عظيم الهامة ناتيء الجبهة واسع الفم عظيم اللحية عريض ما بين المنكبين عظيم الكفين والقدمين
قال قال الليث يملأ هذا المسجد قال لما بلغ المقوقس قدوم عمرو بن العاص إلى مصر توجه إلى الفسطاط فكان يجهز على عمرو

133
الجيوش وكان على القصر رجل من الروم يقال له الأعيرج واليا عليه وكان تحت يدي المقوقس وأقبل عمرو حتى إذا كان بجبل الحلال نفرت معه راشدة وقبائل من لخم فتوجه عمرو حتى إذا كان بالعريش أدركه النحر
حدثنا عبد الملك بن مسلمة قال حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب قال فضحى عمرو عن أصحابه يومئذ بكبش وكان رجل ممن كان خرج مع عمرو بن العاص حين خرج من الشأم إلى مصر كما حدثنا هانىء بن التوكل عن أبي شريح عن عبد الكريم بن الحارث أصيب بجمل له فأتى إلى عمرو يستحمله فقال عمرو تحمل مع أصحابك حتى تبلغ أوائل العامر فلما بلغوا العريش جاءه فأمر له بجملين ثم قال له لن تزالوا بخير ما رحمتكم أئمتكم فإذا لم يرحموكم هلكتم وهلكوا
قال ثم رجع إلى حديث عثمان بن صالح قال فقدم عمرو بن العاص فكان أول موضع قوتل فيه الفرما قاتلته الروم قتالا شديدا نحوا من شهر ثم فتح الله على يديه وكان عبد الله بن سعد كما حدثنا سعيد بن عفير على ميمنة عمرو بن العاص منذ توجه من قيسارية إلى أن فرغ من حربه وقال غير ابن عفير من مشايخ أهل مصر وكان بالإسكندرية

134
أسقف للقبط يقال له أبو ميامين فلما بلغه قدوم عمرو بن العاص إلى مصر كتب إلى القبط يعلمهم أنه لا تكون للروم دولة وأن ملكهم قد انقطع ويأمرهم بتلقي عمرو فيقال أن القبط الذين كانوا بالفرما كانوا يومئذ لعمرو أعوانا
قال عثمان في حديثه ثم توجه عمرو لا يدافع إلا بالأمر الخفيف حتى نزل القواصر
حدثنا عبد الله بن مسلمة قال حدثنا ابن وهب قال حدثنا عبد الرحمن بن شريح أنه سمع شراحيل بن يزيد يحدث عن أبي الحسين أنه سمع رجلا من لخم يحدث كريب بن أبرهة قال كنت أرعى غنما لأهلي بالقواصر فنزل عمرو ومن معه فدنوت إلى أقرب منازلهم فإذا بنفر من القبط فكنت قريبا منهم فقال بعضهم لبعض ألا تعجبون من هؤلاء القوم يقدمون على جموع الروم وإنما هم في قلة من الناس فأجابه رجل آخر منهم فقال إن هؤلاء القوم لا يتوجهون إلى أحد إلا ظهروا عليه حتى يقتلوا أخيرهم قال فقمت إليه فأخذت بتلابيبه فقلت أنت تقول هذا انطلق معي إلى عمرو بن العاص حتى يسمع الذي قلت فطلب إلي أصحابه وغيرهم حتى خلصوه فرددت الغنم إلى منزلي ثم جئت حتى دخلت في القوم
قال عثمان في حديثه فتقدم عمرو لا يدافع إلا بالأمر الخفيف حتى

135
أتى بلبيس فقاتلوه بها نحوا من شهر حتى فتح الله عليه ثم مضى لا يدافع إلا بالأمر الخفيف حتى أتى أم دنين فقاتلوه بها قتالا شديدا وأبطأ عليه الفتح فكتب إلى عمر يستمده فأمده بأربعة آلاف تمام ثمانية آلاف فقاتلهم
ثم رجع إلى حديث ابن وهب عن عبد الرحمن بن شريح عن شراحيل بن يزيد عن أبي الحسين أنه سمع رجلا من لخم قال فجاء رجل إلى عمرو بن العاص فقال اندب معي خيلا حتى آتي من ورائهم عند القتال فأخرج معه خمس مائة فارس فساروا من وراء الجبل حتى دخلوا مغار بني وائل قبل الصبح وكانت الروم قد خندقوا خندقا وجعلوا له أبوابا وبثوا في أفنيتها حسك الحديد فالتقى القوم حين أصبحوا وخرج اللخمي بمن معه من ورائهم فانهزموا حتى دخلوا الحصن
قال غير ابن وهب بعث خمس مائة عليهم خارجة بن حذافة قال فلما كان في وجه الصبح نهض القوم فصلوا الصبح ثم ركبوا خيلهم وغدا عمرو بن العاص على القتال فقاتلهم من وجههم وحملت الخيل التي كان وجه من ورائهم واقتحمت عليهم فانهزموا وكانوا قد خندقوا حول الحصن وجعلوا للخندق أبوابا
قال ابن وهب في حديثه عن عبد الرحمن بن شريح فسار عمرو بمن

136
معه حتى نزل على الحصن فحاصرهم حتى سألوه أن يسير منهم بضعة عشر أهل بيت ويفتحوا له الحصن ففعل ذلك ففرض عليهم عمرو لكل رجل من أصحابه دينارا وجبة وبرنسا وعمامة وخفين وسألوه أن يأذن لهم أن يهيؤا له ولأصحابه صنيعا ففعل فحدثني أبي عبد الله بن عبد الحكم أن عمرو بن العاص أمر أصحابه فتهيئوا ولبسوا البرود ثم اقبلوا
قال ابن وهب في حديثه فلما فرغوا من طعامهم سألهم عمرو كم أنفقتم قالوا عشرين ألف دينار قال عمرو لا حاجة لنا بصنيعكم بعد اليوم أدوا إلينا عشرين ألف دينار فجاءه النفر من القبط فاستأذنوه إلى قراهم وأهلهم فقال لهم عمرو كيف رأيتم أمرنا قالوا لم نر إلا حسنا فقال الرجل الذي قال في المرة الأولى ما قال لهم إنكم لن تزالوا تظهروا على من لقيتم حتى تقتلوا خيركم رجلا فغضب عمرو وأمر به فطلب إليه أصحابه وأخبروه أنه لا يدري ما يقول حتى خلصوه فلما بلغ عمرا قتل عمر بن الخطاب أرسل في طلب ذلك القبطي فوجده قد هلك فعجب عمرو من قوله
قال غير ابن وهب قال عمرو بن العاص فلما طعن عمر بن لخطاب قلت هو ما قال القبطي فلما حدثت أنه إنما قتله أبو لؤلؤة رجل نصراني قلت لم يعن هذا إنما عني من قتله المسلمون فلما قتل عثمان عرفت أن ما قال الرجل حق
قال أبي في حديثه فلما فرغوا من صنيعهم أمر عمرو بن العاص بطعام فصنع لهم وأمرهم أن يحضروا لذلك فصنع لهم الثريد والعراق وأمر أصحابه بلباس الأكسية
واشتمال الصماء والقعود على الركب فلما حضرت الروم وضعوا كراسي الديباج فجلسوا عليها وجلست العرب إلى

137
جوانبهم فجعل الرجل من العرب يلتقم اللقمة العظيمة من الثريد وينهش من ذلك اللحم فيتطاير على من إلى جنبه من الروم فبشعت الروم بذلك وقالوا أين أولئك الذين كانوا أتونا قبل فقيل لهم أولئك أصحاب المشورة وهؤلاءأصحاب الحرب وقد سمعت في فتح القصر وجها غير هذا
حدثنا عثمان بن صالح قال حدثنا ابن لهيعة عن عبيد الله بن أبي جعفر وعياش بن عباس وغيرهما يزيد بعضهم على بعض أن عمرو بن العاص حصرهم بالقصر الذي يقال له باب اليون حينا وقاتلهم قتالا شديدا يصبحهم ويمسيهم فلما أبطأ عليه الفتح كتب إلى عمر بن الخطاب يستمده ويعلمه بذلك فأمده بأربعة آلاف رجل على كل ألف رجل منهم رجل وكتب إليه عمر بن الخطاب إني قد أمددتك بأربعة آلاف رجل على كل ألف رجل منهم رجل مقام الألف الزبير بن العوام والمقداد بن عمرو وعبادة بن الصامت ومسلمة بن مخلد وقال آخرون بل خارجة بن حذافة الرابع لا يعدون مسلمة وقال عمر بن الخطاب إعلم أن معك اثنا عشر ألفا ولا تغلب اثني عشر ألفا من قلة
قال عثمان قال ابن وهب فحدثني الليث بن سعد قال بلغني عن كسرى أنه كان له رجال إذا بعث أحدهم في جيش وضع من عدة الجيش الذي كان معه ألفا مكانه لإجزاء ذلك الرجل في الحرب وإذا احتاج إلى أحدهم وكان في جيش فحبسه لحاجته إليه زادهم ألف رجل قال الليث فأنزلت الذي صنع عمر بن الخطاب في بعثته بالزبير بن العوام والمقداد ومن

138
بعث معهما نحو ما كان يصنع كسرى حدثنا أبو الأسود النضر بن عبد الجبار قال حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب قال كان عمر بن الخطاب قد أشفق على عمرو فأرسل الزبير في أثره في اثني عشر ألفا فشهد معه الفتح
حدثنا عبد الملك بن مسلمة قال حدثنا ابن وهب عن عمرو بن الحارث وابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن عمر بن الخطاب بعث الزبير بن العوام في اثني عشر ألفا
وقال غير عثمان فكانوا قد خندقوا حول حصنهم وجعلوا للخندق أبوابا وجعلوا سكك الحديد موتدة بأفنية الأبواب وكان عمرو قد قدم من الشأم في عدة قليلة فكان يفرق أصحابه ليرى العدو أنهم أكثر مما هم فلما انتهى إلى الخندق نادوه أن قد رأينا ما صنعت وإنما معك من أصحابك كذا وكذا فلم يخطئوا برجل واحد فأقام عمرو على ذلك أياما يغدوا في السحر فيصف أصحابه على أفواه الخندق عليهم السلاح فبينما هو على ذلك إذ جاءه خبر الزبير بن العوام قدم في اثني عشر ألفا فتلقاه عمرو ثم أقبلا يسيران ثم لم يلبث الزبير أن ركب ثم طاف بالخندق ثم فرق الرجال حول الخندق ثم رجع إلى حديث عثمان بن صالح عن ابن لهيعة قال فلما قدم المدد على عمرو بن العاص ألح على القصر ووضع عليه المنجنيق وقال عمرو يومئذ من الرجز
(يوم لهمدان ويوم للصدف
* والمنجنيق في بلي تختلف)
(وعمرو يرقل ارقال الخزف
*)

139
وكان عمرو إنما يقف تحت راية بلي فيما يزعمون وقد كان عمرو بن العاص كما أخبرني شيخ من أهل مصر قد دخل إلى صاحب الحصن فتناظرا في شيء مما هم فيه فقال له عمرو اخرج استشير أصحابي وقد كان صاحب الحصن أوصى الذي على الباب إذا مر به عمرو ان يلقي عليه صخرة فيقتله فمر عمرو وهو يريد الخروج برجل من العرب فقال له قد دخلت فانظر كيف تخرج فرجع عمرو إلى صاحب الحصن فقال له اني أريد ان آتيك بنفر من أصحابي حتى يسمعوا منك مثل الذي سمعت فقال العلج في نفسه قتل جماعة أحب إلي من قتل واحد فأرسل إلى الذي كان امره بما أمره به من قتل عمرو أن لا يتعرض له رجاء أن يأتيه بأصحابه فيقتلهم وخرج عمرو هذا أو معناه
حدثنا عيسى بن حماد قال لما حصر المسلمون الحصن كان عبادة بن الصامت في ناحية يصلي وفرسه عنده فرآه قوم من الروم فخرجوا إليه وعليهم حلية وبزة فلما دنوا منه سلم من صلاته ووثب على فرسه ثم حمل عليهم فلما رأوه غير مكذب عنهم ولوا راجعين واتبعهم فجعلوا يلقون مناطقهم ومتاعهم ليشغلوه بذلك عن طلبهم ولا يلتفت إليه حتى دخلوا الحصن ورمي عبادة من فوق الحصن بالحجارة فرجع ولم يتعرض لشيء مما كانوا طرحوا من متاعهم حتى رجع إلى موضعه الذي كان به فاستقبل الصلاة وخرج الروم إلى متاعهم يجمعونه
حدثنا أبو الأسود النضر بن عبد الجبار قال حدثنا المفضل بن فضالة قال أخبرنا عياش بن عباس القتباني عن شييم بن بيتان عن شيبان بن أمية عن رويفع بن ثابت قال كان أحدنا في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذ نصل

140
أخيه على أن يعطيه النصف مما يغنم وله النصف حتى أن أحدنا ليصير له النصل والريش وللآخر القدح وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من استنجى برجيع دابته أو بعظم فإن محمدا منه بريء قال عياش بن عباس أخبرني شييم بن بيتان عن أبي سالم الجيشاني أنه سمع عبد الله بن عمرو وهو مرابط حصن باب اليون يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذ الحديث
قال عثمان في حديثه فلما أبطأ الفتح على عمرو بن العاص قال الزبير إني أهب نفسي لله أرجو أن يفتح الله بذلك على المسلمين فوضع سلما إلى جانب الحصن من ناحية سوق الحمام ثم صعد وأمرهم إذا سمعوا تكبيره أن يجيبوه جميعا قال غير عثمان فما شعروا إلا والزبير على رأس الحصن يكبر ومعه السيف وتحامل الناس على السلم حتى نهاهم عمرو خوفا من أن ينكسر
ثم رجع إلى الحديث عثمان وغيره قال فلما اقتحم الزبير وتبعه من تبعه وكبر وكبر من معه وأجابهم المسلمون من خارج فلم يشك أهل الحصن أن العرب قد اقتحموا جميعا فهربوا فعمد الزبير وأصحابه إلى باب الحصن ففتحوه واقتحم المسلمون الحصن فلما خاف المقوقس على نفسه ومن معه فحينئذ سأل عمرو بن العاص الصلح ودعاه إليه على أن يفرض للعرب على القبط على كل رجل منهم دينارين فأجابه عمرو إلى ذلك
حدثنا سعيد بن عفير قال وصعد مع الزبير الحصن محمد بن مسلمة

141
ومالك بن أبي سلسلة السلامي ورجال من بني حرام وأن شراحيل بن حجية المرادي نصب سلما آخر من ناحية زقاق الزمامرة اليوم فصعد عليه فكان بين الزبير رحمه الله وبين شراحيل شيء على باب أو مدخل فكأن شراحيل نال من الزبير بعض ما كره فبلغ ذلك عمرا بن العاص فقال له استقد منه إن شئت فقال الزبير أمن نغفة من نغف اليمن استقيد يا بن النابغة
صفة الزبير
وكانت صفة الزبير بن العوام كما حدثنا هشام بن إسحاق فيما يزعمون أبيض حسن القامة ليس بالطويل قليل شعر اللحية أهلب كثير شعر الجسد
وكان مكثهم كما حدثنا عثمان بن صالح عن عبد الله بن وهب عن الليث بن سعد على باب القصر حتى فتحوه سبعة أشهر وقد سمعت في فتح القصر وجها آخر مخالفا للحديثين جميعا والله أعلم
حدثنا عثمان بن صالح قال أخبرنا خالد بن نجيح عن يحيى بن أيوب وخالد بن حميد قالا حدثنا خالد بن يزيد عن جماعة من التابعين يزيد بعضهم على بعض أن المسلمين لما حاصروا باب اليون وكان به جماعة

142
من الروم وأكابر القبط ورؤسائهم وعليهم المقوقس فقاتلوهم بها شهرا فلما رأى القوم الجد منهم على فتحه والحرص ورأوا من صبرهم على القتال ورغبتهم فيه خافوا أن يظهروا عليهم فتنحى المقوقس وجماعة من أكابر القبط وخرجوا من باب القصر القبلي ودونهم جماعة يقاتلون العرب فلحقوا بالجزيرة موضع الصناعة اليوم وأمروا بقطع الجسر وذلك في جرى النيل
وزعم بعض مشايخ أهل مصر أن الأعيرج كان تخلف في الحصن بعد المقوقس فلما خاف فتح الحصن ركب هو وأهل القوة والشرف وكانت سفنهم ملصقة بالحصن ثم لحقوا بالمقوقس بالجزيرة ثم رجع إلى حديث يحيى بن أيوب وخالد بن حميد قالا فأرسل المقوقس إلى عمرو بن العاص
إنكم قوم قد ولجتم في بلادنا والححتم على قتالنا وطال مقامكم في أرضنا وإنما أنتم عصبة يسيرة وقد أظلتكم الروم وجهزوا إليكم ومعهم من العدة والسلاح وقد أحاط بكم هذا النيل وإنما أنتم أسارى في أيدينا فابعثوا إلينا رجالا منكم نسمع من كلامهم فلعله أن يأتي الأمر فيما بيننا وبينكم على ما تحبون ونحب وينقطع عنا وعنكم هذا القتال قبل أن يغشاكم جموع الروم فلا ينفعنا الكلام ولا نقدر عليه ولعلكم أن

143
تندموا إن كان الأمر مخالفا لطلبتكم ورجائكم فابعثوا إلينا رجالا من أصحابكم نعاملهم على ما نرضى نحن وهم به من شئ فلما أتت عمرو بن العاص رسل المقوقس حبسهم عنده يومين وليلتين حتى خاف عليهم المقوقس فقال لأصحابه أترون أنهم يقتلون الرسل ويحبسونهم ويستحلون ذلك في دينهم وإنما أراد عمرو بذلك أن يروا حال المسلمين فرد عليهم عمرو مع رسله
إنه ليس بيني وبينكم إلا إحدى ثلاث خصال إما أن دخلتم في الإسلام فكنتم إخواننا وكان لكم ما لنا وإن أبيتم فأعطيتم الجزية عن يد وأنتم صاغرون وإما أن جاهدناكم بالصبر والقتال * (حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين) * فلما جاءت رسل المقوقس إليه قال كيف رأيتموهم قالوا رأينا قوما الموت أحب إلى أحدهم من الحياة والتواضع أحب إليهم من الرفعة ليس لأحدهم في الدنيا رغبة ولا نهمة وإنما جلوسهم على التراب وأكلهم على ركبهم وأميرهم كواحد منهم ما يعرف رفيعهم من وضيعهم ولا السيد فيهم من العبد وإذا حضرت الصلاة لم يتخلف عنها أحد منهم يغسلون أطرافهم بالماء ويتخشعون في صلاتهم فقال عند ذلك المقوقس
والذي يحلف به لو أن هؤلاء استقبلوا الجبال لأزالوها ولا يقوى على قتال هؤلاء أحد ولئن لم نغتنم صلحهم اليوم وهم محصورون بهذا النيل

144
لم يجيبونا بعد اليوم إذا أمكنتهم الأرض وقووا على الخروج من موضعهم فرد إليهم المقوقس رسله وقال ابعثوا إلينا رسلا منكم نعاملهم ونتداعى نحن وهم إلى ما عسى أن يكون فيه صلاح لنا ولكم فبعث عمرو بن العاص عشرة نفر أحدهم عبادة بن الصامت حدثنا سعيد بن عفير قال أدرك الإسلام من العرب عشرة نفر طول كل رجل منهم عشرة أشبار عبادة بن الصامت أحدهم
ثم رجع إلى حديث عثمان قال وأمره عمرو أن يكون متكلم القوم وأن لا يجيبهم إلى شيء دعوه إليه إلا إحدى هذه الثلاث خصال فإن أمير المؤمنين قد تقدم إلي في ذلك وأمرني أن لا أقبل شيئا سوى خصلة من هذه الثلاث خصال وكان عبادة بن الصامت أسود فلما ركبوا السفن إلى المقوقس ودخلوا عليه تقدم عبادة بن الصامت فهابه المقوقس لسواده فقال نحوا عني هذا الأسود وقدموا غيره يكلمني فقالوا جميعا إن هذا الأسود أفضلنا رأيا وعلما وهو سيدنا وخيرنا والمقدم علينا وإنما نرجع جميعا إلى قوله ورايه وقد أمره الأمير دوننا بما أمره به وأمرنا أن لا نخالف رأيه وقوله قال وكيف رضيتم أن يكون هذا الأسود أفضلكم وإنما ينبغي أن يكون هو دونكم قالوا كلا إنه وإن كان أسود كما ترى فإنه من أفضلنا موضعا وأفضلنا سابقة وعقلا ورأيا وليس ينكر السواد فينا فقال المقوقس لعبادة تقدم يا أسود وكلمني برفق فإني أهاب سوادك وإن اشتد كلامك علي ازددت لذلك هيبة فتقدم إليه عبادة فقال

145
قد سمعت مقالتك وإن فيمن قد خلفت من أصحابي ألف رجل أسود كلهم أشد سوادا مني وأفظع منظرا ولو رأيتهم لكنت أهيب لهم منك لي وأنا قد وليت وادبر شبابي وإني
مع ذلك بحمد الله ما أهاب مائة رجل من عدوي لو استقبلوني جميعا وكذلك أصحابي وذلك أنا إنما رغبتنا وهمتنا الجهاد في الله واتباع رضوانه وليس غزونا عدونا ممن حارب الله لرغبة في الدنيا ولا طلب للإستكثار منها إلا أن الله عز وجل قد أحل ذلك لنا وجعل ما غنمنا من ذلك حلالا وما يبالي أحدنا أكان له قنطار من ذهب أم كان لا يملك إلا درهما لأن غاية أحدنا من الدنيا أكلة يأكلها يسد بها جوعته لليله ونهاره وشمله يلتحفها فإن كان أحدنا لا يملك إلا ذلك كفاه وإن كان له قنطار من ذهب أنفقه في طاعة الله واقتصر على هذا الذي بيده ويبلغه ما كان في الدنيا لأن نعيم الدنيا ليس بنعيم ورخاءها ليس برخاء إنما النعيم والرخاء في الآخرة وبذلك أمرنا ربنا وأمرنا به نبينا صلى الله عليه وسلم وعهد إلينا أن لا تكون همة أحدنا من الدنيا إلا فيما يمسك جوعته ويستر عورته وتكون همته وشغله في رضاء ربه وجهاد عدوه
فلما سمع المقوقس ذلك منه قال لمن حوله هل سمعتم مثل كلام هذاالرجل قط لقد هبت منظره وإن قوله لاهيب عندي من منظره إن هذا وأصحابه أخرجهم الله لخراب الأرض وما أظن ملكهم إلا سيغلب على الأرض كلها ثم أقبل المقوقس على عبادة بن الصامت فقال له أيها

146
الرجل الصالح قد سمعت مقالتك وما ذكرت عنك وعن أصحابك ولعمري ما بلغتم ما بلغتم إلا بما ذكرت وما ظهرتم على من ظهرتم عليه إلا لحبهم الدنيا ورغبتهم فيها وقد توجه إلينا لقتالكم من جمع الروم ما لا يحصى عدده قوم معروفون بالنجدة والشدة ممن لا يبالي أحدهم من لقي ولا من قاتل وإنا لنعلم أنكم لن تقووا عليهم ولن تطيقوهم لضعفكم وقلتكم وقد أقمتم بين أظهرنا شهرا وأنتم في ضيق وشدة من معاشكم وحالكم ونحن نرق عليكم لضعفكم وقتلكم وقلة ما بأيديكم ونحن تطيب أنفسنا أن نصالحكم على أن نفرض لكل رجل منكم دينارين دينارين ولأميركم مائة دينار ولخليفتكم ألف دينار فتقبضونها وتنصرفون إلى بلادكم قبل أن يغشاكم ما لا قوة لكم به
فقال عبادة بن الصامت
يا هذا لاتغرن نفسك ولا أصحابك أما ما تخوفنا به من جمع الروم وعددهم وكثرتهم وأنا لا نقوى عليهم فلعمري ما هذا بالذي تخوفنا به ولا بالذي يكسرنا عما نحن فيه إن كان ما قلتم حقا فذلك والله أرغب ما نكون في قتالهم وأشد لحرصنا عليهم لأن ذلك أعذر لنا عند ربنا إذا قدمنا عليه أن قتلنا عن آخرنا كان أمكن لنا في رضوانه وجنته وما من شيء أقر لأعيننا ولا أحب إلينا من ذلك وإنا منكم حينئذ لعلى إحدى الحسنيين أما أن تعظم لنا بذلك غنيمة الدنيا إن ظفرنا بكم أوغنيمة الآخرة إن ظفرتم بنا وإنها لأحب الخصلتين إلينا بعد الاجتهاد منا وإن الله عز وجل

147
قال لنا في كتابه * (كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين) * وما منا رجل إلا وهو يدعو ربه صباحا ومساء أن يرزقه الشهادة وأن لا يرده إلى بلده ولا إلى أرضه ولا إلى أهله وولده وليس لأحد منا هم فيما خلفه وقد استودع كل واحد منا ربه أهله وولده وإنما همنا ما أمامنا وأما قولك أنا في ضيق وشده من معاشنا وحالنا فنحن في أوسع السعة لو كانت الدنيا كلها لنا ما أردنا منها لأنفسنا أكثر مما نحن عليه فانظر الذي تريد فبينه لنا فليس بيننا وبينكم خصلة نقبلها منك ولا نجيبك إليها إلا خصلة من ثلاث خصال فاختر أيتها شئت ولا تطمع نفسك في الباطل بذلك أمرني الأمير وبها أمره أمير المؤمنين وهو عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبل إلينا أما أجبتم إلى الإسلام الذي هو الدين الذي لا يقبل الله غيره وهو دين أنبيائه ورسله وملائكته أمرنا الله تعالى أن نقاتل من خالفه ورغب عنه حتى يدخل فيه فإن فعل كان له ما لنا وعليه ما علينا وكان أخانا في دين الله فإن قبلت ذلك أنت وأصحابك فقد سعدتم في الدنيا والآخرة ورجعنا عن قتالكم ولا نستحل أذاكم ولا التعرض لكم وإن أبيتم إلا الجزية فأدوا إلينا الجزية عن يد وأنتم صاغرون نعاملكم علي شيء نرضى به نحن وأنتم في كل عام أبدا ما بقينا وبقيتم ونقاتل عنكم من ناوأكم وعرض لكم في شيء من أرضكم ودمائكم وأموالكم ونقوم بذلك عنكم إذ كنتم في ذمتنا وكان لكم به عهد علينا وإن أبيتم فليس بيننا وبينكم إلا المحاكمة بالسيف حتى نموت من آخرنا أو نصيب ما نريد منكم هذا ديننا الذي ندين الله تعالى به ولا يجوز لنا فيما بيننا وبينه غيره فانظروا لأنفسكم فقال له المقوقس هذا ما لا يكون أبدا ما تريدون إلا أن

148
تتخذونا نكون لكم عبيدا ما كانت الدنيا فقال له عبادة بن الصامت هو ذاك فاختر ما شئت فقال له المقوقس أفلا تجيبونا إلى خصلة غير هذه الثلاث خصال فرفع عبادة يديه وقال لا ورب هذه السماء ورب هذه الأرض ورب كل شيء ما لكم عندنا خصلة غيرها فاختاروا لأنفسكم فالتفت المقوقس عند ذلك إلى أصحابه فقال قد فرغ القول فما ترون فقالوا أو يرضى أحد بهذا الذل أما ما أرادوا من دخولنا في دينهم فهذا ما لا يكون أبدا ولا نترك دين المسيح بن مريم وندخل في دين غيره لا نعرفه وأما ما أرادوا من أن يسبونا ويجعلونا عبيدا أبدا فالموت أيسر من ذلك لو رضوا منا أن نضعف لهم ما أعطيناهم مرارا كان أهون علينا فقال المقوقس لعبادة قد أبى القوم كما ترى فراجع صاحبك على أن نعطيكم في مرتكم هذه ما نمنيتم وتنصرفون فقام عبادة وأصحابه فقال المقوقس عند ذلك لمن حوله أطيعوني وأجيبوا القوم إلى خصلة من هذه الثلاث فوالله ما لكم بهم طاقة ولئن لم تجيبوا إليها طائعين لتجيبنهم إلى ما هو أعظم منها كارهين فقالوا وأي خصلة نجيبهم إليها قال إذا أخبركم
أما دخولكم في غير دينكم فلا آمركم به وأما قتالهم فأنا أعلم أنكم لن تقووا عليهم ولن تصبروا صبرهم ولا بد من الثالثة قالوا فنكون لهم عبيدا أبدا قال نعم تكونون عبيدا مسلطين في بلادكم آمنين على أنفسكم وأموالكم وذراريكم خير لكم من أن تموتوا من آخركم وتكونوا عبيد تباعوا وتمزقوا في البلاد مستعبدين أبدا أنتم وأهلكم وذراريكم قالوا فالموت

149
أهون علينا وأمروا بقطع الجسر من الفسطاط والجزيرة وبالقصر من جمع القبط والروم جمع كثير فألح المسلمون عند ذلك بالقتال على من في القصر حتى ظفروا بهم وأمكن الله منهم فقتل منهم خلق كثير وأسر من أسر وانحازت السفن كلها إلى الجزيرة وصار المسلمون قد أحدق بهم الماء من كل جهة لا يقدرون على أن يتقدموا نحو الصعيد ولا إلى غير ذلك من المدائن والقرى والمقوقس يقول لأصحابه ألم أعلمكم هذا وأخافه عليكم ما تنتظرون فوالله لتجيبنهم إلى ما أرادوا طوعا أو لتجيبنهم إلى ما هو أعظم منه كرها فأطيعوني من قبل أن تندموا فلما رأوا منهم ما رأوا وقال لهم المقوقس ما قال اذعنوا بالجزية رضوا بذلك على صلح يكون بينهم يعرفونه وأرسل المقوقس إلى عمرو بن العاص
إني لم أزل حريصا على إجابتك إلى خصلة من تلك الخصال التي أرسلت إلي بها فأبى ذلك علي من حضرني من الروم والقبط فلم يكن لي أن أفتات عليهم في أموالهم وقد عرفوا نصحي لهم وحبي صلاحهم ورجعوا إلى قولي فأعطني أمانا نجتمع أنا في نفر من أصحابي وأنت في نفر من أصحابك فإن استقام الأمر بيننا تم لنا ذلك جميعا وإن لم يتم رجعنا إلى ما كنا عليه فاستشار عمرو أصحابه في ذلك فقالوا لا نجيبهم إلى شيء من الصلح ولا الجزية حتى يفتح الله علينا وتصير الأرض كلها لنا فيئا وغنيمة كما صار لنا القصر وما فيه فقال عمرو قد علمتم ما عهد إلي أمير المؤمنين في عهده فإن أجابوا إلى خصلة من الخصال الثلاث التي عهد إلي فيها أجبتهم إليها وقبلت منهم مع ما قد حال هذا الماء بيننا وبين ما نريد من قتالهم فاجتمعوا على عهد بينهم واصطلحوا على أن يفرض على جميع من بمصر أعلاها وأسفلها من القبط دينارين دينارين عن كل

150
نفس شريفهم ووضيعهم ومن بلغ الحلم منهم ليس على الشيخ الفاني ولا على الصغير الذي لم يبلغ الحلم ولا على النساء شيء وعلى أن للمسلمين عليهم النزل لجماعتهم حيث نزلوا ومن نزل عليه ضيف واحد من المسلمين أو أكثر من ذلك كانت لهم ضيافة ثلاثة أيام مفترض عليهم وأن لهم أرضهم وأموالهم لا يتعرض لهم في شيء منها فشرط هذا كله على القبط خاصة وأحصوا عدد القبط يومئذ خاصة من بلغ منهم الجزية وفرض عليهم الدينارين رفع ذلك عرفاؤهم بالايمان المؤكدة فكان جميع من أحصي يومئذ بمصر أعلاها وأسفلها من جميع القبط فيما أحصوا وكتبوا ورفعوا أكثر من ستة آلاف ألف نفس وكانت فريضتهم يومئذ اثني عشر ألف ألف دينار في كل سنة
حدثنا عبد الملك بن مسلمة قال حدثنا ابن لهيعة عن يحيى بن ميمون الحضرمي قال لما فتح عمرو بن العاص مصر صالح عن جميع من فيها من الرجال من القبط ممن راهق الحلم إلى ما فوق ذلك ليس فيهم امرأة ولا شيخ ولا صبي فأحصوا بذلك على دينارين دينارين فبلغت عدتهم ثمانية آلاف الف
حدثنا عبد الله بن صالح قال حدثنا الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب أن المقوقس صالح عمرا بن العاص على أن يفرض على القبط دينارين دينارين على كل رجل منهم
ثم رجع إلى حديث يحيى بن أيوب وخالد بن حميد قالا وشرط

151
المقوقس للروم أن يخيروا فمن أحب منهم أن يقيم على مثل هذا أقام على ذلك لازما له مفترضا عليه ممن أقام بالإسكندرية وما حولها من أرض مصر كلها ومن أراد الخروج منها إلى أرض الروم خرج وعلى أن للمقوقس الخيار في الروم خاصة حتى يكتب إلى ملك الروم يعلمه ما فعل فإن قبل ذلك ورضيه جاز عليهم وإلا كانوا جميعا على ما كانوا عليه وكتبوا به كتابا وكتب المقوقس إلى ملك الروم كتابا يعلمه على وجه الأمر كله فكتب إليه ملك الروم يقبح رأيه ويعجزه ويرد عليه ما فعل ويقول في كتابه
إنما أتاك من العرب اثنا عشر ألفا وبمصر من بها من كثرة عدد القبط ما لا يحصى فإن كان القبط كرهوا القتال وأحبوا أداء الجزية إلى العرب واختاروهم علينا فإن عندك من بمصر من الروم وبالإسكندرية ومن معك أكثر من مائة ألف معهم السلاح والعدة والقوة والعرب وحالهم وضعفهم على ما قد رأيت فعجزت عن قتالهم ورضيت أن تكون أنت ومن معك من الروم في حال القبط أذلاء إلا تقاتلهم أنت ومن معك من الروم حتى تموت أو تظهر عليهم فإنهم فيكم على قدر كثرتكم وقوتكم وعلى قدر قلتهم وضعفهم كأكلة فناهضهم القتال ولا يكون لك رأي غير ذلك وكتب ملك الروم بمثل ذلك كتابا إلى جماعة الروم فقال المقوقس لما أتاه كتاب ملك الروم
والله إنهم على قلتهم وضعفهم أقوى وأشد منا على كثرتنا وقوتنا وإن الرجل الواحد منهم ليعدل مائة رجل منا وذلك أنهم قوم الموت أحب

152
إلى أحدهم من الحياة يقاتل الرجل منهم وهو مستقتل يتمنى أن لا يرجع إلى أهله ولا بلده ولا ولده ويرون أن لهم أجرا عظيما فيمن قتلوه قتلوا منا ويقولون انهم إن قتلوا دخلوا الجنة وليس لهم رغبة في الدنيا ولا لذة إلا على قدر بلغة العيش من الطعام واللباس ونحن قوم نكره الموت ونحب الحياة ولذتها فكيف نستقيم نحن وهؤلاء وكيف صبرنا معهم واعلموا معشر الروم والله إني لا أخرج مما دخلت فيه ولا مما صالحت العرب عليه وإني لأعلم أنكم سترجعون غدا إلى رأيي وقولي وتتمنون ان لو كنتم أطعتموني وذلك أني قد عاينت ورأيت وعرفت ما لم يعاين الملك ولم يره ولم يعرفه ويحكم أما يرضى أحدكم أن يكون آمنا في دهره على نفسه وماله وولده بدينارين في السنة ثم أقبل المقوقس إلى عمرو بن العاص فقال له إن الملك قد كره ما فعلت وعجزني وكتب إلي وإلى جماعة الروم أن لا نرضى بمصالحتكم وأمرهم بقتالكم حتى يظفروا بك أو تظفر بهم ولم أكن لأخرج مما دخلت فيه وعاقدتك عليه وإنما سلطاني على نفسي ومن أطاعني وقد تم صلح القبط فيما بينك وبينهم ولم يأت من قبلهم نقض وأنا متم لك على نفسي والقبط متمون لك على الصلح الذي صالحتهم عليه وعاقدتهم وأما الروم فإني منهم بريء وأنا أطلب إليك أن تعطيني ثلاث خصال فقال له عمرو ما هن قال لا تنقض بالقبط وادخلني معهم والزمني ماألزمتهم وقد اجتمعت كلمتي وكلمتهم على ما عاهدتك عليه فهم متمون لك على ما تحب وأما الثانية فإن سألك الروم بعد اليوم أن تصالحهم فلا تصالحهم حتى تجعلهم فيئا وعبيدا فإنهم أهل ذلك فإني نصحتهم فاستغشوني ونظرت لهم فاتهموني وأما الثالثة أطلب إليك إن أنا مت ان تأمرهم أن يدفنوني في كنيسة أبي يحنس

153
بالإسكندرية فأنعم له عمرو بن العاص بذلك وأجابه إلى ما طلب على أن يضمنوا له الجسرين جميعا ويقيموا له الإنزال والضيافة والأسواق والجسور ما بين الفسطاط إلى الإسكندرية ففعلوا
قال غيرعثمان وصارت لهم القبط أعوانا كما جاء في الحديث ويقال أن المقوقس إنما صالح عمرو بن العاص على الروم وهو يحاصر الإسكندرية
حدثنا يحيى بن خالد العدوي عن الليث بن سعد أن عمرو بن العاص لما بلغ الإسكندرية حاصر أهلها ثلاثة أشهر وألح عليهم وخافوه وسأله المقوقس الصلح عنهم كما صالحه على القبط على أن يستنظر رأي الملك
حدثنا عبد الله بن صالح قال حدثنا الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب أن المقوقس الرومي الذي كان ملك أهل مصر صالح عمرو بن العاص على أن يسير من أراد من
الروم المسير ويقر من أراد الإقامة من الروم على أمر قد سماه فبلغ ذلك هرقل ملك الروم فتسخط أشد التسخط وانكره أشد الإنكار وبعث الجيوش فأغلقوا الأبواب الإسكندرية وآذنوا عمرو بن العاص بالحرب فخرج إليه المقوقس فقال أسألك ثلاثا قال ما هن قال لا تبذل للروم ما بذلت لي فإني قد نصحت لهم واستغشوا نصيحتي ولا تنقض بالقبط فإن النقض لم يأت من قبلهم وأن تأمر بي إذا مت فأدفن في كنيسة أبي يحنس فقال عمرو هذه أهونهن علينا
ثم رجع إلى حديث عثمان قال فخرج عمرو بن العاص بالمسلمين

154
حين أمكنهم الخروج وخرج معه جماعة من رؤساء القبط وقد أصلحوا لهم الطرق وأقاموا لهم الجسور والأسواق وصارت لهم القبط أعوانا على ما أرادوا من قتال الروم وسمعت بذلك الروم فاستعدت واستجاشت وقدمت عليهم مراكب كثيرة من أرض الروم فيها جمع عظيم من الروم بالعدة والسلاح فخرج إليهم عمرو بن العاص من الفسطاط متوجها إلى الإسكندرية فلم يلق منهم أحدا حتى بلغ ترنوط فلقي بها طائفة من الروم فقاتلوه قتالا خفيفا فهزمهم الله تعالى ومضى عمرو بمن معه حتى لقي جمع الروم بكوم شريك فاقتتلوا به ثلاثة أيام ثم فتح الله على المسلمين وولى الروم أكتافهم
ويقال بل أرسل عمرو بن العاص شريك بن سمي في اثارهم كما حدثنا عبد الملك بن مسلمة عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب فأدركهم عند الكوم الذي يقال له كوم شريك فقاتلهم شريك فهزمهم قال غير عبد الملك بن مسلمة فلقيهم شريك بكوم شريك وكان على مقدمة عمرو بن العاص وعمرو بترنوط فألجأوه إلى الكوم فاعتصم به وأحاطت الروم به فلما رأى ذلك شريك بن سمي أمر أبا ناعمة مالك بن ناعمة الصدفي وهو صاحب الفرس الأشقر الذي يقال له أشقر صدف وكان لا يجارى سرعة فانحط عليهم من الكوم وطلبته الروم فلم تدركه حتى أتى عمرا فأخبره فأقبل عمرو متوجها نحوه وسمعت به الروم فانصرفت وبالفرس الأشقر سميت خوخة الأشقر التي بمصر وذلك أن الفرس نفق فدفنه صاحبه هنالك فسمي المكان به ثم رجع إلى حديث يحيى بن أيوب وخالد بن

155
حميد قالا ثم التقوا بسلطيس فاقتتلوا بها قتالا شديدا ثم هزمهم الله ثم التقوا بالكريون فاقتتلوا بها بضعة عشر يوما وكان عبد الله بن عمرو على المقدمة وحامل اللواء يومئذ وردان مولى عمرو
حدثنا طلق بن الشيخ ويحيى بن عبد الله بن بكير قالا حدثنا ضمام بن إسماعيل المعافري قال حدثنا أبو قبيل عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه لقي العدو بالكريون فكان على المقدمة وحامل اللواء وردان مولى عمرو فأصابت عبد الله بن عمرو جراحات كثيرة فقال يا وردان لو تقهقرت قليلا نصيب الروح فقال وردان الروح تريد الروح أمامك وليس خلفك فتقدم عبد الله فجاءه رسول أبيه يسأله عن جراحه فقال عبد الله أقول إذا جاشت النفس وحالت إصبري عن قليل تحمدي أو تلامي فرجع الرسول إلى عمرو فأخبره بما قال فقال عمرو هو ابني حقا
حدثنا عثمان بن صالح قال حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن عمرو بن العاص صلى يومئذ صلاة الخوف
حدثنا أبي عبد الله بن عبد الحكم والنضر بن عبد الجبار قالا حدثنا ابن لهيعة عن بكر بن سوادة أن شيخا حدثهم أنه صلى صلاة الخوف بالإسكندرية مع عمرو بن العاص بكل طائفة ركعة وسجدتين ثم رجع إلى حديث

156
يحيى بن أيوب وخالد بن حميد قالا ثم فتح الله المسلمين وقتل منهم المسلمون مقتلة عظيمة وأتبعوهم حتى بلغوا الإسكندرية فتحصن بها الروم وكانت عليهم حصون متينة لا ترام حصن دون حصن فنزل المسلمون ما بين حلوة إلى قصر فارس إلى ما وراء ذلك ومعهم رؤساء القبط يمدونهم بما احتاجوا اليه من الأطعمة والعلوفة
حدثنا هانئ بن المتوكل قال حدثنا ابن لهيعة عن بكر بن عمرو الخولاني أن عبد العزيز بن مروان حين قدم الإسكندرية سأل عن فتحها فقيل له لم يبق ممن أدرك فتحها إلا شيخ كبير من الروم فأمرهم فأتوه به فسأله عما حضره من فتح الإسكندرية فقال كنت غلاما شابا وكان لي صاحب ابن لبطريق من بطارقة الروم فأتاني فقال لي ألا ت ذهب بنا حتى ننظر إلى هؤلاء العرب الذين يقاتلوننا فلبس ثياب ديباج وعصابة ذهب وسيفا محلا وركب برذونا سمينا كثير اللحم وركبت أنا برذونا خفيفا فخرجنا من الحصون كلها حتى برزنا على مشرف فرأينا قوما في خيام لهم عند كل خيمة فرس مربوط ورمح مركوز ورأينا قوما ضعفاء فعجبنا من ضعفهم فقلنا كيف بلغ هؤلاء القوم ما بلغوا فبينما نحن وقوف ننظر إليهم ونعجب إذ خرج رجل منهم من بعض تلك الخيام فنظر إلينا فلما رآنا حل فرسه فمعكه ثم مسحه ووثب على ظهره وهو عري وأخذ الرمح بيده واقبل نحونا فقلت لصاحبي هذا والله يريدنا فلما رأيناه مقبلا الينا لا يريد غيرنا أدبرنا مولين نحو الحصن وأخذ في طلبنا فلحق صاحبي لأن برذونه كان ثقيلا كثير اللحم فطعنه برمحه فصرعه ثم خضخض الرمح في

157
في جوفه حتى قتله ثم أقبل في طلبي وبادرت وكان برذوني خفيف اللحم فنجوت منه حتى دخلت الحصن فلما دخلت الحصن امنت فصعدت على سور الحصن انظر اليه فإذا هو لما أيس مني رجع فلم يبال بصاحبي الذي قتله ولم يرغب في سلبه ولم ينزعه عنه وقد كان سلبه ثياب الديباج وعصابة من ذهب ولم يطلب دابته ولم يلتفت إلى شيء من ذلك وانصرف من طريق أخرى وأنا أنظر إليه وأسمعه يتكلم بكلام يرفع به صوته فظننت أنه إنما يقرأ بقرآن العرب فعرفت عند ذلك أنهم إنما قووا على ما قووا عليه وظهروا على البلاد لأنهم لا يطلبون الدنيا ولا يرغبون في شيء منها حتى بلغ خيمته فنزل عن فرسه فربطه وركز رمحه ودخل خيمته ولم يعلم بذلك أحدا من أصحابه فقال عبد العزيز صف لي ذلك الرجل وهيئته وحالته فقال نعم هو قليل دميم ليس بالتام من الرجال في قامته ولا في لحمه رقيق أدم كوسج فقال عبد العزيز عند ذلك إنه ليصف صفة رجل يمني
حدثنا هانئ بن المتوكل قال حدثنا محمد بن يحيى الإسكندراني قال نزل عمرو بن العاص بحلوة فأقام بها شهرين ثم تحول إلى المقس فخرجت عليه الخيل من ناحية البحيرة مستترة بالحصن فواقعوه فقتل من المسلمين يومئذ بكنيسة الذهب اثنا عشر رجلا ثم رجع إلى حديث يحيى بن أيوب وخالد بن حميد قالا ورسل ملك الروم تختلف إلى
الإسكندرية في المراكب بمادة الروم وكان ملك الروم يقول لئن ظهرت العرب على الإسكندرية إن ذلك انقطاع ملك الروم وهلاكهم لأنه ليس للروم كنائس أعظم من كنائس الإسكندرية وإنما كان عيد عند الروم حين غلبت العرب على الشأم بالإسكندرية فقال الملك لئن غلبوا على

158
الإسكندرية لقد هلكت الروم وانقطع ملكها فأمر بجهازه ومصلحته لخروجه إلى الإسكندرية حتى يباشر قتالها بنفسه إعظاما لها وأمر أن لا يتخلف عنه أحد من الروم وقال ما بقي للروم بعد الإسكندرية حرمة فلما فرغ من جهازه صرعه الله فأماته وكفى الله المسلمين مؤنته وكان موته في سنة تسع عشرة فكسر الله بموته شوكة الروم فرجع جمع كثير ممن كان قد توجه إلى الإسكندرية
حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير عن الليث بن سعد قال مات هرقل في سنة عشرين وفيها فتحت قيسارية الشام
ثم رجع إلى حديث يحيى بن أيوب وخالد بن حميد قالا واستأسدت العرب عند ذلك وألحت بالقتال على أهل الإسكندرية فقاتلوهم قتالا شديدا
حدثنا عبد الله بن صالح قال حدثنا الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب قال خرج طرف من الروم من باب حصن الإسكندرية فحملوا على الناس فقتلوا رجلا من مهرة فاحتزوا رأسه وانطلقوا به فجعل المهريون يتغضبون ويقولون لا ندفنه ابدا إلا برأسه فقال عمرو بن العاص تتغضبون كأنكم تتغضبون على من يبالي بغضبكم احملوا على القوم إذا خرجوا فاقتلوا منهم رجلا ثم ارموا برأسه يرمونكم برأس صاحبكم فخرجت الروم إليهم فاقتتلوا فقتل من الروم رجل من بطارقتهم فاحتزوا رأسه ورموا به إلى الروم فرمت الروم برأس المهري صاحبهم إليهم فقال دونكم الآن فادفنوا صاحبكم وكان عمرو بن العاص كما حدثنا عبد الملك بن مسلمة عن ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد يقول ثلاث قبائل من مصر أما مهرة فقوم يقتلون ولا يقتلون وأما غافق فقوم يقتلون ولا يقتلون وأما بلي

159
فأكثرها رجلا صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأفضلها فارسا
حدثنا عبد الملك بن مسلمة قال حدثنا ضمام بن إسماعيل قال حدثنا عياش بن عباس قال لما حاصر المسلمون الإسكندرية قال لهم صاحب المقدمة لا تعجلوا حتى آمركم برأي فلما فتح الباب دخل رجلان فقتلا فبكى صاحب المقدمة فقيل له لا تبك وهما شهيدان قال ليت انهما شهيدان ولكن سمعت رسول صلى الله عليه وسلم يقول لا يدخل الجنة عاص وقد أمرت أن لا يدخلوا حتى يأتيهم رأيي فدخلوا بغير إذني
حدثنا عبد الملك بن مسلمة قال حدثنا الليث بن سعد عن موسى بن علي ان رجلا قال لعمرو بن العاص لو جعلت المنجنيق ورميتهم به لهدم منه حائطهم فقال عمرو تستطيع ان تفني مقامك من الصف قال الليث وقيل لعمرو ان العدو قد غشوك ونحن نخاف على رايطة يريدون امرأته فقال إذا يجدون رياطا كثيرة
ثم رجع إلى حديث عثمان بن صالح قال فحدثني خالد بن أبي نجيح قال أخبرني الثقة ان عمرو بن العاص قاتل الروم بالإسكندرية يوما من الأيام قتالا شديدا فلما استحر القتال بينهم بارز رجل من الروم مسلمة بن مخلد فصرعه وألقاه عن فرسه وأهوى اليه ليقتله حتى حماه رجل من أصحابه وكان مسلمة لا يقاوم لسبيله ولكنها مقادير ففرحت بذلك الروم وشق ذلك على المسلمين وغضب عمرو بن العاص لذلك وكان مسلمة كثير اللحم ثقيل البدن فقال عمرو بن العاص عند ذلك ما بال الرجل

160
المسته الذي يشبه النساء يتعرض مداخل الرجال ويتشبه بهم فغضب مسلمة من ذلك ولم يراجعه ثم اشتد القتال حتى اقتحموا حصن الإسكندرية فقاتلتهم العرب في الحصن ثم جاشت عليهم الروم حتى أخرجوهم جميعا من الحصن إلا أربعة نفر بقوا في الحصن واغلقوا عليهم باب الحصن أحدهم عمرو بن العاص والآخر مسلمة بن مخلد ولم نحفظ الآخرين وحالوا بينهم وبين أصحابهم ولا يدري الروم من هم فما رأى ذلك عمرو بن العاص وأصحابه التجأوا إلى ديماس من حماماتهم فدخلوا فيه فاحترزوا به فأمروا روميا ان يكلمهم بالعربية فقال لهم إنكم قد صرتم بأيدينا أسارى فاستأسروا ولا تقتلوا أنفسكم فامتنعوا عليهم ثم قال لهم إن في أيدي أصحابكم منا رجالا أسروهم ونحن نعطيكم العهود نفادي بكم أصحابنا ولا نقتلكم فأبوا عليهم فلما رأى الرومي ذلك منهم قال لهم هل لكم إلى خصلة وهي نصف فيما بيننا وبينكم أن تعطونا العهد ونعطيكم مثله على أن يبرز منكم رجل ومنا رجل فإن غلب صاحبنا صاحبكم استأسرتم لنا وأمكنتموا من أنفسكم وإن غلب صاحبكم صاحبنا خلينا سبيلكم إلى أصحابكم فرضوا بذلك وتعاهدوا عليه وعمرو ومسلمة وصاحباهما في الحصن في الديماس فتداعوا إلى البراز فبرز رجل من الروم قد وثقت الروم بنجدته وشدته وقالوا يبرز رجل منكم لصاحبنا فأراد عمرو أن يبرز فمنعه مسلمة وقال ما هذا تخطئ مرتين تشذ من أصحابك وأنت أمير وإنما قوامهم بك وقلوبهم معلقة نحوك لا يدرون ما أمرك ثم لا ترضى حتى تبارز وتتعرض للقتل فإن قتلت كان ذلك بلاء على أصحابك مكانك وأنا أكفيك إن شاء الله تعالى فقال عمرو دونك فربما فرجها الله بك فبرز مسلمة والرومي فتجاولا ساعة ثم أعانه الله عليه فقتله

161
فكبر مسلمة وأصحابه ووفى لهم الروم بما عاهدوهم عليه ففتحوا لهم باب الحصن فخرجوا ولا يدري الروم أن أمير القوم فيهم حتى بلغهم بعد ذلك فأسفوا على ذلك وأكلوا أيديهم تغيضا على ما فاتهم فلما خرجوا استحيى عمرو مما كان قال لمسلمة حين غضب فقال عمرو عند ذلك استغفر لي ما كنت قلت لك فاستغفر له وقال عمرو والله ما أفحشت قط إلا ثلاث مرار مرتين في الجاهلية وهذه الثالثة وما منهن مرة إلا وقد ندمت وما استحييت من واحدة منهن أشد مما استحييت مما قلت لك والله إني لأرجو أن لا أعود إلى الرابعة ما بقيت
ثم رجع إلى حديث عثمان بن صالح عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب قال أقام عمرو بن العاص محاصر الإسكندرية أشهرا فلما بلغ ذلك عمر بن الخطاب قال ما أبطؤا بفتحها إلا لما أحدثوا
حدثنا يحيى بن خالد عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه قال لما أبطأ على عمر بن الخطاب فتح مصر كتب إلى عمرو بن العاص
اما بعد فقد عجبت لإبطائكم عن فتح مصر إنكم تقاتلونهم منذ سنتين وما ذلك إلا لما أحدثتم وأحببتم من الدنيا ما أحب عدوكم وإن الله تبارك وتعالى لا ينصر قوما إلا بصدق
نياتهم وقد كنت وجهت إليك أربعة نفر وأعلمتك أن الرجل منهم مقاوم ألف رجل على ما كنت أعرف إلا أن يكونوا غيرهم ما غير غيرهم فإذا أتاك كتابي هذا فاخطب الناس وحضهم على قتال عدوهم ورغبهم في الصبر والنية وقدم أولئك الأربعة في

162
صدور الناس ومر الناس جميعا ان يكون لهم صدمة كصدمة رجل واحد وليكن ذلك عند الزوال يوم الحمعة فإنها ساعة تنزل فيها الرحمة ووقت الإجابة وليعج الناس إلى الله ويسألوه النصر على عدوهم فلما أتى عمرو الكتاب جمع الناس وقرأعليهم كتاب عمر ثم دعا أولئك النفر فقدمهم أمام الناس وأمر الناس ان يتطهروا ويصلوا ركعتين ثم يرغبوا إلى الله عز وجل ويسألوه النصر على عدوهم ففعلوا ففتح الله عليهم
ويقال ان عمرو بن العاص استشار مسلمة بن مخلد كما حدثنا عثمان بن صالح عن من حدثه فقال أشر علي في قتال هؤلاء فقال له مسلمة أرى أن تنظر إلى رجل له معرفة وتجارب من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فتعقد له على الناس فيكون هو الذي يباشر القتال ويكفيكه قال عمرو ومن ذلك قال عبادة بن الصامت فدعا عمروعبادة فأتاه وهو راكب على فرسه فلما دنا منه أراد النزول فقال له عمرو عزمت عليك إن نزلت ناولني سنان رمحك فناوله إياه فنزع عمرو عمامته عن رأسه وعقد له وولاه قتال الروم فتقدم عبادة مكانه فصادف الروم وقاتلهم ففتح الله على يديه الإسكندرية من يومهم ذلك
حدثنا أبي عبد الله بن عبد الحكم قال لما أبطأ على عمرو بن العاص فتح الإسكندرية استلقى على ظهره ثم جلس ثم قال إني فكرت في هذا الأمر فإذا هو لا يصلح آخره إلا من أصلح أوله يريد الأنصار فدعا عبادة بن الصامت فعقد له ففتح الله على يديه الإسكندرية من يومه ذلك
ثم رجع إلى حديث يحيى بن أيوب وخالد بن حميد قال حاصروا

163
الإسكندرية تسعة أشهر بعد موت هرقل وخمسة قبل ذلك وفتحت يوم الجمعة لمستهل المحرم سنة عشرين حدثناأبو الأسود النضر بن عبد الجبار قال حدثنا ابن لهيعة عن بكير بن عبد الله عن بشر بن سعيد عن جنادة بن أبي أمية قال دعاني عبادة بن الصامت يوم الإسكندرية وكان على قتالها فأغار العدو على طائفة من الناس ولم يأذن لهم بقتالهم فسمعني فبعثني أحجز بينهم فحجزت بينهم ثم رجعت اليه فقال أقتل أحد من الناس هناك قلت لا قال الحمد لله الذي لم يقتل بإذنه أحد منهم عاصيا حدثنا عبد الملك بن مسلمة عن مالك بن انس ان مصر فتحت سنة عشرين قال فلما هزم الله تبارك وتعالى الروم وفتح الإسكندرية كما حدثنا عبد الله بن صالح عن الليث وهرب الروم في البر والبحر خلف عمرو بن العاص بالإسكندرية ألف رجل من أصحابه ومضى عمرو ومن معه في طلب من هرب من الروم في البر فرجع من كان هرب من الروم في البحر إلى الإسكندرية فقتلوا من كان فيها من المسلمين إلا من هرب منهم وبلغ ذلك عمرو بن العاص فكر راجعا ففتحها وأقام بها وكتب إلى عمر بن الخطاب ان الله قد فتح علينا الإسكندرية عنوة بغير عقد ولا عهد فكتب اليه عمر بن الخطاب يقبح رأيه ويأمره أن لا يجاوزها
قال ابن لهيعة وهوفتح الإسكندرية الثاني
وكان سبب فتحها هذا كما حدثنا إبراهيم بن سعيد البلوي ان رجلا يقال له ابن بسامة كان بوابا فسأل عمرو بن العاص أن يؤمنه على نفسه وأرضه وأهل بيته ويفتح له الباب فأجابه عمرو إلى ذلك ففتح له ابن بسامة الباب فدخل عمرو وكان مدخله هذا من ناحية القنطرة التي يقال لها

164
قنطرة سليمان وكان مدخل عمرو بن العاص الأول من باب المدينة الذي من ناحية كنيسة الذهب وقد بقي لابن بسامة عقب بالإسكندرية إلى اليوم حدثنا هاني بن المتوكل قال حدثنا ضمام بن إسماعيل المعافري قال قتل من المسلمين من حين كان من أمر الإسكندرية ما كان إلى أن فتحت عنوة اثنان وعشرون رجلا
وبعث عمرو بن العاص كما حدثنا عثمان بن صالح عن ابن لهيعة معاوية بن حديج وافدا إلى عمر بن الخطاب بشيرا له بالفتح فقال له معاوية ألا تكتب معي كتابا فقال له عمرو وما أصنع بالكتاب ألست رجلا عربيا تبلغ الرسالة وما رأيت وما حضرت فلما قدم على عمر أخبره بفتح الإسكندرية فخر عمر ساجدا وقال الحمد لله
حدثنا عبد الله بن يزيد المقري قال حدثنا موسى بن علي عن أبيه أنه سمعه يقول سمعت معاوية بن حديج يقول بعثني عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب بفتح الإسكندرية فقدمت المدينة في الظهيرة فأنخت راحلتي بباب المسجد ثم دخلت المسجد فبينما انا قاعد فيه إذ خرجت جارية من منزل عمر بن الخطاب فرأتني شاحبا علي ثياب السفر فأتتني فقالت من أنت فقلت أنا معاوية بن حديج رسول عمرو بن العاص فانصرفت عني ثم أقبلت تشتد أسمع حفيف إزارها على ساقها أو على ساقيها حتى دنت مني فقالت قم فأجب أمير المؤمنين يدعوك فتبعتها فلما دخلت فإذا بعمر بن الخطاب يتناول رداءه بإحدى يديه ويشد إزاره بالأخرى فقال ما عندك فقلت خير يا أمير المؤمنين فتح الله الإسكندرية فنخرج معي إلى المسجد فقال للمؤذن أذن في الناس الصلاة

165
جامعة فاجتمع الناس ثم قال لي قم فأخبر أصحابك فقمت فأخبرتهم ثم صلى ودخل منزله واستقبل القبلة فدعا بدعوات ثم جلس فقال يا جارية هل من طعام فأتت بخبز وزيت فقال كل فأكلت على حياء ثم قال كل فإن المسافر يحب الطعام فلو كنت آكلا لأكلت معك فأصبت على حياء ثم قال يا جارية هل من تمر فأتت بتمر في طبق فقال كل فأكلت على حياء ثم قال ماذا قلت يا معاوية حين أتيت المسجد فقلت إن أمير المؤمنين قائل قال بئس ما قلت أو بئس ما ظننت لئن نمت النهار لأضيعن الرعية ولئن نمت الليل لأضيعن نفسي فكيف بالنوم مع هذين يا معاوية
ثم كتب عمرو بن العاص بعد ذلك كما حدثنا إبراهيم بن سعيد البلوي إلى عمر بن الخطاب أما بعد فإني فتحت مدينة لا أصف ما فيها غير أني أصبت فيها أربعة آلاف بنية بأربعة آلاف حمام وأربعين ألف يهودي عليهم الجزية وأربع مائة ملهى للملوك حدثنا عبد الملك بن مسلمة قال حدثنا ضمام بن إسماعيل عن أبي قبيل أن عمرا بن العاص لما فتح الإسكندرية وجد فيها اثني عشر ألف بقال يبيعون البقل الأخضر حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير قال حدثنا ابن مقلاص قال حدثنا يحيى بن عبد الله بن داود قال أراه عن حيوة بن شريح أن عمرو بن العاص لما فتح الإسكندرية وجد فيها اثني عشر ألف بقال
حدثنا هانئ بن المتوكل قال حدثنا محمد بن سعيد الهاشمي قال ترحل من الإسكندرية في الليلة التي دخلها عمرو بن العاص أو في الليلة التي

166
خافوا فيها دخول عمرو سبعون ألف يهودي
حدثنا هانئ بن المتوكل عن موسى بن أيوب وراشد بن سعد عن الحسن بن ثوبان عن حسين بن شفي بن عبيد قال وكان بالإسكندرية فيما أحصي من الحمامات اثنا عشر ألف ديماس أصغر ديماس منها يسع ألف مجلس كل مجلس منها يسع جماعة نفر وكان عدة من بالإسكندرية من الروم مائتي ألف من الرجال فلحق بأرض الروم أهل القوة وركبوا السفن وكان بها مائة مركب من المراكب الكبار فحمل فيها ثلاثون ألفا مع ما قدروا عليه من المال والمتاع والأهل وبقي من بقي الأسارى ممن بلغ الخراج فأحصي يومئذ ست مائة ألف سوى النساء والصبيان فاختلف الناس على عمرو في قسمها وكان أكثر الناس يريدون قمسها فقال عمرو لا أقدر على قسمها حتى أكتب إلى أمير المؤمنين فكتب إليه كتابا يعلمه بفتحها وشأنها ويعلمه أن المسلمين طلبوا قسمها فكتب إليه عمر لا تقسمها وذرهم يكون خراجهم فيئا للمسلمين وقوة لهم على جهاد عدوهم فأقرها عمرو وأحصى أهلها وفرض عليهم الخراج فكانت مصر صلحا كلها بفريضة دينارين دينارين على كل رجل لا يزاد على أحد منهم في جزية رأسه أكثر من دينارين إلا أنه يلزم بقدر ما يتوسع فيه من الأرض والزرع إلا أهل الإسكندرية فإنهم كانوا يؤدون الخراج والجزية على قدر ما يرى من وليهم لأن الإسكندرية فتحت عنوة بغير عهد ولا عقد ولم يكن صلح ولا ذمة وقد كانت قرى من قرى مصركما حدثنا عبد الله بن صالح عن الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب قاتلت فسبوا منها قرية يقال بها بلهيب

167
وقرية يقال لها خيس وقرية يقال لها سلطيس فوقع سباياهم بالمدينة وغيرها فردهم عمر بن الخطاب إلى قراهم وصيرهم وجماعة القبط أهل ذمة
حدثنا عثمان بن صالح قال أخبرنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن عمرا سبى أهل بلهيب وسلطيس وقرطسا وسخا فتفرقوا وبلغ أولهم المدينة حين نقضوا ثم كتب عمر بن الخطاب إلى عمرو بردهم فرد من وجد منهم حدثنا عبد الملك بن مسلمة عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن عمر بن الخطاب كتب في أهل سلطيس خاصة من كان منهم في أيديكم نخيروه بين الاسلام فإن أسلم فهو من المسلمين له ما لهم وعليه ما عليهم وإن اختار دينه فخلوا بينه وبين قريته فكان البلهيبي خير يومئذ فاختار الاسلام
ثم رجع إلى حديث عثمان بن صالح عن يحيى بن أيوب أن أهل سلطيس ومصيل وبلهيب ظاهر الروم على المسلمين في جمع كان لهم فلما ظهر عليهم المسلمون استحلوهم وقالوا هؤلاء لنا فيء مع الإسكندرية فكتب عمرو بن العاص بذلك إلى عمر بن الخطاب فكتب إليه عمر أن يجعل الإسكندرية وهؤلاء الثلاث قريات ذمة للمسلمين ويضربوا عليهم الخراج ويكون خراجهم وما صالح عليه القبط قوة للمسلمين على عدوهم ولا يجعلون فيئا ولاعبيدا ففعلوا ذلك ويقال انما ردهم عمر بن الخطاب لعهد كان تقدم لهم
حدثنا عبد الملك بن مسلمة قال حدثنا ابن لهيعة وابن وهب عن

168
عمرو بن الحارث عن يزيد بن أبي حبيب عن عوف بن حطان أنه كان لقريات من مصر منهم أم دنين وبلهيب عهد وأن عمر لما سمع بذلك كتب إلى عمرو بن العاص يأمره أن يخيرهم فإن دخلوا في الإسلام فذاك وإن كرهوا فارددهم إلى قراهم قال وكان من أبناء السلطيسيات عمران بن عبد الرحمن بن جعفر بن ربيعة وأم عياض بن عقبة وأبو عبيدة بن عقبة وأم عون بن خارجة القرشي ثم العدوي وأم عبد الرحمن بن معاوية بن حديج وموالي أشراف بعد ذلك وقعوا عند مروان بن الحكم منهم أبان وعمه أبو عياض وعبد الرحمن البلهيبي
فتح مصر بصلح
ثم رجع إلى حديث موسى بن أيوب وراشد بن سعد عن الحسن بن ثوبان عن حسين بن شفي قال إن عمرا لما فتح الإسكندرية بقي من الأسارى بها من بلغ الخراج وأحصي يومئذ ست مائة ألف سوى النساء والصبيان فاختلف الناس على عمرو في قسمهم فكان أكثر المسلمين يريدون قسمها فقال عمرو لا أقدر على قسمها حتى أكتب إلى أمير المؤمنين فكتب إليه يعلمه بفتحها وشأنها وأن المسلمين طلبوا قسمها فكتب إليه عمرو لا تقسمها وذرهم يكون خراجهم فيئا للمسلمين وقوة لهم على جهاد عدوهم فأقرها عمرو وأحصى أهلها وفرض عليهم الخراج

169
ففتحت مصر كلها صلحا بفريضة دينارين على كل رجل لا يزاد على أحد منهم في جزية رأسه أكثر من دينارين إلا أنه يلزم بقدر ما يتوسع فيه من الأرض والزرع إلا أهل الإسكندرية فإنهم كانوا يؤدون الخراج والجزية على قدر ما يرى من وليهم لأن الإسكندرية فتحت عنوة بغير عهد ولا عقد ولم يكن لهم صلحا ولا ذمة
حدثنا عثمان بن صالح قال حدثنا الليث قال كان يزيد بن أبي حبيب يقول مصر كلها صلح إلا الإسكندرية فإنها فتحت عنوة
حدثنا عثمان بن صالح عن بكر بن مضر عن عبد الله بن أبي جعفر قال حدثني رجل ممن أدرك عمرابن العاص قال للقبط عهد عند فلان وعهد عند فلان وعهد عند فلان فسمى ثلاثة نفر
حدثنا عبد الله بن صالح قال حدثنا يحيى بن أيوب عن عبيد الله بن أبي جعفر عن شيخ من كبراء الجند أن عهد أهل مصر كان عند كبرائهم
حدثنا هشام بن إسحاق العامري عن الليث بن سعد عن عبيد الله بن أبي جعفر قال سألت شيخا من القدماء عن فتح مصرفقال هاجرنا إلى المدينة أيام عمر بن الخطاب وأنا محتلم فشهدت فتح مصر وقلت له إن ناسا يذكرون أنه لم يكن لهم عهد فقال لا يبالي أن لا يصلي من قال أنه ليس لهم عهد فقلت فهل كان لهم كتاب فقال نعم كتب ثلاثة

170
كتاب عند طلما صاحب إجنا وكتاب عند قزمان صاحب رشيد وكتاب عند يحنس صاحب البرلس قلت كيف كان صلحهم قال دينارين على كل إنسان جزية وأرزاق المسلمين قلت أفتعلم ما كان من الشروط قال نعم ستة شروط لا يخرجون من ديارهم ولا تنتزع نساؤهم ولا كنوزهم ولا أراضيهم ولا يزاد عليهم
حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير قال حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أنه حدثه عن أبي جمعة مولى عقبة قال كتب عقبة بن عامر إلى معاوية بن أبي سفيان فسأله أرضا يسترفق فيها عند قرية عقبة فكتب له معاوية بألف ذراع في ألف ذراع فقال له مولى له كان عنده أصلحك الله انظر أرضا صالحة فقال عقبة ليس لنا ذلك إن في عهدهم شروطا ستة لا يؤخذ من أنفسهم شيء ولا من نسائهم ولا من أولادهم ولا يزاد عليهم ويدفع عنهم موضع الخوف من عدوهم وأنا شاهد لهم بذلك
حدثنا عبد الملك بن مسلمة قال حدثنا ابن وهب عن أبي شريح عبد الرحمن بن شريح عن عبيد الله بن أبي جعفر عن أبي جمعة حبيب بن وهب قال كتب عقبة بن عامر إلى معاوية يسأله بقيعا في قرية يبني فيه منازل ومساكن فأمر له معاوية بألف ذراع في ألف ذراع فقال له مواليه ومن كان

171
عنده انظر إلى أرض تعجبك فاختط فيها وابتن فقال له إنه ليس لنا ذلك لهم في عهدهم ستة شروط منها أن لا يؤخذ من أرضهم شيء ولا يزاد عليهم ولا يكلفوا غير طاقتهم ولا يؤخذ ذراريهم وأن يقاتل عنهم عدوهم من ورائهم
حدثنا عبد الله بن صالح قال حدثنا يحيى بن أيوب عن عبيد الله بن أبي جعفر عن رجل من كبراء الجند قال كتب معاوية بن أبي سفيان إلى وردان أن زد على كل رجل منهم قيراطا فكتب وردان إلى معاوية كيف نزيد عليهم وفي عهدهم أن لا يزاد عليهم شيء فعزل معاوية وردان
ويقال إن معاوية إنما عزل وردان كما حدثنا سعيد بن عفير لأن عتبة بن أبي سفيان وفد إلى معاوية في نفر من أهل مصر وكان معاوية ولى عتبة الحرب وولى وردان الخراج وحريث بن زيد الديوان فسأل معاوية الوفد عن عتبة فقال عبادة بن ضمل المعافري حوت بحر يا أمير المؤمنين على بر ووعل فقال معاوية لعتبة اسمع ما يقول فيك رعيتك فقال صدقوا يا أمير المؤمنين حجبتني عن الخراج ولهم علي حقوق وأكره أن أجلس فأسأل فلا أفعل فأبخل فضم إليه معاوية الخراج
حدثنا عبد الملك بن مسلمة قال حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب وابن وهب عن عمرو بن الحارث عن يزيد بن أبي حبيب عن عوف بن حطان قال إنه كان لقريات من مصر منهن أم دنين وبلهيب عهد وأن عمر بن الخطاب لما سمع بذلك كتب إلى عمرو بن العاص يأمره أن يخيرهم فإن دخلوا في الإسلام فذلك وإن كرهوا فارددهم إلى قراهم

172
حدثنا عبد الملك بن مسلمة قال حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن يحيى بن ميمون الحضرمي قال لما فتح عمرو بن العاص مصر صولح على جميع من فيها من الرجال من القبط ممن راهق الحلم إلى ما فوق ذلك ليس فيهم امرأة ولا صبي ولا شيخ على دينارين دينارين فأحصوا لذلك فبلغت عدتهم ثمانية آلاف ألف
حدثنا عثمان بن صالح قال حدثنا ابن وهب قال سمعت حيوة بن شريح قال سمعت الحسن بن ثوبان الهمداني يقول حدثني هشام بن أبي رقية اللخمي قال إن عمرابن العاص لما فتح مصر قال لقبط مصر من كتمني كنزا عنده فقدرت عليه قتلته وأن قبطيا من أهل الصعيد يقال له بطرس ذكر لعمرو أن عنده كنزا فأرسل إليه فسأله فأنكر وجحد فحبسه في السجن وعمرو يسأل عنه هل يسمعونه يسأل عن أحد فقالوا لا إنما سمعناه يسأل عن راهب في الطور فأرسل عمرو إلى بطرس فنزع خاتمه من يده ثم كتب إلى ذلك الراهب أن ابعث إلى بما عندك وختمه بخاتمه فجاءه رسوله بقلة شامية مختومة بالرصاص ففتحها عمرو فوجد فيها صحفية مكتوبا فيها مالكم تحت الفسقية الكبيرة فأرسل عمرو إلى الفسقية فحبس عنها الماء ثم قلع منها البلاط الذي تحتها فوجد فيها اثنين وخمسين إردبا ذهب مضروبة فضرب عمرو رأسه عند باب المسجد

173
فذكرابن أبي رقية أن القبط أخرجوا كنوزهم شفقة أن يبغا على أحد منهم فيقتل كما قتل بطرس
حدثنا عثمان بن صالح قال حدثنا بن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن عمرا بن العاص استحل مال قبطي من قبط مصر لأنه استقر عنده أنه يظهر الروم على عورات المسلمين ويكتب إليهم بذلك فاستخرج منه بضعة وخمسين إردبا دنانير ثم رجع إلى حديث يحيى بن أيوب وخالد بن حميد قالا ففتح الله أرض مصر كلها بصلح غير الإسكندرية وثلاث قريات ظاهرت الروم على المسلمين سلطيس ومصيل وبلهيب فإنه كان للروم جمع فظاهروا الروم فلما ظهر عليها المسلمون استحلوها وقالوا هؤلاء لنا فيء مع الإسكندرية فكتب عمرو بن العاص بذلك إلى عمر بن الخطاب فكتب إليه عمر أن تجعل الإسكندرية وهؤلاء الثلاث قريات ذمة للمسلمين وتضربون عليهم الخراج ويكون خراجهم وما صالح عليه القبط كله قوة للمسلمين ولا يجعلون فيئا ولا عبيدا ففعلوا ذلك إلى اليوم
فتح مصر عنوة
وقال آخرون بل فتحت مصرعنوة بلا عهد ولا عقد حدثنا عبد الملك بن مسلمة وعثمان بن صالح قالا حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عمن سمع عبيد الله بن المغيرة بن أبي بردة يقول سمعت سفيان بن وهب الخولاني يقول إنا لما فتحنا مصر بغير عهد ولا عقد

174
قام الزبير بن العوام فقال اقسمها يا عمرو بن العاص فقال عمرو والله لا أقسمها فقال الزبير والله لتقسمنها كما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر فقال عمرو والله لا أقسمها حتى أكتب إلى أمير المؤمنين فكتب إليه عمر أقرها حتى يغزو منها حبل الحبلة
قال ابن لهيعة وحدثني يحيى بن ميمون عن عبيد الله بن المغيرة عن سفيان بن وهب بهذا إلا أنه قال فقال عمرو لم أكن لأحدث فيهم شيئا حتى أكتب إلى عمر بن الخطاب فكتب إليه بهذا قال عبد الملك في حديثه ان الزبير صولح على شيء أرضي به حدثنا عبد الملك بن مسلمة وعثمان بن صالح قالا حدثنا ابن لهيعة عن عبد الله بن هبيرة أن مصر فتحت عنوة حدثنا عبد الملك بن قال حدثنا ابن وهب عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم قال سمعت أشياخنا يقولون إن مصر فتحت عنوة بغير عهد ولا عقد
قال عبد الرحمن بن زياد بن أنعم منهم أبي يحدثنا عن أبيه وكان ممن شهد فتح مصر
حدثنا عثمان بن صالح قال حدثنا ابن وهب عن ابن أنعم قال سمعت أشياخنا يقولون فتحت مصر عنوة بغير عهد ولا عقد حدثنا عبد الملك بن مسلمة عن ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة أن مصر فتحت عنوة

175
حدثنا عبد الملك بن مسلمة قال حدثنا ابن لهيعة عن أبي قنان أيوب بن أبي العالية عن أبيه وحدثنا عبد الملك بن مسلمة عن ابن وهب عن داود بن عبد الله الحضرمي أن أبا قنان حدثه عن أبيه أنه سمع عمرا بن العاص يقول لقد قعدت مقعدي هذا وما لأحد من قبط مصر علي عهد ولا عقد إلا لأهل أنطابلس فإن لهم عهدا نوفي لهم به
قال ابن لهيعة في حديثه أن عمرا قال إن شئت قتلت وإن شئت خمست وإن شئت بعت
حدثنا عبد الملك بن مسلمة قال حدثنا ابن وهب عن عياض بن عبد الله الفهري عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أن عمرا بن العاص فتح مصر بغير عهد ولا عقد وأن عمر بن الخطاب حبس درها وضرعها أن يخرج منها شيء نظرا للإسلام وأهله
حدثنا عبد الملك بن مسلمة قال حدثنا ابن وهب عن عبد الرحمن بن شريح عن يعقوب بن مجاهد عن زيد بن أسلم قال كان تابوت لعمر بن الخطاب فيه كل عهد كان بينه وبين أحد ممن عاهده فلم يوجد فيه لأهل مصر عهد قال عبد الرحمن بن شريح ولا أدري أعن زيد حدث أم شيء قاله فمن أسلم منهم فأمة ومن أقام منهم فذمة
حدثنا أبو الأسود النضر بن عبد الجبار وعبد الملك بن مسلمة قالا

176
حدثنا ابن لهيعة عن عبد الملك بن جنادة كاتب حيان بن شريح من أهل مصر من موالي قريش قال كتب حيان إلى عمر بن عبد العزيز يسأله أن يجعل جزية موتى القبط على أحيائهم فسأل عمر عراك بن مالك فقال عراك ما سمعت لهم بعهد ولا عقد وإنما أخذوا عنوة بمنزلة العبيد
فكتب عمر إلى حيان بن سريج أن يجعل جزية موتى القبط على أحيائهم قال وسمعت يحيى بن عبد الله بن بكير يقول خرج أبو سلمة بن عبد الرحمن يريد الإسكندرية في سفينة فاحتاج إلى رجل يجذف به فتسخر رجلا من القبط فكلم في ذلك فقال إنما هم بمنزلة العبيد إن احتجنا إليهم حدثنا عبد الملك بن مسلمة عن ابن لهيعة عن الصلت بن أبي عاصم أنه قرأ كتاب عمر بن عبد العزيز إلى حيان بن شريح أن مصر فتحت عنوة بغير عهد ولا عقد
حدثنا عبد الملك بن مسلمة قال حدثنا ابن وهب عن عبد الرحمن بن شريح عن عبيد الله بن أبي جعفر أن كاتب حيان حدثه أنه احتاج إلى خشب لصناعة الجزيرة فكتب حيان إلى عمر يذكر ذلك وأنه وجد خشبا عند بعض أهل الذمة وأنه كره أن يأخذ منهم حتى يعلمه فكتب إليه عمر خذها منهم بقيمة عدل فإني لم أجد لأهل مصر عهدا أفي لهم به
حدثنا عبد الرحمن قال حدثنا عبد الملك بن مسلمة قال حدثنا ابن

177
لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب قال كتب عمر بن عبد العزيز إلى حيان بن سريج أن مصر فتحت عنوة بغير عهد ولا عقد
حدثنا عبد الله بن صالح حدثنا يحيى بن أيوب عن عبد الرحمن بن أبي لبابة أن عمر بن عبد العزيز قال لسالم بن عبد الله أنت تقول ليس لأهل مصر عهد قال نعم
حدثنا أسد بن موسى قال حدثنا ابن لهيعة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن عمرو بن العاص كتب إلى عمر بن الخطاب في رهبان يترهبون بمصر فيموت أحدهم وليس له وارث فكتب إليه عمر أن من كان منهم له عقب فادفع ميراثه إلى عقبه ومن لم يكن له عقب فاجعل ماله في بيت مال المسلمين فإن ولاءه للمسلمين
حدثنا يحيى بن خالد عن راشد بن سعد عن عقيل بن خالد عن ابن شهاب أنه قال كان فتح مصر بعضها بعهد وذمة وبعضها عنوة فجعلها عمر بن الخطاب جميعا ذمة وحملهم على ذلك فمضى ذلك فيهم إلى اليوم والله أعلم

178
الجزء الثالث
الخطط
قال حدثنا عثمان بن صالح حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن عمرو بن العاص لما فتح الإسكندرية ورأى بيوتها وبناءها مفروغا منها هم أن يسكنها وقال مساكن قد كفيناها فكتب إلى عمر بن الخطاب يستأذنه في ذلك فسأل عمر الرسول هل يحول بيني وبين

179
المسلمين ماء قال نعم يا أمير المؤمنين إذا جرى النيل فكتب عمرإلى عمرو إني لا أحب أن تنزل المسلمين منزلا يحول الماء بيني وبينهم في شتاء ولا صيف فتحول عمرو بن العاص من الإسكندرية إلى الفسطاط
حدثنا عبد الله بن صالح حدثنا الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب وحدثنا عثمان بن صالح حدثنا ابن وهب عن الليث عن يزيد بن أبي حبيب أن عمر بن الخطاب كتب إلى سعد بن أبي وقاص وهو نازل بمدائن كسرى وإلى عامله بالبصرة وإلى عمرو بن العاص وهو نازل بالإسكندرية أن لا تجعلوا بيني وبينكم ماء متى أردت أن اركب إليكم راحلتي حتى أقدم عليكم قدمت فتحول سعد بن أبي وقاص من مدائن كسرى إلى الكوفة وتحول صاحب البصرة من المكان الذي كان فيه فنزل البصرة وتحول عمرو بن العاص من الإسكندرية إلى الفسطاط
الفسطاط
قال وإنما سميت الفسطاط كما حدثنا أبي عبد الله بن عبد الحكم وسعيد بن عفير أن عمرو بن العاص لما أراد التوجه إلى الإسكندرية لقتال من بها من الروم أمر بنزع فسطاطه فإذا فيه يمام قد فرخ فقال عمرو بن العاص لقد تحرم منا بمتحرم فأمر به فأقر كما هو وأوصى به صاحب القصر فلما قفل المسلمون من الإسكندرية فقالوا أين ننزل

180
قالوا الفسطاط لفسطاط عمرو الذي كان خلفه وكان مضروبا في موضع الدار التي تعرف اليوم بدار الحصى عند دار عمرو الصغيرة اليوم
بناء المسجد الجامع
وبنى عمرو بن العاص المسجد كما حدثنا عبد الملك بن مسلمة عن الليث بن سعد وكان ما حوله حدئق وأعنابا فنصبوا الحبال حتى استقام لهم ووضعوا أيديهم فلم يزل عمرو قائما حتى وضعوا القبلة وإن عمرا وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين وضعوها واتخذ فيه منبرا كما حدثنا عبد الملك بن مسلمة عن ابن لهيعة عن أبي تميم الجيشاني قال فكتب إليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه أما بعد فإنه بلغني أنك اتخذت منبرا ترقى به على رقاب المسلمين أو ما بحسبك أن تقوم قائما والمسلمون تحت عقبيك فعزمت عليك لما كسرته
حدثنا عبد الملك بن مسلمة حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير أن أبا مسلم الغافقي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤذن لعمرو بن العاص فرأيته يبخر المسجد قال واختط الناس

181
دار البركة
حدثنا عبد الملك بن مسلمة أخبرنا ابن وهب عن يحيى بن أزهر عن الحجاج بن شداد عن أبي صالح الغفاري قال كتب عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب إنا قد اختططنا لك دارا عند المسجد الجامع فكتب إليه عمر أنى لرجل بالحجاز تكون له دار بمصر وأمره أن يجعلها سوقا للمسلمين قال ابن لهيعة هي دار البركة فجعلت سوقا فكان يباع فيها الرقيق هكذا قال ابن لهيعة قال وأما الليث بن سعد فإن عبد الملك حدثنا عنه أن دار البركة خطة لعبد الله بن عمر بن الخطاب فسأله إياهاعبد العزيز بن مروان فوهبها له فلم يثبه منها شيئا
حدثنا أحمد بن عمرو حدثنا ابن وهب عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله قال شهد عبد الله بن عمر فتح مصر واختط فيها دار البركة بركة الرقيق قال فوهبتها لمعاوية رجاء أن يثيبني منها فلم يثبني منها حتى مات فهو في حل
الصحابة وفتح مصر
من قريش
وكان من حفظ من الذين شهدوا فتح مصر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من قريش وغيرهم ومن لم يكن له برسول الله صلى الله عليه وسلم صحبة كما حدثنا عبد الملك بن مسلمة وغير عبد الملك قد ذكر بعض ذلك أيضا الزبير بن العوام وسعد بن أبي وقاص وعمرو بن العاص وهو كان أمير القوم

182
وعبد الله بن عمرو وخارجة بن حذافة العدوي وعبد الله بن عمر بن الخطاب وقيس بن أبي العاص السهمي والمقداد بن الأسود وعبد الله بن سعد بن أبي سرح العامري ونافع بن عبد القيس الفهري ويقال بل هو عقبة بن نافع وأبو عبد الرحمن يزيد بن أنيس الفهري وأبو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن عبدة وعبد الرحمن وربيعة ابنا شرحبيل بن حسنة ووردان مولى عمرو بن العاص وكان حامل لواء عمرو بن العاص وقد اختلف في سعد بن أبي وقاص فقيل إنما دخلها بعد الفتح حدثنا عبد الملك بن مسلمة عن الليث بن سعد أن سعد بن أبي وقاص قدم مصر
من الأنصار
وشهد الفتح من الأنصار عبادة بن الصامت وقد شهد بدرا وبيعة العقبة ومحمد بن مسلمة الأنصاري وقد شهد بدرا وهو الذي كان بعثه عمر بن الخطاب إلى مصر فقاسم عمرو بن العاص ماله وهو أحد من كان صعد الحصن مع الزبير بن العوام ومسلمة بن مخلد الأنصاري يقال له صحبة حدثونا عن وكيع حدثنا موسى بن علي عن أبيه قال سمعت مسلمة بن مخلد يقول ولدت حين قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ابن عشر وكان قد ولي البلد في أيام معاوية وصدرا من

183
خلافة يزيد وتوفي مسلمة بمصر سنة اثنتين وستين وأبو أيوب الأنصاري واسمه خالد بن زيد وقد شهد بدرا وتوفي بالقسطنطينية في سنة خمسين وأبو الدرداء واسمه عويمر قال ابن هشام عويمر بن عامر ويقال عويمر بن زيد
ومن أفناء القبائل
أبو بصرة الغفاري واسمه حميل بن بصرة وأبو ذر الغفاري واسمه جندب بن جنادة ويقال برير قال ابن هشام سمعت غير واحد من العلماء يقول أبو ذر جندب بن جنادة حدثنا عبد الملك بن مسلمة عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب قال وكان أبو ذر ممن شهد الفتح مع عمرو بن العاص وهبيب بن مغفل ولهم عنه حديث واحد وهو حديث ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن أسلم أبا عمران أخبره عن هبيب بن مغفل أنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من جره خيلاء يعني إزاره وطئه في النار وإليه ينسب وادي هبيب الذي بالمغرب وعبد الله بن الحرث بن جزء الزبيدي وكان اسمه العاص فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله
عبد الله بن صالح ويحيى بن عبد الله بن بكير قالا حدثنا الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي قال توفي رجل ممن قدم على النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عند القبر

184
ما اسمك فقلت العاص وقال لابن عمرو ما اسمك فقال العاص وقال للعاص بن العاص ما اسمك فقال العاص فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم العاص أنتم عبد الله انزلوا قال فوارينا صاحبنا ثم خرجنا من القبر وقد بدلت أسماؤنا وكعب بن ضنة العبسي ويقال كعب بن يسار بن ضنة وعقبة بن عامر الجهني يكنى أبا حماد وهو كان رسول عمر بن الخطاب إلى عمرو بن العاص حين كتب إليه يأمره أن يرجع إن لم يكن دخل أرض مصر وأبو زمعة البلوي وبرح بن حسكل وكان ممن قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم من مهرة وشهد الفتح مع عمرو واختط
هكذا قال ابن عفير برح بن حسكل والمهريون يقولون برح بن عسكل وجنادة بن أبي أمية الأزدي وسفيان بن وهب الخولاني وله صحبة
حدثنا عمرو بن سواد حدثنا ابن وهب حدثني عبد الرحمن بن شريح قال سمعت سعيد بن أبي شمر السبائي يقول سمعت سفيان بن وهب الخولاني يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يأتي المائة وعلى ظهرها أحد باق قال فحدثت بها ابن حجيرة فقام فدخل على عبد العزيز بن مروان قال فحمل سفيان وهو شيخ كبير حتى أدخل على عبد العزيز بن مروان فسأله عن الحديث فحدثه فقال عبد العزيز فلعله يعني لا يبقى أحد ممن كان معه إلى رأس المائة فقال سفيان هكذا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ومعاوية بن حديج الكندي وهو كان رسول عمرو بن العاص إلى

185
عمرو بن الخطاب بفتح الإسكندرية وقد اختلف في معاوية بن حديج فقال قوم له صحبة واحتجوا في ذلك بحديث حدثناه أبي عبد الله بن عبد الحكم وشعيب بن الليث وعبد الله بن صالح عن الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن سويد بن قيس عن معاوية بن حديج أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى يوما فسلم ثم أنصرف وقد بقي من الصلاة ركعة فأدركه رجل فقال قد بقيت من الصلاة ركعة فرجع فدخل المسجد فصلى بالناس ركعه فأخبرت بذلك الناس فقالوا أتعرف الرجل قلت لا إلا أن أراه وقال آخرون ليست له صحبة واحتجوا بحديث حدثناه يوسف بن عدي عن عبد الله بن المبارك عن ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد عن علي بن رباح قال سمعت معاوية بن حديج يقول هاجرنا على عهد أبي بكر رحمه الله فبينا نحن عنده إذ طلع المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال إنه قدم علينا برأس يناق البطريق ولم يكن لنا به حاجة إنما هذه سنة العجم ثم قال قم يا عقبة فقام رجل يقال له عقبة فقال إني لا أريدك إنما أريد عقبة بن عامر قم يا عقبة فقام رجل فصيح قارئ فافتتح سورة البقرة ثم ذكر قتالهم وما فتح الله لهم فلم أزل أحبه من يومئذ وعامر مولى جمل الذي يقال له عامر جمل شهد الفتح وهو مملوك وإنما قيل له عامر جل أنه كان مع عمرو بن العاص عند معاوية بن أبي سفيان فقال عامر لعمرو تكلم فإنني من ورائك فقال له معاوية ومن أنت قال أنا عامر مولى جمل فقال له معاوية بل أنت عامر جمل فقيل له عامر جمل لقول معاوية ذلك

186
منهم من أهل بدر ستة نفر
الزبير بن العوام وسعد بن أبي وقاص والمقداد بن الأسود وعبادة بن الصامت وأبو أيوب الأنصاري ومحمد بن مسلمة وقد كان عمار بن ياسر دخل مصر ولكن دخلها بعد الفتح في أيام عثمان حدثنا عبد الحميد بن الوليد حدثنا أبو عبد الرحمن عن مجالد عن الشعبي أن عمار بن ياسر دخل مصر في أيام عثمان بن عفان وجهه إليها في بعض أموره ولهم عنه حديث واحد حدثنا أبو الأسود النضر بن عبد الجبارحدثنا ابن لهيعة عن أبي عشانة قال سمعت أبا اليقظان عمار بن ياسر يقول أبشروا فوالله لأنتم أشد حبا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولم تروه من عامة من قد رآه
قال منهم من اختط بالبلد فذكرنا خطته ومنهم من لم يذكر له خطة فالله أعلم كيف كان الأمر في ذلك
قال فاختط عمرو بن العاص داره التي هي له اليوم عند باب المسجد بينهما الطريق وداره الأخرى اللاصقة إلى جنبها وفيها دفن عبد الله بن عمرو بن العاص فيما زعم بعض مشائخ البلد لحدث كان يومئذ في البلد
حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير قال توفي عبد الله بن عمرو بن العاص بأرضه بالسبع من فلسطين ويقال بل مات بمكة والله أعلم ويكنى أبا محمد وكانت وفاته سنة ثلاث وسبعين ولأهل مصر عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قريب من مائة حديث

187
والحمام الذي يقال له حمام الفأر وإنما قيل له حمام الفأر أن حمامات الروم كانت ديماسات كبار فلما بني هذا الحمام ورأوا صغره قالوا من يدخل هذا هذا حمام الفأر ودار عمرو التي هنالك ويقال بل اختط عمرو لنفسه في الموضع الذي فيه دار ابن أبي الرزام
واختط عبد الله ابنه هذه الدار الكبيرة التي عند المسجد الجامع وهو الذي بناها هذا البناء وبنى فيها قصرا على تربيع الكعبة الأولى واحتج من زعم أن هذه الدار الكبيرة التي عند المسجد هي خطة عمرو نفسه بحديث ابن لهيعة عن ابن هبيرة عن أبي تميم الجيشاني أنه سمع عمرو بن العاص يقول أخبرني رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله قد زادكم صلاة فصلوها فيما بين صلاة العشاء إلى صلاة الصبح الوتر الوتر ألا إنه أبو بصرة الغفاري قال أبو تميم الجيشاني وكنت أنا وأبو ذر قاعدين فأخذ أبو ذر بيدي فانطلقنا إلى أبي بصرة فوجدناه عند الباب الذي إلى دار عمرو فقال أبو ذر يابا بصرة أنت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله قد زادكم صلاة فصلوها فيما بين العشاء إلى الصبح الوتر الوتر قال نعم قال أنت سمعته قال نعم
حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير عن ابن هبيرة وحدثناه عمرو بن سواد عن ابن وهب عن ابن لهيعة وقد حدثني طلق بن السمح عن ابن لهيعة عن ابن هبيرة عن أبي تميم الجيشاني ببعضه
ولهم عن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث عدة منها حديث موسى بن علي

188
عن أبيه عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص عن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر حدثناه أبي عن الليث عن موسى بن علي وحدثناه عبد الله بن صالح عن موسى بن علي نفسه ومنها حديث نافع بن يزيد عن الحارث بن سعيد العتقي عن عبد الله بن منين من بني عبد كلال عن عمرو بن العاص قال أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم في القرآن خمس عشرة سجدة منها في المفصل ثلاث وفي سورة الحج سجدتان حدثناه سعيد بن أبي مريم
من اختط حول المسجد الجامع مع عمرو
واختط حول عمرو والمسجد قريش والأنصار وأسلم وغفار وجهينة ومن كان في الراية ممن لم يكن لعشيرته في الفتح عدد مع عمرو
فاختط وردان مولى عمرو القصر الذي يعرف بقصر عمر بن مروان وإنما نسب إلى عمر بن مروان أن أنتناس صاحب الجند وخراج مسلمة سأل معاوية أن يجعل له منزلا قرب الديوان فكتب معاوية إلى مسلمة بن مخلد يأمره أن يشتري له منزل وردان ويخط لوردان حيث شاء ففعل فأخذ أنتناس المنزل وبعث مسلمة مع وردان السمط مولى مسلمة وأمره أن يقطعه غلوة نشابه فخرج معه حتى وقفا على موضع مناخ الإبل وكان ذلك فناء يتوسع فيه المسلمون فيما بينهم وبين البحر فقال

189
السمط لوردان لنعلمن اليوم فضل غلام فارس على الروم وكان السمط فارسيا ووردان روميا فمغط السمط في قوسه ونزع له بنشابه فاختطها وردان فلما مات أنتناس أقطعت عمر بن مروان ويكنى وردان بأبي عبيد ويقال أن قصر عمر بن مروان من خطة الأزد فابتاع ذلك عبد العزيز بن مروان فوهبه لأخيه عمر بن مروان وذلك أن ذلك الزقاق من قصر عمر بن مروان إلى الأصطبل والإصطبل من خطة الأزد واختط قيس بن سعد بن عبادة في قبلة المسجد الجامع دار الفلفل وكانت فضاء فبناها لما ولي البلد ولاه إياه علي بن أبي طالب ثم عزله فكان الناس يقولون أنها له حتى ذكر له ذلك فقال وأي دار لي بمصر فذكروها له فقال إنما تلك بنيتها من مال المسلمين لا حق لي فيها ويقال أن قيس بن سعد أوصى حين حضرته الوفاة فقال إني كنت بنيت دارا بمصر وأنا واليها واستعنت فيها بمعونة المسلمين فهي للمسلمين ينزلها ولاتهم ولهم عن قيس عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثان أحدهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رب الدابة أحق بصدر دابته
حدثنا أبو الأسود حدثنا ابن لهيعة عن عبد العزيز بن عبد الملك بن مليل عن عبد الرحمن بن أبي أمية عن قيس بن سعد ويقال بل كانت دار الفلفل ودار الزلابية التي إلى جنبها لنافع بن عبد القيس الفهري ويقال بل هو عقبة بن نافع فأخذها قيس بن سعد منه وعوضه منها دار الفهريين التي في زقاق القناديل ويقال بل كانت تلك الدار خطة عقبة بن نافع ويقال بل كانت دار الفلفل لسعد بن أبي وقاص فتصدق بها على المسلمين واقتصر

190
على داره التي بالموقف والله أعلم ويقال أن داره التي بالموقف التي تعرف بالفندق ليس هو خطة لسعد وإنما كان لمولى سعد فمات فورثها عنه آل سعد وإنما سميت دار الفلفل لأن أسامة بن زيد التنوخي إذ كان واليا على خراج مصر ابتاع من موسى بن وردان فلفلا بعشرين ألف ديناركان كتب فيه الوليد بن عبد الملك أراد أن يهديه إلى صاحب الروم فخزنه فيها فشكا ذلك موسى بن وردان إلى عمر بن عبد العزيز حين ولي الخلافة فكتب أن يدفع إليه حدثنا طلق بن السمح حدثنا ضمام بن إسماعيل حدثني موسى بن وردان قال دخلت على عمر بن عبد العزيز فحدثته بأحاديث عمن أدركته من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فكنت عنده بمنزله أدخل إذا شئت وأخرج إذا شئت فكنت أحدثه عمن أدركت من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألته الكتاب إلى حيان بن سريج في عشرين ألف دينار أستوفيها من ثمن فلفل ليكتب إليه يدفعها إلي فقال لي ولمن العشرون الألف الدينار قلت هي لي قال ومن أين هي لك قلت له كنت تاجرا فضرب بمخصرته ثم قال التاجر فاجر والفاجر في النار ثم قال اكتبوا إلى حيان بن سريج فلم أدخل عليه بعدها وأمر حاجبه ألا يدخلني عليه وصارت دار الزلابية للحكم بن أبي بكر ويقال بل دار الزلابية خطة عبدة بن عبدة
واختط مسلمة بن مخلد دار الرمل واختط مع مسلمة فيها أبو رافع

191
مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم واختط معهم عقبة بن عامر الجهني فلما ولي مسلمة بن مخلد سأله معاوية داره فأعطاه إياها وخط له في الفضاء داره ذات الحمام التي بسوق وردان ثم صارت إلى بني أبي بكر بن عبد العزيز فحازها بنو العباس مع ما حيز من أموال بني مروان فامتدح ابن شافع صالح بن علي فأقطعه إياها وإنما صارت لبني أبي بكر بن عبد العزيز أن مسلمة بن مخلد توفي ولم يترك ذكرا فورثته ابنته أم سهل ابنت مسلمة وإليها تنسب منية أم سهل مع زوجتيه وعصبته بني أبي دجانة فتزوج عبد العزيز مرأتي مسلمة بعد وفاته وقضى عنه عشرين ألف دينار كانت عليه وتزوج أبو بكر بن عبد العزيز ابنته أم سهل ابنت مسلمة
وكان الذي صار إليهم من ربع مسلمة بالميراث الذي ورثوا عن نسائهم فكانت دارمسلمة من رحا الكعك إلى حمام سوق وردان مما صار لعبد العزيز ولأبي بكر بن عبد العزيز وكان لأبي بكر من منية أم سهل ما ورثه عن امرأته أم سهل وما كان في أيدي الناس غيرهم من ذلك مما كان لابن الأشتر الصدفي ولبني وردان ولحمادة ابنت محمد ولموسى بن علي فمن حقوق عصبة مسلمة مما باعه يحيى بن سعيد الأنصاري وكان العصبة قد وكلوه بذلك وبهذا السبب قدم يحيى بن سعيد مصر وكانت الدار المعروفة بدار المغازل بالحمراء مما باع يحيى بن سعيد أيضا فاشتراها

192
منه ابن وردان وابن مسكين
وكان مسلمة بن مخلد كما حدثنا سعيد بن عفير عن ابن لهيعة أحسبه أيام عمرو على الطواحين واشترى معاوية أيضا دار عقبة بن عامر وخط له في الفضاء قبالة الطريق إلى دار محفوظ بن سليمان وكانت من الخط الأعظم إلى البحر ويقال بل مسلمة بن مخلد أقطعها عقبة فحبسها عقبة على ابنته أم كلثوم إبنت عقبة وقد يجوز أن يكون مسلمة إنما أقطعها لعقبة بأمر معاوية عوضا من الذي أخذ منه من داره وكانت دار أبي رافع قد صارت إلى مولاه السائب مولى أبي رافع فاشتراها منه معاوية وأقطع السائب في الفضاء عند حيز الوز ويقال بل اختط المقداد بن الأسود دارا كانت إلى جنب دار الرمل وكانت إلى جنبها دار لعقبة بن عامر هي خطته فابتاع عقبة دار المقداد بن الأسود فهدمها وهدم داره فبناهما جميعا دارا لرملة إبنت معاوية فكتب إليه معاوية لا حاجة لنا بها فاجعلها للمسلمين وبرملة سميت دار الرمل لأنهم كانوا يقولون دار رملة فحرفت العامة ذلك وقالوا دار الرمل ويقال إنما سميت دار الرمل لما ينقل إليها من الرمل لدار الضرب سمعت يحيى بن بكير فيما أحسب يقوله ولا أعلمني سمعت ذلك من غيره
يكنى المقداد أبا معبد حدثنا يعقوب بن إسحاق بن أبي عباد حدثنا حماد بن شعيب عن منصور عن هلال بن يساف قال استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم المقداد على سرية فلما رجع قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف رأيت الإمارة أبا معبد قال خرجت يا رسول الله وما أرى أن لي فضلا على أحد

193
من القوم فما رجعت إلا وكأنهم عبيد لي قال كذلك الإمارة أبا معبد إلا من وقاه الله شرها قال والذي تعثك بالحق لا أعمل على عمل أبدا قال ويقال بل كتب معاوية حين
استخلف إلى عقبة بن عامر يسأله أن يسلمها ليزيد لقربها من المسجد ويعطيه ما هو خير منها ففعل فأقطعه معاوية داره التي بسوق وردان وبناها له وبنى سفل دار الرمل ليزيد وأقطع معاوية أيضا يزيد قرية من قرى الفيوم فأعظم الناس ذلك وتكلموا فيه فلما بلغ ذلك معاوية كره قالة الناس فرد تلك القرية إلى الخراج كما كانت للمسلمين وجعل دار الرمل للمسلمين تنزلها ولاتهم ولم يكن بني منها إلا سفلها حتى بنى علوها القاسم بن عبيد الله بن الحبحاب
حدثنا أبو الأسود النضر بن عبد الجبار حدثنا ابن لهيعة عن أبي قبيل عن فضالة بن عبيد قال كنا عند معاوية يوما وعنده معاوية بن حديج وكان معاوية كالجمل الطني يقدم رجلا ويؤخر أخرى يرمي بالكلمة فإن ذلت العرب أمضاها وإن أنكروها لم يمضها فقال ذات يوم ما أدري في أي كتاب الله تجدون هذا الرزق والعطاء فلو أنا حبسناه فضرب معاوية بن حديج بين كتفيه مرارا حتى ظننا أنه يجد ألم ذلك ثم قال كلا والذي نفسي بيده يا بن أبي سفيان أو لنأخذن بنصولها ثم لتقفن على أنادرها ثم لا يخلص منها إلي دينار ولا درهم فسكت معاوية ويكنى معاوية بن أبي سفيان بأبي عبد الرحمن ومعاوية بن حديج بأبي نعيم وكان الديوان كما حدثنا سعيد بن عفير عن ابن لهيعة في زمان معاوية أربعين ألفا وكان منهم أربعة آلاف في مائتين مائتين

194
حدثنا عبد الملك بن مسلمة حدثنا ابن وهب عن ابن لهيعة عن رزين بن عبد الله مثله وزاد فكان إنما يحمل إلى معاوية ستمائة ألف فضل أعطيات الجند حدثنا هانىء حدثنا ضمام عن أبي قبيل قال كان معاوية بن أبي سفيان قد جعل على كل قبيلة من قبائل العرب رجلا فكان على المعافر رجل يقال له الحسن يصبح كل يوم فيدور على المجالس فيقول هل ولد الليلة فيكم مولود وهل نزل بكم نازل فيقال ولد لفلان غلام ولفلان جارية فيقول سموهم فيكتب ويقال نزل بها رجل من أهل اليمن بعياله فيسمونه وعياله فإذا فرغ من القبائل كلها أتى الديوان وكان الديوان كما حدثنا سعيد بن عفير عن ابن لهيعة في زمان معاوية أربعين ألفا وكان منهم أربعة آلاف في مائتين مائتين قال ابن عفير في حديثه عن ابن لهيعة قال فأعطى مسلمة بن مخلدأهل الديوان أعطياتهم وأعطيات عيالاتهم وأرزاقهم ونوائبهم ونوائب البلاد من الجسور وأرزاق الكتبة وحملان القمح إلى الحجاز وبعث إلى معاوية بستمائة ألف دينار فضلا قال ابن عفير فنهضت الإبل فلقيهم برح بن حسكل فقال ما هذا ما بال مالنا يخرج من بلادنا ردوه فرد حتى وقف على المسجد فقال أخذتم عطاءكم وأرزاقكم وعطاء عيالاتكم ونوائبكم قالوا نعم فقال لا بارك الله لهم قال وخطة برح بن حسكل عند دار زنين في الزقاق الذي يعرف بخلف القماح
واختط قيس بن أبي العاص السهمي داره التي عند دار ابن رمانة

195
وكانت دار ابن رمانة بينها وبين المسجد ودخل بعضها في المسجد حين زاد في عرضه عبد الله بن طاهر وقد كان عمرو بن العاص ولاه القضاء حدثنا بن عفير حدثنا ابن لهيعة قال كان قيس بن أبي العاص بمصر ولاه عمرو بن العاص القضاء
واختط إلى جانب قيس بن أبي العاص عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي مما يلي زقاق البلاط دار ابن رمانة وما يليها فاشترى ذلك عبد العزيز بن مروان فوهب لابن رمانة حين قدم عليه ما بنى وكان ما بقي للأصبغ بن عبد العزيز وكانت دار عبد الله تلي المسجد وقبلي بابها اليوم مرحاض بيت المال وكان ابن رمانة مع عبد العزيز بن مروان في الكتاب وكان عبد العزيز قد وهب لابن رمانة خاتما كان له فلما صار عبد العزيز إلى ما صار إليه قدم إليه ابن رمانة من الحجاز على بعير ليس عليه إلا فروة له فقال للحاجب استأذن لي على الأمير فكأن الحاجب تثاقل عنه فقال له ابن رمانة استأذن لي اليوم أستأذن لك غدا فدخل الحاجب على عبد العزيز فأخبره بقوله فقال أدخله فلما دخل عليه ابن رمانة وكلمه أخرج الخاتم لعبد العزيز فعرفه فنزع عبد العزيز خاتم نفسه فدفعه إلى ابن رمانة وبنى له داره وغرس له نخلهم الذي لهم اليوم بناحية حلوان وعبد العزيز أيضا الذي غرس لعمير بن مدرك نخله الذي بالجيزة الذي يعرف بجنان عمير
وكان سبب ذلك كما حدثنا أبي عبد الله بن عبد الحكم أن عمير بن مدرك كان غرسه أصنافا من الفاكهة فلما أدرك سأل عبد العزيز أن يخرج إليه فخرج معه عبد العزيز إليه فلما رآه قال له عبد العزيز هبه لي فوهبه له فأرسل عبد العزيز إلى صاحب الجزيرة فقال له لئن أتت عليه

196
الجمعة وفيه شجرة قائمة لأقطعن يدك وكان بالجزيرة خمس مائة فاعل عدة لتحريق إن كان في البلاد أو هدم فأتى بهم صاحب الجزيرة فكانوا يقطعون الشجرة بحملها وعمير يرى حسرات فلما فرغ من ذلك أمر فنقل إليه الودي من حلوان وغرسه نخلا فلما أدرك خرج إليه عبد العزيز وخرج بعمير معه فقال له أين هذا من الذي كان فقال عمير وأين أبلغ أنا ما بلغ الأمير قال فهو لك وحبسه على ولدك فهو لهم إلى اليوم
واختط إلى جنب عبد الله بن الحارث ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقال بل هو عجلان مولى قيس بن أبي العاص وهي الدار التي زادها في المسجد سلمة مولى صالح بن علي
واختط عبادة بن الصامت إلى جانب ابن رمانة وأنت تريد إلى سوق الحمام وهي الدار التي كان يسكنها جؤجؤ المؤذن ودار إلى جنبها فابتاع أحدهما عبد العزيز بن مروان فكانت له وصارت الأخرى لبني مسكين
واختط خارجة بن حذافة غربي المسجد بينه وبين دار ثوبان قبالة الميضأة القديمة إلى أصحاب الحناء إلى أصحاب السويق بينه وبين المسجد الطريق وكان الربيع بن خارجة يتيما في حجر عبد العزيز فلما بلغ اشترى منه داره بعشرة آلاف دينار للأصبغ بن عبد العزيز فلما ولي عمر بن عبد العزيز ركب إليه وأخرج له كتاب حبس الدار فردها عليه بعد أن يدفع إليه الثمن فسأله أن يعطى كراءها فقال أما الكراء فلا الكراء بالضمان فردها عليه ولم يأمر له بالكراء

197
قال الليث بن سعد فرأيت الربيع فيها وانا إذ ذاك غلام ثم خاصم فيها الأصبغ إليه وابن شهاب قاضيه يومئذفقضا ابن شهاب لابن خارجه بالدار وقبضها أنه لا يجوز اشتراء الولي ممن يلي أمره ثم خاصم إلى يزيد بن عبد الملك بعد عمرفقضا له بالكراءفسلمها له بنو الأصبغ حتى مات يزيد ثم رفعوا إلى هشام بن عبد الملك فقضا ألا كراء
عليهم فرد الكراء إلى بني الأصبغ
وخارجة بن حذافة كما حدثنا شعيب بن الليث وعبد الله بن صالح عن الليث عن يزيد بن أبي حبيب أول من بنى غرفة بمصر فبلغ ذلك عمر بن الخطاب فكتب إلى عمرو بن العاص سلام أما بعد فإنه بلغني أن خارجة بن حذافة بنى غرفة ولقد أراد خارجة أن يطلع على عورات جيرانه فإذا أتاك كتابي هذا فاهدمها إن شاء الله والسلام
ولأهل مصرعن خارجة بن حذافة عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث واحد ليس لهم عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم غيره وهو حديث الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن عبد الله بن راشد الزوفي عن عبد الله بن أبي مرة الزوفي عن خارجة بن حذافة قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن الله قد أمدكم بصلاة هي خير لكم من حمر النعم الوتر جعله لكم فيما بين

198
صلاة العشاء إلى أن يطلع الفجر حدثناه أبي وشعيب بن الليث وعبد الله بن صالح عن الليث بن سعد
ولهم عنه حكايات في نفسه وكان خارجة بن حذافة على شرط عمرو بن العاص أيام عمرو وأيام معاوية حتى قتله الخارجي وذلك أن عمرو بن العاص كان أصابه في بطنه شيء فتخلف في منزله وكان خارجة يعشي الناس فضربه الحروري وهو يظن أنه عمرو فلما علم أنه ليس عمرا قال أردت عمرا وأراد الله خارجة فكان عمرو يقول ما نفعني بطني قط إلا ذلك اليوم حدثنا معاوية بن صالح حدثنا يحيى بن معين عن وهب بن جرير عن أبيه قال ذهب حروري ليقتل عمرو بن العاص بمصر فلما قدمها إذا رجل جالس يغدي قد ولي شرطة عمرو فظن أنه عمرو فوثب عليه فقتله فلما أدخل على عمرو قال أما والله ما أردت غيرك قال لكن الله لم يردني فقتل الرجل وقد قيل أن خارجة إنما قتل بالشام والله أعلم
حدثنا عبد الله بن صالح حدثنا الهقل بن زياد عن معاوية بن يحيى الصدفي حدثني الزهري قال تعاقد ثلاثة نفر من أهل العراق عند الكعبة على قتل معاوية وعمرو بن العاص وحبيب بن مسلمة فأقبلوا بعد ما بويع معاوية على الخلافة حتى قدموا إيلياء فصلوا من السحر في المسجد ما قدر لهم ثم انصرفوا فسألوا بعض من حضر المسجد من أهل الشأم أي ساعة يوافون فيها خلوة أمير المؤمنين فإنا رهط من أهل العراق أصابنا غرم في أعطياتنا ونريد أن نكلمه وهو لنا فارغ فقال لم أمهلوا حتى إذا ركب دابته فاعترضوا له فكلموه فإنه سيقف عليكم حتى تفرغوا من كلامه

199
فتعجلوا ذلك فلما خرج معاوية لصلاة الفجر كبرفلما سجد السجدة الأولى انبطح أحدهم على ظهر الحرسي الساجد بينهم وبينه حتى طعن معاوية في مأكمته يريد فخذه بخنجر فانصرف معاوية وقال للناس أتموا صلاتكم وأخذ الرجل فأوثق ودعي لمعاوية الطبيب فقال الطبيب أن هذا الخنجر إن لا يكن مسموما فإنه ليس عليه بأس فأعد الطبيب العقاقير التي تشرب إن كان مسموما ثم أمر بعض من يعرفها من تباعه أن يسقيه إن عقل لسانه حتى يلحس الخنجر ثم لحسه فلم يجده مسموما فكبر وكبر من عنده من الناس ثم خرج خارجة بن حذافة وهو أحد بني عدي بن كعب من عند معاوية إلى الناس فقال هذا أمر عظيم ليس بأمير المؤمنين بأس بحمد الله وأخذ يذكر الناس وشد عليه أحد الحرويين الباقيين يحسبه عمرو بن العاص فضربه بالسيف على الذؤابة فقتله فرماه الناس بالثياب وتعاونوا عليه حتى أخذوه وأوثقوه واستل الثالث السيف فشدعلى أهل المسجد وصبر له سعيد بن شهاب وعليه ممطر تحته السيف مشرج على قائمه فأهوى بيده فأدخلها االممطر على شرج السيف فلم يحلها حتى غشيه الحروري فنحاه لمنكبه فضربه ضربة خالطت سحره ثم استل سعيد السيف فاختلف هو والحروري ضربتين فضرب الحروري سعيدا ضربة العين أذهب عينه اليسرى وضربه سعيد فطرح يمينه بالسيف وعلاه بالسيف حتى قتله ونزف سعيد فاحتمل نزيفا فلم يلبث

200
أن توفي فقال وهو يخبر من يدخل عليه أما والله لو شئت لنجوت مع الناس ولكني تحرجت أن أوليه ظهري ومعي السيف ودخل رجل من كلب فقال هذا طعن معاوية قالوا نعم فامتلخ السيف فضرب عنقه فأخذ الكلبي فسجن وقيل له قد اتهمت بنفسك فقال إنما قتله غضبا لله فلما سئل عنه وجد بريئافأرسل ودفع قاتل خارجة إلى أوليائه من بني عدي بن كعب فقطعوا يديه ورجليه ثم حملوه حتى جاؤوا به العراق فعاش كذلك حينا ثم تزوج امرأة فولدت له غلاما فسمعوا أنه ولد له غلام فقالوا لقد عجزنا حين نترك قاتل خارجة يولد له الغلمان فكلموا معاوية فأذن لهم بقتله فقتلوه وقال الحروري الذي قتل خارجة أما والله ما أردت إلا عمرو بن العاص فقال عمرو حين بلغه ولكن الله أراد خارجة فلما قتل خارجة ولى عمرو بن العاص شرطه السائب بن هشام بن عمرو أحد بني مالك بن حسل وهشام بن عمرو هو الذي كان قام في نقض الصحفية التي كان كتبت قريش على بني هاشم ألا يناكحوهم ولا ينحكوا إليهم ولا يبتاعوا منهم شيئا حتى يسلموا رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه يقول حسان بن ثابت من الكامل
(هل توفين بنو أمية ذمة
* عهدا كما أوفى جوار هشام)
(من معشر لا يغدرون بجاهم
* للحارث بن حبيب بن سخام)
(وإذا بنو حسل أجاروا ذمة
* أوفوا وأدوا بجارهم بسلام)
قال ابن هشام سخام وخالف ابن هشام غيره من أهل العلم بالشعر فقال إنما هي سحام

201
غرفة في عهد عمر بن الخطاب فأشرفت فشكت جيرانه إلى عمر بن الخطاب فكتب إلى عمرو بن العاص أن انصب سريرا في الناحية التي شكيت ثم أقم عليه رجلا لا جسيما ولا قصيرا فإن أشرفت فسدها فسئل يزيد من حدثك بهذا الحديث فقال مشائخ الجند
قال واختط عبد الرحمن بن عديس البلوي الدار البيضاء ويقال بل كانت الدار البيضاء صحنا بين يدي المسجد ودار عمرو بن العاص موقفا لخيل المسلمين على باب المسجد حتى قدم مروان بن الحكم مصر في سنة خمس وستين فابتناها لنفسه دارا وقال ما ينبغي للخليفة أن يكون ببلد لا يكون له بها دار فبنيت له في شهرين وابن عديس ممن بايع تحت الشجرة ولأهل مصر عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث واحد ليس لهم عنه غيره عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو حديث ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن ابن شماسة أن رجلا حدثه عن عبد الرحمن بن عديس أنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول تخرج ناس يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية يقتلهم الله في جبل لبنان والجليل أو الجليل وجبل لبنان

202
واختط عبد الله بن عديس البلوي أخو عبد الرحمن بن عديس عند القبة دار المعافري وكانت دار بني جمح بركة يجتمع فيها الماء فقال عمرو بن العاص خطوا لابن عمي إلى جانبي يريد وهب بن عمير الجمحي وهو ممن كان شهد الفتح فردمت وخطت له ويقال بل هو عمير بن وهب بن عمير ويقال بل هي قطيعة من معاوية وكان عمير قد قدم مصر في أيام معاوية بن أبي سفيان فكتب أن يبنى له دار وكان ما هنالك فضاء ليس لأحد فيه دار وكانت مغيضا للمياه وهذا مما يحتج به على أن ما حول المسجد كان فضاء لموقف خيل المسلمين كما فعل عمرو بن العاص حين قدم عليه من بني سهم من لم يكن شهد الفتح فبنى لهم دار السلسلة التي في غربي المسجد
حدثنا يحيى بن بكير عن الليث بن سعد قال كان وهب بن عمير أمير أهل مصر في غزوة عمورية سنة ثلاث وعشرين وأمير أهل الشام وأبو الأعور السلمي
واختط ابن الحويرث السهمي إلى جانب دار بني جمح وقبلي دار زكرياء بن الجهم العبدري
واختطت ثقيف في ركن المسجد الشرقي إلى السراجين وكانت دار أبي عرابة خطة حبيب بن أوس الثقفي الذي كان نزل عليه يوسف بن الحكم بن أبي عقيل ومعه ابنه الحجاج بن يوسف مقدم مروان بن الحكم

203
مصر ثم لثقيف ما كان متصلا بدار أبي عرابة إلى الدرب الذي يخرجك إلى دار فرج
واختط زكرياء من الجهم العبدري داره التي في زقاق القناديل وهي دار عباس بن شرحبيل اليوم ذات الحنية
واختط عبد الرحمن وربيعة ابنا شرحبيل بن حسنة دور عباس بن شرحبيل الأخرى التي إلى جانبها ودار سلمة بن عبد الملك الطحاوي
حدثنا سعيد بن عفير حدثنا ابن لهيعة قال كان ربيعة بن شرحبيل بن حسنة على المكس قال واختط أبو ذر الغفاري دار العمد ذات الحمام التي أخذ بركة بن منصور الكاتب بيرها بابها في زقاق القناديل وبابها الآخر مما يلي دار بركة ومن هنالك راجعا إلى سوق بربر إلى قصر ابن جبر قبلك خطة غفار وكان ابن جبر قد وإلى غفار وابن جبر هذا كان رسول المقوقس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمارية وأختها وبما أهدى معهما وتزعم القبط أن رجلا منهم قد صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم يريدون ابن جبر وأبو ذر الذي كان عهد إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في مصر ما عهد
حدثنا أبي عبد الله بن عبد الحكم حدثنا رشدين بن سعد وحدثنا عبد الملك بن مسلمة حدثنا ابن وهب عن حرملة بن عمران عن عبد الرحمن بن شماسة المهري قال سمعت أبا ذر يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنكم ستفتحون أرضا يذكر فيها القيراط فاستوصوا بأهلها خيرا فإن لهم ذمة ورحما فإذا رأيتم أخوين يقتتلان في موضع لبنة فأخرج فمر

204
بعبد الرحمن وربيعة ابني شرحبيل بن حسنة وهما يتنازعان في موضع لبنة فخرج منها قال ابن وهب سمعت الليث يقول لا أرى النبي صلى الله عليه وسلم قال له ذلك إلا للذي كان من أمر أهل مصر في عثمان
واختط إياس بن عبد الله القارئ غربي دار بني شرحبيل بن حسنة
واختط رويفع بن ثابت وعقبة بن كريم الأنصاريان مع ربيعة وعبد الرحمن ابني شرحبيل بن حسنة
واختط رويفع بن ثابت الأنصاري أيضا الدار التي صارت لبني الصمة وتوفي رويفع بن ثابت ببرقة وكان قد وليها حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير عن الليث قال ولي رويفع بن ثابت أنطابلس سنة ثلاث وأربعين
واختط أبو فاطمة الأزدي دار الدوسي والدار التي فيها أصحاب الحمائل اليوم وله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث واحد وهو ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد حدثني كثير الأعرج الصدفي قال سمعت أبا فاطمة وهو معنا بذي الصواري يقول قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يابا فاطمة أكثر من السجود فإنه ليس من مسلم يسجد لله سجدة إلا رفعه الله بها درجة حدثناه أبو

205
الأسود نضر بن عبد الجبار وسعيد بن أبي مريم عن ابن لهيعة وقد رواه عنه غير أهل مصر
قال والدار التي كان يسكنها عمرو بن خالد كانت خطة لرجل من بني تميم وأصحاب السويق أيضا خطة لرجل من بني تميم ممن كان شهد الفتح ثم اشترى ذلك عمرو بن سهيل من بعده
واختط عبد الله بن سعد بن أبي سرح داره اللاصقة بقصر الروم يقال لها دار الحنية والدار التي يقال لها دار الموز وليس قصره هذا الكبير الذي يعرف بقصر الجن خطة وإنما بناه بعد ذلك في خلافة عثمان بن عفان أمر ببنائه حين خرج إلى المغرب لغزو أفريقية حدثنا عبد الملك بن مسلمة حدثنا ابن لهيعة أنه سمع يزيد بن أبي حبيب يذكر أن المقداد كان غزا مع عبد الله بن سعد أفريقية فلما رجعوا قال عبد الله للمقداد في داربناها كيف ترى بنيان هذه الدار فقال له المقداد إن كان من مال الله فقد أسرفت وإن كان من مالك فقد أفسدت فقال عبد الله بن سعد لولا أن يقول قائل أفسد مرتين لهدمتها وكان عبد الله يكنى بأبي يحيى ولهم عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث واحد
ليس لهم عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم غيره وهو حديث ابن لهيعة عن عياش بن عباس القتباني عن الهيثم بن شفي عن أبي الحصين عن عبد الله بن سعد بن أبي سرح قال بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعشرة من أصحابه معه أبو بكر وعمر وعثمان وعلي والزبير

206
وغيرهم على جبل إذ تحرك بهم الجبل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اسكن حراء فإنه ليس عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد ولهم عنه حكايات في نفسه لم يرو عنه غير أهل مصر
واختط كعب بن ضنة ويقال كعب بن يسار بن ضنة العبسي الدار التي في طرف زقاق القناديل مما يلي سوق بربر تعرف بدارالنخلة وكعب هو ابن بنت خالد بن سنان العبسي أو ابن أخته قال عبد الرحمن أنا أشك
وخالد بن سنان الذي تزعم فيه قيس أنه كن تنبأ في الفترة فيما بين النبي وعيسى صلوات الله عليهما ولخالد بن سنان حديث فيه طول حدثنا المقرئ عبد الله بن يزيد حدثنا حيوة بن شريح حدثنا الضحاك بن شرحبيل الغافقي أن عمار بن سعد التجيبي أخبرهم أن عمر بن الخطاب كتب إلى عمرو بن العاص أن يجعل كعب بن ضنة عل ى القضاء فأرسل إليه عمرو فأقرأه كتاب أمير المؤمنين فقال كعب لا والله لا ينجيه الله من الجاهلية وما كان فيها من الهلكة ثم يعود فيها بعد إذ نجاه الله منها فأبى أن يقبل القضاء فتركه عمرو قال ابن عفير وكان كعب بن ضنة حكما في الجاهلية
ولقيس أيضا الدار التي تعرف بدار الزبروهي اليوم لبني وردان وكان يقال لزقاق القناديل زقاق الأشراف لأن عمرا كان على طرفه مما يلي

207
المسجد الجامع وكعب بن ضنة على طرفه الآخر مما يلي سوق بربر وفيما بين ذلك دار عياض بن جريبة الكلبي وهبها له عبد العزيز بن مروان ودار ابن مذيلفة الكلبي ودار ابن فراس الكناني ودارنافع بن عبد القيس الفهري ويقال بل هو عقبة بن نافع ودار محمد بن عبد الرحمن الكناني ودار أبي ذر الغفاري ودور ربيعة وعبد الرحمن ابني شرحبيل بن حسنة وإياهم يتولى بكر بن مضر ودار زكرياء بن الجهم العبدري ودار إياس بن عبد الله القارئ ودار أبي حكيم مولى عتبة بن أبي سفيان بناها له معاوية بن أبي سفيان
واختط ابن عبدة داره التي في السراجين وفيها العقابين اليوم وصارت لبني مسكين
وكانت دار نصر لرجل من قريش فمات فاشتراها عبد العزيز بن مروان فوهبها للأصبغ
ودار سهل التي فيها السراجين وحمام سهل كان ذلك لعبد الله بن عمرو بن العاص اشتراها فوهبها لابنته أم عبد الله ابنت عبد الله بن عمرو فتزوجها عبد العزيز بن مروان فأولدها سهلا وسهيلا فورثاها من أمهما والقصر الذي يقال له قصر مارية كان خطة لابن رفاعة الفهمي

208
فوهبه لعبد العزيز بن مروان فبناه لأم ولد له رومية يقال لها مارية فنسب إليها ويقال أنه عوضه من ذلك موضعه بالحمراء ويقال بل ذلك خطتهم ثم هدمه عيسى بن يزيد الجلودي مدخله مصر مع عبد الله بن طاهر فبناه سجنا وهو السجن الذي عند محرس بنانة عند منزل عمرو بن سواد السرحي وبنانة كانت حاضنة لبعض بني مروان أو ظئرا لهم فنسب المحرس إليها ومارية أم محمد بن عبد العزيز ولم يعقب وقد كان عمرو بن العاص كما حدثنا سعيد بن عفير عن ابن لهيعة عن ابن هبيرة قد دعا خالد بن ثابت الفهمي جد بني رفاعة ليجعله على المكس فاستعفاه فقال عمرو ما تكره منه قال إن كعبا قال لا تقرب المكس فإن صاحبه في النار
واختط جهم بن الصلت المطلبي مما يلي أصحاب الزيت الدار التي تقابل حمام بسر
واختط ابن ملجم بالراية في أصحاب الزيت الدار المبني وجهها بالحجارة
واختط إياس بن البكير وابنه تميم بن إياس الدار التي عند دار ابن أبرهة الدار التي فيها أصحاب الأوتاد النافذة إلى السوق وهو إياس بن البكير بن عبد ياليل بن ناشب بن غيرة بن سعد بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة حلفاء بني عدي بن كعب

209
واختط مجاهد بن جبر مولى بنت غزوان داره التي في النحاسين التي صارت لصالح صاحب السوق واختط أبو شمر بن أبرهة إلى جنب دار شييم الليثي
واختط ابن وعلة إلى جنبه فأخذوا ومن معهم إلى سوق الحمام والدور التي كانت لبني مروان وأخبرني حميد بن هشام الحميري قال ليس لابن أبرهة خطة بفسطاط مصر وإنما خطتهم بالجيزة وإنما صارت المنازل التي لهم بالفسطاط وراثة ورثوها من الوعلية لأنهم كانوا صاهروا إلى ابن وعلة فصارت المنازل لهم بالميراث وكان بنو أبرهة أربعة كريب بن أبرهة أبو رشدين وأبو شمر بن أبرهة ومعدي كرب بن أبرهة ويكسوم بن أبرهة
حدثنا سعيد بن عفير حدثنا ابن لهيعة قال هاجر كريب بن أبرهة وأخوه أبو شمر بن أبرهة في خلافة عمر بن الخطاب
حدثنا هارون بن عبد الله الزهري حدثنا محمد بن عمر أخبرني عبد الحميد بن جعفر عن يزيد بن أبي حبيب أن عبد العزيز بن مروان سأل كريب بن أبرهة بن الصباح عن خطبة عمر بن الخطاب بالجابية أشهدتها فقال شهدتها وأنا غلام علي إزار أسمعها ولا أعيها ولكن أدلك على من سمعها وهو رجل قال من قال سفيان بن وهب الخولاني فأرسل إليه فسأله فقال أشهدت عمر بالجابية قال نعم ثم ذكر الحديث

210
حدثنا سعيد بن عفير حدثنا ميمون بن يحيى عن مخرمة بن بكير عن يعقوب بن عبد الله بن الأشج قال قدمت مصر في أيام عبد العزيز بن مروان فرأيت كريب بن أبرهة يخرج من عند عبد العزيز وأن تحت ركابه خمس مائة رجل من حمير
واختط كعب بن عدي العبادي في القيسارية فلما أراد عبد العزيز بناءها اشتراها منهم وخط لهم دراهم التي في بني وائل
والحمام الذي يعرف اليوم بحمام أبي مرة كان خطة لرجل من تنوخ هو جد ابن علقمة أو أبوه فسأله إياه عبد العزيز بن مروان فوهبه له فبناه حماما لزبان بن عبد العزيز
وزبان كان يعرف وفيه يقول الشاعر من البسيط
(من كان في نفسه للبيض منزلة
* فليأت أبيض في حمام زبان)
(لا روح فيه ولا شفر يقلبه
* لكنة صنم في خلق إنسان)
في أبيات له وكان فيه صنم من رخام على خلقة المرأة عجب من العجب حتى كسرت في السنة التي أمر يزيد بن عبد الملك فيها بكسر الأصنام وكان أمر بكسرها في سنة اثنتين ومائة وغرس له عبد العزيز نخله التي بالجيزة اليوم التي تعرف بجنان كعب عوضا من ذلك
واختط الزبير بن العوام داره التي بسوق وردان اليوم والخطة لبلي وفيها

211
السلم الذي كان الزبير نصبه وصعد عليه الحصن وفيها كان عبد الله بن الزبير ينزل إذا قدم مصر فيما ذكر بعض المشائخ وقد كان عبد الملك بن مروان اصطفاها فردها عليهم هشام بن عبد الملك ثم أخذها منهم يزيد بن الوليد فلم تزل في أيديهم حتى كانت ولاية أمير المؤمنين أبي جعفر فكلمه فيها هشام بن عروة وكانت لهشام ناحية من أبي جعفر فأمر بردها عليهم وقال ما مثل أبي عبد الله يريد الزبير يؤخذ له شيء حدثنا عثمان بن صالح حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن الزبير بن العوام اختط بالفسطاط
واختط أبو بصرة الغفاري عند دار الزبير بن العوام وأقر عمرو بن العاص القصر لم يقسمه وأوقفه ولأهل مصر عن أبي بصرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث منها حدثنا الليث بن سعد عن خالد بن يزيد عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن أبي بصرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إنا راكبون غدا إلى يهود فإذا سلموا عليكم فقولوا عليكم ومنها حديث الليث بن سعد عن خير بن نعيم عن عبد الله بن هبيرة عن أبي تميم الجيشاني عن أبي بصرة الغفاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى يوما صلاة العصر بالمخمص واديا من أوديتهم ثم انصرف فقال إن هذه الصلاة عرضت على من كان قبلكم فتوانوا عنها وتركوها فمن صلاها منكم كتب الله له أجرها ضعفين ولا صلاة بعدها حتى يطلع الشاهدحدثناه عبد الله بن صالح وحدثناه

212
إدريس بن يحيى الخولاني عن ابن عياش القتباني عن ابن هبيرة
ومنها حديث الليث أيضا عن يزيد بن أبي حبيب عن كليب بن ذهل الحضرمي عن عبيد بن جبر أنه سافر مع أبي بصرة الغفاري في رمضان فلما دفعوا من الفسطاط دعا بطعام ونحن ننظر إلى الفسطاط فقلت له نأكل ولو نريد أن ننظر إلى الفسطاط نظرنا فقال أنرغب عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فأفطرنا
ومنها حديث ابن لهيعة عن موسى بن وردان عن أبي الهيثم عن أبي بصرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الكافر يأكل في سبعة أمعاء والمؤمن يأكل في معي واحد حدثناه سعيد بن عفير
قال واختطت أسلم مما يلي دار أبي ذر ومن خططها دار الصباح والزقاق الذي فيه دار ابن بلادة الشرق منه لأسلم ولهم أيضا من قصر ابن جبر إلى الحجامين الذين بسوق بربر وتزعم بعض مشائخ أهل مصر قال ولخزاعة داران الدار التي تنسب إلى ابن نيزك كانت لرجل منهم يقال له الحارث بن فلان أو فلان بن الحارث والدار التي إلى جانبها تليها القضاة

213
واختط الليثيون الذين كانوا مع عمرو بن العاص وهم آل عروة بن شييم عند أصحاب القراطيس واختط خلفهم بسر بن أبي أرطأة
ولبني معاذ من مدلج داران إحداهما في زقاق عبد الملك بن مسلمة كانت لأشهب الفقيه والأخرى في عقبة سوق بربر في الزقاق الذي فيه دار مصعب الزهري
ولعنزة من ربيعة دور مجتمعة نحو من عشر ومسجد في أصل العقبة التي عند دار ابن الصامت
واختط بلي خلف خارجة بن حذافة ثم مضوا بخطتهم من دار عمرو بن يزيد إلى دار سلمة ودار واضح حتى حازوا دار مجاهد بن جبر إلى درب الزجاج ثم مضوا حتى شرعوا في أصحاب الزيت ثم مضوا يشرعون في قبله سوق وردان حتى بلغوا مسجد القرون ثم داخل الزقاق إلى مسجد بني عوف من بلي وهوالمسجد الذي في الزقاق ودار ابن يبولة التي بسوق وردان من بلي جزاءإلى المعاصير وكانت بلي إنما

214
يقفون عن يمين راية عمرو بن العاص لأن أم العاص بن وائل بلوية
حدثنا عبد الملك بن هشام حدثنا زياد بن عبد الله عن محمد بن إسحاق أن أم العاص بن وائل امرأة من بلي وإنما كثرت بلي بمصر كما حدثنا العباس بن طالب عن عبد الواحد بن زياد عن عاصم الأحول عن أبي عثمان النهدي قال نادى رجل من بلي وهو حي من قضاعة بالشام يآل قضاعة فبلغ ذلك عمر بن الخطاب فكتب إلى عامل الشام أن تسير ثلث قضاعة إلى مصر فنظروا فإذا بلي ثلث قضاعة فسيروا إلى مصر
قال ثم اختطت بنو بحرمما يلي بلي وهم قوم من الأزد في لخم ثم شرعوا إلى البحر ثم اختطت بعدهم الحمراء وسأذكر حديثهم في موضعه إن شاء الله
ثم شرعت طائفة من سلامان إلى البحر ثم شرعت من بعدهم طائفة من فهم وكنانة فهم ثم الحمراءأيضا إلى القنطرة
وكان أول القبائل بلي أهل الراية مما يلي بلي بن عمرو والراية قريش ومن معها وإنما سميت الراية لراية عمرو بن العاص حدثنا عبد الملك بن مسلمة حدثنا ابن لهيعة قال الراية قريش كانت معهم راية عمرو بن العاص ويقال إنما سميت الراية أن قوما من أفناءالقبائل من العرب كانوا قد شهدوا مع عمرو بن العاص الفتح ولم يكن من قومهم
عدد فيقفوا

215
مع قومهم تحت رايتهم وكرهوا أن يقفوا تحت راية غيرهم فقال لهم عمرو أنا أجعل راية لا أنسبها إلى أحد أكثر من الراية تقفون تحتها فرضوا بذلك فكان كل من لم يكن لقومه عدد وقف تحتها فقيل الراية من أجل ذلك والله أعلم
والحجر من الأزد فمسجد العثيم حتى تبلغ زقاق السمي ثم يرفا ثم زقاق شجاعة ثم ثراد ثم لقيتها هذيل وفهم ثم قطعت هذيل بينهم وبين سلامان حتى انتهت هذيل إلى سويقة عدوان وهي السويقة التي عند زقاق المكي فدار سبرة والزقاق الذي كان ينزله ابن الأغلب إلى هذه السويقة لهذيل والزقاق من كتاب إسماعيل إلى منزل بنانة لفهم ومسجد العيثم بناه الحكم بن أبي بكر بن عبد العزيز بن مروان فهو من الإصطبل وكان الإصطبل للأزد فاشتراه منهم الحكم فبناه وكان يجري على الذي يقرأ في المصحف الذي وضعوه في المسجد الذي يقال له مصحف أسماء من كراه في كل شهر ثلاثة دنانير فلما حيزت أموالهم وضمت إلى مال الله وحيز الإصطبل فيما حيز كتب بأمر المصحف إلى أمير المؤمنين أبي العباس فكتب أن أقروا مصحفهم في مسجدهم على حاله وأجروا على الذي يقرأ فيه ثلاثة دنانير من مال الله في كل شهر
وكان سبب المصحف فيما حدثنا يحيى بن بكير وغيره يزيد بعضهم

216
على بعض أن الحجاج بن يوسف كتب مصاحف وبعث بها إلى الأمصار ووجه بمصحف منها إلى مصر فغضب عبد العزيز بن مروان من ذلك وقال يبعث إلى جند أنا به بمصحف فأمر فكتب له هذا المصحف الذي في المسجد الجامع اليوم فلما فرغ منه قال من وجد فيه حرف خطأ فله رأس أحمر وثلاثون دينارا فتداوله القراء فأتى رجل من أهل الحمراء فنظر فيه ثم جاء إلى عبد العزيز فقال قد وجدت في المصحف حرف خطأ قال مصحفي قال نعم فنظروا فإذا فيه * (إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة) * فإذا هي مكتوبة نجعة قد قدمت الجيم قبل العين فأمر بالمصحف فأصلح ما كان فيه ثم أمر له بثلاثين دينارا ورأس أحمر ثم توفي عبد العزيز فاشتراه في ميراثه أبو بكر بن عبد العزيز بألف دينار ثم توفي أبو بكر فبيع في ميراثه فاشترته أسماء ابنة أبي بكر بن عبد العزيز بن مروان بسبع مائة دينار فأمكنت منه الناس وشهرته فنسب إليها ثم توفيت أسماء فاشتراه الحكم بن أبي بكر فجعله في المسجد وأجرى على الذي يقرأ فيه ثلاثة دنانير في كل شهر من كراء الإصطبل والحكم بن أبي بكر الذي بنى المسجد المعروف اليوم بقبة سوق وردان
قال ثم عدوان حتى تنتهي إلى السوق ثم لقيتهم سلامان فدار ابن أبي الكنود شارعة في سويقة عدوان وزقاق المكي خطة دارس ونفر من يرفا ثم مضت سلامان حتى شرعوا في البحر ثم إلى جنان حوي ثم اعترضتهم كنانة من فهم فلهم من زقاق ابن رفاعة حتى يشرعوا في

217
البحر ثم تلقى سلامان من تلقاء جنان حوي بنو يشكر من لخم فجنان حوي وسفح الجبل الغربي ليشكر بن جزيلة من لخم وثم خطة علي بن رباح اللخمي بالحمراء عند جنان حوي على يسارك وأنت ذاهب تريد القنطرة
خطة مهرة
قال واختطت مهرة أول ما دخلت بدار الخيل وما والاها على سفح الجبل الذي يقال له جبل يشكر مما يلي الخندق إلى شرقي العسكر إلى جنان بني مسكين اليوم وكان مسجد مهرة هنالك قبة سوداء حتى أدخله طريف الخادم في دور الخيل حين بناها وكان جنان بني مسكين اليوم خطة لرجل من مهرة يقال له الجراح فمات ولم يترك عقبا فقدم شريح بن ميمون المهري فورثه وتزوج امرأته وعقد له على البحر فلم يكن يعلم مددي نال من الشرف في زمانه ما نال إلا أن توبة بن نمر الحضرمي كان مدديا فولي القضاء حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير عن الليث قال قدمت سفن أفريقية سنة ثمان وتسعين عليهم ابن أبي بردة فغزوا هم وأهل مصر عليهم شريح بن ميمون فشتوهم والسفن الأولى

218
عمر بن هبيرة وأبو عبيدة على أهل المدينة بالبنطس وكانت منازل مهرة قبلي الراية مما يلي منازل ابن سعد بن أبي سرح حوزا حازوه وكانوا إذا أتوا الجمعة ربطوا خيولهم ثم نقلهم عمرو بن العاص بعد ذلك وضمهم إليه وعطلوا منازلهم هنالك فذهبت مهرة بخطتها حتى لقيت غافقا في السوق ولقوا الصدف ولقوا غنثا مما يلي الغرب
واختطت لخم فاختطت قبلي ثقيف مما يلي السراجين فالدار التي صارت لعياش بن عقبة لهم ودار الزلابية ومضوا بخطتهم إلى عقبة مهرة إلى زقاق أبي حكيم ومعم نفر من جذام ثم انحدروا في زقاق وردان مولى ابن أبي سرح وثم خطة أبي رقية اللخمي ومنزله هنالك قائم بحاله لم يغير يقابل المسجد الذي عند دور بني وردان ثم انحدروا إلى مسجد عبد الله فما كان عن يمينك وأنت تريد المسجد الجامع في الطريق إلى دور الوردانيين من مسجد عبد الله فهو للخم وما كان عن يسارك فلغافق ثم جازت لخم بخطتها إلى دور مطر التي بسوق بربر فإن الأزد تلقاهم بدور أبي مريم وباقي خطتها فإن ذلك لحجر وحاء ومسجد حاء المسجد الذي عند دار إسحاق بن متوكل ذو المنارة والمسجد الذي على الطريق وأنت تريد إلى محرس أبي حبيب مجلس كان لهم يجلسون فيه فإذا أقيمت الصلاة خرجوا من خوخات لهم ثلاث شوارع إلى الطريق فإذا صلوا

219
رجعوا إلى مجلسهم ثم يلقون خثيما ومازنا من الأزد مما يلي دار ابن فليج ثم يلقون تنوخا مما يلي دار البراء بن عثمان بن حنيف ثم يلقون غنثا من الأزد مما يلي دار ابن برمك التي كانت الوكلاء تنزلها فذلك الزقاق والرحبة وما شرع في مسجد عبد الله من دار ابن الهيثم الأيلي وما بينهما فلغنث من الأزد إلى منزل أشهب وإذا سلكت زقاق اشهب فما كان عن يمينك وأنت تريد الموقف فهو لغافق وما كان عن يسارك فهو للأزد حتى تنتهي إلى الموقف والموقف كان لابنة مسلمة بن مخلد فتصدقت به على المسلمين دار أبي قدامة أيضا مما كانت تصدقت به ودار إبراهيم بن صالح وهي دار بني عبد الجبار من غافق ثم مضت الأزد حتى أخذت ما شرع في السويقة قبالة دار سعيد بن عفير وزقاق الرواسين حتى تنتهي إلى دار حوي ودار عبد الرحمن بن هاشم ثم تلقى مما يلي السويقة العتقاء وهم قليل ومسجد العتقاء هنالك مشهور وللعتقاء من
دار زياد الحاجب حتى تهبط إلى بيطار بلال إلى السوق وكان زبيد بن الحارث الحجري حجر حمير كان عداده في العتقاء وكان عريفهم وكان سعيد بن الهجم يقول لعبد الرحمن بن القاسم أنت منا فيضيق لذلك يعني أن زبيد بن الحارث من حجر وأنه مولى لهم وكان عبد الرحمن بن القاسم يتولى العتقاء فإذا جئت من السويقة وأنت تريد المسجد الجامع فما كان عن يمينك فللأزد وما كان عن يسارك مما يلي

220
محرس أبي حبيب فلهم ثم تلقاهم شجاعة بسقيفة الغزل وتلقاهم فهم عند كتاب إسماعيل وتلقاهم بنو شبابة الأزد عند دار حوي فما كان على الخط الأعظم إذا انتهيت إلى درب دار حوي وتركته وأممت العسكر فهو لفهم حتى تبلغ العسكر وتلك خطة بني شبابة من فهم ولبني شبابة أيضا المسجد الذي له المنارة التي تخرجك إلى سقيفة تركي ولهم أيضا المسجد الذي في رحبة السوسي وإذا هبطت من درب حوي البحري وقعت في هذيل فما كان عن يمينك وأنت تريد الخندق فلهذيل وما كان عن يسارك فلدهنة من الأزد حتى تلقى يشكر من لخم في جبل يشكر
ثم اختطت غافق بين مهرة ولخم ثم مضوا بخطتهم حتى برزوا إلى الصحراء مما يلي الموقف ولقوا من وجه مهب الشمال لخما وغنثا ولقوا مما يلي القبلة الصدف ومهرة واختطت فاتسعت خطتها لكثرتهم وكانت غافق كما حدثنا عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب ثلث الناس مدخل عمرو بن العاص مصر ولغافق من درب السراجين إلى دور بني وردان فما كان يمينك فلغافق حتى تنتهي إلى مسجد فهم الجمرات ثم جرى إلى الصفا إلى مسجدي حذران وحذران بطن من غافق إلى مسجدأحدب والي مسجد الزمام وفي موضع مسجد الزمام دفن محمد بن أبي بكر الصديق فيما يزعمون

221
ثم ارجع إلى حمام سهل فما كان عن يسارك وأنت تريد مهرة فلغافق وثم زقاق حمد من غافق الذي قبالة حمام سهل الذي للنساء وفيه مسجدأبي موسى الغافقي ليس في الزقاق مسجد غيره ولأبي موسى صحبة برسول الله صلى الله عليه وسلم واسم أبي موسى عبد الله بن مالك ولهم عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثان حدثنا محمد بن يحيى الصدفي حدثنا ابن وهب حدثنا عمرو بن الحارث أن يحيى بن ميمون الحضرمي حدثه عن وداعة الحمدي حدثه أنه سمع أبا موسى الغافقي يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من افترى علي كذبا فليتبوأ بيتا أو مقعدا من النار) حدثنا أسد بن موسى وسعيد بن عفير قالا حدثنا ابن لهيعة عن عبد الله بن سليمان عن ثعلبة أبي الكنود عن عبد الله بن مالك أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا توضأت وأنا جنب أكلت وشربت ولا أصلي ولا أقرأ حتى أغتسل ثم جرى إلى زقاق الموزة فإذا جاوزت زقاق الموزة إلى مسجد سيبان وهو المسجد ذو القبة الذي عند دار خالد بن عبد السلام الصدفي وسيبان من مهرة فما كان عن يسارك وأنت تريد إلى سقيفة جواد فلغافق وما كان عن يمينك فللصدف إلى مسجد أحدب إلى ما فوق ذلك إلى الدرب الذي يخرجك إلى الصحراء غير أن دار ابن سابور وهي الدار التي صارت لإسماعيل بن أسباط خطة رجل من حمير وللربانيين أيضا من غافق من دار مطر ما كان عن يمينك وأنت تريد إلى مسجد عبد الله

222
وعبد الله الذي ينسب إليه المسجد هو عبد الله بن عبد الملك بن مروان وكان عبد الملك ولاه مصر بعد موت عبد العزيز بن مروان وكانت ولايته في جمادي سنة ست وثمانين ومائتين كما حدثنا يحيى بن بكير عن الليث بن سعد وكان حدثا وكان أهل مصر يسمونه مكيسا وهو أول من نقل الدواوين إلى العربية وإنما كانت بالعجمية وهو أول من نهى الناس عن لباس البرانس ثم إلى دار ابن هجالة الغافقي فإذا بلغت دار ابن هجالة فلغافق ما كان عن يمينك وعن شمالك وفي دار ابن هجالة الغافقي كان تغيب محمد بن أبي بكر حين دخل عمرو بن العاص مصر عام المسناة وكانت المسناة كما حدثنا يحيى بن بكيرعن الليث بن سعد في صفر سنة ثمان وثلاثين وكانت للغافقي أخت ضعيفة فلما أقبل معاوية بن حديج ومن معه في طلب قتلة عثمان قالت أخت الغافقي من تطلبون محمد بن أبي بكر أنا أدلكم عليه ولا تقتلوا أخي فدلتهم عليه فلما أخذ قال احفظوا في أبا بكر فقال معاوية بن حديج قتلت سبعين من قومي بعثمان وأتركك وأنت قاتله فقتله وهي الدار الملاصقة بمسجد الزنج تعمل على بابها النعال السندية وفي داخلها الأرحاء ولغافق من مسجد بادي إلى دار إبراهيم بن صالح إلى مسجد إبراهيم القراط وتلك دهنة غافق ولغافق من الخطة أكثر مما ذكرنا غير أن هذه جملها
واختطت الصدف قبلي مهرة فمضوا بخطتهم حتى برزوا بطرف منها

223
فلقوا حضرموت دون الصحراء ولقوا مما يلي القبلة بني سعد من تجيب ولقوا آل أيدعان بن سعد ولقوا بطرف منها سلهما من مراد ثم لقوا حضرموت حالوا بينهم وبين الصحراء وكانت راية الأجذوم مدخل عمرو مع حيان أو حبان بن يوسف فلما استقرت الصدف عرف عليهم عمران بن ربيعة فأقام عريفا سنين ثم عرف ابنه ولم يزل بالبلد منهم قوم لهم شرف وسخاء كان منهم ابن سليك الصدفي
واختطت حضرموت وبطن من يحصب فيهم في موضعهم اليوم في زمان عثمان بن عفان إلا عبد الله بن المتهلل ودخل مع عمرو بن العاص الفسطاط من حضرموت عبد الله بن كليب من الأشباء خطته في آل أيدعان عند دار ابن الرواغ ومالك بن عمرو بن الأجدع من الحرث وداره دار هبيرة بن أبيض والملامس بن جذيمة بن سري وخطته عند الصفا عند دار الفرج بن جعفر ونمر بن زرعة بن غر بن شاجي البسي والأعين بن نمر بن ملك بن سريع وأبو العالية مولى لهم وهو جد أبي قنان وكانوا مع أخوالهم في تجيب ثم قدمت مادتهم في أيام عثمان فاختطوا شرقي سلهم والصدف حتى أصحروا فتحول إليهم من أراد التحول ممن كان منهم

224
بتجيب واختط بمكانهم عبد الله بن كليب من الأشباء خطته في بني أيدعان عند دار ابن الرواغ وكان أخوه قيس بن كليب في حجاب عمرو بن العاص أيام معاوية وهو فتى شاب جميل فرآه معاوية مع عمرو فقال من هذا الفتى فقال عمرو أحد حجابي فقال معاوية ما يعان من حجبه مثل هذا ثم حجب بعد ذلك عبد العزيز بن مروان وفي قيس بن كليب البلوي يقول أبو المصعب البلوي في قصيدته التي هجا فيها أشراف أهل مصر من الوافر
(وظلت أنادي اللكعاء قيسا
* لتدخلني وقد حضر الغداء)
(وليس بماجد الجدات قيس
* ولكن حضرميات قماء)
(وأعرض نفحه اليربوع عني
* يزيد بعد ما رفع اللواء)
(أشار بكفه اليمنى وكانت
* شمالا لا يجوز له عطاء)
(أكلم عائدا ويصد عني
* ويمنعه السلام الكبرياء)
(وجرف قد تهدم جانباه
* كريب ذاكم البرم العياء)
(وأما القحزمي فذاك بغل
* أضر به مع الدبر الخصاء)
(وهذاك القصير من تجيب
* ولو يسطيع ما نفض الخلاء) وتروى أضر به مع الدبر الخصاء قال وكان معاوية إذا قدم عليه أحد من أهل مصر سأله تروي قصيد أبي المصعب وهذه الأبيات في قصيدة له يريد بيزيد بن شرحبيل بن حسنة وقيس قيس بن كليب

225
الحاجب وعائذ بن ثعلبة البلوي وقتل عائذ بالبرلس في سنة ثلاث وخمسين مع وردان مولى عمرو بن العاص وأبي رقية اللخمي وسأذكر حديثهم في موضعه إن شاء الله
والقحزمي عمرو بن قحزم وكريب كريب بن أبرهة والقصير من تجيب زياد بن حناطة التجيبي ثم الحلاوي وهو صاحب قصر ابن حناطة الذي بتجيب ولم يزل الملامس بن جذيمة عريف حضرموت يدعون له الأشباء والحرث حتى كان زمان معاوية بن أبي سفيان فإنه وقع بين مسلمة بن مخلد وبين الملامس كلام فاستأذن الملامس معاوية في النقلة إلى فلسطين بحضرموت فأذن له وكتب له بذلك إلى مسلمة فكره مسلمة ذلك فقال له رجل من حضرموت يقال له فلان بن مسلم أنا أمشي بينهم فأكره إليهم الخروج ففعل فلما تنجز الملامس ذلك من مسلمة قال له إن رضي قومك ثم جمعهم فذكر لهم ما قال الملامس فقال رجل منهم ما نفارق بلادنا فقال له من أنت قال أنا ابن أمية قال فمن قومك قال بنو عوف ثم تتابعوا على مثل قوله فكتبهم وعرفهم
حدثنا أبو الأسود النضر بن عبد الجبار حدثنا ابن لهيعة عن عتبة بن أبي حكيم عن ابن شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حضرموت خير من بني الحرث حدثنا أبو الأسود حدثنا ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد أن معاوية بن أبي سفيان كتب إلى مسلمة بن مخلد وهو على مصر لا تولى عملك إلا أزدي أو حضرمي فإنهم أهل الأمانة حدثنا أبو الأسود

226
النضر بن عبد الجبار حدثنا ابن لهيعة عن الحرث بن يزيد عن تبيع قال لا يدرك أحد من حضرموت الدجال
قال ثم اختطت تجيب فأخذت بنو عامر شرقي الحصن قبلي منزل عبد الله بن سعد بن أبي سرح ثم مضوا بخطتهم حتى لقوا مهرة والصدف من مهب الشمال ولقوا سلهما عما يلي الشرق ولقوا وعلان من مراد وطرفا من خولان من مهب الجنوب ثم لقوا بني عطيف وقبائل من مراد وحالت سلهم بينهم وبين الصحراء فخطة كنانة بن بشر بن سلمان الأيدعي دار هبيرة وثم مسجده ثم صارت بعد ذلك لعثمان بن يونس أبي السمح جد ابن دهقان لأمه وكان لكنانة سيف يقال له المقلد صار إلى سعيد بن عبيد فكان سعيد يقول إنما لتجيب سيفان عريض بني حديج والمقلد فقد صار المقلد إلي
قال واختطت خولان الشرق قبلي الحصن ومهب الجنوب ثم مضوا بخطتهم حتى لقوا بني وائل والفارسيين في السهل ولقوا تجيب ورعينا في الجبل ولقوا بني غطيف وبني وعلان من مراد في الشرق وتجيب من مهب الشمال فجاوزهم غطيف فتحول بينهم وبين خطتهم وكان رائم بن ثعلبة الخولاني من الحياوية يقال أنه رجل من كنانة معروف

227
النسب فيهم وفيه يقول ابن جذل الطعان من الطويل
(من مبلغ خولان عني رسالة
* يربضها ابنا فراس بن مالك)
(بأن أخانا رائم الخير فيكم
* مقيم بلا ذنب بأزل المهالك)
(إلى مالك ينمى إذا عد أصله
* كنانة أهل المكرمات الموالك)
فأجابه رجل من خولان فقال من الطويل
(من مبلغ عني فراسا رسالة
* فنحن لخولان بن عمرو بن مالك)
(إلى سبأ الأملاك أصلي ومنبتي
* يحدثني جدي به غير هالك)
قال واختطت مذحج بين خولان وتجيب واختطت وعلان مما يلي القصر ثم مضوا ينازلون خولان وتجيب هم وبنو غطيف
ثم مضت مراد بخطتها حتى لقوا قبائل نافع ورعين وفيهم بنو عبس بن زوف ثم مضوا بخطتهم حتى لقوا بني موهب من المعافر ولقوا السلف وسبأ وحالوا بينهم وبين الصحراء وقد غلط بعض الناس في بني عبس بن زوف والزقاق المنسوب إلى بني عبس فقال هم عبس قيس وليس كما قال
حدثنا أبو الأسود النضر بن عبد الجبار حدثنا ابن لهيعة عن عتبة بن

228
أبي حكيم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أكثر القبائل في الجنة مذحج
واختطت القبائل المنسوبة إلى سبإ منهم ابن ذي هجران ومعهم السلف شرقي جنب مما يلي مراد ثم مضوا بخطتهم بين المعافر وحضرموت حتى أصحروا
واختطت حمير قبلي خولان وشرقيها وشرقي بديعة من مذحج فكانت يحصب قبلي المعافر حتى قطعوا الجبل
واختطت يافع ورعين شرقي خولان ثم لقوا قبائل الكلاع ثم مضوا بين قبائل سبإ والمعافر وبين اصطبل قرة بن شريك حتى أصحروا
واختطت المعافر وفيهم الأشعريون والسكاسك شرقي الكلاع فوليهم من بعد ذلك الأكنوع وهم من الأشعريين وبنو موهب ثم السكاسك ثم المعافر وهم مختلطون ثم مضوا بخطتهم حتى أصحروا ينازلون حمير وطائفة من خولان وحمير والمعافر على الجبل موفون على قبائل مضر وليس في هذا الجبل إلا هذه القبائل غير أن جهينة قد كانت نزلت بجرف ينة وكانت المعافر قد نزلت إلى جنب عمرو بن العاص فآذاهم البعوض وكان جري النيل فشكوا ذلك إلى عمرو وسألوه أن ينقلهم فقال لا أجد قوما أحمل لي من أصحابي فنقل قريشا إلى موضعهم ونقل المعافر إلى موضعها التي هي به اليوم وقال عمرو لأصحابه اغتنموا

229
فكأني أنظر إلى المسجد وما حوله قد صار فيه الناس ورغبوا فيه وإلى موضعهم قد خرب فكان كما قال
حدثنا هانئ بن المتوكل حدثنا ضمام بن إسماعيل عن أبي قبيل عن شفي بن ماتع قال كان الناس إذا كان فزع خرجوا براياتهم وكان لكل قوم موقف فكان موقف المعافر تحت الكوم يريد بالإسكندرية وقصر فهد الذي بالمعافر ومسجد لسبأ خطه هو فهد بن كثير بن فهد وكان ولي برقة أيام أسامة بن زيد الأولى وكان قد ولي جزيرة الصناعة وهو القصر الذي عند مسجد الزينة وفي الأشعريين والسكاسك جاء الحديث حدثنا أبو جابر محمد بن عبد الملك حدثنا الركن بن عبد الله بن سعد بن مكحول عن معاذ أن النبي صلى الله عليه وسلم يوم بعثه إلى اليمن حمله على ناقة وقال يا معاذ انطلق حتى تأتي الجند فحيث بركت بك هذه الناقة فأذن وصل وابن فيه مسجدا فانطلق معاذ حتى إذا انتهى إلى الجند دارت به ناقته وأبت أن تبرك فقال هل من جند غير هذا قالوا نعم جند رخامة فلما أتاه دارت وبركت فنزل معاذ فنادى بالصلاة ثم قام فصلى فخرج إليه ابن يخامر السكسكي فقال من أنت قال أنا رسول رسول رب العالمين فقال ما تريد قال أريد أن أقاتل من خالف رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما أن قص عليه معاذ ما أوصاه به رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له

230
ابن يخامر مرحبا بمن جئت من عنده ومرحبا بك أبسط يديك فبايعه ووثب إليه ثلة من الأشعريين ووثب إليه الأملوك أملوك ردمان فقال ابن يخامر إن العرصة التي بنيت فيها المسجد لي فقال معاذ خذ ثمنها فقال لا بل هي لله والرسول فقاتل معاذ من خالف رسول الله صلى الله عليه وسلم بالثلة من الأشعريين والأملوك أملوك ردمان حتى أجابوه فكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إني قاتلت حتى أجابني أهل اليمن بثلة من الأشعريين والسكاسك والأملوك أملوك ردمان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم اغفر للسكاسك والأملوك أملوك ردمان وثلة من الأشعريين حدثنا عبد الله بن صالح حدثني الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ألا أخبركم بخير قبائل قالوا بلى قال الأملوك أملوك ردمان وفرق من الأشعريين وفرق من خولان والسكاسك والسكون
قال واختطت بنو وائل في مهب الشمال ثم مضوا بخطتهم شارعين على النيل حتى لقيت راشدة من لخم مما يلي الإصطبل وبين طائفة منهم وبين يحصب وهم في الجبل الفارسيون وهم قليل
ثم انحطت طائفة من لخم خلف بني وائل وشرعوها في النيل ثم مضوا ينازعون يحصب وهم في جبل حتى برزوا إلى أرض الحرث والزرع وكان بين القبائل فضاء من القبيل إلى القبيل فلما مدت الأمداد في زمان عثمان بن عفان وما بعد ذلك وكثر الناس وسع كل قوم لبني أبيهم حتى كثر النبيان والتأم

231
خطط الجيزة
حدثنا عثمان بن صالح حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب وابن هبيرة يزيد أحدهما على صاحبه قال فاستحبت همدان ومن والاها الجيزة فكتب عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب يعلمه بما صنع الله للمسلين وما فتح عليهم وما فعلوا في خططهم وما استحبت همدان ومن والاها من النزول بالجيزة فكتب إليه عمر يحمد الله على ما كان من ذلك ويقول له
كيف رضيت ان تفرق عنك أصحابك لم يكن ينبغي لك أن ترضى لأحد من أصحابك أن يكون بينهم وبينك بحر لا تدري ما يفجأهم فلعلك لا تقدر على غياثهم حتى ينزل بهم
ما تكره فاجمعهم إليك فإن أبوا عليك وأعجبهم موضعهم فابن عليهم من فيء المسلمين حصنا فعرض عمرو ذلك عليهم فأبوا وأعجبهم موضعهم بالجيزة ومن والهم على ذلك من رهطهم يافع وغيرها وأحبوا ما هنالك فبنى لهم عمرو بن العاص الحصن الذي بالجيزة في سنة إحدى وعشرين وفرغ من بنائه في سنة اثنتين وعشرين قال غير ابن لهيعة من مشايخ أهل مصرأن عمرو بن العاص لما سأل أهل الجيزة أن ينضموا إلى الفسطاط قالوا متقدما قدمناه في سبيل الله ما كنا لنرحل منه إلى غيره فنزلت يافع

232
الجيزة فيها مبرح بن شهاب وهمدان وذو أصبح فيهم أبو شمر بن أبرهة وطائفة من الحجر منهم علقمة بن جنادة أحد بني مالك بن الحجر وكانت منهم طائفة قد اختطوا بالفسطاط أسفل من عقبة تنوخ قد بينت ذلك في صدر كتابي
قال وقد كان دخل مع عمرو بن العاص قوم من العجم يقال لهم الحمراء والفارسيون فأما الحمراء فقوم من الروم فيهم بنو ينة وبنو الأزرق وبنو روبيل والفارسيون قوم من الفرس وفيهم زعموا قوم من الفرس الذين كانوا بصنعاء وكان حامل لوائهم ابن ينة واليه تنسب سقيفة ابن ينة التي بفسطاط مصر بالحمراء فقالت الروم والفارسيون إنهم العرب وإنا لا نأمنهم ونخاف الغدر من قبلهم قالوا فما الرأي قالوا ننزل نحن في طرف وأنتم في طرف فإن يكن منهم غدر كانوا بيننا فقال بعضهم فإن يكن منهم غدرا كانوا بين لحيي الأسد وكنا قد أخذنا بالوثقى فنزلت الروم الحمراء التي بالقنطرة ونزلت الفرس بناحية بني وائل فمسجد الفارسيين هنالك مشهور معروف
حدثنا عبد الملك بن مسلمة حدثنا ابن لهيعة عن شيخ من موالي فهم عن علي بن رباح قال قدم عمرو بن العاص بالحمراء والفارسيين من الشام قال ابن لهيعة سماهم الحمراء لأنهم من العجم

233
ذكر أخائذ الإسكندرية
قال وأما الإسكندرية فلم يكن بها خطط غير أن أبا الأسود النضر بن عبد الجبار حدثنا عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن الزبير بن العوام اختط بالإسكندرية وإنما كانت أخائذ من أخذ منزلا نزل فيه هو وبنو أبيه وأن عمرو بن العاص لما فتح الإسكندرية أقبل هو وعبادة بن الصامت حتى علوا الكوم الذي فيه مسجد عمرو بن العاص فقال معاوية بن حديج ننزل فنزل عمرو بن العاص القصر الذي صار لعبد الله بن سعد بن أبي سرح ويقال أن عمرا وهبه له لما ولي البلد ونزل أبو ذر الغفاري منزلا كان غربي المصلى الذي عند مسجد عمرو مما يلي البحر وقد انهدم ونزل معاوية بن حديج موضع داره التي فوق هذا التل وضرب عبادة بن الصامت بناء فلم يزل فيه حتى خرج من الإسكندرية ويقال إن أبا الدرداء كان معه والله أعلم
حدثنا عثمان بن صالح حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب وابن هبيرة في حديثهما قال فلما استقامت لهم البلاد قطع عمرو بن العاص من أصحابه لرباط الإسكندرية ربع الناس وربع في السواحل والنصف مقيمون معه وكان يصير بالإسكندرية خاصة الربع في الصيف بقدر ستة أشهر ويعقب بعدهم شاتية ستة أشهر وكان لكل عريف قصر ينزل فيه

234
بمن معه من أصحابه واتخذوا فيه أخائذ
حدثنا عبد الملك بن مسلمة حدثنا ابن لهيعة حدثنا يزيد بن أبي حبيب أن المسلمين لما سكنوها في رباطهم ثم قفلوا ثم غزوا ابتدروا فكان الرجل يأتي المنزل الذي كان فيه صاحبه قبل ذلك فيبتدره فيسكنه فلما غزوا قال عمرو إني أخاف أن تخربوا المنازل إذا كنتم تتعاورونها فلما كان عند الكريون قال لهم سيروا على بركة الله فمن ركزمنكم رمحه في دار فهي له ولبني أبيه فكان الرجل يدخل الدار فيركز رمحه في منزل منها ثم يأتي الآخر فيركز رمحه في بعض بيوت الدار فكانت الدار تكون لقبيلتين ثلاث وكانوا يسكنونها حتى إذا قفلوا سكنها الروم وعليهم مرمتها فكان يزيد بن أبي حبيب يقول لا يحل من كرائها شيء ولا بيعها ولا يورث منها شيء إنما كانت لهم يسكنونها في رباطهم
الزيادة في المسجد الجامع
ثم إن مسلمة بن مخلد الأنصاري زاد في المسجد الجامع بعد بنيان عمرو له ومسلمة الذي كان أخذ أهل مصر ببنيان المنار للمساجد كان أخذه إياهم بذلك في سنة ثلاث وخمسين فبنيت المنار وكتب عليها اسمه

235
حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير قال أخذ مسلمة بن مخلد الناس ببناء منار المساجد ووضع ذلك عن خولان لأنه كان صاهر إليهم وأسقط ذلك عنهم ثم هدم عبد العزيز بن مروان المسجد في سنة سبع وسبعين وبناه
ثم كتب الوليد بن عبد الملك في خلافته إلى قرة بن شريك العبسي وهو يومئذ واليه على أهل مصر وكانت ولاية قرة بن شريك مصر في سنة تسعين قدمها يوم الاثنين لثلاث عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول وعزل عبد الله بن عبد الملك وفي ذلك يقول الشاعر من الرمل
(عجبا ما عجبت حين أتانا
* أن قد أمرت قرة بن شريك)
(وعزلت الفتى المبارك عنا
* ثم فيلت فيه رأي أبيك) فهدمه كله وبناه هذا البناء وزوقه وذهب رؤوس العمد التي في مجالس قيس وليس في المسجد عمود مذهب الرأس إلا في مجالس قيس وحول المنبر حين هدم المسجد إلى قيسارية العسل فكان الناس يصلون فيها صلوات ويجمعون فيها الجمع حتى فرغ من بنيانه والقبلة في القيسارية إلى اليوم وكانت القبة التي في وسط الجزيرة بين الجسرين في المسجد الجامع ثم زاد موسى بن عيسى الهاشمي بعد ذلك في مؤخره في سنة خمس وسبعين ومائة ثم زاد عبد الله بن طاهر في عرضه
بكتاب المأمون بالإذن له في ذلك في سنة ثلاث عشرة ومائتين وأدخل فيه دار الرمل كلها إلا ما بقي منها من دار الضرب ودخلت فيه دار ابن رمانة وغيرها من بعض الخطط التي ذكرناها

236
فكان عمال الوليد بن عبد الملك كما حدثنا سعيد بن عفير كتبوا إليه أن بيوت الأموال قد ضاقت من مال الخمس فكتب إليهم أن ابنوا المساجد فأول مسجد بني بفسطاط مصر المسجد الذي في أصل حصن الروم عند باب الريحان قبالة الموضع الذي يعرف بالقالوس يعرف بمسجد القلعة
حدثنا حميد بن هشام الحميري قال كل مسجد بفسطاط مصر فيه عمد رخام فليس بخطي
وأول كنيسة بنيت بفسطاط مصر كما حدثنا عبد الملك بن مسلمة عن ابن لهيعة عن بعض شيوخ أهل مصر الكنيسة التي خلف القنطرة أيام مسلمة بن مخلد فأنكر ذلك الجند على مسلمة وقالوا له أتقر لهم أن يبنوا الكنائس حتى كاد أن يقع بينهم وبينه شر فاحتج عليهم مسلمة يومئذ فقال إنها ليست في قيروانكم وإنما هي خارجة في أرضهم فسكتوا عند ذلك فهذه خطط أهل مصر
ذكر القطائع
قال وقد كان المسلمون حين اختطوا قد تركوا بينهم وبين البحر والحصن فضاء لتعريق دوابهم وتأديبها فلم يزل الأمر على ذلك حتى ولي معاوية بن أبي سفيان فاشترى خطة مسلمة بن مخلد منه وأقطعه داره

237
التي بسوق وردان ثم اشترى خطة عقبة بن عامر وأقطعه داره التي في الفضاء عند أصحاب التبن وهي اليوم في يدي فرج ثم اشترى دار أبي رافع التي صارت للسائب مولاه وأقطع السائب الدار التي عند حيز الوز ثم ابتنى عبد العزيز دار الأضياف كانت لأضياف عبد العزيز وأقطع معاوية أيضا سارية مولى عمر بن الخطاب في الزقاق الذي يعرف بحيز الوز فباعه ولده مقطعا وأقطع عبد العزيز خالد بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام دار مخرمة التي في الفضاء وكانت له دار موسى بن عيسى النوشري التي بالموقف قال وكان خالد وعمر ابنا عبد الرحمن بن الحارث بن هشام مع عبد الله بن الزبير وكان أبو بكر بن عبد الرحمن أخا لعبد الملك بن مروان وتربا له فلما ظهر عبد الملك بن مروان قال لا سبيل إلى ما يكره عمر وخالدمع أبي بكر ولكن لله علي أن لا يسكنان الحجاز فكتب إلى الحجاج أن خيرهما في أي الأمصار ساآ فليلحقا بها فلحق خالد بعبد العزيز بن مروان فأقطعه دار مخرمة في الفضاء وكانت له دار موسى بن عيسى التي بالموقف وأما عمرفلحق ببشر بن مروان بالعراق فله بواسط آثار كثيرة وأقطع عمارة بن الوليد بن عقبة بن أبي معيط الدور التي تلي أصحاب التبن قبليا وكان أبو معيط يسمى أبانا حدثني بذلك محمد بن إدريس الرازي وله يقول ضرار بن الخطاب من الخفيف

238
(عين فابكي لعقبة بن أبان
* فرع فهر وفارس الفرسان وله يقول بعض الشعراء
(من سره شحم ولحم راكد
* فليأت جفنة عقبة بن أبان)
قال وكان عبد الأعلى بن أبي عمرة وهو مولى لبني شيبان على أخت موسى بن نصير وكانت له من عبد العزيز منزلة فخط له داره ذات الحمام الذي يقال له حمام التبن فلما قدم عبد الأعلى بن أبي عمرة من عند أليون صاحب الروم قال لعبد العزيز قد أبليت المسلمين في تأجيههم إياي نصحا وبلاء حسنا فمر لي بأربع سواري من خرب الإسكندرية فأمر له بها فهي على حوض حمامه الأعظم وكان عبد العزيز يرسله بالبز إلى ابن عمر
حدثنا أبو الأسود حدثنا ابن لهيعة عن عبيد الله بن المغيرة عن عبد الأعلى بن أبي عمرة أن عبد العزيز بن مروان أرسل معه بألف دينار إلى ابن عمر فقبلها قال وأقطع عبد الملك بن مروان عمر بن علي الفهري ثم أحد بني محارب داره ذات الحمام التي اشتراها موسى بن عيسى إلى جنب أصحاب القرط وذلك أن عبد الملك بن مروان لما قتل عمرو بن سعيد كان عمر بن علي ممن أبلى معه وكان في أصحابه فدخل عليه في خاصته وعمرو بن سعيد مقتول فاستشارهم في قتله فكلهم هاب قتله ولم يره فقال عمر بن علي اقتله قتله الله فلا يزال في خلاف ما

239
عاش قال عبد الملك ها هوذا قال فألق رأسه إلى الناس وأنهبهم بيت المال يفترقون عنك ففعل فافترق الناس وأرسله عبد الملك إلى منزل عمرو يفتشه فوجد فيه كتبا فيها أسماء من بايعه فأحرقها وبلغ ذلك عبد الملك فقال له ما حملك على ما فعلت قال لو قرأتها لما صح لك قلب شأمي ولا استقامت طاعته إذا علم أنك قد علمت بخلافه إياك فصوب رأيه وحمده وأقطعه داره ذات الحمام التي اشتراها موسى بن عيسى إلى جنب أصحاب القرط قال عبد الملك بن مسلمة هي قطيعة من عبد العزيز للفهري ولم يسمه باسمه إلا أن ابن عفير سماه وقال عبد الملك بن مسلمة أقطعها عبد العزيز الفهري مولى ابن رمانة حين قدم عليه وبناها له يزيد بن رمانة وهي الدار التي تعرف اليوم بدار السلسلة وآل أبي عبد الرحمن يزيد بن أنيس الفهري ينكرون ذلك وهم بذلك أعلم ويقولون أنها خطة لأبي عبد الرحمن الفهري اختطها عام فتح مصر ولم يكن بنى منها شيئا غير سورها ثم خرج إلى الشام فاستشهد بها ثم قدم ابناه العلاء وعلي وكان العلاء أسنهما وقد كان رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقدما إلى مصر فجعلا ذلك البناء مثل المربد العظيم ولم يجعلا فيها إلا منزلا واحدا وأسكنا فيه مولى لهما يقال له يحنس ثم خرج العلاء إلى المدينة فقتل عام الحرة وخلف الحارث بن العلاء وخرج علي إلى الشام فتوفي بها وخلف عمر بن علي فصار بمنزلة عند عبد الملك فبعث إلى ابن رمانة وأرسل إليه بمال وسأله أن يبني له دار جده بأحكم ما يقدر عليه ويجعل له فيها حماما ويجعل له خوخة في داره إذا أراد أن يدخله دخله

240
وقال إن ذلك ذكر لك ولشيخك فحرك ذلك ابن رمانة فبناها وجعل سورها أكثر من ذراعين بذراع البناء وجعلها تدور بعمد رخام وجعل قاعدتها مستديرة ولم يجعل فوقها بناء ثم قدم عمر بن علي مصر وقد فرغ منها ابن رمانة فقال له عمر لقد أتقنت غير أنك لم تجعل لها مسجدا فبنى المسجد الذي يعرف اليوم بمسجد القرون بناه مثل الدكان الكبير ونحاه عن الدار وجعل بينه وبين الدار فرجة وكان يجلس فيه ثم بناه بعده أبو عون عبد الملك بن يزيد ثم زاد فيه المطلب بن عبد الله الخزاعي ثم احترق فبناه السري بن الحكم هذا البناء ثم مات عمر بن علي فورث الحارث بن العلاء وهو ابن أخيه كلما ترك وحبس الدار على الأقعد فالأقعد بالحارث بن العلاء من الرجال دون النساء أبدا ما تناسلوا وتقديم كل طبقة على من هو أسفل منها فإذا انقرض الرجال فهي على النساء كل من رجعت بنسبها إليه من الصلب فإذا انقرض النساء فهي وحمامها وكومها المعروف بأبي قشاش يقسم ذلك أثلاثا فثلث في سبيل الله وثلث في الفقراء والمساكين وثلث على مواليه وموالي ولده وأولادهم أبدا ما تناسلوا بعد مرمتها ورزق قيم إن كان لها فإذا انقرض الموالي قلم يبق منهم أحد فعلى الفقراء والمساكين بفسطاط مصر ومدينة الرسول صلى الله عليه وسلم على ما يرى من وليها من عمارتها
واسم أبي عبد الرحمن يزيد بن أنيس بن عبد الله بن عمرو بن حبيب بن عمرو بن شيبان بن محارب بن فهر وعمرو بن حبيب هو آكل

241
السقب وأمه السوداء ابنة زهرة بن كلاب وهو الذي يقول فيه الشاعر من الطويل
(بنو آكل السقب الذين كأنهم
* نجوم بآفاق السماء تنور)
وكان عند دار السلسلة فلا أدري أهي هذه الدار أم غيرها حوض من رخام وكان يملأ في الأعياد طلاء وتجعل عليه الآنية ويشرب الناس فلم يزل الأمر على ذلك حتى ولي عمر بن عبد العزيز فقطعه وبالفسطاط غير دار بقال لها دار السلسلة سوى دار الفهري منها دار السهمي التي في الحذائين والدار التي كان فيها أصبغ الفقيه في زقاق القناديل
قال وبنى عبد العزيز بن مروان القيساريات قيسارية العسل وقيسارية الحبال وقيسارية الكباش وهي في خطة قوم من بلي يقال لهم الوحاوحة والقيسارية التي يباع فيها البز وهي التي تعرف بقيسارية عبد العزيز وأدخل فيها من خطط الراية وكان فيها منزل كعب بن عدي العبادي فعوضه منها داره التي في بني وائل قال وبنى هشام بن عبد الملك قيساريته التي تعرف بقيسارية هشام يباع فيها البز الفسطاطي في الفضاء بين القصر وبين البحر وبقيت بعد ذلك من الفضاء بقية بين بني وائل والبحر فأقطعها بنو العباس الناس
قال وأقطع عمرو بن العاص حين ولي وردان مولاه الأرض التي خلف القنطرة التي غربيها أبو حميد إلى كنيسة الروم التي هناك وما كان عن يمينك من رأس الجسر القديم إلى حمام

142
الكبش وهو الحمام الذي يعرف اليوم بحمام السوق والآخر إلى ساحل مريس فكل ذلك كان للوليد بن عبد الملك وكان للوليد أيضا ما كان على يسارك من الجزيرة وأنت خارج إلى الجيزة والحوانيت اللاصقة بجزيرة الصناعة
وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد أقطع ابن سندر منية الأصبغ فحاز لنفسه منها ألف فدان كما حدثنا يحيى بن خالد عن الليث بن سعد ولم يبلغنا أن عمر بن الخطاب أقطع أحدا من الناس شيئا من أرض مصر إلا ابن سندر فإنه أقطعه أرض منية الأصبغ فلم تزل له حتى مات فاشتراها الأصبغ بن عبد العزيز من ورثته فليس بمصر قطيعة أقدم منها ولا أفضل وكان سبب إقطاع عمر ما أقطعه من ذلك كما حدثنا عبد الملك بن مسلمة عن ابن لهيعة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أنه كان لزنباع الجذامي غلام يقال له سندر فوجده يقبل جارية له فجبه وجدع أذنيه وأنفه فأتى سندر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسل إلى زنباع فقال لا تحملوهم ما لا تطيقون وأطعموهم مما تأكلون واكسوهم مما تلبسون فإن رضيتم فأمسكوا وإن كرهتموهم فبيعوا ولا تعذبوا خلق الله ومن مثل به أو أحرق بالنار فهو حر وهو مولى الله ورسوله فأعتق سندر فقال أوص بي يا رسول الله قال أوصي بك كل مسلم قلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى سندر إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه فقال

243
آحفظ في وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم فعاله أبو بكر حتى توفى ثم أتى عمر فقال له احفظ في وصية النبي صلى الله عليه وسلم فقال نعم إن رضيت أن تقيم عندي أجريت عليك ما كان يجري عليك أبو بكر وإلا فانظر أي المواضع أكتب لك فقال سندر مصر فإنها أرض ريف فكتب له إلى عمرو بن العاص احفظ فيه وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما قدم على عمرو قطع له أرضا واسعة ودارا فجعل سندر يعيش فيها فلما مات قبضت في مال الله
قال عمرو بن شعيب ثم أقطعها عبد العزيز بن مروان الأصبغ بعد فهي من خير أموالهم وروى ابن وهب عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن ربيعة بن لقيط التجيبي عن عبد الله بن سندر عن أبيه أنه كان عبدا لزنباع بن سلامة الجذامي فعتب عليه فخصاه وجدعه فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره فأغلظ لزنباع القول وأعتقه منه فقال أوص بي يا رسول الله قال أوصي بك كل مسلم قال يزيد وكان سندر كافرا
حدثنا عبد الله بن صالح حدثنا الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب أن غلاما لزنباع الجذامي اتهمه فأمر بإخصائه وجدع أنفه وأذنيه فأتى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعتقه وقال أيما مملوك مثل به فهو حر وهو مولى الله ورسوله فكان بالمدينة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفق به فلما اشتد

244
مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له ابن سندر يا رسول الله إنا كما ترى فمن لنا بعدك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصي بك كل مؤمن
فلما ولي أبو بكر رضي الله عنه فأقر عليه نفقته حتى مات فلما ولي عمر بن الخطاب أتاه ابن سندر فقال احفظ في وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له انظر أي أجناد المسلمين شئت فالحق به امر لك بما يصلحك فقال ابن سندر ألحق بمصر فكتب له إلى عمرو بن العاص يأمره أن يأمر له بأرض تسعه فلم يزل فيما يسعه بمصر
ويقال سندر وابن سندر والله أعلم بالصواب
ولأهل مصر عنه حديثان مرفوعان هذا أحدهما والآخر حدثنا يحيى بن بكير وعبد الملك بن مسلمة قالا حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن ابن سندر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أسلم سالمها الله وغفار غفر الله لها وتجيب أجابت الله ورسوله قال ابن بكير في حديثه فقلت يآبا الأسود أنت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر تجيب قال نعم قلت وأحدث الناس عنك بذلك قال نعم

245
خروج عمر إلى الريف
حدثنا عبد الله بن صالح عن عبد الرحمن بن شريح عن أبي قبيل قال كان الناس يجتمعون بالفسطاط إذا قفلوا فإذا حضر مرافق الريف خطب عمرو بن العاص الناس فقال قد حضر مرافق ريفكم فانصرفوا فإذا حمض اللبن واشتد العود وكثر الذباب فحي على فسطاطكم ولا أعلمن ما جاء أحدكم قد أسمن نفسه وأهزل جواده
حدثنا أحمد بن عمرو حدثنا ابن وهب عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب قال كان عمرو يقول للناس إذا قفلوا من غزوهم إنه قد حضر الربيع فن أحب منكم أن يخرج بفرسه يربعه فليفعل ولا أعلمن ما جاء رجل قد أسمن نفسه وأهزل فرسه فإذا حمض اللبن وكثر الذباب ولوى العود فارجعوا إلى قيروانكم
حدثنا عبد الملك بن مسلمة حدثنا الليث بن سعد أن عمرو بن العاص كان يقول للناس إذا قفلوا اخرجوا إلى أريافكم فإذا غنى الذباب

247
وحمض اللبن ولوى العود فحي على فسطاطكم
خطبة عمرو بن العاص
حدثنا سعيد بن ميسرة عن إسحاق بن الفرات عن ابن لهيعة عن الأسود بن ملك الحميري عن بحير بن ذاخر المعافري قال رحت أنا ووالدي إلى صلاة الجمعة تهجيرا وذلك آخر الشتاء أظنه بعد حميم النصارى بأيام يسيرة فأطلنا الركوع إذ أقبل رجال بأيديهم السياط يزجرون الناس فذعرت فقلت يا أبت من هؤلاء قال يا بني هؤلاء الشرط فأقام المؤذنون للصلاة فقام عمرو بن العاص على المنبر فرأيت رجلا ربعة قصد القامة وافر الهامة أدعج أبلج عليه ثياب موشية كأن به العقيان تأتلق عليه حلة وعمامة وجبة فحمد الله وأثنى عليه حمدا موجزا وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم ووعظ الناس وأمرهم ونهاهم فسمعته يحض على الزكاة وصلة الأرحام ويأمر بالاقتصاد وينهى عن الفضول وكثرة العيال وقال في ذلك
يا معشر الناس إياي وخلالا أربعا فإنها تدعو إلى النصب بعد الراحة وإلى الضيق بعد السعة وإلى المذلة بعد العزة إياي وكثرة العيال وإخفاض الحال وتضييع المال والقيل بعد القال في غير درك ولا نوال ثم إنه لا بد من فراغ يؤول إليه المرء في توديع جسمه والتدبير لشأنه وتخليته بين نفسه وبين شهواتها ومن صار إلى ذلك فليأخذ

248
بالقصد والنصيب الأقل ولا يضيع المرء في فراغه نصيب العلم من نفسه فيحور من الخير عاطلا وعن حلال الله وحرامه غافلا
يا معشر الناس إنه قد تدلت الجوزاء وذكت الشعرى وأقلعت السماء وارتفع الوباء وقل الندى وطاب المرعى ووضعت الحوامل ودرجت السخائل وعلى الراعي بحسن رعيته حسن النظر فحي لكم على بركة الله إلى ريفكم فنالوا من خيره ولبنه وخرافه وصيده وأربعوا خيلكم وأسمنوها وصونوها وأكرموها فإنها جنتكم من عدوكم وبها مغانمكم وأثقالكم واستوصوا بمن جاورتموه من القبط خيرا وإياي والمشمومات والمعسولات فإنهن يفسدن الدين ويقصرن الهممم حدثني عمر أمير المؤمنين انه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله سيفتح عليكم بعدي مصر فاستوصوا بقبطها خيرا فإن لكم منهم صهرا وذمة فعفوا أيديكم وفروجكم وغضوا أبصاركم ولا أعلمن ما أتى رجل قد أسمن جسمه وأهزل فرسه واعملوا أني معترض الخيل كاعتراض الرجال فمن أهزل فرسه من غير علة حططته من فريضته قدر ذلك واعلموا أنكم في رباط إلى يوم القيامة لكثرة الأعداء حوالكم وتشوق قلوبهم إليكم وإلى

249
داركم معدن الزرع والمال والخير الواسع والبركة النامية
وحدثني عمر أمير المؤمنين أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا فتح الله عليكم مصر فاتخذوا فيها جندا كثيفا فذلك الجند خير أجناد الأرض فقال له أبو بكر ولم يا رسول الله قال لأنهم وأزواجهم في رباط إلى يوم القيامة
فاحمدوا الله معشر الناس على ما أولاكم فتمتعوا في ريفكم ما طاب لكم فإذا يبس العود وسخن العمود وكثر الذباب وحمض اللبن وصوح البقل وانقطع الورد من الشجر فحي على فسطاطكم على بركة الله ولا يقدمن أحد منكم ذو عيال على عياله إلا ومعه تحفة لعياله على ما أطاق من سعته أو عسرته أقول قولي هذا وأستحفظ الله عليكم
قال فحفظت ذلك عنه فقال والدي بعد انصرافنا إلى المنزل لما حكيت له خطبته إنه يا بني يحدو الناس إذا انصرفوا إليه على الرباط كما حداهم على الريف والدعة
ذكر مرتبع الجند
قال وكان إذا جاء وقت الربيع واللبن كتب لكل قوم بربيعهم ولبنهم

250
إلى حيث أحبوا وكانت القرى التي يأخذ فيها عظمهم منوف ودسبندس وأهناس وطحا وكان أهل الراية متفرقين فكان آل عمرو بن العاص وآل عبد الله بن سعد يأخذون في منف ووسيم
وكانت هذيل تأخذ في بنا وبوصير وكانت عدوان تأخذ في بوصير

251
وقرى عك التي يأخذ فيها عظمهم بوصير ومنوف ودسبندس وأتريب وكانت بلي تأخذ في منف وطرابية وكانت فهم تأخذ في أتريب وعين شمس ومنوف وكانت مهرة تأخذ في تتا وتمي وكانت الصدف تأخذ في الفيوم وكانت تجيب تأخذ في تمي وبسطة ووسيم وكانت لخم تأخذ في الفيوم وطرابية وقربيط وكانت جذام تأخذ في

252
طرابية وقربيط وكانت حضرموت تأخذ في ببا وعين شمس وأتريب وكانت مراد تأخذ في منف والفيوم ومعهم عبس بن زوف وكانت حمير تأخذ في بوصير وقرى أهناس وكانت خولان تأخذ في قرى أهناس والبهنسى والقيس وآل وعلة يأخذون في سفط من بوصير وآل أبرهة يأخذون في منف وغفار وأسلم يأخذون مع وائل من جذام وسعد في بسطة وقربيط وطرابية وآل يسار بن ضنة في أتريب وكانت المعافر تأخذ في أتريب وسخا ومنوف وكانت طائفة من تجيب ومراد يأخذون باليدقون
وكان بعض هذه القبائل ربما جاوز بعضا في الربيع ولا يوقع من معرفة ذلك على أحد إلا أن عظم القبائل كانوا يأخذون حيث وصفنا

253
وكان يكتب لهم بالربيع فيربعون وباللبن ما أقاموا وكان لغفار وليث أيضا مرتبع بأتريب
قال وأقامت مدلج بخربتا فاتخذوها منزلا وكان معهم نفر من حمير من ذبحان وغيرهم حالفوهم فيها فهي منازلهم ورجعت خشين وطائفة من لخم وجذام فنزلوا أكناف صان وإبليل وطرابية ولم يحفظوا ولم تكن قيس بالحوف الشرقي قديما وإنما الذي أنزلهم به ابن الحبحاب وذلك أنه وفد إلى هشام بن عبد الملك فأمر له بفريضة خمسة آلاف رجل أو ثلاثة آلاف رجل شك عبد الرحمن فجعل ابن الحبحاب الفريضة في قيس وقدم بهم فأنزلهم بمصر الحوف الشرقي
ذكر خيل مصر
قال فلما نزل الناس واطمأنت بهم منازلهم كانوا يخرجون فيؤدبون خيلهم في المضمار حدثنا أحمد بن عمرو حدثنا ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن يزيد بن أبي حبيب عن عبد الرحمن بن شماسة المهري عن معاوية بن حديج أنه مر على رجل بالمضمار معه فرس ممسك برسنه على كثيب فأرسل غلامه لينظر من الرجل فإذا هو بأبي ذر فأقبل ابن حديج إليه فقال له يابا ذر إني أرى هذا الفرس قد عناك وما أرى عنده

254
شيئا فقال أبو ذر هذا فرس قد استجيب له قال ابن حديج وما دعوة بهيمة من البهائم فقال أبو ذر إنه ليس من فرس إلا أنه يدعو الله كل سحرية اللهم أنت خولتني عبدا من عبيدك وجعلت رزقي بيده اللهم اجعلني أحب إليه من ولده وأهله وماله
حدثنا أبي عبد الله بن عبد الحكم وشعيب بن الليث قالا حدثنا الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن ابن شماسة أن معاوية بن حديج حدثه أنه مر على أبي ذر وهو قائم عند فرس له فسأله ما تعالج من فرسك فقال إني أظن هذا الفرس قد استجيبت دعوته ثم ذكر مثل حديث ابن وهب
حدثنا سعيد بن عفير حدثنا ابن لهيعة عن قيس بن الحجاج قال مر بنا عبد الرحمن بن معاوية بن حديج ونحن جلوس مع حنش بن عبد الله نحو صفا مهرة فغفل عن السلام فناداه حنش يا بن معاوية تمر ولا تسلم والله لقد رأيتني أشفع لك عند أبيك أن يجعل لسرجك ركابا تضع فيه رجلك
قال وكان ولد معاوية بن حديج ليست لسروجهم ركب إنما يثبون على الخيل وثبا
قال وكانت أصول خيل مصر من خيل سمى ابن عفير بعضها منها أشقر صدف وكان لأبي ناعمة مالك بن ناعمة الصدفي وبه سميت خوخة الأشقر التي بفسطاط مصر وكان السبب في ذلك أن الأشقر نفق

255
فكره صاحبه أن يطرحه في الأكوام كما تطرح جيف الدواب فحفر له ودفنه هنالك فنسب الموضع إليه
حدثنا أبي عبد الله بن عبد الحكم قال لما افتتح المسلمون القصر كان رجل من الروم يقبل من ناحية القصير على برذون له أشهب والمسلمون في صلاة الصبح فيقتل ويطعن فتطلبه خيل المسلمين فلا تقدر عليه وكان صاحب الأشقر غائبا فلما قدم أخبر بذلك فكمن له في موضع وأقبل العلج ففعل كما كان يفعل فطلبه صاحب الأشقر فأدركه قال فاشتغلت بقتل العلج وشد الأشقر على الهجين فقتله
ومنها ذو الريش فرس العوام بن حبيب اليحصبي والخطار فرس لبيد بن عقبة السومي والذعلوق فرس حمير بن وائل السومي وعجلى فرس كانت لعك ولها يقول الشاعر من الهزج
(سبق الأقوام عجلى
* سبقتهم وهي حبلى)
حدثنا عبد الواحد بن إسحاق حدثنا مروان بن معاوية عن أبي حيان التيمي عن أبي زرعة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمى الأنثى من الخيل فرسا قال وعجلى التي قال عبد الرحمن بن معاوية بن حديج لنمر بن أيفع العكي ما فعلت عجلى على وجه الاستهزاء به فقال أما إن لها في أمك سهمين قال وكان للخم أيضا فرس يقال له أبلق لخم وكان الجون لعقبة بن كليب الحضرمي
وكان عبد العزيز بن مروان قد طلب الخطار من لبيد بن عقبة فامتنع عليه فأغزاه إفريقية فمات بها فلما كان موسى بن نصير أهدى إلى

256
عبد العزيز بن مروان خيلا فيها الخطار قال وقد طالت معرفته وذنبه فلما صارت إليهم الخيل لم يجدوا من يعرف الخطار فقالوا ابنة لبيد فبعث به عبد العزيز إليها فقالت لمن أتاها إني امرأة فآخرجوا عني حتى أنظر إليه ففعلوا فخرجت فنظرت إليه فعرفته فقالت والله لا يركبك أحد بعد أبي سويا ثم قطعت أذني الفرس وهلبت ذنبه ثم قالت هو هذا خذوه لا بارك الله لكم فيه فصار لعبد العزيز بن مروان فاتخذه للفحلة فكان منه الذائد ثم كان من الذائد الفرقد فهو أبو الخيل الفرقدية ولم يعرق الفرقد في شيء من خيل مصر إلا جاء سابقا
وكان أهل مصر لما بلغ مروان بن الحكم القاصرة وجهوا إليه عقبة بن شريح بن كليب المعافري ومطير بن يزيد التجيبي طليعة لهم ومطير يومئذ على الخطار فرس لبيد بن عقبة السومي فدخلا في عسكر مروان وجولا فيه ثم إن شيخا من أهل العسكر نذر بهما واستنكر هيئتهما فقال والله إني لأنكر سحنة هذين الفرسين وما أرى على
صاحبيهما شحوب السفر فكرا راجعين إلى الفسطاط فمرا بناقة صرصرانية في ناحية العسكر لبشر بن مروان فطرداها فلما لحقتهما الخيل قال مطير لعقبة اطرد الناقة وأنا أكفيك وكر مطير فقاتلهم حتى ولوا عنه ثم لحق صاحبه ثم لحقته الخيل أيضا ففعل مثل ذلك حتى وصلا إلى الفسطاط فسألوهما عن الخبر فقالا حتى تنحروا الناقة وتأكلوا لحمها وهي أول غنيمة فنحرت الناقة وأكل لحمها ثم أخبراهم الخبر وأنهم أقوى من الرجل

257
ثم كتب عمر بن الخطاب كما حدثنا شعيب بن الليث وعبد الله بن صالح ويحيى بن عبد الله بن بكير وعبد الملك بن مسلمة عن الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب إلى عمرو بن العاص انظر من قبلك ممن بايع تحت الشجرة فأتم لهم العطاء مائتين وأتمها لنفسك لإمرتك وأتمها لخارجة بن حذافة لشجاعته ولعثمان بن أبي العاص لضيافته
ذكر مقاسمة عمر بن الخطاب العمال
قال ثم بعث عمر بن الخطاب محمد بن مسلمة كما حدثنا معاوية بن صالح عن محمد بن سماعة الرملي قال حدثني عبد الله بن عبد العزيز شيخ ثقة إلى عمرو بن العاص وكتب إليه
أما بعد فإنكم معشر العمال قعدتم على عيون الأموال فجبيتم الحرام وأكلتم الحرام وأورثتم الحرام وقد بعثت إليك محمد بن مسلمة الأنصاري ليقاسمك مالك فأحضره مالك والسلام
فلما قدم محمد بن مسلمة مصر أهدى له عمرو بن العاص هدية فردها عليه فغضب عمرو وقال يا محمد لم رددت إلى هديتي وقد أهديت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مقدمي من غزوة ذات السلاسل فقبل فقال له محمد إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقبل بالوحي ما شاء ويمتنع مما شاء ولو كانت هدية الأخ إلى أخيه قبلتها ولكنها هدية إمام شر خلفها فقال عمرو قبح الله يوما صرت فيه لعمر بن الخطاب واليا فلقد رأيت العاص بن وائل يلبس الديباج المزرر بالذهب وإن الخطاب بن نفيل ليحمل الحطب على حمار

258
بمكة فقال له محمد بن مسلمة أبوك وأبوه في النار وعمر خير منك ولولا اليوم الذي أصبحت تذم لألفيت معتقلا عنزا يسرك غزرها ويسوءك بكؤها فقال عمرو هي فلتة المغضب وهي عندك بأمانة ثم أحضره ماله فقاسمه إياه ثم رجع
قال وكان سبب مقاسمة عمر بن الخطاب العمال كما حدثنا أبو الأسود النضر بن عبد الجبار وعبد الملك بن مسلمة عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن خالد بن الصعق قال شعرا كتب به إلى عمر بن الخطاب من الطويل
(أبلغ أمير المؤمنين رسالة
* فأنت ولي الله في المال والأمر)
(وأنت أمين الله فينا ومن يكن
* أمينا لرب العرش يسلم له صدري)
(فلا تدعن أهل الرساتيق والجزي
* يسيغون مال الله في الأدم الوفر)
(فأرسل إلى النعمان فاعلم حسابه
* وأرسل إلى جزء وأرسل إلى بشر)

259
(ولا تنسين النافعين كليهما
* وصهر بني غزوان عندك ذا وفر)
(ولا تدعوني للشهادة إنني
* أغيب ولكني أرى عجب الدهر)
(من الخيل كالغزلان والبيض كالدمى
* وما ليس ينسى من قرام ومن ستر)
(ومن ريطة مطوية في صيانها
* ومن طي أستار معصفرة حمر)
(إذا التاجر الهندي جاء بفارة
* من المسك راحت في مفارقهم تجري)
(نبيع إذا باعوا ونغزوا إذا غزوا
* فأنى لهم مال ولسنا بذي وفر)
(فقاسمهم نفسي فداؤك إنهم
* سيرضون إن قاسمتهم منك بالشطر)
فقاسمهم عمر نصف أموالهم
والنعمان هو النعمان بن بشير وكان على حمص وصهر بني غزوان

260
أبو هريرة كان على البحرين قال ويقال أن قائل هذه الأبيات كما حدثنا معاوية بن صالح عن يحيى بن معين عن وهب بن جرير عن أبيه عن الزبير بن الخريت أبو المختار النميري قال من الطويل
(أبلغ أمير المؤمنين رسالة
* فأنت أمين الله في البر والبحر)
(فأرسل إلى النعمان فاعلم حسابه
* وأرسل إلى جزء وأرسل إلى بشر)
(ولا تدعن النافعين كليهما
* وذاك الذي في السوق مولى بني بدر)
(وما عاصم منها بصفر عيابه
* ولا ابن غلاب من سراة بني نصر)
(نبيع إذا باعوا ونغزوا إذا غزوا
* فأنى لهم مال ولسنا بذي وفر)
(ترى الجرد كالخزان والبيض كالدمى
* وما لا يعد من قرام ومن ستر)
(ومن ريطة مطوية في صوانها
* ومن طي أستار محدرجة حمر)
(إذا التاجر الهندي جار بفارة
* من المسك راحت في مفارقهم تجري)
(فدونك مال الله لا تتركنه
* سيرضون إن قاسمتهم منك بالشطر)
(ولا تدعوني للشهادة إنني
* أغيب ولكني أرى عجب الدهر) قال عمر فإنا قد أعفيناه من الشهادة ونأخذ منهم نصف أموالهم فأخذ النصف وكان عمر قد استعمل هؤلاء الرهط
حدثنا عبد الملك بن مسلمة حدثنا ابن لهيعة عن جعفر بن ربيعة عن أبيه أن جده أوصى أن يدفع إلى عمر بن الخطاب نصف ماله وكان عمر استعمله على بعض أعماله حدثنا أسد بن موسى حدثنا سليمان بن أبي

261
سليمان عن محمد بن سيرين قال قال أبو هريرة لما قدمت من البحرين قال لي عمر يا عدو الله وعدو الإسلام خنت مال الله قال قلت لست بعدو الله ولا عدو الإسلام ولكني عدو من عاداهما ولم أخن مال الله ولكنها أثمان خيل لي تناتجت وسهام اجتمعت قال يا عدو الله وعدو الإسلام خنت مال الله قال قلت لست بعدوا الله ولا عدو الإسلام ولكني عدو من عااهما ولم أخن مال الله ولكنها إثمان خيل لي تناجت وسهام اجتمعت قال ذلك ثلاث مرات يقول ذلك عمر ويرد عليه أبو هريرة هذا القول قال فغرمني اثني عشرألفا فقمت في صلاة الغداة فقلت اللهم اغفر لأمير المؤمنين فأرادني على العمل بعد فقلت لا قال أوليس يوسف خيرا منك وقد سأل العمل قلت إن يوسف نبي ابن نبي وأنا ابن أميمة وأناأخاف ثلاثا واثنتين قال ألا تقول خمسا قلت لا قال مه قلت أخاف أن أقول بغير حلم وأقضي بغير علم وأن يضرب ظهري ويشتم عرضي ويؤخذ مالي
ذكر النيل
حدثنا عثمان بن صالح حدثنا ابن لهيعة عن واهب بن عبد الله المعافري عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال نيل مصر سيد

262
الأنهار سخر الله له كل نهر بين المشرق والمغرب فإذا أراد الله أن يجري نيل مصر أمر كل نهر أن يمده فأمدته الأنهار بمائها وفجر الله له الأرض عيونا فإذا انتهت جريته إلى ما أراد الله أوحى الله إلى كل ماء أن يرجع إلى عنصره
حدثنا عثمان بن صالح حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن معاوية بن أبي سفيان سأل كعب الأحبار هل تجد لهذا النيل في كتاب الله خبرا قال إي والذي فلق البحر لموسى إني لأجده في كتاب الله إن الله يوحي إليه في كل عام مرتين يوحي إليه عند جريه إن الله يأمرك أن تجري فيجري ما كتب الله له ثم يوحي إليه بعد ذلك يا نيل غر
حميدا
حدثنا عبد الله بن يوسف حدثنا عبد الله بن عمر عن حبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال النيل وسيحان وجيحان والفرات من أنهار الجنة حدثنا عبد الله بن صالح حدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن كعب الأحبار أنه كان يقول أربعة أنهار من الجنة وضعها الله في الدينا فالنيل نهر العسل في الجنة والفرات نهر الخمر في الجنة وسيحان نهر الماء في الجنة وجيحان نهر اللبن في الجنة
حدثنا سعيد بن أبي مريم حدثنا الليث بن سعد وعبد الله بن لهيعة

263
قالا حدثنا يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن أبي جنادة الكناني أنه سمع كعبا يقول النيل في الآخرة عسل أغزر ما يكون من الأنهار التي سماها الله ودجلة في الآخرة لبن أغزر ما يكون من الأنهار التي سمى الله والفرات خمر أغزر ما يكون من الأنهار التي سمى الله وجيحان ماء أغزر ما يكون من الأنهار التي سمى الله
قال فلما فتح عمرو بن العاص مصر كما حدثنا عثمان بن صالح عن ابن لهيعة عن قيس بن الحجاج عن من حدثه أتى أهلها إلى عمرو بن العاص حين دخل بؤونة من أشهر العجم فقالوا له أيها الأمير إن لنيلنا هذا سنة لا يجري إلا بها فقال لهم وما ذاك قالوا إنه إذا كان لثنتي عشرة ليلة تخلو من هذا الشهر عمدنا إلى جارية بكر بين أبويها فأرضينا أبويها وجعلنا عليها من الحلي والثياب أفضل ما يكون ثم ألقيناها في هذا النيل فيجري فقال لهم عمرو إن هذا لا يكون في

264
الإسلام وإن الإسلام يهدم ما قبله فأقاموا بؤونة وأبيب ومسرى لا يجري قليلا ولا كثيرا حتى هموا بالجلاء فلما رأى ذلك عمرو كتب إلى عمر بن الخطاب بذلك فكتب إليه عمر قد أصبت إن الإسلام يهدم ما كان قبله وقد بعثت إليك ببطاقة فألقها في داخل النيل إذا أتاك كتابي
فلما قدم الكتاب على عمرو فتح البطاقة فإذا فيها من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى نيل أهل مصر أما بعد فإن كنت تجري من قبلك فلا تجر وأن كان الله الواحد القهار الذي يجريك فنسأل الله الواحد القهار أن يجريك فعرفهم عمرو بكتاب أمير المؤمنين وبالبطاقة ثم ألقاها... فألقى عمرو البطاقة في النيل قبل يوم الصليب بيوم وقد تهيأ أهل مصر للجلاء والخروج منها لأنه لا يقوم بمصلحتهم فيها إلا النيل فأصبحوا يوم الصليب وقد أجراه ستة عشر ذراعا في ليلة وقطع الله تلك السنة السوء عن أهل مصر
حدثنا عثمان بن صالح حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن موسى صلى الله عليه وسلم دعا على آل فرعون فحبس الله عنهم النيل حتى أرادوا الجلاء حتى طلبوا إلى موسى أن يدعو الله فدعا الله رجاء أن يؤمنوا

265
فأصبحوا وقد أجراه الله في تلك الليلة ستة عشر ذراعا فاستجاب الله بتطوله لعمر بن الخطاب كما استجاب لنبيه موسى صلى الله عليه وسلم
ذكر الجزية
قال وكان عمرو يبعث إلى عمر بن الخطاب بالجزية بعد حبس ما كان يحتاج إليه وكانت فريضة مصر كما حدثنا عثمان بن صالح عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب لحفر خلجها وإقامة جسورها وبناء قناطرها وقطع جزائرها مائة ألف وعشرين ألفا من الفعلة معهم الطور والمساحي والأداة يعتقبون ذلك لا يدعون ذلك العمل شتاء ولا صيفا
ثم كتب عمر بن الخطاب كما حدثنا عبد الملك بن مسلمة عن القاسم بن عبد الله عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر أن يختم في رقاب أهل الذمة بالرصاص ويظهروا مناطقهم ويجزوا نواصيهم ويركبوا على الأكف عرضا ولا يضربوا الجزية إلا على من جرت عليه المواسي ولا يضربوا على النساء ولا على الولدان ولا يدعوهم

266
يتشبهون بالمسلمين في لبوسهم
حدثنا شعيب بن الليث حدثنا أبي عن محمد بن عبد الرحمن بن عنج أن نافعا حدثهم وحدثنا عبد الملك بن مسلمة حدثنا ابن وهب حدثني عبد الله بن عمر وعمرو بن محمد أن نافعا حدثهم عن أسلم مولى عمر أنه حدثه أن عمر كتب إلى أمراء الأجناد ألا يضربوا الجزية إلا على من جرت عليه المواسي وجزيتهم أربعون درهما على أهل الورق منهم وأربعة دنانير على أهل الذهب وعليهم من أرزاق المسلمين من الحنطة والزيت مديان من حنطة وثلاثة أقساط من زيت في كل شهر لكل إنسان كان من أهل الشام والجزيرة وودك وعسل لا أدري كم هو
ومن كان من أهل مصر فإردب كل شهر لكل إنسان لا أدري كم من الودك والعسل وعليهم من البز والكسوة التي يكسوها أمير المؤمنين الناس ويضيفون من نزل بهم من أهل الإسلام ثلاث ليال وعلى أهل العراق خمسة عشر صاعا لكل إنسان ولا أدري كم لهم من الودك وكان لا يضرب الجزية على النساء والصبيان وكان يختم في أعناق رجال أهل الجزية قال وكانت ويبة عمر بن الخطاب كما حدثنا عبد الملك عن

267
الليث بن سعد في ولاية عمرو بن العاص ستة أمداد
حدثنا أسد بن موسى قال حدثنا سفيان بن عيينة عن أبي إسحاق عن حارثة بن مضرب أن عمر قال جعلت على أهل السواد ضيافة يوم وليلة فمن حبسه مطر فلينفق من ماله
قال وكان عمرو بن العاص لما استوسق له الأمر أقر قبطها على جباية الروم وكانت جبايتهم بالتعديل إذا عمرت القرية وكثر أهلها زيد عليهم وإن قل أهلها وخربت نقصوا فيجتمع عرفاء كل قرية وماروتها ورؤساء أهلها فيتناظرون في العمارة والخراب حتى إذا أقروا من القسم بالزيادة انصرفوا بتلك القسمة إلى الكور ثم اجتمعوا هم ورؤساء القرى فوزعوا ذلك على احتمال القرى وسعة المزارع ثم ترجع كل قرية بقسمهم فيجمعون قسمهم وخراج كل قرية وما فيها من الأرض العامرة فيبذرون فيخرجون من الأرض فدادين لكنائسهم وحماماتهم ومعدياتهم من جملة الأرض ثم يخرج منها عدد الضيافة للمسلمين ونزول السلطان فإذا فرغوا نظروا إلى ما في كل قرية
من الصناع والأجراء فقسموا عليهم بقدر احتمالهم فإن كانت فيها جالية قسموا عليها بقدر احتمالها وقل ما كانت

268
تكون إلا الرجل المنتاب أو المتزوج ثم ينظرون ما بقي من الخراج فيقسمونه بينهم على عدد الأرض ثم يقسمون ذلك بين من يريد الزرع منهم على قدر طاقتهم فإن عجز أحد وشكا ضعفا عن زرع أرضه وزعوا ما عجز عنه على ذوي الاحتمال وإن كان منهم من يريد الزيادة أعطي ما عجز عنه أهل الضعف فإن تشاحوا قسموا ذلك على عدتهم وكانت قسمتهم على قراريط الدينارأربعة وعشرين قيراطا يقسمون الأرض على ذلك
وكذلك روي عن النبي صلى الله عليه وسلم إنكم ستفتحون أرضا يذكر فيها القيراط فاستوصوا بأهلها خيرا وجعل عليهم لكل فدان نصف إردب قمح وويبتين من شعير إلا القرط فلم يكن عليه ضريبة والويبة يومئذ ستة أمداد
وكان عمر بن الخطاب كما حدثنا عبد الملك بن مسلمة عن ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب يأخذ ممن صالحه من المعاهدين ما سمى على نفسه لا يضع من ذلك شيئا ولا يزيد عليه ومن نزل منهم على الجزية ولم يسم شيئا يؤديه نظر عمر في أمره فإذا احتاجوا خفف عنهم وإن استغنوا زاد عليهم بقدر استغنائهم
قال وروى حيوة بن شريح حدثني الحسن بن ثوبان أن هشام بن أبي

269
رقية اللخمي حدثه أن صاحب إخنا قدم على عمرو بن العاص فقال له أخبرنا ما على أحدنا من الجزية فيصبر لها فقال عمرو وهو يشير إلى ركن كنيسة لو أعطيتني من الأرض إلى السقف ما أخبرتك ما عليك إنما أنتم خزانة لنا إن كثر علينا كثرنا عليكم وإن خفف عنا خففنا عنكم ومن ذهب إلى هذا الحديث ذهب إلى أن مصر فتحت عنوة
حدثنا عبد الملك بن مسلمة حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب قال قال عمر بن عبد العزيز أيما ذمي أسلم فإن إسلامه يحرز له نفسه وماله وما كان من أرض فإنها من فيء الله على المسلمين حدثنا عبد الملك بن مسلمة حدثنا الليث بن سعد أن عمر بن عبد العزيز قال أيما قوم صالحوا على جزية يعطونها فمن أسلم منهم كان أرضه وداره لبقيتهم قال الليث وكتب إلي يحيى بن سعيد أن ما باع القبط في جزيتهم وما يؤخذون به من الحق الذي عليهم من عبد أو وليدة أو بعير أو بقرة أو دابة فإن ذلك جائز عليهم جائز لمن ابتاعه منهم غير مردود إليهم إن أيسروا وما أكروا من أرضهم فجائز كراؤه إلا أن يكون يضر بالجزية التي عليهم فلعل الأرض أن ترد عليهم إن أضرت بجزيتهم وإن كان فضلا بعد الجزية فإنا نرى كراءها جائزا لمن تكاراها منهم
قال يحيى ونحن نقول الجزية جزيتان فجزية على رؤوس الرجال وجزية جملة تكون على أهل القرية يؤخذ بها أهل القرية فمن هلك من أهل القرية التي عليهم جزية مسماة على القرية ليست على رؤوس الرجال

270
فإنا نرى أن من هلك من أهل القرية ممن لا ولد له ولا وارث أن أرضه ترجع إلى قريته في جملة ما عليهم من الجزية ومن هلك ممن جزيته على رؤوس الرجال ولم يدع وراثا فإن أرضه للمسلمين
قال الليث وقال عمر بن عبد العزيز الجزية على الرؤوس وليست على الأرضين يريد أهل الذمة حدثنا عبد الملك بن مسلمة حدثنا ابن لهيعة عن عبد الملك بن جنادة أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى حيان بن شريج أن يجعل جزية موتى القبط على أحيائهم قال وحديث عبد الملك هذا يدل على أن عمر بن عبد العزيز كان يرى أن أرض مصر فتحت عنوة وأن الجزية إنما هي على القرى فمن مات من أهل القرى كانت تلك الجزية ثابتة عليهم وأن موت من مات منهم لا يضع عنهم من الجزية شيئا قال ويحتمل أن تكون مصر فتحت بصلح فذلك الصلح ثابت على من بقي منهم وأن موت من مات منهم لا يضع عنهم مما صالحوا عليه شيئا والله أعلم
حدثنا عبد الملك بن مسلمة حدثنا ابن وهب عن محمد بن عمرو عن ابن جريج أن رجلا أسلم على عهد عمر بن الخطاب فقال ضعوا الجزية عن أرضي فقال عمر لا إن أرضك فتحت عنوة
قال عبد الملك وقال مالك بن أنس ما باع أهل الصلح من أرضهم فهو جائز لهم وما فتح عنوة فإن ذلك لا يشتري منهم أحد ولا يجوز لهم بيع شيء مما تحت أيديهم من الأرض لأن أهل الصلح من أسلم منهم

271
كان أحق بأرضه وماله وأما أهل العنوة الذين أخذوا عنوة فمن أسلم منهم أحرز إسلامة نفسه وأرضه للمسلمين لأن لأهل العنوة غلبوا على بلادهم وصارت فيئا للمسلمين ولأن أهل الصلح إنما هم قوم امتنعوا ومنعوا بلادهم حتى صالحوا عليها وليس عليهم إلا ما صالحوا عليه ولا أرى أن يزاد عليهم ولا يؤخذ منهم إلا ما فرض عمر بن الخطاب لأن عمر خطب الناس فقال قد فرضت لكم الفرائض وسنت لكم السنن وتركتم على الواضحة قال وأما جزية الأرض فلا علم لي ولا أدري كيف صنع فيها عمر غير أن قد أقر الأرض فلم يقسمها بين الناس الذين افتتحوها فلو نزل هذا بأحد كنت أرى أن يسأل أهل البلاد أهل المعرفة منهم والأمانة كيف كان الأمر في ذلك فإن وجد من ذلك علما يشفي وإلا اجتهد في ذلك هو ومن حضره من المسلمين
حدثنا عبد الملك بن مسلمة حدثنا الليث بن سعد أن عمر بن عبد العزيز وضع الجزية عمن أسلم من أهل الذمة من أهل مصر وألحق في الديوان صلح من أسلم منهم في عشائر من أسلموا على يديه قال وقال غير عبد الملك وكانت تؤخذ قبل ذلك ممن أسلم وأول من أخذ الجزية ممن أسلم من أهل الذمة كما حدثنا عبد الملك بن مسلمة عن ابن لهيعة عن رزين بن عبد الله المرادي الحجاج بن يوسف ثم كتب عبد الملك بن مروان إلى عبد العزيز بن مروان أن يضع الجزية على من أسلم من أهل الذمة فكلمه ابن حجيرة في ذلك فقال أعيذك بالله أيها الأمير أن تكون أول

272
من سن ذلك بمصر فوالله إن أهل الذمة ليتحملون جزية من ترهب منهم فكيف تضعها على من أسلم منهم فتركهم عند ذلك
حدثنا عبد الملك بن مسلمة حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن عمرو بن عبد العزيز كتب إلى حيان بن سريج أن تضع الجزية عن من أسلم من أهل الذمة فإن الله
تبارك وتعالى قال * (فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم) * قال * (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون) *
حدثنا عبد الملك بن مسلمة حدثنا الليث بن سعد قال كان لعبد الله بن سعد موالي نصارى فأعتقهم فكان عليهم الخراج قال الليث أدركنا بعضهم وإنهم ليؤدون الخراج
حدثنا عثمان بن صالح وعبد الله بن صالح قالا حدثنا الليث بن سعد قال لما ولي ابن رفاعة مصر خرج ليحصي عدة أهلها وينظر في تعديل الخراج عليهم فأقام في ذلك ستة أشهر بالصعيد حتى بلغ أسوان ومعه جماعة من الأعوان والكتاب يكفونه ذلك بجد وتشمير وثلاثة أشهر بأسفل الأرض فأحصوا من القرى أكثر من عشرة آلاف قرية

273
فلم يحص فيها في أصغر قرية منها أقل من خمسمائة جمجمة من الرجال الذين يفرض عليهم الجزية
ذكر المقطم
حدثنا عبد الله بن صالح حدثنا الليث بن سعد قال سأل المقوقس عمرو بن العاص أن يبيعه سفح المقطم بسبعين ألف دينار فعجب عمرو من ذلك وقال أكتب في ذلك إلى أمير المؤمنين فكتب بذلك إلى عمر فكتب إليه عمر سله لم أعطاك به ما أعطاك وهي لا تزدرع ولا يستنبط بها ماء ولا ينتفع بها فسأله فقال إنا لنجد صفتها في الكتب أن فيها غراس الجنة فكتب بذلك إلى عمر فكتب إليه عمر إنا لا نعلم غراس الجنة إلا المؤمنين فاقبر فيها من مات قبلك من المسلمين ولا تبعه بشيء فكان أول من دفن فيها رجل من المعافر يقال له عامر فقيل عمرت فقال المقوقس لعمرو كما حدثنا عثمان بن صالح عن ابن وهب عن عمارة بن عيسى قال ما ذا لك ولا على هذا عاهدتنا فقطع لهم الحد الذي بين المقبرة وبينهم

274
حدثنا هانئ بن المتوكل عن ابن لهيعة أن المقوقس قال لعمرو إنا لنجد في كتابنا أن ما بين هذا الجبل وحيث نزلتم ينبت فيه شجر الجنة فكتب بقوله إلى عمر بن الخطاب فقال فاجعلها مقبرة للمسلمين وقال غير عمارة بن عيسى فقبر فيها من عرف من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كما حدثنا عثمان بن صالح عن ابن لهيعة عمن حدثه خمسة نفر عمرو بن العاص السهمي وعبد الله بن حذافة السهمي وعبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي وأبو بصرة الغفاري وعقبة بن عامر الجهني وقال غير عثمان ومسلمة بن مخلد الأنصاري
قال ابن لهيعة والمقطم ما بين القصير إلى مقطع الحجارة وما بعد ذلك فمن اليحموم وقد اختلف في القصير أخبرنا عثما بن صالح عن ابن لهيعة قال ليس بقصير موسى النبي صلى الله عليه وسلم ولكنه موسى الساحر
حدثنا سعيد بن عفير وعبد الله بن عباد قالا حدثنا المفضل بن فضالة عن أبيه قال دخلنا على كعب الأحبار فقال لنا ممن أنتم قلنا من أهل مصر فقال ما تقولون في القصير قال قلنا قصير موسى فقال ليس بقصير موسى ولكنه قصير عزيز مصر كان إذا جرى النيل يترفع فيه وعلى ذلك إنه لمقدس من الجبل إلى البحر قال ويقال بل كان موقدا يوقد فيه لفرعون إذا هو ركب من منف إلى عين شمس وكان على المقطم موقد آخر فإذا رأوا النار علموا بركوبه فأعدوا له ما يريد وكذلك إذا ركب منصرفا من عين شمس والله أعلم

275
حدثنا هانئ بن المتوكل عن ابن لهيعة ورشدين بن سعد عن الحسن بن ثوبان عن حسين بن شفي الأصبحي عن أبيه شفي بن عبيد أنه لما قدم مصر وأهل مصر قد اتخذوا مصلى بحذاء ساقية أبي عون التي عند العسكر فقال ما لهم وضعوا مصلاهم في الجبل الملعون وتركوا الجبل المقدس قال الحسن بن ثوبان فقدموا مصلاهم إلى موضعه الذي هو به اليوم حدثنا أبو الأسود النضر بن عبد الجبار حدثنا ابن لهيعة عن أبي قبيل أن رجلا سأل كعبا عن جبل مصر فقال إنه لمقدس ما بين القصير إلى اليحموم
ذكر اسنبطاء عمر بن الخطاب عمرو بن العاص في الخراج
قال فلما استبطأ عمر بن الخطاب الخراج من قبل عمرو بن العاص كما حدثنا عبد الله بن صالح عن الليث بن سعد كتب إليه بسم الله الرحمن الرجيم من عبد الله بن عمر أمير المؤمنين إلى عمرو بن العاص سلام عليك فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو أما بعد فإني فكرت في أمرك والذي أنت عليه فإذا أرضك أرض واسعة عريضة رفيعة قد أعطى الله أهلها عددا وجلدا وقوة في بر وبحر وإنها قد عالجتها الفراعنة وعملوا فيها عملا محكما مع شدة عتوهم وكفرهم فعجبت من ذلك وأعجب مما عجبت إنها لا تؤدي نصف ما كانت تؤديه

276
من الخراج قبل ذلك على غير قحوط ولا جدوب ولقد أكثرت في مكاتبتك في الذي على أرضك من الخراج وظننت أن ذلك سيأتينا على غير نزر ورجوت أن تفيق فترفع إلي ذلك فإذا أنت تأتيني بمعاريض تغتالها ولا توافق الذي في نفسي ولست قابلا منك دون الذي كانت تؤخذ به من الخراج قبل ذلك ولست أدري مع ذلك ما الذي أنفرك من كتابي وقبضك فلئن كنت مجزئا كافئا صحيحيا إن البراءة لنافعة وإن كنت مضيعا نطفا إن الأمر لعلى غير ما تحدث به نفسك وقد تركت أن أبتلي ذلك منك في العام الماضي رجاء أن تفيق فترفع إلي ذلك وقد علمت أنه لم يمنعك من ذلك إلا عمالك عمال السوء وما توالس عليه وتلفف اتخذوك كهفا وعندي بإذن الله دواء فيه شفاء عما أسألك عنه فلا تجزع أبا عبد الله أن يؤخذ منك الحق وتعطاه فإن النهز يخرج الدر والحق أبلج ودعني وما عنه تلجلج فإنه قد برح الخفاء والسلام
قال فكتب إليه عمرو بن العاص بسم الله الرحمن الرحيم لعبد الله أمير المؤمنين من عمرو بن العاص سلام عليك فإني أحمد إليك الله الذي

277
لا إله إلا هو أما بعد فقد بلغني كتاب أمير المؤمنين في الذي استبطأني فيه من الخراج والذي ذكر فيها من عمل الفراعنة قبلي وإعجابه من خراجها على أيديهم ونقض ذلك منها منذ كان الإسلام ولعمري للخراج يومئذ أوفر وأكثر والأرض أعمر لأنهم كانوا على كفرهم وعتوهم أرغب في عمارة أرضهم منا منذ كان الإسلام وذكرت أن النهز يخرج الدر فحلبتها حلبا قطع ذلك درها وأكثرت في كتابك وأنبت وعرضت وثربت وعلمت أن ذلك عن شيء تخفيه على غير خبر فجئت لعمري بالمفظعات المقذعات ولقد
كان لك فيه من الصواب من القول رصين صارم بليغ صادق وقد عملنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولمن بعده فكنا بحمد الله مؤدين لأماناتنا حافظين لما عظم الله من حق أئمتنا نرى غير ذلك قبيحا والعمل به سيئا فيعرف ذلك لنا ويصدق فيه قيلنا معاذ الله من تلك الطعم ومن شر الشيم والاجتراء على كل مأثم فاقبض عملك فإن الله قد نزهني عن تلك الطعم الدنية والرغبة فيها بعد كتابك الذي لم تستبق فيه عرضا ولم تكرم فيه أخا والله يا بن الخطاب لأنا حين يراد ذلك مني أشد لنفسي غضبا ولها إنزاها وإكراما وما عملت من عمل أرى علي فيه متعلقا ولكني حفظت ما لم تحفظ ولو كنت من يهود يثرب ما زدت يغفر الله لك ولنا وسكت عن أشياء كنت بها عالما وكان اللسان بها مني ذلولا ولكن الله عظم من حقك ما لا يجهل والسلام

278
فكتب إليه عمر بن الخطاب كما وجدت في كتاب أعطانيه يحيى بن عبد الله بن بكير عن عبيد الله بن أبي جعفر عن أبي مرزوق التجيبي عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص
من عمر بن الخطاب إلى عمرو بن العاص سلام عليك فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو أما بعد فقد عجبت من كثرة كتبي إليك في إبطائك بالخراج وكتابك إلي ببنيات الطرق وقد علمت إني لست أرضى منك إلا بالحق البين ولم أقدمك إلى مصرأجعلها لك طعمة ولا لقومك ولكني وجهتك لما رجوت من توفيرك الخراج وحسن سياستك فإذا أتاك كتابي هذا فاحمل الخراج فإنما هو فيء المسلمين وعندي من قد تعلم قوم محصورون والسلام
فكتب إليه عمرو بن العاص بسم الله الرحمن الرحيم لعمر بن الخطاب من عمرو بن العاص سلام عليكم فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو أما بعد فقد أتاني كتاب أمير المؤمنين يستبطئني في الخراج ويزعم أني أعند عن الحق وأنكب عن الطريق وإني والله ما أرغب عن صالح ما تعلم ولكن أهل الأرض استنظروني إلى أن تدرك غلتهم فنظرت للمسلمين فكان الرفق بهم خيرا من أن يخرق بهم فيصيروا إلى بيع ما لا غنى بهم عنه والسلام

279
حدثنا عبد الله بن صالح عن الليث بن سعد أن عمرا جباها اثني عشرألف ألف قال غير الليث وجباها المقوقس قبله بسنة عشرين ألف ألف فعند ذلك كتب إليه عمر بما كتب به
قال الليث وجباها عبد الله بن سعد حين استعمله عليها عثمان أربعة عشر ألف ألف فقال عثمان لعمرو بعدما عزله عن مصر يابا عبد الله درت اللقحة بأكثر من درها الأول قال عمرو أضررتم بولدها وقال غير الليث فقال له عمرو ذلك إن لم يمت الفصيل
حدثنا هشام بن إسحاق العامري قال كتب عمر بن الخطاب إلى عمرو بن العاص أن يسأل المقوقس عن مصر من أين تأتي عمارتها وخرابها فسأله عمرو فقال له المقوقس تأتي عمارتها وخرابها من وجوه خمسة أن يستخرج خراجها في إبان واحد عند فراغ أهلها من زروعهم ويرفع خراجها في إبان واحد عند فراغ أهلها من عصر كرومهم وتحفر في كل سنة خلجها وتسد ترعها وجسورها ولا يقبل محل أهلها يريد البغي فإذا فعل هذا فيها عمرت وإن عمل فيها بخلافها خربت

280
قال وفي كتاب ابن بكير الذي أعطاني عن ابن زيد بن أسلم عن أبيه قال لما استبطأ عمر بن الخطاب عمرو بن العاص في الخراج كتب إليه أن ابعث إلي رجلا من أهل مصر فبعث إليه رجلا قديما من القبط فاستخبره عمر عن مصر وخراجها قبل الإسلام فقال يا أمير المؤمنين كان لا يؤحذ منها شيء إلا بعد عمارتها وعاملك لا ينظر إلى العمارة وإنما يأخذ ما ظهر له كأنه لا يريدها إلا لعام واحد فعرف عمر ما قال وقبل من عمرو ما كان يعتذر به
ذكر نهي الجند عن الزرع
قال ثم إن عمر بن الخطاب فيما حدثنا عبد الملك بن مسلمة عن ابن وهب عن حيوة بن شريح عن بكر بن عمرو عن عبد الله بن هبيرة أمر مناديه أن يخرج إلى أمراء الأجناد يتقدمون إلى الرعية أن عطاءهم قائم وأن رزق عيالهم سائل فلا يزرعون ولا يزارعون
قال ابن وهب فأخبرني شريك بن عبد الرحمن المرادي قال بلغنا أن شريك بن سمي الغطيفي أتى إلى عمرو بن العاص فقال إنكم لا تعطونا ما يحسبنا أفتأذن لي بالزرع فقال له عمرو ما أقدر على ذلك فزرع شريك من غير إذن عمرو فلما بلغ ذلك عمرا كتب إلى

281
عمر بن الخطاب يخبره أن شريك بن سمي الغطيفي حرث بأرض مصر فكتب إليه عمر أن ابعث إلي به فلما انتهى كتاب عمر إلى عمرو أقرأه شريكا فقال شريك لعمرو قتلتني يا عمرو فقال عمرو ما أنا قتلتك أنت صنعت هذا بنفسك قال له إذ كان هذا من رأيك فأذن لي بالخروج إليه من غير كتاب ولك عهد الله أن أجعل يدي في يده فأذن له بالخروج فلما وقف على عمر قال تؤمنني يا أمير المؤمنين قال ومن أي الأجناد أنت قال من جند مصر قال فلعلك شريك بن سمي الغطيفي قال نعم يا أمير المؤمنين قال لأجعلنك نكالا لمن خلفك قال أو تقبل مني ما قبل الله من العباد قال وتفعل قال نعم فكتب إلى عمرو بن العاص إن شريك بن سمي جاءني تائبا فقبلت منه
ذكر حفر خليج أمير المؤمنين
حدثنا عبد الله بن صالح أو غيره عن الليث بن سعد أن الناس بالمدينة أصابهم جهد شديد في خلافة عمر بن الخطاب في سنة الرمادة

282
فكتب إلى عمرو بن العاص وهو بمصر من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى العاص بن العاص سلام أما بعد فلعمري يا عمرو ما تبالي إذا شبعت أنت ومن معك أن أهلك أنا ومن معي فيا غوثاه ثم يا غوثاه يردد قوله فكتب إليه عمرو بن العاص
لعبد الله عمر أمير المؤمنين من عمرو بن العاص أما بعد فيا لبيك ثم يا لبيك قد بعثت إليك بعير أولها عندك وآخرها عندي والسلام عليك ورحمة الله
فبعث إليه بعير عظيمة فكان أولها بالمدينة وآخرها بمصر يتبع بعضها بعضا فلما قدمت على عمر وسع بها على الناس ودفع إلى أهل كل بيت بالمدينة وما حولها بعيرا بما عليه من الطعام وبعث عبد الرحمن بن عوف والزبير بن العوام وسعد بن أبي وقاص يقسمونها على الناس فدفعوا إلى كل بيت بعيرا بما عليه من الطعام أن يأكلوا الطعام
وينحروا البعير فيأكلوا لحمه ويأتدموا شحمه ويحتذوا جلده وينتفعوا بالوعاء الذي كان فيه الطعام لما أرادوا من لحاف أو غيره فوسع الله بذلك على الناس فلما رأى ذلك عمر حمد الله وكتب إلى عمرو بن العاص يقدم عليه هو

283
وجماعة من أهل مصر معه فقدموا عليه فقال عمر يا عمرو إن الله قد فتح على المسلمين مصر وهي كثيرة الخير والطعام وقد ألقي في روعي لما أحببت من الرفق بأهل الحرمين والتوسعة عليهم حين فتح الله عليهم مصر وجعلها قوة لهم ولجميع المسلمين أن أحفر خليجا من نيلها حتى يسيل في البحر فهو أسهل لما نريد من حمل الطعام إلى المدينة ومكة فإن حمله على الظهر يبعد ولا نبلغ منه ما نريد فانطلق أنت وأصحابك فتشاوروا في ذلك حتى يعتدل فيه رأيكم
فانطلق عمرو فأخبر بذلك من كان معه من أهل مصر فثقل ذلك عليهم وقالوا نتخوف أن يدخل في هذا ضرر على مصر فنرى أن تعظم ذلك على أمير المؤمنين وتقول له أن هذا أمر لا يعتدل ولا يكون ولا نجد إليه سبيلا فرجع عمرو بذلك إلى عمر فضحك عمر حين رآه وقال والذي نفسي بيده لكأني أنظر إليك يا عمرو وإلى أصحابك حين أخبرتهم بما أمرنا به من حفر الخليج فثقل ذلك عليهم وقالوا يدخل في هذا الضرر على أهل مصر فنرى أن تعظم ذلك على أمير المؤمنين وتقول له أن هذا الأمر لا يعتدل ولا يكون ولا نجد إليه سبيلا فعجب عمرو من قول عمر وقال صدقت والله يا أمير المؤمنين لقد كان الأمر على ما ذكرت فقال له عمر انطلق يا عمرو بعزيمة مني حتى تجد في ذلك ولا يأتي عليك الحول حتى تفرغ منه إن شاء الله

284
فانصرف عمرو وجمع لذلك من الفعلة ما بلغ منه ما أراد ثم احتفر الخليج الذي في حاشية الفسطاط الذي يقال له خليج أمير المؤمنين فساقه من النيل إلى القلزم فلم يأت الحول حتى جرت فيه السفن فحمل فيه ما أراد من الطعام إلى المدينة ومكة فنفع الله بذلك أهل الحرمين وسمي خليج أمير المؤمنين ثم لم يزل يحمل فيه الطعام حتى حمل فيه بعد عمر بن عبد العزيز ثم ضيعته الولاة بعد ذلك فترك وغلب عليه الرمل فانقطع فصار منتهاه إلى ذنب التمساح من ناحية طحا القلزم
قال ويقال أن عمر بن الخطاب قال لعمرو بن العاص وقدم عليه كما حدثنا أخي عبد الحكم بن عبد الله بن عبد الحكم حدثنا عبد الله بن وهب عن ابن لهيعة عن محمد بن عبد الرحمن قال حسبته عن عروة يا عمرو إن العرب قد تشاءمت بي وكادت أن تهلك على رجلي وقد عرفت الذي أصابها وليس جند من الأجناد أرجى عندي أن يغيث الله بهم أهل الحجاز من جندك فإن استطعت أن تحتال لهم حيلة حتى يغيثهم الله فقال عمرو ما شئت يا أمير المؤمنين قد عرفت أنه كانت تأتينا سفن فيها

285
تجار من أهل مصر قبل الإسلام فلما فتحنا مصر انقطع ذلك الخليج واستد وتركته التجار فإن شئت أن نحفره فننشيء فيه سفنا يحمل فيه الطعام إلى الحجاز فعلته فقال له عمر نعم فافعل
فلما خرج عمرو من عند عمر بن الخطاب ذكر ذلك لرؤساء أهل أرضه من قبط مصر فقالوا له ماذا جئت به أصلح الله الأمير تنطلق فتخرج طعام أرضك وخصبها إلى الحجاز وتخرب هذه فإن استطعت فاستثقل ذلك فلما ودع عمر بن الخطاب قال له يا عمرو أنظر إلى ذلك الخليج فلا تنسين حفره فقال له يا أمير المؤمنين إنه قد انسد وتدخل فيه نفقات عظام فقال له عمر أما والذي نفسي بيده إني لأظنك حين خرجت من عندي حدثت بذلك أهل أرضك فعظموه عليك وكرهوا ذلك أعزم عليك إلا ما حفرته وجعلت فيه سفنا فقال عمرو يا أمير المؤمنين إنه متى ما يجد أهل الحجاز طعام مصر وخصبها مع صحة الحجاز لا يخفوا إلى الجهاد قال فإني سأجعل من ذلك أمرا لا يحمل في هذا البحر إلا رزق أهل المدينة وأهل مكة فحفره عمرو وعالجه وجعل فيه السفن
قال ويقال أن عمر بن الخطاب كما ذكر عبد الله بن صالح عن الليث بن سعد عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبيه كتب إلى عمرو بن العاص
إلى العاص بن العاص فإنك لعمري لا تبالي إذا سمنت أنت ومن معك أن أعجف أنا ومن قبلي فيا غوثاه ثم يا غوثاه فكتب إليه

286
عمرو بن العاص أما بعد فيا لبيك ثم يا لبيك أتتك عير أولها عندك وآخرها عندي مع أني أرجو أن أجد السبيل إلى أن أحمل إليك في البحر
ثم إن عمرا ندم على كتابه في الحمل إلى المدينة في البحر وقال إن أمكنت عمر من هذا خرب مصر ونقلها إلى المدينة فكتب إليه إني نظرت في أمر البحر فإذا هو عسر لا يلتأم ولا يستطاع فكتب إليه عمر
إلى العاص بن العاص فقد بلغني كتابك تعتل في الذي كنت كتبت إلي به من أمر البحر وإيم الله لتفعلن أو لأقلعنك بأذنك أو لأبعثن من يفعل ذلك فعرف عمرو أنه الجد من عمر بن الخطاب ففعل فبعث إليه عمر أن لا تدع بمصر شيئا من طعامها وكسوتها وبصلها وعدسها وخلها إلا بعثت إلينا منه
قال ويقال أنما دل عمرو بن العاص على الخليج رجل من قبط مصر حدثنا أبي عبد الله بن عبد الحكم حدثنا سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح عن أبيه أن رجلا أتى إلى عمرو بن العاص من قبط مصر فقال أرأيت إن دللتك على مكان تجري فيه السفن حتى تنتهي إلى مكة والمدينة أتضع عني الجزية وعن أهل بيتي قال نعم فكتب إلى عمر فكتب إليه أن افعل فلما قدمت السفن الجار خرج عمر حاجا أو معتمرا فقال

287
للناس سيروا بنا ننظر إلى السفن التي سيرها الله إلينا من أرض فرعون حتى أتتنا فقال رجل من بني ضمرة فأفردني السير معه في سبعة نفر فآوانا الليل إلى خيمة أعراب فإذا ببرمة تغطي على النار فقال عمر هل من طعام فقالوا لا إلا لحم ظبي أصبناه بالأمس فقربوه فأكل منه وهو محرم
حدثنا أسد بن موسى حدثنا وكيع بن الجراح عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن عمرو بن سعد الجاري أن عمر أتى الجار ثم دعا بمناديل ثم قال اغتسلوا من ماء البحر فإنه مبارك
قال غير أسد فلما قدمت السفن الجار وفيها الطعام صك عمر للناس بذلك الطعام صكوكا فتبايع التجار الصكوك بينهم قبل أن يقبضوها قال فحدثني أبي عبد الله بن عبد الحكم أخبرنا ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة بن الزبير قال لقي عمر بن الخطاب العلاء بن الأسود فقال كم ربح حكيم بن حزام فقال ابتاع من صكوك الجار بمائة
ألف درهم وربح عليها مائة ألف فلقيه عمر بن الخطاب فقال يا حكيم كم ربحت فأخبره بمثل خبر العلاء فقال عمر فبعته قبل أن تقبضه قال نعم قال عمر فإن هذا بيع لا يصلح فاردده فقال حكيم ما علمت أن هذا لا يصلح وما أقدر على رده فقال عمر ما بد فقال حكيم والله ما أقدر على ذلك وقد تفرق وذهب ولكن رأس مالي وربحي صدقة
حدثنا أبي عبد الله بن عبد الحكم حدثنا مالك بن أنس عن نافع ان حكيم بن حزام ابتاع طعاما أمر به عمر للناس فباع حكيم الطعام قبل

288
أن يستوفيه فسمع بذلك عمر فرده عليه قال لا تبع طعاما ابتعته حتى تستوفيه قال مالك وبلغني أن صكوكا خرجت للناس في زمان مروان بن الحكم من طعام الجار فتبايع الناس تلك الصكوك بينهم قبل أن يستوفوها فدخل زيد بن ثابت ورجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مروان فقالا له أتحل بيع الربا يا مروان فقال أعوذ بالله وما ذاك قالا هذه الصكوك يتبايعها الناس ثم يبيعونها قبل أن يستوفوها فبعث مروان الحرس يتبعونها ينتزعونها من أيدي الناس ويردونها إلى أهلها
وحدثنا أسد بن موسى حدثنا مهدي بن ميمون حدثنا سعيد الجريري عن أبي نضرة عن أبي فراس أن عمر بن الخطاب خطب الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال
إيها الناس إنه قد أتى علي زمان وأنا أحسب أن من قرأ القرآن إنما يريد به الله وما عنده وقد خيل إلي بآخرة أنه قد قرأه أقوام يريدون به الدنيا ويردون به الناس ألا فأريدوا الله بأعمالكم وأريدوه بقراءتكم ألا إنما كنا نعرفكم إذ ينزل الوحي وإذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا وإذ ينبئنا الله من أخباركم فقد انقطع الوحي وذهب النبي صلى الله عليه وسلم فإنما نعرفكم بما نقول لكم الآن من رأينا منه خيرا ظننا به خيرا وأحببناه عليه ومن رأينا منه شرا ظننا به شرا وأبغضناه عليه سرائركم فيما بينكم وبين ربكم ألا إني إنما أبعث عمالي ليعلموكم دينكم ويعلموكم سننكم ولا أبعثهم ليضربوا ظهوركم ولا يأخذوا أموالكم إلا فمن أتى إليه شيء من ذلك فليرفعه إلي فوالذي نفس عمر بيده لأقصنه

289
منه فقام عمرو بن العاص فقال أرأيت يا أمير المؤمنين إن عتب عامل من عمالك على بعض رعيته فأدب رجلا من رعيته إنك لمقصه منه قال نعم والذي نفس عمر بيده لأقصنه منه ألا أقصه وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقص من نفسه إلا لا تضربوا المسلمين فتذلوهم ولا تمنعوهم حقوقهم فتكفروهم ولا تحمروا بهم فتفتنوهم ولا تنزلوهم الغياض فتضيعوهم
فأتى رجل من أهل مصر كما حدثنا عن أبي عبدة عن ثابت البناني وحميد عن أنس إلى عمر بن الخطاب فقال يا أمير المؤمنين عائذ بك من الظلم قال عذت معاذا قال سابقت ابن عمرو بن العاص فسبقته فجعل يضربني بالسوط ويقول أنا ابن الأكرمين فكتب عمر إلى عمرو يأمره بالقدوم عليه ويقدم بابنه معه فقدم فقال عمر أين المصري خذ السوط فاضرب فجعل يضربه بالسوط ويقول عمر اضرب ابن الأليمين قال أنس فضرب فوالله لقد ضربه ونحن نحب ضربه فما أقلع عنه حتى تمنينا أنه يرفع عنه ثم قال عمر للمصري ضع على ضلعة عمرو فقال يا أمير المؤمنين إنما ابنه الذي ضربني وقد اشتفيت منه فقال عمر لعمرو مذكم تعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا قال يا أمير المؤمنين لم أعلم ولم يأتني

290
قدوم ضبيع العراقي مصر
حدثني عبد الله بن صالح حدثني الليث بن سعد عن نافع مولى ابن عمر أن ضبيعا العراقي جعل يسأل عن أشياء من القرآن في أجناد المسلمين حتى قدم مصر فبعث به عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب فلما أتاه الرسول بالكتاب فقرأه قال أين الرجل قال في الرحل فقال عمر ابصر أن يكون ذهب فتصيبك مني العقوبة الموجعة فأتاه به فقال له عمر عم تسأل فحدثه فأرسل عمر إلى رطائب الجريد فضربه بها حتى ترك ظهره دبره ثم تركه حتى برأ ثم عاد له ثم تركه حتى برأ ثم عاد به ليعود له فقال صبيغ يا أمير المؤمنين إن كنت تريد قتلي فاقتلني قتلا جميلا وإن كنت تريد أن تداويني فقد والله برأت فإذن له إلى أرضه وكتب له إلى أبي موسى الأشعري إلا يجالسه أحد من المسلمين فاشتد ذلك على الرجل فكتب أبو موسى إلى عمر إنه قد حسنت هيئته فكتب عمر أن ائذن للناس في مجالسته
حدثنا أسد بن موسى حدثنا محمد بن خازم عن الحجاج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال كتب عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب يسأله عن رجل أسلم ثم كفر ثم أسلم ثم كفر حتى

291
فعل ذلك مرارا أيقبل منه الإسلام فكتب إليه عمر أن اقبل منه اعرض عليه الإسلام فإن قبل فاتركه وإلا فاضرب عنقه حدثنا أسد بن موسى حدثنا محمد بن خازم عن الحجاج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال كتب عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب يسأله عن عبد وجد جرة من ذهب مدفونة فكتب إليه عمر أن ارضخ له منها بشيء فإنه أحرى أن يؤدوا ما وجدوا
ذكر فتح الفيوم
حدثنا سعيد بن عفير وغيره قالوا فلما تم الفتح للمسلمين بعث عمرو جرائد الخيل إلى القرى التي حولها فأقامت الفيوم سنة لم يعلم المسلمون بمكانها حتى أتاهم رجل فذكرها لهم فأرسل عمرو معه ربيعة بن حبيش بن عرفطة الصدفي فلما سلكوا في المجابة لم يروا شيئا فهموا بالانصراف فقالوا لا تعجلوا سيروا فإن كان كذب فما أقدركم على ما أردتم فلم يسيروا إلا قليلا حتى طلع لهم سواد الفيوم فهجموا عليها فلم يكن عندهم قتال وألقوا بأيديهم قال

292
ويقال بل خرج مالك بن ناعمة الصدفي وهو صاحب الأشقر على فرسه ينفض المجابة ولا علم له ما خلفها من الفيوم فلما رأى سوادها رجع إلى عمرو فأخبره ذلك
قال ويقال بل بعث عمرو بن العاص قيس بن الحارث إلى الصعيد فسار حتى أتى القيس فنزل بها وبه سميت القيس فراث على عمرو خبره فقال ربيعة بن حبيش كفيت فركب فرسه فأجاز عليه البحر وكانت أنثى فأتاه بالخبر ويقال أنه أجاز من ناحية الشرقية حتى انتهى إلى الفيوم وكان يقال لفرسه الأعمى والله أعلم
قال وبعث عمرو بن العاص نافع بن عبد القيس الفهري وكان نافع أخا العاص بن وائل لأمه فدخلت خيولهم أرض النوبة صوائف كصوائف الروم فلم يزل الأمر على ذلك
حتى عزل عمرو بن العاص عن مصر وأمر عبد الله بن سعد بن أبي سرح فصالحهم وسأذكر ذلك في موضعه إن شاء الله
ذكر فتح برقة
قال وكان البربر بفلسطين وكان ملكهم جالوت فلما قتله داود عليه

293
السلام خرج البربر متوجهين إلى المغرب حتى انتهوا إلى لوبية ومراقية وهما كورتان من كور مصر الغربية مما يشرب من السماء ولا ينالهما النيل فتفرقوا هنالك فتقدمت زناتة ومغيلة إلى المغرب وسكنوا الجبال وتقدمت لواتة فسكنت ارض انطابلس وهي برقة وتفرقت في هذا المغرب وانتشروا فيه حتى بلغواالسوس ونزلت هوارة مدينة لبدة ونزلت نفوسة إلى مدينة سبرت وجلا من كان بها من الروم من اجل ذلك واقام الافارق وكانوا خدما للروم على صلح يؤدونه إلى من غلب على بلادهم
فسار عمرو بن العاص في الخيل حتى قدم برقة فصالح أهلها على ثلاثة عشرألف دينار يؤدونها إليه جزية على أن يبيعوا من أحبوا من أبنائهم في جزيتهم حدثنا عبد الملك بن مسلمة حدثنا الليث بن سعد قال كتب عمرو بن العاص على لواتة من البربر في شرطه عليهم أن عليكم أن تبيعوا أبناءكم وبناتكم فيما عليكم من الجزية
حدثنا عثمان بن صالح حدثنا ابن لهيعة أن أنطابلس فتحت بعهد من عمرو بن العاص حدثنا عبد الملك بن مسلمة حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن عبد الله الحضرمي أن ابن دياس حين ولي أنطابلس أتاه بكتاب عهدهم حدثنا عبد الملك بن مسلمة حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن عبد الله الحضرمي عن أبي قنان أيوب بن أبي العالية الحضرمي عن أبيه قال سمعت عمرو بن العاص على المنبر يقول لأهل أنطابلس عهد يوفى لهم به

294
قال ثم رجع إلى حديث عثمان بن صالح وغيره قال ولم يكن يدخل برقة يومئذ جابي خراج إنما كانوا يبعثون بالجزية إذا جاء وقتها ووجه عمرو بن العاص عقبة بن نافع حتى بلغ زويلة وصار ما بين برقة وزويلة للمسلمين
ذكر فتح أطرابلس
قال ثم سار عمرو بن العاص حتى نزل أطرابلس في سنة اثنتين وعشرين حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير عن الليث بن سعد قال غزا عمرو بن العاص طرابلس في سنة وثلاث وعشرين ثم رجع إلى حديث عثمان فنزل على القبة التي على الشرف من شرقيها فحاصرها شهرا لا يقدر منهم على شيء فخرج رجل من بني مدلج ذات يوم من عسكر عمرو متصيدا في سبعة نفر فمضوا غربي المدينة حتى أمعنوا عن العسكر ثم رجعوا فأصابهم الحر فأخذوا على ضفة البحر وكان البحر لاصقا بسور المدينة ولم يكن فيما بين المدينة والبحر سور وكانت سفن الروم شارعة في مرساها إلى بيوتهم فنظر المدلجي وأصحابه فإذا البحر قد غاض من ناحية المدينة ووجدوا مسلكا إليها من الموضع الذي غاض منه البحر فدخلوا منه حتى أتوا من ناحية الكنيسة وكبروا فلم يكن للروم مفزع إلا

295
سفنهم وأبصر عمرو وأصحابه السلة في جوف المدينة فأقبل بجيشه حتى دخل عليهم فلم تفلت الروم إلا بما خف لهم من مراكبهم وغنم عمرو ما كان في المدينة
وكان من بسبرت متحصنين واسمها نبارة وسبرت السوق القديم وإنما نقله إلى نبارة عبد الرحمن بن حبيب سنة إحدى وثلاثين فلما بلغهم محاصرة عمرو مدينة أطرابلس وأنه لم يصنع فيهم شيئا ولا طاقة له بهم أمنوا فلما ظفر عمرو بن العاص بمدينة أطرابلس جرد خيلا كثيفة من ليلته وأمرهم بسرعة السير فصبحت خيله مدينة سبرت وقد غفلوا وقد فتحوا أبوابهم لتسرح ما شيتهم فدخلوها فلم ينج منهم أحد واحتوى جند عمرو على ما فيها ورجعوا إلى عمرو
حدثنا أبو الأسود النضر بن عبد الجبار حدثنا ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد أنه سمع أبا تميم الجيشاني يقول غزونا مع عمرو بن العاص غزوة أطرابلس فجمعنا المجلس ومعنا فيه هبيب بن مغفل فذكرنا قضاء دين رمضان فقال هبيب مغفل لا يفرق وقال عمرو بن العاص لا بأس أن يفرق إذا أحصيت العدد

296
ذكر استئذان عمرو بن العاص عمر بن الخطاب في غزوة أفريقية
وأراد عمرو أن يوجه إلى المغرب فكتب إلى عمر بن الخطاب كما حدثنا عبد الملك بن مسلمة عن ابن لهيعة عن ابن هبيرة عن أبي تميم الجيشاني
إن الله قد فتح علينا أطرابلس وليس بينها وبين أفريقية إلا تسعة أيام فإن رأى أمير المؤمنين أن يغزوها ويفتحها الله على يديه فعل فكتب إليه عمر لا إنها ليست بأفريقية ولكنها المفرقة غادرة مغدور بها لا يغزوها أحد ما بقيت
حدثنا أبو الأسود النضر بن عبد الجبار حدثنا ابن لهيعة عن أبي قبيل عن مرة بن ليشرح المعافري قال سمعت عمر بن الخطاب يقول أفريقية المفرقة ثلاث مرات لا أوجه إليها أحدا ما مقلت عيني الماء حدثنا أسد بن موسى حدثنا ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد عن علي بن رباح عن مسعود بن الأسود صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان بايع تحت الشجرة أنه استأذن عمر بن الخطاب في غزو أفريقية فقال عمر لا إن أفريقية غادرة مغدور بها

297
قال ثم رجع إلى حديث عثمان بن صالح وغيره قال فأتى عمرو بن العاص كتاب المقوقس يذكر له فيه أن الروم يريدون نكث العهد ونقض ما كان بينهم وبينه وكان عمرو قد عاهد المقوقس على أن لا يكتمه أمرا يحدث فانصرف عمرو راجعا مبادرا لما أتاه وقد كان عمرو يبعث الجريدة من الخيل فيصيبون الغنائم ثم يرجعون
ذكر عزل عمرو عن مصر
قال فتوفي عمر رحمة الله عليه ومصرعلى أميرين عمرو بن العاص بأسفل الأرض وعبد الله بن سعد بن أبي سرح على الصعيد قال وكانت وفاة عمر كما حدثنا يحيى بن بكير عن الليث بن سعد مصدر الحاج سنة ثلاث وعشرين حدثنا سعيد بن عفير قال إنما كان عمر بن الخطاب ولى عبد الله بن سعد من الصعيد الفيوم فلما استخلف عثمان بن عفان كما حدثنا عبد الله بن صالح أو غيره عن الليث طمع عمرو بن العاص لما رأى من لين عثمان أن يعزل له عبد الله بن سعد عن الصعيد فوفد إليه وكلمه في ذلك فقال له عثمان ولاه عمر بن الخطاب الصعيد وليس بينه وبينه حرمة ولا خاصة وقد علمت أنه أخي من الرضاعة فكيف أعزله عما ولاه غيري وقال له فيما حدثنا سعيد بن
عفير إنك لفي غفلة عما كانت تصنع بي أمه إن كانت لتخبأ لي العرق من اللحم في ردنها حتى آتي قال ثم رجع إلى حديث الليث بن سعد قال فغضب عمرو وقال لست راجعا إلا على ذلك فكتب عثمان بن عفان إلى عبد الله بن سعد يؤمره على

298
مصر كلها فجاءه الكتاب بالفيوم قال ابن عفير بقرية منها تدعى دموشة قال الليث في حديثه فجعل لأهل أطواب جعلا على أن يصبحوا به الفسطاط في مركبه وكان الذي جعل لهم كما يزعم آل عبد الله بن سعد خمسة دنانير قال الليث فقدموا به الفسطاط قبل الصبح فأرسل إلى المؤذن فأقام الصلاة حين طلع الفجر وعبد الله بن عمرو ينتظر المؤذن يدعوه إلى الصلاة لأنه خليفة أبيه فاستنكر الإقامة فقيل له صلى عبد الله بن سعد بالناس وآل عبد الله يزعمون أن عبد الله بن سعد أقبل من غربي المسجد بين يديه شمعة وأقبل عبد الله بن عمرو من نحو داره بين يديه شمعة فالتقت الشمعتان عند القبلة قال الليث في حديثه فأقبل عبد الله بن عمرو حتى وقف على عبد الله بن سعد فقال هذا بغيك ودسك فقال عبد الله بن سعد ما فعلت وقد كنت أنت وأبوك تحسداني على الصعيد فتعال حتى أوليك الصعيد وأولي أباك أسفل الأرض ولا أحسدكما عليه فلبث عبد الله بن سعد عليها أميرا محمودا وغزا فيها ثلاث غزوات كلهن لها شأن وذكر أفريقية والأوساد ويوم ذي الصواري وسأذكر ذلك في موضعه أن شاء الله قال وكان عزل عمرو بن

299
العاص عن مصر كما حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير عن الليث بن سعد وتولية عبد الله بن سعد في سنة خمس وعشرين
ذكر انتقاض الإسكندرية
قال وقد كانت الإسكندرية كما حدثنا عبد الله بن صالح عن الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب انتقضت وجاءت الروم عليهم منويل الخصي في المراكب حتى أرسوا لاسكندرية فأجابهم من بها من الروم ولم يكن المقوقس تحرك ولا نكث
وقد كان عثمان بن عفان عزل عمرو بن العاص وولى عبد الله بن سعد فلما نزلت الروم الإسكندرية سأل أهل مصر عثمان أن يقر عمرا حتى يفرغ من قتال الروم فإن له معرفة بالحرب وهيبة في قلب العدو ففعل وكان على الإسكندرية سورها فحلف عمرو بن العاص لئن أظهره الله عليهم ليهدمن سورها حتى تكون مثل بيت الزانية تؤتى من كل مكان فخرج إليهم عمرو في البر والبحر قال غير الليث وضوى إلى المقوقس من أطاعه من القبط فأما الروم فلم يطعه منهم أحد فقال خارجة بن حذافة لعمرو ناهضهم القتال قبل أن يكثر مددهم ولا آمن أن تنتقض مصر كلها فقال عمرو لا ولكن أدعهم حتى يسيروا إلي

300
فإنهم يصيبون من مروا به فيخزي الله بعضهم ببعض
فخرجوا من الإسكندرية ومعهم من نقض من أهل القرى فجعلوا ينزلون القرية فيشربون خمورها ويأكلون أطعمتها وينتهبون ما مروا به فلم يعرض لهم عمرو حتى بلغوا نقيوس فلقوهم في البر والبحر فبدأت الروم والقبط فرموا بالنشاب في الماء رميا شديداحتى أصابت النشاب يومئذ فرس عمرو في لبته وهو في البر فعقر فنزل عنه عمرو ثم خرجوا من البحر فاجتمعوا هم والذين في البر فنضحوا المسلمين بالنشاب فاستأخر المسلمون عنهم شيئا يسيرا وحملوا على المسلمين حملة ولى المسلمون منها وانهزم شريك بن سمي في خيله وكانت الروم قد جعلت صفوفا خلف صفوف وبرز يومئذ بطريق ممن جاء من أرض الروم على فرس له عليه سلاح مذهب فدعا إلى البراز فبرز إليه رجل من زبيد يقال له حومل يكنى أبا مذحج فاقتتلا طويلا برمحين يتطاردان ثم ألقى البطريق الرمح وأخذ السيف وألقى حومل رمحه وأخذ سيفه وكان يعرف بالنجدة وجعل عمرو يصيح أبا مذحج فيجيبه لبيك والناس على شاطيءالنيل في البر على تعبئتهم وصفوفهم فتجاولا ساعة بالسيفين ثم حمل عليه البطريق فاحتمله وكان نحيفا ويخترط حومل خنجرا كان في منطقته أوفي ذراعه فضرب به نحر العلج أوتر قوته فأثبته ووقع عليه فأخذ سلبه ثم مات حومل بعد ذلك بأيام رحمة الله عليه فرئي عمرو يحمل سريره بين عمودي نعشه حتى

301
دفنه بالمقطم ثم شد المسلمون عليهم فكانت هزيمتهم فطلبهم المسلمون حتى الحقوهم بالإسكندرية ففتح الله عليهم وقتل منويل الخصي
حدثنا الهيثم بن زياد أن عمرو بن العاص قتلهم حتى أمعن في مدينتهم فكلم في ذلك فأمر برفع السيف عنهم وبني في ذلك الموضع الذي رفع فيه السيف مسجدا وهو المسجد الذي بالإسكندرية الذي يقال له مسجد الرحمة وإنما سمي مسجد الرحمة لرفع عمرو السيف هنالك وهدم سورها كله
وجمع عمرو ما أصاب منهم فجاءه أهل تلك القرى ممن لم يكن نقض فقالوا قد كنا على صلحنا وقد مر علينا هؤلاء اللصوص فأخذوا متاعنا ودوابنا وهو قائم في يديك فرد عليهم عمرو ما كان لهم من متاع عرفوه وأقاموا عليه البينة وقال بعضهم لعمرو ما حل لك ما صنعت بنا كان لنا أن تقاتل عنا لأنا في ذمتك ولم ننقض فأما من نقض فأبعده الله فندم عمرو وقال يا ليتني كنت لقيتهم حين خرجوا من الإسكندرية
وكان سبب نقض الإسكندرية هذا كما حدثنا عن حيوة بن شريح عن الحسن بن ثوبان عن هشام بن أبي رقية أن صاحب إخنا قدم على عمرو بن العاص فقال أخبرنا ما على أحدنا من الجزية فيصبر لها فقال عمرو وهو يشير إلى ركن كنيسة لو أعطيتني من الركن إلى السقف ما أخبرتك إنما أنتم خزانة لنا إن كثر علينا كثرنا عليكم وإن خفف عنا

302
خففنا عنكم فغضب صاحب إخنا فخرج إلى الروم فقدم بهم فهزمهم الله وأسر النبطي فأتي به عمرو فقال له الناس اقتله فقال لا بل انطلق فجئنا بجيش آخر
حدثنا سعيد بن سابق قال كان اسمه طلما وإن عمرا لما أتي به سوره وتوجه وكساه برنس أرجوان وقال له إيتنا بمثل هؤلاء فرضي بأداء الجزية فقيل لطلما لو أتيت ملك الروم فقال لو اتيته لقتلني وقال قتلت أصحابي
ذكر خراب خربة وردان
قال وكان عمرو حين توجه إلى الإسكندرية خرب القرية التي تعرف اليوم بخربة وردان قال عبد الرحمن واختلف علينا في السبب الذي خربت له فحدثنا سعيد بن عفير أن عمرا لما توجه إلى نقيوس لقتال الروم عدل وردان لقضاء حاجته عند الصبح قريبا من خربة وردان فاختطفه أهل الخربة فغيبوه ففقده عمرو وسأل عنه وقفا أثره فوجدوه في بعض دورهم فأمر بإخرابها وإخراجهم منها
حدثنا عبد الملك بن مسلمة قال كان أهل الخربة رهبانا كلهم فغدروا بقوم من ساقة عمرو فقتلوهم بعد أن بلغ عمرو الكريون فأقام

303
عمرو ووجه إليهم وردان فقتلهم وخربها فهي خراب إلى اليوم حدثنا أبي عبد الله بن عبد الحكم قال كان أهل الخربة أهل توثب وخبث فأرسل عمرو بن العاص إلى أرضهم فأخذ له منها جراب فيه تراب من ترابها ثم دعاهم فكلمهم فلم يجيبوه إلى شيء فأمر بإخراجهم ثم أمر بالتراب ففرش تحت مصلاه ثم قعد عليه ثم دعاهم فكلمهم فأجابوه إلى ما أحب ثم أمر بالتراب فرفع ثم دعاهم فلم يجيبوه إلى شيء حتى فعل ذلك مرارا فلما رأى عمرو ذلك قال هذه بلدة لا تصلح إلا ن توطأ فأمر بإخرابها والله أعلم
ذكر بعض ما قيل في فتح الإسكندرية الثاني
ثم رجع إلى حديث ابن ليهعة عن يزيد بن أبي حبيب قال فلما هزم الله الروم أراد عثمان عمرا أن يكون على الحرب وعبد الله بن سعد على الخراج فقال عمرو أنا إذا كماسك البقرة بقرنيها وآخر يحلبها فأبى عمرو
حدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ حدثنا حرملة بن عمران عن تميم بن فرع المهري قال شهدت فتح الإسكندرية في المرة الثانية فلم يسهم لي حتى كاد أن يقع بين قومي وبين قريش منازعة فقال بعض القوم أرسلوا إلى أبي بصرة الغفاري وعقبة بن عامر الجهني فإنهما من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلوهما عن هذا فأرسلوا إليهما فسألوهما فقالا انظروا فإن كان أنبت فأسهموا له فنظروا إلي بعض القوم فوجدوني قد أنبت فأسهموا لي
حدثنا عبد الملك بن مسلمة حدثنا ابن وهب عن موسى بن علي

304
عن أبيه عن عمرو بن العاص أنه فتح الإسكندرية الفتحة الأخيرة عنوة قسرا في خلافة عثمان بن عفان بعد موت عمر بن الخطاب رضي الله عنهم أجمعين حدثنا عبد الملك بن مسلمة حدثنا ابن لهيعة قال كان فتح الإسكندرية الأول سنة إحدى وعشرين وفتحها الآخر سنة خمس وعشرين بينهما أربع سنين
حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير عن الليث بن سعد قال كان فتح الإسكندرية الأول سنة اثنتين وعشرين وكان فتحها الآخر سنة خمس وعشرين قال غير ابن لهيعة وأقام عمرو بن العاص بعد فتح الإسكندرية شهرا ثم عزله عثمان وولى عبد الله بن سعد
قال غير ابن لهيعة في حديثه عن يزيد بن أبي حبيب وأقامت الخيس من البيما يقاتلون الناس سبع سنين بعدما فتحت مصر مما يفتحون عليهم من تلك المياه والغياض
ذكر قدوم عمرو على عمر بن الخطاب
حدثنا عثمان بن صالح عن الليث بن سعد قال عاش عمر بن الخطاب بعد فتح مصر ثلاث سنين قدم عليه عمرو فيها قدمتين قال ابن عفير استخلف في إحداهما زكرياء بن الجهم العبدري على الجند ومجاهد بن جبر مولى بني نوفل بن عبد مناف على الخراج وهو جد معاذ بن موسى النفاط أبي إسحاق بن معاذ الشاعر فسأله عمر من استخلفت فذكر له مجاهد بن جبر فقال له عمر مولى ابنت غزوان قال نعم إنه

305
كاتب فقال عمر إن القلم ليرفع بصاحبه وبنت غزوان هذه أخت عتبة بن غزوان وقد شهد عتبة بدرا
حدثنا عبد الملك بن هشام قال حدثنا زياد بن عبد الله عن محمد بن إسحاق قال عتبة بن غزوان بن جابر بن وهب بن نسيب بن مالك بن الحارث بن مازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان حليف بني نوفل بن عبد مناف قال وخطة مجاهد بن جبر دار صالح صاحب السوق
قال ثم رجع إلى حديث ابن عفير قال واستخلف في القدمة الثانية عبد الله بن عمروفحدثنا عبد الملك بن مسلمة وعبد الله بن صالح قالا حدثنا الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب أن عمرو بن العاص دخل على عمر بن الخطاب وهو على مائدته جاثيا على ركبتيه وأصحابه كلهم على تلك الحال وليس في الجفنة فضل لأحد يجلس فسلم عمرو على عمر فرد عليه السلام قال عمرو بن العاص قال نعم فأدخل عمر يده في الثريد فملأها ثريدا ثم ناولها عمرو بن العاص فقال خذ هذا فجلس عمرو وجعل الثريد في يده اليسرى ويأكل باليمنى ووفد أهل مصر ينظرون إليه فلما خرجوا قال الوفد لعمرو أي شيء صنعت فقال عمرو إنه والله لقد علم أني بما قدمت به من مصر لغني عن الثريد الذي ناولني ولكنه أراد أن يختبرني فلو لم أقبلها للقيت منه شرا
حدثنا أبو الأسود النضر بن عبد الجبار حدثنا ابن لهيعة عن أبي

306
قبيل قال دخل عمرو بن العاص على عمر بن الخطاب وقد صبغ رأسه ولحيته بسواد فقال عمر من أنت قال أنا عمرو بن العاص قال عمر عهدي بك شيخا وأنت اليوم شاب عزمت عليك إلا ما خرجت فغسلت هذا
حدثنا عبد الله بن صالح حدثنا الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب قال قدم عمرو بن العاص من مصر مرة على عمر فوافاه على المنبر يوم الجمعة فقال هذا عمرو بن العاص قد أتاكم ما ينبغي لعمرو أن يمشي على الأرض إلا أميرا حدثنا سعيد بن عفير حدثنا ابن لهيعة عن مشرح بن عاهان عن عقبة بن عامر أن عمر رضي الله عنه قال ما ينبغي لعمرو أن يمشي على الأرض إلا أميرا
قال الليث وقال عمرو بن العاص ما كنت بشيء أتجر مني بالحرب
ذكر وفاة عمرو بن العاص
قال ثم توفي عمرو بن العاص في سنة ثلاث وأربعين حدثنا يحيى بن بكير عن الليث بن سعد قال توفي عمرو بن العاص سنة ثلاث وأربعين وفيها أمر عتبة بن أبي سفيان على أهل مصر وفيها غزا شريك بن سمي لبدة المغرب

307
قال وحدثنا أسد بن موسى وعبد الله بن صالح قالا حدثنا الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن ابن شماسة أخبره أن عمرو بن العاص لما حضرته الوفاة دمعت عيناه فقال عبد الله بن عمرو يا أبا عبد الله أجزع من الموت يحملك على هذا قال لا ولكن مما بعد الموت فذكر له عبد الله مواطنه التي كانت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم والفتوح التي كانت بالشام فلما فرغ عبد الله من ذلك قال قد كنت على أطباق ثلاثة لو مت على بعضهن علمت ما يقول الناس بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم فكنت أكره الناس لما جاء به أتمنى لو أني قتلته فلو مت على ذلك لقال الناس مات عمرو مشركا عدوا لله ولرسوله من أهل النار ثم قذف الله الإسلام في قلبي فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فبسط إلي يده ليبايعني فقبضت يدي ثم قلت أبايعك على أن يغفر لي ما تقدم من ذنبي وأنا أظن حينئذ أني لا أحدث في الإسلام ذنبا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عمرو إن الإسلام يجب ما قبله من خطيئة وإن الهجرة تجب ما بينها وبين الإسلام فلو مت على هذا الطبق لقال الناس أسلم عمرو وجاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نرجو لعمرو عند الله خيرا كثيرا ثم أصبت إمارات وكانت فتن فأنا مشفق من هذا الطبق فإذا أخرجتموني فأسرعوا بي ولا تتبعني مادحة ولا نار وشدوا علي إزاري فإني مخاصم وسنوا علي التراب سنا فإن يميني ليست بأحق بالتراب من يساري ولا تدخلن القبر خشبة ولا طوبة ثم إذا قبرتموني فامكثوا عندي قدر نحر جزور وتقطيعها أستأنس بكم
حدثنا أسد بن موسى حدثنا ابن لهيعة حدثنا يزيد بن أبي حبيب عن

308
سويد بن قيس عن قيس بن سمي نحوه قال وقال عمرو فوالله إني إن كنت لأشد الناس حياء من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ملأت عيني منه ولا راجعته بما أريد حتى لحق بالله حياء منه
وصية عمرو بن العاص عند موته
حدثنا أسد بن موسى حدثنا عبد الرحمن بن محمد عن محمد بن طلحة عن إسماعيل أن عمرو بن العاص لما حضره الموت قال ادعوا لي عبد الله فقال يا بني إذا أنا مت فاغسلني وترا واجعل في آخر ماء تغسلني به شيئا من كافور فإذا فرغت فأسرع بي فإذا أدخلتني قبري فسن علي التراب سنا واعلم أنك تتركني وحيدا خائفا اللهم لا أعتذر ولكني أستغفر اللهم إنك أمرت بأمور فتركنا ونهيت فركبنا فلا بريء فأعتذر ولا عزيز فأنتصر ولكن لا إله إلا أنت لا إله إلا أنت ثلاث مرات ثم قبض
حدثنا عبد الملك بن مسلمة حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن عن أبيه أن عمرو بن العاص لما حضرته الوفاة ذرفت عيناه فبكى فقال له عبد الله يا أبة ما كنت أخشى أن ينزل بك أمر من أمر الله إلا صبرت عليه قال له يا بني إنه نزل بإبيك خلال ثلاث أما أولاهن

309
فانقطاع عمله وأما الثالثة فهول المطلع وأما الثانية ففراق الأحبة وهي أيسرهن اللهم أمرت فتوانيت ونيهت فعصبت اللهم ومن شيمك العفو والتجاوز
حدثنا وهب الله بن راشد أخبرنا يونس بن يزيد عن ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن عن عبد الله بن عمرو أن عمرو بن العاص حين حضرته الوفاة قال أي بني إذا مت فكفني في ثلاثة أثواب ثم أزرني في أحدهن ثم شقوا لي الأرض شقا وسنوا علي التراب سنا فإني مخاصم ثم قال اللهم إنك أمرت بأمور ونهيت عن أمور فتركنا كثيرا مما أمرت به ووقعنا في كثير مما نهيت عنه اللهم لا إله إلا أنت فلم يزل يرددها حتى فاظ
حدثنا المقرئ عبد الله بن يزيد حدثنا حرملة بن عمران التجيبي حدثني يزيد بن أبي حبيب عن أبي فراس مولى عمرو بن العاص أن عمرا لما حضرته الوفاة قال لابنه عبد الله إذا مت فاغسلني وكفني وشد علي إزاري فإني مخاصم فإذا أنت حملتني فأسرع بي المشي فإذا أنت وضعتني في المصلى وذلك في يوم عيد فانظر إلى أفواه الطرق فإذا لم يبق أحد واجتمع الناس فابدأ فصل علي ثم صل العيد فإذا وضعتني في لحدي فأهيلوا علي التراب فإن شقي الأيمن ليس بأحق بالتراب من شقي الأيسر فإذا سويتم علي فأجلسوا عند قبري قدر نحر

310
جزور وتقطيعها أستأنس بكم فلما تقدم عبد الله بن عمرو ليصلي على أبيه كما حدثنا عبد الغفار بن داؤد وعبد الله بن صالح عن الليث بن سعد عن ربيعة بن لقيط قال والله ما أحب أن لي بأبي أبا رجل من العرب وما أحب أن الله يعلم أن عيني دمعت عليه جزعا وأن لي حمر النعم ثم كبر
حدثنا سعيد بن عفير قال ودفن بالمقطم من ناحية الفج وكان طريق الناس يومئذ إلى الحجاز فأحب أن يدعو له من مر به وفي ذلك يقول عبد الله بن الزبير من الطويل
(ألم تر ان الدهر أخنت ريوبه
* على عمرو السهمي تجبى له مصر)
(فأضحى نبيذا بالعراء وضللت
* مكائده عنه وأمواله الدثر)
(ولم يغن عنه جمعه واحتياله
* ولا كيده حتى أتيح له الدهر))
ذكر فتح أفريقية
ثم رجع إلى حديث عثمان وغيره قال فلما عزل عثمان عمرو بن العاص عن مصر وأمر عبد الله بن سعد بن أبي سرح كان يبعث المسلمين في جرائد الخيل كما كانوا يفعلون في أيام عمرو فيصيبون من أطراف

311
أفريقية ويغنمون فكتب في ذلك عبد الله بن سعد إلى عثمان وأخبره بقربهم من حرز المسلمين ويستأذنه في غزوها فندب عثمان الناس لغزوها بعد المشورة منه في ذلك فلما اجتمع الناس أمر عليهم عثمان الحارث بن الحكم إلى أن يقدموا على عبد الله بن سعد مصر فيكون إليه الأمر فخرج عبد الله بن سعد إليها وكان مستقر سلطان أفريقية يومئذ بمدينة يقال لها قرطاجنة وكان عليها ملك يقال له جرجير كان هرقل قد استخلفه فخلع هرقل وضرب الدنانير على وجهه وكان سلطانه ما بين أطرابلس إلى طنجة
حدثنا عبد المك بن مسلمة حدثنا ابن لهيعة قال كان هرقل استخلف جرجير فخلعه قال ثم رجع إلى حديث عثمان بن صالح وغيره قال فلقيه جرجير فقاتله فقتله الله وكان الذي ولي قتله فيما يزعمون عبد الله بن الزبير وهرب جيش جرجير فبث عبد الله بن سعد السرايا وفرقها فأصابوا غنائم كثيرة فلما رأى ذلك رؤساء أهل أفريقية طلبوا إلى عبد الله بن سعد أن يأخذ منهم مالا على أن يخرج من بلادهم فقبل منهم ذلك ورجع إلى مصر ولم يول عليهم أحدا ولم يتخذ بها قيروانا فكانت غنائم المسلمين يومئذ كما حدثنا عبد الملك بن مسلمة عن ابن لهيعة عن أبي الأسود عن أبي أويس قال أبو الأسود مولى لنا قال غزونا مع عبد الله بن سعد أفريقية فقسم بيننا الغنائم بعد إخرج الخمس فبلغ

312
سهم الفارس ثلاثة آلاف دينار للفرس ألفا دينار ولفارسه آلف دينار وللراجل آلف دينار فقسم لرجل من الجيش توفي بذات الحمام فدفع إلى أهله بعد موته ألف دينار
حدثنا يوسف بن عدي حدثنا ابن المبارك عن حيوة بن شريح عن عبد الرحمن بن أبيه هلال عن أبي الأسود أن أبا أوس مولى لهم قديما حدثه أن رجلا خرج في غزوة أفريقية فمات بذات الحمام فقسم له فكان سهمه يومئذ ألف دينار حدثنا عبد الملك بن مسلمة حدثنا الليث بن سعد عن غير واحد أن عبد الله بن سعد غزا أفريقية وقتل جرجير فأصاب الفارس يومئذ ثلاثة آلاف دينار والراجل ألف دينار قال غير الليث من مشايخ أهل مصر في كل دينار دينار وربع
قال ثم رجع إلى حديث عثمان بن صالح وغيره قال فكان جيش عبد الله بن سعد ذلك عشرين ألفا حدثنا عبد الملك بن مسلمة عن ابن لهيعة قال كانت مهرة في غزوة عبد الله بن سعد وحدهم ستمائة رجل وغنث من الأزد سبعمائة رجل وميدعان سبعمائة وميدعان من الأزد وكان على مقاسمها كما حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير عن ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد عن أزهر بن يزيد الغطيفي شريك بن سمي فباع ابن زرارة المديني تبرا بذهب بعضه أفضل من بعض ثم لقيه المقداد بن الأسود فذكر ذلك له فقال المقداد إن هذا لا يصلح فقال له ابن زرارة فضلها لك هبة قال شريك ما أحب أن لي ما تحوز وإني أرجع به
وكانت ابنة جرجير كما حدثنا أبي عبد الله بن عبد الحكم

313
وسعيد بن عفير قد صارت لرجل من الأنصار في سهمه فأقبل بها منصرفا قد حملها على بعير له فجعل يرتجز
(يابنة جرجير تمشي عقبتك
* إن عليك بالحجاز ربتك)
(لتحملن من قباء قربتك
*) قالت ما يقول هذا الكلب فأخبرت بذلك فألقت نفسها عن البعير الذي كانت عليه فدقت عنقها فماتت
حدثنا عبد الملك بن مسلمة حدثنا ابن لهيعة أن عبد الله بن سعد هو الذي افتتح أفريقية ونقل هو الذي افترع أفريقية أنه كان يوضع بين يديه الكوم من الورق فيقال للأفارقة من أين لكم هذا قال فجعل إنسان منهم يدور كالذي يلتمس الشيء حتى وجد زيتونة فجاء بها إليه فقال من هذا نصيب الورق قال وكيف قال إن الروم ليس عندهم زيتون فكانوا يأتونا فيشترون منا الزيت فنأخذ هذا الورق منهم وإنما سموا الأفارقة فيما حدثنا عثمان بن صالح عن ابن لهيعة وغيره أنهم من ولد فارق بن بيصر وكان فارق قد حاز لنفسه من الأرض ما بين برقة إلى أفريقية فبالأفارقة سميت أفريقية
حدثنا أبي عبد الله بن عبد الحكم حدثنا بكر بن مضر عن يزيد بن أبي حبيب عن قيس بن أبي يزيد عن الجلاس بن عامر عن عبد الله بن أبي ربيعة قال صلى عبد الله بن سعد للناس بأفريقية

314
المغرب فلما صلى ركعتين سمع جلبة في المسجد فراعهم ذلك وظنوا أنهم العدو فقطع الصلاة فلما لم ير شيئا خطب الناس ثم قال إن هذه الصلاة احتضرت ثم أمر مؤذنه فأقام الصلاة ثم أعادها
قال وبعث عبد الله بن سعد كما حدثنا عبد الملك بن مسلمة عن ابن لهيعة بالفتح عقبة بن نافع ويقال عبد الله بن الزبير وذلك أصح وسار زعموا عبد الله بن الزبير على راحلته إلى المدينة من أفريقية عشرين ليلة
حدثنا سعيد بن عفير حدثني المنذر بن عبد الله الحزامي عن هشام بن عروة أن عبد الله بن سعد بعث عبد الله بن الزبير بفتح أفريقية فدخل على عثمان فجعل يخبره بلقائهم العدو وما كان في تلك الغزوة فأعجب عثمان فقال له هل تستطيع أن تخبر الناس بمثل هذا قال نعم فأخذ بيده حتى انتهى به إلى المنبر ثم قال له أقصص عليهم ما أخبرتني فتلكأ عبد الله بدئا فأخذ الزبير قبضة حصباء وهم أن يحصبه بها ثم تكلم كلاما أعجبهم فكان الزبير يقول إذا أراد أحدكم أن يتزوج المرأة فلينظر إلى أبيها وأخيها فلن يلبث أن يرى ربيطة منها ببابه لما كان يرى من شبه عبد الله بن الزبير بأبي بكر
حدثنا عبد الملك بن مسلمة حدثنا الليث بن سعد قال بعث عبد الله بن سعد عبد الله بن الزبير وكان في الجيش بالفتح فقدم على عثمان بن عفان فبدأ به قبل أن يأتي أباه الزبير
بن العوام فخرج عثمان

315
إلى المسجد ومعه ابن الزبير فحمد الله وأثنى عليه ثم ذكر الذي أبلى الله المسلمين على يدي عبد الله بن سعد ثم قال قم يا عبد الله بن الزبير فحدث الناس بالذي شهدت قال الزبير فوجدت في نفسي على عثمان وقلت يقيم غلاما من الغلمان لا يبلغ الذي يحق عليه والذي يجمل به فقام فتكلم فأبلغ وأصاب فما فرغ حتى ملأهم عجبا ثم نزل عثمان وقام عبد الله بن الزبير إلى أبيه فأخذ أبوه بيده وقال إذا أردت أن تتزوج امرأة فانظر إلى أبيها وأخيها قبل أن تتزوجها كأنه يشبهه ببلاغة أبي بكر الصديق جده قال وحدثنيه ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب وقد قيل أن عبد الله بن سعد قد كان وجه مروان بن الحكم إلى عثمان من أفريقية فلا أدري أفي الفتح أم بعده والله أعلم
حدثنا عبد الله بن معشر الأيلي أن مروان بن الحكم أقبل من أفريقية أرسله عبد الله بن سعد ووجه معه رجلا من العرب من لخم أو جذام شك عبد الرحمن قال فسرنا حتى إذا كنا ببعض الطريق قرب الليل فقال لي صاحبي هل لك إلى صديق لي ها هنا قلت ما شئت قال فعدل بي عن الطريق حتى أتى إلى دير وإذا سلسلة معلقة فأخذ السلسلة فحركها وكان أعلم مني فأشرف علينا رجل فلما رآنا فتح الباب فدخلنا فلم يتكلم حتى طرح لي فراشا ولصاحبي فراشا ثم أقبل على صاحبي يكلمه بلسانه فراطنه حتى سؤت ظنا ثم أقبل علي فقال أي شيء قرابتك من خليفتهم قلت ابن عمه قال هل أحد أقرب إليه منك قلت لا إلا أن يكون ولده قال صاحب الأرض االمقدسة أنت قلت لا قال فإن استطعت أن تكون هو فافعل ثم قال أريد

316
أن أخبرك بشيء وأخاف أن تضعف عنه قال قلت ألي تقول هذا وأنا أنا ثم أقبل على صاحبي فراطنه ثم أقبل علي فسايلني عن مثل ذلك وأجبته بمثل جوابي فقال إن صاحبك مقتول وإنا نجد أنه يلي هذا الأمر من بعده صاحب الأرض المقدسة فإن استطعت أن تكون ذلك فافعل فأصابتني لذلك وجمة فقال لي قد قلت لك إني أخاف ضعفك عنه فقلت وما لي لا يصيبني أو كما قال وقد نعيت إلي سيد المسلمين وأمير المؤمنين قال ثم قدمت المدينة فأقمت شهرا لا أذكر لعثمان من ذلك شيئا ثم دخلت عليه وهو في منزل له على سرير وفي يده مروحة فحدثته بذلك فلما انتهيت إلى ذكر القتل بكيت وأمسكت فقال لي عثمان تحدث لا تحدثت فحدثته فأخذ بطرف المروحة يعضها أحسبه قال عبد الرحمن واستلقى على ظهره وأخذ بطرف عقبه يعركه حتى ندمت على إخباري إياه ثم قال لي صدق وسأخبرك عن ذلك
لما غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم تبوك أعطى أصحابه سهما سهما وإعطاني سهمين فظننت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما أعطاني ذلك لما كان من نفقتي في تبوك فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت إنك أعطيتني سهمين وأعطيت أصحابي سهما سهما فظننت أن ذلك لما كان من نفقتي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ولكن أحببت أن يرى الناس مكانك مني أو منزلتك مني فأدبرت فلحقني عبد الرحمن بن عوف فقال ماذا قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما زال يتبعك بصره فظننت أن قولي قد خالف رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمهلت حتى إذا

317
خرج إلى الصلاة أتيته فقلت يا رسول الله إن عبد الرحمن بن عوف أخبرني بكذا وكذا وأنا أتوب إلى الله أو كما قال فقال لا ولكنك مقتول أو قاتل فكن المقتول والله أعلم
قال وكان فتح إفريقية كما حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير عن الليث بن سعد سنة سبع وعشرين وفي تلك السنة كما حدثنا عبد الملك بن مسلمة عن مالك بن أنس توفيت حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم
ذكر النوبة
قال ثم غزا عبد الله بن سعد الأساود وهم النوبة كما حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير سنة إحدى وثلاثين وحدثنا عبد الملك بن مسلمة حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب قال كان عبد الله بن سعد بن أبي سرح عامل عثمان على مصر في سنة إحدى وثلاثين فقاتلته النوبة قال ابن لهيعة وحدثني الحارث بن يزيد قال اقتتلوا قتالا شديدا وأصيبت يومئذ عين معاوية بن حديج وأبي شمر بن أبرهة وحيويل بن ناشرة فيومئذ سموا رماة الحدق فهادنهم عبد الله بن سعد إذ لم يطقهم وقال الشاعر
(لم تر عيني مثل يوم دمقلة
* والخيل تعدو بالدروع مثقله) قال ابن أبي حبيب في حديثه وإن عبد الله صالحهم على هدنة بينهم على أنهم لا يغزونهم ولا يغزوا النوبة المسلمين وأن النوبة يؤدون كل سنة إلى المسلمين كذا كذا رأسا من السبي وأن المسلمين يؤدون إليهم من

318
القمح كذا وكذا ومن العدس كذا وكذا في كل سنة قال ابن أبي حبيب وليس بينهم وبين أهل مصر عهد ولا ميثاق إنما هي هدنة أمان بعضنا من بعض قال ابن لهيعة ولا بأس أن يشترى رقيقهم منهم ومن غيرهم وكان أبو حبيب أبو يزيد بن أبي حبيب واسمه سويد منهم
حدثنا سعيد بن عفير حدثنا ابن لهيعة قال سمعت يزيد بن أبي حبيب يقول أبي من سبي دمقلة مولى لرجل من بني عامر من أهل المدينة يقال له شريك بن طفيل قال وكان الذي صولح عليه النوبة كما ذكر بعض مشايخ أهل مصر على ثلاثمائة رأس وستين رأسا في كل سنة ويقال بل على أربعمائة رأس في كل سنة منها لفيء المسلمين ثلاثمائة رأس وستون رأسا ولوالي البلد أربعون رأسا قال فزعم بعض المشايخ أن منها سبعة عشر مرضعا ثم انصرف عبد الله بن سعد عنهم
عهد النوبة
ويقال فيما ذكر بعض مشايخ المتقدمين أنه نظر في بعض الدواوين بالفسطاط وقرأه قبل أن ينخرق فإذا هو يحفظ منه إنا عاهدناكم وعاقدناكم أن توفونا في كل سنة ثلاثمائة رأس وستين رأسا وتدخلون بلادنا مجتازين غير مقيمين وكذلك ندخل بلادكم على أنكم إن قتلتم من المسلمين قتيلا فقد برئت منكم الهدنة وعلى إن آويتم للمسلمين عبدا فقد برئت منكم الهدنة وعليكم رد أباق المسلمين ومن لجأ إليكم من أهل الذمة

319
قال وزعم غيره من المشايخ أنه لا سنة للنوبة على المسلمين وإنهم أول عام بعثوا بالبقط أهدوا لعمرو بن العاص أربعين رأسا فكره أن يقبل منهم فرد ذلك على عظيم من
عظماء القبط يقال له نستقوس وهو القيم لهم فيها فباع ذلك واشترى لهم جهازا فاحتجوا بذلك أن عمرا بعث إليهم القمح والخيل وذلك أنهم زجروا عن القمح والخيل فكشفوا ذلك في الزمان الأول فأصيبوا هذه قصتهم
ثم رجع الحديث فتجمع له في انصرافه على شاطئ النيل البجة فسأل عنهم فأخبر بمكانهم فهان عليه أمرهم فنفذ وتركهم ولم يكن لهم عقد ولا صلح وأول من صالحهم عبيد الله بن الحبحاب يزعم بعض المشايخ أنه قرأ كتاب ابن الحبحاب فإذا فيه ثلاثمائة بكر في كل عام حتى ينزلوا الريف مجتازين تجارا غير مقيمين على أن لا يقتلوا مسلما ولا ذميا فإن قتلوه فلا عهد لهم ولا يؤوا عبيد المسلمين وأن يردوا أباقهم إذا وقعوا وقد عهدت هذا في أيامهم يؤخذون به ولكل شاة أخذها بجاوي فعليه أربعة دنانير وللبقرة عشرة وكان وكيلهم مقيما بالريف رهينة بيد المسلمين
ذكر ذي الصواري
قال ثم غزا عبد الله بن سعد بن أبي سرح كما حدثنا يحيى بن

320
عبد الله بن بكير عن الليث بن سعد ذا الصواري في سنة أربع وثلاثين وكان من حديث هذه الغزوة كما حدثنا عبد الله بن صالح عن الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب أن عبد الله بن سعد لما نزل ذا الصواري أنزل نصف الناس مع بسر بن أبي أرطأة سرية في البر فلما مضوا أتى آت إلى عبد الله بن سعد فقال ما كنت فاعلا حين ينزل بك هرقل في ألف مركب فافعلة الساعة قال غير الليث إنما هو ابن هرقل لأن هرقل مات في سنة تسع عشرة والمسلمون محاصرون الإسكندرية
ثم رجع إلى حديث الليث عن يزيد بن أبي حبيب قال وإنما مراكب المسلمين يومئذ مائتا مركب ونيف فقال عبد الله بن سعد بين ظهراني الناس فقال قد بلغني أن هرقل قد أقبل إليكم في ألف مركب فأشيروا علي فما كلمه رجل من المسلمين فجلس قليلا لترجع إليهم أفئدتهم ثم قام الثانية فكلمهم فما كلمه أحد فجلس ثم قام الثالثة فقال إنه لم يبق شيء فأشيروا علي فقام رجل من أهل المدينة كان متطوعا مع عبد الله بن سعد فقال
أيها الأمير إن الله جل ثناؤه يقول * (كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين) * فقال عبد الله اركبوا بسم الله فركبوا وإنما في كل مركب نصف شحنته قد خرج النصف الآخر إلى البر مع

321
بسر فلقوهم فاقتتلوا بالنبل والنشاب وتأخر هرقل لئلا تصيبه الهزيمة وجعلت القوارب تختلف إليه بالأخبار فقال ما فعلوا قالوا قد اقتتلوا بالنبل والنشاب فقال غلبت الروم ثم أتوه فقال ما فعلوا قالوا قد نفذ النبل والنشاب فهم يرتمون بالحجارة قال غلبت الروم ثم أتوه فقال ما فعلوا قالوا قد نفذت الحجارة وربطوا المراكب بعضها ببعض يقتتلون بالسيوف قال غلبت الروم
حدثنا عبد الملك بن مسلمة حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب قال وكانت السفن إذ ذاك تقرن بالسلاسل عند القتال فقال فقرن مركب عبد الله يومئذ وهو الأمير بمركب من مراكب العدو فكاد مركب العدو يجتر مركب عبد الله إليهم فقام علقمة بن يزيد الغطيفي وكان مع عبد الله بن سعد في المركب فضرب السلسلة بسيفه فقطعها فسأل عبد الله امرأته بعد ذلك بسيسة ابنة حمزة بن ليشرح وكانت مع عبد الله يومئذ وكان الناس يغزون بنسائهم في المراكب من رأيت أشد قتالا قالت علقمة صاحب السلسلة وكان عبد الله قد خطب بسيسة إلى أبيها فقال له إن علقمة قد خطبها وله علي فيها وأي وإن يتركها أفعل فكلم عبد الله علقمة فتركها فتزوجها عبد الله بن سعد ثم هلك عنها عبد الله فتزوجها بعده علقمة بن يزيد ثم هلك عنها علقمة فتزوجها

322
بعده كريب بن أبرهة وماتت تحته في السنة التي قتل فيها مروان الأكدر بن حمام قال غير ابن لهيعة قتل مروان الأكدر بن حمام في اليوم الذي ماتت فيه بسيسة فجاء الخبر إلى كريب بذلك فقال حتى أفرغ من دفن هذه الجنازة فلم ينصرف حتى قتل فلام الناس يومئذ كريب بن أبرهة وللأكدر بن حمام وقتله حديث أطول من هذا
قال غير ابن لهيعة مشت الروم إلى قسطنطين بن هرقل في سنة خمس وثلاثين فقالوا تترك الإسكندرية في أيدي العرب وهي مدينتنا الكبرى فقال ما أصنع بكم ما تقدرون أن تمالكوا ساعة إذا لقيتم العرب قالوا فأخرج على أنا نموت فتابيعوا على ذلك فخرج في ألف مركب يريد الإسكندرية فسار أيام غالبة من الريح فبعث الله عليهم ريحا فغرقتهم إلا قسطنطين نجا بمركبه فألقته الريح بسقلية فسألوه عن أمره فأخبرهم فقالوا شمت النصرانية وأفنيت رجالها لو دخل العرب علينا لم نجد من يردهم فقال خرجنا مقتدرين فأصابنا هذا فصنعوا له الحمام ودخلوا عليه فقال ويلكم تذهب رجالكم وتقتلون ملككم قالوا كأنه غرق معهم ثم قتلوه وخلوا من كان معه في المركب
ذكر رابطة الإسكندرية
حدثنا عثمان بن صالح حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب وعبد الله بن هبيرة يزيد أحدهما على صاحبه قال لما استقامت البلاد

323
وفتح الله على المسلمين الإسكندرية قطع عمرو بن العاص من أصحابه لرباط الإسكندرية ربع الناس خاصة الربع يقيمون ستة أشهر ثم يعقبهم شاتية ستة أشهر ربع في السواحل والنصف الثاني مقيمون معه
قال غيرهما وكان عمر بن الخطاب يبعث في كل سنة غازية من أهل المدينة ترابط بالإسكندرية وكاتب الولاة لا تغفلها وتكثف رابطتها ولا تأمن الروم عليها وكتب عثمان إلى عبد الله بن سعد قد علمت كيف كان هم أمير المؤمنين بالإسكندرية وقد نقضت الروم مرتين فألزم الإسكندرية رابطتها ثم أجر عليهم أرزاقهم وأعقب بينهم في كل ستة أشهر
حدثنا طلق بن السمح حدثنا ضمام بن إسماعيل المعافري حدثنا أبو قبيل أن عتبة بن أبي سفيان عقد لعلقمة بن يزيد الغطيفي على الإسكندرية وبعث معه اثني عشر ألفا فكتب علقمة إلى معاوية يشكو عتبة حين غرر به وبمن معه فكتب إليه معاوية إني قد أمددتك بعشرة آلاف من أهل الشام وبخمسة آلاف من أهل المدينة فكان فيها سبعة وعشرين
ألفا
حدثنا عبد الملك بن مسلمة حدثنا ابن لهيعة أن علقمة بن يزيد كان على الإسكندرية ومعه اثنا عشر ألفا فكتب إلى معاوية إنك خلفتني بالإسكندرية وليس معي إلا اثنا عشر ألفا ما يكاد بعضنا يرى بعضا من القلة فكتب إليه معاوية إني قد أمددتك بعبد الله بن مطيع في أربعة آلاف

324
من أهل المدينة وأمرت معن بن يزيد السلمي أن يكون بالرملة في أربعة آلاف ممسكين بأعنة خيولهم متى يبلغهم عنك فزع يعبروا إليك
قال ابن لهيعة وكان عمرو بن العاص يقول ولاية مصر جامعة تعدل الخلافة

325
الجزء الخامس

326
ذكر من كان يخرج على غزو المغرب بعد عمرو بن العاص وفتوحه
معاوية بن حديج
حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم قال ثم خرج إلى المغرب بعد عبد الله بن سعد معاوية بن حديج التجيبي سنة أربع وثلاثين وكان معه في جيشه عامئذ عبد الملك بن مروان فافتتح قصورا وغنم غنائم عظيمة واتخذ قيروانا عند القرن فلم يزل فيه حتى خرج إلى مصر وكان معه في غزاته هذه جماعة من المهاجرين والأنصار
حدثنا عبد الملك بن مسلمة حدثنا ابن لهيعة وحدثنا يوسف بن

327
عدي حدثنا عبد الله بن المبارك نحوه عن ابن لهيعة عن بكير بن عبد الله عن سليمان بن يسار قال غزونا أفريقية مع ابن حديج ومعنا من المهاجرين والأنصار بشر كثير فنفلنا ابن حديج النصف بعد الخمس فلم أر أحد أنكر ذلك إلا جبلة بن عمرو الأنصاري وحدثنا يوسف بن عدي حدثنا ابن المبارك عن ابن لهيعة عن خالد بن أبي عمران قال وسألت سليمان بن يسار عن النفل في الغزو فقال لم أر أحدا صنعه غير ابن حديج نفلنا بأفريقية النصف بعد الخمس ومعنا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من المهاجرين الأولين ناس كثير فأبى جبلة بن عمرو الأنصاري أن يأخذ منه شيئا
ثم رجع إلى حديث عثمان بن صالح وغيره قال فانتهى إلى قونية وهي موضع مدينة قيروان أفريقية ثم مضى إلى جبل يقال له القرن يعسكر إلى جانبه وبعث عبد الملك بن مروان إلى مدينة يقال لها جلولاء في ألف رجل فحاصرها أياما فلم يصنع شيئا فانصرف راجعا فلم يسر إلا يسيرا حتى رأى في ساقة الناس غبارا شديدا فظن أن العدو قد طلبهم فكر جماعة من الناس لذلك وبقي من بقي على مصافهم وتسرع سرعان الناس فإذا مدينة جلولاء قد وقع حائطها فدخلها المسلمون وغنموا ما فيها وانصرف عبد الملك إلى معاوية بن حديج فاختلف الناس في الغنيمة فكتب في ذلك إلى معاوية بن أبي سفيان فكتب إن العسكر ردء للسرية فقسم ذلك بينهم فأصاب كل رجل منهم لنفسه مائتي دينار وضرب

328
للفرس بسهمين ولصاحبه بسهم قال عبد الملك فأخذت لفرسي ولنفسي ستمائة دينار واشتريت بها جارية
قال ويقال بل غزاها معاوية بن حديج بنفسه فحاصرهم فلم يقدر عليهم فانصرف أئسا منها وقد جرح عامة أصحابه وقتل منهم ففتحها الله بعد انصرافه بغير خيل ولا رجال فرجع إليها ومن معه وفيها السبي لم يردهم أحد فغنموا وانصرف منها راجعا إلى مصر
حدثنا عبد الملك بن مسلمة حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب قال غزا معاوية بن حديج أفريقية ثلاث غزوات أما الأولى فسنة أربع وثلاثين قبل قتل عثمان وأعطى عثمان مروان الخمس في تلك الغزوة وهي غزوة لا يعرفها كثير من الناس والثانية سنة أربعين والثالثة سنة خمسين
عقبة بن نافع
قال ثم خرج إلى المغرب بعد معاوية بن حديج عقبة بن نافع الفهري سنة ستة وأربعين ومعه بسر بن أبي أرطأة وشريك بن سمي المرادي فأقبل حتى نزل بمغمداش من سرت وكان توجه بسر إليها

329
كما حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير عن الليث بن سعد سنة ست وعشرين من سرت فأدركه الشتاء وكان مضعفا وبلغه أن أهل ودان قد نقضوا عهدهم ومنعوا ما كان بسر بن أبي أرطأة فرض عليهم وكان عمرو بن العاص قد بعث إليها بسرا قبل ذلك وهو محاصر لأهل أطرابلس فافتتحها فخلف عقبة بن نافع جيشه هنالك واستخلف عليهم عمر بن علي القرشي وزهير بن قيس البلوي ثم سار بنفسه وبمن خف معه أربع مائة فارس وأربع مائة بعير وثماني مائة قربة حتى قدم ودان فافتتحها وأخذ ملكهم فجدع أذنه فقال لم فعلت هذا بي وقد عاهدتني فقال عقبة فعلت هذا بك أدبا لك إذا مسست أذنك ذكرته فلم تحارب العرب واستخرج منهم ما كان بسر فرضه عليهم ثلاثمائة رأس وستين رأسا
ثم سألهم عقبة هل من ورائكم أحد فقيل له جرمة وهي مدينة فزان العظمى فسار إليها ثماني ليال من ودان فلما دنا منها أرسل فدعاهم إلى الإسلام فأجابوا فنزل منها على ستة أميال وخرج ملكهم يريد عقبة وأرسل عقبة خيلا فحالت بين ملكهم وبين موكبه فأمشوه راجلا حتى أتى عقبة وقد لغب وكان ناعما فجعل يبصق الدم فقال له لم فعلت هذا بي وقد أتيتك طائعا فقال عقبة أدبا لك إذا ذكرته لم تحارب العرب وفرض عليه ثلاثمائة عبد وستين عبدا ووجه عقبة الرحل من

330
يومه ذلك إلى المشرق
ثم مضى على جهته من فوره ذلك إلى قصور فزان فافتتحها قصرا قصرا حتى انتهى إلى أقصاها فسألهم هل من ورائكم أحد قالوا نعم أهل خاوار وهو قصرعظيم على رأس المفازة في وعورة على ظهر جبل وهو قصبة كوار فسار إليهم خمس عشرة ليلة فلما انتهى إليه تحصنوا فحاصرهم شهرا فلم يستطع لهم شيئا فمضى أمامه على
قصور كوار فافتتحها حتى انتهى إلى أقصاها وفيه ملكها فأخذه فقطع إصبعه فقال لم فعلت هذا بي قال أدبا لك إذا أنت نظرت إلى أصبعك لم نحارب العرب وفرض عليه ثلاثمائة عبد وستين عبدا
فسألهم هل من ورائكم أحد فقال الدليل ليس عندي بذلك معرفة ولا دلالة فانصرف عقبة راجعا فمر بقصر خاوار فلم يعرض له ولم ينزل بهم وسار ثلاثة أيام فأمنوا وفتحوا مدينتهم وأقام عقبة بمكان اسمه اليوم ماء فرس لم يكن به ماء فأصابهم عطش شديد أشفى منه عقبة وأصحابه على الموت فصلى عقبة ركعتين ودعا الله وجعل فرس عقبة يبحث بيديه في الأرض حتى كشف عن صفاة فانفجر منها الماء فجعل الفرس يمص ذلك الماء فأبصره عقبة فنادى في الناس أن احتفروا

331
فحفروا سبعين حسيا فشربوا واستقوا فسمي لذلك ماء فرس ثم رجع عقبة إلى خاوار من غير طريقه التي كان أقبل منها فلم يشعروا به حتى طرقهم ليلا فوجدهم مطمئنين قد تمهدوا في أسرابهم فاستباح ما في المدينة من ذرياتهم وأموالهم وقتل مقاتلتهم
ثم انصرف راجعا فسار حتى نزل بموضع زويلة اليوم ثم ارتحل حتى قدم على عسكره بعد خمسة أشهر وقد جمت خيولهم وظهرهم فسار متوجها إلى المغرب وجانب الطريق الأعظم وأخذ إلى أرض مزاتة فافتتح كل قصر بها ثم مضى إلى صفر فافتتح قلاعها وقصورها ثم بعث خيلا إلى غدامس فافتتحت غدامس فلما انصرفت إليه خيله سار إلى قفصة فافتتحها وافتتح قصطيلية
ثم انصرف إلى القيروان فلم يعجب بالقيروان الذي كان معاوية بن حديج بناه قبله فركب والناس معه حتى أتى موضع القيروان اليوم وكان واديا كثير الشجر كثير القطف تأوي إليه الوحوش والسباع والهوام ثم نادى بأعلى صوته يأهل الوادي ارتحلوا رحمكم الله فإنا نازلون نادى بذلك ثلاثة إيام فلم يبق من السباع شيء ولا الوحوش والهوام إلا خرج وأمر الناس بالتنقية والخطط ونقل الناس من الموضع الذي كان معاوية بن

332
حديج نزله إلى مكان القيروان اليوم وركز رمحه وقال هذا قيروانكم
حدثنا عبد الملك بن مسلمة الأنصاري حدثنا الليث بن سعد أن عقبة بن نافع غزا أفريقية فأتى وادي القيروان فبات عليه هو وأصحابه حتى إذا أصبح وقف على رأس الوادي فقال يا أهل الوادي اظعنوا فإنا نازلون قال ذلك ثلاث مرات فجعلت الحيات تنساب والعقارب وغيرها مما لا يعرف من الدواب تخرج ذاهبة وهم قيام ينظرون إليها من حين أصبحوا حتى أوجعتهم الشمس وحتى لم يروا منها شيئا فنزلوا الوادي عند ذلك قال الليث فحدثني زياد بن العجلان أن أهل أفريقية أقاموا بعد ذلك أربعين سنة ولو التمست حية أو عقرب بألف دينار ما وجدت
أبو المهاجر
قال ثم عزل عقبة بن نافع في سنة إحدى وخمسين عزله مسلمة بن مخلد الأنصاري وهو يومئذ والي البلد من قبل معاوية بن أبي سفيان ومسلمة بن مخلد أول من جمعت له مصر والمغرب وكانت ولاية مسلمة بن مخلد كما حدثنا يحيى بن بكير عن الليث بن سعد سنة سبع وأربعين وولى أبا المهاجر دينارا مولى الأنصار وأوصاه حين ولاه أن يعزل عقبة أحسن العزل فخالفه أبو المهاجر فأساء عزله وسجنه وأوقره حديدا حتى أتاه الكتاب من الخليفة بتخلية سبيله وإشخاصه إليه فخرج عقبة حتى أتى قصر الماء فصلى ثم دعا وقال اللهم لا تمتني حتى تمكني من أبي

333
المهاجر دينار بن أم دينار وكان مجاب الدعوة فبلغ ذلك أبا المهاجر فلم يزل خائفا منذ بلغته دعوته فلما قدم عقبة مصر ركب إليه مسلمة بن مخلد فأقسم له بالله لقد خالفه ما صنع أبو المهاجر ولقد أوصيته بك خاصة وقد كان قيل لمسلمة لو أقررت عقبة فإن له جزالة لا فقال مسلمة إن أبا المهاجر صبر علينا في غير ولاية ولا كبير نيل فنحن نحب أن نكافيه
فلما قدم أبو المهاجر أفريقية كره أن ينزل في الموضع الذي اختطه عقبة بن نافع ومضى حتى خلفه بميلين فابتنى نزل وكان الناس قبل أبي المهاجر كما حدثنا عبد الملك بن مسلمة عن ابن لهيعة وأحمد بن عمرو عن ابن وهب عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب يغزون أفريقية ثم يقفلون منها إلى الفسطاط وأول من أقام بها حين غزاها أبو المهاجر مولى الأنصار أقام بها الشتاء والصيف واتخذها منزلا وكان مسلمة بن مخلد الذي عقد له على الجيش الذين خرجوا معه إليها فلم يزالوا بها حتى قتل ابن الزبير فخرجوا منها
ثم قدم عقبة على معاوية بن أبي سفيان فقال له فتحت البلاد وبنيت المنازل ومسجد الجماعة ودانت لي المغرب ثم أرسلت عبد الأنصار فأساء عزلي فاعتذر إليه معاوية وقال قد عرفت مكان مسلمة بن مخلد من

334
الإمام المظلوم وتقديمه إياه وقيامه بدمه وبذل مهجته وقد رددتك على عملك ويقال أن معاوية ليس هو الذي رد عقبة بن نافع ولكنه قدم على يزيد بن معاوية بعد موت أبيه فرده واليا على أفريقية وذلك أصح لأن معاوية توفي سنة ستين حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير عن الليث بن سعد قال توفي معاوية بن أبي سفيان سنة ستين
مقتل عقبة بن نافع
ثم رجع إلى حديث عثمان وغيره قال فخرج عقبة بن نافع سريعا بحنقه على أبي المهاجر حتى قدم أفريقية فأوثق أبا المهاجر في وثاق شديد وأساء عزله وغزا به معه إلى السوس وهو في حديد وأهل السوس بطن من البربر يقال لهم أنبية فجول في بلادهم لا يعرض له أحد ولا يقاتله فانصرف إلى أفريقية فلما دنا من ثغرها أمر أصحابه فافترقوا عنه وأذن لهم حتى بقي في قلة فأخذ على مكان يقال له تهوذة فعرض له كسيلة بن لمزم في جمع كثير من الروم والبربر وقد كان بلغه افتراق الناس عن عقبة فاقتتلوا قتالا شديدا فقتل عقبة ومن كان معه وقتل أبو المهاجر وهو موثق في الحديد ثم سار كسيلة ومن معه حتى نزلوا الموضع الذي كان عقبة اختطه فأقام به وقهر من
قرب منه باب قابس وما يليه وجعل يبعث أصحابه في كل وجه

335
ويقال بل خرج عقبة بن نافع إلى السوس واستخلف على القيروان عمر بن القرشي وزهير بن قيس البلوي وكانت أفريقية يومئذ تدعى مزاق فتقدم عقبة إلى السوس وخالفه رجل من العجم في ثلاثين ألفا إلى عمر بن علي وزهير بن قيس وهما في ستة آلاف فهزمه الله وخرج ابن الكاهنة البربري على أثر عقبة كلما رحل عقبة من منهل دفنه ابن الكاهنة فلم يزل كذلك حتى انتهى عقبة إلى السوس ولا يشعر بما صنع البربري فلما انتهى عقبة إلى البحر أقحم فرسه فيه حتى بلغ نحره ثم قال اللهم إني أشهدك أن لا مجاز ولو وجدت مجازا لجزت وانصرف راجعا والمياه قد عورت وتعاونت عليه البربر فلم يزل يقاتل وأبو المهاجر معه في الحديد فلما استحر الأمر أمر عقبة بفتح الحديد عنه فأبى أبو المهاجر وقال ألقى الله في حديدي فقتل عقبة وأبو المهاجر ومن معهما
حدثنا عبد الملك بن مسلمة حدثنا الليث بن سعد أن عقبة بن نافع قدم من عند يزيد بن معاوية في جيش على غزو المغرب فمر على عبد الله بن عمرو وهو بمصر فقال له عبد الله يا عقبة لعلك من الجيش الذين يدخلون برحالهم فمضى بجيشه حتى قاتل البربر وهم كفار فقتلوا جميعا
حدثنا عبد الملك بن مسلمة حدثنا ابن لهيعة عن بحير بن ذاخر المعافري قال كنت عند عبد الله بن عمرو بن العاص حين دخل عليه عقبة بن نافع بن عبد القيس الفهري فقال ما أقدمك يا عقبة فإني أعلمك تحب الإمارة قال فإن أمير المؤمنين يزيد عقد لي على جيش إلى أفريقية فقال له عبد الله بن عمرو إياك أن تكون لعنة أرامل أهل مصر

336
فإني لم أزل اسمع أنه سيخرج رجل من قريش في هذا الوجه فيهلك فيه فقدم أفريقية فتبع آثار أبي المهاجر وضيق عليه وحدده ثم خرج إلى قتال البربر وهم خمسة آلاف رجل من أهل مصر وخرج بأبي المهاجر معه في الحديد فقتل وقتل أصحابه وقتل أبو المهاجر معهم وكان مقتل عقبة بن نافع وأصحابه كما حدثنا يحيى بن بكير عن الليث بن سعد في سنة ثلاث وستين
قال ثم رجع إلى حديث عثمان وغيره قال ثم زحف ابن الكاهنة إلى القيروان يريد عمر بن علي وزهير بن قيس فقاتلاه قتالا شديدا فهزم ابن الكاهنة وقتل أصحابه وخرج عمر بن علي وزهير بن قيس إلى مصر بالجيش لاجتماع ملأ البربر وأقام ضعفاء أصحابهما ومن كان خرج معهما من موالي أفريقية بأطرابلس ويقال أن عبد العزيز بن مروان لما ولي مصر كتب إلى زهير بن قيس وزهير يومئذ ببرقة يأمره بغزو أفريقية فخرج في جمع كثير فلما دنا من قونية وبها عسكر كسيلة بن لمزم عبأ زهير لقتاله وخرج إليه فاقتتلا فقتل كسيلة ومن معه ثم انصرف زهير قافلا إلى برقة ويقال بل حسان بن النعمان الذي كان وجه زهير بن قيس والله أعلم وكان مقتل كسيلة كما حدثنا يحيى بن بكير عن الليث بن سعد في سنة أربع وستين

337
حسان بن النعمان
ثم قدم حسان بن النعمان واليا على المغرب أمره عليها عبد الملك بن مروان في سنة ثلاث وسبعين فمضى في جيش كبير حتى نزل أطرابلس واجتمع إليه بها من كان خرج من أفريقية وأطرابلس فوجه على مقدمته محمد بن أبي بكير وهلال بن مروان اللواتي وزهير بن قيس ففتح البلاد وأصاب غنائم كثيرة وخرج إلى مدينة قرطاجنة وفيها الروم فلم يصب فيها إلا قليلا من ضعفائهم فانصرف وغزا الكاهنة وهي إذ ذاك ملكة البربر وقد غلبت على جل أفريقية فلقيها على نهر يسمى اليوم نهر البلاء فاقتتلوا قتالا شديدا فهزمته وقتلت من أصحابه وأسرت منهم ثمانين وجلا وأفلت حسان ونفذ من مكانه إلا أنطابلس فنزل قصورا من حيز برقة فسميت قصور حسان واستخلف على أفريقية أبا صالح وكانت أنطابلس ولوبية ومراقية إلى حد أجدابية من عمل حسان
فأحسنت الكاهنة إسار من أسرته من أصحابه وأرسلتهم إلا رجلا منهم من بني عبس يقال له خالد بن يزيد فتبنته وأقام معها فبعث حسان إلى خالد رجال فأتاه فقال له إن حسان يقول لك ما يمنعك من الكتاب إلينا بخبر الكاهنة فكتب خالد بن يزيد إلى حسان كتابا جعله في خبزة ملة ثم

338
دفعها إلى الرسول ليخفي فيها الكتاب وليظن من رأى الخبزة أنها زاد الرجل فخرجت الكاهنة وهي تقول يا بني هلاككم فيما تأكله الناس فكررت ذلك ومضى الرسول حتى قدم على حسان بالكتاب فيه علم ما يحتاج إليه
ثم كتب إليه أيضا كتاب آخر وجعله في قربوس حفره ووضع الكتاب فيه وأطبق عليه حتى استوى وخفي مكانه فخرجت الكاهنة أيضا وهي تقو يا بني هلاككم في شيء من نبات الأرض ميت فكررت ذلك ومضى حتى قدم على حسان فندب أصحابه ثم غزاها فلما توجه إليها خرجت ناشرة شعرها فقالت يا بني انظروا ماذا ترون في السماء قالوا نرى شيئا من سحاب أحمر قالت لا وإلهي ولكنها رهج خيل العرب ثم قالت لخالد بن يزيد إني إنما كنت تبنيتك لمثل هذا اليوم أنا مقتولة فأوصيك بأخويك هذين خيرا فقال خالد إني أخاف إن كان ما تقولين حقا ألا يستبقيا قالت بلى ويكون أحدهما عند العرب أعظم شأنا منه اليوم فانطلق فخذ لهما أمانا فانطلق خالد فلقي حسان فأخبره خبرها وأخذ لابينها أمانا
وكان مع حسان جماعة من البربر من البتر فولى عليهم حسان الأكبر من ابني الكاهنة وقربه ومضى حسان ومن معه فلقي الكاهنة في أصل جبل فقتلت وعامة من معها فسميت بئر الكاهنة وكان مقتل الكاهنة

339
قال ثم رجع إلى حديث عثمان وغيره قال ثم انصرف حسان فنزل موضع قيروان أفريقية اليوم وبنى مسجد جماعتها ودون الدواوين ووضع الخراج على عجم أفريقية وعلى من أقام معهم على النصرانية من البربر وعاملتهم من البرانس إلا قليلا من البتر وأقام حسان بموضعه حتى استقامت له البلاد ثم توجه إلى عبد الملك بغنائمه في جمادى الآخرة سنة ست وسبعين
قال وحدثنا ابن بكير حدثنا الليث بن سعد قال قفل حسان بن النعمان من أفريقية سنة ثمان وسبعين فلما مر حسان ببرقة أمر على خراجها إبراهيم بن النصراني ثم مضى
فمر بعبد العزيز بن مروان وهو بمصر ثم نفذ إلى عبد الملك فسر عبد الملك بما أورد عليه حسان من فتوحه وغنائمه ويقال بل أخذ منه عبد العزيز كلما كان معه من السبي وكان قد قدم معه من وصائف البربر بشيء لم ير مثله جمالا فكان نصيب الشاعر يقول حضرت السبي الذي كان عبد العزيز أخذه من حسان مائتي جارية منها ما يقام بألف دينار
مقتل زهير بن قيس
قال وأغارت الروم بعد حسان على أنطابلس فهرب إبراهيم بن النصراني وخلى أهل أنطابلس وأهل ذمتها في أيدي الروم فرأسوها أربعين ليلة حتى أسرعوا فيها الفساد وبلغ ذلك عبد العزيز بن مروان فأرسل إلى زهير بن قيس وكان خرج مع حسان فلما بلغ مصر أقام بها فأمره

340
عبد العزيز بالنهوض إلى الروم ولم يجتمع لزهير من أصحابه إلا سبعون رجلا وكان عارض من الصدف يقال له جندل بن صخر وكان فظا غليظا فقال زهير لعبد العزيز بن مروان أما إذ قد أمرتني بالخروج فلا تبعثن معي جندلا عارضا فيحبس علي الناس لشدته وفظاظته وكان عبد العزيز عاتبا على زهير بن قيس لأنه كان قاتله حين وجهه أبوه مروان بن الحكم من ناحية أيلة من قبل أن يدخل مصر فقال له ما علمتك يا زهير إلا جلفا جافيا فقال له زهير ما كنت أرى يا بن ليلى أن رجلا جمع ما أنزل الله على محمد صلى الله عليه وسلم من قبل أن يجتمع أبواك جلف جاف ما هو بالجلف ولا الجاف أنا منطلق فلا ردني الله إليك فخرج حتى إذا كان بدرنة من طبرقة من أرض أنطابلس لقي الروم وهو في سبعين رجلا فتوقف لتلحق به الناس فقال له فتى شاب كان معه جبنت يا زهير فقال ما جبنت يا بن أخي ولكن قتلتني وقتلت نفسك فلقيهم فاستشهد زهير وأصحابه جميعا فقبورهم هنالك معروفة إلى اليوم وكان مقتل ذهير وأصحابه كما حدثنا يحيى بن بكير عن الليث في سنة ست وسبعين
قال وكان بأملس من برية أنطابلس رجل من مذحج يقال له عطية بن يربوع خرج بابن له هاربا من الوبأ وكان في تلك البرية جماعة من

341
المسلمين فاستغاثهم وركب فيمن حوله من الناس فاجتمع إليه سبعمائة رجل فزحف بهم إلى الروم فقاتلهم فهزمهم واعتصموا بسفنهم وهرب من بقي منهم وبلغ ذلك عبد العزيز بن مروان فبعث إليها غلاما يقال له تليد ووجه معه ناسا من أشراف أهل مصر فضبطها
حدثنا يحيى بن بكير عن الليث بن سعد قال أمر على أنطابلس حين قتل زهير طارق فثقل على الناس إمامة تليد بهم لأنه عبد فبلغ ذلك عبد العزيز بن مروان فأرسل إلى تليد بعتقه وأقام بأنطابلس
موسى بن نصير
وقدم حسان بن النعمان من قبل عبد الملك متوجها إلى المغرب فلما قدم مصر قال لعبد العزيز اكتب إلى عبدك بالإعراض عن أنطابلس فقال له عبد العزيز ما كنت لأفعل بعد إذ ضيعتها فاستولت عليها الروم فقال حسان إذا أرجع إلى أمير المؤمنين فقال عبد العزيز ارجع فانصرف حسان راجعا إلى عبد الملك وخلف ثقله بمصر فقدم على عبد الملك وهو مريض ووجه عبد العزيز موسى بن نصير إلى المغرب فأخبر حسان عبد الملك بذلك فخر عبد الملك ساجدا وقال الحمد لله الذي أمكنني من موسى لشدة أسفه عليه وكان عاملا لعبد الملك على العراق مع بشر بن

342
مروان فعتب عليه عبد الملك وأراد قتله فافتداه منه عبد العزيز بمال لما رأى من عقل موسى بن نصير ولبه وكان عنده بمصر ثم لم يلبث حسان بن النعمان إلا يسيرا حتى توفي وقدم موسى بن نصير المغرب في سنة ثمان وسبعين
حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث قال أمر موسى بن نصير على أفريقية سنة تسع وسبعين فعزل أبا صالح وافتتح عامة المغرب وواتر فتوحه كتب بها إلى عبد العزيز بن مروان وبعث بغنائمه وأنهاها عبد العزيز إلى عبد الملك فسكن ذلك من عبد الملك بعض ما كان يجد على موسى
حدثنا عبد الملك بن مسلمة حدثنا الليث بن سعد أن موسى بن نصير حين غزا بعث ابنه مروان عل جيش فأصاب من السبي مائة ألف وبعث ابن أخيه في جيش أخر فأصاب مائة ألف فقيل لليث بن سعد من هم فقال البربر فلما أتى كتابه بذلك قال الناس ابن نصير والله أحمق من أين له عشرون ألفا يبعث بها إلى أمير المؤمنين في الخمس فبلغ ذلك موسى بن نصير فقال ليبعثوا من يقبض لهم عشرين ألفا
ثم توفي عبد الملك بن مروان وكانت وفاته كما حدثنا يحيى بن بكير عن الليث بن سعد يوم الخميس لأربع عشرة ليلة خلت من شوال سنة ست وثمانين واستخلف الوليد بن عبد الملك فتواترت فتوح المغرب على

343
الوليد من قبل موسى بن النصير فعظمت منزلة موسى عنده واشتد عجبه به
ذكر فتح الأندلس
قال ووجه موسى بن نصير ابنه مروان بن موسى إلى طنجة مرابطا على ساحلها فجهد هو وأصحابه فانصرف وخلف على جيشه طارق بن عمرو وكانوا ألفا وسبعمائة ويقال بل كان مع طارق اثني عشر ألفا من البربر إلا ستة عشر رجلا من العرب وليس ذلك بالصحيح ويقال أن موسى بن نصير خرج من أفريقية غازيا إلى طنجة وهو أول من نزل طنجة من الولاة وبها من البربر بطون من البتر والبرانس ممن لم يكن دخل في الطاعة فلما دنا من طنجة بث السرايا فانتهت خيله إلى السوس الأدنى

344
فوطئهم وسباهم وأدوا إليه الطاعة وولى عليهم واليا أحسن فيهم السيرة ووجه بسر بن أبي أرطأة إلى قلعة من مدينة القيروان على ثلاثة أيام فافتتحها وسبى الذرية وغنم الأموال قال فسميت قلعة بسر فهي لا تعرف إلا به إلى اليوم ثم إن موسى عزل الذي كان استعمله على طنجة وولى طارق بن زياد ثم انصرف إلى القيروان وكان طارق قد خرج معه بجارية له يقال لها أم حكيم فأقام طارق هنالك مرابطا زمانا وذلك في سنة ثنتين وتسعين
وكان المجاز الذي بينه وبين أهل الأندلس عليه رجل من العجم يقال له يليان صاحب سبتة وكان على مدينة على المجاز إلى الأندلس يقال لها الخضراء والخضراء مما يلي طنجة وكان يليان يؤدي الطاعة إلى لذريق صاحب الأندلس وكان لذريق يسكن طليطلة فراسل طارق يليان ولاطفه حتى تهاديا وكان يليان قد بعث بابنة له إلى لذريق صاحب الأندلس ليؤدبها ويعلمها فأحبلها فبلغ ذلك يليان فقال لا أرى له عقوبة ولا مكافأة إلا أن أدخل عليه العرب فبعث إلى طارق إني مدخلك الأندلس وطارق يومئذ بتلمسين وموسى بن نصير بالقيروان فقال طارق فإني لا أطمأن إليك حتى تبعث إلي برهينة فبعث إليه بابنتيه ولم يكن له ولد غيرهما فأقرهما طارق بتلمسين واستوثق منهما ثم خرج طارق إلى يليان وهو بسبته على المجاز ففرح به حين قدم عليه وقال له أنا مدخلك الأندلس وكان فيما بين المجازين جبل يقال له اليوم جبل طارق فيما بين

345
سبتة والأندلس فلما أمسى جاء يليان بالمراكب فحمله فيها إلى ذلك المجاز فأكمن فيه نهاره فلما أمسى رد المراكب إلى من بقي من أصحابه فحملوا إليه حتى لم يبق منهم أحد ولا يشعر بهم أهل الأندلس ولا يظنون إلا أن المراكب تختلف بمثل ما كانت تختلف به من منافعهم وكان طارق في آخر فوج ركب فجاز إلى أصحابه وتخلف يليان ومن كان معه من التجار بالخضراء ليكون أطيب لأنفس أصحابه وأهل بلده
وبلغ خبر طارق ومن معه أهل الأندلس ومكانهم الذي هم به وتوجه طارق فسلك بأصحابه على قنطرة من الجبل إلى قرية يقال لها قرطاجنة وزحف يريد قرطبة فمر بجزيرة في البحر فخلف بها جارية له يقال لها أم حكيم ومعها نفر من جنده فتلك الجزيرة من يومئذ تسمى جزيرة أم حكيم وقد كان المسلمون حين نزلوا الجزيرة وجدوا بها كرامين ولم يكن بها غيرهم فأخذوهم ثم عمدوا إلى رجل من الكرامين فذبحوه ثم عضوه وطبخوه ومن بقي من أصحابه ينظرون وقد كانوا طبخوا لحما في قدور أخر فلما أدركت طرحوا ما كان طبخوه من لحم ذلك الرجل ولا يعلم بطرحهم له وأكلوا اللحم الذي كانوا طبخوه ومن بقي من الكرامين ينظرون إليهم فلم يشكوا أنهم أكلوا لحم صاحبهم ثم أرسلوا من بقي منهم فأخبروا أهل الأندلس أنهم يأكلون لحم الناس وأخبروهم بما صنع بالكرام

346
قال وكان بالأندلس كما حدثنا أبي عبد الله بن عبد الحكم وهشام بن إسحاق بيت عليه أقفال لا يلي ملك منهم إلا زاد عليه قفلا من عنده حتى كان الملك الذي دخل عليه المسلمون فإنهم أرادوه على أن يجعل عليه قفلا كما كانت تصنع الملوك قبله فأبى وقال ما كنت لأضع عليه شيئا حتى أعرف ما فيه فأمر بفتحه فإذا فيه صور العرب وفيه كتاب إذا فتح هذا الباب دخل هؤلاء القوم هذا البلد
ثم رجع إلى حديث عثمان وغيره قال فلما جاز طارق تلقته جنود قرطبة واجترؤوا عليه للذي رأوا من قلة أصحابه فاقتتلوا فاشتد قتالهم ثم انهزموا فلم يزل يقتلهم حتى بلغوا مدينة قرطبة وبلغ ذلك لذريق فزحف إليهم من طليطلة فالتقوا بموضع يقال له شذونة على واد يقال له اليوم وادي أم حكيم فاقتتلوا قتالا شديدا فقتل الله عز وجل لذريق ومن معه وكان معتب الرومي غلام الوليد بن عبد الملك على خيل طارق فزحف معتب الرومي يريد قرطبة ومضى طارق إلى طليطلة فدخلها وسأل عن المائدة ولم يكن له هم غيرها وهي مائدة سليمان بن داود التي يزعم أهل الكتاب
قال وحدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث بن سعد قال لما فتح لموسى بن نصير الأندلس فأخذ منها مائدة سليمان بن داود صلى الله عليه وسلم والتاج فقيل لطارق أن المائدة بقلعة يقال لها فراس مسيرة يومين من طليطلة وعلى القلعة ابن أخت للذريق فبعث إليه طارق بأمانه وأمان أهل بيته فنزل إليه

347
فأمنه ووفى له فقال له طارق ادفع إلي المائدة فدفعها إليه وفيها من الذهب والجوهر ما لم ير مثله فقلع طارق رجلا من أرجلها بما فيها من الجوهر والذهب وجعل لها رجلا سواها فقومت المائدة بمائتي ألف دينار لما فيها م الجوهر وأخذ طارق ما كان عنده من الجوهر والسلاح والذهب والفضة والأنية وأصاب سوى ذلك من الأموال ما لم ير مثله فحوى ذلك كله ثم انصرف إلى قرطبة وأقام بها وكتب إلى موسى بن نصير يعلمه بفتح الأندلس وما أصاب من الغنائم فكتب موسى إلى الوليد بن عبد الملك يعلمه بذلك ونحله نفسه وكتب موسى إلى طارق ألا يجاوز قرطبة حتى يقدم عليه وشتمه شتما قبيحا
ثم خرج موسى بن نصير إلى الأندلس في رجب سنة ثلاث وتسعين بوجوه العرب والموالي وعرفاء البربر حتى دخل الأندلس وخرج مغيظا على طارق وخرج معه حبيب بن أبي عبيدة الفهري واستخلف على القيروان ابنه عبد الله بن موسى وكان أسن ولده فأجاز من الخضراء ثم مضى إلى قرطبة فتلقاه طارق فترضاه وقال له إنما أنا مولاك وهذا الفتح لك فجمع موسى من الأموال ما لا يقدر على صفته ودفع طارق كلما كان غنم إليه
قال يقال بل توجه لذريق إلى طارق وهو في الجبل فلما انتهى إليه لذريق خرج إليه طارق ولذريق على سرير ملكه والسرير بين بغلين يحملانه وعليه تاجه وقفازاه وجميع ما كانت الملوك قبله تلبسه من الحلية فخرج إليه طارق وأصحابه رجالة كلهم ليس فيهم راكب فاقتتلوا من حين بزغت الشمس إلى أن غربت وظنوا أنه الفناء فقتل الله لذريق

348
ومن معه وفتح للمسلمين ولم يكن بالمغرب مقتلة قط أكثر منها فلم يرفع المسلمون السيف عنهم ثلاثة أيام ثم ارتحل الناس إلى قرطبة قال ويقال أن موسى هو الذي وجه طارقا بعد مدخله الأندلس إلى طليطلة وهي النصف فيما بين قرطبة وأربونة وأربونة أقصى ثغر الأندلس وكان كتاب عمر بن العزيز ينتهي إلى أربونة ثم غلب عليها أهل الشرك فهي في أيديهم اليوم وأن طارقا إنما أصاب المائدة فيها والله أعلم
وكان لذريق يملك ألفي ميل من الساحل إلى ما وراء ذلك وأصاب الناس غنائم كثيرة من الذهب والفضة حدثنا عبد الملك بن مسلمة حدثنا الليث بن سعد قال إن كانت الطنفسة لتوجد منسوجة بقضبان الذهب تنظم السلسلة من الذهب باللؤلؤ والياقوت والزبرجد وكان البربر ربما وجدوها فلا يستطيعون حملها حتى يأتوا بالفأس فيضرب وسطها فيأخذ أحدهما نصفها والآخر نصفها لأنفسهم وتسير معهم جماعة والناس مشتغلون بغير ذلك
حدثنا عبد الملك بن مسلمة حدثنا الليث بن سعد قال لما فتحت الأندلس جاء إنسان إلى موسى بن نصير فقال ابعثوا معي أدلكم على كنز فبعث معه فقال لهم الرجل انزعوا
ها هنا فنزعوا قال فسال عليهم من الزبرجد والياقوت شيء لم يروا مثله قط فلما رأوا تهيبوه وقالوا لا يصدقنا موسى بن نصير فأرسلوا إليه حتى جاء ونظر إليه حدثنا عبد الملك بن مسلمة حدثنا الليث بن سعد ان موسى بن نصير حين فتح الأندلس

349
كتب إلى عبد الملك أنها ليست بالفتوح ولكنه الحشر
حدثنا عبد الملك بن مسلمة حدثنا مالك بن أنس عن يحيى بن سعيد قال لما افتتحت الأندلس أصاب الناس فيها غنائم فغلوا فيها غلولا كثيرا حملوه في المراكب وركبوا فيها فلما وسطوا البحر سمعوا مناديا يقول اللهم غرق بهم فدعوا الله وتقلدوا المصاحف قال فما نشبوا أن أصابتهم ريح عاصفة وضربت المراكب بعضها بعضا حتى تكسرت وغرق بهم وأهل مصر ينكرون ذلك ويقولون إن أهل الأندلس ليس هم الذين غرقوا وإنما هم أهل سردانية وذلك أن أهل سردانية كما حدثنا سعيد بن عفير قال لما توجه إليهم المسلمون عمدوا إلى ميناء لهم في البحر فسدوه وأخرجوا منه الماء ثم قذفوا فيه آنيتهم من الذهب والفضة ثم ردوا عليه الماء بحاله وعمدوا إلى كنيسة لهم فجعلوا لها سقفا من دون سقفها وجعلوا ما كان لهم من مال بين السقفين فنزل رجل من المسلمين يغتسل في ذلك الموضع الذي سكروه ثم أعادوا عليه الماء فوقعت رجله على شيء فأخرجه فإذا صحفة من فضة ثم غاص أيضا فأخرج شيئا آخر فلما علم المسلمون بذلك حبسوا عنه الماء وأخذوا جميع تلك الآنية ودخل رجل من المسلمين ومعه قوس بندق إلى تلك الكنيسة التي رفعوا بين سقفيها مالهم فنظر إلى حمام فرماه ببندقه فأخطأه وأصاب شبحة خشب فكسرها وانهال عليهم المال فغل المسلمون يومئذ غلولا كثيرا فإن كان الرجل ليأخذ الهر فيذبحها ويرمي بما في جوفها ثم يحشوه مما غل ثم يخيط عليه ويرمي بها إلى الطريق ليتوهم من رآها أنها ميتة

350
فإذا خرج أخذها وإن كان الرجل ينزع نصل سيفه فيطرحه ويملأ الجفن غلولا ويضع قائم السيف على الجفن فلما ركبوا السفن وتوجهوا سمعوا مناديا ينادي اللهم غرق بهم فتقلدوا المصاحف فغرقوا جميعا إلا أبو عبد الرحمن الحبلي وحنش بن عبد الله السبأي فإنهما لم يكونا نديا من الغلول بشيء
حدثنا عبد الملك بن مسلمة حدثنا ابن لهيعة قال سمعت أبا الأسود قال سمعت عمرو بن أوس يقول بعثني موسى بن نصير أفتش أصحاب عطاء بن رافع مولى هذيل حين انكسرت مراكبهم فكنت ربما وجدت الإنسان قد خبأ الدنانير في خرقة في شيء بين خصيتيه قال فمر بي إنسان متكئا على قصبة فذهبت أفتشه فنازعني فغضبت فأخذت القصبة فضربته بها فانكسرت وانتثرت الدنانير منها فأخذت أجمعها حدثنا عبد الملك حدثنا الليث بن سعد قال بلغني أن رجلا في غزوة عطاء بن رافع أو غيره بالمغرب غل فتحمل بها حتى جعلها في زفت فكان يصيح عند الموت من الزفت من الزفت
قال وأخذ موسى بن نصير طارق بن عمرو فشده وثاقا وحبسه وهم بقتله وكان معتب الرومي غلاما للوليد بن عبد الملك فبعث إليه طارق إنك إن رفعت أمري إلى الوليد وأن فتح الأندلس كان على يدي وأن موسى حبسني وأنه يريد قتلي أعطيتك مائة عبد وعاهده على

351
ذلك فلما أراد معتب الانصراف ودع موسى بن نصير وقال له لا تعجل على طارق ولك أعداء وقد بلغ أمير المؤمنين أخره وأخاف عليك وجده فانصرف معتب وموسى بالأندلس فلما قدم معتب على الوليد أخبره بالذي كان من فتح الأندلس على يدي طارق وبحبس موسى إياه والذي أراد به من القتل فكتب الوليد إلى موسى يقسم له بالله لئن ضربته لأضربنك ولئن قتلته لأقتلن ولدك به ووجه الكتاب مع معتب الرومي فقدم به على موسى الأندلس فلما قرأه أطلق طارقا وخلى سبيله ووفى طارق لمعتب بالمائة العبد الذي كان جعل له
عبد العزيز بن موسى بن نصير
خرج موسى بن نصير من الأندلس بغنائمه وبالجوهر والمائدة واستخلف على الأندلس ابنه عبد العزيز بن موسى وكانت إقامة موسى بالأندلس سنة ثلاث وتسعين وأربع وتسعين وأشهرا من سنة خمس وتسعين فلما قدم موسى أفريقية كتب إليه الوليد بن عبد الملك بالخروج إليه فخرج واستخلف على أفريقية ابنه عبد الله بن موسى وسار موسى بتلك الغنائم والهدايا حتى قدم مصر ومرض الوليد بن عبد الملك فكان يكتب إلى موسى يستعجله ويكتب إليه سليمان بالمكث والمقام ليموت الوليد ويصير ما مع موسى إليه
وخرج موسى حتى إذا كان بطبرية أتته وفات الوليد فقدم على سليمان بتلك الهدايا فسر سليمان بذلك ويقال إن موسى بن نصير حين قدم

352
من الأندلس لم ينزل القيروان خلفها ونزل قصر الماء وضحى هنالك ثم شخص وشخص معه طارق حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير عن الليث بن سعد قال قفل موسى بن نصير وافدا إلى أمير المؤمنين في سنة ست وتسعين ودخل الفسطاط يوم الخميس لست ليال بقين من شهر ربيع الأول
ثم رجع إلى حديث عثمان بن صالح وغيره قال فبينا سليمان يقلب تلك الهدايا إذ انبعث رجل من أصحاب موسى بن نصير يقال له عيسى بن عبد الله الطويل من أهل المدينة وكان على الغنائم فقال يا أمير المؤمنين إن الله قد أغناك بالحلال عن الحرام وإني صاحب هذه المقاسم وإن موسى لم يخرج خمسا من جميع ما أتاك به فغضب سليمان وقام عن سريره فدخل منزله ثم خرج إلى الناس فقال نعم قد أغناني الله بالحلال عن الحرام وأمر بإدخال ذلك بيت المال وقد كان سليمان قد أمر موسى بن نصير برفع حوائجه وحوائج من معه ثم الانصراف إلى المغرب
قال ويقال بل قدم موسى بن نصير على الوليد بن عبد الملك والوليد مريض فأهدى إليه موسى المائدة فقال طارق أنا أصبتها فكذبه موسى فقال للوليد فادع بالمائده فانظر هل ذهب منها شيء فدعا بها الوليد فنظر إليها فإذا برجل من أرجلها لا تشبه الرجل الأخرى فقال له طارق سله يأمير المؤمنين فإن أخبرك بما تستدل به على صدقه فهو صادق فسأله الوليد عن الرجل فقال هكذا أصبتها فأخرج طارق الرجل التي كان أخذ منها حين أصابها فقال يستدل أمير المؤمنين بها على صدق ما قلت له

353
وأني أصبتها فصدقه الوليد وقبل قوله وأعظم جائزته
ثم رجع إلى حديث عثمان وغيره قال كان عبد العزيز بن موسى بعد خروج أبيه قد تزوج امرأة نصرانية بنت ملك من أهل الأندلس يقال أنها ابنة لذريق ملك الأندلس الذي قتله طارق فجاءته من الدنيا بشيء كثير لا يوصف فلما دخلت عليه قالت ما لي لا أرى أهل مملكتك يعظمونك ولا يسجدون لك كما كان أهل مملكة أبي يعظمونه ويسجدون له فلم يدر ما يقول لها فأمر بباب فنقب له في ناحية قصره وجعله قصيرا وكان يأذن للناس فيدخل الداخل إليه من الباب حين يدخل منكسا رأسه لقصر الباب وهي في موضع تنظر إلى الناس منه فلما رأت ذلك قالت لعبدالعزيز الآن قوي ملكك وبلغ الناس أنه إنما نقب ذلك الباب لهذا وزعم بعض الناس أنها نصرته فصار به حبيب بن أبي عبيدة الفهري وزياد بن النابغة التميمي وأصحاب لهم من قبائل العرب واجتمعوا على قتل عبد العزيز للذي بلغهم من أمره وأتوا إلى مؤذنه فقالوا له أذن بليل لكي نخرج إلى الصلاة فأذن المؤذن ثم ردد التثويب فخرج عبد العزيز فقال لمؤذنه لقد عجلت وأذنت بليل ثم توجه إلى المسجد وقد اجتمع له أولئك النفر وغيرهم ممن حضر الصلاة فتقدم عبد العزيز وافتتح يقرأ * (إذا وقعت الواقعة ليس لوقعتها كاذبة خافضة رافعة) * فوضع حبيب السيف على رأس عبد العزيز فانصرف هاربا حتى دخل داره فدخل جنانا له واختبأ فيه تحت شجرة وهرب حبيب بن أبي عبيدة وأصحابه واتبعه

354
زياد بن النابغة فدخل على أثره فوجده تحت الشجرة فقال له عبد العزيز يا بن النابغة نجني ولك ما سألت فقال له لا تذوق الحياة بعدها فأجهز عليه واحتز رأسه وبلغ ذلك حبيبا وأصحابه فرجعوا ثم خرجوا برأس عبد العزيز إلى سليمان بن عبد الملك وأمروا على الأندلس أيوب ابن أخت موسى بن نصير ومروا على القيروان وعليها عبد الله بن موسى بن نصير فلم يعرض لهم وساروا حتى قدموا على سليمان برأس عبد العزيز بن موسى فوضعوه بين يديه وحضر موسى بن نصير فقال له سليمان أتعرف هذا قال نعم أعلمه صواما قواما فعليه لعنة الله إن كان الذي قتله خيرا منه وكان قتل عبد العزيز بن موسى كما حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير عن الليث بن سعد في سنة سبع وتسعين
قال وكان سليمان عاتبا على موسى بن نصير فدفعه إلى حبيب بن أبي عبيدة وأصحابه ليخرجوا به إلى أفريقية فاستغاث بأيوب بن سليمان فأجاره وشفع له إلى أبيه ويقال إن سليمان أخذ موسى بن نصير فغرم له مائة ألف دينار وألزمه ذلك وأخذ ما كان له فاستجار بيزيد بن المهلب فأستوهبه من سليمان فوهبه له وماله ورد ذلك عليه ولم يلزمه شيئا
ومكث أهل الأندلس بعد ذلك سنين لا يجمعهم وال وعزم سليمان على الحج فأخرج موسى بن نصير على نصب حجره فخرج حتى إذا كان

355
بالمر توفي وكانت وفاته في سنة سبع وتسعين فيما حدثنا يحيى بن بكير عن الليث بن سعد
محمد بن يزيد القرشي
ثم ولي أفريقية محمد بن يزيد القرشي ولاه سليمان ين عبد الملك بمشورة رجاء بن حيوة وصرف عبد الله بن موسى سنة ست وتسعين حدثنا يحيى بن بكيرعن الليث قال أمر محمد بن يزيد على أفريقية سنة سبع وتسعين فلم يزل محمد بن يزيد واليا حتى توفي سليمان بن عبد الملك وكانت وفاته كما حدثنا يحيى بن بكيرعن الليث بن سعد يوم الجمعة لعشر ليال بقين من صفر سنة تسع وتسعين
إسماعيل بن عبيد الله
فعزل وولي مكانه إسماعليل بن عبيد الله في المحرم سنة مائة على حربها وخراجها وصدقاتها وكان حسن السيرة ولم يبق في ولايته يومئذ من البربر أحد إلا أسلم فلم يزل واليا عليها حتى توفي عمر بن عبد العزيز وكانت وفاته كما حدثنا يحيى بن بكير عن الليث بن سعد يوم

356
الجمعة لعشر ليال من رجب سنة إحدى ومائة فعزل وولي مكانه يزيد بن أبي مسلم كاتب الحجاج
يزيد بن أبي مسلم الثقفي
ولاه يزيد بن عبد الملك في سنة إحدى ومائة وعبد الله بن موسى بن نصير يومئذ بالمشرق فقدم مع يزيد بي أبي مسلم إلى أفريقية حتى إذا كان قريبا منها تلقاه الناس فلما دخل القيروان عزم يزيد بن أبي مسلم على عبد الله بن موسى بن نصير أن ينصرف إلى منزله فمضى عبد الله إلى داره وأمر يزيدالناس باتباعه حتى ظنوا أنه شريك معه فلما أدبر عبد الله ألحقه يزيد رسولا بأن أعد من مالك عطاء الجند خمس سنين ثم إن يزيد بن أبي مسلم أخذ موالي موسى بن نصير من البربر فوشم أيديهم وجعلهم أخماسا وأحصى أموالهم وأولادهم ثم جعلهم حرسه وبطانته وأخذ محمد بن يزيد القرشي فعذبه وجلده جلدا وجيعا فاستسقاه فسقاه رماد
وكان محمد بن يزيد قد ولي عذاب يزيد بن أبي مسلم بالمشرق في زمان الحجاج فقال له يزيد إذا أصبحت عذبتك حتى تموت أو أموت قبلك وكان قد بنى له في السجن بيتا ضيقا فجعله فيه وكساه جبة صوف غليظة وطبع عليها بخاتم من رصاص فلما تعشى يزيد بن أبي مسلم أتي في آخر طعامه بعنب فتناول منه عنقودا وأهوى إليه رجل

357
من حرسه يقال له حريز بالسيف فضربه حتى قتله واحتز رأسه ورمى به في المسجد عتمة فأقبل غلام لمحمد بن يزيد فدخل عليه السجن فقال له أبشر فإن يزيد قد قتل فقال له محمد قد كذبت وظن أنه دس إليه ثم اتبعه آخر من غلمانه ثم آخر حتى توافوا سبعة فلما تيقن محمد بموت يزيد أعتق العبيد
قال ويقال بل كان حرس يزيد بن أبي مسلم حين قدم البربر ليس فيهم إلا بتري وكانوا هم حرس الولاة قبله البتر خاصة ليس فيهم من البرانس أحد فخطب يزيد بن أبي مسلم الناس فقال إني إن أصبحت صالحا وشمت حرسي في أيديهم كما تصنع الروم فأشم في يد الرجل اليمنى اسمه وفي اليسرى حرسي فيعرفوا بذلك من غيرهم فأنفوا من ذلك ودب بعضهم إلى بعض في قتله وخرج من ليلته إلى المسجد لصلاة المغرب فقتلوه في مصلاه وكان قتله كما حدثنا يحيى بن بكير عن الليث بن سعد في سنة ثنتين ومائة
فلما قتل يزيد بن أبي مسلم اجتمع الناس فنظروا في رجل يقوم بأمرهم إلى أن يأتي رأي يزيد بن عبد الملك فتراضوا بالمغيرة بن أبي بردة القرشي ثم أحد بني عبد الدار فقال له عبد الله ابنه أيها الشيخ إن

358
هذا الرجل قتل بحضرتك فإن قمت بهذا الأمر بعده لم آمن عليك إن يلزمك أمير المؤمنين قتله فقبل ذلك الشيخ فاجتمع رأي أهل أفريقية على محمد بن أوس الأنصاري وكان بتونس على غزو بحرها فأرسلوا إليه فولوه أمرهم وكتب إلى يزيد يخبره بما كان فبعث في ذلك خالد بن أبي عمران وهو من أهل تونس فقدم على يزيد فقبل منهم وعفا عما كان من زلتهم قال خالد بن أبي عمران ودعاني يزيد خاليا فقال أي رجل محمد بن أوس فقلت رجل من أهل الدين والفضل معروف بالفقه قال فما كان بها قرشي قلت بلى المغيرة بن أبي بردة قال قد عرفته فما له لم يقم قلت أبى ذلك وأحب العزلة فسكت
بشر بن صفوان الكلبي
واتهم الناس عبد الله بن موسى بن نصير أن يكون هو الذي عمل في قتل يزيد بن أبي مسلم فولى يزيد بن عبد الملك بشر بن صفوان الكلبي أفريقية وذلك في سنة ثنتين ومائة وكان عامله على مصر فخرج إلى أفريقية واستخلف على مصر أخاه حنظلة فلما دخل أفريقية بلغه أن عبد الله بن موسى هو الذي دس لقتل يزيد بن أبي مسلم وشهد على ذلك خالد بن أبي حبيب القرشي وغيره فكتب بشر إلى يزيد بن عبد الملك فكتب يزيد إلى بشر بن صفوان يأمره بقتل عبد الله بن موسى بن نصير وهم بشر بتأخيره أياما فقال خالد بن أبي حبيب ومحمد بن أبي بكير لبشر بن

359
صفوان عجل بقتله من قبل أن تأتيه عافيته من أمير المؤمنين وكانت أم عبد الله ابنة موسى بن نصير تحت الربيع صاحب خاتم يزيد فكلم يزيد فأمر بعافيته وجعلت أخته للرسول ثلاثة آلاف دينار إن هو أدركه وأمر بشر بقتل عبد الله بن موسى فقتل وقدم الرسول بعافيته بعد أن قتله في ذلك اليوم وبعث برأسه مع سليمان بن وعلة التميمي إلى يزيد فنصبه
ثم وفد بن صفوان إلى يزيد بهدايا كان أعدها له حتى إذا كان ببعض الطريق لقيته وفاة يزيد وكانت وفاته كما حدثنا يحيى بن بكير عن الليث بن سعد ليلة الجمعة لأربع ليال بقين من شعبان سنة خمس ومائة وقدم بشر بتلك الهدايا على هشام بن عبد الملك فرده على أفريقية فقدمها وتتبع أموال موسى بن نصير وعذب عماله وولى على الأندلس عنبسة بن سحيم الكلبي وعزل عنها الحر بن عبد الرحمن القيسي وقد كان بشر غزا البحر من أفريقية فأصابهم الهول فهلك لذاك من جيشه خلق كثير ثم توفي بشر بن صفوان من مرض يقال له الدبيلة في شوال سنة تسع ومائة
عبيدة بن عبد الرحمن السلمي
حدثنا يحيى بن بكير عن الليث بن سعد قال نزع بشر بن صفوان

360
عن أفريقية في سنة خمس ومائة ورد إليها في سنة ست ومائة ومات في سنة تسع ومائة واستخلف بشر بن صفوان حين توفي على أفريقية نغاش بن قرط الكلبي فعزله هشام وولى عبيدة بن عبد الرحمن القيسي على أفريقية في صفر سنة عشر ومائة
حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير عن الليث قال وولي عبيدة بن عبد الرحمن أفريقية في المحرم سنة عشر ومائة فلما قدم عبيدة أفريقية وجه المستنير بن الحبحاب الحرشي غازيا إلى صقلية فأصابتهم ريح فغرقتهم ووقع المركب الذي كان فيه المستنير إلى ساحل أطرابلس فكتب عبيدة بن عبد الرحمن إلى عامله على أطرابلس يزيد بن مسلم الكندي يأمره أن يشده وثاقا ويبعث معه ثقة فبعث به في وثاق فلما قدم على عبيدة جلده جلدا وجيعا وطاف به القيروان على أتان ثم جعل يضربه في كل جمعة مرة حتى أبلغ إليه وذلك أن المستنير أقام بأرض الروم حتى نزل عليه الشتاء واشتدت أمواج البحر وعواصفه فلم يزل محبوسا عنده
عبد الرحمن الغافقي
وكان عبيدة قد ولى عبد الرحمن بن عبد الله العكي على الأندلس

361
وكان رجلا صالحا فغزا عبد الرحمن إفرنجة وهم أقاصي عدو الأندلس فغنم غنائم كثيرة وظفر بهم وكان فيما أصاب رجل من ذهب مفصصة بالدر والياقوت والزبرجد فأمر بها فكسرت ثم أخرج الخمس وقسم سائر ذلك في المسلمين الذين كانوا معه فبلغ ذلك عبيدة فغضب غضبا شديدا فكتب إليه كتابا يتواعده فيه فكتب إليه عبد الرحمن إن السماوات والأرض لو كانتا رتقا لجعل الرحمن للمتقين منهما مخرجا ثم خرج إليهم غازيا فأستشهد وعامة أصحابه وكان قتله فيما حدثنا يحيى عن الليث في سنة خمس عشرة ومائة
عبد الملك بن قطن الفهري
فولى عبيدة على الأندلس بعده عبد الملك بن قطن ثم خرج عبيدة إلى هشام بن عبد الملك وخرج معه بهدايا وذلك في شهر رمضان سنة أربع عشرة ومائة حدثنا يحيى بن بكير عن الليث بن سعد قال كان قدوم عبيدة بن عبد الرحمن من أفريقية سنة خمس عشرة ومائة وفيها أمر ابن
قطن على الأندلس وكان فيما خرج به من العبيد والإماء ومن الجواري المتخيرة سبع مائة جارية وغير ذلك من الخصيان والخيل والدواب والذهب والفضة والأنية
واستخلف على أفريقية حين خرج عقبة بن قدامة التجيبي فقدم على هشام بهداياه واستعفاه فأعفاه وكتب إلى عبيد الله بن الحبحاب وهو عامله على مصر يأمره بالمصير إلى أفريقية وولاه إياها وذلك في شهر ربيع الآخر من سنة ست عشرة ومائة فقدم عبيد الله بن الحبحاب أفريقية فأخرج المستنير من السجن وولاه تونس واستعمل ابنه إسماعيل بن عبيد الله على السوس واستخلف ابنه القاسم بن عبيد الله على مصر واستعمل على الأندلس عقبة بن الحجاج وعزل عبد الملك بن قطن ويقال بل كان الوالي
على الأندلس يومئذ عنبسة بن سحيم الكلبي فعزله ابن الحبحاب وولى عقبة بن الحجاج فهلك عقبة بن الحجاج بالأندلس فرد عبيد الله عليها عبد الملك بن قطن
وغزى عبيد الله حبيب بن أبي عبيدة الفهري السوس وأرض السودان فظفر بهم ظفرا لم ير مثله وأصاب ما شاء من ذهب وكان فيما أصاب جارية أو جاريتان من جنس تسميه البربر إجان ليس لكل واحدة منهن إلا ثدي واحد ثم غزاه أيضا البحر ثم انصرف

363
وانتقضت البربر على عبيد الله بن الحبحاب بطنجة فقتلوا عامله عمر بن عبد الله المرادي وكان الذي تولى ذلك ميسرة الفقير البربري ثم المدغري وهو الذي قام بأمر البربر وادعى الخلافة وتسمى بها وبويع عليها ثم استعمل ميسرة على طنجة عبد الأعلى بن جريج الأفريقي وكان أصله روميا وهو مولى لابن نصير ثم سار إلى السوس وعليها إسماعيل بن عبيد الله فقتله وذلك أول فتنة البربر بأرض أفريقية فوجه عبيد الله بن الحبحاب خالد بن أبي حبيب الفهري إلى البربر بطنجة ومعه وجوه أهل أفريقية من قريش والأنصار وغيرهم فقتل خالد وأصحابه لم ينج منهم أحد فسميت تلك الغزوة غزوة الأشراف ويقال أن خالدا لقي ميسرة دون طنجة فقتل ومن معه ثم انصرف ميسرة إلى طنجة فأنكرت عليه البربر سيرته وتغيره عما كانوا بايعوه عليه فقتلوه وولوا أمرهم عبد الملك بن قطن المحاربي
حدثنا يحيى بن بكير عن الليث بن سعد قال كان بين ميسرة الفقير وإهل أفريقية من البربر وقتل إسماعيل بن عبيد الله وخالد بن أبي حبيب في سنة ثلاث وعشرين ومائة فوجه إليهم ابن الحبحاب حبيب بن أبي عبيدة فلما بلغ تلمسين أخذ موسى بن أبي خالد مولى لمعاوية بن حديج وكان على تلمسين وقد اجتمع إليه من تمسك بالطاعة فاتهمه حبيب أن يكون له هوى أوقد دس للفتنة فقطع يده ورجله وكان مقيما بتلمسين في جيشه وقفل عبيد الله بن الحبحاب إلى

364
هشام بن عبد الملك وذلك في جمادى الأولى من سنة ثلاث وعشرين ومائة
كلثوم بن عياض القشيري
ثم وجه هشام على أفريقية كلثوم بن عياض القيسي في جمادى الآخرة سنة ثلاث وعشرين ومائة وقدم بلج بن بشر أمامه فلما قدم كلثوم أفريقية أمر أهل أفريقية بالجهاز والخروج معه إلى البربر وقطع على أهل أطرابلس بعثا فخرج في عدد كثير واستخلف على القيروان عبد الرحمن بن عقبة الغفاري وعلى الحرب مسلمة بن سوادة القرشي فثار عليه بعد خروج كلثوم يريد بربر طنجة عكاشة بن أيوب الفزاري من ناحية قابس وهو صفري وأرسل أخا له فقدم سبرت فجمع بها زناتة وحصر أهل سوق سبرت في مسجدهم وعليهم حبيب بن ميمون وبلغ الخبر صفوان بن أبي مالك وهو أمير على أطرابلس فخرج بهم فوقع على أخي الفزاري وهو محاصر أهل سبرت فقاتلهم فانهزم الفزاري وقتل أصحابه من زناتة وغيرهم وهرب إلى أخيه بقابس وخرج مسلمة بن سوادة في أهل القيروان إلى عكاشة بن أيوب بقابس فقاتلهم فانهزم مسلمة وقتل عامة من خرج معه ولحق بالقيروان وتحصن عامة من كان مع مسلمة من أهل

365
القيروان وعليهم سعيد بن بجرة الغساني
ويقال أن كلثوم بن عياض حين قدم من عند هشام خلف القيروان ولم ينزل به ولم يدخله ونزل سبية وهي من مدينة القيروان على يوم فأفطر فيها وكتب إلى حبيب بن أبي عبيدة ألا يفارق عسكره حتى يقدم عليه ثم شخص كلثوم غازيا حتى قدم على حبيب ثم رحلا جميعا بمن معهما إلى طنجة وكان كلثوم حين خرج إلى البربر قد قدم بلج بن بشر القيسي على مقدمته في الخيل فلما قدم على حبيب رفضه وأهان منزلته ثم قدم كلثوم فتلقاه حبيب فتهاون به أيضا ثم خطب كلثوم الناس على ديدبان له فطعن في حبيب وشتمه وأهل بيته وكان عبد الرحمن بن حبيب مع أبيه حبيب ثم نفذ كلثوم وحبيب فلما انتهى إلى مطلوبه من أرض طنجة تلقته البربر بجموعهم وعليهم خالد بن حميد الزناتي ثم الهتوري عراة متجردين ليس عليهم إلا السراويلات وكانوا صفرية وجاؤوا جردين فأشار حبيب بن أبي عبيدة على كلثوم أن يقاتلهم الرجالة بالرجالة والخيل بالخيل فقال له كلثوم ما أغنانا عن رأيك يا بن أم حبيب فوجه بلج بن بشر على الخيل ليدوسهم بها وكانت الخيل أوثق في نفس كلثوم من الرجالة وإن بلجا أسرى ليلة حتى واقعهم عند الصبح واستقبلوه عراة متجردين فحملت عليهم الخيل فصاحوا وولوا ورموا بالأوضاف فانهزم بلج جريحا وتساقطت الخيول على كلثوم وقد تأهب وعبى أصحابه فأرسل إلى حبيب بن أبي عبيدة فقال إن أمير المؤمنين أمرني أن أوليك القتال وأعقد لك على الناس فقال حبيب قد فات الأمر وزحفت رجالة البربر

366
على أثر الخيل حتى خالطوا كلثوما وأصحابه فأقسم حبيب على ابنه عبد الرحمن إلا ينزل راجلا وأن يلزم بلجا فيكون معه أسفا على بلج فإني مقتول وهلك كلثوم وحبيب ومن معهما وانهزم الناس إلى أفريقية وكان قتل كلثوم في سنة ثلاث وعشرين ومائة
حدثنا يحيى بن بكير عن الليث بن سعد قال قتل كلثوم في سنة أربع وعشرين ومائة قتلهم ميسرة وانهزم بلج بن بشر وثعلبة الجذامي وبقية من أهل الشأم إلى الأندلس فاتبعهم أبو يوسف الهواري وكان طاغية من طواغي البربر فأدركهم فقاتلهم فقتل أبو يوسف وانهزم أصحابه ومضى بلج وثعلبة إلى الأندلس
وكان كلثوم قد كتب إلى أهل الأندلس وعليها عبد الملك بن قطن الفهري يأمرهم بإمداده والخروج إليه فوافاهم بلج وقد وقعوا إلى مجاز الخضراء وتقدم عبد الرحمن بن حبيب أمام بلج إلى الأندلس فقدمها وأمر عبد الملك بن قطن ألا يسمع لبلج ولا يطيعه ثم قدم بلج فأقام بالجزيرة وكتب إلى عبد الملك بن قطن يعلمه أنه خليفة كلثوم وشهد له بذلك ثعلبة الجذامي وأصحابه وكان الرسول فيما بينهما قاضي الأندلس فسلم عبد الملك بن قطن الولاية لبلج على كره من عبد الرحمن بن حبيب فخرج عبد الرحمن من قرطبة كارها لولاية بلج ثم إن بلجا لما قدم قرطبة حبس عبد الملك بن قطن في السجن وثار عبد الرحمن بن حبيب ومعه أمية بن عبد الملك بن قطن فجمعا لقتال بلج فأخرج بلج عبد الملك بن قطن من السجن وقال له قم في المسجد فأخبر الناس أن كلثوما كتب إليك اني

367
خليفته فقام عبد الملك فقال أيها الناس إني والي كلثوم وإني محبوس بغير حق فضرب بلج عنقه ثم قدم عبد الرحمن بن حبيب بجموع فخرج إليه بلج ومن معه من أهل الشام وكان بينهم نهر فلما كان الليل عبر عبد الرحمن إلى قرطبة وخليفة بلج بها القاضي وقد كان القاضي اتهم بدم عبد الملك بن قطن فأخذه عبد الرحمن بن حبيب فسمل
عينيه وقطع يديه ورجليه وضرب عنقه وصلبه على شجرة وجعل على جثته رأس خنزير وبلج لا يشعر ثم خرج من قرطبة فقاتله بلج فانهزم عبد الرحمن بن حبيب ثم جمع جمعا آخر فقتل بلج ومن معه ويقال أن بلجأ لم يقتل إنما مات موتا حدثنا يحيى بن بكير عن الليث بن سعد قال مات بلج في سنة خمس وعشرين ومائة بعد قتله ابن قطن بشهر
حنظلة بن صفوان الكلبي
ثم افترق أهل الأندلس على أربعة أمراء حتى أرسل إليهم حنظلة بن صفوان الكلبي بأبي الخطار الكلبي فجمعهم وسأذكر ذلك في موضعه إن شاء الله
وقد كان كلثوم بن عياض كتب إلى عامله على أطرابلس صفوان بن أبي مالك يستمده فخرج إليه بأهل أطرابلس حتى قدم قابس فانتهى إليه خبر كلثوم ومن معه فانصراف وقد كان خرج إليه سعيد بن بجرة ومن تحصن معه من أصحاب مسلمة بن سوادة الجذامي وتنحى الفزاري إلى نهر يقال

368
له الجمة على اثني عشر ميلا من قابس فلما رجع صفوان بن أبي مالك تحصن سعيد بن بجرة وأصحابه بقابس وخرج عبد الرحمن بن عقبة الغفاري في أهل القيروان إلى الفزاري فلقيه فيما بين قابس وبين القيروان فانهزم الفزاري وقتل عامة أصحابه
الحسام بن ضرار الكلبي أبو الخطار
ثم وجه هشام بن عبد الملك حنظلة بن صفوان في صفر سنة أربع وعشرين ومائة وكان عامله على مصر فلما قدم أفريقية كتب إليه أهل الأندلس وأهل الشام وغيرهم يسألونه أن يبعث إليهم واليا فبعث أبا الخطار فلما قدمها أدوا إليه الطاعة فوليها ودانت له وفرق جمع بلج بن بشر وعبد الرحمن بن حبيب وأخرج ثعلبة بن سلامة في سفينة إلى أفريقية ثم أخرج بعده عبد الرحمن بن حبيب وأخرج مع ثعلبة أهل الشام فكانوا بالقيروان مع حنظلة ثم إن حنظلة بن صفوان أخرج عبد الرحمن بن عقبة الغفاري إلى عكاشة بن أيوب الفزاري وقد جمع جمعا بعد انهزامه من قابس فلقيه بمن معه فانهزم الفزاري وقتل عامة أصحابه ثم جمع أيضا فلقيه عبد الرحمن بن عقبة فهزمه ثم جمع جمعا آخر وقدم عبد الواحد بن يزيد الهواري ثم المدهمي وكان صفريا مجامعا للفزاري على قتال حنظلة بن صفوان فخرج إليهما عبد الرحمن بن عقبة في أهل أفريقية فقتل عبد الرحمن بن عقبة وأصحابه وكان مقتل عبد الرحمن بن عقبة كما حدثنا يحيى بن بكير عن الليث في سنة أربع

369
وعشرين ومائة ثم مضى عبد الواحد بن يزيد فأخذ تونس واستولى عليها وسلم عليه بالخلافة ثم تقدم إلى القيروان وانتبذ الفزاري بعسكره ناحية وكلاهما يريد القيروان يتبادران إليها إيهما يسبق صاحبه فيغنم فلما رأى حنظلة ما غشيهم من جموع البربر مع الفزاري وعبد الواحد احتفر على القيروان خندقا وزحف إليهم عبد الواحد وكتب إلى حنظلة يأمره أن يخلي له القيروان ومن فيه فأسقط في أيديهم وظنوا أنهم سيسبوا حتى إن كان حنظلة ليبعث الرسول منهم ليأتيه بالخبر فما يخرج إلى مسيرة ثلاثة أميال إلا بخمسين دينارا فلما غشيه عبد الواحد وكان من القيروان على شبيه بمرحلة بمكان يقال له الأصنام ونزل الفزاري من القيروان على ستة أميال وكان مع عبد الواحد أبو قرة العقلي وكان على مقدمته فكتب حنظلة إلى الفزاري كتابا يرثيه فيه ويمنيه رجاء أن لا يجتمعا عليه فلا يقوى عليهما وخاف اجتماعهما وكان عكاشة أقرب إلى حنظلة فصبح عبد الواحد الأصنام بجموعه وزحف حنظلة إلى الفزاري لقربه منه وخرج معه بأهل القيروان فخرج قوم آئسون من الحياة للذي كانوا يتخوفونه من سبي الذراري وذهاب النساء والأموال وجعل عليهم محمد بن عمرو بن عقبة فلقيهم بالأصنام فهزم الله عبد الواحد وجمعه وقتل ومن معه قتلا ما يدري ما هو وهرب من هرب منهم فلما فتح لحنظلة عاجل عكاشة الفزاري من ليلته فقاتله بالقرن ولم يكن بلغ عكاشة هزيمة عبد الواحد فهزمه الله

370
ومن معه من أصحابه وهرب عكاشة حتى انتهى إلى بعض نواحي أفريقية فأخذه قوم من البربر أسيرا حتى أتوا به إلى حنظلة فقتله وكان عبد الواحد ومن معه صفرية يستحلون سبي النساء وكان قتل عكاشة وعبد الواحد كما حدثنا يحبى بن بكير عن الليث سنة خمس وعشرين
ومائة وقد كان حنظلة عندما كان من حلول عبد الواحد بالأصنام وعكاشة بالقرن وقربا من القيروان كتب إلى معاوية بن صفوان عامله على أطرابلس يأمره بالخروج إليه بأهل أطرابلس فخرج حتى انتهى إلى قابس فبلغه ما كان من هزيمة عبد الواحد وعكاشة فكتب إليه حنظلة في بربر خرجوا بنفزاوة وسبوا أهل ذمتها فامض إليهم فسار إليهم بمن معه فقاتلهم فقتل معاوية بن صفوان وقتل الصفرية واستنقذ ما كانوا أصابوا من أهل الذمة فبعث حنظلة إلى جيش معاوية ذلك زيد بن عمرو الكلبي فانصرف بهم إلى طرابلس وكان عبد الرحمن بن حبيب بتونس وكان ثعلبة بن سلامة الجذامي مع حنظلة فلما بلغ من بإفريقية من أهل الشام قتل الوليد بن يزيد خرج عامة قوادهم وخرج ثعلبة بن سلامة إلى المشرق وكان قتل الوليد كما حدثنا يحيى بن بكير عن الليث بن سعد يوم الخميس لثلاث ليال بقين من جمادى الآخرة سنة ست وعشرين ومائة
عبد الرحمن بن حبيب الفهري
فخرج عبد الرحمن بن حبيب بتونس وجمع لقتال حنظلة بن صفوان وإخراجه من أفريقية فلما بلغ ذلك حنظلة أرسل وجوه أفريقية إلى

371
عبد الرحمن يدعوه إلى الدعة والكف عن الفتنة فساروا فلما كانوا ببعض الطريق بلغتهم ولاية مروان بن محمد فأرادوا الانصراف وبلغ عبد الرحمن أن حنظلة قد أرسل إليه رسلا وكانوا خمسين رجلا وأنهم يريدون الانصراف فأرسل إليهم خيلا فأصرفتهم إليه ووجد عبد الرحمن عليهم لخروجهم إليه وكانوا قد كاتبوه قبل ذلك سرا من حنظلة فلما بلغتهم ولاية مروان نزعوا عن ذلك فبعث بهم إلى تونس في الحديد وكتب عبد الرحمن إلى حنظلة أن يخلي له القيروان وأن يخرج منها وأجله ثلاثة أيام وكتب إلى صاحب بيت المال ألا يعطيه دينارا ولا درهما إلا ما حل له من أرزاقه فلما قرأ حنظلة الكتاب هم بقتاله ثم حجزه عنه الورع وكان ورعا فخرج بمن خف معه من أصحابه من أهل الشأم وذلك في جمادى الأولى سنة سبع وعشرين ومائة ودخل عبد الرحمن بن حبيب القيروان في جمادى الآخرة سنة ست وعشرين ومائة
ثم بعث عبد الرحمن أخاه ابن حبيب عاملا على أطرابلس فأحذ عبد الله بن مسعود التجيبي وكان إباضيا ورئيسا فيهم فضرب عنقه واجتمعت الإباضية بأطرابلس فعزل عبد
الرحمن أخاه وولى حميد بن عبد الله العكي وكان على الإباضية حين اجتمعت عبد الجبار بن قيس المرادي ومعه الحارث بن تليد الحضرمي فحاصروا حميد بن عبد الله في بعض قرى أطرابلس ووقع الوبأ في أصحابه فخرج بعهد وأمان فلما خرجوا أخذ عبد الجبار بن قيس نصير بن راشد مولى الأنصار فقتله وكان من أصحاب حميد وكانوا يطلبونه بدم عبد الله بن مسعود التجيبي المقتول واستولى عبد الجبار على زناتة وأرضها فكتب عبد الرحمن بن حبيب إلى يزيد بن صفوان المعافري بولاية أطرابلس ووجه مجاهد بن مسلم الهواري يستألف الناس ويقطع عن عبد الجبار هوارة وغيرهم فأقام مجاهد في هوارة أشهرا ثم طردوه فلحق بيزيد بن صفوان بأطرابلس فوجه عبد الرحمن بن حبيب محمد بن مفروق في خيل وكتب إلى يزيد بن صفوان بالخروج معه فخرجوا فلقيهم عبد الجبار بن قيس والحارث بن تليد بمكان من أرض هوارة فقتل يزيد بن صفوان ومحمد بن مفروق وانهزم مجاهد بن مسلم إلى أرض هوارة فقفل عبد الرحمن بن حبيب واجتمع إليه جمع كثير فزحف بهم إلى عبد الجبار والحارث بن تليد فلقيهم بأرض زناتة فانهزم عمرو بن عثمان وأصحابه وستولى عبد الجبار والحارث على أطرابلس كلها
ثم خرج عمرو بن عثمان إلى دغوغا ومعه مجاهد بن مسلم واتبعه الحارث بن تليد فوجه عمرو من دغوغا إلى أرض الصحراء فأدركه الحارث فتقدم عمرو إلى سرت فأدركته خيل الحارث فقتلوا نفرا من أصحابه ونجا عمرو على فرسه جريحا واحتوى الحارث على عسكره واستفحل أمر عبد الجبار والحارث ثم اختلف أمرهما وتفاقم ما بينهما فاقتتلا فقتل عبد الجبار والحارث جميعا فولى البربر على أنفسهم إسماعيل بن زياد النفوسي فعظم شأنه وكثر بيعه فخرج إليه عبد الرحمن بن حبيب حتى إذا كان بقابس قدم ابن عمه شعيب بن عثمان في خيل فلقي إسماعيل فقتل إسماعيل وأصحابه وأسر من البربر أسارى كثيرة وكان عبد الرحمن مقيما في عسكره ولم يشهد الوقعة فنهض حين فتح له إلى سوق أطرابلس ومعه الأسارى وكتب إلى عمرو بن عثمان فقدم عليه من أرض سرت وقدم

373
الأسارى فضرب أعناقهم وصلبهم واستعمل على أطرابلس عمرو بن سويد المرادي وأمره أن ينفل
آخر الجزء الخامس من فتوح مصر وهو خمسة أسباع الكتاب
الجزء السادس القضاة ذكر قضاة مصر

374
ذكرقضاة مصر
ذكر كراهية العمل على القضاء
حدثنا عبد العزيز بن عبد الله الأويسي حدثنا عبد الله بن جعفر الزهري عن عثمان بن محمدالأخنسي عن سعيد المقبري عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من جعل قاضيا بين الناس فقد ذبح بغير سكين
حدثنا يعقوب بن محمد حدثنا إبراهيم بن سعد حدثنا عبد الله بن جعفر عن عثمان بن محمد عن الأعرج عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله حدثنا أبي عبد الله بن عبد الحكم وعبد الله بن صالح قالا حدثنا الليث بن سعد عن ابن العجلان عن الغضبان بن يزيد البجلي أن رجلا من أمرائهم ولى رجلا منهم القضاء فاستعفى فأبى عليه فلبث شيئا ثم تخلص إليه فقام بين يديه فقال هذا مقام العائذ من النار

377
فقال الأمير ويحك وهل أملك من النار شيئا قال إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الحكام ثلاثة فرجل حكم فخسر فأهلك أموال الناس وأهلك نفسه وحكم علم فأهلك أموال الناس وأهلك نفسه ففي النار وحكم علم فعدل فأحرز أموال الناس وأحرز نفسه ففي الجنة
حدثنا محمد بن عبد الجبار حدثنا الحماني حدثنا خلف بن خليفة عن أبي هشام عن ابن بريدة عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم القضاة ثلاثة اثنان في النار وواحد في الجنة رجل علم علما فقضى بما علم فهو في الجنة ورجل جهل فقضى بالجهل ففي النار ورجل قضى بغير ما يعلم ففي النار
حدثنا أسد بن موسى حدثنا شعبة بن الحجاج عن قتادة قال سمعت أبا العالية يذكر عن علي وقد أدركه قال القضاة ثلاثة واحد في الجنة واثنان في النار فأما الذي في الجنة فرجل اجتهد فأصاب الحق فهو في الجنة ورجل جار معتمدا فهو في النار ورجل اجتهد رأيه فأخطأ فهو في النار فقل لأبي العالية ما ذنب هذا وقد اجتهد قال إذا كان لا يعلم فلم يقعد قاضيا يقضي
قال عبد الرحمن بن عبد الله ولم يسمع قتادة من أبي العالية إلا

378
ثلاثة أحاديث هذا أحدها قال وروى حيوة بن شريح عن مولى حسان بن النعمان عن يحيى بن أبي عمرو الشيباني أنه سمعه يقول إن أبا هريرة كان يقول من دعي إلى القضاء فقبل وهو يحسن فقضى بغير الحق فهو في النار ومن دعي إلى القضاء وهو لا يحسن فقضى بغير الحق فهو في النار ومن دعي إلى القضاء وهو يحسن فقبل فقضى بالحق فنفسه نجى قال حيوة وحديث عن عبد القدوس بن حبيب عن الحسن أن عمر بن الخطاب قال القضاة ثلاثة قاض قضى برشوة فهلك وقاض اجتهد فأخطأ فود لو أن أمه لم تلده وقاض اجتهد فأصاب فأفلت ولم يكد يفلت
حدثنا عبد الله بن صالح ويحيى بن عبد الله بن بكير قالا حدثنا الليث بن سعد عن ابن الهاد وحدثنا أبو الأسود النضر بن عبد الجبار حدثنا نافع بن يزيد عن ابن الهاد وحدثنا نعيم بن حماد حدثنا الدراوردي عن ابن الهاد عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن بشر بن سعيد عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص عن عمرو بن العاص أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا حكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران وإذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر فحدثت بهذا الحديث أبا بكر بن محمد بن عمرو بن حزم فقال هكذا حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة
حدثنا عبد الملك بن مسلمة حدثنا ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد

379
عن سلمة بن أكسوم عن ابن حجيرة أنه سأل القاسم بن البرحي كيف سمعت عبد الله بن عمر يخبر قال سمعته يقول أن خصمين اختصما إلى عمر فقضى بينهما فسخط المقضي عليه فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قضى القاضي فاجتهد فأصاب كان له عشرة أجور وإن اجتهد وأخطأ كان له أجر أو أجران
حدثنا محمد بن عبد الجبار حدثنا شبابة بن سوار حدثنا الفرج بن فضالة عن ربيعة بن يزيد عن عقبة بن عامر الجهني أن خصمين اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال اقض بينهما قلت يا رسول الله أنت أحق بالقضاء قال وإن كان قلت فعلى ماذا قال على إذا اجتهدت فأصبت فلك عشرة أجور وإن اجتهدت فأخطأت فلك أجر واحد
حدثنا محمد بن عبد الجبار حدثنا محمد بن كثير حدثنا إسرائيل حدثنا عبد الأعلى عن بلال بن أبي موسى عن أنس بن مالك وكان الحجاج أراد أن يجعل إليه قضاء البصرة فقال أنس إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من طلب القضاء واستعان عليه وكل إليه ومن لم يطلبه ولم يستعن عليه أنزل الله ملكا يسدده
حدثنا أبي عبد الله بن عبد الحكم أخبرنا مالك بن أنس عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب اختصم إليه مسلم ويهودي فرأى أن الحق لليهودي فقضى له فقال اليهودي والله لقد قضيت بالحق فضربه عمر بالدرة ثم قال وما يدريك فقال

380
اليهودي إنا نجد أنه ليس قاض يقضي بالحق إلا كان عن يمينه ملك وعن يساره ملك يسددانه ويوفقانهه للحق ما دام مع الحق فإذا ترك الحق عرجا وتركاه
حدثنا أبو الأسود النضر بن عبد الجبار عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال كان القضاة في بني إسرائيل إذا كان لا تأخذه في الله لومة لائم لم يسلط على جسده البلى ولا دابة تأكل ثيابه قد يبست عليه لا تبلى وكان عابد منهم على ذلك وكانوا في ذلك الزمان يجعل بعضهم على بعض في البيوت وبعضهم في الصناديق فأتاه أخ له فقال العابد ادعوا به أصلي عليه فأتي به فإذا بدابة قد خرقت الكفن حتى خرجت من أذنه فأحزنه ذلك فلما نام لقيه روح صاحبه فقال يا أخي رأيت حزنك على الدابة التي خرجت من أذني ولم يكن بحمد الله لشيء نكرهه جلس إلي رجلان أحدهما لي فيه هوى والآخر لا هوى لي فيه فكان إصغائي إلى ذي الهوى ولم يكن إصغائي إلى الآخر وعلى ذلك بنعمة الله لقد حملتهما على مجلود الحق في القضاء
ذكر قضاة مصر
قيس بن أبي العاص السهمي
قال عبد الرحمن بن عبد الله وكان أول قاض استقضي بمصر

381
الإسلام كما ذكر سعيد بن عفير قيس بن أبي العاص بن قيس بن عدي السهمي فمات سنة أربع وعشرين فكتب عمر بن الخطاب إلى عمرو بن العاص أن يستقضي كعب بن يسار بن ضنة العبسي
قال ابن أبي مريم وهو ابن بنت خالد بن سنان العبسي الذي تزعم عبس فيه أنه تنبأ في الفترة بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين عيسى بن مريم صلوات الله عليهما ولخالد بن سنان حديث فيه طول فأبى كعب أن يقبل القضاء وقال قضيت في الجاهلية ولا أعود إليه في الإسلام
حدثنا سعيد بن عفير حدثنا ابن لهيعة قال كان قيس بن أبي العاص بمصر ولاه عمرو بن العاص القضاء وقد قيل إن أول من استقضي بمصر كعب بن ضنة بكتاب عمر بن الخطاب ولم يقبل والله أعلم
حدثنا المقرئ عبد الله بن يزيد حدثنا حيوة بن شريح أخبرنا الضحاك بن شرحبيل الغافقي أن عمار بن سعد التجيبي أخبرهم أن عمر بن

382
الخطاب كتب إلى عمرو بن العاص أن يجعل كعب بن ضنة على القضاء فأرسل إليه عمرو فأقرأه كتاب أمير المؤمنين فقال كعب والله لا ينجيه الله من أمر الجاهلية وما كان فيها من الهلكة ثم يعود فيها أبدا إذ أنجاه الله منها فأبى أن يقبل القضاء فتركه عمرو قال ابن عفير وكان حكما في الجاهلية وخطة كعب بن ضنة بمصر بسوق بربر في الدار التي تعرف بدار النخلة
عثمان بن قيس
فلما امتنع كعب أن يقبل القضاء ولى عمرو بن العاص عثمان بن قيس بن أبي العاص القضاء قال وقد كان عمر بن الخطاب قد كتب إلى عمرو بن العاص أن يفرض له في الشرف حدثنا شعيب بن الليث وعبد الله بن صالح ويحيى بن عبد الله بن بكير وعبد الملك بن مسلمة قالوا حدثنا الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب قال كتب عمر بن الخطاب إلى عمرو بن العاص أن افرض لكل من قبلك ممن بايع تحت الشجرة في مائتين من العطاء وأبلغ ذلك لنفسك بإمارتك وافرض لخارجة بن حذافة في الشرف لشجاعته وافرض لعثمان بن قيس بن أبي العاص في الشرف لضيافته
قال ودعا عمرو خالد بن ثابت الفهمي ليجعله على المكس فاستعفاه

383
منه فكان شرحبيل بن حسنة على المكس وكان مسلمة بن مخلد على الطواحين قال عبد الرحمن طواحين البلقس حدثنا ابن عفير حدثنا ابن لهيعة عن ابن هبيرة أن عمرا دعا خالد بن ثابت الفهمي جد ابن رفاعة ليجعله على المكس فاستعفاه منه فقال له عمرو ما تكره منه قال إن كعبا قال لا تقرب المكس فان صاحبه في النار حدثنا علي بن معبد حدثنا عبيد الله بن عمرو الجزري عن محمد بن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن عبد الرحمن التجيبي عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يدخل صاحب مكس الجنة قال عبد الرحمن بن عبد الله ليس هو عبد الرحمن التجيبي إنما هو عبد الرحمن بن شماسة المهري ولكن هكذا حدثناه علي بن معبد
حدثنا عبد الملك بن مسلمة حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن مخيس بن ظبيان عن رجل من جذام عن مالك بن عتاهية قال سمعت رسول صلى الله عليه وسلم يقول إذا لقيم عشارا فاقتلوه حدثنا ابن عفير حدثنا ابن لهيعة قال كان شرحبيل بن حسنة على المكس وكان مسلمة بن مخلد على الطواحين

384
سليم بن عثر
قال ثم ولي سليم بن عتر التجيبي القضاء في إيام معاوية بن أبي سفيان وقد أدرك عمر بن الخطاب وحضر خطبته بالجابية وجعل إليه القصص والقضاء جميعا حدثنا عبد الله بن يزيدالمقرئ حدثنا حيوة بن شريح حدثنا الحجاج بن شداد الصنعاني أن أبا صالح سعيد بن عبد الرحمن الغفاري أخبره أن سليم بن عتر التجيبي كان يقص على الناس وهو قائم فقال له صلة بن الحارث الغفاري وهو من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والله ما تركنا عهد نبينا ولا قطعنا أرحامنا حتى قمت أنت وأصحابك بين أظهرنا
قال وكان سليم بن عتر كما حدثنا سعيد بن عفير أحد العباد المجتهدين وكان يقوم في ليله فيبتدئ القرآن حتى يختمه ثم يأتي أهله فيقضي منهم حاجته ثم يقوم فيغتسل ثم يقرأ فيختم القرآن ثم يأتي أهله فيقضي منهم حاجته ربما فعل ذلك في الليلة مرات فلما مات قالت امرأته رحمك الله فوالله لقد كنت ترضي ربك وتسر أهلك
حدثنا سعيد ابن أبي مريم ومحمد بن عبد السلام عن ضمام بن

385
إسماعيل عن سليم بن عتر قال خرجت من الإسكندرية أحسبه قال حين قدمت من البحر فدخلت في غار فتعبدت فيه سبعا ولولا أني خشيت أن أضعف لأتممتها عشرا أخبرنا أبو الأسود النضر بن عبد الجبار حدثنا ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد عن علي بن رباح قال قال لي سليم بن عتر إذا لقيت أبا هريرة فأقرئه مني السلام وأخبره أني قد دعوت له ولأمه فلقيته فأخبرته فقال وأنا قد دعوت له ولأمه
حدثنا عبد الله بن صالح حدثنا موسى بن علي عن أبيه قال خرجنا حجاجا من مصر فقال لي سليم بن عتر اقرأ على أبي هريرة السلام وأخبره أني قد استغفرت له ولامه الغداة قال فلقيته فقلت ذلك له فقال أبو هريرة وأنا قد استغفرت له ولامه الغداة ثم قال أبو هريرة كيف تركت أم خنور قال فذكرت له من خصبها ورفاغتها فقال أما إنها أول الأرضين خرابا ثم على أثرها أرمينية فقلت أسمعت ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أو من كعب الكتابين
حدثنا أبي عبد الله بن عبد الحكم حدثنا بكر بن مضر عن عبيد الله بن زحر عن الهيثم بن خالد عن ابن عمه سليم بن عتر قال لقينا كريب بن أبراهة راكبا ووراءه غلام له يمشي فقلنا يابا رشدين ألا حملت الغلام قال وكيف أحمل علجا مثل هذا أو كما قال قال أفلا اتخذت وصيفا صغيرا تحمله وراءك قال ما فعلت قال أفلا أمرت الغلام يتقدم أمامك حتى تلحقه قال ما فعلت قال فإني سمعت أبا الدرداء يقول ما يزال

386
العبد يزداد من الله تبعدا كلما مشى خلفه
ذكر ثالث قاض كان بمصر
عابس بن سعيد المرادي
قال ثم ولي مسلمة بن مخلد البلد وجمعت له مصر والمغرب وهو أول وال جمع له ذلك فولى السائب بن هشام بن عمرو أحد بني مالك بن حسل شرطه وفي هشام بن عمرو يقول حسان بن ثابت من الكامل
(هل توفين بنو أمية ذمة
* حقا كما أوفى جوار هشام)
(من معشر لا يغدرون بجارهم
* للحارث بن حبيب بن سخام)
(وإذا بنو حسل أجاروا ذمة
* أوفوا وأدوا جارهم بسلام)
قال وكان هشام بن عمرو أحد النفر الذين قاموا في نقض الصحيفة التي كانت قريش كتبت قال وقد كان عمرو بن العاص أيضا ولى السائب بن هشام بعد خارجة بن حذافة وكان أيضا على شرطة عبد الله بن سعد بن أبي سرح وكان اسم أبي سرح كما حدثنا محمد بن إدريس الرازي عويفا ثم عزل مسلمة بن مخلد السائب وولى عابس بن سعيد المرادي

387
الشرط ثم جمع له القضاء مع الشرط وهو صاحب كوم عابس الذي بفسطاط مصر وفيه يقول الشاعر من الطويل
(أحن إلى الإسكندرية إن لي
* بها إخوة في الدين أهل تنافس)
(أبو الحارث الماضي وأشهب منهم
* إماما هدى في سنة ومقايس)
(قد أحدثت للروم فيها كنيسة
* لطاغية للعين حق الجواسس)
(فيا ليتها قد ضيرت بمشورة
* خوى صفصفا كالقاع من كوم عابس)
يريد بأبي الحارث الليث بن سعد وأشهب أشهب بن عبد العزيز القيسي من أصحاب مالك بن أنس فلم يزل عابس بن سعيد على القضاءحتى دخل مروان بن الحكم مصر وكان مدخله كما حدثنا يحيى بن بكير عن الليث بن سعد في سنة خمس وستين فقال أين قاضيكم فدعي له عابس بن سعيد وكان أميا لا يكتب فقال له مروان بن الحكم أجمعت كتاب الله قال لا قال فأحكمت الفرائض قال لا قال فتكتب بيدك قال لا قال فبم تقضي قال أقضي بما علمت وأسل عما جهلت فقال أنت القاضي
قال وكان سبب عزل مسلمة بن مخلد السائب بن هشام وتوليته

388
عابس بن سعيد أن معاوية بن أبي سفيان كتب إلى مسلمة بن مخلد ومسلمة يومئذ والي البلد يأمره بالبيعة ليزيد فأتى مسلمة الكتاب وهو بالإسكندرية فكتب إلى السائب بن هشام وهو على شرطه يومئذ بذلك فبايع الناس إلا عبد الله بن عمرو بن العاص فأعاد عليه مسلمة الكتاب فلم يفعل فقال مسلمة من لعبد الله بن عمرو فقال عابس بن سعيد أنا فقدم الفسطاط فبعث إلى عبد الله بن عمرو فلم يأته فدعا بالنار والحطب ليحرق عليه قصره فأتى فبايع ولم يزل عابس على القضاء والشرط إلى أن توفي في أيام عبد العزيز بن مروان سنة ثمان وستين ويقال إنما كتب مسلمة بن مخلد إلى السائب بن هشام في أخذ بيعة عبد الله بن عمرو ليزيد بعد موت معاوية بن أبي سفيان
قال ابن بكير فأخبرني عبد الله بن لهيعة عن أبي قبيل قال لما توفي معاوية واستخلف يزيد كره عبد الله بن عمرو أن يبايع ليزيد ومسملة بالإسكندرية فبعث إليه مسلمة كريب بن أبرهة وعابس بن سعيد فدخلا عليه ومعهما سليم بن عتر وهو يومئذ قاض وقاص فوعظوا عبد الله بن عمرو في بيعة يزيد فقال عبد الله والله لأنا أعلم بأمر يزيد منكم وإني لأول الناس أخبر به معاوية أنه يستخلف ولكن أردت أن يلي هو بيعتي وقال لكريب أتدري ما مثلك إنما مثلك مثل قصر عظيم في صحراء غشيه ناس قد أصابهم الحر فدخلوا يستظلون فيه فإذا هو ملآن من مجالس الناس وإن صوتك في العرب كريب بن أبرهة وليس عندك شيء وأما أنت يا عابس بن سعيد فبعت آخرتك بدنياك وأما أنت يا سليم بن عتر فكنت

389
قاصا فكان معك ملكان يعينانك ويذكر انك ثم صرت قاضيا فمعك شيطانان بزيغانك عن الحق ويفتنانك
ذكر رابع قاض كان بمصر
بشير بن النضر المزني
ثم ولى عبد العزيز بن مروان بشير بن النضر المزني القضاء حدثني أخي محمد بن عبد الله حدثنا وهب الله بن راشد عن حيوة بن شريح عن جعفر بن ربيعة أن بشير بن النضر كان قاضيا قبل ابن حجيرة في زمان عبد العزيز بن مروان
عبد الرحمن بن حجيرة الخولاني
قال ثم ولي عبد الرحمن بن حجيرة الخولاني وهو ابن حجيرة الأكبر وقد لقي أبا هريرة وأبا سعيد الخدري وروى عنه الناس وجمع له القضاء والقصص وبيت المال وروى عبد الرحمن بن أبي السمح عن أبي الليث العلاء بن عاصم القاص أن ابن حجيرة الأكبر كان مع عبد العزيز بن مروان على القضاء والقصص وبيت المال فكان يأخذ رزقه في القضاء مائتي

390
دينار وفي القصص مائتي دينار وفي بيت المال مائتي دينار وعطاؤه مائتا دينار وجائزته مائتا دينار فكان يأخذ في السنة ألف دينار فلم يكن يحول عليه الحول وعنده ما تجب فيه الزكاة فلم يزل على القضاء حتى مات في سنة ثلاث وثمانين ويقال بل ولي سنة ثلاث وثمانين ومات في سنة خمس وثمانين
وروى ابن لهيعة عن عبيد الله بن المغيرة أن رجلا سأل ابن عباس عن مسألة فقال تسألني وفيكم ابن حجيرة وروى الليث بن سعد عن ابن لهيعة عن موسى بن وردان أن سعيد بن المسيب قال له اقرأ على ابن حجيرة السلام وأمره فلينه أهل بلده عن الربا فإنه ذكر لي أنه بها كثير وقد سمعت عثمان بن عفان رضي الله عنه على المنبر يقول كنت اشتري التمر من سوق بني قينقاع ثم أجلبه إلى المدينة ثم أفرغه لهم وأخبرهم بما فيه من المكيلة فيعطوني ما رضيت به من الربح ويأخذونه بخبري ولا يكيلونه فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا عثمان إذا ابتعت فاكتل وإذا بعت فكل
مالك بن شراحيل الخولاني
ثم ولي القضاء مالك بن شراحيل الخولاني في سنة ثلاث وثمانين

391
وهو صاحب مسجد مالك الذي بفسطاط مصر وكان الحجاج يرسل إليه في كل سنة بحلة وثلاثة آلاف درهم فلم يزل على القضاء حتى مات
يونس بن عطية الحضرمي
فولي القضاء من بعده يونس بن عطية الحضرمي وجمع له الشرط والقضاء فلم يزل قاضيا حتى مات سنة ست وثمانين
أوس بن عبد الله بن عطية
قال وزعم بعض مشايخ أهل البلد أن أوسا ابن أخي يونس بن عطية ولي القضاء بعد عمه يونس بن عطية
عبد الرحمن بن معاوية بن حديج الكندي
ثم ولي عبد الرحمن بن معاوية بن حديج الكندي وجمع له القضاء والشرط فلم يزل على ذلك حتى توفي عبد العزيز بن مروان
قال وكان الطاعون قد وقع بالفسطاط كما حدثنا سعيد بن عيسى بن تليد وغيره يذكر بعضهم ما لا يذكر صاحبه فخرج عبد العزيز بن مروان من الفسطاط فنزل بحلوان داخلا في الصحراء في موضع منها يقال له أبو

392
قرقور وهو رأس العين التي احتفرها عبد العزيز بن مروان وساقها إلى نخله التي غرسها بحلوان فكان ابن حديج يرسل إلى عبد العزيز في كل يوم بخبر ما يحدث في البلد من موت وغيره فأرسل إليه ذات يوم رسولا فأتاه فقال له عبد العزيز ما اسمك فقال أبو طالب فثقل ذلك على عبد العزيز وغاظه فقال له عبد العزيز أسألك عن اسمك فتقول أبو طالب ما اسمك فقال مدرك فتفاءل عبد العزيز بذلك ومرض في مخرجه ذلك ومات هنالك فحمل في البحر يراد به الفسطاط فاشتدت عليه الريح فلم يبلغ به الفسطاط حتى تغير فأنزل في بعض خصوص ساحل مريس فغسل فيه وأخرجت من هنالك جنازته وخرج معه بالمجامر فيها العود لما كان من تغير ريحه وأوصى عبد العزيز أن يمر بجنازته إذا مات على منزل جناب وكان له صديقا وكان جناب قد توفي قبل عبد العزيز فمر بجنازة عبد العزيز على بابه وقد خرج عيال جناب فلبسوا السواد ووقفن على الباب صائحات ثم اتبعنه إلى المقبرة وجناب صاحب قصري جناب اللذان بفسطاط مصر ينسب أحدهما اليوم إلى ابن يريم وكان نصيب الشاعر قدم على عبد العزيز بن مروان في مرضه فاستأذن عليه فقيل له هو مغمور فقال استأذنوا لي فإن أذن فذلك وكان لنصيب من عبد العزيز ناحية فأذن له فلما رأى شدة مرضه أنشأ يقول من الكامل

393
(ونزور سيدنا وسيد غيرنا
* ليت التشكي كان بالعواد)
(لو كان تقبل فدية لفديته
* بالمصطفى من طارفي وتلادي) فلما سمع عبد العزيز صوته فتح عينيه وأمر له بألف دينار واستبشر بذلك آل عبد العزيز وفرحوا به ثم مات وكانت وفاته كما حدثنا يحيى بن بكير عن الليث بن سعد ليلة الاثنين لاثنتي عشرة خلت من جمادى الأولى سنة ست وثمانين وفي ذلك يقول الفرزدق من البسيط
(يا أيها المتمني أن يكون فتى
* مثل ابن ليلى فقد خلى لك السبلا)
(أذكر ثلاث خصال قد عرفن له
* هل سب من أحد أو سب أو بخلا)
(لو يضرب الناس أقصاهم وأولهم
* في شقة الأرض حتى يحرثوا الإبلا)
(يبغون أفضل أهل الأرض لم يجدوا
* مثل الذي غيبوا في لحده رجلا) فلما توفي عبد العزيز بن مروان أمر عبد الملك بن مروان على أهل مصر عمر بن مروان على أهل مصر عمر فأقام شهرا إلا ليلة ثم صرف وولي عبد الله بن عبد الملك وهو صاحب مسجد عبد الله الذي بفسطاط مصر وإليه ينسب ولما قدم عبد الرحمن بن عبد الله العمري مصر قاضيا وهمه بعض أهل البلد أن المسجد لعبد الله بن عمر بن الخطاب فعمره وأحسن عمارته وهو مسجد عبد الله بن عبد الملك لا شك فيه

394
عمران بن عبد الرحمن بن شرحبيل بن حسنة
فأراد عبد الله بن عبد الملك عزل ابن حديج فاستحيى من عزله عن غير شيء ولم يجد عليه مقالا ولا متعلقا فولاه مرابطة الإسكندرية وولى عمران بن عبد الرحمن بن شرحبيل بن حسنة القضاء والشرط فلم يزل على ذلك إلى سنة تسع وثمانين فغضب عليه عبد الله بن عبد الملك في شيء لم يسم لي فحبسه في بيت وأمر أن يقطع له ثوب من قراطيس ويكتب فيه عيوبه ومعائبه ثم يلبسه ويوقف للناس حتى يرجع من مخرجه
ذكرعاشر قاض كان بمصر
عبد الأعلى بن خالد بن ثابت الفهمي
وولى عبد الأعلى بن خالد بن ثابت الفهمي مكانه وخرج عبد الله بن عبد الملك إلى وسيم وكانت لرجل من القبط فسأل عبد الله أن يأتيه إلى منزله ويجعل له مائة ألف دينار فخرج إليه عبد الله بن علدالملك قال ابن عفير إنما كان مخرج عبد الله إلى أبي النمرس مع رجل من الكتاب يقال له ابن حنظلة وكانت داره الدار التي يسكنها اليوم أبو صالح الحراني فأتى عبد الله العزل وولاية قرة بن شريك العبسي وهو هنالك

395
قال ابن عفير فلما بلغه ذلك قام ليلبس سراويله فلبسه منكوسا قال وقدم قرة بن شريك على ثلاثة من البريد فدخل المسجد فركع في المحراب ثم تربع فجلس وقعد أحد الرجلين إلى جنبه وقام الآخر على رأسه فأتى إلى عبد الأعلى بن خالد رجل من شرطة المسجد فقال له قدم رجل على ثلاثة من البريد حتى نزل بباب المسجد ثم دخل المحراب فركع ثم تربع فجلس فأتاه ابن رفاعة فسلم عليه بغير الإمرة فقال له قرة على شيء من العمل أنت قال نعم على الشرط قال اذهب فاختم على الديوان قال إن كنت على الخراج فإن هذا ليس إليك قال اذهب كما تؤمر فقال ابن رفاعة السلام عليك أيها الأمير ورحمة الله فقال له قرة ممن أنت قال من فهم فقال قرة من الطويل
(لن تجد الفهمي إلا محافظا
* على الخلق الأعلى وبالحق عالما)
(سأثني على فهم ثناء يسرها
* يوافى به أهل القرى والمواسما)
هكذا قال ابن عفير ويقال بل جاء رجل من الشرط حين قدم قرة إلى ابن رفاعة فقال له قد دخل رجل على ثلاثة من البريد ثم دخل المحراب فركع وبعث رجلا يختم الديوان وآخر يختم بيت المال فأتاه ابن رفاعة فسلم عليه بغير الإمرة فقال له قرة على شيء من العمل أنت

396
قال نعم على الشرط قال فآلزم ما كنت عليه فأعاد ابن رفاعة السلام عليه بالإمرة وأقره على ما كان عليه
قال ابن بكير وقد كان قرة أمر أن لا يعرض لعبد الله بن عبد الملك في شيء خرج به معه وأن يمنع من شيء إن كان تركه فحمل عبد الله بن عبد الملك كلما كان له وبرز إلى دار الخيل ولم يعرض له قرة بن شريك وكان عبد الله قد استعمل قبة تركية في الجزيرة فنسيها فوجه في أخذها فمنعه قرة من ذلك ثم سار عبد الله بن عبد الملك بكل ما كان معه فلما كان بالأردن بعث الوليد فحاز ذلك كله
عبد الله بن عبد الرحمن بن حجيرة الخولاني
ثم ولي عبد الله بن عبد الرحمن بن حجيرة الخولاني وهو ابن حجيرة الأصغر ثم عزل في سنة ثلاث وتسعين وزعم بعض مشايخ أهل البلد أن ابن حجيرة لما ولي القصص بلغ ذلك أباه وهو ببيت المقدس فقال الحمد لله ذكر ابني وذكر ولما بلغه أنه ولي القضاء قال إنا لله أحسبه قال هلك ابني وأهلك قال عبد الرحمن لست أدري أي ابن حجيرة أراد الأكبر أم الأصغر
عياض بن عبيد الله الأزدي السلامي
ثم ولي عياض بن عبيد الله الأزدي ثم السلامي أتته ولاية القضاء

397
وهو عامل لأسامة بن زيد التنوخي على الهري فلم يزل على القضاء حتى صرف عنه في سنة ثمان وتسعين ورد ابن حجيرة على القضاء ثم صرف عنه ورد عياض بن عبيد الله فلم يزل قاضيا حتى صرف سنة مائة
عبد الله بن خذامر
وولي عبد الله بن خذامر ثم صرف عن القضاء سنة ثنتين ومائة
يحيى بن ميمون الحضرمي
ثم ولي يحيى بن ميمون الحضرمي وقد روى عنه عمرو بن الحارث وابن لهيعة فلم يزل قاضيا حتى صرف سنة أربع عشرة ومائة ولم يكن بالمحمود في ولايته حدثنا يحيى بن بكير قال سمعت المفضل بن فضالة يقول كان بئس القاضي
يزيد بن عبد الله بن خذامر
ثم ولي يزيد بن عبد الله بن خذامر ثم صرف

398
الخيار بن خالد المدلجي
ثم ولي الخيار بن خالد المدلجي فأقام قاضيا شبيها بسنة ثم مات وكانت وفاته في سنة خمس عشرة ومائة وكان محمودا جميل المذهب
توبة بن نمر الحضرمي
ثم ولي توبة بن نمر الحضرمي حدثنا سعيد بن عفير حدثنا المفضل بن فضالة قال لما ولي توبة بن نمر القضاء دعا امرأته فقال لها كيف علمت صحبتي لك قالت جزاك الله من عشير خيرا قال قد علمت ما بلينا به من أمر الناس فأنت الطلاق فصاحت فقال لها إن كلمتي في خصم أو ذكرتني به قال فإن كانت لترى دواته قد احتاجت إلى الماء فلا تأمر بها أن تمد خوفا من أن يدخل عليه في يمينه شيء فولي توبة بن نمر ما شاء الله ثم استعفى فقيل له فأشر علينا برجل نوليه فقال كاتبي خير بن نعيم

399
خير بن نعيم الحضرمي
فولي خير بن نعيم الحضرمي فلم يزل قاضيا حتى صرف في سنة ثمان وعشرين ومائة
عبد الرحمن بن سالم الجيشاني
وولي عبد الرحمن بن سالم بن أبي سالم الجيشاني فلم يزل على القضاء إلى دخول المسودة فصرف عن القضاءواستعمل على الخراج ورد خير بن نعيم فلم يزل قاضيا حتى صرف في سنة خمس وثلاثين ومائة وكان سبب صرفه كما حدثنا يحيى بن بكير أن رجلا من الجند قذف رجلا فخاصمه إليه وثبت عليه شاهدا واحدا فأمر بحبس الجندي إلى أن يثبت الرجل شاهدا آخر فأرسل أبو عون عبد الملك بن يزيد فأخرج الجندي من الحبس فاعتزل خير وجلس في بيته وترك الحكم فأرسل إليه أبو عون فقال لا حتى يرد الجندي إلى مكانه فلم يرد وتم على عزمه فقالوا له فأشر علينا برجل نوليه فقال كاتبي غوث بن سليمان
غوث بن سليمان الحضرمي
فولي غوث بن سليمان الحضرمي فلم يزل قاضيا حتى خرج مع

400
صالح بن علي إلى الصائفة سنة أربع وأربعين ومائة
أبو خزيمة إبراهيم بن يزيد الثاتي
ثم ولي أبو خزيمة إبراهيم بن يزيد الثاتي بطن من حمير وكان سبب ولايته أن أبا عون شاور في رجل يوليه القضاء ويقال بل هو صالح بن علي فأشير عليه بثلاثة نفر حيوة بن شريح وأبو خزيمة إبراهيم بن يزيد الحميري وعبد الله بن عياش القتباني وكان أبو خزيمة يومئذ بالإسكندرية فأشخص ثم أتى بهم إليه فكان أول من نوظر حيوة بن شريح فامتنع فدعي له بالسيف والنطع فلما رأى ذلك حيوة أخرج مفتاحا كان معه فقال هذا مفتاح بيتي ولقد اشتقت إلى لقاء ربي فلما رأوا عزمه تركوه فقال لهم حيوة لا تظهروا ما كان من إبائي لأصحابي فيفعلوا مثل ما فعلت فنجا حيوة
قال وسمعت أبي عبد الله بن عبد الحكم يقول قال عبد الله بن المبارك ما ذكر لي أحد بفضل فرأيته إلا رأيته دون ما ذكر لي عنه إلا حيوة بن شريح وابن عون قال ثم دعي بأبي خزيمة فعرض عليه القضاءفامتنع فدعي له بالسيف والنطع فضعف قلب الشيخ ولم يحتمل ذلك فأجاب إلى القبول فاستقضي وأجري عليه في كل شهر عشرة دنانير وكان

401
لا يأخذ ليوم الجمعة رزقا ويقول إنما أنا أجير المسلمين فإذا لم أعمل لهم لم آخذ متاعهم فكان يقال لحيوة بن شريح ولي أبو خزيمة القضاء فيقول حيوة أبو خزيمة خير مني اختبر فصح
قال وكان أبو خزيمة يعمل الأرسان ويبيعها قبل أن يلي القضاء فمر به رجل من أهل الإسكندرية وهو في مجلس الحكم فقال لأختبرن أبا خزيمة فوقف عليه فقال له يأبا خزيمة احتجت إلى رسن لفرسي فقام أبو خزيمة إلى منزله فأخرج رسنا فباعه منه ثم جلس
قال وسمعت أبي عبد الله بن عبد الحكم يقول كان أبو خرشة المرادي صديقا لأبي خزيمة فمر به ذات يوم فسلم عليه فلم ير منه ما كان يعرف وكان أبو خرشة قد خوصم إليه في جدار فاشتد ذلك على أبي خرشة فشكا ذلك إلى بعض قرابته فقال له إن اليوم يوم الخميس أو قال يوم الاثنين وهو صائم فإذا صلى المغرب ودخل منزله فاستأذن عليه ففعل أبو خرشة قال فدخلت عليه وبين يديه ثريد عدس فسلم عليه فرد عليه كما كان يعرف وقال له ما جاء بك فأخبره أبو خرشة فقال ما كان ذلك إلا أن خصمك كان حاضرا خفت أن يرى سلامي عليك فيكسره ذلك عن بعض حجته فقال أبو خرشة فإني أشهدك أن الجدار له

402
قال وحدثني بعض مشايخ البلد أن يزيد بن حاتم وهو يومئذ والي البلد جاء إلى أبي خزيمة في منزله فخرج إليه أبو خزيمة إلى باب داره وألقيت ليزيد بن حاتم صفة سرجه فجلس عليها حتى قضى حاجته ثم انصرف فكلم أبو حزيمة في ذلك فقال لم يكن في منزلي شيء يجلس عليه فخرجت إليه
حدثنا أحمد بن عمرو بن سرح أبو الطاهر قال رفع بعض بني مسكين إلى أبي خزيمة في شيء من أمر حبسهم وقد كان بعض القضاة نظر فيه فكأن أبا خزيمة لم ير إنفاذ ذلك فكتب إليه إذا نحن لم ننتفع بقول القضاة قبلك عندك كذلك لا ننتفع بقولك عند القضاة بعدك فأنفذ ذلك
قال وخرج يوما من المجلس فلم يواف دابته فعرض عليه رجل من أهل البلد أحسبه ابن أبي الجويرية أن يركب دابته فأبى وعرض عليه رجل آخر دابته فركبها فكلمه الرجل في ذلك فقال ما منعني من ركوبها إلا أني رأيت في اللجام صدغين من
فضة قال وولي عبد الله بن عياش القصص وقد كان عقبة بن مسلم على

403
القصص فنحي عنه فقال عقبة بن مسلم كما حدثنا يحيى بن بكير ما لي أعزل والله ما أنا بصاحب خراج ولا حرب إنما أنا قاص أصلي بالناس فإن كنت أطول فأحبوا أن أقصر قصرت وإن كنت أقصر فأحبوا أن أطول طولت
عبد الله بن بلال الحضرمي
قال ثم استعفى أبو خزيمة فأعفي وجعل مكانه عبد الله بن بلال الحضرمي ويقال إنما هو غوث الذي كان استخلفه حين شخص غوث إلى أمير المؤمنين أبي جعفر وذلك في سنة أربع وأربعين ومائة وكان يجلس للناس في المسجد الأبيض ثم قدم غوث فأقره خليفة له يحكم بين الناس حتى مات عبد الله بن بلال فلما مات ركب غوث إلى منزله فضم الديوان والودائع التي كانت قبله وغير ذلك فزعموا أن ابنة عبد الله بن بلال صاحت يومئذ واذلاه
حدثنا يحيى بن بكير قال لم يزل أبو خزيمة على القضاء حتى قدم غوث من الصائفة فعزل أبو خزيمة ورد غوث على القضاء ويقال أن غوث بن سليمان حين شخص إلى العراق جعل على القضاء أبو خزيمة إبراهيم بن يزيد فلم يزل على القضاء حتى توفي سنة أربع وخمسين ومائة
عبد الله ابن لهيعة
وكان ابن حديج يومئذ بالعراق قال فدخلت على أمير المؤمنين أبي

404
جعفر فقال لي يا ابن حديج لقد توفي ببلدك رجل أصيبت به العامة قال قلت يأمير المؤمنين ذاك إذا أبو خزيمة فقال نعم فمن ترى أن نولي القضاء بعده قلت أبو معدان اليحصبي يا أمير المؤمنين قال ذاك رجل أصم ولا يصلح للقاضي أن يكون أصم قال قلت فابن لهيعة يا أمير المؤمنين قال ابن لهيعة على ضعف فيه فأمر بتوليته وأجرى عليه في كل شهر ثلاثين دينار وهو أول قضاة مصر أجري عليه ذلك وأول قاض بها استقضاه خليفة وإنما كان ولاة البلد هم الذين يولون القضاة فلم يزل قاضيا حتى صرف في سنة أربع وستين ومائة
ذكر رابع وعشرين قاض كان بمصر وهو أول غريب قضى عليهم من أهل الكوفة
إسماعيل بن اليسع الكوفي
وولي إسماعيل بن اليسع الكوفي وعزل في سنة سبع وستين ومائة

405
وكان محمودا عند أهل البلد إلا أنه كان يذهب إلى قول أبي حنيفة ولم يكن أهل البلد يومئذ يعرفونه حدثنا أبي عبد الله قال كتب فيه الليث بن سعد إلى أمير المؤمنين يا أمير المؤمنين إنك وليتنا رجلا يكيد سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا مع أنا ما علمنا في الدينار والدرهم إلا خيرا فكتب بعزله
ورد غوث بن سليمان على القضاء فلم يزل حتى توفي في جمادى الآخرة سنة ثمان وستين ومائة حدثنا حماد بن مسور أبو رجاء قال قدمت امرأة من الريف وغوث قاض في محفة فوافت غوث بن سليمان عند السراجين رائحا إلى المسجد فشكت إليه أمرها وأخبرته بحاجتها فنزل عن دابته في حوانيت السراجين ولم يبلغ المسجد وكتب لها بحاجتها وركب إلى المسجد فانصرفت المرأة وهي تقول أصابت والله أمك حين سمتك غوثا أنت غوث عند اسمك
المفضل بن فضالة بن عبيد القتباني
قال فلما مات غوث ولي على القضاء المفضل بن فضالة بن عبيد القتباني ثم عزل في سنة تسع وستين ومائة وهو أول القضاة بمصر طول

406
الكتب وكان أحد فضلاء الناس وخيارهم
قال أخبرني بعض مشايخ البلد أن رجلا لقيه بعد أن عزل فقال حسيبك الله قضيت علي بالباطل وفعلت وفعلت فقال له المفضل لكن الذي قضينا له يطيب الثناء
ذكر سادس وعشرين قاض كان بمصر من غير أهلها من أهل المدينة
عبد الملك بن محمد بن أبي بكر بن حزم الأنصاري
قال ثم ولي أبو الطاهر الأعرج عبد الملك بن محمد بن أبي بكر بن حزم الأنصاري وكان محمودا في ولايته وأخبرنا أبي عبد الله بن عبد الحكم قال كتب إليه صاحب البريد يومئذ إنك تبطئ بالجلوس للناس فكتب إليه أبو الطاهر إن كان أمير المؤمنين أمرك بشيء وإلا فإن في أكفك وبراذعك ودبر دوابك ما يشغلك عن أمر العامة
المفضل بن فضالة ولاية ثانية
ثم استعفى فأعفي في سنة أربع وسبعين ومائة قالوا فأشر علينا برجل فأشار عليهم بالمفضل بن فضالة فولي المفضل بن فضالة ثم شخص أبو الطاهر إلى العراق فولي عليها فقال أنا ظننت أني أعفى عن العمل

407
ولولا ذلك ما استعفيت عن مصر كانت زاوية صالحة فلم يزل المفضل على القضاء إلى صفر سنة سبع وسبعين ومائة
محمد بن مسروق الكندي
وولي محمد بن مسروق بن معدان الكندي من أهل الكوفة ولم يكن بالمحمود في ولايته وكان فيه عتو وتجبر فلم يزل على القضاء إلى سنة أربع وثمانين ومائة فخرج إلى العراق
إسحق بن الفرات التجيبي
واستخلف إسحاق بن الفرات أبو نعيم التجيبي فحميري فلم يزل على القضاء إلى صفر سنة خمس وثمانين ومائة فعزل
عبد الرحمن بن عبد الله بن المجبر
وولي عبد الرحمن بن عبد الله بن المجبر بن عبد الرحمن بن عمر بن الخطاب على القضاء حتى عزل في جمادى الأولى سنة أربع وتسعين ومائة وقد كان قوم تظلموا منه ورفعوا فيه إلى أمير المؤمنين هارون فقال انظروا في الديوان كم لي من وال من آل عمر بن الخطاب

408
فنظروا فلم يجدوا غيره فقال والله لا أعزله أبدا
هاشم بن أبي بكر البكري
ثم ولي بعده هاشم بن أبي بكر البكري من ولد أبي بكر الصديق فآذى أصحاب العمري وبلغ مكروههم وكان يذهب مذهب أصحاب أبي حنيفة فلم يزل على القضاء حتى توفي في المحرم في أول يوم منه سنة ست وتسعين ومائة
إبراهيم بن البكاء
ثم ولي إبراهيم بن البكاء ولاه جابر بن الأشعث وجابر يومئذ والي البلد فلم يزل على ذلك حتى وثب بجابر بن الأشعث فنحي وولي مكانه عباد بن محمد فعزل ابن البكاء
لهيعة بن عيسى الحضرمي
وولى لهيعة بن عيسى الحضرمي فلم يزل قاضيا حتى قدم المطلب بن عبد الله بن مالك في أول سنة ثمان وتسعين فعزل لهيعة

409
الفضل بن غانم
وولي الفضل بن غانم وكان المطلب قدم به معه من العراق فأقام سنة أو نحوها ثم غضب عليه المطلب فعزله
لهيعة بن عيسى ولاية ثانية
وولي لهيعة بن عيسى فلم يزل قاضيا حتى توفي في ذي القعدة أول يوم منه سنة أربع ومائتين
إبراهيم ين إسحاق القاري
فولي السري بن الحكم بعد مشاورة أهل البلد إبراهيم بن إسحاق القارى حليف بني زهرة وجمع له القضاء والقصص وكان رجل صدق ثم استعفى لشيء أنكره فأعفي
إبراهيم بن الجراح
وولي مكانه إبراهيم بن الجراح وكان يذهب إلى قول أصحاب أبي حنيفة ولم يكن بالمذموم أول ولايته حتى قدم عليه ابنه من العراق فتغيرت حاله وفسدت أحكامه فلم يزل قاضيا إلى سنة إحدى عشرة ومائتين فدخل عبد الله بن طاهر البلد فعزله
عيسى بن المنكدر
وولى عيسى بن المنكدر بن محمد بن المنكدر وخرج إبراهيم بن الجراح إلى العراق ومات هنالك وأجرى عبد الله بن طاهر على عيسى بن

410
المنكدر أربعة آلاف درهم في الشهر وهو أول قاض أجري عليه ذلك وأجازه بألف دينار فلما قدم المعتصم مصر في سنة أربع عشرة ومائتين كلمه فيه ابن أبي داود فأمره فوقف عن الحكم ثم أشخص بعد ذلك إلى العراق فمات هناك
هارون بن عبد الله الزهري
وبقيت مصر بلا قاض حتى ولى المأمون هارون بن عبد الله الزهري القضاء فقدم البلد لعشر ليال بقين من شهر رمضان سنة سبع عشرة ومائتين وكان محمودا عفيفا محببا في أهل البلد فلم يزل قاضيا إلى شهر ربيع الأول من سنة ست وعشرين ومائتين فكتب إليه أن يمسك عن الحكم وقد كان ثقل مكانه على ابن أبي داود
ابن أبي الليث
وقدم أبو الوزير واليا على خراج مصر وقدم معه بكتاب ولاية ابن أبي الليث على القضاء فلم يزل قاضيا إلى يوم الخميس لثلاث عشرة ليلة خلت من شعبان سنة خمس وثلاثين ومائتين فعزل وحبس
الحارث بن مسكين
وبقيت مصر بلا قاض حتى ولي الحارث بن مسكين في جمادى الأولى

411
سنة سبع وثلاثين ومائتين جاءته ولاية القضاء وهو بالإسكندرية فلم يزل قاضيا حتى صرف يوم الجمعة لسبع ليال بقين من شهر ربيع الآخر سنة خمس وأربعين ومائتين
دحيم بن اليتيم الدمشقي
وولي دحيم بن اليتيم عبد الرحمن بن إبراهيم بن اليتيم الدمشقي جاءته ولايته بالرملة فتوفي قبل أن يصل إلى مصر وكانت وفاته سنة خمس وأربعين ومائتين
بكار بن قتيبة الثقفي
وولي بعده بكار بن قتيبة أبو بكرة الثقفي من أهل البصرة وهو من ولد أبي بكرة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخل البلد يوم الجمعة لثمان ليال خلون من جمادى الآخرة سنة ست وأربعين ومائتين فأقام قاضيا وأحمد بن طولون يصله في كل سنة بألف دينار ثم إن ابن طولون بلغه أن الموفق خرج عن طاعة أخيه المعتمد وكان المعتمد ولي عهد أخيه فأراد ابن طولون خلع الموفق من ولاية العهد فوافقه فقهاء مصر وخالف القاضي بكار فحبسه أحمد بن طولون وذلك في سنة سبع وخمسين ومائتين
محمد بن شاذان الجوهري
ورتب في الحكم عوضا عنه وهو كالخليفة عنه محمد بن شاذان الجوهري ومات بكار في ذي الحجة سنة خمس وسبعين ومائتين

412
محمد بن عبدة
قال أبو القاسم ابن قديد وأقامت مصر بعد بكار بلا قاض حتى ولى خمارويه بن أحمد محمد بن عبدة القضاء سنة سبع وسبعين ومائتين فلم يزل قاضيا إلى سنة ثلاث وثمانين ومائتين في جمادى الآخرة فألزم منزله
أبو زرعة محمد بن عثمان الدمشقي
وبقيت مصر بلا قاض حتى ولي أبو زرعة محمد بن عثمان الدمشقي فأقام ثماني سنين وعزل في صفر سنة اثنين وتسعين وثلاث مائة
أبو مالك بن أبي الحسن الصغير
وإعيد ابن عبدة ثم صرف في رجب من السنة وولي أبو مالك بن أبي الحسن الصغير

413
علي بن الحسين بن حربويه
ثم ولي بعده أبو عبيد علي بن الحسين بن حرب المعروف بابن حربويه في شعبان سنة ثلاث وتسعين ثم عزل في سنة إحدى وثلاثمائة قال ابن يونس في تاريخ مصر كان أبو عبيد بن حربويه شيئا عجبا ما رأينا قبله ولا بعده مثله وكان آخر قاض يركب إليه أمراء مصر وكان لا يقوم للأمير إذا أتاه ثم أرسل موقعه الإمام أبا بكر بن الحداد إلى بغداد سنة إحدى وثلاثمائة في طلب إعفائه عن القضاء فأعفي انتهى

414
الجزء السابع
ذكر الأحاديث

415
نذكر منها غريب الأحاديث دون المشهور منها
قال هذه تسمية من روى عنه أهل مصر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن دخلها فعرف أهل مصر بالرواية عنهم ومن شركهم في الرواية عنهم من أهل البلدان وما تفردوا به دون غيرهم ومن عرف دخوله مصر منهم برواية غيرهم عنه وتركت قوما يذكر بعض الناس أن لهم صحبة وأنهم قد دخلوا مصر لم أر أحدا من أهل العلم من مشايخهم يثبت ذلك لهم وتركت كثيرا من حديث بعض من ذكرت منهم كراهية للإكثار واقتصرت على بعضه

417
عمرو بن العاص بن وائل السهمي
وهو أول أمير أمر على أهل مصر في الإسلام ولهم عنه أكثر من عشرين حديثا نذكر منها غريب الأحاديث دون المشهور منها [1] منها أن عمرو بن العاص قال أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم في القرآن خمس عشرة سجدة منها في المفصل ثلاث وفي سورة الحج سجدتان حدثناه سعيد بن أبي مريم عن نافع بن يزيد عن الحارث بن سعيد العتقي عن عبد الله بن منين من بني عبد كلال عن عمرو بن العاص [2] ومنها أن عمرو بن العاص قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من قوم يظهر فيهم الربا إلا أخذوا بالفناء وما من قوم يظهر فيهم الزنا إلا أخذوا بالسنة وما من قوم يظهر فيهم الرشا إلا أخذوا بالرعب
حدثناه عبد الملك بن مسلمة عن ابن لهيعة عن عبد الله بن سليمان أن

418
محمد بن راشد المرادي حدثه أن عمرو بن العاص طلع يوما المنبر فلم يسلم فقال رجل إن أبا عبد الله لمغضب فقال أما والله إنكم لتعلمون أني من أقل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رواية عنه وأنه لم يمنعني من الحديث عنه إلا أني كنت رجلا غزاء وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من قوم يظهر.... ثم ذكر الحديث [3] ومنها حديث ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن عمران بن أبي أنس عن عبد الرحمن بن جبير عن عمرو بن العاص قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية وأمرني عليها وفيهم عمر بن الخطاب فأصابتني جنابة في ليلة بادرة شديدة البرد فتيممت وصليت بهم فلما قدمنا على رسول صلى الله عليه وسلم شكاني عمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كان من كلامه أن قال صلى بنا وهو جنب فبعث إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألني فقلت يا رسول الله أجنبت في ليلة بادرة لم يمر علي مثلها قط فخيرت نفسي بين أن أغتسل فأموت أو أصلي بهم وأنا جنب فتيممت وصليت بهم فقال

419
رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كنت مكانك فعلت مثل الذي فعلت هكذا حدثناه أبي عبد الله بن عبد الحكم عن ابن لهيعة
وحدثناه محمد بن عبد الجبار المخزومي حدثنا زيد بن الحباب عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن عمران بن أبي أنس عن عبد الرحمن بن جبير عن أبي فراس يزيد بن رباح مولى عمرو عن عمرو [4] ومنها حديث موسى بن علي عن أبيه عن أبي قيس مولى عمرو عن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فضل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر حدثناه عبد الله بن صالح حدثنا موسى بن علي عن أبيه وحدثناه أبي عبد الله بن عبد الحكم قال حدثنا الليث بن سعد عن موسى بن علي [5] ومنها حديث موسى بن علي عن أبيه عن عمرو بن العاص أنه

420
قال بعث إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال خذ عليك ثيابك وسلاحك فأخذت علي ثيابي وسلاحي ثم أقبلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدته يتوضأ فصوب في النظر ثم طأطأه ثم قال لي يا عمرو إني أريد أن أبعثك على جيش يغنمك الله ويسلمك وأرغب لك رغبة من المال صالحة فقلت والله يا رسول الله ما أسلمت للمال ولكن أسلمت رغبة في الإسلام وأن أكون معك فقال يا عمرو نعم المال الصالح للرجل الصالح حدثناه عبد الله بن صالح [6] ومنها حديث موسى بن علي عن أبيه قال سمعت عمرو بن العاص يقول ما أبعد هديكم من هدي نبيكم عليه السلام أما هو فكان أزهد الناس في الدنيا وأنتم أرغب الناس فيها حدثناه عبد الله بن صالح عن موسى بن علي [7] حدثنا عبد الله بن صالح حدثنا الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب أن علي بن رباح أخبره أنه سمع عمرو بن العاص على المنبر يقول والله ما رأيت قوما أرغب فيما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزهد فيه منكم أصبحتم ترغبون في الدنيا وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزهد فيها وما مر برسول الله صلى الله عليه وسلم ثلث من الدهر إلا والذي عليه أكثر من الذي له فقال رجل من أصحاب

421
رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يتسلف حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبار عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن علي بن رباح أنه سمع عمرو بن العاص [8] ومنها حديث ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد أن مولى لعمرو بن العاص حدثه أن عمرو بن العاص قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعمل شعيرة اليوم خير من مثقال قيراط بعداليوم حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبار [9] ومنها حديث الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب أن ابن شماسة أخبره أن عمرا حين حضرته الوفاة دمعت عيناه فقال له عبد الله يأبا عبد الله أجزع من الموت يحملك على هذا قال لا ولكن ما بعد الموت فذكر له عبد الله مواطنه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم والفتوح التي كانت بالشام فلما فرغ عبد الله من ذلك قال لقد كنت على أطباق ثلاثة لو مت على بعضها علمت ما يقول الناس بعث الله محمدا فكنت أكره الناس لما جاء به أتمنى لو أني قتلته حتى بلغ كراهيتي لدين الله أني ركبت البحر إلى صاحب الحبشة أطلب دم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلو مت على ذلك قال الناس مات عمرو مشركا عدوا لله ولرسوله من أهل النار ثم قذف الله الإسلام في قلبي فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فبسط إلي يده

422
ليبايعني فقبضت يدي ثم قلت أبايعك على أن يغفر الله لي ما تقدم من ذنبي وأنا أظن حينئذ أني لا آتي ذنبا في الإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عمرو إن الإسلام يجب ما قبله وإن الهجرة تجب ما بينها وبين الإسلام فلو مت على هذا الطبق قال الناس أسلم عمرو وهاجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نرجو لعمرو عند
الله خيرا كثيرا ثم كانت إمارات وفتن وأنا مشفق من هذا الطبق فإذا أخرجتموني فأسرعوا بي ولا تتبعني نائحة ولا نار وشدوا علي إزاري فإني مخاصم وسنوا علي التراب سنا فإن يميني ليست بإحق بالتراب من يساري ولا تدخلن القبر خشبة ولا طوبة ثم إذا قبرتموني فامكثوا عندي قدر نحر جزور وتفصيلها أستأنس بكم حدثناه أبو صالح عبد الله بن صالح وأسد بن موسى عن الليث بن سعد حدثنا يزيد بن أبي حبيب أن ابن شماسة أخبره أن عمرو بن العاص لما حضرته الوفاة قال ثم ذكر الحديث [10] قال وحدثنا عمرو بن سواد حدثنا ابن وهب أخبرنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن ابن شماسة عن عبد الله بن عمرو عن عمرو وزاد فيها فقال له عمرو تركت أفضل من ذلك شهادة أن لا إله إلا الله [11] حدثنا أسد بن موسى حدثنا ابن لهيعة حدثني يزيد بن أبي

423
حبيب أخبرني سويد بن قيس عن قيس بن سمي أن عمرا قال قلت يا رسول الله أبايعك على أن يغفر لي ما تقدم من ذنبي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الإسلام يجب ما كان قبله وإن الهجرة تجب ما كان قبلها قال عمرو فوالله إن كنت لأشد الناس حياء من رسول الله صلى الله عليه وسلم فما ملأت عيني منه ولا راجعته بما أريد حتى لحق بالله حياء منه ثم ذكر الحديث [12] ومنها حديث محمد بن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن راشد مولى حبيب بن أوس الثقفي أن حبيبا حدثه أن عمرو بن العاص حدثه قال لما انصرفنا من الخندق جمعت نفرا من قريش بيني وبينهم خاصة فقلت لهم تعلموا والله إني أرى أمر محمد يعلو ما خالفه من الأمور علوا منكرا فهل لكم في رأي قد رأيته قالوا وما هو قال نلحق بالنجاشي فنكون عنده حتى ينقضي ما بيننا وبين محمد فإن ظفرت قريش رجعنا إليهم وإن ظفر محمد أقمنا عنده فلأن أكون تحت يدي النجاشي أحب إلي من أن أكون تحت يدي محمد قالوا أصبت قال قلت اجمعوا له أدما فإنه أحب ما يهدى إليه من بلادنا قال ففعلنا ثم خرجنا فبينا نحن قد دنونا منه إذ نظرت إلى عمرو بن أمية قد بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي قال فقلت هذا والله عمرو بن أمية قد بعثه محمد ولو قد قدمت بهداياي إلى النجاشي ثم سألته إياه فأعطانيه فقتلته فرأت قريش اني قد أجزأت حين يقتل رسول محمد قال فلما دخل عليه عمرو بن أمية

424
وفرغ من حاجته دخلت عليه فحييته بما كنا نحييه فقال النجاشي مرحبا ما أهديت إلي يا صديقي قال قلت أيها الملك قد أهديت لك هدايا قال ثم قدمت إليه هداياي فقبلها وبهجت بما قال لي قال فقلت له أيها الملك إني قد رأيت ببابك رسول محمد وهو لنا عدو أعطنيه أضرب عنقه فإنه رسول رجل هو لنا عدو قال فمد يده ثم غضب وضرب بها أنفه ضربة ظننت أنه قد كسره قال فوددت لو أني انشقت لي الأرض فدخلت فيها فرقا منه ثم قال تسألني رسول رجل يأتيه الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى أعطيكه لتقتله قال قلت أيها الملك فإن ذاك لكذلك أنه ليأتيه الناموس الأكبر الذي يأتي موسى قال نعم والذي نفس النجاشي بيده ويحك يا عمرو فأطعني واتبعه والذي نفسي بيده ليظهرن هو ومن اتبعه على من سواهم وعلى من خالفهم كما ظهر موسى على فرعون وجنوده قال قلت أفتبايعني له على الإسلام قال نعم قال فبسط يده فبايعني له فخرجت على أصحابي وقد حال رأيي عما كان عليه معهم قال فانطلقت تهوي بي راحلتي حتى لقيت خالد بن الوليد قال قلت أين يأبا سليمان قال أريد والله أن أذهب فأسلم فقد والله استقام الشأن واستبان الميسم قال فقلت وأنا والله قال فانطلقنا حتى جئنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخلنا عليه المسجد فتقدم خالد فبايعه ثم تقدمت فبايعت فقلت يا رسول الله أبايعك على أن يغفر لي ما تقدم من ذنبي ولم أذكر ما تأخر قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بايع يا عمرو فإن الإسلام يجب ما كان قبله وان الهجرة تجب ما كان قبلها حدثناه أسد بن موسى حدثنا يحيى بن أبي زائدة عن محمد بن إسحاق وحدثنا عبد الملك بن

425
هشام عن زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق
وتوفي عمرو بن العاص يوم الفطر سنة ثلاث وأربعين وصلى عليه عبد الله بن عمرو ودفن بالمقطم من ناحية الفج يكنى أبا عبد الله وكان طريق الناس يومئذ إلى الحجاز فأحب أن يدعو له من مر به أخبرنا بذلك ابن عفير
حدثنا عثمان بن صالح حدثنا ابن لهيعة قال قبر في مقبرة المقطم ممن عرف من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسة نفر عمرو بن العاص السهمي وعبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي وعبد الله بن حذافة السهمي وأبو بصرة الغفاري وعقبة بن عامر الجهني
وشرك أهل مصر في الرواية عنه من أهل المدينة قبيصة بن ذؤيب قال عبد الرحمن ولد عام الفتح وأبو مرة مولى عقيل بن أبي طالب واسمه يزيد وعروة بن الزبير وقد اختلف في سعيد بن المسيب فقالوا سمع منه وقالوا بل إنما سمع من ابنه عبد الله بن عمرو وعبد الله بن شرحبيل بن حسنة ومن أهل الكوفة قيس بن أبي حازم ومن أهل البصرة أبو عثمان النهدي وغيرهم
عبد الله بن عمرو بن العاص
وعبد الله بن عمرو بن العاص ولهم عنه شبيه بمائة حديث منها [13] حديث رجاء بن أبي عطاء المعافري عن واهب بن عبد الله

426
المعافري عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أطعم أخاه من الخبز حتى يشبعه وسقاه من الماء حتى يرويه بعده الله من النار سبعة خنادق ما بين كل خندقين مسيرة خمس مائة عام حدثناه إدريس بن يحيى وعبد الملك بن مسلمة [14] ومنها حديث ابن لهيعة عن واهب بن عبد الله المعافري عن عبد الله بن عمرو أنه رأى في المنام كأنه في إحدى أصابعه عسل وفي الأخرى سمن فكأنه يلعقهما فأصبح فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن عشت قرأت الكتابين التوراة والفرقان فكان يقرؤهما حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبار وأسد بن موسى [15] ومنها حديث الليث عن عامر بن يحيى عن أبي عبد الرحمن الحبلي قال سمعت عبد الله بن عمرو يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سيصاح برجل من أمتي على رؤوس الخلائق فتنشر عليه تسعة وتسعون سجلا كل سجل منها مد البصر ثم يقول الله له أتنكر من هذا شيئا أظلمك كتبتي الحافظون فيقول لا يا رب فيقول أفلك عذر فيهاب فيقول لا يا

427
رب فيقول بلى إن لك عندنا حسنتين وانه لا ظلم عليك فتخرج له بطاقة فيها أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبد الله ورسوله فيقول يا رب ما هذه البطاقة مع هذه
السجلات فيقال إنك لا تظلم فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة فطاشت السجلات وثقلت البطاقة فينجو من النار حدثناه عبد الملك بن مسلمة [16] وحدثنا أبي حدثنا بكر بن مضر عن عمرو بن الحارث عن عامر بن يحيى عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو قال يؤتى بالعبد يوم القيامة ومعه تسعة وتسعون سجلا في الذنوب والخطايا فيؤمر به إلى النار فإذا ذهب به نادى مناد لا تعجلوا فإنه قد بقي له فيؤتى ببطاقة صغيرة فإذا فيها لا إله إلا الله [17] ومنها حديث ابن لهيعة عن شراحيل بن يزيد قال كان بيني وبين حنش بن عبد الله كلام فقال لولا شيء سمعته من ابن عمرو لعلمت سمعته يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ثلاثة إذا أنا فعلتهن فما أبالي ما ركبت إذا قرضت شعرا أو علقت تميمة أو شربت ترياقا حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبار ورواه حيوة بن شريح أيضا عن شراحيل بن يزيد [18] ومنها حديث عبد الله بن عياش عن أبيه عن أبي عبد الرحمن

428
الحبلي عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من علم علما فكتمه ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار حدثناه إدريس بن يحيى [19] ومنها حديث عبد الرحمن بن زياد بن أنعم عن عبد الله بن يزيد عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليؤيدن الله الإسلام برجال ما هم من أهله حدثناه المقرئ [20] ومنها حديث ابن لهيعة عن أبي زرعة عن ابن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تقوم الساعة حتى يرفع القرآن والذكر أو الركن شك عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم حدثناه عبد الملك بن مسلمة [21] ومنها حديث عبد الرحمن بن زياد بن أنعم عن عبد الرحمن بن رافع التنوخي عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال العلم ثلاثة وما سوى ذلك فضل آية محكمة أو سنة قائمة أو فريضة عادلة حدثناه معاذ بن الحكم [22] ومنها حديث ابن لهيعة عن الحسن بن ثوبان الهوزني عن

429
هشام بن أبي رقية اللخمي عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا طائر ولا عدوى ولا هامة ولا جد والعين حق حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبار [23] ومنها حديث نافع بن يزيد وابن لهيعة عن أبي هانيء الخولاني أنه سمع أبا عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض وعرشه على الماء بخمسين ألف سنة حدثناه أبو صدقة محمد بن عبد الأعلى عن نافع بن يزيد وأبو الأسود عن ابن لهيعة حديث أحدهما نحو حديث صاحبه حدثنا عبد الله بن صالح عن الليث بن سعد عن أبي هانىء الخولاني بإسناده نحو حديثيهما [24] ومنها حديث ابن لهيعة عن أبي هانىء أنه سمع أبا عبد الرحمن الحبلي يقول إنه سمع عبد الله بن عمرو يقول إنه سمع رسول الله يقول ما من غازية تغزو في سبيل الله فيصيبون غنيمة إلا تعجلوا ثلثي أجرهم من الآخرة ويبقى لهم الثلث وإن لم يصيبوا غنيمة تم لهم أجرهم حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبار [25] ومنها حديث عبد الرحمن بن زياد بن أنعم عن عبد الله بن

430
4 يعقوب عن عبد الله بن يزيد عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لله أضن بدم المؤمن من أحدكم بكريمة ماله حتى يقبضه على فراشه حدثناه المقرئ [26] ومنها حديث ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن سويد بن قيس أخبره عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رباط يوم في سبيل الله خير من صيام شهر وقيامه حدثناه أبي عبد الله بن عبد الحكم وأبو الأسود النضر بن عبد الجبار [27] ومنها حديث يحيى بن أيوب عن أبي قبيل أنه حدثه أنه كان عند عبد الله نب عمرو بن العاص فتذاكرنا فتح القطسنطينية ورومية أيهما تفتح قبل فدعا عبد الله بصندوق له طخم قلنا وما الطخم قال الحلق فقال كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم نكتب ما يقول لا أو نعم فقلنا أي المدينتين تفتح قبل يا رسول الله قال مدينة هرقل يريد القسطنطينية حدثناه سعيد بن عفير وقد خالف ابن لهيعة يحيى بن أيوب في هذا الحديث والله أعلم بالصواب حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبار حدثنا ابن لهيعة عن أبي قبيل عن عمير بن ملك أنه كان عند ابن عمرو فذكروا فتح القسطنطينية ورومية أيهما تفتح أول فاختلفوا في ذلك

431
فدعا عبد الله بن عمرو بصندوق فيه قراطيس فقال تفتحون القسطنطينية ثم تغزون بعثا إلى رومية فيفتح الله عليكم وإلا فأنا عند الله من الكذابين [28] ومنه حديث قباث بن رزين عن شيخ من المعافر يذكر منه فضل وصلاح أن رجلا يقال له عباد ممن يلزم عبد الله بن عمرو وكان من الصلحاء كان يقرأ القرآن فيقرن بين السور في الركعة الواحدة فبلغ ذلك عبد الله بن عمرو فأتاه عباد يوما فقال له عبد الله بن عمرو يا خائن أمانته ثلاث مرات فاشتد ذلك على عباد فقال له غفر الله لك أي أمانة بلغك أني خنتها قال ألم أخبر أنك تجمع بين السور في الركعة الواحدة قال إني لأفعل ذلك قال وكيف بك يوم تأخذك كل سورة بركعتها وسجدتيها أما إني لم أقل لك إلا كما قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثناه عبد الله بن صالح [29] ومنها حديث ابن لهيعة عن حيي بن عبد الله عن أبي

432
عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الخندق وهم يحفرون حول المدينة فتناول رسول الله صلى الله عليه وسلم الفأس فضرب به ضربة فقال هذه الضربة يفتح الله بها كنوز الروم ثم ضرب الثانية فقال هذه يفتح الله بها كنوز فارس ثم ضرب الثالثة فقال هذه الضربة يأتي الله بأهل اليمن أعوانا وأنصارا حدثناه عبد الملك بن مسلمة [30] ومنها حديث ابن لهيعة عن يزيد بن عمرو المعافري عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من صمت نجا حدثنا المقرئ وأبو الأسود [31] ومنها حديث ابن لهيعة عن ابن هبيرة عن أبي هبيرة الكحلاني مولى لعبد الله بن عمرو عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إليهم ذات يوم في المسجد فقال إن ربي حرم علي الخمر والميسر والمزر والكوبة والقنين حدثناه طلق بن السمح اللخمي [32] ومنها حديث ابن لهيعة عن حيي بن عبد الله المعافري عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم

433
بدر في ثلاثمائة وخمسة عشر من المقاتلة كما خرج طالوت فدعا لهم حين خرج اللهم إنهم حفاة فاحملهم اللهم إنهم عراة فاكسهم اللهم إنهم جياع فأشبعهم ففتح الله لهم يوم
بدر وأقبلوا وما منهم رجل إلا وهو آخذ برأس جمل أو جملين واكتسوا وشبعوا حدثناه عبد الملك بن مسلمة [33] ومنها حديث عبد الله بن عياش القتباني عن عبد الله بن عياض عن أبي رزين الغافقي قال سمعت عبد الله بن عمرو يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الذي يمر بين يدي أخيه وهو يصلي متعمدا يتمنى يوم القيامة لو أنه شجرة يابسة حدثناه إدريس بن يحيى [34] ومنها حديث عبد الله بن عياش عن عيسى بن هلال الصدفي عن عبد الله بن عمرو أن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أقرئني فقال إقرأ ثلاثا من ذات الراء فقال يا رسول كبرت سني وضعف عظمي وثقل لساني فقال إقرأ من ذات حم فقال مثل ذلك فقال إقرأ ثلاثا من ذات سبح فقال مثل ذلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إقرأ فأقرأه إذا زلزلت فلما فرغ قال يا رسول الله علمني شيئا أعمل

434
به فقال صلاة الخمس وحج البيت وصيام رمضان وإيتاء الزكاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فلما أدبر الرجل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بالرجل فلما أتي به قال إني قد أمرت بالأضحى عيدا جعله الله لهذه الأمة قال أفرأيت إن لم أجد إلا شاة أهلي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قص شاربك وقلم أظفارك واحلق عانتك فتلك تمام ضحيتك عند الله حدثناه إدريس بن يحيى وحدثنا المقرئ حدثنا سعيد بن أبي أيوب حدثني عياش بن عباس عن عيسى بن هلال عن عبد الله بن عمرو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوه [35] ومنها حديث المفضل بن فضالة ونافع بن يزيد عن ربيعة بن سيف عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال قبرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رجعنا وحاذى بابه إذا هو بامرأة مقبلة لا نظنه عرفها فقال يا فاطمة من أين جئت قالت جئت من عند أهل هذا الميت رحمت إليهم ميتهم وعزيتهم قال فلعلك بلغت معهم الكدى قالت معاذ الله أن أبلغ معهم الكدى وقد سمعتك تذكر فيهم ما تذكر فقال لو بلغت معهم الكدى ما رأيت الجنة حتى يراها جدك أبو أبيك قال نافع في حديثه حتى يراها جد أبيك والكدى المقابر حدثناه سعيد بن أبي مريم عن نافع بن يزيد قال وحدثناه أبي عبد الله بن عبد الحكم وأبو الأسود النضر بن عبد الجبار وعبد الله بن صالح عن

435
المفضل بن فضالة
وشركهم في الرواية عنه من أهل المدينة سعيد بن المسيب وأبو سلمة بن عبد الرحمن ومن أهل مكة عمرو بن أوس الثقفي ويوسف بن ماهك وابن أبي مليكة ومن أهل الكوفة مسروق بن الأجدع وخثيمة بن عبد الرحمن وعامر الشعبي
وخارجة بن حذافة العدوي
ولهم عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث واحد ليس لهم عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم غيره [36] وهو حديث الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن عبد الله بن راشد الزوفي عن عبد الله بن أبي مرة الزوفي عن خارجة بن حذافة قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن الله قد أمدكم بصلاة هي خير لكم من حمر النعم الوتر جعله لكم فيما بين صلاة العشاء إلى أن يطلع الفجر حدثناه أبي عبد الله بن عبد الحكم وشعيب بن الليث وعبد الله بن صالح وحدثناه أبي أيضا عن بكر بن مضر عن خالد بن يزيد عن أبي الضحاك عبد الله بن أبي مرة عن خارجة بن حذافة
ولهم عنه حكايات في نفسه منها ابن لهيعة عن بكر بن سوادة

436
والحارث بن يزيد عن عبد الرحمن بن جبير أنه رأى خارجة بن حذافة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على الخفين حدثناه أبي عبد الله بن عبد الحكم وأبو الأسود النضر بن عبد الجبار ولم يرو عنه أحد غير أهل مصر
وبسر بن أبي أرطأة وربما قالوا بسر بن أرطأة العامري
ولهم عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث واحد ليس لهم عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم غيره [37] وهو حديث ابن لهيعة عن عياش بن عباس عن شييم بن بيتان عن جنادة بن أبي أمية عن بسر بن أبي أرطأة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تقطع الأيدي في الغزو قال حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبار وأسد بن موسى
ولهم عنه حكايات في نفسه منها حديث ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب قال كان بسر إذا ركب البحر قال أنت بحر وأنا بسر علي وعليك الطاعة لله سيروا على بركة الله
وروى عنه من أهل الشأم يونس بن ميسرة ولم يرو عنه غير أهل مصر وأهل الشأم ويكنى أبا عبد الرحمن وتوفي بالشأم أيام معاوية

437
والمستورد بن شداد الفهري
ولهم عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديث ستة أحاديث أو ما أشبهها [38] منها حديث ابن لهيعة عن يزيد بن عمرو المعافري قال سمعت أبا عبد الرحمن عبد الله بن يزيد الحبلي يقول سمعت المستورد بن شداد يقول رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدلك بخنصره ما بين أصابع رجليه وهو يتوضأ بالجحفة حدثناه أبي عبد الله بن عبد الحكم وسعيد بن عفير وأبو الأسود يزيد أحدهم الحرف ونحوه [39] ومنها حديث ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد عن عبد الرحمن بن جبير عن المستورد بن شداد قال بينا أنا في مجلس فيه عمرو بن العاص إذ قلت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن أشد الناس عليكم بنو أختكم بسمة بنت إسماعيل الروم إنما هلاكهم مع الساعة فقال عمرو ألم أنهك عن هذا حدثناه أبي عبد الله بن عبد الحكم وأبو الأسود النضر بن عبد الجبار وعبد الملك بن مسلمة

438
[40] ومنها حديث ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن حديج بن أبي عمرو قال سمعت المستورد بن شداد يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لكل أمة أجل وإن لأمتي مائة سنة فإذا مرعلى أمتي مائة سنة أتاها ما وعدها حدثناه عبد الملك بن مسلمة [41] ومنها حديث ابن لهيعة عن بكر بن سوادة عن هانىء بن معاوية الصدفي عن المستورد بن شداد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من مات وهو مشرك فلا تسل عنه ومن مات وقد قتل مؤمنا متعمدا فلا تسل عنه ومن مات وهو
عاص فلا تسل عنه قال بكر وحدثني أبو عبد الرحمن الحبلي عن المستورد بن شداد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا إلا أنه يرجى له [42] ومنها حديث ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد عن عبد الرحمن بن جبير عن المستورد بن شداد قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من ولي لنا عملا ولم يكن له خادم فليكتسب خادما ومن لم يكن له مسكن فليكتسب مسكنا ومن لم يكن له دابة فليكتسب دابة فمن أصاب سوى ذلك فإنه غال أو سارق حدثناه عبد الملك بن مسلمة

439
وشركهم في الرواية عنه من أهل الكوفة قيس بن أبي حازم ويقال أبو إسحاق الهمداني لم يرو عنه غير أهل مصر وأهل الكوفة
وعبد الله بن سعد بن أبي سرح العامري
وكان والي البلد في خلافة عثمان عفان مجموعا له [43] ولهم عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث واحد وهو حديث ابن لهيعة قال حدثنا عياش بن عباس القتباني عن الهيثم بن شف عن عبد الله بن سعد بن أبي سرح قال بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم وعشرة من أصحابه معه أبو بكر وعمر وعثمان وعلي والزبير وغيرهم على جبل إذ تحرك بهم الجبل فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم اسكن حراء فإنه ليس عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبار
ليس لهم عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث غيره [44] وحديث آخر مرسل بشك وهو حديث ضمام بن إسماعيل عن عياش بن عباس القتباني قال لما حصروا الإسكندرية قال لهم صاحب المقدمة لا تعجلوا حتى آمركم برأيي فلما فتح الباب دخل رجلان فقتلا فبكى صاحب المقدمة قال ضمام أظنه عبد الله بن سعد فقيل له لم بكيت وهما شهيدان قال ليت أنهما شهيدان ولكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يدخل الجنة عاص وقد أمرت أن لا يدخلوا فدخلوا بغير إذن حدثناه عبد الملك بن مسلمة

440
ولهم عنه حكايات في نفسه منها حديث ابن لهيعة عن ابن أبي جعفر عن أبي سعيد الغافقي أنه سمع عبد الله بن سعد بن أبي سرح وهو على المنبر يقول لا تسقوا دوابكم الخمر فإنها رجس من عمل الشيطان حدثناه أبي عبد الله بن عبد الحكم [45] ومنها حديث ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب قال حدثني العلوي عن عبد الله بن ربيعة قال غزونا مع عبد الله بن سعد إفريقية فصلى لهم صلاة فبينا هم في صلاتهم إذ فزع الناس فانصرفوا فقال لهم عبد الله بن سعد إن هذه الصلاة قد احتضرت فأعيدوا صلاتكم فأعاد بهم الصلاة وأعادوا حدثناه عبد الملك بن مسلمة حدثنا أبي عبد الله بن عبد الحكم حدثنا بكر بن مضر عن يزيد بن أبي حبيب عن قيس بن أبي يزيد عن الجلاس بن عامر عن عبد الله بن ربيعة قال صلى عبد الله بن سعد للناس بإفريقية المغرب فلما صلى ركعتين سمع جلبة في المسجد فأرعبهم ذلك وظنوا أنهم العدو فقطع الصلاة فلما لم ير شيئا خطب الناس وقال إن هذه الصلاة قد احتضرت وأمر مؤذنة فأقام الصلاة ثم أعادها
لم يرو عنه غير أهل مصر وتوفي بعسقلان في أيام معاوية بن أبي سفيان قبل اجتماع الناس عليه يكنى أبا يحيى ويقال توفي عبد الله بن سعد سنة ست وثلاثين وكان والي البلد بمصر بعد عمرو بن العاص

441
وممن دخلها من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن شركوا الناس في الرواية عنه وأغربوا به عليهم في الحديث
الزبير بن العوام
ولهم عنه حديث واحد وهو حديث ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن من سمع عبيد الله بن المغيرة يقول سمعت سفيان بن وهب الخولاني يقول لما افتتحنا مصر بغير عهد قام الزبير فقال أقسمها يا عمرو فقال عمرو لا أقسمها حتى أوامر أمير المؤمنين فقال الزبير والله لتقسمنها كما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر فقال عمرو والله لا أقسمها حتى أوامر أمير المؤمنين فكتب إلى عمر بن الخطاب فكتب إليه عمر أقرها حتى يغزو منها حبل الحبلة حدثناه يوسف بن عدي عن عبد الله بن المبارك قال وحدثناه عبد الملك بن مسلمة قال ابن لهيعة وحدثني يحيى بن ميمون عن عبيد الله بن المغيرة عن سفيان بن وهب نحوه
وتوفي بوادي السباع سنة ست وثلاثين قتله ابن جرموز ويكنى أبا عبد الله
وعبد الله بن عمر بن الخطاب
ولهم عنه شبيه بثمانية أحاديث كلها أغربوا بها [46] منها حديث أبي شريح عبد الرحمن بن شريح عن شراحيل بن

442
بكيل عن عبد الله بن عمر قال كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نزل تحريم الخمر فأمر بآنية الخمر فجمعها في موضع واحد ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم غدا وهو آخذ بيدي اليسرى بيده اليمنى فأقبل عمر بن الخطاب فحولني عن يساره وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي اليمنى بيده اليسرى وأخذ عمر بن الخطاب بيده اليمنى يده اليسرى فسرنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بيننا فأقبل أبو بكر فسرح رسول الله صلى الله عليه وسلم يدي وحول عمر عن يساره وأخذ بيد أبي بكر بيده اليمنى يده اليسرى فسرنا حتى أتينا الآنية التي جمعت وفيها الخمر والزقاق فقال ائتوني بشفرة أو مدية فحسر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذراعيه وأخذ الشفرة فقال عمر وأبو بكر يا رسول الله نحن نكفيك فقال شقوها على ما فيها من غضب الله الخمر حرام لعن شاربها وساقيها وبائعها ومشتريها وحاملها والمحمولة إليه وعاصرها ومعتصرها والقيم عليها وآكل ثمنها حدثناه طلق بن السمح قال حدثنا أبي عبد الله بن عبد الحكم وأبو الأسود النضر بن الجباروعبد الملك بن مسلمة قالوا حدثنا ابن لهيعة عن أبي طعمة قال سمعت ابن عمر يذكر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوه قال عبد الملك بن مسلمة قال ابن لهيعة وكان أبو طعمة أول من أقرأ أهل مصر [47] حدثنا أبي عبد الله بن عبد الحكم وعبد الله بن صالح قالا حدثنا الليث بن سعد قال أبي وحدثني ابن لهيعة عن خالد بن يزيد أنه

443
سمع ثابت بن يزيد الخولاني يذكر أنه كان له عم يبيع الخمر ويتجر فيها فحججت فأتيت عبد الله بن عباس فذكرت ذلك له فقال يا أمة محمد لو كان كتاب بعد كتابكم أو نبي بعد نبيكم لأنزل عليكم كما أنزل على من كان قبلكم ولكن أخر عنكم إلى يوم القيامة وليس بأخف عليكم هي حرام وثمنها حرام ثم أتيت ابن عمر فذكرت له مثل ذلك فقال
سوف أخبرك عن الخمر نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم تحريم الخمر وأنا عنده فقال من كان عنده منها شيء فليؤذني به كلما جاءه أحد يخبره أن عنده منها شيء قال الوادي حتى إذا اجتمعت هنالك قام إليها فأتى أبو بكر وعمر فمشى بينهما حتى إذا وقف عليها قال أتعرفون هذه قالوا نعم هذه الخمر قال إن الله لعن الخمر وشاربها وساقيها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه وبائعها ومشتريها وآكل ثمنها قال الليث ثم دعا بالسكين فقال باعدوها ففعلوا ثم أخذها النبي صلى الله عليه وسلم يخرق الزقاق فقال الناس إن في هذه الزقاق لمنفعة قال أجل ولكن إنما أفعل ذلك لما فيها من سخط الله فقال عمر أنا أكفيك يا رسول الله فقال لا [48] ومنها حديث ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن قيصر مولى تجيب عن ابن عمر أنه كان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاه شيخ فقال أقبل وأنا صائم قال نعم ثم جاءه شاب من قبل أن يقوم من مجلسه فسأله فقال لا فنظر بعضنا إلى بعض فقال قد علمت لم نظر بعضكم إلى بعض إن الشيخ يملك نفسه حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبار وخالف

444
أسد بن موسى في هذا الحديث فقال عبد الله بن عمرو والله أعلم قال عبد الرحمن بن عبد الحكم وكأني رأيت المصريين يقولون هو ابن عمر وقيصر مولى تجيب هو قيصر بن أبي بحرية [49] ومنها حديث ابن لهيعة عن أبي طعمة قال كنت مع ابن عمر إذ جاءه رجل فسأله عن الصيام في السفر فقال لا تصم قال إني أقوى على ذلك قال ابن عمر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من لم يقبل رخصة الله كان عليه من الإثم مثل جبال عرفات حدثناه النضر بن عبد الجبار وعبد الملك بن مسلمة
وكان ابن عمر شهد الفتح مع عمرو بن العاص وتوفي في سنة ثلاث وسبعين يكنى أبا عبد الرحمن
والمقداد بن الأسود
شهيد بدرا ولهم عنه ثلاثة أحايث عن نفسه وليس لهم عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء [50] أحدها ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أنه سمعه يذكر أن المقداد بن الأسود كان غزا مع عبد الله بن سعد أفريقية فلما رجعوا قال عبد الله بن للمقداد في دار بناها كيف ترى بنيان هذه الدار فقال له المقداد إن كان من مال الله فقد أفسدت وإن كان من مالك فقد أسرفت فقال

445
عبد الله لولا أن يقول قائل أفسدت مرتين لهدمتها حدثناه عبد الملك بن مسلمة [51] والآخر ابن لهيعة عن عياش بن عباس القتباني عن أبي المعارك الوداني أن رجلا من غافق كان له على رجل من مهرة مائة دينا في زمان عثمان بن عفان فغنموا غنيمة حسنة فقال الرجل أعجل لك تسعين دينارا وتمحو عني المائة وكانت مستأخرة فرضي بذلك الغافقي فمر بهما المقداد بن الأسود فأخذا بلجام دابته ليشهداه فلما قصا عليه القصة قال كلاكما قد أذن بحرب من الله ورسوله حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبار [52] ومنها حديث ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد قال حدثني أزهر بن يزيد الغطيفي قال كان على مقاسم الناس يوم جرجير شريك بن سمي فباع تبرا بذهب بعضه أفضل من بعض ثم لقيا المقداد بن الأسود فذكرا ذلك له فقال المقداد إن هذا لا يصلح يكنى أبا معبد وتوفي سنة ثلاث وثلاثين وصلى عليه عثمان بن عفان

446
ومعاوية بن أبي سفيان
ولهم عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثان أحدهما [53] حديث ابن لهيعة عن كعب بن علقمة قال أخبرنا حسان بن كريب الحميري قال سمعت ابن ذي الكلاع سمعت معاوية بن أبي سفيان يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اتركوا الترك ما تركوكم حدثناه يحيى بن بكير [54] والآخر حديث الليث بن سعد وابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن سويد بن قيس عن معاوية بن حديج أنه سمع معاوية بن أبي سفيان يقول سألت أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في الثوب الذي يجامعها فيه وقال أحدهما يضاجعها فيه فقالت نعم إذا لم يكن فيه أذى حدثناه أبي وشعيب بن الليث وعبد الله بن صالح عن الليث بن سعد قال وحدثناه أبي وعبد الملك بن مسلمة عن ابن لهيعة وحدثناه أبي وإسحاق بن بكر بن مضر عن بكر بن مضر عن جعفر بن ربيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن سويد بن قيس عن معاوية بن حديج عن معاوية بن أبي سفيان مثله

447
وكان دخول معاوية بن أبي سفيان مصر في سنة سبع وثلاثين حتى بلغ سلمنت من كورة عين شمس يكنى أبا عبد الرحمن وتوفي بدمشق سنة ستين ومما يبين أن معاوية قد دخل مصر أن عبد الله بن يوسف حدثنا قال حدثنا محمد بن المهاجر عن العباس بن سالم عن مدرك بن عبد الله الأزدي أو أبي مدرك قال غزونا مع معاوية مصر فنزلنا منزلا فقال عبد الله بن عمرو لمعاوية أتأذن لي أن أقوم في الناس فأذن له فقام على قوسه فحمد الله وأثنى عليه ثم قال إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول رأيت في منامي أن عمود الكتاب حمل من تحت رأس فأتبعته بصري فإذا هو كالعمود من النور يعمد به إلى الشأم ألا أن الإيمان إذا وقعت الفتن بالشأم ثلاث مرات
وعبد الرحمن بن أبي بكر الصديق [55] ولهم عنه حديث واحد وهو حديث ابن لهيعة وعمرو بن الحارث عن بكر بن سوادة عن أبي ثور عن عبد الرحمن بن أبي بكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تحل الصدقة لغني

448
وعمار بن ياسر [56] ولهم عنه حديث واحد وهو ابن لهيعة عن أبي عشانة الموهبي من المعافر قال سمعت عمار بن ياسر يقول أبشروا فوالله لأنتم أشد حبا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولم تروه من عامة من رآه حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبار
وتوفي سنة سبع وثلاثين يكنى أبا اليقطان وكان دخوله مصر أيام عثمان بن عفان كما حدثنا عبد الحميد بن الوليد أبو زيد كبد وقد روى بعض الناس سمعت عمار بن ياسر بذي الصواري
وأبو أيوب الأنصاري شهد بدرا واسمه خالد بن زيد [57] ولهم عنه تسعة أحاديث أغربوا بها إلا حديثا واحدا رواه الناس معهم وهو حديث البصل منها حديث ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب قال أخبرني أبو عمران أسلم أنه سمع أبا أيوب الأنصاري يقول قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن بالمدينة وأخبر بعير لأبي سفيان مقبلة
فقال هل لكم أن نخرج فنتلقى هذه العير لعل الله يغنمناها قلنا نعم فخرجنا فلما سرنا يوما أو يومين قال لنا ما ترون في القوم فإنهم قد أخبروا بخروجكم قلنا لا والله يا رسول الله ما لنا طاقة بقتال العدو ولكنا أردنا العير ثم قال ما ترون في قتال العدو قلنا لا طاقة لنا بقتالهم فقال

449
المقداد بن عمرو إنا لا نقول كما قال قوم موسى * (فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون) * قال أبو أيوب فتمنينا معشر الأنصار لو أنا قلنا كما قال المقداد أحب إلينا من أن يكون لنا مال عظيم فأنزل الله على رسول صلى الله عليه وسلم * (كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقا من المؤمنين لكارهون) * إلى قوله وهم ينظرون ثم أنزل الله * (أني معكم فثبتوا الذين آمنوا) * إلى قوله كل بنان وقال * (وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم) * والشوكة الشر وغير الشوكة العير فلما وعدنا الله إحدى الطائفتين إما العير وإما القوم طابت أنفسنا ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث رجلا لينظر فأقبل الرجل فقال رأيت سوادا ولا أدري فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هم هم فأمرنا أن نتعاد ففعلنا فإذا نحن ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا فأخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدتنا فسر بذلك وحمدالله وقال عدة أصحاب طالوت ثم إنا اجتمعنا مع القوم فاصطففنا فبدرت منا بادرة فقال ابن رواحة يا رسول الله إني أريد أن أشير عليك ورسول الله أفضل مما يشار عليه إن الله أجل من أن يشك في وعده فقال يا بن رواحة لا تشكن في وعد الله إن الله لا يخلف الميعاد وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم قبضة من تراب فرمى بها في وجوه القوم فانهزموا فأنزل الله عز وجل * (وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى) * فقتلنا

450
وأسرنا فقال عمر بن الخطاب لا يكون أسرى فإنما نحن داعون فقلنا معشر الأنصار إنما حمل عمر حسد لنا فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم استيقظ فقال ادع لي عمر فدعي فقال له إن الله قد أنزل * (ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض) * الآية حدثناه أبي عبد الله بن عبد الحكم عن ابن لهيعة [58] ومنها حديث ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن أسلم أبي عمران عن أبي أيوب الأنصاري قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بادروا بصلاة المغرب طلوع النجم حدثناه عبد الملك بن مسلمة حدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ حدثنا حيوة بن شريح أخبرنا يزيد بن أبي حبيب قال حدثني أبو عمران التجيبي أن عقبة بن عامر صلى صلاة المغرب فأخرها ونحن بالقسطنطينية ومعنا أبو أيوب الأنصاري فقال له أبو أيوب يا عقبة أتؤخر صلاة المغرب هذا التأخير وأنت من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيراك من لم يصحبه فيظن أنه وقتها قال أبو عمران فقلت لأبي أيوب فمتى وقتها فقال كنا نصليها حين تجب الشمس نبادر بها طلوع النجوم [59] ة منها حديث الليث وحيوة بن شريح عن يزيد بن أبي حبيب قال حدثني أسلم أبو عمران قال كنا بالقسطنطينية وعلى أهل مصر عقبة بن

451
عامر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى أهل الشأم فضالة بن عبيد فخرج من أهل المدينة صف عظيم من الروم وصففنا لهم صفا عظيما من المسلمين فحمل رجل من المسلمين على الروم حتى دخل فيهم ثم خرج إلينا وصاح الناس سبحان الله ألقى بيده إلى التهلكة فقام أبو أيوب الأنصاري فقال أيها الناس إنكم لتأولون هذه الآية على هذا التأويل وإنما أنزلت هذه الأية فينا معشر الأنصار إنه لما أعز الله دينه وكثر ناصريه قلنا فيما بيننا بعضنا لبعض سرا من رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أموالنا قد ضاعت فلو أنا أقمنا فيها فأصلحنا ما ضاع منها فأنزل الله عز وجل في كتابه يرد علينا ما هممنا به * (وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) * فكانت التهلكة أن نقيم في الأموال ونصلحها فأمرنا بالغزو فما زال أبو أيوب غازيا في سبيل الله حتى قبضه الله حدثناه عبد الله بن صالح عن الليث بن سعد وعبد الله بن يزيد المقرئ حدثناه عن حيوة بن شريح [60] ومنها حديث عبد الرحمن بن زياد بن أنعم عن أبيه أنه قال جمعنا وأبا أيوب الأنصاري مرسى في البحر فلما حضر غداؤنا أرسلنا إلى أبي أيوب وأهل مركبه فأتانا أبو أيوب فقال دعوتموني وأنا صائم فكان علي من الحق أن أجيبكم إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن للمسلم

452
على أخيه المسلم ست خصال واجبة فمن ترك خصلة منها فقد ترك حقا واجبا لأخيه عليه إذا دعاه أن يجيبه وإذا لقيه أن يسلم عليه وإذا عطس أن يشمته وإذا مرض أن يعوده وإذا مات أن يتبع جنازته وإذا استنصح له أن ينصحه قال حدثناه المقرئ [61] ومنها حديث ابن لهيعة عن حيي بن عبد الله المعافري عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن أبي أيوب الأنصاري قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من فرق بين والدة وولدها فرق الله بينه وبين الأحبة يوم القيامة حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبار وعثمان بن صالح [62] ومنها حديث ابن لهيعة عن ابن هبيرة عن أبي عبد الرحمن أن أبا أيوب أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بقصعة فيها بصل فقال كلوا وأبا أن يأكله وقال إني لست كمثلكم وزعم أبو عبد الرحمن أن أبا أيوب لم يكن يأكل البصل نيا ولا طبيخا وتوفي بالقسطنطينية سنة إحدى وخمسين غازيا مع يزيد من معاوية
وعبادة بن الصامت
قد شهد بدرا والعقبة ولهم عنه أحاديث أغربوا بها

453
[63] منها حديث ابن لهيعة ونافع بن يزيد عن سيار ابن عبد الرحمن عن يزيد بن قودر عن سلمة بن شريح عن عبادة بن الصامت قال أوصانا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع خلال قال لا تشركوا بالله شيئا وإن قطعتم أو حرقتم أو قتلتم ولا تتركوا الصلاة المكتوبة متعمدين فمن تركها متعمدا فقد خرج من الملة ولا تركبوا المعصية فإنها من سخط الله ولا تشربوا الخمر فإنها رأس الخطايا كلها ولا تفروا من القتل والموت وإن كنتم فيه ولا تعصين والديك وإن أمراك أن تخرج من الدنيا كلها فأخرج ولا تضع عصاك عن أهلك وأنصفهم من نفسك حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبار عن ابن لهيعة وسعيد بن أبي مريم عن نافع بن يزيد [64] ومنها حديث ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد قال حدثني علي بن رباح أنه سمع جنادة بن أبي أمية يقول سمعت عبادة بن الصامت يقول إن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إي العمل أفضل قال إيمان بالله وتصديق وجهاد في سبيله قال أريد أهون من ذلك يا رسول الله قال السماحة والصبر قال أريد أهون من ذلك قال لا تتهم الله في شيء قضى لك به حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبار ويحيى بن بكير

454
[65] ومنها حديث ابن لهيعة عن عبيد الله بن أبي جعفر عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما من نفس تموت لها عند الله خير تحب أن ترجع إليكم إلا الشهيد فإنه يحب أن يرجع فيقتل مرة أخرى حدثناه أبي عبد الله بن عبد الحكم [66] ولهم عن عبادة حديث قد شركهم الناس فيه وهو حديث الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن الصنابحي عن عباة بن الصامت أنه قال إني من النقباء الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال بايعناه على أن لا نشرك بالله شيئا ولا نسرق ولا نزني ولا نقتل النفس التي حرم الله ولا ننتهب ولا نقضي بالجنة إن فعلنا أو غشينا من ذلك شيئا كان قضاء ذلك إلى الله حدثناه عبد الله بن صالح قال حدثنا عبد الملك بن هشام قال حدثنا زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق قال حدثني يزيد بن أبي حبيب عن مرثد بن عبد الله اليزني عن عبد الرحمن بن عسيلة الصنابحي عن عبادة بن الصامت قال كنت فيمن حضر العقبة الأولى وكنا اثني عشر رجلا فبايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على بيعة النساء وذلك قبل أن تفرض الحرب على أن لا نشرك بالله شيئا ولا

455
نسرق ولا نزني ولا نقتل أولادنا ولا نأتي ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا ولا نعصيه في معروف فإن وفيتم فلكم الجنة وإن غشيتم من ذلك شيئا فأمركم إلى الله إن شاء عذب وإن شاء غفر قال عبد الرحمن ورواه ابن شهاب الزهري عن عائذ الله بن عبد الله أبي إدريس الخولاني عن عبادة بن الصامت حدثناه عبد الله بن صالح عن الليث بن سعد عن عقيل بن خالد وعبد الملك بن هشام عن زياد بن عبد الله عن محمد بن إسحاق [67] ومنها حديث ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد أن علي بن رباح حدثه قال من سمع عبادة بن الصامت يقول كنا في المسجد نتقرأ معنا أبو بكر ونحن أميون يقرأ بعضنا على بعض فخرج عبد الله بن أبي بن سلول تتبعه نمرقة وزربية وضعتا له فاتكا فقال يابا بكر ألا تقول لمحمد يأتينا بآية كما أرسل الأولون جاء صالح بالناقة وجاء موسى بالألواح وجاء داود بالزبور وجاء عيسى بالمائدة وعبد الله بن أبي رجل فصيح صبيح فبكى أبو بكر فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو بكر قوموا بنا نستغيث بنبي الله من هذا المنافق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه لا يقام لي إنما يقام لله إن جبريل أتاني فقال اخرج حدث بنعمة الله التي أنعم عليك وبفضيلته التي فضلك بها فبشرني بعشر لم يؤتها نبي قبلي إن الله بعثني إلى الناس جميعا وأمرني أن أنذر الجن وإن الله لقاني كلامه وأنا أمي قد أوتي داود الزبور وموسى الألواح وعيسى الإنجيل وأنه غفر لي ذنبي ما تقدم منه وما تأخر وان الله أعطاني الكوثر وأن الله أمدني بالملائكة

456
وآتاني النصر وجعل بين يدي الرعب وجعل حوضي أعظم الحياض ورفع ذكري في التأذين ويبعثني يوم القيامة مقاما محمودا والناس مهطعين مقنعي رؤوسهم ويبعثني يوم القيامة في أول زمرة فأدخل الجنة في سبعين ألفا من أمتي لا يحاسبون ورفعني يوم القيامة في أقصى غرفة في جنات النعيم ليس فوقي إلا الملائكة الذين يحملون العرش وآتاني السلطان والملك وطيب لي الغنيمة ولأمتي ولم تكن لأحد قبلنا
وتوفي بالرملة سنة أربع وثلاثين يكنى أبا الوليد
وقيس بن سعد بن عبادة [68] ولهم عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث منها ابن لهيعة وحيوة بن شريح عن عبد العزيز بن عبد الملك بن مليل عن عبد الرحمن بن أبي أمية عن قيس بن سعد أنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول صاحب الدابة أولى بصدرها حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبار وقد شركهم في رواية هذا الحديث أهل الكوفة حدثناه أبو زرعة عن حيوة مثله سواء [69] ومنها حديث ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن عمرو بن الوليد بن عبدة عن قيس بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إليهم ذات يوم

457
وهم في المسجد فقال إن ربي حرم علي الخمر والميسر والكوبة والقنين وكل مسكر حرام حدثناه أبي عبد الله بن عبد الحكم وربما أدخل فيما بين عمرو بن الوليد وبين قيس أنه بلغه حدثنا سعيد بن عفير حدثنا يحيى بن أيوب عن عبيد الله بن زحر عن بكر بن سوادة عن قيس بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله حرم الخمر والكوبة والقنين وإياكم والغبيراء فإنها ثلث خمر العالم [70] ومنها حديث ابن لهيعة عن ابن هبيرة أنه سمع شيخا يحدث أبا تميم الجيشاني أن سمع قيس بن سعد على المنبر يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من كذب علي كذبة متعمدا فليتبوأ بيتا من النار ألا ومن شرب الخمر أتى عطشانا يوم القيامة وكل مسكر حرام وسمعت عبد الله بن عمرو يقول مثل ذلك ولم يختلفا إلا في بيت أو مضجع حدثناه أبي عبد الله بن عبد الحكم وطلق بن السمح
وكان قيس بن سعد قد ولي مصر ولاه عليها علي بن أبي طالب في سنة سبع وثلاثين وعزله في سنة ثمان وثلاثين
وجابر بن عبد الله الأنصاري [71] ولهم عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث منها حديث بكر بن سوادة وجعفر بن ربيعة عن أبي حمزة الخولاني أنه سمع جابر بن عبد الله

458
يقول بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثا وأنا فيهم وأمر عليهم قيس بن سعد بن عبادة فجهدوا فنحر لهم قيس تسع ركائب ومروا بالبحر فوجدوه قد ألقى دابة حوتا عظيما فمكثوا عليه ثلاثة أيام يأكلون منه ويقددون ويغترفون شحمه في قربهم فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكروا له شأن قيس فقال إن الجود من شيمة أهل ذلك البيت وذكروا الحوت فقال لو نعلم أنا نبلغه ولم يرح لأحببت أن لو كان عندنا منه حدثناه شعيب بن يحيى عن يحيى بن أيوب عن جعفر بن ربيعة وأبو الأسود النضر بن عبد الجبار عن ابن لهيعة عن بكر بن سوادة يزيد أحدهما الحرف ونحوه [72] ومنها حديث بكر بن مضر والليث بن سعد عن أبي زرعة عمرو بن جابر الحضرمي عن جابر بن عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال من صام رمضان وأتبعة ستا من شوال فكأنما صام الدهر أو فذلك صيام الدهر حدثناه أبي عبد الله بن عبد الحكم وعبد الغفار بن داود عن بكر بن مضر قال وحدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبار عن ابن لهيعة وعثمان بن صالح عن الليث بن سعد [73] ومنها حديث ابن لهيعة عن أبي زرعة عمرو بن جابر عن جابر بن عبد الله صاحب النبي انه سمعه يقول الفار من الطاعون كالفار من الزحف حدثناه عثمان بن صالح

459
[74] ومما يبين قدوم جابر بن عبد الله مصر ما حدثنا عبد الله بن يوسف حدثنا سعيد بن عبد العزيز التنوخي قال قدم جابر بن عبد الله على مسلمة بن مخلد وهو أمير على مصر فقال له أرسل إلى عقبة بن عامر الجهني حتى أسأله عن حديث سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسل إليه فقال إني سمعت ويقال الذي قدم من المدينة على عقبة بن عامر إنما هو السائب بن خلاد الأنصاري فيما ذكر يحيى بن حسان عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب قال إن السائب بن خلاد الأنصاري قدم على عقبة بن عامر الجهني فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر في الستر شيئا فقال عقبة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من ستر مسلما ستره الله قال أنت سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نعم قال فراح ولم يقدم من المدينة إلا لذلك والله أعلم [74 م] قال وحدثنا عبد الله بن صالح حدثنا يحيى بن أيوب عن عياش بن عباس عن واهب بن عبد الله المعافري قال قدم رجل من أصحاب رسول

460
الله صلى الله عليه وسلم من الأنصار على مسلمة بن مخلد فألفاه نائما فقال أيقظوه فقالوا بل تنزل حتى يستيقظ قال لست فاعلا فأيقظوا مسلمة فخرج فقال انزل قال لا حتى ترسل إلى عقبة قال فأرسل إليه فأتاه فقال هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من وجد مسلما على عورة فستره فكأنما موءودة من قبرها فقال عقبة أنا أبو حماد قد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك ولم يسم يحيى بن أيوب الرجل والله أعلم
وسهل بن سعد الساعدي [75] ولهم عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث كلها أغربوا بها منها حديث ابن لهيعة عن بكر بن سوادة عن سهل بن سعد أن رجلا كان اسمه أسود فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم أبيض حدثناه سعيد بن تليد عن أبي وهب عن ابن لهيعة [76] ومنها حديث ابن لهيعة عن أبي زرعة عمرو بن جابر قال سمعت سهل بن سعد الساعدي يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تسبوا تبعا فإنه قد أسلم حدثناه أبو الأسود وعثمان بن صالح عن ابن لهيعة [77] ومنها حديث ابن لهيعة عن جميل الحذاء عن سهل بن سعد قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اللهم لا يدركني زمان ولا أدركه لا يتبع فيه العليم ولا يستحيا فيه من الحليم قلوبهم قلوب الأعاجم ألسنتهم ألسنة العرب حدثناه عثمان بن صالح

461
[78] ومنها حديث بكر بن مضر عن عياش بن عقبة أن يحيى بن ميمون حدثه قال كنت في المسجد فمر بي سهل بن سعد الأنصاري فسلم ثم وقف فقال أحدثك بشيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم التفت إلى إنسان كان بجنبي فقلت له ليس بيني وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم غير هذا فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من كان في المسجد ينتظر الصلاة فهو في صلاة حدثناه أبي عبد الله بن عبد الحكم [78 م] وحدثنا أبو الأسود عن ابن لهيعة عن يحيى بن ميمون الحضرمي قال سمعت سهل بن سعد يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يزال أحدكم في صلاة ما دام في المسجد ينتظر الصلاة
ومسلمة بن مخلد الأنصاري [79] ولهم عنه حديث واحد ليس لهم عنه غيره وهو حديث موسى بن علي عن أبيه أنه سمعه يقول وهو على المنبر توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ابن عشر سنين لم يرو عنه غير أهل مصر وأهل البصرة لهم عنه حديث واحد وهو حديث أبي هلال الراسبي [79 م] حدثنا جبلة بن عطية عن مسلمة بن مخلد أنه رأى معاوية يأكل

462
فقال لعمرو بن العاص إن ابن عمك لمخضد ثم قال أما إني أقول هذا وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اللهم علمه الكتاب ومكن له في البلاد وقه العذاب وربما أدخل بعض المحدثين بين جبلة بن عطية وبين مسلمة رجلا
وقد ولي مسلمة مصر وهو أول من جمعت له مصر والمغرب وتوفي سنة اثنتين وستين يكنى أبا سعيد
وفضالة بن عبيد الأنصاري [80] ولهم عنه شبيه بعشرين حديثا منها حديث ابن وهب عن ابن لهيعة عن عطاء بن دينار عن أبي يزيد الخولاني عن فضالة بن عبيد أنه سمع عمر بن الخطاب يقول أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الشهداء أربعة رجل مؤمن جيد الإيمان لقي العدو فصدق الله حتى قتل فذاك الذي يرفع إليه الناس يوم القيامة أعينهم هكذا ورفع رأسه حتى وقعت قلنسيته فما أدري أقلنسية عمر أم قلنسية رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجل مؤمن جيد الإيمان لقي العدو كأنما يضرب جلده بشوك الطلح من الجبن أتاه سهم غرب فقتله

463
فهو في الدرجة الثانية ورجل مؤمن خلط عملا صالحا وآخر سيئا لقي العدو فصدق الله حتى قتل فذلك في الدرجة الثالثة ورجل مؤمن أسرف على نفسه فلقي العدو فصدق الله حتى قتل فذلك في الدرجة الرابعة حدثناه أبي عبد الله بن عبد الحكم [81] ومنها حديث ابن لهيعة قال حدثني أبو هانىء الخولاني عن أبي علي الجنبي عن فضالة بن عبيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يسلم الراكب على الماشي والماشي على القاعد والقليل على الكثير حدثناه أسد بن موسى [82] ومنها حديث الليث بن سعد عن أبي هانىء الخولاني عن عمرو بن مالك الجنبي عن فضالة بن عبيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع ألا أخبركم بالمؤمن من آمنه الناس على أموالهم وأنفسهم والمسلم من سلم الناس من لسانه ويده والمجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب حدثناه أبو صالح [83] ومنها حديث الليث بن سعد قال حدثني أبو شجاع سعيد بن

464
يزيد الحميري عن خالد بن أبي عمران عن حنش الصنعاني عن فضالة بن عبيد قال اشتريت يوم خيبر قلادة فيها خرز وذهب باثني عشر دينارا ففصلتها فإذا الذهب أكثر من اثني عشر دينارا فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لا تباع حتى تفصل حدثناه أسد بن موسى وعبد الله بن صالح [83 م] قال حدثنا المقرئ قال حدثنا حيوة بن شريح قال أخبرني أبو هانىء حميد بن هانىء عن علي بن رباح عن فضالة بن عبيد قال أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بقلادة فيها ذهب وخرز تباع وهي من المغانم فأمر بالذهب الذي في القلادة فنزع وحده ثم قال الذهب بالذهب وزنا بوزن [84] ومنها حديث حيوة بن شريح قال حدثني أبو هانىء الخولاني أن عمرو بن مالك حدثه أنه سمع فضالة بن عبيد يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول طوبى لمن هدي إلى الإسلام وكان عيشه كفافا وقنع حدثناه أسد بن موسى عن عبد الله بن
المبارك [85] ومنها حديث ابن لهيعة عن أبي هانىء الخولاني عن عمرو بن

465
مالك الجنبي عن فضالة بن عبيد أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أنا الزعيم لمن آمن بي وأسلم ببيت في ربض الجنة وأنا الزعيم لمن آمن بي وأسلم وهاجر ببيت في ربض الجنة وببيت في وسط الجنة وأنا الزعيم لمن آمن بي وأسلم وهاجر وجاهد في سبيل الله ببيت في ربض الجنة وبيت في وسط الجنة وبيت في أعلى الجنة ولم يدع للخير مطلبا ولا من الشر مهربا يموت حيث شاء أن يموت حدثناه أسد بن موسى [86] ومنها حديث حيوة بن شريح أخبرني أبو هانىء الخولاني أن عمرو بن مالك الجنبي أخبره أنه سمع فضالة بن عبيد يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال من مات على مرتبة من هذه المراتب بعث عليها يوم القيامة حدثناه المقرئ عن حيوة بن شريح وأسد بن موسى عن ابن المبارك عن حيوة [87] ومنها حديث حيوة عن أبي هانىء أن عمرو بن مالك أخبره أنه سمع فضالة بن عبيد يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول المجاهد

466
من جاهد نفسه حدثناه أسد بن موسى عن عبد الله بن المبارك [88] ومنها حديث ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب قال أخبرني أبو مرزوق التجيبي عن حنش بن عبد الله عن فضالة بن عبيد قال دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بشراب فقال له بعضنا ألم تكن صائما يا رسول الله قال بلى ولكني قئت حدثناه أسدبن موسى وأبو الأسود النضر بن عبد الجبار وعثمان بن صالح [89] ومنها حديث سعيد بن أبي أيوب وابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي علي الهمداني أنه قال رأيت فضالة بن عبيد أمر بقبور المسلمين بأرض الروم فسويت بالأرض قال ابن لهيعة في حديثه وقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول سووا قبوركم بالأرض حدثناه المقرئ عن سعيد بن أبي أيوب قال وحدثناه أسد بن موسى عن ابن لهيعة [90] ومنها حديث ابن لهيعة عن أبي هانىء عن أبي علي الجنبي عن فضالة بن عبيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ثلاثة لا تسأل عنهم رجل

467
فارق الجماعة أو عصى إمامه فمات عاصيا فلا تسئل عنه وأمة أو عبد أبق من سيده فمات فلا تسأل عنه وامرأة غاب عنها زوجها قد كفاها مؤونة الدنيا فتبرجت بعده فلا تسأل عنها وثلاثة لا تسأل عنهم رجل ينازع الله رداءه قال ورداؤه الكبرياء وإزاره العزة ورجل في شك من الله
روى عنه من أهل المدينة سعيد بن المسيب ومن أهل الشأم ابن محيريز وليس لغيرهم من أهل البلدان عنه شيء وتوفي سنة ثلاث وخمسين يكنى بأبي محمد وكان معاوية استقضاه
ورويفع بن ثابت الأنصاري [91] ولهم عنه أحاديث أقل من العشرة منها حديث نافع بن يزيد قال حدثني ربيعة بن سليم مولى عبد الرحمن بن حسان التجيبي أنه سمع حنش الصنعاني يحدث أنه سمع رويفع بن ثابت في غزوة إياس قبل المغرب يقول أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في غزوة خيبر إنه بلغني أنكم تتبايعون المثقال بالنصف أو الثلثين وأنه لا يصلح إلا المثقال بالمثقال والوزن بالوزن وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يركب دابة من المغانم حتى إذا أنقضها ردها في المغانم ولا ثوبا يلبسه حتى إذا أخلق رده في المغانم وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يسق ماءه ولد غيره حدثناه سعيد بن أبي مريم

468
[92] ومنها حديث عبد الله بن عياش القتباني عن أبيه عن شييم بن بيتان عن شيبان بن أمية عن رويفع بن ثابت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من ردته الطيرة عن شيء فقد قارف الشرك حدثناه إدريس بن يحيى الخولاني [93] ومنها حديث ابن عياش عن أبيه عن شييم بن بيتان عن شيبان بن أمية عن رويفع بن ثابت قال كنت في مجلس فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وكنت من أحدثهم سنا فنظر إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رويفع لعله سيطول بك العمر فأخبر الناس أنه من استنجى بروث دابة أو بعظم أو تعلق وترا يريد تميمة أو عقد لحيته في الصلاة فقد برئت منه ذمة محمد حدثناه إدريس بن يحيى [94] ومنها حديث ابن لهيعة عن بكر بن سوادة عن زياد بن نعيم عن وفاء بن شريح الحضرمي عن رويفع بن ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال من صلى على محمد وقال اللهم أعطه المقعد المقرب عندك يوم القيامة وجبت له شفاعتي حدثناه سعيد بن أبي مريم وأبو الأسود النضر بن عبد الجبار وأسد بن موسى وقال بعضهم وأنزله المقعد المقرب [95] ومنها حديث المفضل بن فضالة عن عياش بن عباس

469
القتباني عن شييم بن بيتان أنه سمع شيبان بن أمية القتباني عن رويفع بن ثابت قال كان أحدنا في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذ نضو أخيه على أن يعطيه النصف مما يغنم حتى أن أحدنا ليطير له النصل والريش وللآخر القدح وقال رويفع قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يا رويفع لعل الحياة ستطول بك بعدي فأخبر الناس أنه من عقد لحيته أو تقلد وترا أو استنجى برجيع دابة أو بعظم فإن محمدا منه بريء [95 م] وأخبرني عياش بن عباس عن شييم بن بيتان عن أبي سالم الجيشاني عن عبد الله بن عمرو أنه سمعه يذكر هذا الحديث وهو مرابط حصن باب اليون حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبار قال عبد الرحمن كان أبو الأسود يقولها بالميم ويقول إنما سمي كذا لأنهم كانوا يقولون من يقاتل اليوم
وأبو هريرة [96] ولهم عنه شبيه بعشرين حديثا منها حديث ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد أن ثابت بن الحارث أخبره أنه سمع أبا هريرة يخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال الإيمان يمان والفقه يمان والحكمة يمانية أتاكم أهل اليمن أرق

470
أفئدة وألين قلوبا والكفر قبل المشرق والفخر والخيلاء في أهل الخيل والفدادين أهل الوبر والسكينة في أهل الغنم حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبار [97] ومنها حديث موسى بن علي عن أبيه عن عبد العزيز بن مروان عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال شر ما في رجل شح هالع وجبن خالع حدثناه المقرئ وعبد الله بن صالح [98] ومنها حديث ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن لهيعة بن عقبة عن أبي الورد عن أبي هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول إياكم والخيل المنفلة فإنها أن تلق تفرر وإن تغنم تغلل حدثناه أحمد بن عمرو بن السرح عن أبي وهب [99] ومنها حديث ابن لهيعة عن دراج أبي السمح عن ابن حجيرة عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال * (رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله) * قال هم الذين * (يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله) * حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبار ويحيى بن عبد الله بن بكير

471
[100] ومنها حديث ابن لهيعة عن دراج عن ابن حجيرة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال والذي نفسي بيده إنه ليختصم كل شيء يوم القيامة حتى أن الشاتين لتختصمان فيما انتطحتا حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبار [101] ومنها حديث ابن لهيعة عن دراج عن عبد الرحمن بن حجيرة قال سمعت أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل الذي يتعلم ولا يعلم ولا يتحدث كمثل الذي يكنز الكنز ولا ينفق منه حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبار [102] ومنها حديث ابن لهيعة عن سلامان بن عامر الشعباني قال حدثني أبو عثمان الأصبحي عن أبي هريرة أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا قالوا وما ذاك يا رسول الله قال يتقارب الزمان ويظهر النفاق وتقبض الرحمة وترفع الأمانة ويتهم الأمين ويؤمن المتهم أناخ بكم الشرف الجون قال يقول أبو هريرة وما سمعتها من أحد أول من رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا يا رسول الله وما الشرف

472
الجون قال الفتن قطع كقطع الليل المظلم حدثناه النضر بن عبد الجبار وطلق بن السمح [103] ومنها حديث الليث بن سعد عن دراج أبي السمح عن ابن حجيرة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا صلى أحدكم فلا يفترش يديه افتراش الكلب وليضم فخذيه حدثناه أبي عبد الله بن عبد الحكم وعبد الله بن صالح قال عبد الرحمن لم يرو الليث عن دراج إلا هذا الحديث قال وحدثنا أبو الأسود النضر بن عبد الجبار حدثنا ابن لهيعة عن سويد الحاسب أنه رأى أبا هريرة يصلي على مسجد مصر قال وحدثنا حبيب بن مرزوق كاتب مالك قال حدثنا ابن أخي ابن شهاب عن ابن شهاب عن القاسم بن محمد قال كان اسم أبي هريرة عبد شمس ويقال عبد نهم والله أعلم وتوفي بالمدينة سنة تسع وخمسين ويقال ثمان وخمسين
وأبو بصرة الغفاري واسمه حميل بن بصرة [104] ولهم عنه خمسة أحاديث منها حديث الليث بن سعد عن

473
خالد بن يزيد عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن أبي بصرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إنا راكبون غدا إن شاء الله إلى يهود فإذا سلموا عليكم فقولوا عليكم حدثناه عبد الله بن صالح حدثنا علي بن معبد حدثنا عبيد الله بن عمرو الجزري عن محمد بن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير مرثد بن عبد الله اليزني عن أبي بصرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله [105] ومنها حديث الليث بن سعد عن خير بن نعيم عن ابن هبيرة عن أبي تميم عن أبي بصرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بهم يوما صلاة العصر بالمخمص واد من أوديتهم ثم انصرف فقال إن هذه الصلاة عرضت على من كان قبلكم فتوانوا عنها وتركوها فمن صلاها منكم ضعف الله له أجرها ضعفين ولا صلاة بعدها حتى تطلع الشاهد حدثناه عبد الله بن صالح عن الليث قال وحدثنا أبي عبد الله بن عبد الحكم عن ابن لهيعة وإدريس بن يحيى عن عبد الله بن عياش القتباني عن ابن هبيرة عن أبي تميم عن أبي بصرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوه

474
[106] ومنها حديث الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن كليب بن ذهل الحضرمي عن عبيد بن جبير أنه سافر مع أبي بصرة الغفاري في رمضان فلما دفعوا من الفسطاط دعا بطعام ونحن ننظر إلى الفسطاط فدعا بالسفرة فقلت نأكل ولو نشاء أن ننظر إلى الفسطاط نظرنا فقال أنرغب عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فأفطرنا حدثناه عبد الله بن صالح وحدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبار عن ابن لهيعة [107] ومنها حديث ابن لهيعة عن موسى بن وردان عن أبي الهيثم أنه سأل أبا بصرة عن إسلام غفار فقال أصابتنا سنة وقلة من المطر فتحدثنا أن نذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنصيب معه من الطعام ونرجع إلى جبلنا فانطلقنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن لا نريد الإسلام فقال من القوم قلنا رهط من بني غفار قال أمسلمون أم وصابى فقلنا بل وصابى فمكثنا يومنا ذلك فلما كان المبيت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه ليأخذ

475
كل رجل منكم بيد رجل منهم فوفق الله لي أن أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فانطلق بي إلى بيته وله ثمان أعنز يحتلبهن فدعا كل عنز منها باسمها فدعا موهبة بعنز منها فأتت بها فحلبتها فسقاني فكأني لم أشرب شيئا ثم دعا بالأخرى فلم يزل حتى سقاني حلاب سبع أعنز فما تركت الثامنة إلا حفاظا فغضبت موهبة غضبا لا يرى مثله وأبغضتني بغضا لا يرى مثله غير أن لم تبد ذلك لي عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاها فقال يا موهبة بيتي هذا الرجل في بيت ولا توثقي عليه الباب فإنه قد أصاب من العيش فذهبت بي الجارية فأدخلتني البيت وأغلقت علي الباب غضبا فتحركت علي بطني في ليلتي تلك كلها حتى أصبحت وقد ملأت ثيابي فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالغسل فغسلني وأزرني بشملة من عنده فلما أصبحت غدا بي إلى المسجد فوجدت حلقة أصحابي قد أسلموا فأسلمت فلما كان المبيت أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يأخذ كل رجل بيد صاحبه فيبيته فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فانطلقت إلى بيته فدعا موهبة فقال ائتني بفلانة فحلبها فلم أشرب نصف حلابها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يأبا بصرة إن الكافر يأكل في سبعة أمعاء والمؤمن يأكل في معي واحد قال حدثناه سعيد بن عفير [108] ومنها حديث ابن لهيعة عن ابن هبيرة أن أبا تميم الجيشاني

476
أخبره أنه سمع عمرو بن العاص يقول أخبرني رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول إن الله قد زادكم صلاة فصلوها ما بين العشاء إلى صلاة الصبح الوتر الوتر ألا إنه أبو بصرة الغفاري قال أبو تميم فكنت أنا وأبو ذر قاعدين فأخذ أبو ذر بيدي فانطلقنا إلى أبي بصرة فوجدناه عندالباب الذي إلى دار عمرو بن العاص فقال أبو ذر يأبا بصرة أنت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله قد زادكم صلاة فصلوها ما بين العشاء إلى الصبح الوتر الوتر قال نعم قال أنت سمعته قال نعم قال أنت سمعته قال نعم حدثناه يحيى بن عبد الله بن بكير عن ابن لهيعة وعمرو بن سواد عن ابن وهب عن ابن لهيعة لم يرو عنه
غير أهل مصر
وأبو ذر الغفاري [109] ولهم عنه أحاديث منها حديث ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن أبا سالم الجيشاني أتى إلى أبي أمية في منزله فقال إني سمعت أبا ذر يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا أحب أحدكم صاحبه فليأته في منزله فيخبره أنه يحبه وقد جئتك في منزلك حدثناه أبو الأسود

477
[110] ومنها حديث ابن لهيعة عن يزيد بن عمرو المعافري أنه سمع يزيد بن نعيم التجيبي يقول سمعت أبا ذر الغفاري وهو قاعد عند المنبر في مسجد الفسطاط يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من تقرب إلى الله شبرا تقرب الله إليه ذراعا ومن تقرب إلى الله ذراعا تقرب الله إليه باعا والله أعلى أعلى وأجل ثلاث مرات حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبار [111] ومنها حديث ابن لهيعة عن دراج عن أبي الميثاء عن أبي ذرقال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة أيام اعقل ما أقول لك ثم لما كان اليوم السابع قال أوصيك بتقوى الله في سر أمرك وعلانيتك وإذا أسأت فأحسن ولا تسأل أحدا شيئا ولو سقط سوطك ولا تؤو أمانة ولا تولين يتيما ولا تقضين بين اثنين حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبار ويحيى بن عبد الله بن بكيروعثمان بن صالح ولم يذكر أبو الأسود أبا الميثى [112] ومنها حديث رشدين بن سعد وابن وهب عن حرملة بن عمران التجيبي عن ابن شماسة المهري قال سمعت أبا ذر يقول قال رسول الله

478
صلى الله عليه وسلم إنكم ستفتحون أرضا يذكرفيها القيراط فاستوصوا بأهلها خيرا فإن لهم ذمة ورحما فإذا رأيتم أخوين يقتتلان في موضع لبنة فأخرج منها فمر بعبدالرحمن وربيعة ابني شرحبيل بن حسنة وهما يتنازعان في موضع لبنة فخرج منها حدثناه أبي عبد الله بن عبد الحكم عن رشدين بن سعد وعبد الملك بن مسلمة عن ابن وهب عن ابن لهيعة [113] ومنها حديث ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن بكر بن سوادة أن أبا سالم الجيشاني حدثه عن أبي ذر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له كيف ترى جعيلا قال قلت مسكينا كشكلة من الناس قال فكيف ترى فلانا قال قلت سيدا من سادات الناس قال فجعيل خير من ملءالأرض أو ألف أو نحو ذلك من فلان قال قلت يا رسول الله ففلان هكذا وأنت تصنع به ما تصنع قال إنه رأس قومه فأنا أتألفهم به قال حدثناه سعيد بن عيسى بن تليد [114] ومنها حديث ابن لهيعة عن ابن هبيرة عن أبي تميم الجيشاني أن أبا ذر حدثه قال كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دخل بيته فجعل يقول غير الدجال أتخوف على أمتي غير الدجال أتخوف على أمتي فلما خشيت أن يدخل بيته ولم يبينها قال قلت ما هذا الذي غير الدجال أخافك على أمتك يا رسول الله قال الأئمة المضلين أو الضالين حدثناه طلق بن السمح ويحيى بن عبد الله بن بكير وهانىء بن المتوكل

479
[115] ومنها حديث سعيد بن أبي أيوب عن عبيد الله بن أبي جعفر عن سالم بن أبي سالم الجيشاني عن أبيه عن أبي ذر أنه قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إني أراك ضعيفا وإني أحب لك ما أحب لنفسي لا تأمرن على اثنين ولا تولين مال يتيم حدثناه المقرئ عن سعيد بن أبي أيوب [116] ومنها حديث ابن لهيعة عن أبي قبيل قال سمعت مالك بن عبد الله البردادي يحدث عن أبي ذر أنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما أحب أن لي هذا الجبل ذهبا أنفقه ويتقبل مني أذر خلفي منه تسع أواق أنشدك الله يا عثمان أسمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات قال نعم حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبار [117] ومنها حديث الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن بكر بن عمرو عن الحارث بن يزيد الحضرمي عن ابن حجيرة الأكبر عن أبي ذر أنه قال قلت يا رسول الله ألا تستعلمني قال فضرب بيده على منكبي ثم قال يأبا ذر إنك ضعيف وإنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبار حدثناه ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد قال سمعت ابن

480
حجيرة الأكبر يقول حدثني من سمع أبا ذر
وتوفي بالربذة سنة ثنتين وثلاثين وصلى عليه ابن مسعود منصرفه من المدينة إلى الكوفة وكان اسمه جندب بن جنادة ويقال برير فيما حدثنا عبد الملك بن هشام
وهبيب بن مغفل الغفاري هو صاحب وادي هبيب [118] ولهم عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث واحد وهو حديث ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن أسلم أبا عمران حدثه قال بعثني مسلمة بن مخلد إلى صاحب الحبشة قال فلما قدمت وعنده ناس ينتظرون الاذن فيهم هبيب بن مغفل الغفاري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومحمد بن علبة القرشي فأذن لمحمد بن علبة فقام يجر إزاره فنظر إليه هبيب فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من جر إزاره خيلاء وطئه في النار حدثناه عبد الملك بن مسلمة ورواه ابن وهب عن قرة بن عبد الرحمن عن ابن أبي حبيب أن أبا عمران أخبره عن هبيب بن مغفل أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله ليس لهم عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث غيره [119] ولهم عنه حكايات في نفسه منها حديث ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد أنه سمع أبا تميم الجيشاني يقول غزونا مع عمرو بن العاص غزوة أطرابلس فجمعنا المجلس ومعنا هبيب بن مغفل فذكرنا قضاء

481
دين رمضان فقال هبيب لا يفرق قضاء دين رمضان فقال عمرو بن العاص لا بأس أن يفرق قضاء دين رمضان إذا أحصيت العدة إنما هي عدة حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبار [120] ومنها حديث ابن لهيعة عن أسامة بن أساف الغفاري قال حدثني أبو صالح الغفاري قال خرجت مع هبيب بن مغفل الغفاري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يريد أهله وقد خبر بابن له مريض فحانت الظهر فسار كما هو فقلت الصلاة أصلحك الله فسار كما هو حتى حانت العصر فنزل فجمع بين الظهر والعصر لم يرو عنه أحد غير أهل مصر
وعقبة بن عامر الجهني [121] ولهم عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شبيه بمائة حديث منها حديث حيوة بن شريح عن بكر بن عمرو المعافري عن مشرح بن عاهان عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الخبث سبعون جزءا للبربر تسعة وستون جزءا وللجن والإنس جزء واحد حدثناه أبو زرعة وهب الله بن راشد [122] ومنها حديث سعيد بن أبي أيوب قال حدثني يزيد بن أبي

382
حبيب قال سمعت أبا الخير مرثد بن عبد الله اليزني يقول رأيت أبا تميم الجيشاني عبد الله بن مالك يركع ركعتين حين يسمع أذان المغرب فأتيت عقبة بن عامر الجهني فقلت ألا أعجبك من أبي تميم يركع ركعتين قبل صلاة المغرب وأنا أريد أن أغمصه بذلك فقال عقبة إن كنا لنفعله على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت فما يمنعك الآن قال الشغل حدثناه المقرئ عن سعيد بن أبي أيوب [123] ومنها حديث الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاه غنما يقسمها على أصحابه ضحايا فبقي عتود فذكره لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ضح به أنت حدثناه أبي عبد الله بن عبد الحكم وحدثناه شعيب بن الليث وعبد الله بن صالح وأسد بن موسى [124] ومنها حديث الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن عقبة بن عامر أنه قال قلنا يا رسول الله إنك تبعثنا فنزل بقوم لا يقرونا فما ترى في ذلك فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إن نزلتم بقوم فأمروا لكم بما ينبغي للضيف فاقبلوا فإن لم يفعلوا فخذوا منهم حق الضيف

483
الذي ينبغي لهم قال حدثناه شعيب بن الليث وعبد الله بن صالح وأسد بن موسى ولم يذكر أسد أنك تبعثنا [125] ومنها حديث الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن عقبة بن عامر قال أهدي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فروج حرير فلبسه ثم صلى فيه ثم انصرف فنزعه نزعا شديدا كالكاره له ثم قال لا ينبغي هذا للمتقين حدثناه شعيب بن الليث وعبد الله بن صالح وأسد بن موسى ولم يذكر أسد كالكاره له [126] ومنها حديث ابن لهيعة عن كعب بن علقمة عن عبد الرحمن بن شماسة عن أبي الخير عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كفارة النذر كفارة اليمين قال حدثناه أبي عبد الله بن عبد الحكم وأبو الأسود النضر بن عبد الجبار [127] ومنها حديث ابن لهيعة عن مشرح بن عاهان عن عقبة بن

484
عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نعم أهل البيت أبو عبد الله وأم عبد الله وعبد الله حدثناه المقرئ [128] ومنها حديث حيوة وابن لهيعة عن بكر بن عمرو المعافري عن مشرح بن عاهان عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لو كان بعدي نبي لكان عمر بن الخطاب حدثناه المقرئ عن حيوة وعبد الغفار بن داود الحراني عن ابن لهيعة [129] ومنها حديث ابن لهيعة عن مشرح قال سمعت عقبة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو جعل القرآن في إهاب ثم ألقي في النار ما احترق قال حدثناه المقرئ وسعيد بن عفير وأبو الأسود النضر بن عبد الجبار [130] حديث ابن لهيعة عن مشرح بن عاهان قال سمعت عقبة بن عامر يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كل ميت يختم على عمله إلا المرابط في سبيل الله فإنه يجري له أجر عمله حتى يبعث حدثناه أبي عبد الله بن عبد الحكم والمقرىء وأبو الأسود النضر بن عبد الجبار قال أبو الأسود يجرى عليه عمله حتى يبعث ويؤمن من فتان القبر

485
[131] ومنها حديث ابن لهيعة قال سمعت مشرح بن عاهان يقول سمعت عقبة بن عامر يقول سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله فضلت سورة الحج على القرآن لأن فيها سجدتين فقال رسول الله نعم ومن لم يسجدهما فلا يقرأ بها حدثناه أبي وأبو الأسود وأسد بن موسى قال وأبو الأسود في حديثه قلت يا رسول الله في سورة الحج سجدتان [132] ومنها حديث ابن لهيعة عن مشرح بن عاهان وحيوة عن خالد بن عبيد عن مشرح أنه سمع عقبة بن عامر يقول أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من علق تميمة فلا أتم الله له ومن علق ودعة فلا أودع الله له حدثناه أبو الأسود عن ابن لهيعة والمقرىء وأبو زرعة وهب الله بن راشد عن حيوة قال المقرئ من تعلق تميمة

486
[133] ومنها حديث حرملة بن عمران قال سمعت أبا عشانة يقول سمعت عقبة بن عامر يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من كان له ثلاث بنات فصبر عليهن فأطعمهن وسقاهن وكساهن من جدته كن له حجابا من النار قال حدثناه المقرئ وعبد الله بن صالح [134] ومنها حديث يحيى بن أيوب عن عمرو بن الحارث أن أبا عشانة حدثه عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من توضأ فجمع عليه ثيابه ثم خرج إلى المسجد كتب له كاتباه بكل خطوة عشر حسنات ولم يزل في صلاة ما دام ينتظر الصلاة ويكتب من المصلين من حين يخرج

487
من بيته حتى يرجع إليه حدثناه سعيد بن أبي مريم [135] ومنها حديث ابن لهيعة عن معروف بن سويد الجذامي عن أبي عشانة أنه سمع عقبة بن عامر يقول كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال من كان هاهنا من معد فليقم قال فقمت فقال اقعد قالها ثلاثا كل ذلك أقوم فيقول اقعد قلت فممن نحن يا رسول الله قال أنتم من قضاعة بن مالك بن حمير حدثناه عبد الملك بن مسلمة وحدثناه سعيد بن عيسى بن تليد عن ابن وهب عن معروف وحدثناه عثمان بن صالح عن ابن لهيعة عن مشرح عن عقبة وليس يقول أحد عن مشرح عن عقبة غير عثمان [136] ومنها حديث ابن لهيعة عن أبي عشانة عن عقبة أنه سمعه يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من قال علي ما لم أقل فليتبوأ بيتا في جهنم [137] ومنها حديث ابن لهيعة عن أبي عشانة أنه سمع عقبة يخبر أن

488
رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمنع أهله الحلية والحرير ويقول إن كنتم تحبون حلية الجنة وحريرها فلا تلبسوهما في الدنيا حدثناه عبد الملك بن مسلمة [138] ومنها حديث سعيد بن أبي أيوب قال حدثني يزيد بن عبد العزيز وأبو مرحوم عن يزيد بن محمد القرشي عن علي بن رباح عن عقبة بن عامر قال أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقرأ بالمعوذات دبر كل صلاة حدثناه المقرئ عن سعيد بن أبي أيوب وحدثناه عبد الله بن صالح عن الليث بن سعد عن حنين بن أبي حكيم عن علي بن رباح عن عقبة بن عامر [139] ومنها حديث موسى بن علي عن أبيه أنه سمعه يقول سمعت عقبة بن عامر يقول ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن أو نقبر فيهن موتانا حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب

489
حدثناه المقرئ عبد الله بن صالح [140] ومنها حديث موسى بن علي عن أبيه عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم النحر ويوم عرفة وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام هي أيام أكل وشرب حدثناه عبد الله بن صالح [141] ومنها حديث قباث بن رزين عن علي بن رباح قال سمعت عقبة بن عامر قال كنا في
المسجد نتعلم القرآن فدخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم علينا فرددنا عليه السلام فقال تعلموا القرآن واقتنوه وحسبت أنه قال وتغنوا به والذي نفسي بيده لهو أشد تفلتا من المخاض في العقل قال حدثناه المقرئ

490
[142] ومنها حديث ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد عن علي بن رباح عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل يقال له ذو البجادين أنه أواه وذلك أنه يكثر ذكر الله بالقرآن والدعاء ويرفع صوته قال حدثناه أسد بن موسى قال عبد الرحمن لم يرو هذا الحديث إلا أسد بن موسى [143] ومنها حديث ابن لهيعة عن بكر بن سوادة عن ربيعة بن قيس الجنبي عن عقبة بن عامر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من توضأ فأحسن وضوءه ثم صلى صلاة غير ساه ولا لاه كفر عنه ما كان قبلها من سيئة قال عبد الرحمن لا أحفظ من حدثناه عن ابن لهيعة [144] ومنها حديث ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن ابن شماسة

491
انه سمع عقبة بن عامر يقول صلينا يوما مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأطال بنا القيام وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى خفف ورسول الله صلى الله عليه وسلم في قيامه ذلك لا يسمع منه غير أنه قال رب وأنا فيهم ثم رأيناه أهوى بيده ليتناول شيئا ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ركع ثم أسرع بعد ذلك فلما أن سلم جلس وجلسنا حوله فقال إني قد علمت أنه قد رابكم طول قيامي قلنا أجل يا رسول الله وسمعناك تقول يا رب وأنا فيهم فقال والذي نفسي بيده ما مما وعدتم به في الآخرة إلا وقد عرض علي في مقامي هذا حتى لقد عرضت علي النار فلما أن أقبل إلي منها شيء حتى حاذى بمنكبي فخفت أن يغشاكم فقلت أي رب وأنا فيهم فصرفها الله عنكم فأدبرت قطعا كأنها الزرابي فأشرفت فيها إشرافة فإذا فيها عمران بن حرثان أو جربان شك عبد الرحمن أخي بني غفار متكئا في جهنم على قوسه وإذا فيها صاحبة القط التي ربطته فلم تطعمه ولم تسرحه فيبتغي ما يأكل فمات على ذلك حدثناه أبو الأسود النضر بن الجبار [145] ومنها حديث الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن ابن شماسة انه سمع عقبة بن عامر يقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال المؤمن أخو المؤمن ولا يحل لمؤمن أن يبتاع على بيع أخيه حتى يذر ولا يخطب على خطبة أخيه حتى يذر قال حدثناه عبد الله بن صالح

492
[146] ومنها حديث ابن لهيعة عن واهب بن عبد الله عن عبد الرحمن بن شماسة عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الميت من ذات الجنب شهيد حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبار وعبد الملك بن مسلمة [147] ومنها حديث ابن لهيعة عن رزيق الثقفي أنه سمعه يقول سمعت ابن شماسة يحدث عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من لم يقبل رخصة الله كان عليه من الإثم مثل جبال عرفات حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبار [148] ومنها حديث ابن لهيعة عن الحارث بن يعقوب عن ابن شماسة المهري أنه قال لعقبة بن عامر إنك تختلف بين هذين الغرضين وأنت شيخ كبير يشق عليك ذلك قال عقبة لولا كلام سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لم أتعنه قال الحارث فقلت لابن شماسة وما ذاك قال إنه قال من علم الرمي ثم تركه فليس منا أو قد عصى قال الحارث حسبت أنه قال هكذا حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبار وعبد الملك بن مسلمة وفي حديث عبد الملك أن فقيما اللخمي قال لعقبة إنك تختلف بين هذين

493
[149] ومنها حديث حيوة بن شريح ونافع بن يزيد عن بكر بن عمرو قال سمعت شعيب بن زرعة يقول أنه سمع عقبة بن عامر يقول أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لأصحابه لا تخيفوا أنفسكم بعد أمنها قالوا يا رسول الله وما نخيف به أنفسنا قال الدين حدثناه سعيد بن أبي مريم عن نافع بن يزيد والمقرىء عن حيوة بن شريح [150] ومنها حديث ابن لهيعة عن ابن هبيرة والحارث بن يزيد عن عبد الرحمن بن جبير أنه سمع عقبة بن عامر يقول أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الكي وشرب الحميم وكان إذا اكتحل اكتحل وترا وإذا استجمر استجمر وترا حدثناه أسد بن موسى وعثمان بن صالح عن ابن لهيعة عن ابن هبيرة وأبو الأسود النضر بن عبد الجبار عن ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد [151] ومنها حديث ابن لهيعة عن أبي قبيل قال سمعت عقبة بن عامر يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هلاك أمتي في الكتاب واللبن قالوا يا رسول الله وما الكتاب واللبن قال يتعلمون الكتاب فيتأولونه على غير ما أنزله الله ويحبون اللبن فيدعون الجماعات والجمع قال أبو قبيل ولم أسمع من عقبة بن عامر غير هذا حدثناه المقرئ وأبو الأسود النضر بن عبد الجبار

494
[152] ومنها حديث ابن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن عبد الرحمن التجيبي عن عقبة بن عامر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يدخل الجنة صاحب مكس حدثناه علي بن معبد عن عبيد الله بن عمرو الجزري [153] ومنها حديث ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن هشام بن أبي رقية أخبره أنه سمع مسلمة بن مخلد يقول ما يحمل الرجل المسلم على لبس الحرير وله في العصب والكتان ما يغنيه وهذا بين أظهركم من يخبركم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قم يا عقبة فقام عقبة بن عامر فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من كذب علي كذبة متعمدا فليتبوأ مقعده من النار وسمعته يقول من لبس الحرير في الدنيا حرمه الله في الآخرة قال حدثناه عبد الملك بن مسلمة

495
[154] ومنها حديث ابن لهيعة عن عقبة بن مسلم عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا رأيت الله يعطي العباد ما يسألون على معاصيهم إياه فإنما ذلك استدراج منه لهم ثم تلى * (فلما نسوا ما ذكروا به) * إلى آخر الآية حدثناه عبد الله بن عباد العبدي [155] ومنها حديث الليث بن سعد عن ابن أبي حبيب عن أسلم أبي عمران عن عقبة بن عامر قال اتبعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو راكب فوضعت يدي على قدمه فقلت أقرئني من سورة هود أو سورة يوسف فقال لن تقرأ أبلغ عند الله من * (قل أعوذ برب الفلق) * حدثناه شعيب بن الليث وعبد الله بن صالح وأسد بن موسى [156] ومنها حديث ابن لهيعة عن بكر بن سوادة عن أبي سعيد القتباني عن أبي تميم الجيشاني عن عقبة بن عامر أن أخته نذرت أن تحج ماشية بغير خمار فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال لتحج راكبة مختمرة ولتصم

496
حدثناه سعيد بن أبي مريم وأبو الأسود النضر بن عبد الجبار قال أبو الأسود عن بكر أنه سمع عن عقبة ولم يقل مختمرة [157] ومنها حديث ابن لهيعة عن يزيد بن عمرو المعافري عمن سمع عقبة بن عامر يقول بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعيا فاستأذنته نأكل من الصدقة فأذن لنا حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبار [
158] ومنها حديث الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب أن ابن شماسة حدثه أن عقبة بن عامر قام في صلاة وعليه جلوس فقال الناس سبحان الله سبحان الله فعرف الذي يريدون فلما أتم صلاته سجد سجدتين وهو جالس وقال إني قد سمعت قولكم وهذه السنة حدثناه شعيب بن الليث وعبد الله بن صالح وحدثناه أبي عبد الله بن عبد الحكم حدثنا بكر بن مضر عن يزيد بن أبي حبيب عن ابن شماسة عن عقبة نحوه
قال وشركهم في الرواية عنه من أهل المدينة سعيد بن المسيب ومعاذ بن عبد الله بن حبيب ومن أهل الكوفة قيس بن أبي حازم ومن أهل

497
البصرة الحسن بن أبي الحسن وليس ذلك بالصحيح وكان مفتي البلد وتوفي بمصر في خلافة معاوية يكنى أبا حماد
وأبو عبد الرحمن الجهني [159] ولهم عنه حديثان أحدهما ابن لهيعة عن أبي الخير عن أبي عبد الرحمن الجهني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم باع رجلا في دين يقال له سرق قال عبد الرحمن هكذا وجدته في كتابي فذاكرت به بعض أصحابنا فقال أنما هو [160] ابن لهيعة عن بكر بن سوادة عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن أبي عبد الرحمن القيني وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قدم رجل قد قرأ سورة البقرة بنز فباعة من سرق فتجاراه فتغيب عنه ثم ظفر به فأتي به النبي صلى الله عليه وسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم بع سرقا فانطلق فساوم به رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام ثم بداله فأعتقه والله أعلم

498
[161] والآخر حديث ابن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن أبي عبد الرحمن الجهني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى راكبين فقال كنديان أو مذحجيان حتى أتياه فإذا رجلان من مذحج فقال أحدهما يا رسول الله أرأيت من رآك وآمن بك وصدقك ماذا له قال طوبى فمسح على يده ثم انصرف وفعل الآخر مثل ذلك
لم يرو عنه غير أهل مصر [161 م] وقد روى ابن إسحاق بهذا الإسناد عن أبي عبد الرحمن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إنا راكبون غدا إلى يهود قال عبد الرحمن وذلك خطأ إنما هو أبو بصرة وقد خالف ابن إسحاق في ذلك الليث وابن ليهعة وهما بذلك أعلم
ومعاذ بن أنس الجهني [162] ولهم عنه شبيه بأربعين حديثا منها حديث ابن لهيعة عن زبان بن فائد الحمراوي عن سهل بن معاذ بن أنس الجهني عن أبيه معاذ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من قرأ * (قل هو الله أحد) * عشر مرات

499
حتى يختمها بنى الله له بيتا في الجنة فقال عمر بن الخطاب إذا نستكثر يا رسول الله قال الله أكثر وأطيب قال حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبار [163] ومنها حديث نافع بن يزيد قال حدثني أبو مرحوم عن سهل بن معاذ الجهني عن أبيه أن رجلا جاء إلى مجلس فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال السلام عليكم فرد عليه السلام وقال عشر حسنات ثم أتى آخر فقال السلام عليكم ورحمة الله فقال عشرون ثم أتى آخر فقال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فقال ثلاثون ثم آتى آخر فقال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ومغفرته فقال أربعون وقال هكذا تكون الفضائل قال حدثناه سعيد بن أبي مريم [164] ومنها حديث ابن لهيعة عن زبان بن فائد عن سهل بن معاذ عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أفضل الفضائل أن تصل من قطعك وتعطي من حرمك وتصفح عن من ظلمك قال حدثناه أبو الأسود [165] ومنها حديث الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب وزبان بن فائد عن سهل بن معاذ بن أنس عن أبيه وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم

500
أنه قال اركبوا هذه الدواب سالمة وايتدعوها سالمة ولا تتخذوها كراسي قال الليث وحدثني سهل بن معاذ نفسه عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث قال حدثناه شعيب بن الليث وعبد الله بن صالح [166] ومنها حديث يحيى بن أيوب وابن لهيعة ورشدين بن سعد عن زبان بن فائد عن سهل بن معاذ عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من حرس ليلة في سبيل الله متطوعا من وراء عورة المسلمين لم يأخذه سلطان لم ير النار بعينيه إلا تحلة القسم فإن الله تبارك وتعالى قال * (وإن منكم إلا واردها) * حدثناه محمد بن المتوكل عن رشدين بن سعد وأبو الأسود عن ابن لهيعة وأبي عبد الله بن عبد الحكم عن ابن وهب عن يحيى بن أيوب [167] ومنها حديث يحيى بن أيوب عن زبان بن فائد عن سهل بن معاذ عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من ثبت في مصلاه حين ينصرف من الصبح حتى يسبح ركعتي الضحى لا يقول إلا خيرا غفرت له خطاياه وإن

501
كانت مثل زبد البحر حدثناه سعيد بن عفير [168] ومنها حديث ابن لهيعة عن زبان بن فائد عن سهل بن معاذ عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من كان صائما وعاد مريضا وشهد جنازة غفر له إلا أن يحدث من بعد حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبار [169] ومنها حديث ابن لهيعة ورشدين بن سعد عن زبان بن فائد عن سهل بن معاذ عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الضاحك في الصلاة والملتفت والمفقع أصابعه بمنزلة واحدة قال حدثناه سعيد بن أبي مريم عن رشدين بن سعد وأبو الأسود النضر بن عبد الجبار عن ابن لهيعة [170] ومنها حديث سعيد بن أبي أيوب عن أبي مرحوم عبد الرحيم بن ميمون عن سهل بن معاذ ورشدين بن سعد عن زبان بن فائد عن سهل بن معاذ عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الحبوة يوم الجمعة والإمام يخطب حدثناه محمد بن يحيى عن المقرئ وحجاج بن رشدين عن أبيه

502
[171] ومنها حديث ابن لهيعة عن زبان بن فائد عن سهل بن معاذ بن أنس عن أبيه أن معاذ بن جبل سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أفضل الإيمان فقال أن تحب لله وتبغض لله وتعمل لسانك في ذكر الله قال وماذا يا رسول الله قال أن تحب للناس ما تحب لنفسك وتكره لهم ما تكره لنفسك وأن تقول خيرا أو تصمت حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبار [172] ومنها حديث سعيد بن أبي أيوب عن أبي مرحوم عبد الرحيم بن ميمون عن سهل بن معاذ بن أنس عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أكل طعاما فقال الحمد لله الذي طعمني هذا ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة غفر له ما تقدم من ذنبه ومن لبس ثوبا فقال الحمد لله الذي كساني هذا ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة غفر له ما تقدم من ذنبه حدثناه محمد بن يحيى عن المقرئ [173] ومنها حديث ابن لهيعة عن زبان بن فائد عن سهل بن معاذ بن

503
أنس عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال إن لله عبادا لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولا ينظر إليهم قالوا من أولئك يا رسول الله قال المتبرىء من والديه رغبة عنهما والمتبرىء من ولده ورجل أنعم عليه قوم فكفر نعمتهم وتبرأ منهم قال حدثناه أبو الأسود [174] ومنها حديث ابن لهيعة عن زبان بن فائد عن سهل بن معاذ عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يزال هذه الأمة على شريعة من الحق ما لم تظهر فيهم ثلاث ما لم يقبض العلم منهم ويكثر فيهم ولد الحنث ويظهر فيهم الصقارون قالوا وما الصقارون يا رسول الله قال نشؤ يكونون في آخر الزمان تحيتهم بينهم التلاعن حدثنا أبو الأسود النضر بن عبد الجبار [175] ومنها حديث ابن لهيعة عن زبان بن فائد عن سهل بن معاذ

504
عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال من كظم غيظه وهو يقدر على أن ينتصر دعاه الله على رؤوس الخلائق حتى يخيره في حلل الإيمان حدثناه أبو الأسود بن النضر بن عبد الجبار [176] ومنها حديث ابن لهيعة عن زبان بن فائد عن سهل بن معاذ بن أنس عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أمر أصحابه بالغزو وان رجلا تخلف وقال لأهله أتخلف حتى أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر ثم أسلم عليه وأودعه فيدعو لي بدعوة يكون لي سابقة يوم القيامة فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل الرجل مسلما عليه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أتدري بكم سبقك أصحابك قال نعم سبقوني بغدوتهم اليوم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده لقد سبقوك بأبعد مما بين المشرق والمغرب في الفضيلة [177] ومنها حديث ابن لهيعة عن زبان بن فائد عن سهل بن معاذ

505
عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من بنى بنيانا في غير ظلم ولا اعتداء أو غرس غرسا في غير ظلم ولا اعتداء كان له أجرا جاريا ما انتفع به أحد من خلق الرحمن حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبار [178] ومنها حديث ابن لهيعة عن زبان بن فائد عن سهل بن معاذ عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رجلا سأله فقال أي المجاهدين أعظم أجرا يا رسول الله قال أكثرهم لله ذكرا قال فأي الصائمين أعظم قال أكثرهم لله ذكرا ثم ذكرالصلاة والزكاة والحج والصدقة كل ذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثرهم لله ذكرا فقال أبو بكر لعمر بن الخطاب يأبا حفص ذهب الذاكرون بكل خير فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أجل حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبار [179] ومنها حديث ابن لهيعة عن زبان بن فائد عن سهل بن معاذ عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من تخطأ رقاب الناس يوم الجمعة اتخذ جسرا إلى جهنم قال حدثناه عبد الملك بن مسلمة
وعبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي [180] ولهم عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قريب من عشرين حديثا منها حديث الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي قال توفي رجل ممن قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم غريب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عندالقبر ما اسمك فقلت العاص وقال لابن عمرو ما اسمك فقال العاص وقال للعاص بن العاص ما اسمك قال العاص فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم العاص أنتم عبد الله انزلوا قال فوارينا صاحبنا ثم خرجنا من القبر وقد بدلت أسماؤنا قال حدثناه شعيب بن الليث وعبد الله بن صالح ويحيى بن عبد الله بن بكير [181] ومنها حديث الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب أنه سمع عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي يقول أنا أول من سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم

506
يقول لا يبولن أحدكم مستقبل القبلة وأنا أول من حدث الناس بذلك حدثناه أبي عبد الله بن عبد الحكم وشعيب بن الليث وعبد الله بن صالح وقدأدخل ابن لهيعة في هذا الحديث بين ابن أبي حبيب وبين عبد الله بن الحارث جبلة بن نافع وحدثناه أبي عبد الله بن عبد الحكم وعثمان بن صالح عن ابن لهيعة عن سليمان بن زياد أنه سمع عبد الله بن الحارث وحدثناه أبي عبد الله بن عبد الحكم عن الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن سهل بن ثعلبة عن عبد الله بن الحارث بن جزء وحدثناه يحيى بن عبد الله بن بكير عن عرابي بن معاوية عن سليمان بن زياد عن عبد الله بن الحارث [182] ومنها حديث الليث بن سعد وعبد الله بن لهيعة ونافع بن يزيد عن حيوة بن شريح عن عقبة بن مسلم قال سمعت عبد الله بن الحارث بن جزء يقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ويل للأعقاب وبطون الأقدام من النار حدثناه سعيد بن أبي مريم عن الليث ونافع بن يزيد ويحيى بن عبد الله بن بكير عن الليث وأبو الأسود النضر بن عبد الجبار عن ابن لهيعة ولم يذكر ابن أبي مريم وبطون الأقدام [183] ومنها حديث ابن لهيعة عن سليمان بن زياد عن عبد الله بن

508
الحارث قال أكلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد شواء ثم أقيمت الصلاة فمسحنا إيدينا بالحصباء ثم قمنا فصلى ولم يتوضأ حدثناه أبي عبد الله بن عبد الحكم ووهب الله بن راشد وأبو الأسود وعثمان بن صالح وقال بعضهم أكلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم طعاما قد مسته النار [183 م] ورواه ابن وهب عن حيوة بن شريح عن عقبة بن مسلم عن عبد الله بن الحارث بن جزء نحوه [184] حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح حدثنا عبد الملك بن أبي كريمة المغربي عن عبيد بن ثمامة المرادي قال قدم علينا عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مصر فسمعته يحدث في مسجد مصر فقيل له ما أعملك إلى مصر وليس فيك مضرب بسيف ولا مطعن برمح ولا مرمى بسهم قال جئت أكون في

509
صفوف المسلمين لعل سهم غرب يأتيني فيقتلني قيل له ما تقول فيما مست النار قال وما مست النار قيل له اللحم المطبوخ أو المنضوج قال لقد رأيتني سابع سبعة أو سادس ستة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في دار رجل فمر بلال فناداه بالصلاة فخرج فمررنا برجل وبرمته على النار فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أطابت برمتك قال نعم بأبي أنت وأمي فتناول منها بضعة فلم يزل يعلكها حتى أحرم بالصلاة وأنا أنظر إليه قال ابن قديد حدثناه أبو الطاهر أحمد بن عمرو بن السرح عن عبد الملك بن أبي كريمة بإسناده مثله [185] ومنها حديث ابن لهيعة عن عبد العزيز بن عبد الملك بن مليل عن أبيه عن عبد الله بن الحارث بن جزء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رجم يهوديا ويهودية حدثناه أبو زرعة عن حيوة وهو يسوق الحديث بطوله [186] ومنها حديث نافع بن يزيد وابن لهيعة عن عبيد الله بن المغيرة عن ابن جزء قال ما رأيت أحدا أكثر تبسما من رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثناه طلق بن السمح عن نافع بن يزيد وأبو الأسود عن ابن لهيعة

510
187] ومنها حديث ابن لهيعة عن دراج بن السمح أنه سمع عبد الله بن الحارث بن جزء يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن في النار لحيات أمثال أعناق البخت تلسع إحداهن اللسعة فيجد حموتها أربعين سنة قال حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبار [188] ومنها حديث ابن لهيعة عن سليمان بن زياد عن عبد الله بن الحارث بن جزء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لوددت أن بيني وبين أهل نجران حجابا من شدة ما كانوا يجادلونه صلى الله عليه وسلم قال حدثناه عبد الملك بن مسلمة وأبو الأسود النضر بن عبد الجبار [189] ومنها حديث ابن لهيعة عن سليمان بن زياد عن عبد الله بن

511
الحارث أنه مر وصاحب له بناس وفتية من قريش قد حللوا أرزهم فهم عراة يتجالدون بها قال الزبيدي فلما مررنا بهم قالوا إن هؤلاء قسيسون فدعوهم ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عليهم فلما أبصروه تبددوا فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم مغضبا وكنت أنا وراء الحجرة يقول سبحان الله لا من الله استحيوا ولا من رسوله استتروا وأم أيمن عنده تقول له استغفر له يا رسول الله فقال غفر الله له قال حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبار [190] ومنها حديث ابن لهيعة عن عبيد الله بن المغيرة عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عبد الله بن الحارث بن جزء قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يستنجي أحد بعظم أو رمة حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبار قال عبد الرحمن وقد زعم بعض المشايخ أن أبا سلمة هذا الذي روى هذا الحديث ليس هو أبا سلمة بن عبد الرحمن بن عوف إنما هو أبو سلمة عبد الله بن رافع والله أعلم
وكان عبد الله بن الحارث قد عمي وتوفي بمصر بعد عبد العزيز بن مروان سنة ست وثمانين لم يرو عنه غير أهل مصر وروى عنه من أهل المدينة أبو سلمة بن عبد الرحمن وكان له أخ من أمه يقال له السفاح قد روي عنه
191 قال حدثنا طلق بن السمح حدثنا ابن لهيعة عن ابن هبيرة

512
عن السفاح أخي الزبيدي لأمه عن أبي هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله أعد لعباده الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر قالوا ومن أولئك يا رسول الله قال الذين لا يكتوون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون
وعلقمة بن رمثة البلوي [192] ولهم عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث واحد ليس لهم عنه غيره وهو حديث الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن سويد بن قيس البلوي عن علقمة بن رمثة البلوي قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص إلى البحرين ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية وخرجنا معه فنعس رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم استيقظ فقال رحم الله عمرا فتذاكرنا كل إنسان اسمه عمرو ثم نعس ثانية فاستيقظ فقال رحم الله عمرا ثم نعس ثالثة فاستيقظ فقال رحم الله عمرا فقلنا من عمرو يا رسول الله قال عمرو بن العاص قالوا وما باله قال ذكرت أني كنت إذا ندبت الناس للصدقة جاء من الصدقة فأجزل فأقول له من أين لك هذا يا عمرو فيقول هو من عند الله وصدق عمرو إن لعمرو عند الله خيرا كثيرا قال حدثناه عبد الله بن صالح ويحيى بن بكير وأسد بن موسى

513
وأبو الرمداء البلوي [193] ولهم عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث وهو ابن وهب عن ابن لهيعة عن عبد الله بن هبيرة عن أبي سليمان مولى لأم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم حدثه أن أبا الرمداء حدثه أن رجلا منهم شرب فأتوا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فضربه ثم شرب الثانية فضربه ثم شرب الثالثة فأتوا به إليه فما أدري أفي الثالثة أو الرابعة أمر به فحمل على العجل أو قال على الفحل حدثناه محمد بن يحيى الصدفي ولم يرو عنه غير أهل مصر
وابن سندر [194] ولهم عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثان وهما ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير مرثد بن عبد الله اليزنى عن ابن سندر

514
قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أسلم سالمها الله وغفار غفر الله لها وتجيب أجابت الله ورسوله فقلت له يا أبا الأسود أنت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر تجيب قال نعم قلت وأحدث الناس عنك بذلك قال نعم حدثناه عبد الملك بن مسلمة ويحيى بن بكير ولم يذكر ابن مسلمة قلت يا أبا الأسود إلى آخر الحديث [195] ويقال ابن سندر فيما ذكر ابن وهب عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن ربيعة بن لقيط التجيبي عن عبد الله بن سندر عن أبيه أنه كان عبدا لزنباع بن سلامة الجذامي فعتب عليه فخصاه وجدعه فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره فأغلظ لزنباع القول وأعتقه منه قال أوص بي يا رسول الله قال أوصي بك كل مسلم قال يزيد وكان سندرا كافرا والله أعلم يرو عنه غير أهل مصر
وديلم الجيشاني [196] ولهم عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث واحد وهو ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن ديلم الجيشاني أنه قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله إنا بأرض باردة شديدة البرد ونصنع بها شرابا من القمح أفيحل يا نبي الله فقال أليس يسكر قال بلى قال

515
فإنه حرام ثم راجعه الثانية فقال مثلها ثم إني أعدت عليه فقلت أرأيت إن أبوا أن يدعوها يا نبي الله وقد غلبت عليهم قال من غلبت عليه فاقتلوه حدثناه أبي عبد الله بن عبد الحكم وأبو الأسود النضر بن عبد الجبار وهانىء بن المتوكل ليس لهم عنه غيره ولم يرو عنه غير أهل مصر
وأبو ثورالفهمي [197] ولهم عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث واحد وهو ابن لهيعة عن يزيد بن عمرو المعافري عن أبي ثور الفهمي قال كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فأتي بثوب من ثياب المغافر فقال أبو سفيان لعن الله هذا الثوب ولعن من عمله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تلعنهم فإنهم مني وأنا منهم حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبار وعثمان بن صالح ليس لهم عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم غيره لم يرو عنه غير أهل مصر [198] ولهم عنه حكاية عن نفسه قال حدثنا عبد الله بن صالح حدثنا عبد الرحمن بن شريح وعبد الملك بن نصير حدثنا عمران بن عطية عن أبي شريح أنه سمع يزيد بن عمرو المعافري يحدث عن أبي ثور الفهمي أنه قال من غل إبلا طوق حملها كما طوق أخفافها لم يرو عنه غير أهل مصر

516
وعتبة بن الندر [199] ولهم عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث واحد وهو ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد عن علي بن رباح عن عتبة بن الندر وكان من
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قيل يا رسول الله أي الأجلين قضى موسى عليه السلام قال أوفاهما وأبرهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن موسى عليه السلام لما أراد فراق شعيب عليه السلام أمر امرأته أن تسأل أباها من غنمه ما يتعيشون به فأعطاها ما تنتج من قالب لون فلما وردت الحوض وقف موسى عليه السلام بإزاء الحوض فلم تصدر منها شاة إلا ضرب جنبها بعصاه فوضعت قالب ألوان كلهن ووضعت اثنتين وثلاثة ليس فيهم

517
فشوش ولا ضبوب ولا ثعول ولا كمشة تفوت الكف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن افتتحتم الشام وجدتم بقايا منها وهي السامرية حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبار ويحيى بن عبد الله بن بكير ولم يذكر أبو الأسود تفوت الكف لم يرو عنه غير أهل مصر وشركهم في الرواية عنه من أهل الشام خالد بن معدان
وعبد الرحمن بن عديس البلوي [200] ولهم عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث واحد وهو ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن ابن شماسة أن رجلا حدثه عن عبد الرحمن بن عديس أنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول تخرج أناس يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية يقتلهم الله في جبل لبنان والجليل أوالجليل وجبل لبنان حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبار ورواه ابن أبي مريم

518
عن ابن لهيعة عن عياش بن عباس عن أبي الحصين الحجري عن ابن عديس لم يرو عنه غير أهل مصر وتوفي بالشام سنة ست وثلاثين
وأبو زمعة البلوي [201] ولهم عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث واحد وهو ابن لهيعة عن عبيد الله بن المغيرة عن أبي فراس سمع أبا زمعة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل رجل تسعة وتسعين فأتى راهبا فقال إني قتلت تسعة وتسعين فهل لي من توبة ثم ذكر الحديث فيما ذكر عثمان بن صالح
ولهم عنه حكاية سوى هذا وهو حديث ابن لهيعة عن عبد العزيز بن عبد الملك بن مليل أن أبا زمعة البلوي وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حين حضرته الوفاة بأفريقية أمرهم إذا دفنوه أن يسووا قبره بالأرض حدثناه أبو الأسود لم يرو عنه غير أهل مصر
وأبو موسى الغافقي مالك بن عبادة ويقال مالك بن عبد الله [202] ولهم عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثان أحدهما ابن ولهيعة عن عبد الله بن سليمان عن ثعلبة أبي الكنود عن مالك بن عبد الله الغافقي قال أكل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما طعاما ثم قال استر علي حتى أغتسل

519
فقلت أكنت جنبا يا رسول الله قال نعم فأخبرت بذلك عمر بن الخطاب فجرني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن هذا يزعم أنك أكلت وأنت جنب فقال نعم إذا توضأت أكلت وشربت ولا أصلي ولا أقرأ حتى أغتسل قال حدثناه سعيد بن عفير وأسد بن موسى وعثمان بن صالح يزيد بعضهم على بعض الحرف ونحوه [203] والآخر حديث ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن يحيى بن ميمون الحضرمي أنه حدثه عن وداعة الحمدي أنه حدثه أنه كان بجنب مالك بن عبادة أبي موسى الغافقي وعقبة بن عامر يقص قال النبي صلى الله عليه وسلم فقال مالك إن صاحبكم هذا عاقل أو هالك إن النبي صلى الله عليه وسلم عهد إلينا في حجة الوداع فقال عليكم بالقرآن فإنكم سترجعون إلى قوم يشتهون الحديث عني فمن عقل شيئا فليحدث به ومن افترى علي فليتبوأ بيتا أو مقعدا من جهنم لا أدري أيتهما قال حدثناه محمد بن يحيى الصدفي وكان خادما للنبي صلى الله عليه وسلم لم يرو عنه غير أهل مصر وليس لأهل مصر عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم غير هذين الحديثين ولهم عنه شيء من رأيه في الفتن

520
وجنادة بن أبي أمية الأزدي [204] ولهم عنه أحاديث منها عمرو بن الحارث عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن جنادة بن أبي أمية أن رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بعضهم إن الهجرة قد انقطعت فاختلفوا في ذلك فانطلقنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا يا نبي الله إن ناسا يقولون أن الهجرة قد انقطعت فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تنقطع الهجرة ما كان الجهاد هكذا ذكر عن ابن وهب وحدثناه شعيب بن الليث وعبد الله بن صالح عن الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير أن جنادة بن أبي أمية حدثه أن رجلا حدثه أن رجالا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ذكر الحديث حدثناه أبو الأسود عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن جنادة بن أبي أمية حدثه أنه سمع رجلا من الأنصار يحدثه قال تذاكرنا الهجرة فقال بعضنا انقطعت وقال بعضنا لم تنقطع فأرسلنا رجلا منا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ثم ذكر الحديث [205] ومنها حديث ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن أبا الخير

521
أخبره أن حذيفة البارقي حدثه أن جنادة بن أبي أمية أخبره أنهم دخلوا على النبي صلى الله عليه وسلم ثمانية نفر فقرب إليهم طعاما في يوم جمعة فقال كلوا فقالوا إنا صيام فقال أصمتم أمس قالوا لا قال أفصائمون أنتم غدا قالوا لا قال فأفطروا حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبار [206] ومنها حديث خنيس بن عامر المعافري عن أبي قبيل عن جنادة بن أبي أمية قال دخل قوم على معاذ بن جبل في مرضه فقالوا له حدثنا حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لم تنسه ولم يشبه عليك فقال إجلسوني فأخذ بعض القوم بيده وقعد بعض القوم وراءه فقال لأحدثنكم حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لم أنسه ولم يشبه علي قال

522
رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من نبي إلا وقد حذر أمته الدجال وأنا أحذركم أمر الدجال إنه أعور وإن الله ليس بأعور مكتوب بين عينيه كافر يقرأه الكتاب وغير الكتاب معه جنة ونار فنارة جنة وجنته نار قال حدثناه أبي عبد الله بن عبد الحكم
وسفيان بن وهب الخولاني [207] ولهم عنه أحاديث منها حديث ابن وهب عن عبد الرحمن بن شريح قال سمعت سعيد بن أبي شمر السبائي يقول سمعت سفيان بن وهب الخولاني يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تأتي المائة وعلى ظهرها أحد باق فحدثت بها ابن حجير فقام فدخل على عبد العزيز بن مروان قال فحمل سفيان وهو شيخ كبير فسأله عبد العزيز عن الحديث فحدثه فقال عبد العزيز فلعله يعني لا يبقى أحد ممن كان معه إلى رأس المائة فقال سفيان هكذا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حدثناه عمرو بن سواد [208] ومنها حديث ابن لهيعة عن أبي عشانة أن سفيان بن وهب

523
الخولاني حدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال روحة أو غدوة في سبيل الله خير من الدنيا وما فيها وإن المؤمن على المؤمن عرضه وماله ونفسه حرام كما
حرم الله هذا اليوم حدثناه أبو الأسود وربما أدخل فيه بعض الناس أن رجلا حدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يرو عنه غير أهل مصر
ومعاوية بن حديج التجيبي [209] ولهم عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث منها الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن سويد بن قيس أخبره عن معاوية بن حديج أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى يوما فسلم ثم انصرف وقد بقي من الصلاة ركعة فأدركه رجل فقال بقيت من الصلاة ركعة فرجع فدخل المسجد وأمر بلالا فأقام الصلاة فصلى للناس ركعة فأخبرت بذلك الناس فقالوا أتعرف الرجل فقلت لا إلا أن أراه فمر بي فقلت هو هذا فقالوا طلحة بن عبيد الله حدثناه أبي عبد الله بن عبد الحكم وشعيب بن الليث وعبد الله بن صالح [210] ومنها حديث سعيد بن أبي أيوب عن يزيد بن أبي حبيب عن

524
سويد بن قيس عن معاوية بن حديج أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن كان شفاء ففي شربة من عسل أو شرطة محجم أو كية بنار تصيب ألما وما أحب أن أكتوي حدثناه المقرئ [211] ومنها حديث ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد عن عرفطة بن عمرو الحضرمي عن معاوية بن حديج عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال روحة في سبيل الله أو غدوة خير من الدنيا وما فيها حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبار ويكنى أبا نعيم لم يرو عنه غير أهل مصر
وأبو جمعة حبيب بن سباع [212] ولهم عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث واحد وهو ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن محمد بن يزيد المازني عن عبد الله بن عوف عن أبي جمعة حبيب بن سباع وقد أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال صلى

525
رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الأحزاب المغرب فلما فرغ منها قال هل علم أحد منكم أني صليت العصر قالوا لا والله يا رسول الله ما صليتها فأمر المؤذن فأذن فصلى العصر ثم صلى المغرب بعدالعصر حدثناه أبي عبد الله بن عبد الحكم وأبو الأسود النضر بن عبد الجبار لم يرو عنه غير أهل مصر وروى عنه من أهل الشام صالح بن جبير
وأبو فاطمة الأزدي [213] ولهم عنه حديث وهو ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد عن كثير الأعرج الصدفي قال سمعت أبا فاطمة بذي الصواري يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يأبا فاطمة أكثر من السجودفإنه ليس من مسلم يسجد لله سجدة إلا رفعه الله بها درجة قال حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبار وسعيد بن أبي مريم [214] وحدثنا سعيد بن أبي مريم قال حدثنا عبد الله بن لهيعة عن

526
يزيد بن عمرو المعافري قال سمعت أبا عبد الرحمن الحبلي يخبر أنه سمع أبا فاطمة الأزدي يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله إلا أنه قال رفعه الله بها درجة وحط عنه بها خطيئة [215] ومنها حديث حيوة بن شريح قال أخبرني بكر بن عمرو أن الحارث بن يزيد الحضرمي أخبره أن ربيعة الجرشي أخبره أنه سمع أبا فاطمة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن صلاة النهار أفضل من صلاة الليل قال ربيعة فندمت أن لا أكون سألت أبا فاطمة لما كان ذلك حدثناه المقرئ
ومالك بن عتاهية التجيبي [216] ولهم عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث واحد وهو ابن لهيعة عن

527
يزيد بن أبي حبيب عن مخيس بن ظبيان أنه سمع عبد الرحمن بن حسان يقول أخبرني رجل من جذام أنه سمع مالك بن عتاهية أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا لقيتم عشارا فاقتلوه حدثناه عبد الملك بن مسلمة لم يرو عنه غير أهل مصر
وعمرو بن الحمق الخزاعي [217] ولهم عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث واحد وهو عبد الرحمن بن شريح قال سمعت عميرة بن عبد الله المعافري يقول حدثني أبي قال سمعت ابن الحمق يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يكون فتنة يكون أسلم الناس فيها أو قال خير الناس فيها الجند الغربي قال ابن الحمق فلذلك قدمت عليكم مصر حدثناه عبد الله بن صالح عن أبي شريح وعبد الملك بن نصير عن عمران بن عطية الجذامي عن أبي شريح
وأبو الأعور السلمي [218] ولهم عنه حديث واحد وهو ابن لهيعة عن ابن هبيرة عن عمرو البكالي عن أبي الأعور أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إنما أخاف على أمتي

528
من ثلاثة أشياء شح مطاع وهوى متبع وإمام ضال حدثناه أبي عبد الله بن عبد الحكم وطلق بن السمح واسم أبي الأعور عمرو بن سفيان
وكثير لم ينسب بأكثر من هذا [219] ولهم عنه حديث واحد وهو ابن وهب عن حيوة بن شريح حدثني عقبة بن مسلم قال حدثني كثير وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ويل للأعقاب من النار هكذا حديث ابن وهب وإنما المشهور عقبة بن مسلم عن عبد الله بن الحارث والله أعلم
وأبي بن عمارة [220] ولهم عنه حديث واحد وهو يحيى بن أيوب عن عبد الرحمن بن رزين عن محمد بن يزيد بن أبي زياد عن أيوب بن قطن

529
عن أبي بن عمارة وكان صلى القبلتين مع النبي صلى الله عليه وسلم قال قلت يا رسول الله أمسح على الخفين قال نعم قلت يوم قال ويومان قلت ويومان قال وثلاثة قلت وثلاثة يا رسول الله قال نعم وما بدا لك حدثناه سعيد بن عفير قال وحدثنا عمرو بن سواد عن ابن وهب عن يحيى بن أيوب عن عبد الرحمن بن رزين عن محمد بن يزيد بن أبي زياد عن أيوب بن قطن عن عبادة بن نسي عن أبي بن عمارة ولم يذكر ابن عفير عبادة بن نسي
ومالك بن هبيرة [221] ولهم عنه حديث واحد وهو ابن المبارك قال حدثنا محمد بن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن مرثد بن عبد الله اليزني عن مالك بن هبيرة أنه كان إذا شهد جنازة فتقال أهلها جزأهم ثلاثة صفوف ثم يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من مسلم يصلي عليه ثلاثة صفوف من المسلمين إلا أوجب قال حدثناه مهدي بن جعفر عن ابن المبارك وحدثنا محمد بن عبد الجبار أخبرنا محمد بن عيسى قال حدثنا حماد بن زيد عن محمد بن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير مرثد بن عبد الله عن مالك بن هبيرة وكانت له صحبة مثله

530
ومهاجر مولى أم سلمة وكان ينزل الصعيد [222] ولهم عنه حديث واحد وهو أبو إسحاق الخفاف عن عمران بن عبد الله عن بكير مولى عمرة عن مهاجر مولى أم سلمة
قال خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع سنين فلم يقل لي في شيء فعلته لم فعلته ولا لشيء لم أفعله لو فعلته حدثناه يحيى بن عبد الله بن بكير لم يرو عنه غير أهل مصر
وابن حوالة الأزدي [223] ولهم عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث وهو الليث بن سعد وابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن ربيعة بن لقيط التجيبي عن ابن حوالة الأزدي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من نجا من ثلاث فقد نجا من نجا من ثلاث فقد نجا من نجا من ثلاث فقد نجا قالوا ماذا يا رسول الله قال موتي ومن قتل خليفة مصطبر بالحق يعطيه وخروج الدجال حدثناه أبي عبد الله بن عبد الحكم وشعيب بن الليث وعبد الله بن صالح عن الليث وأبو الأسود عن ابن لهيعة يزيد بعضهم على بعض

531
وحبان بن بح الصدائي [224] ولهم عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث واحد وهو ابن لهيعة عن بكر بن سوادة عن زياد بن نعيم الحضرمي عن حبان بن بح الصدائي قال إن قومي كفروا فأخبرت أن النبي صلى الله عليه وسلم جهز إليهم جيشا فأتيته فقلت إن قومي على الإسلام قال أكذلك قلت نعم قال فاتبعته ليلتي حتى الصباح فأذنت بالصلاة لما أصبحت وأعطاني ماء فتوضأت منه فجعل النبي صلى الله عليه وسلم أصابعه في الإناء فانفجر عيونا فقال من أراد منكم أن يتوضأ فليتوضأ فتوضأت وصليت فأمرني عليهم وأعطاني صدقاتهم فقام رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن فلانا ظلمني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا خير في الإمارة لمسلم ثم جاء رجل يسأل صدقة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم إن الصدقة صداع وحريق في البطن أو داء فأعطيته صحيفتي صحيفة إمرتي وصدقتي فقال ما شأنك فقلت أقبلها وقد سمعت ما سمعت قال هو ما سمعت حدثناه سعيد بن أبي مريم
وزياد بن الحارث الصدائي [225] ولهم عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث واحد وهو حديث

532
عبد الرحمن بن زياد بن أنعم قال حدثنا زياد بن نعيم قال سمعت زياد بن الحارث الصدائي قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعته على الإسلام فأخبرت أنه قد بعث جيشا إلى قومي فقلت يا رسول الله أردد الجيش وأنا لك بإسلام قومي وطاعتهم فقال اذهب فردهم فقلت يا رسول الله إن راحلتي قد كلت ولكن ابعث إليهم رجلا قال فبعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا وكتب معه إليهم فردهم قال الصدائي فقدم وفدهم بإسلامهم فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أخا صداء إنك لمطاع في قومك قلت بل الله هداهم للإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفلا أؤمرك عليهم قلت بلى فكتب لي كتابا بذلك فقلت يا رسول الله مر لي بشئ من صدقاتهم فكتب لي كتابا آخر بذلك وكان ذلك في بعض أسفاره فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم منزلا فأتى أهل ذلك المنزل يشكون عاملهم يقولون أخذنا بشيء كان بيننا وبينه في الجاهلية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أوفعل قالوا نعم فالتفت إلى أصحابه وأنا فيهم فقال لا خير في الإمارة لرجل مؤمن قال الصدائي فدخل قوله في نفسي قال ثم أتاه آخر فقال يا رسول الله أعطني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سأل الناس عن ظهر غني فهو

533
صداع في الرأس وداء في البطن فقال السائل فأعطني من الصدقة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله لم يرض فيه بحكم نبي ولا غيره حتى حكم هو فيها فجزأها ثمانية أجزاء فإن كنت من تلك الأجزاء أعطيتك أو أعطيناك حقك قال الصدائي فدخل ذلك في نفسي لأني سألته من الصدقات وأنا غني ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتشى من أول الليل فلزمته وكنت قويا وكان وأصحابه ينقطعون عنه ويستأخرون حتى لم يبق معه أحد غيري فلما كان أوان صلاة الصبح أمرني فأذنت وجعلت أقول أقيم يا رسول الله فينظر إلى ناحية المشرق يقول لا حتى إذا طلع الفجر نزل إلي وقد تلاحق أصحابه فقال هل من ماء يا أخا صداء فقلت لا إلا شيء قليل لا يكفيك فقال اجعله في إناء ثم ائتني به ففعلت فوضع كفه في الإناء فرأيت بين كل إصبعين من أصابعه عينا تفور فقال لولا أني أستحيي من ربي يا أخا صداء لسقينا واستقينا ناد في الناس من له حاجة بالماء فناديت فيهم فأخذ من أرد منهم ثم جاء بلال فأراد أن يقيم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أخا صداء أذن ومن أذن فهو يقيم قال الصدائي فأقمت فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته اتيته بالكتابين فقلت يا رسول الله أعفني من هذين فقال وما بدا لك فقلت إني سمعتك تقول لا خير في الإمارة لرجل مؤمن وأنا أؤمن بالله ورسوله وسمعتك تقول للسائل من سأل عن ظهر غنى فهو صداع في الرأس وداء في البطن وقد سألتك وأنا غني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هو ذاك إن شئت فاقبل وإن شئت فدع فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فدلني على رجل أؤمره عليهم فدللته على رجل من الوفد الذين قدموا عليه فأمره علينا ثم

534
قلنا يا رسول الله إن لنا بئرا إذا كان الشتاء وسعنا ماؤها فاجتمعنا عليها وإذا كان الصيف قل ماؤها فتفرقنا على مياه حولنا وقد أسلمنا وكل من حولنا لنا عدو فادع الله لنا في بئرنا أن يسعنا ماؤها فنجتمع عليها ولا نتفرق قال فدعا بسبع حصيات فعركهن في يده ودعا فيهن ثم قال اذهبوا بهذه الحيصات فإذا أتيتم البئر فألقوها واحدة واحدة واذكروا اسم الله قال الصدائي ففعلنا فما استطعنا بعد ذلك أن ننظر في قعرها يعني البئر حدثناه المقرئ
وممن دخلها من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فرووا عنه حكاية عن رأيه ولم يرو عنه غيرهم
أبو عميرة المزني [226] ولهم عنه حديث واحد وهو ابن لهيعة عن بكر بن سوادة عن رجل من مزينة يقال له أبو عميرة وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا إذا كانوا في الغزو فاصطفوا هم والعدو لم يقاتلهم حتى يسألهم هل لأحد منهم أمان فإن كان لأحد منهم أمان تركه وإلا قاتل حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبار وقد أدخل بعض الناس فيما بين بكر بن سوداة وأبي عميرة شيبان
وأبو وحوح البلوي [227] ولهم عنه حديث واحد وهو ابن لهيعة عن الحارث بن يعقوب

535
عن أبي شعيب مولى أبي وحوح قال دخل علينا أبو وحوح صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد غسلنا ميتا ونحن نغتسل فلف ريطته مخراقا فجعل يضربنا به
ويقول ويحكم ليس نحن بأنجاس أحياء وأمواتا لقد خشيت أن تكون سنة حدثناه أبو الأسود وحدثناه عمرو بن سواد عن ابن وهب عن ابن لهيعة
وأبو مسلم الغافقي [228] ولهم عنه حديث واحد وهو ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير أن أبا مسلم صاحب النبي صلى الله عليه وسلم كان يؤذن لعمرو بن العاص قال فرأيته يبخر المسجد قال فقطعها عمر بن عبد العزيز حدثناه عبد الملك بن مسلمة

536
وصلة بن الحارث الغفاري [229] ولهم عنه حديث واحد وهو حيوة بن شريح قال أخبرني الحجاج بن شداد الصنعاني أن أبا صالح سعيد بن عبد الرحمن الغفاري أخبره أن سليم بن عتر كان يقص على الناس وهو قائم فقال له صلة بن الحارث الغفاري وهو من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والله ما تركنا عهد نبينا صلى الله عليه وسلم ولا قطعنا أرحامنا حتى قمت أنت وأصحابك بين أظهرنا حدثناه المقرئ عن حيوة بن شريح
وشرحبيل بن حسنة [230] ولهم عنه حديث وهو ابن وهب عن يحيى بن أيوب عن جعفر بن ربيعة عن علي بن رباح عن شرحبيل بن حسنة أنه قرأ في الجمعة

537
* (إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله) * حدثناه عمرو بن سواد
ومسعود بن الأسود البلوي [231] ولهم عنه حديث وهو ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد عن علي بن رباح عن مسعود بن الأسود صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان ممن بايع تحت الشجرة انه استأذن عمر بن الخطاب في غزو أفريقية فقال عمر أفريقية غادرة مغدور بها حدثناه أسد بن موسى عن ابن لهيعة
وأبو مليكة البلوي [232] ولهم عنه غير حديث منها ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد عن علي بن رباح قال قال أبو مليكة وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لأبي راشد الذي كان أميرا أو واليا بفلسطين كيف بك يأبا راشد إذا وليتك ولاة إن عصيتهم دخلت النار وإن أطعتهم دخلت النار حدثناه أبو الأسو النضر بن عبد الجبار

538
[233] ومنها حديث الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن ابن رويفع أنه حدث أن أبا مليكة مرعلى رجل وهو يبكي فقال له ما يبكيك فقال ما لي لا أبكي وقد أفرطت صلاة العصر فلم أصلها حتى غابت الشمس فقال أبو مليكة أولم تصلها حين ذكرت قال بلى قال إنك قد أتممت صلاتك ولو أنك لم تذكر أنك سهوت كان التسبيح يرفع لكم فما سها الرجل في المكتوبة من ركوع أو سجود أو سهو عنها فإنه يجعل له من تسبيحه تمام ما نقص من صلاته حدثناه شعيب بن الليث وعبد الله بن صالح
وكعب بن ضنة العبسي [234] ولهم عنه حديث واحد وهو حديث حيوة بن شريح أخبرنا الضحاك بن شرحبيل الغافقي أن عمار بن سعد التجيبي أخبرهم أن عمر بن الخطاب كتب إلى عمرو بن العاص أن يجعل ابن ضنة على القضاء فأرسل إليه عمرو فأقرأه كتاب أمير المؤمنين فقال كعب لا والله لا تنجيه الله من الجاهلية وما كان فيها من الهلكة ثم يعود فيها بعدإذ أنجاه الله منها وأبا أن يقبل القضاء فتركه عمرو قال حدثناه المقرئ وحدثنا سعيد بن عفير قال وكان كعب بن ضنة حكما في الجاهلية

539
وبرح بن حسكل المهري [235] ولهم عنه حديث وهو ابن لهيعة قال كان الديوان في زمان معاوية أربعين ألفا وكان منهم أربعة آلاف في مائتين مائتين فأعطى مسلمة بن مخلد أهل الديوان أعطياتهم وأعطيات عيالاتهم وأرزاقهم ونوائبهم ونوائب البلاد من الجسور وأرزاق الكتبة وحملان القمح إلى الحجاز ثم بعث إلى معاوية بستمائة ألف فضل قال حدثناه ابن عفير قال ابن عفير فلما نهضت الإبل لقيهم برح بن حسكل فقال ما هذا ما بال مالنا يخرج من بلادنا ردوه فردوه حتى وقف على المسجد فقال أخذتم أعطياتكم وأرزاقكم وعطاء عيالاتكم ونوائبكم قالوا نعم قال لا بارك الله لهم
قال ابن عفير وكان برح ممن وفد إلى النبي من مهرة من اليمن وشهد فتح مصر مع عمرو بن العاص واختط بها هكذا قال ابن عفير برح بن حسكل وإنما هو برح بن عسكل
وخرشة بن الحارث ويقال بن الحر [236] ولهم عنه حديث وهو ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن

540
خرشة بن الحارث أنه قال لا تحضروا رجلا يقتل صبرا فتنزل عليكم السخطة قال عبد الرحمن حدثناه ولم أكتبه
وحيي بن حرام الليثي [237] ولهم عنه حديث واحد وهو ابن لهيعة عن ابن هبيرة عن أبي تميم الجيشاني عن حيي أنه كان يصلي في منزله الظهر مع الزوال ثم يروح فيصلي في المسجد
ومالك بن زاهر [238] ولهم عنه حديث وهو ابن لهيعة عن بكر بن سوادة عن سعيد بن أبي شمر السبائي أنه رأى مالك بن زاهر ينقي باطن قدميه

541
وذو قرنات [239] ولهم عنه حكاية في الفتن من رواية يزيد بن قودر روى ذلك عنه عبد الله بن وهب
وحاطب بن أبي بلتعة [240] وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وجهه إلى المقوقس بالإسكندرية ثم وجهه أبو بكر الصديق إليه أيضا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ولهم عنه حديث وهو ابن لهيعة عن بكر بن سوادة عن أبي غطيف عن حاطب بن أبي بلتعة أن عمر بن الخطاب قال يقاتلكم أهل الأندلس بوسيم حتى يبلغ الدم ثنن الخيل ثم ينهزموا
وممن دخلها من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرف دخولهم إياها برواية غيرهم

542
أبو سعاد [241] قال حدثنا عبد الله بن صالح حدثنا الليث بن سعد عن إسماعيل بن أمية عن عمرو بن سعيد عن معاذ بن عبد الله بن حبيب الجهني عن أبي سعاد صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال أقبلت من مصر وكنت ذا عقبة من مشي فنزلت أمشي فلما تبلج الصبح إذا أنا بأثر بغلة تجر رسنها وإذا بذهب منثور على أثرها قال فجعلت أجمعها حتى جمعت سبعين دينارا ثم أتيت بها عمر بن الخطاب فقال عرفها سنة فإن جاء صاحبها وإلا فشأنك بها قال فعرفتها سنة ثم أنفقتها على امرأتي
وجبلة بن عمرو الأنصاري [242] حدثنا عبد الملك بن مسلمة حدثنا ابن لهيعة وحدثنا يوسف بن عدي حدثني عبد الله بن المبارك عن ابن لهيعة عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن سليمان بن يسار قال غزونا أفريقية مع ابن حديج ومعنا من

543
المهاجرين والأنصار بشر كثير فنفلنا ابن حديج النصف بعد الخمس فلم أر أحدا أنكر ذلك إلا جبلة بن عمرو الأنصاري [243] قال حدثنا يوسف بن عدي حدثنا ابن المبارك عن ابن لهيعة عن خالد بن أبي عمران قال سألت سليمان بن يسار عن النفل في الغزو فقال لم أر أحدا صنعه غير أبن حديج نفلنا بأفريقية النصف بعد الخمس ومعنا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من المهاجرين الأولين ناس كثير فأبا جبلة بن عمرو الأنصاري أن يأخذ منه شيئا
وسرق [244] قال حدثنا محمد بن عبد الجبار قال حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار حدثنا زيد بن أسلم قال رأيت رجلا بالإسكندرية يسمى سرقا فقلت ما هذا الاسم قال

544
سمانيه رسول الله صلى الله عليه وسلم قدمت المدينة فأخبرتهم أن لي مالا فبايعوني فاستهلكت أموالهم فأتوا بي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال أنت سرق وباعني بأربعة أبعرة فقال غرمائي للمشتري ما تريد أن تصنع به قال أعتقه فقالوا ما نحن بأزهد في الأجر منك فأعتقوني
وممن دخلها من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ليست لهم فيما بلغنا عنه حكاية
سعد بن أبي وقاص
حدثنا عبد الملك بن مسلمة عن الليث بن سعد أن سعد بن أبي وقاص قدم مصر وأبو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعبد الله بن الزبير وأبو عبد الرحمن الفهري يزيد بن أنيس وابنه العلاء بن أبي عبد الرحمن الفهري ويزعمون أنه قد رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان قدومه مصر بعد موت أبيه أبي عبد الرحمن وهو وأخوه علي اللذان أسسا دار السلسلة فجعلاه حظيرا ولم يجعلا فيها إلا منزلا واحدا ثم أتم بنيانها بعد ذلك
ومحمد بن مسلمة الأنصاري
قال حدثنا سعيد بن عفير أنه كان ممن صعد الحصن مع الزبير بن العوام

545
وعبد الرحمن بن غنم الأشعري
وقد اختلف فيه فقيل له صحبة وقيل لا صحبة له غير أن يحيى بن بكير قال قال الليث وعبد الله بن لهيعة أن له صحبة [245] حدثنا سعيد بن تليد حدثنا ابن وهب أخبرني إبراهيم بن نشيط عن ابن أبي حسين عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم أو أبي مالك أو أبي عامر وكلهم ثقة أنهم بينما هم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد نزلت هذه الآية * (يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم) * ثم ذكر الحديث والله أعلم
وممن دخلها من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لغزو المغرب وغيره فيما ذكرمحمد بن عمر الواقدي وغيره حمزة بن عمرو الأسلمي وسلمة بن الأكوع والمسور بن مخرمة والمطلب بن أبي وداعة السهمي وسلكان بن مالك وبلال بن الحارث وربيعة بن عباد الديلي والمسيب بن حزن وأبو ضبيس البلوي

546
[246] ومما يصدق ما قال محمد بن عمر الواقدي ما حدثنا يوسف بن عدي حدثنا عبد الله بن المبارك عن ابن لهيعة عن خالد بن أبي عمران عن سليمان بن يسار أنهم غزوا أفريقية ومعهم بشر كثير من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من المهاجرين الأولين

547