الكتاب: معجم مقاييس اللغة
المؤلف: أبو الحسين أحمد بن فارس زكريا
الجزء: 2
الوفاة: 395
المجموعة: علوم اللغة العربية
تحقيق: عبد السلام محمد هارون
الطبعة:
سنة الطبع: 1404
المطبعة: مكتبة الإعلام الإسلامي
الناشر: مكتبة الإعلام الإسلامي
ردمك:
ملاحظات:
معجم
مقاييس اللغة
لأبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريا
... - 395
بتحقيق وضبط
عبد السلام محمد هارون
الرئيس قسم الدراسات النحوية بكلية دار العلوم سابقا
وعضو المجمع اللغوي
الجزء الثاني

1
مركز النشر - مكتب الاعلام الاسلامي
اسم الكتاب: معجم مقاييس اللغة (المجلد الثاني)
الكتاب: أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا
الناشر: مركز النشر - مكتب الاعلام الاسلامي
طباعة وتصحيف: مطبعة مكتب الاعلام الاسلامي
تاريخ النشر: جمادي الآخرة 1404
طبع منه: 5000 نسخة
حقوق النشر محفوظة للناشر

2
بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الحاء
(باب ما جاء من كلام العرب في المضاعف والمطابق أوله حاء وتفريع مقاييسه)
(حد) الحاء والدال أصلان الأول المنع والثاني طرف الشيء.
فالحد الحاجز بين الشيئين.
وفلان محدود إذا كان ممنوعا.
وإنه لمحارف محدود كأنه قد منع الرزق.
ويقال للبواب حداد لمنعه الناس من الدخول.
قال الأعشى:
فقمنا ولما يصح ديكنا * إلى جونة عند حدادها
وقال النابغة في الحد والمنع:
إلا سليمان إذ قال المليك له * قم في البرية فاحددها عن الفند
وقال آخر:

3
يا رب من كتمني الصعادا * فهب له حليلة مغدادا
كان لها ما عمرت حدادا.
أي يكون بوابها لئلا تهرب.
وسمي الحديد حديدا لامتناعه وصلابته وشدته.
والاستحداد استعمال الحديد.
ويقال حدت المرأة على بعلها وأحدت وذلك إذا منعت نفسها الزينة والخضاب.
والمحادة المخالفة فكأنه الممانعة.
ويجوز أن يكون من الأصل الآخر.
ويقال مالي عن هذا الأمر حدد ومحتد أي معدل وممتنع.
ويقال حددا بمعنى معاذ الله.
وأصله من المنع.
قال الكميت:
حددا أن يكون سيبك فينا * زرما أو يجيئنا تمصيرا
وحد العاصي سمي حدا لأنه يمنعه عن المعاودة.
قال الدريدي يقال هذا أمر حدد أي منيع.
وأما الأصل الآخر فقولهم حد السيف وهو حرفه وحد السكين.
وحد الشراب صلابته.
قال الأعشى:
* وكأس كعين الديك باكرت حدها *

4
وحد الرجل بأسه.
وهو تشبيه.
ومن المحمول الحدة التي تعتري الإنسان من النزق.
تقول حددت على الرجل أحد حدة.
(حذ) الحاء والذال أصل واحد يدل على القطع والخفة والسرعة لا يشذ منه شيء.
فالحذ القطع.
والأحذ المقطوع الذنب.
ويقال للقطاة حذاء لقصر ذنبها.
قال:
حذاء مدبرة سكاء مقبلة * للماء في النحر منها نوطة عجب
وأمر أحذ لا متعلق فيه لأحد قد فرع منه وأحكم.
قال:
إذا ما قطعنا رملة وعدابها * فإن لنا أمرا أحذ غموسا
قال الخليل الأحذ الذي لا يتعلق به الشيء.
ويسمى القلب أحذ.
قال وقصيدة حذاء لا يتعلق بها من العيب شيء لجودتها.
والحذاء اليمين المنكرة يقتطع بها الحق.
ومن هذا الباب في المطابق قرب حذ حاذ أي سريع حثيث.

5
وفي حديث عتبة بن غزوان إن الدنيا قد آذنت بصرم وولت حذاء ولم تبق منها صبابة إلا كصبابة الإناء.
(حر) الحاء والراء في المضاعف له أصلان.
فالأول ما خالف العبودية وبرىء من العيب والنقص.
يقال هو حر بين الحرورية والحرية.
ويقال طين حر لا رمل فيه.
وباتت فلانة بليلة حرة إذا لم يصل إليها بعلها في أول ليلة فإن تمكن منها فقد باتت بليلة شيباء.
قال:
شمس موانع كل ليلة حرة * يخلفن ظن الفاحش المغيار
وحر الدار وسطها.
وحمل على هذا شيء كثير فقيل لولد الحية حر.
قال:
منطو في جوف ناموسه * كانطواء الحر بين السلام
ويقال لذكر القماري ساق حر.
قال حميد:
وما هاج هذا الشوق إلا حمامة * دعت ساق حر ترحة وترنما
وامرأة حرة الذفرى أي حرة مجال القرط.
قال:
والقرط في حرة الذفرى معلقه * تباعد الحبل منه فهو مضطرب

6
وحر البقل ما يؤكل غير مطبوخ.
فأما قول طرفة:
لا يكن حبك داء داخلا * ليس هذا منك ماوي بحر
فهو من الباب أي ليس هذا منك بحسن ولا جميل.
ويقال حر الرجل يحر من الحرية.
والثاني خلاف البرد يقال هذا يوم ذو حر ويوم حار.
والحرور الريح الحارة تكون بالنهار والليل.
ومنه الحرة وهو العطش.
ويقولون في مثل حرة تحت قرة.
ومن هذا الباب الحرير وهو المحرور الذي تداخله غيظ من أمر نزل به.
وامرأة حريرة.
قال:
خرجن حريرات وأبدين مجلدا * وجالت عليهن المكتبة الصفر
يريد بالمكتبة الصفر القداح.
والحرة أرض ذات حجارة سوداء.
وهو عندي من الباب لأنها كأنها محترقة.
قال الكسائي نهشل بن حري بتشديد الراء كأنه منسوب إلى

7
الحر.
قال الكسائي حررت يا يوم تحر وحررت تحر إذا اشتد حر النهار.
(حز) الحاء والزاء أصل واحد وهو الفرض في الشيء بحديدة أو غيرها ثم يشتق منه.
تقول من ذلك حززت في الخشبة حزا.
وإذا أصاب مرفق البعير كركرته فأثر فيها قيل به حاز.
والحزاز ما في النفس من غيظ فإنه يحز القلب وغيره حزا.
قال الشماخ:
فلما شراها فاضت العين عبرة * وفي الصدر حزاز من اللوم حامز
والحزازة من ذلك.
وكل شيء حك في صدرك فقد حز.
ومنه حديث عبد الله الإثم حزاز القلوب.
ومن الباب الحزيز وهو مكان غليظ منقاد والجمع أحزة.
قال:
* بأحزة الثلبوت *
ومنه الحزاز وهو هبرية في الرأس.
ويقال جئت على حزة منكرة أي حال وساعة.
وما أراه يقال في حال صالحة.
قال:
* وبأي حز ملاوة تتقطع *

8
(حس) الحاء والسين أصلان فالأول غلبة الشيء بقتل أو غيره والثاني حكاية صوت عند توجع وشبهه.
فالأول الحس القتل قال الله تعالى * (إذ تحسونهم بإذنه آل عمران 152) *.
ومن ذلك الحديث حسوهم بالسيف حسا.
وفي الحديث في الجراد إذا حسه البرد.
والحسيس القتيل.
قال الأفوه:
* وقد تردى كل قرن حسيس *
ويقال إن البرد محسة للنبات.
ومن هذا حسحست الشيء من اللحم إذا جعلته على الجمرة وحشحشت أيضا.
ويقول العرب افعل ذلك قبل حساس الأيسار أي قبل أن يحسحسوا من جزورهم أي يجعلوا اللحم على النار.
ومن هذا الباب قولهم أحسست أي علمت بالشيء قال الله تعالى * (هل تحس منهم من أحد مريم 92) *.
وهذا محمول على قولهم قتلت الشيء علما.
فقد عاد إلى الأصل الذي ذكرناه.
ويقال للمشاعر الخمس الحواس وهي اللمس والذوق والشم والسمع والبصر.
ومن هذا الباب قولهم من أين حسست هذا الخبر أي تخبرته.
ومن هذا الباب قولهم للذي يطرد الجوع بسخائه حسحاس.
قال:
واذكر حسينا في النفير وقبله * حسنا وعتبة ذا الندى الحسحاسا

9
والأصل الثاني قولهم حس وهي كلمة تقال عند التوجع.
ويقال حسست له فأنا أحس إذا رققت له كأن قلبك ألم شفقة عليه.
ومن الباب الحس وهو وجع يأخذ المرأة عند ولادها.
ويقال انحست أسنانه انقلعت.
وقال:
في معدن الملك القديم الكرس * ليس بمقلوع ولا منحس
ومن هذا الباب وليس بعيدا منه الحساس وهو سوء الخلق.
قال:
رب شريب لك ذي حساس * شرابه كالحز بالمواسي
ويقال الحساس الشؤم.
فهذا يصلح أن يكون من هذا ويصلح أن يكون من الأول لأنه يذهب بالخير.
(حش) الحاء والشين أصل واحد وهو نبات أو غيره يجف ثم يستعار هذا في غيره والمعنى واحد.
فالحشيش النبات اليابس.
والحشاش والمحش وعاؤه.
قال:
* بين حشاشي بازل جور *
وحشاشا الإنسان وغبره جنباه عن أبي مالك كأنهما شبها بحشاشي الحشيش.
والحشة القنة تنبت ويبيض فوقها الحشيش.
قال:

10
* فالحشة السوداء من ظهر العلم *
والمحش من الناس الصغير كأنه قد يبس فصغر.
قال:
* قبحت من بعل محش مودن *
ويقال استحشت الإبل دقت أوظفتها من عظمها أو شحمها.
ويقولون استحش ساعدها كفها وذلك إذا عظم الساعد فاستصغرت الكف.
قال:
إذا اصمأل أخدعاه ابتدأ * إذا هما مالا استحشا الخدا
ويقال حششت النار إذا أثقبتها وهو من الأصل الذي ذكرناه كأنك جعلت ثقوبها كالحشيش لها تأكله.
قال:
فما جبنوا أنا نشد عليهم * ولكن رأوا نارا تحش وتسفع
وحش الرجل سهمه إذا ألزق به قذذه من نواحيه.
ومن الباب فرس محشوش الظهر بجنبيه إذا كان مجفر الجنبين.
قال:
من الحارك محشوش * بجنب مجفر رحب
وقول الهذلي:
في المزني الذي حششت له * مال ضريك تلاده نكد
فإنه يريد كثرت به مال هذا الفقير.
وذلك أنه أسر ففدي بماله.

11
ويقال حشت اليد إذا يبست كأنها شبهت بالحشيش اليابس.
وأحشت الحامل إذا جاوزت وقت الولاد ويبس الولد في بطنها.
ومما شذ عن الباب الحشاشة بقية النفس.
قال:
أبى الله أن يبقي لنفسي حشاشة * فصبرا لما قد شاء الله لي صبرا
(حص) الحاء والصاد في المضاعف أصول ثلاثة أحدها النصيب والآخر وضوح الشيء وتمكنه والثالث ذهاب الشيء وقلته.
فالأول الحصة وهي النصيب يقال أحصصت الرجل إذا أعطيته حصته.
والثاني قولهم حصحص الشيء وضح.
قال الله تعالى * (الآن حصحص الحق يوسف 51) *.
ومن هذا الحصحصة تحريك الشيء حتى يستمكن ويستقر.
والثالث الحص والحصاص وهو العدو وانحص الشعر عن الرأس ذهب ورجل أحص قليل الشعر.
وحصت البيضة شعر رأسه.
قال أبو قيس بن الأسلت:
قد حصت البيضة رأسي فما * أطعم نوما غير تهجاع
والحصحصة الذهاب في الأرض.
ورجل أحص وامرأة حصاء أي مشؤومة.
وهو من الباب كأن الخير قد ذهب عنها.
ومن هذا الباب فلان يحص إذا كان لا يجير أحدا.
قال:

12
أحص ولا أجير ومن أجره * فليس كمن يدلى بالغرور
والأحصان العبد والعير لأنهما يماشيان أثمانهما حتى يهرما فينتقص أثمانها ويموتا.
ويقال سنة حصاء جرداء لا خير فيها.
ومن الذي شذ عن الباب قولهم للورس حص.
قال:
مشعشعة كأن الحص فيها * إذا ما الماء خالطها سخينا
(حض) الحاء والضاد أصلان أحدهما البعث على الشيء والثاني القرار المستفل.
فالأول حضضته على كذا إذا حضضته عليه وحرضته.
قال الخليل الفرق بين الحض والحث أن الحث يكون في السير والسوق وكل شيء والحض لا يكون في سير ولا سوق.
والثاني الحضيض وهو قرار الأرض.
قال:
* نزلت إليه قائما بالحضيض *
(حط) الحاء والطاء أصل واحد وهو إنزال الشيء من علو.
يقال حططت الشيء أحطه حطا.
وقوله تعالى * (حطة البقرة 58 الأعراف 161) * قالوا تفسيرها اللهم حط عنا أوزارنا.

13
ومن هذا الباب قولهم جارية محطوطة المتنين كأنما حط متناها بالمحط.
قال:
بيضاء محطوطة المتنين بهكنة * ريا الروادف لم تمغل بأولاد
ومن هذا الباب قولهم رجل حطائط أي صغير قصير كأنه حط حطا.
ومن هذا الباب قولهم للنجيبة السريعة حطوط كأنها لا تزال تحط رحلا بأرض.
ومما شذ عن هذا القياس الحطاط بثرة تكون بالوجه.
قال الهذلي:
ووجه قد طرقت أميم صاف * أسيل غير جهم ذي حطاط
ويروي:
* كقرن الشمس ليس بذي حطاط *
(حظ) الحاء والظاء أصل واحد وهو النصيب والجد.
يقال فلان أحظ من فلان وهو محظوظ.
وجمع الحظ أحاظ على غير قياس.
قال أبو زيد رجل حظيظ جديد إذا كان ذا حظ من الرزق.
ويقال حظظت في الأمر أحظ.
قال وجمع الحظ أحظ.
(حف) الحاء والفاء ثلاثة أصول الأول ضرب من الصوت والثاني أن يطيف الشيء بالشيء والثالث شدة في العيش.

14
تفسير ذلك الأول الحفيف حفيف الشجر ونحوه وكذلك حفيف جناح الطائر.
والثاني قولهم حف القوم بفلان إذا أطافوا به.
قال الله تعالى * (وترى الملائكة حافين من حول العرش) *.
ومن ذلك حفافا كل شيء جانباه.
قال طرفة:
كأن جناحي مضرحي تكنفا * حفافيه شكا في العسيب بمسرد
ومن هذا الباب هو على حفف أمر أي ناحية منه وكل ناحية شيء فإنها تطيف به.
ومن هذا الباب قولهم فلان يحفنا ويرفنا كأنه يشتمل علينا فيعطينا ويميرنا.
والثالث الحفوف والحفف وهو شدة العيش ويبسه.
قال أبو زيد حفت أرضنا وقفت إذا يبس بقلها.
وهو كالشظف.
ويقال هم في حفف من العيش أي ضيق ومحل ثم يجرى هذا حتى يقال رأس فلان محفوف وحاف إذا بعد عهده بالدهن ثم يقال حفت المرأة وجهها من الشعر.
واحتففت النبت إذا جززته.
(حق) الحاء والقاف أصل واحد وهو يدل على إحكام الشيء وصحته.
فالحق نقيض الباطل ثم يرجع كل فرع إليه بجودة الاستخراج وحسن التلفيق ويقال حق الشيء وجب.
قال الكسائي يقول العرب إنك لتعرف الحقة عليك وتعفى بما لديك.
ويقولون لما عرف الحقة مني انكسر.

15
ويقال حاق فلان فلانا إذا ادعى كل واحد منهما فإذا غلبه على الحق قيل حقه وأحقه.
واحتق الناس في الدين إذا ادعى كل واحد الحق.
وفي حديث علي عليه السلام إذا بلغ النساء نص الحقاق فالعصبة أولى.
قال أبو عبيد يريد الإدراك وبلوغ العقل.
والحقاق أن تقول هذه أنا أحق ويقول أولئك نحن أحق.
حاققته حقاقا.
ومن قال نص الحقائق أراد جمع الحقيقة.
ويقال للرجل إذا خاصم في صغار الأشياء إنه لنزق الحقاق ويقال طعنة محتقة إذا وصلت إلى الجوف لشدتها ويقال هي التي تطعن في حق الورك.
قال الهذلي:
وهلا وقد شرع الأسنة نحوها * من بين محتق بها ومشرم
وقال قوم المحتق الذي يقتل مكانه.
ويقال ثوب محقق إذا كان محكم النسج.
قال:
تسربل جلد وجه أبيك إنا * كفيناك المحققة الرقاقا
والحقة من أولاد الإبل ما استحق أن يحمل عليه والجمع الحقاق.
قال الأعشى:

16
وهم ما هم إذا عزت الخمر * وقامت زقاقهم والحقاق
يقول يباع زق منها بحق.
وفلان حامي الحقيقة إذا حمى ما يحق عليه أن يحميه ويقال الحقيقة الراية.
قال الهذلي:
حامي الحقيقة نسال الوديقة معتاق * الوسيقة لا نكس ولا وان
والأحق من الخيل الذي لا يعرق وهو من الباب لأن ذلك يكون لصلابته وقوته وإحكامه.
قال رجل من الأنصار:
وأقدر مشرف الصهوات ساط * كميت لا أحق ولا شئيت
ومصدره الحقق.
وقال قوم الأقدر أن يسبق موضع رجليه موقع يديه.
والأحق أن يطبق هذا ذاك.
والشئيت أن يقصر موقع حافر رجليه عن موقع حافر يديه.
والحاقة القيامة لأنها تحق بكل شيء.
قال الله تعالى * (وحقت كلمة العذاب على الكافرين) *.
والحقحقة أرفع السير وأتعبه للظهر. وفي حديث

17
مطرف بن عبد الله لابنه خير الأمور أوساطها وشر السير الحقحقة.
والحق ملتقى كل عظمين إلا الظهر ولا يكون ذلك إلا صلبا قويا.
ومن هذا الحق من الخشب كأنه ملتقى الشيء وطبقه.
وهي مؤنثة والجمع حقق.
وهو في شعر رؤبة:
* تقطيط الحقق *
ويقال فلان حقيق بكذا ومحقوق به.
وقال الأعشى:
لمحقوقة أن تستجيبي لصوته * وأن تعلمي أن المعان موفق
قال بعض أهل العلم في قوله تعالى في قصة موسى عليه السلام * (حقيق على الأعراف 15) * قال واجب علي.
ومن قرأها * (حقيق على) * فمعناها حريص على قال الكسائي حق لك أن تفعل هذا وحققت.
وتقول حقا لا أفعل ذلك في اليمين.
قال أبو عبيدة ويدخلون فيه اللام فيقولون لحق لا أفعل ذاك،

18
يرفعونه بغير تنوين.
ويقال حققت الأمر وأحققته أي كنت على يقين منه.
قال الكسائي حققت حذر الرحل وأحققته فعلت ما كان يحذر.
ويقال أحقت الناقة من الربيع أي سمنت.
وقال رجل لتميمي ما حقة حقت على ثلاث حقاق قال هي بكرة معها بكرتان في ربيع واحد سمنت قبل أن تسمنا ثم ضبعت ولم تضبعا ثم لقحت ولم تلقحا.
قال أبو عمرو استحق لقحها إذا وجب.
وأحقت دخلت في ثلاث سنين.
وقد بلغت حقتها إذا صارت حقة.
قال الأعشى:
بحقتها ربطت في اللجين * حتى السديس لها قد أسن
يقال أسن السن نبت.
(حك) الحاء والكاف أصل واحد وهو أن يلتقى شيئان يتمرس كل واحد منهما بصاحبه.
الحك حكك شيئا على شيء.
يقال ما بقيت في فيه حاكة أي سن.
وأحكني رأسي فحككته.
ويقال حك في صدري كذا إذا لم ينشرح صدرك له كأنه شيء شك صدرك فتمرس به.
والحكاكة ما يسقط من الشيئين تحكهما.
والحكيك الحافر النحيت.
ويقولون وهو أصل الباب فلان يتحكك بي أي يتمرس.
قال الفراء إنه لحك شر وحك ضغن.

19
(حل) الحاء واللام له فروع كثيرة ومسائل وأصلها كلها عندي فتح الشيء لا يشذ عنه شيء.
يقال حللت العقدة أحلها حلا.
ويقول العرب يا عاقد اذكر حلا.
والحلال ضد الحرام وهو من الأصل الذي ذكرناه كأنه من حللت الشيء إذا أبحته وأوسعته لأمر فيه.
وحل نزل.
وهو من هذا الباب لأن المسافر يشد ويعقد فإذا نزل حل يقال حللت بالقوم.
وحليل المرأة بعلها وحليلة المرء زوجه.
وسميا بذلك لأن كل واحد منهما يحل عند صاحبه.
قال أبو عبيد كل من نازلك وجاورك فهو حليل.
قال:
ولست بأطلس الثوبين يصبي * حليلته إذا هدأ النيام
أراد جارته.
ويقال سميت الزوجة حليلة لأن كل واحد منهما يحل إزار الآخر.
والحلة معروفة وهي لا تكون إلا ثوبين.
وممكن أن يحمل على الباب فيقال لما كانا اثنين كانت فيهما فرجة.
ومن الباب الإحليل وهو مخرج البول ومخرج اللبن من الضرع.
ومن الباب تحلحل عن مكانه إذا زال.
قال:
* ثهلان ذو الهضبات لا يتحلحل *

20
والحلاحل السيد وهو من الباب ليس بمنغلق محرم كالبخيل المحكم اليابس.
والحلة الحي النزول من العرب قال الأعشى:
لقد كان في شيبان لو كنت عالما * قباب وحي حلة وقبائل
والمحلة المكان ينزل به القوم.
وحي حلال نازلون.
وحل الدين وجب.
والحل ما جاوز الحرم.
ورجل محل من الإحلال ومحرم من الإحرام.
وحل وحلال بمعنى وكذلك في مقابلته حرم وحرام.
وفي الحديث تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ميمونة وهما حلالان.
ورجل محل لا عهد له ومحرم ذو عهد.
قال:
جعلن القنان عن يمين وحزنه * وكم بالقنان من محل ومحرم
وقال قوم من محل يرى دمي حلالا ومحرم يراه حراما.
والحلان الجدي يشق له عن بطن أمه.
قال:
يهدي إليه ذراع الجفر تكرمة * إما ذبيحا وإما كان حلانا
وهو من الباب.
وحللت اليمين أحللها تحليلا.
وفعلت هذا تحلة القسم أي لم أفعل إلا بقدر ما حللت به قسمي أن أفعله ولم أبالغ.
ومنه لا يموت لمؤمن ثلاثة أولاد فتمسه النار إلا تحلة القسم.
يقول بقدر ما يبر الله تعالى قسمه فيه من قوله * (وإن منكم إلا واردها مريم 71) * أي لا يردها إلا بقدر ما يحلل القسم،

21
ثم كثر هذا في الكلام حتى قيل لكل شيء لم يبالغ فيه تحليل يقال ضربته تحليلا ووقعت مناسم هذه الناقة تحليلا إذا لم تبالغ في الوقع بالأرض.
وهو في قول كعب بن زهير:
* وقعهن الأرض تحليل *
فأما قول امرئ القيس:
كبكر المقاناة البياض بصفرة * غذاها نمير الماء غير محلل
ففيه قولان أحدهما أن يكون أراد الشيء القليل وهو نحو ما ذكرناه من التحلة.
والقول الآخر أن يكون غير منزول عليه فيفسد ويكدر.
ويقال أحلت الشاة إذا نزل اللبن في ضرعها من غير نتاج.
والحلال متاع الرحل.
قال الأعشى:
وكأنها لم تلق ستة أشهر * ضرا إذا وضعت إليك حلالها
كذا رواه القاسم بن معن ورواه غيره بالجيم.
والحلال مركب من مراكب النساء.
قال:
* بعير حلال غادرته مجعفل *
ورأيت في بعض الكتب عن سيبويه هو حلة الغور أي قصده.
وأنشد:

22
سرى بعد ما غار النجوم وبعدما * كأن الثريا حلة الغور منخل
أي قصده.
(حم) الحاء والميم فيه تفاوت لأنه متشعب الأبواب جدا.
فأحد أصوله اسوداد والآخر الحرارة والثالث الدنو والحضور والرابع جنس من الصوت والخامس القصد.
فأما السواد فالحمم الفحم.
قال طرفة:
أشجاك الربع أم قدمه * أم رماد دارس حممه
ومنه اليحموم وهو الدخان.
والحمحم نبت أسود وكل أسود حمحم.
ويقال حممته إذا سخمت وجهه بالسخام وهو الفحم.
ومن هذا الباب حمم الفرخ إذا طلع ريشه.
قال:
* حمم فرخ كالشكير الجعد *
وأما الحرارة فالحميم الماء الحار.
والاستحمام الاغتسال به.
ومنه الحم وهي الأليه تذاب فالذي يبقى منها بعد الذوب حم واحدته حمة.
ومنه الحميم وهو العرق.
قال أبو ذؤيب:
تأبى بدرتها إذا ما استغضبت * إلا الحميم فإنه يتبصع

23
ومنه الحمام وهو حمى الإبل.
ويقال أحمت الأرض إذا صارت ذات حمى.
وأنشد الخليل في الحم:
ضما عليها جانبيها ضما * ضم عجوز في إناء حما
وأما الدنو والحضور فيقولون أحمت الحاجة حضرت وأحم الأمر دنا.
وأنشد:
حييا ذلك الغزال الأجما * إن يكن ذلك الفراق أحما
وأما الصوت فالحمحمة حمحمة الفرس عند العلف.
وأما القصد فقولهم حممت حمة أي قصدت قصده.
قال طرفة:
جعلته حم كلكلها * بالعشي ديمة تثمه
ومما شذ عن هذه الأبواب قولهم طلق الرجل امرأته وحممها إذا متعها بثوب أو نحوه.
قال:
أنت الذي وهبت زيدا بعدما * هممت بالعجوز أن تحمما
وأما قولهم احتم الرجل فالحاء مبدلة من هاء وإنما هو من اهتم.
(حن) الحاء والنون أصل واحد وهو الإشفاق والرقة.
وقد يكون ذلك مع صوت بتوجع.
فحنين الناقة نزاعها إلى وطنها.
وقال قوم قد يكون ذلك من غير صوت أيضا.
فأما الصوت فكالحديث الذي جاء في حنين الجذع الذي

24
كان يستند إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم لما عمل له المنبر فترك الاستناد إليه.
والحنان الرحمة.
قال الله تعالى * (وحنانا من لدنا) *.
وتقول حنانك أي رحمتك.
قال:
مجاورة بني شمجى بن جرم * حنانك ربنا يا ذا الحنان
وحنانيك أي حنانا بعد حنان ورحمة بعد رحمة.
قال طرفة:
أبا منذر أفنيت فاستبق بعضنا * حنانيك بعض الشر أهون من بعض
والحنة امرأة الرجل واشتقاقها من الحنين لأن كلا منهما يحن إلى صاحبه.
والحنون ريح إذا هبت كان لها كحنين الإبل.
قال:
* تذعذعها مذعذعة حنون *
وقوس حنانة لأنها تحن عند الإنباض.
قال:
وفي منكبي حنانة عود نبعة * تخيرها لي سوق مكة بائع
ومما شذ عن الباب طريق حنان أي واضح.

25
(حأ) الحاء الهمزة قبيلة. قال:
* طلبت الثأر في حكم وحاء *
(حب) الحاء والباء أصول ثلاثة أحدها اللزوم والثبات والآخر الحبة من الشيء ذي الحب والثالث وصف القصر.
فالأول الحب معروف من الحنطة والشعير.
فأما الحب بالكسر فبزور الرياحين الواحد حبة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوم يخرجون من النار فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل.
قال بعض أهل العلم كل شيء له حب فاسم الحب منه الحبة.
فأما الحنطة والشعير فحب لا غير.
ومن هذا الباب حبة القلب سويداؤه ويقال ثمرته.
ومنه الحبب وهو تنضد الأسنان.
قال طرفة:
وإذا تضحك تبدي حببا * كرضاب المسك بالماء الخصر
وأما اللزوم فالحب والمحبة اشتقاقه من أحبه إذا لزمه.
والمحب البعير الذي يحسر فيلزم مكانه.
قال:
جبت نساء العالمين بالسبب * فهن بعد كلهن كالمحب

26
ويقال المحب بالفتح أيضا.
ويقال أحب البعير إذا قام.
قالوا الإحباب في الإبل مثل الحران في الدواب.
قال:
* ضرب بعير السوء إذ أحبا *
أي وقف.
وأنشد ثعلب لأعرابية تقول لأبيها:
يا أبتا ويها أبه * حسنت إلا الرقبة
فزيننها يا أبه * حتى يجيء الخطبة
* بإبل محبحبه *
معناه أنها من سمنها تقف.
وقد روى بالخاء مخبخبه وله معنى آخر وقد ذكر في بابه.
وأنشد أيضا.
محب كإحباب السقيم وإنما * به أسف أن لا يرى من يساوره
وأما نعت القصر فالحبحاب الرجل القصير.
ومنه قول الهذلي:
دلجي إذا ما الليل جن * على المقرنة الحباحب
فالمقرنة الجبال يدنو بعضها من بعض كأنها قرنت.
والحباحب.

27
الصغار وهو جمع حبحاب.
وأظن أن حباب الماء من هذا.
ويجوز أن يكون من الباب الأولي كأنها حبات.
وقد قالوا حباب الماء معظمه في قوله:
يشق حباب الماء حيزومها بها * كما قسم الترب المفايل باليد
والحباحب اسم رجل مشتق من بعض ما تقدم ذكره.
ويقال إنه كان لا ينتفع بناره فنسبت إليه كل نار لا ينتفع بها.
قال النابغة:
تقد السلوقي المضاعف نسجه * ويوقدن بالصفاح نار الحباحب
ومما شذ عن الباب الحباب وهو الحية.
قالوا وإنما قيل الحباب اسم شيطان لأن الحية شيطان.
وأنشد:
تلاعب مثنى حضرمي كأنه * تمعج شيطان بذي خروع قفر
(حت) الحاء والتاء أصل واحد وهو تساقط الشيء كالورق ونحوه ويحمل عليه ما يقاربه.
فألحت حت الورق من الغصن.
وتحاتت الشجرة.
ويقال حته مائة سوط أي عجلها له كأن ذلك من حت الورق وهو قريب.
ويقال فرس حت أي ذريع يحت العدو حتا والجمع أحتات.
قال:
على حت البراية زمخري السواعد * ظل في شري طوال
وحتات اسم رجل من هذا.

28
(حث) الحاء والثاء أصلان أحدهما الحض على الشيء والآخر يبيس من يبيس الشيء.
فالأول قولهم حثثته على الشيء أحثه.
ومنه الحثيث يقال ولي حثيثا أي مسرعا.
قال سلامة:
ولي حثيثا وهذا الشيب يطلبه * لو كان يدركه ركض اليعاقيب
ومنه الحثحثة وهو اضطراب البرق في السحاب.
وأما الآخر فالحث وهو الحطام اليبيس ويقال الحث الرمل اليابس الخشن.
قال:
* حتى يرى في يابس الثرياء حث *
(حج) الحاء والجيم أصول أربعة.
فالأول القصد وكل قصد حج.
قال:
وأشهد من عوف حلولا كثيرة * يحجون سب الزبرقان المزعفرا
ثم اختص بهذا الاسم القصد إلى البيت الحرام للنسك.
والحجيج الحاج.
قال:
ذكرتك والحجيج لهم ضجيج * بمكة والقلوب لها وجيب

29
ويقال لهم الحج أيضا.
قال:
* حج بأسفل ذي المجاز نزول *
وفي أمثالهم * (لج فحج) *.
ومن أمثالهم الحاج أسمعت وذلك إذا أفشى السر.
أي إنك إذا أسمعت الحجاج فقد أسمعت الخلق.
ومن الباب المحجة وهي جادة الطريق.
قال:
ألا بلغا عني حريثا رسالة * فإنك عن قصد المحجة أنكب
وممكن أن يكون الحجة مشتقة من هذا لأنها تقصد أو بها يقصد الحق المطلوب.
يقال حاججت فلانا فحججته أي غلبته بالحجة وذلك الظفر يكون عند الخصومة والجمع حجج.
والمصدر الحجاج.
ومن الباب حججت الشجة وذلك إذا سبرتها بالميل لأنك قصدت معرفة قدرها.
قال:
* يحج مأمومة في قعرها لجف *
ويقال بل هو أن يصب على دم الشجة السمن فيظهر فيؤخذ بقطنة قال أبو ذؤيب:
وصب عليها المسك حتى كأنها * أسي على أم الدماغ حجيج

30
والأصل الآخر الحجة وهي السنة.
وقد يمكن أن يجمع هذا إلى الأصل الأول لأن الحج في السنة لا يكون إلا مرة واحدة فكأن العام سمي بما فيه من الحج حجة.
قال:
يرضن صعاب الدر في كل حجة * ولو لم تكن أعناقهن عواطلا
قال قوم أراد السنة وقال قوم الحجة هاهنا شحمة الأذن.
ويقال بل الحجة الخرزة أو اللؤلؤة تعلق في الأذن.
وفي القولين نظر.
والأصل الثالث الحجاج وهو العظم المستدير حول العين.
يقال للعظيم الحجاج أحج وجمع الحجاج أحجة.
وزعم أبو عمرو أنه يقال للمكان المتكاهف من الصخرة حجاج.
والأصل الرابع الحجحجة النكوص.
يقال حملوا علينا ثم حجحجوا.
والمحجحج العاجز. قال:
* ضربا طلخفا ليس بالمحجحج *
ويقال أنا لا أحجحج في كذا أي لا أشك.
يقولون لا تذهبن بك حجحجة ولا لجلجة.
ورجل حجحج فسل.

31
(باب الحاء والدال وما يثلثهما)
(حدر) الحاء والدال والراء أصلان الهبوط والامتلاء.
فالأول حدرت الشيء إذا أنزلته.
والحدور فعل الحادر.
والحدور بفتح الحاء المكان تنحدر منه.
والأصل الثاني قولهم للشيء الممتلئ حادر.
يقال عين حدرة بدرة ممتلئة.
وقد مضى شاهده.
وناقة حادرة العينين إذا امتلأتا.
وسميت حدراء لذلك.
ويقال الحيدرة الأسد ويمكن أن يكون اشتقاقه من هذا.
ومنه حدر جلده تورم يحدر حدورا.
وأحدرته إذا ضربته حتى تؤثر فيه.
والحدرة بسكون الدال قرحة تخرج بباطن جفن العين.
ويقال حي ذو حدورة أي ذو اجتماع وكثرة.
قال:
وإني لمن قوم تصيد رماحهم * غداة الصباح ذا الحدورة والحرد
والحدرة الصرمة سميت بذلك لتجمعها.
ومما شذ عن الباب الحادور القرط.
وينشد:
* بائنة المنكب من حادورها *

32
(حدس) الحاء والدال والسين أصل واحد يشبه الرمي والسرعة وما أشبه ذلك.
فالحدس الظن.
وقياسه من الباب أنا نقول رجم بالظن كأنه رمى به.
والحدس سرعة السير.
قال:
* كأنها من بعد سير حدس *
ويقال حدس به الأرض حدسا إذا صرعه.
قال:
........ ترى به * من القوم محدوسا وآخر حادسا
ومنه أيضا حدست في لبة البعير إذا وجأت في لبته.
وحدست الشيء برجلي وطئته.
وحدست الناقة إذا أنختها.
وحدست بسهمي رميت.
(حدق) الحاء والدال والقاف أصل واحد وهو الشيء يحيط بشيء.
يقال حدق القوم بالرجل وأحدقوا به.
قال:
المطعمون بنو حرب وقد حدقت * بي المنية واستبطأت أنصاري
وحدقة العين من هذا وهي السواد لأنها تحيط بالصبي والجمع حداق.
قال:

33
فالعين بعدهم كأن حداقها * سملت بشوك فهي عور تدمع
والتحديق شدة النظر.
والحديقة الأرض ذات الشجر.
والحنديقة الحدقة.
(حدل) الحاء والدال واللام أصل واحد وهو الميل.
يقال رجل أحدل إذا كان في شقه ميل وهو الحدل.
قال أبو عمرو الأحدل الذي في منكبيه ورقبته انكباب على صدره.
ويقال قوس محدلة وحدلاء وذلك إذا تطامنت سيتها.
والحدل ضد العدل.
قال أبو زيد حدل عن الأمر يحدل حدلا.
وإنه لحدل غير عدل.
ومما شذ عن الباب وما أدري أصحيح هو أم لا قولهم الحودل الذكر من القردة.
(حدم) الحاء والدال والميم أصل واحد وهو اشتداد الحر.
يقال احتدم النهار اشتد حره.
واحتدم الحر.
واحتدمت النار.
وللنار حدمة وهو شدتها ويقال صوت التهابها.
قال الخليل أحدمت الشمس [الشيء] فاحتدم واحتدم صدره غيظا.
فأما احتدام الدم فقال قوم اشتدت حمرته حتى يسود والصحيح أن يشتد حره.
قال الفراء قدر حدمة إذا كانت سريعة الغلي وهي ضد الصلود.

34
(حدأ) الحاء والدال والحرف المعتل أصل واحد وهو السوق.
يقال حدا بإبله زجر بها وغنى لها.
ويقال للحمار إذا قدم أتنه هو يحدوها.
قال:
* حادي ثلاث من الحقب السماحيج *
ويقال للسهم إذا مر حداه ريشه وهداه نصله.
ويقال حدوته على كذا أي سقته وبعثته عليه.
ويقال للشمال حدواء لأنها تحدو السحاب أي تسوقه.
قال العجاج:
* حدواء جاءت من أعالي الطور *
وقولهم فلان يتحدى فلانا إذا كان يباريه وينازعه الغلبة.
وهو من هذا الأصل لأنه إذا فعل ذلك فكأنه يحدوه على الأمر.
يقال أنا حدياك لهذا الأمر أي ابرز لي فيه.
قال عمرو بن كلثوم:
* حديا الناس كلهم جميعا *
(حدأ) الحاء والدال والهمزة أصل واحد طائر أو مشبه به.
فالحدأة الطائر المعروف والجمع الحدأ.
قال:
* كما تدانى الحدأ الأوي *

35
ومما يشبه به وغيرت بعض حركاته الحدأة شبه فأس تنقر به الحجارة.
قال:
* كالحدأ الوقيع *
ومما شذ عن الباب حدئ بالمكان لزق.
(حدب) الحاء والدال والباء أصل واحد وهو ارتفاع الشيء.
فالحدب ما ارتفع من الأرض.
قال الله تعالى * (وهم من كل حدب ينسلون) *.
الأنبياء 96 والحدب في الظهر يقال حدب واحدودب.
وناقة حدباء إذا بدت حراقفها وكذلك الحدبار.
يقال هن حدب حدابير.
فأما قولهم حدب عليه إذا عطف وأشفق فهو من هذا لأنه كأنه جنأ عليه من الإشفاق وذلك شبيه بالحدب.
(حدث) الحاء والدال والثاء أصل واحد وهو كون الشيء لم يكن.
يقال حدث أمر بعد أن لم يكن.
والرجل الحدث الطري السن.
والحديث من هذا لأنه كلام يحدث منه الشيء بعد الشيء.
ورجل حدث حسن الحديث.
ورجل حدث نساء إذا كان يتحدث إليهن.
ويقال هذه حديثي حسنة كخطيبي يراد به الحديث.
(حدج) الحاء والدال والجيم أصل واحد يقرب من حدق بالشيء إذا أحاط به.
فالتحديج في النظر مثل التحديق.
ومن الباب الحدج مركب من مراكب النساء.
يقال حدجت البعير إذا شددت عليه الحدج.
قال الأعشى:

36
ألا قل لميثاء ما بالها * أبالليل تحدج أجمالها
ومن الباب الحدج وهو الحنظل إذا اشتد وصلب وإنما قلنا ذلك لأنه مستدير.
(باب الحاء والذال وما يثلثهما)
(حذر) الحاء والذال والراء أصل واحد وهو من التحرز والتيقظ.
يقال حذر يحذر حذرا.
ورجل حذر وحذور وحذريان متيقظ متحرز.
وحذار بمعنى احذر.
قال:
* حذار من أرماحنا حذار *
وقرئت * (وإنا لجميع حاذرون الشعراء 56) * قالوا متأهبون.
و * (حذرون) * خائفون.
والمحذورة الفزع.
فأما الحذرية فالمكان الغليظ ويمكن أن يكون سمي بذلك لأنه يحذر المشي عليه.
(حذق) الحاء والذال والقاف أصل واحد وهو القطع.
يقال حذق السكين الشيء إذا قطعه.
قال:
* فذلك سكين على الحلق حاذق *

37
ومن هذا القياس الرجل الحاذق في صناعته وهو الماهر وذلك أنه يحذق الأمر يقطعه لا يدع فيه متعلقا.
ومنه حذق القرآن.
ومن قياسه الحذاقي وهو الفصيح اللسان وذلك أنه يفصل الأمور يقطعها.
ولذلك يسمى اللسان مفصلا.
والباب كله واحد.
ومن الباب حذق فاه الخل إذا حمزه وذلك كالتقطيع يقع فيه.
(باب الحاء والراء وما يثلثهما)
(حرز) الحاء والراء والزاء أصل واحد وهو من الحفظ والتحفظ يقال حرزته واحترز هو أي تحفظ.
وناس يذهبون إلى أن هذه الزاء مبدلة من سين وأن الأصل الحرس وهو وجه.
وفي الكتاب الذي للخليل أن الحرز جوز محكوك يلعب به والجمع أحراز.
قلنا وهذا شيء لا يعرج عليه ولا معنى له.
(حرس) الحاء والراء والسين أصلان أحدهما الحفظ والآخر زمان.
فالأول حرسه يحرسه حرسا.
والحرس الحراس.
وأما حريسة الجبل التي جاءت في الحديث فيقال هي الشاة يدركها الليل قبل أويها إلى مأواها فكأنها حرست هناك.
وقال أبو عبيدة في حريسة الجبل يجعلها بعضهم السرقة نفسها يقال حرس يحرس حرسا إذا سرق.
وهذا إن صح فهو قريب من الباب لأن السارق يرقب الشيء كأنه يحرسه حتى يتمكن منه.
والأول أصح.

38
وذلك قول أهل اللغة إن الحريسة هي المحروسة.
فيقول ليس فيما يحرس بالجبل قطع لأنه ليس بموضع حرز.
(حرش) الحاء والراء والشين أصل واحد يرجع إليه فروع الباب.
وهو الأثر والتحزيز.
فالحرش الأثر ومنه سمي الرجل حراشا.
ولذلك يسمون الدينار أحرش لأن فيه خشونة.
ويسمون الضب أحرش لأن في جلده خشونة وتحزيزا.
ومن هذا الباب حرشت الضب وذلك أن تمسح جحره وتحرك يدك حتى يظن أنها حية فيخرج ذنبه فتأخذه.
وذلك المسح له أثر فهو من القياس الذي ذكرناه.
والحريش نوع من الحيات أرقط.
وربما قالوا حية حرشاء كما يقولون رقطاء.
قال:
بحرشاء مطحان كأن فحيحها * إذا فزعت ماء هريق على جمر
والحرشاء حبة تنبت شبيهة بالخردل.
قال أبو النجم:
* وانحت من حرشاء فلج خردله *
فأما قولهم حرشت بينهم إذا أغريت وألقيت العداوة فهو من الباب لأن ذلك كتحزيز يقع في الصدور والقلوب.
ومن ذلك تسميتهم النقبة وهي أول الجرب يبدو حرشاء.
يقال نقبة حرشاء وهي الباثرة التي لم تطل.
وأنشد:

39
وحتى كأني يتقي بي معبد * به نقبة حرشاء لم تلق طاليا
فأما قوله:
* كما تطاير مندوف الحراشين *
فيقال إنه شيء في القطن لا تديثه المطارق ولا يكون ذلك إلا لخشونة فيه.
(حرص) الحاء والراء والصاد أصلان أحدهما الشق والآخر الجشع.
فالأول الحرص الشق يقال حرص القصار الثوب إذا شقه.
والحارصة من الشجاج التي تشق الجلد.
ومنه الحريصة والحارصة وهي السحابة التي تقشر وجه الأرض من شدة وقع مطرها.
قال:
* انهلال حريصة *
وأما الجشع والإفراط في الرغبة فيقال حرص إذا جشع يحرص حرصا فهو حريص.
قال الله تعالى * (إن تحرص على هداهم النحل 37) *.
ويقال حرص المرعى إذا لم يترك منه شيء وذلك من الباب كأنه قشر عن وجه الأرض.

40
(حرض) الحاء والراء والضاد أصلان أحدهما نبت والآخر دليل الذهاب والتلف والهلاك والضعف وشبه ذلك.
فأما الأول فالحرض الأشنان ومعالجه الحراض.
والإحريض العصفر.
قال:
* ملتهب كلهب الإحريض *
والأصل الثاني الحرض وهو المشرف على الهلاك.
قال الله تعالى * (حتى تكون حرضا يوسف 85) *.
ويقال حرضت فلانا على كذا.
زعم ناس أن هذا من الباب.
قال أبو إسحاق البصري الزجاج وذلك أنه إذا خالف فقد أفسد.
وقوله تعالى * (حرض المؤمنين على القتال الأنفال 65) * لأنهم إذا خالفوه فقد أهلكوا.
وسائر الباب مقارب هذا لأنهم يقولون هو حرضة وهو الذي يناول قداح الميسر ليضرب بها.
ويقال إنه لا يأكل اللحم أبدا بثمن إنما يأكل ما يعطى فيسمى حرضة لأنه لا خير عنده.
ومن الباب قولهم للذي لا يقاتل ولا غناء عنده ولا سلاح معه حرض.
قال الطرماح:
* حماة للعزل الأحراض *
ويقال حرض الشيء وأحرضه غيره إذا فسد وأفسده غيره.
وأحرض

41
الرجل إذا ولد له ولد سوء.
وربما قالوا حرض الحالبان الناقة إذا احتلبا لبنها كله.
(حرف) الحاء والراء والفاء ثلاثة أصول حد الشيء والعدول وتقدير الشيء.
فأما الحد فحرف كل شيء حده كالسيف وغيره ومنه الحرف وهو الوجه.
تقول هو من أمره على حرف واحد أي طريقة واحدة.
قال الله تعالى * (ومن الناس من يعبد الله على حرف) *.
أي على وجه واحد.
وذلك أن العبد يجب عليه طاعة ربه تعالى عند السراء والضراء فإذا أطاعه عند السراء وعصاه عند الضراء فقد عبده على حرف.
ألا تراه قال تعالى * (فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه) *.
ويقال للناقة حرف.
قال قوم هي الضامر شبهت بحرف السيف.
وقال آخرون بل هي الضخمة شبهت بحرف الجبل وهو جانبه.
قال أوس:
حرف أخوها أبوها من مهجنة * وعمها خالها قوداء مئشير
وقال كعب بن زهير:
حرف أخوها أبوها من مهجنة * وعمها خالها جرداء شمليل
والأصل الثاني الانحراف عن الشيء.
يقال انحرف عنه ينحرف انحرافا.
وحرفته أنا عنه أي عدلت به عنه.
ولذلك يقال محارف وذلك إذا حورف كسبه

42
فميل به عنه وذلك كتحريف الكلام وهو عدله عن جهته.
قال الله تعالى * (يحرفون الكلم عن مواضعه) *.
والأصل الثالث المحراف حديدة يقدر بها الجراحات عند العلاج.
قال:
إذا الطبيب بمحرافيه عالجها * زادت على النقر أو تحريكها ضجما
وزعم ناس أن المحارف من هذا كأنه قدر عليه رزقه كما تقدر الجراحة بالمحراف.
ومن هذا الباب فلان يحرف لعياله أي يكسب.
وأجود من هذا أن يقال فيه إن الفاء مبدلة من ثاء.
وهو من حرث أي كسب وجمع.
وربما قالوا أحرف فلان إحرافا إذا نما ماله وصلح.
وفلان حريف فلان أي معامله.
وكل ذلك من حرف واحترف أي كسب.
والأصل ما ذكرناه.
(حرق) الحاء والراء والقاف أصلان أحدهما حك الشيء بالشيء مع حرارة والتهاب وإليه يرجع فروع كثيرة.
والآخر شيء من البدن.
فالأول قولهم حرقت الشيء إذا بردت وحككت بعضه ببعض.
والعرب تقول هو يحرق عليك الأرم غيظا وذلك إذا حك أسنانه بعضها ببعض.
والأرم هي الأسنان.
قال:
نبئت أحماء سليمى إنما * باتوا غضابا يحرقون الأرما

43
وقرأ ناس * (لنحرقنه ثم لننسفنه) * قالوا معناه لنبردنه بالمبارد.
والحرق النار.
والحرق في الثوب.
والحروقاء هذا الذي يقال له الحراق.
وكل ذلك قياسه واحد.
ومن الباب قولهم للذي ينقطع شعره وينسل حرق.
قال:
* حرق المفارق كالبراء الأعفر *
والحرقان المذح في الفخذين وهو من احتكاك إحداهما بالأخرى.
ويقال فرس حراق إذا كان يتحرق في عدوه.
وسحاب حرق إذا كان شديد البرق.
وأحرقني الناس بلومهم آذوني.
ويقال إن المحارقة جنس من المباضعة.
وماء حراق ملح شديد الملوحة.
وأما الأصل الآخر فالحارقة وهي العصب الذي يكون في الورك.
يقال رجل محروق إذا انقطعت حارقته.
قال:
* يشول بالمحجن كالمحروق *

44
(حرك) الحاء والراء والكاف أصل واحد فالحركة ضد السكون.
ومن الباب الحاركان وهما ملتقى الكتفين لأنهما لا يزالان يتحركان.
وكذلك الحراكيك وهي الحراقف واحدتها حرككة.
(حرم) الحاء والراء والميم أصل واحد وهو المنع والتشديد.
فالحرام ضد الحلال.
قال الله تعالى * (وحرام على قرية أهلكناها الأنبياء 95) *.
وقرئت وحرم.
وسوط محرم إذا لم يلين بعد.
قال الأعشى:
* تحاذر كفي والقطيع المحرما *
والقطيع السوط والمحرم الذي لم يمرن ولم يلين بعد.
والحريم حريم البئر وهو ما حولها يحرم على غير صاحبها أن يحفر فيه.
والحرمان مكة والمدينة سميا بذلك لحرمتهما وأنه حرم أن يحدث فيهما أو يؤوى محدث.
وأحرم الرجل بالحج لأنه يحرم عليه ما كان حلالا له من الصيد والنساء وغير ذلك.
وأحرم الرجل دخل في الشهر الحرام.
قال:
قتلوا ابن عفان الخليفة محرما * فمضى ولم أر مثله مقتولا
ويقال المحرم الذي له ذمة.
ويقال أحرمت الرجل قمرته كأنك حرمته ما طمع فيه منك.
وكذلك حرم هو يحرم حرما إذا لم يقمر.
والقياس واحد،

45
كأنه منع ما طمع فيه.
وحرمت الرجل العطية حرمانا وأحرمته وهي لغة رديئة.
قال:
ونبئتها أحرمت قومها * لتنكح في معشر آخرينا
ومحارم الليل مخاوفه التي يحرم على الجبان أن يسلكها.
وأنشد ثعلب:
والله للنوم وبيض دمج * أهون من ليل قلاص تمعج
محارم الليل لهن بهرج * حين ينام الورع المزلج
ويقال من الإحرام بالحج قوم حرم وحرام ورجل حرام.
ورجل حرمي منسوب إلى الحرم.
قال النابغة:
لصوت حرمية قالت وقد رحلوا * هل في مخفيكم من يبتغى أدما
والحريم الذي حرم مسه فلا يدنى منه.
وكانت العرب إذا حدوا ألقوا ما عليهم من ثيابهم فلم يلبسوها في الحرم ويسمى الثوب إذا حرم لبسه الحريم.
قال:
كفى حزنا مري عليه كأنه * لقى بين أيدي الطائفين حريم
ويقال بين القوم حرمة ومحرمة وذلك مشتق من أنه حرام إضاعته وترك حفظه.
ويقال إن الحريمة اسم ما فات من كل هم مطموع فيه.
ومما شذ الحيرمة البقرة.

46
(حرن) الحاء والراء والنون أصل واحد وهو لزوم الشيء للشيء لا يكاد يفارقه.
فالحران في الدابة معروف يقال حرن وحرن.
والمحارن من النحل اللواتي يلصقن بالشهد فلا يبرحن أو ينزعن.
قال:
* صوت المحابض ينزعن المحارينا *
وكذلك قول الشماخ:
فما أروى ولو كرمت علينا * بأدنى من موقفة حرون
هي التي لا تبرح أعلى الجبل.
ويقال حرن في البيع فلا يزيد ولا ينقص.
(حروى) الحاء والراء وما بعدها معتل.
أصول ثلاثة فالأول جنس من الحرارة والثاني القرب والقصد والثالث الرجوع.
فالأول الحرو.
من قولك وجدت في فمي حروة وحراوة وهي حرارة من شيء يؤكل كالخردل ونحوه.
ومن هذا القياس حراة النار وهو التهابها.
ومنه الحرة الصوت والجلبة.
وأما القرب والقصد فقولهم أنت حرى أن تفعل كذا.
ولا يثنى على هذا اللفظ ولا يجمع.
فإذا قلت حري قلت حريان وحريون وأحرياء للجماعة.
وتقول هذا الأمر محراة لكذا.
ومنه قولهم هو يتحرى الأمر أي يقصده ويقال إن

47
الحرا مقصور موضع البيض وهو الأفحوص.
ومنه تحرى بالمكان تلبث.
ومنه قولهم نزلت بحراه وبعراه أي بعقوته.
والثالث قولهم حرى الشيء يحري حريا إذا رجع ونقص.
وأحراه الزمان.
ويقال للأفعى التي كبرت ونقص جسمها حارية.
وفي الدعاء عليه يقولون رماه الله بأفعى حارية لأنها تنقص من مرور الزمان عليها وتحري فذلك أخبث.
وفي الحديث لما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل جسم أبي بكر يحري حتى لحق به.
(حرب) الحاء والراء والباء أصول ثلاثة أحدها السلب والآخر دويبة والثالث بعض المجالس.
فالأول الحرب واشتقاقها من الحرب وهو السلب.
يقال حربته ماله وقد حرب ماله أي سلبه حربا.
والحريب المحروب ورجل محراب شجاع قؤوم بأمر الحرب مباشر لها.
وحريبة الرجل ماله الذي يعيش به فإذا سلبه لم يقم بعده.
ويقال أسد حرب أي من شدة غضبه كأنه حرب شيئا أي سلبه.
وكذلك الرجل الحرب.
وأما الدويبة ف الحرباء.
يقال أرض محربئة إذا كثر حرباؤها.
وبها شبه الحرباء وهي مسامير الدروع.
وكذلك حرابي المتن وهي لحماته.
والثالث المحراب وهو صدر المجلس والجمع محاريب.
ويقولون المحراب الغرفة في قوله تعالى * (فخرج على قومه من المحراب مريم 11) *.
وقال:

48
ربة محراب إذا جئتها * لم ألقها أو أرتقي سلما
ومما شذ عن هذه الأصول الحربة.
ذكر ابن دريد أنها الغرارة السوداء.
وأنشد:
وصاحب صاحبت غير أبعدا * تراه بين الحربتين مسندا
(حرت) الحاء والراء والتاء أصل واحد وهو الدلك يقال حرته حرتا إذا دلكه دلكا شديدا.
(حرث) الحاء والراء والثاء أصلان متفاوتان أحدهما الجمع والكسب والآخر أن يهزل الشيء.
فالأول الحرث وهو الكسب والجمع وبه سمي الرجل حارثا.
وفي الحديث: احرث لدنياك كأنك تعيش أبدا واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا.
ومن هذا الباب حرث الزرع.
والمرأة حرث الزوج فهذا تشبيه وذلك أنها مزدرع ولده.
قال الله تعالى * (نساؤكم حرث لكم البقرة 223) *.
والأحرثة مجاري الأوتار في الأفواق لأنها تجمعها.
وأما الأصل الأخر فيقال حرث ناقته هزلها وأحرثها أيضا.
ومن ذلك قول الأنصار لما قال لهم معاوية ما فعلت نواضحكم قالوا أحرثناها يوم بدر.

49
(حرج) الحاء والراء والجيم أصل واحد وهو معظم الباب وإليه مرجع فروعه وذلك تجمع الشيء وضيقه.
فمنه الحرج جمع حرجة وهي مجتمع شجر.
ويقال في الجمع حرجات.
قال:
أيا حرجات الحي حين تحملوا * بذي سلم لا جادكن ربيع
ويقال حراج أيضا.
قال:
* عاين حيا كالحراج نعمه *
ومن ذلك الحرج الإثم والحرج الضيق.
قال الله تعالى:
* (ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا الأنعام 125) *.
ويقال حرجت العين تحرج أي تحار.
وتقول حرج علي ظلمك أي حرم.
ويقال أحرجها بتطليقة أي حرمها.
ويقولون أكسعها بالمحرجات يريدون بثلاث تطليقات.
والحرج السرير الذي تحمل عليه الموتى.
والمحفة حرج.
قال:
فإما تريني في رحالة جابر * على حرج كالقر تخفق أكفاني
وناقة حرج وحرجوج ضامرة وذلك تداخل عظامها ولحمها.
ومنه الحرج الرجل الذي لا يكاد يبرح القتال.
ومما شذ عن هذا الباب قولهم إن الحرج الودعة والجمع أحراج.
ويقال هو نصيب الكلب من لحم الصيد.
قال جحدر:

50
وتقدمي لليث أرسف موثقا * حتى أكابره على الأحراج
ويقال الحرج الحبال تنصب.
قال:
* كأنها حرج حابل *
(حرد) الحاء والراء والدال أصول ثلاثة القصد والغضب والتنحي.
فالأول القصد.
يقال حرد حرده أي قصد قصده. قال الله تعالى: * (وغدوا على حرد قادرين) * وقال:
أقبل سيل جاء من عند الله * يحرد حرد الجنة المغلة
ومن هذا الباب الحرود مباعر الإبل واحدها حرد.
والثاني الغضب يقال حرد الرجل غضب حردا بسكون الراء.
قال الطرماح:
* وابن سلمى على حرد *
ويقال أسد حارد.
قال:

51
لعلك يوما أن تريني كأنما * بنى حوالي الليوث الحوارد
والثالث التنحي والعدول.
يقال نزل فلان حريدا أي متنحيا وكوكب حريد.
قال جرير:
نبني على سنن العدو بيوتنا * لا نستجير ولا نحل حريدا
قال أبو زيد الحريد هاهنا المتحول عن قومه.
وقد حرد حرودا.
يقول إنا لا ننزل في غير قومنا من ضعف وذلة لقوتنا وكثرتنا.
والمحرد من كل شيء المعوج.
وحاردت الناقة إذا قل لبنها وذلك أنها عدلت عما كانت عليه من الدر.
وكذلك حاردت السنة إذا قل مطرها.
وحبل محرد إذا ضفر فصارت له حرفة لاعوجاجه.
(حرذ) الحاء والراء والذال ليس أصلا وليست فيه عربية صحيحة.
وقد قالوا إن الحرذون دويبة.
(باب الحاء والزاء وما يثلثهما)
(حزق) الحاء والزاء والقاف أصل واحد وهو تجمع الشيء.
ومن ذلك الحزق الجماعات قال عنترة:

52
* حزق يمانية لأعجم طمطم *
والحزيقة من النخل الجماعة.
ومن ذلك الحزقة الرجل القصير وسمي بذلك لتجمع خلقه.
والحزق شد القوس بالوتر.
والرجل المتحزق المتشدد على ما في يديه بخلا.
ويقولون الحازق الذي ضاق عليه خفه.
والقياس في الباب كله واحد.
(حزك) الحاء والزاء والكاف كلمة واحدة أراها من باب الإبدال وأنها ليست أصلا.
وهو الاحتزاك وذلك الاحتزام بالثوب.
فإما أن يكون الكاف بدل ميم وإما أن يكون الزاء بدلا من باء وأنه الاحتباك.
وقد ذكر الاحتباك في بابه.
(حزل) الحاء والزاء واللام أصل واحد وهو ارتفاع الشيء.
يقال احزأل إذا ارتفع.
واحزألت الإبل على متن الأرض في السير ارتفعت.
واحزأل الجبل ارتفع في السراب.
(حزم) الحاء والزاء والميم أصل واحد وهو شد الشيء وجمعه قياس مطرد.
فالحزم جودة الرأي وكذلك الحزامة وذلك اجتماعه وألا يكون مضطربا منتشرا.
والحزام للسرج من هذا.
والمتحزم المتلبب.
والحزمة من الحطب وغيره معروفة.
الحيزوم والحزيم الصدر لأنه مجتمع عظامه ومشدها.

53
يقول العرب شددت لهذا الأمر حزيمي.
قال أبو خراش يصف عقابا:
رأت قنصا على فوت فضمت * إلى حيزومها ريشا رطيبا
أي كاد الصيد يفوتها.
والرطيب الناعم.
أي كسرت جناحها حين رأت الصيد لتنقض.
وأما قول القائل:
* أعددت حزمة وهي مقربة *
فهي فرس واسمها مشتق مما ذكرناه والحزم كالغصص في الصدر يقال حزم يحزم حزما ولا يكون ذلك إلا من تجمع شيء هناك.
فأما الحزم من الأرض فقد يكون من هذا ويكون من أن يقلب النون ميما والأصل حزن وإنما قلبوها ميما لأن الحزم فيما يقولون أرفع من الحزن.
(حزن) الحاء والزاء والنون أصل واحد وهو خشونة الشيء وشدة فيه.
فمن ذلك الحزن وهو ما غلظ من الأرض.
والحزن معروف يقال حزنني الشيء يحزنني وقد قالوا أحزنني.
وحزانتك أهلك ومن تتحزن له.
(حزوى) الحاء والزاء والحرف المعتل أصل قليل الكلم وهو الارتفاع.
يقال حزا السراب الشيء يحزوه إذا رفعه.
ومنه حزوت الشيء وحزيته

54
إذا خرصته.
وهو من الباب لأنك تفعل ذلك ثم ترفعه ليعلم كم هو.
وقد جعلوا في هذا من المهموز كلمة فقالوا حزأت الإبل أحزؤها حزءا إذا جمعتها وسقتها وذلك أيضا رفع في السير.
فأما الحزاء فنبت.
(حزب) الحاء والزاء والباء أصل واحد وهو تجمع الشيء.
فمن ذلك الحزب الجماعة من الناس.
قال الله تعالى: * (كل حزب بما لديهم فرحون المؤمنون 53).
والطائفة من كل شيء حزب.
يقال قرأ حزبه من القرآن.
والحزباء الأرض الغليظة.
والحزابية الحمار المجموع الخلق.
ومن هذا الباب الحيزبون العجوز وزادوا فيه الياء والواو والنون كما يفعلونه في مثل هذا ليكون أبلغ في الوصف الذي يريدونه.
(حزر) الحاء والزاء والراء أصلان أحدهما اشتداد الشيء والثاني جنس من إعمال الرأي.
فالأصل الأول الحزاور وهي الروابي واحدتها حزورة.
ومنه الغلام الحزور وذلك إذا اشتد وقوي والجمع حزاورة.
ومن ذلك حزر اللبن والنبيذ إذا اشتدت حموضته.
وهو حازر.
قال:
* بعد الذي عدا القروص فحزر *
وأما الثالث فقولهم حزرت الشيء إذا خرصته وأنا حازر.
ويجوز أن

55
يحمل على هذا قولهم لخيار المال حزرات.
وفي الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث مصدقا فقال:
(لا تأخذ من حزرات أموال الناس شيئا.
خذ الشارف والبكر وذا العيب).
فالحزرات الخيار كأن المصدق يحزر فيعمل رأيه فيأخذ الخيار.
(باب الحاء والسين وما يثلثهما)
(حسف) الحاء والسين والفاء أصل واحد وهو شيء يتقشر عن شيء ويسقط.
فمن ذلك الحسافة وهو ما سقط من التمر والثمر.
ويقال انحسف الشيء إذا تفتت في يدك.
وأما الحسيفة وهي العداوة فجائز أن يكون من هذا الباب.
والذي عندي أنها من باب الإبدال وأن الأصل الحسيكة فأبدلت الكاف فاء.
وقد ذكرت الحسيكة وقياسها بعد هذا الباب.
ويقال الحسف الشوك وهو من الباب.
(حسك) الحاء والسين والكاف من خشونة الشيء لا يخرج مسائلة عنه.
فمن ذلك الحسك وهو حسك السعدان وسمي بذلك لخشونته وما عليه من شوك.
ومن ذلك الحسيكة وهي العداوة وما يضم في القلب من خشونة.
ومن ذلك الحسكك وهو القنفذ.
والقياس في جميعه واحد.

56
(حسل) الحاء والسين واللام أصل واحد قليل الكلم وهو ولد الضب يقال له الحسل والجمع حسول.
ويقولون في المثل لا آتيك سن الحسل أي لا آتيك أبدا.
وذلك أن الضب لا يسقط له سن.
ويكنى الضب أبا الحسل.
والحسيل ولد البقر لا واحد له من لفظه.
قال:
* وهن كأذناب الحسيل صوادر *
(حسم) الحاء والسين والميم أصل واحد وهو قطع الشيء عن آخره.
فالحسم القطع.
وسمي السيف حساما.
ويقال حسامه حده أي ذلك كان فهو من القطع.
فأما قوله تعالى: * (وثمانية أيام حسوما الحاقة 7) * فيقال هي المتتابعة.
ويقال الحسوم الشؤم.
ويقال سميت حسوما لأنها حسمت الخير عن أهلها.
وهذا القول أقيس لما ذكرناه.
ويقال للصبي السيء الغذاء محسوم كأنه قطع نماؤه لما حسم غذاؤه.
والحسم أن تقطع عرقا وتكويه بالنار كي لا تسيل دمه.
ولذلك يقال احسم عنك هذا الأمر أي اقطعه واكفه نفسك.
(حسن) الحاء والسين والنون أصل واحد.
فالحسن ضد القبح.
يقال رجل حسن وامرأة حسناء وحسانة.
قال:
دار الفتاة التي كنا نقول لها * يا ظبية عطلا حسانة الجيد

57
وليس في الباب إلا هذا.
ويقولون الحسن جبل وحبل من حبال الرمل.
قال:
لأم الأرض ويل ما أجنت * غداة أضر بالحسن السبيل
والمحاسن من الإنسان وغيره ضد المساوي.
والحسن من الذراع النصف الذي يلي الكوع وأحسبه سمي بذلك مقابلة بالنصف الآخر لأنهم يسمون النصف الذي يلي المرفق القبيح وهو الذي يقال له كسر قبيح.
قال:
لو كنت عيرا كنت عير مذلة * ولو كنت كسرا كنت كسر قبيح
(حسوى) الحاء والسين والحرف المعتل أصل واحد ثم يشتق منه.
وهو حسو الشيء المائع كالماء واللبن وغيرهما يقال منه حسوت اللبن وغيره حسوا.
ويقال في المثل:
لمثل ذا كنت أحسيك الحسى.
والأصل الفارس يغذو فرسه بالألبان يحسيها إياه ثم يحتاج إليه في طلب أو هزب فيقول لهذا كنت أفعل بك ما أفعل.
ثم يقال ذلك لكل من رشح لأمر.
والعرب تقول في أمثالها هو بسر حسوا في ارتغاء أي إنه يوهم أنه يتناول رغوة اللبن وإنما الذي يريده شرب اللبن نفسه.
يضرب ذلك لمن يمكر يظهر أمرا وهو يريد غيره.
ويقولون نوم كحسو الطائر أي قليل.
ويقولون:

58
شربت حسوا وحساء.
وكان يقال لابن جدعان حاسى الذهب لأنه كان له إناء من ذهب يحسو منه.
والحسي مكان إذا نحي عنه رمله نبع ماؤه.
قال:
تجم جموم الحسي جاشت غروبه * وبرده من تحت غيل وأبطح
فهذا أيضا من الأول كأن ماءه يحسى.
ومما هو محمول عليه احتسيت الخبر وتحسيت مثل تحسست وحسيت بالشيء مثل حسست.
وقال:
سوى أن العتاق من المطايا * حسين به فهن إليه شوس
وهذا ممكن أن يكون أيضا من الباب الذي يقلبونه عند التضعيف ياء مثل قصيت أظفاري وتقضى البازي وهو قريب من الأمرين وحسي الغميم مكان.
(حسب) الحاء والسين والباء أصول أربعة.
فالأول العد.
تقول حسبت الشيء أحسبه حسبا وحسبانا.
قال الله تعالى: * (الشمس والقمر بحسبان الرحمان 5) *.
ومن قياس الباب الحسبان الظن وذلك أنه فرق بينه وبين العد بتغيير الحركة والتصريف والمعنى واحد لأنه إذا قال حسبته كذا فكأنه قال هو في الذي أعده من الأمور الكائنة.
ومن الباب الحسب الذي يعد من الإنسان.
قال أهل اللغة معناه أن يعد آباء أشرافا.

59
ومن هذا الباب قولهم احتسب فلان ابنه إذا مات كبيرا.
وذلك أن يعده في الأشياء المذخورة له عند الله تعالى.
والحسبة احتسابك الأجر وفلان حسن الحسبة بالأمر إذا كان حسن التدبير وليس من احتساب الأجر.
وهذا أيضا من الباب لأنه إذا كان حسن التدبير للأمر كان عالما بعداد كل شيء وموضعه من الرأي والصواب.
والقياس كله واحد.
والأصل الثاني الكفاية.
تقول شيء حساب أي كاف.
ويقال: أحسبت فلانا إذا أعطيته ما يرضيه وكذلك حسبته.
قالت امرأة:
ونقفي وليد الحي إن كان جائعا * ونحسبه إن كان ليس بجائع
والأصل الثالث الحسبان وهي جمع حسبانة وهي الوسادة الصغيرة.
وقد حسبت الرجل أحسبه إذا أجلسته عليها ووسدته إياها.
ومنه قول القائل:
* غداة ثوى في الرمل غير محسب *
وقال آخر:
يا عام لو قدرت عليك رماحنا * والراقصات إلى منى فالغبغب
للمست بالوكعاء طعنة ثائر * حران أو لثويت غير محسب

60
ومن هذا الأصل الحسبان سهام صغار يرمى بها عن القسي الفارسية الواحدة حسبانه.
وإنما فرق بينهما لصغر هذه وكبر تلك.
ومنه قولهم أصاب الأرض حسبان أي جراد.
وفسر قوله تعالى: * (أو يرسل عليها حسبانا من السماء الكهف 40) * بالبرد.
والأصل الرابع الأحسب الذي ابيضت جلدته من داء ففسدت شعرته كأنه أبرص.
قال:
يا هند لا تنكحي بوهة * عليه عقيقته أحسبا
وقد يتفق في أصول الأبواب هذا التفاوت الذي تراه في هذه الأصول الأربعة.
(حسد) الحاء والسين والدال أصل واحد وهو الحسد.
(حسر) الحاء والسين والراء أصل واحد وهو من كشف الشيء.
يقال حسرت عن الذراع أي كشفته.
والحاسر الذي لا درع عليه ولا مغفر.
ويقال حسرت البيت كنسته.
ويقال إن المحسرة المكنسة.
وفلان كريم المحسر أي كريم المخبر أي إذا كشفت عن أخلاقه وجدت ثم كريما.
قال:
أرقت فما أدري أسقم طبها * أم من فراق أخ كريم المحسر

61
ومن الباب الحسرة التلهف على الشيء الفائت.
ويقال حسرت عليه حسرا وحسرة وذلك انكشاف أمره في جزعه وقلة صبره.
ومنه ناقة حسرى إذا ظلعت.
وحسر البصر إذا كل وهو حسير وذلك انكشاف حاله في قلة بصره وضعفه.
والمحسر المحقر كأنه حسر أي جعل ذا حسرة.
وقد فسرناها.
(باب الحاء والشين وما يثلثهما)
(حشف) الحاء والشين والفاء أصل واحد يدل على رخاوة وضعف وخلوقة.
فأول ذلك الحشف وهو أردأ التمر.
ويقولون في أمثالهم أحشفا وسوء كيلة للرجل يجمع أمرين رديين.
قال امرؤ القيس:
كأن قلوب الطير رطبا ويابسا * لدى وكرها العناب والحشف البالي
وإنما ذكر قلوبها لأنها أطيب ما في الطير وهي تأتي فراخها بها.
ويقال حشف خلف الناقة إذا ارتفع منه اللبن.
والحشيف الثوب الخلق.
وقد تحشف الرجل لبس الحشيف.
قال:
يدنى الحشيف عليها كي يواريها * ونفسها وهو للأطمار لباس

62
والحشفة العجوز الكبيرة والخميرة اليابسة والصخرة الرخوة حولها السهل من الأرض.
(حشك) الحاء والشين والكاف أصل واحد وهو تجمع الشيء.
يقال حشكت الناقة إذا تركتها لا تحلبها فتجمع لبنها وهي محشوكة.
قال:
* غدت وهي محشوكة حافل *
وحشك القوم إذا حشدوا.
وحشكت السحابة كثر ماؤها.
ومنه قولهم للنخلة الكثيرة الحمل حاشك.
وحشكت السماء أتت بمطرها.
وربما حملوا عليه فقالوا قوس حاشكة وهي الطروح البعيدة المرمى.
وحشاك نهر.
(حشم) الحاء والشين والميم أصل مشترك وهو الغضب أو قريب منه.
قال أهل اللغة الحشمة الانقباض والاستحياء.
وقال قوم هو الغضب.
قال ابن قتيبة روي عن بعض فصحاء العرب إن ذلك مما يحشم بني فلان أي يغضبهم.
وذكر آخر أن العرب لا تعرف الحشمة إلا الغضب وأن قولهم لحشم الرجل خدمه إنما معناه أنهم الذين يغضب لهم ويغضبون له.
قال أبو عبيد قال أبو زيد حشمت الرجل أحشمه وأحشمته وهو أن يجلس إليك فتؤذيه وتسمعه ما يكره.
وابن الأعرابي يقول حشمته فحشم أي أخجلته.
وأحشمته أغضبته وأنشد:

63
لعمرك إن قرص أبي خبيب * بطيء النضج محشوم الأكيل
(حشن) الحاء والشين والنون أصل واحد وهو تغير الشيء بما يتعلق به من درن.
ثم يشتق منه.
فأما الأول فقولهم فيما رواه الخليل حشن السقاء إذا حقن لبنا ولم يتعهد بغسل فتغير ظاهره وأنتن.
وأما القياس فقال أبو عبيد الحشنة بتقديم الحاء على الشين الحقد.
وأنشد:
ألا لا أرى ذا حشنة في فؤاده * يجمجمها إلا سيبدو دفينها
قال غيره ومن ذلك قولهم قال فلان لفلان حتى حشن صدره.
(حشوى) الحاء والشين وما بعدها معتل أصل واحد وربما همز فيكون المعنيان متقاربين أيضا.
وهو أن يودع الشيء وعاء باستقصاء.
يقال حشوته أحشوه حشوا.
وحشوة الإنسان والدابة أمعاؤه.
ويقال فلان من حشوة بني فلان أي من رذالهم.
وإنما قيل ذلك لأن الذي تحشى به الأشياء لا يكون من أفخر المتاع بل أدونه.
والمحشي ما تحتشى به المرأة تعظم به عجيزتها والجمع المحاشي.
قال:
* جما غنيات عن المحاشي *

64
والحشا حشا الإنسان والجمع أحشاء.
والحشا الناحية وهو من قياس الباب لأن لكل ناحية أهلا فكأنهم حشوها.
يقال ما أدري بأي حشا هو.
قال:
* بأي الحشا أمسى الخليط المباين *
ومن المهموز وهو من قياس الباب غير بعيد منه قولهم حشأته بالسهم أحشوه إذا أصبت به جنبه.
قال:
فلأحشأنك مشقصا * أوسا أويس من الهبالة
ومنه حشأت المرأة كناية عن الجماع.
والحشا غير مهموز الربو يقال حشي يحشى حشا فهو حش كما ترى.
فأما قول النابغة:
جمع محاشك يا يزيد فإنني * أعددت يربوعا لكم وتميما
فله وجهان أحدهما أن يكون ميمه أصلية وقد ذكر في بابه.
والوجه الآخر أن يكون الميم زائدة ويكون مفعلا من الحشو كأنه أراد اللفيف والأشابة وكان ينبغي أن يكون محشي فقلب.
(حشب) الحاء والشين والباء قريب المعنى مما قبله.
فيقال الحوشب العظيم البطن.
قال:

65
وتجر مجرية لها * لحمي إلى أجر حواشب
والحوشب حشو الحافر ويقال بل هو عظم في باطن الحافر بين العصب والوظيف.
قال رؤبة:
* في رسغ لا يتشكى الحوشبا *
(حشد) الحاء والشين والدال قريب المعنى من الذي قبله.
يقال حشد القوم إذا اجتمعوا وخفوا في التعاون.
وناقة حشود يسرع اجتماع اللبن في ضرعها.
والحشد المحتشدون.
وهذا وإن كان في معنى ما قبله ففيه معنى آخر وهو التعاون.
ويقال عذق حاشد وحاشك مجتمع الحمل كثيره.
(حشر) الحاء والشين والراء قريب المعنى من الذي قبله وفيه زيادة معنى وهو السوق والبعث والانبعاث.
وأهل اللغة يقولون الحشر الجمع مع سوق وكل جمع حشر.
والعرب تقول حشرت مال بني فلان السنة كأنها جمعته ذهبت به وأتت عليه.
قال رؤبة:
وما نجا من حشرها المحشوش * وحش ولا طمش من الطموش
ويقال أذن حشرة إذا كانت مجتمعة الخلق.
قال:
لها أذن حشرة مشرة * كإعليط مرخ إذا ما صفر

66
ومن أسماء رسول الله صلى الله عليه وسلم الحاشر معناه أنه يحشر الناس على قدميه كأنه يقدمهم يوم القيامة وهم خلفه.
ومحتمل أن يكون لما كان آخر الأنبياء حشر الناس في زمانه.
وحشرات الأرض دوابها الصغار كاليرابيع والضباب وما أشبهها فسميت بذلك لكثرتها وانسياقها وانبعاثها.
والحشور من الرجال العظيم الخلق أو البطن.
ومما شذ عن الأصل قولهم للرجل الخفيف حشر.
والحشر من القذذ ما لطف.
وسنان حشر أي دقيق وقد حشرته.
(باب الحاء والصاد وما يثلثهما)
(حصف) الحاء والصاد والفاء أصل واحد وهو تشدد يكون في الشيء وصلابة وقوة.
فيقال لركانة العقل حصافة وللعدو الشديد إحصاف.
يقال فرس محصف وناقة محصاف.
ويقال كتيبة محصوفة إذا تجمع أصحابها وقل الخلل فيهم.
قال الأعشى:
تأوي طوائفها إلى محصوفة * مكروهة يخشى الكماة نزالها
ويقال مخصوفة وهذا له قياس آخر وقد ذكر في بابه.
ويقال استحصف على بني فلان الزمان إذا اشتد.
وفرج مستحصف.
وقال:
وإذا طعنت طعنت في مستحصف * رابى المجسة بالعبير مقرمد

67
والحصف بثر صغار يستحصف لها الجلد.
(حصل) الحاء والصاد واللام أصل واحد منقاس وهو جمع الشيء ولذلك سميت حوصلة الطائر لأنه يجمع فيها.
ويقال حصلت الشيء تحصيلا.
وزعم ناس من أهل اللغة أن أصل التحصيل استخراج الذهب أو الفضة من الحجر أو من تراب المعدن ويقال لفاعله المحصل.
قال:
ألا رجل جزاه الله خيرا * يدل على محصلة تبيت
فإن كان كذا فهو القياس والباب كله محمول عليه.
والحصل البلح قبل أن يشتد ويظهر ثفاريقه الواحدة حصلة.
قال:
* ينحت منهن السدى والحصل *
السدى البلح الذاوي الواحدة سداة.
وهذا أيضا من الباب أعني الحصل لأنه حصل من النخلة.
ومما شذ عن الباب وما أدري مم اشتقاقه قولهم حصل الفرس إذا اشتكى بطنه عن أكل التراب.
(حصم) الحاء والصاد والميم أصل قليل الكلم إلا أنه تكثر في الشيء يقال انحصم العود إذا انكسر.
قال ابن مقبل:

68
وبياضا أحدثته لمتي * مثل عيدان الحصاد المنحصم
ومما اشتق منه حصام الدابة وهو ردامه.
والقياس قريب.
(حصن) الحاء والصاد والنون أصل واحد منقاس وهو الحفظ والحياطة والحرز.
فالحصن معروف والجمع حصون.
والحاصن والحصان المرأة المتعففة الحاصنة فرجها.
قال:
فما ولدتني حاصن ربعية * لئن أنا ما لأت الهوى لاتباعها
وقال حسان في الحصان:
حصان رزان ما تزن بريبة * وتصبح غرثى من لحوم الغوافل
والفعل من هذا حصن.
قال أحمد بن يحيى ثعلب كل امرأة عفيفة فهي محصنة ومحصنة وكل امرأة متزوجة فهي محصنة لا غير.
قال ويقال لكل ممنوع محصن وذكر ناس أن القفل يسمى محصنا.
ويقال أحصن الرجل فهو محصن.
وهذا أحد ما جاء على أفعل فهو مفعل.
(حصوى) الحاء والصاد والحرف المعتل ثلاثة أصول الأول المنع والثاني العد والإطاقة والثالث شيء من أجزاء الأرض.
فالأول الحصو.
قال الشيباني هو المنع يقال حصوته أي منعته.
قال:
ألا تخاف الله إذ حصوتني * حقي بلا ذنب وإذ عننتني

69
والأصل الثاني أحصيت الشيء إذا عددته وأطقته قال الله تعالى: * (علم أن لن تحصوه المزمل 20) *.
وقال تعالى: * (أحصاه الله ونسوه المجادلة 6) *.
والأصل الثالث الحصى وهو معروف.
يقال أرض محصاة إذا كانت ذات حصى.
وقد قيل حصيت تحصى.
ومما اشتق منه الحصاة يقال ما له حصاة أي ما له عقل.
وهو من هذا لأن في الحصى قوة وشدة.
والحصاة العقل لأن به تماسك الرجل وقوة نفسه.
قال:
وإن لسان المرء ما لم تكن له * حصاة على عوراته لدليل
ويقال لكل قطعة من المسك حصاة فهذا تشبيه لا قياس.
وإذا همز فاصله تجمع الشيء يقال أحصأت الرجل إذا أرويته من الماء وحصئ هو.
ويقال حصأ الصبي من اللبن إذا ارتضع حتى تمتلئ معدته وكذلك الجدي.
(حصب) الحاء والصاد والباء أصل واحد وهو جنس من أجزاء الأرض ثم يشتق منه وهو الحصباء وذلك جنس من الحصى.
ويقال حصبت الرجل بالحصباء.
وريح حاصب إذا أتت بالغبار فأما الحصبة فبثرة تخرج بالجسد وهو مشبه بالحصباء.
فأما المحصب بمنى فهو موضع الجمار.
قال ذو الرمة:
أرى ناقتي عند المحصب شاقها * رواح اليماني والهديل المرجع

70
يريد نفر اليمانين حين ينصرفون.
والهديل هاهنا أصوات الحمام.
أراد أنها ذكرت الطير في أهلها فحنت إليها.
ومن الباب الإحصاب أن يثير الإنسان الحصى في عدوه.
ويقال أرض محصبة ذات حصباء.
فأما قولهم حصب القوم عن صاحبهم يحصبون فذلك توليهم عنه مسرعين كالحاصب وهي الريح الشديدة.
فهذا محمول على الباب.
ويقال إن الحصب من الألبان الذي لا يخرج زبده فذلك من الباب أيضا لأنه كأنه من برده يشتد حتى يصير كالحصباء فلا يخرج زبدا.
(حصد) الحاء والصاد والدال أصلان أحدهما قطع الشيء والآخر إحكامه.
وهما متفاوتان.
فالأول حصدت الزرع وغيره حصدا.
وهذا زمن الحصاد والحصاد.
وفي الحديث:
(وهل يكب الناس على مناخرهم في النار إلا حصائد ألسنتهم) فإن الحصائد جمع حصيدة وهو كل شيء قيل في الناس باللسان وقطع به عليهم.
ويقال حصدت واحتصدت والرجل محتصد.
قال:
إنما نحن مثل خامة زرع * فمتى يأن يأت محتصدة
والأصل الآخر قولهم حبل محصد أي ممر مفتول.
ومن الباب شجرة حصداء أي كثيرة الورق ودرع حصداء محكمة واستحصد القوم إذا اجتمعوا.

71
(حصر) الحاء والصاد والراء أصل واحد وهو الجمع والحبس والمنع.
قال أبو عمرو الحصير الجنب.
قال الأصمعي الحصير ما بين العرق الذي يظهر في جنب البعير والفرس معترضا فما فوقه إلى منقطع الجنب فهو الحصير.
وأي ذلك كان فهو من الذي ذكرناه من الجمع لأنه مجمع الأضلاع.
والحصر العي كأن الكلام حبس عنه ومنع منه.
والحصر ضيق الصدر.
ومن الباب الحصر وهو اعتقال البطن يقال منه حصر وأحصر.
والناقة الحصور وهي الضيقة الإحليل والقياس واحد.
فأما الإحصار فأن يحصر الحاج عن البيت بمرض أو نحوه.
وناس يقولون حصره المرض وأحصره العدو.
وروى أبو عبيد عن أبي عمرو حصرني الشيء وأحصرني إذا حبسني وذكر قول ابن ميادة:
وما هجر ليلى أن تكون تباعدت * عليك ولا أن أحصرتك شغول
والكلام في حصره وأحصره مشتبه عندي غاية الاشتباه لأن ناسا يجمعون بينهما وآخرون يفرقون وليس فرق من فرق بين ذلك ولا جمع من جمع ناقضا القياس الذي ذكرناه بل الأمر كله دال على الحبس.
ومن الباب الحصور الذي لا يأتي النساء فقال قوم هو فعول بمعنى مفعول كأنه حصر أي حبس.
وقال آخرون هو الذي يأبى النساء كأنه أحجم هو

72
عنهن كما يقال رجل حصور إذا حبس رفده ولم يخرج ما يخرجه الندامى.
قال الأخطل:
وشارب مربح بالكأس نادمني * لا بالحصور ولا فيها بسوار
ومن الباب الحصر بالسر وهو الكتوم له.
قال جرير:
ولقد تسقطني الوشاة فصادفوا * حصرا بسرك يا أميم ضنينا
والحصير في قوله عز وجل: * (وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا الإسراء 8) * هو المحبس.
والحصير في قول لبيد:
* لدى باب الحصير قيام *
هو الملك.
والحصار وسادة تحشى وتجعل لقادمة الرحل يقال احتصرت البعير احتصارا.
(باب الحاء والضاد وما يثلثهما)
(حضل) الحاء والضاد واللام كلمة واحدة ليست أصلا ولا يقاس عليها يقال حضلت النخلة إذا فسد أصول سعفها.
(حضن) الحاء والضاد والنون أصل واحد يقاس وهو حفظ الشيء وصيانته.
فالحضن ما دون الإبط إلى الكشح يقال احتضنت الشيء جعلته في حضني فأما قول الكميت:

73
ودوية أنفذت حضني ظلامها * هدوا إذا ما طائر الليل أبصرا
فإنه يريد قطعة إياها.
وطائر الليل الخفاش.
ونواحي كل شيء أحضانه.
ومن الباب حضنت المرأة ولدها وكذلك حضنت الحمامة بيضها.
والمحتضن الحضن.
قال:
عريضة بوص إذا أدبرت * هضيم الحشا عبلة المحتضن
فأما حضن فجبل بنجد وهو أول نجد.
والعرب تقول أنجد من رأى حضنا.
ويقال امرأة حضون بينة الحضان.
فأما قولهم حضنت الرجل عن الرجل إذا نحيته عنه فكلمة مشكوك فيها ووجدت كثيرا من أهل العلم ينكرونها.
فإن كانت صحيحة فالقياس فيها مطرد كأن الشيء حضن عنه وحفظ ولم يمكن منه.
ومصدره الحضن والحضانة.
ويقال الحضن العاج في قول القائل:
تبسمت عن وميض البرق كاشرة * وأبرزت عن هجان اللون كالحضن
ويقال إن الحضن أصل الجبل.
فإن كان ما ذكرناه من العاج صحيحا فهو شاذ عن الأصل.
(حضى) الحاء والضاد والحرف المعتل أصل واحد وهو هيج الشيء ويكون في النار خاصة.
يقال حضوت النار إذا أوقدتها.
والعود الذي تحرك به النار محضاء ممدود.
ويقال حضأتها أيضا بالهمز والعود محضأ على مفعل وربما مدوه والأول أجود.

74
(حضب) الحاء والضاد والباء أصلان الأول ما تسعر به النار والثاني جنس من الصوت.
فالأول قوله جل ثناؤه: * (حضب جهنم الأنبياء 98) * قالوا هو الوقود بفتح الواو.
ويقال لما تسعر النار به محضب.
وينشد بيت الأعشى:
فلا تك في حربنا محضبا * لتجعل قومك شتى شعوبا
والصوت كقولهم لصوت القوس حضب والجمع أحضاب.
فأما قولهم إن الحضب الحية ففيه كلام وإن صح فإنه شاذ عن الأصل.
(حضج) الحاء والضاد والجيم أصل واحد يدل على دناءة الشيء وسقوطه وذهابه عن طريقة الاختيار.
يقول العرب انحضج الرجل وغيره إذا وقع بجنبه وحضجت أنا به الأرض.
ويقال هذه إحدى حضجات فلان أي إحدى سقطاته.
وذلك في القول والفعل.
والحضج ما يبقى في حياض الإبل من الماء والجمع أحضاج.
ويقال للدني من الرجال حضج.
وحضجت الثوب إذا ضربته بالمحضاج عند غسلك إياه وهي تلك الخشبة.
وأما قولهم للزق الضخم حضاج فهو قريب من الباب لأنه يتساقط.
فأما قولهم حضجت النار أوقدتها فيجوز أن يكون من الباب ويمكن أن يكون من باب الإبدال.
(حضر) الحاء والضاد والراء إيراد الشيء ووروده ومشاهدته.
وقد يجيء ما يبعد عن هذا وإن كان الأصل واحدا.

75
فالحضر خلاف البدو.
وسكون الحضر الحضارة.
قال:
فمن تكن الحضارة أعجبته * فأي رجال بادية ترانا
قالها أبو زيد بالكسر وقال الأصمعي هي الحضارة بالفتح.
فأما الحضر الذي هو العدو فمن الباب أيضا لأن الفرس وغيره يحضران ما عندهما من ذلك يقال أحضر الفرس وهو فرس محضير سريع الحضر ومحضار.
ويقال حاضرت الرجل إذا عدوت معه.
وقول العرب اللبن محضور فمعناه كثير الآفة ويقولون إن الجان تحضره.
ويقولون الكنف محضورة.
وتأول ناس قوله تعالى: * (وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون المؤمنون 98) * أي أن يصيبوني بسوء.
والباب كله واحد وذلك أنهم يحضرونه بسوء.
ويقال للحاضر وهي الحي العظيم.
قال حسان:
لنا حاضر فعم وباد كأنه * قطين الإله عزة وتكرما
ويروى ناس:
............ كأنه * شماريخ رضوى عزة وتكرما
وأنكرت قريش ذلك وقالوا أي عزة وتكرم لشماريخ رضوى.
والحضيرة الجماعة ليست بالكثيرة.
قال:
يرد المياه حضيرة ونفيضة * ورد القطاة إذا اسمأل التبع
ويقال المحاضرة المغالبة وحاضرت الرجل جاثيته عند سلطان أو حاكم

76
ويقال ألقت الشاة حضيرتها وهي ما تلقيه بعد الولد من المشيمة وغيرها.
وهذا قياس صحيح وذلك أن تلك الأشياء تسمى الشهود وقد ذكرت في بابها.
وحضرة الرجل فناؤه.
والحضيرة ما اجتمع من المدة في الجرح.
ويقال حضرت الصلاة ولغة أهل المدينة حضرت.
وكلهم يقول تحضر.
وهذا من نادر ما يجيء من الكلام على فعل يفعل.
وقد جاءت فيه من الصحيح غير المعتل كلمة واحدة وقد ذكرت في بابها.
ويقال رجل حضر إذا كان لا يصلح للسفر.
وهذا كقولهم رجل نهر إذا كان يصلح لأعمال النهار دون الليل.
قال:
* لست بليلي ولكني نهر *
ويقولون إن الحضر شحمة في المأنة وفوقها.
ومما شذ عن الباب الحضر وهو حصن في قول عدي:
وأخو الحضر إذ بناه وإذ دحلة * تجبى إليه والخابور
ومن الشاذ ويجوز أن يحمل على ما قبله حضار وهو كوكب.
والعرب تقول حضار والوزن محلفان وذلك أن الناس يحلفون عليهما أنهما سهيل لأنهما يشبهانه.
والمحلف الشيء الذي يحوج إلى الحلف.
قال:

77
كميت غير محلفة ولكن * كلون الورس عل به الأديم
وحضار الإبل بيضها.
قال الهذلي:
* شومها وحضارها *
(باب الحاء والطاء وما يثلثهما)
(حطم) الحاء والطاء والميم أصل واحد وهو كسر الشيء.
يقال حطمت الشيء حطما كسرته.
ويقال للمتكسر في نفسه حطم.
ويقال للفرس إذا تهدم لطول عمره حطم.
ويقال بل الحطم داء يصيب الدابة في قوائمها أو ضعف.
وهو فرس حطم.
والحطمة السنة الشديدة لأنها تحطم كل شيء.
والحطم السواق يعنف يحطم بعض الإبل ببعض.
قال الراجز:
* قد لفها الليل بسواق حطم *
وسميت النار الحطمة لحطمها ما تلقى.
ويقال للعكرة من الإبل حطمة لأنها تحطم كل شيء تلقاه.
وحطمة السيل دفاع معظمه.
وهذا ليس أصلا لأنه مقلوب من الطحمة.
فأما الحطيم فممكن أن يكون من هذا وهو الحجر لكثرة من ينتابه كأنه يحطم.
(حطأ) الحاء والطاء والهمزة أصل منقاس وهو تطامن الشيء وسقوطه.

78
يقال حطأت الرجل بالأرض ضربته.
والحطيئة الرجل القصير.
قال ثعلب سمي الحطيئة لدمامته.
قال أبو زيد الحطيء من الرجال مثال فعيل الرذال.
قال ابن عباس أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بقفائي فحطأني حطأة وقال اذهب فادع لي فلانا.
يقول دفعني دفعة.
ويقال حطأت القدر بزبدها رمت.
ويقال حطأ الرجل المرأة جامعها.
(حطب) الحاء والطاء والباء أصل واحد وهو الوقود ثم يحمل عليه ما يشبه به.
فالحطب معروف.
يقال حطبت أحطب حطبا.
قال امرؤ القيس:
إذا ما ركبنا قال ولدان أهلنا * تعالوا إلى أن يأتي الصيد نحطب
ويقال للمخلط في كلامه حاطب ليل.
ويقال حطبني عبدي إذا أتاك بالحطب.
قال:
خب جروز وإذا جاع بكى * لا حطب القوم ولا القوم سقى
ويقال مكان حطيب كثير الحطب.
ويقال ناقة محاطبة تأكل الشوك اليابس.
وقالوا في قوله تعالى: * (وامرأته حمالة الحطب المسد 4) * هي كناية عن النميمة.
يقال حطب فلان بفلان سعى به.
ويقال إن الأحطب الشديد الهزال وكذلك الحطب كأنه شبه بالحطب اليابس.
وقوله في النميمة يشهد له قول القائل:
من البيض لم تصطد على حبل لأمة * ولم تمش بين الناس بالحطب الرطب

79
(باب الحاء والظاء وما يثلثهما)
(حظوى) الحاء والظاء وما بعده من حرف معتل أصلان أحدهما القرب من الشيء والمنزلة والثاني جنس من السلاح.
فالأول قولهم رجل حظي إذا كان له منزلة وحظوة.
وامرأة حظية.
والعرب تقول إلا حظية فلا ألية.
يقول إن لم يكن لك حظوة فلا تقصري أن تتقربي.
يقال ما ألوت أي ما قصرت.
وأما الأصل الآخر فالحظاء جمع حظوة وهو سهم صغير لا نصل له يرمى به.
قال بعض أهل اللغة يقال لكل قضيب نابت في أصل شجرة حظوة والجمع حظوات.
قال أوس.
تعلمها في غيلها وهي حظوة * بواد به نبع طوال وحثيل
وإذا عير الرجل بالضعف قيل له إنما نبلك حظاء.
ويقال لسهام الصبيان حظاء.
ومنه المثل إحدى حظيات لقمان قال أبو عبيد الحظيات المرامي وهي السهام التي لا نصال لها.
(حظر) الحاء والظاء والراء أصل واحد يدل على المنع.
يقال حظرت الشيء أحظره حظرا فأنا حاظر والشيء محظور.
قال الله تعالى * (وما كان عطاء ربك محظورا الإسراء 20) *.
والحظار ما حظر على غنم أو غيرها بأغصان أو شيء من رطب

80
شجر أو يابس ولا يكاد يفعل ذلك إلا بالرطب منه ثم ييبس.
وفاعل ذلك المحتظر.
قال الله تعالى * (فكانوا كهشيم المحتظر القمر 31) * أي الذي يعمل الحظيرة للغنم ثم ييبس ذلك فيتهشم.
ويقال جاء فلان بالحظر الرطب إذا جاء بالكذب المستشنع.
ويقال هو يوقد في الحظر إذا كان ينم.
وقد مضى شاهده.
(حظل) الحاء والظاء واللام أصل واحد وهو قريب من الذي قبله.
فالحظل الغيرة ومنع المرأة من التصرف والحركة.
قال:
* فيحظل أو يغار *
قال أبو عبيد حظلت عليه مثل حظرت.
ويقال في قوله فيحظل أو يغار أنه التقتير.
وأحر أن يكون هذا أصح لأنه قال أو يغار.
والتقتير يرجع إلى الذي ذكرناه من المنع.
والدليل على ذلك قولهم حظلان وحظلان.
قال:
تعيرني الحظلان أم مفلس * فقلت لها لم تقذفيني بدائيا
(باب الحاء والفاء وما يثلثهما)
(حفل) الحاء والفاء واللام أصل واحد وهو الجمع.
يقال حفل الناس واحتفلوا إذا اجتمعوا في مجلسهم.
والمجلس محفل.
والمحفلة الشاة

81
قد حفلت أي جمع اللبن في ضرعها.
ونهى عن التصرية والتحفيل.
ويقال لا تحفل به أي لا تباله وهو من الأصل أي لا تتجمع.
وذلك أن من عراه.
أمر تجمع له.
فأما قولهم لحطام التبن حفالة فليس من الباب إنما هو من باب الإبدال لأن الأصل حثالة فأبدلت الثاء فاء.
ومن الباب رجل ذو حفلة إذا كان مبالغا فيما أخذ فيه وذلك انه يتجمع له رأيا وفعلا.
وقد احتفل لهم إذا أحسن القيام بأمرهم.
ويقال احتفل الوادي بالسيل.
فأما قولهم تحفل إذا تزين فهو من ذلك أيضا لأنه يجمع لنفسه المحاسن.
فأما قولهم حفلت الشيء إذا جلوته فمن الباب والقياس صحيح وذلك أنه يجمع ضوءه ونوره بما ينفيه من صدئه.
قال بشر.
رأى درة بيضاء يحفل لونها * سخام كغربان البرير مقصب
والمقصب المجعد.
وأراد بالدرة امرأة.
يحفل لونها سخام يعني الشعر يزيدها بسواده بياضا وهذا كأنه جلاها وهو من الكلام الحسن جدا.
(حفن) الحاء والفاء والنون كلمة واحدة منقاس وهو جمع الشيء في كف أو غير ذلك.
فالحفنة ملء كفيك من الطعام.
يقال حفنت الشيء حفنا بيدي.
ومنه حديث أبي بكر (إنما نحن حفنة من حفنات الله تعالى) معناه أن الله تعالى إذا شاء أدخل خلقه الجنة وإن ذلك يسير عنده كالحفنة.
ويقال احتفنت الشيء لنفسي إذا أخذته ويقال الحفنة إنها الحفرة فإن صح فمحتمل

82
الوجهين أحدهما أن يكون من باب الإبدال فتجعل النون بدل الراء.
ويجوز أن يكون من الباب الذي ذكرناه لأنها تجمع الشيء من ماء أو غيره.
والحفان ليس من هذا الباب وقد مضى ذكره لأن النون فيه زائدة.
(حفى) الحاء والفاء وما بعدهما معتل ثلاثة أصول المنع واستقصاء السؤال والحفاء خلاف الانتعال.
فالأول قولهم حفوت الرجل من كل شيء إذا منعته.
وأما الأصل الثاني فقولهم حفيت إليه في الوصية بالغت.
وتحفيت به بالغت في إكرامه وأحفيت.
والحفي المستقصي في السؤال.
قال الأعشى:
فإن تسألي عني فيا رب سائل * حفي عن الأعشى به حيث أصعدا
وقال قوم وهو من الباب حفيت بفلان وتحفيت إذا عنيت به.
والحفي العالم بالشيء.
والأصل الثالث الحفا مقصور مصدر الحافي.
ويقال حفي الفرس انسحج حافره.
وأحفى الرجل حفيت دابته.
قال الكسائي خاف بين الحفية والحفاية.
وقد حفي يحفى وهو الذي لا خف في رجليه ولا نعل.
فأما الذي حفي من كثرة المشي فإنه حف بين الحفاء مقصور.
فأما المهموز فالحفأ مقصور وهو أصل البردي الأبيض الرطب وهو يؤكل.
وفسر على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم (ما لم تحتفئوا بها فشأنكم بها).
ويقال احتفأته إذا اقتلعته.

83
(حفت) الحاء والفاء والتاء ليس أصلا والكلام فيه يقل.
فالحفيتأ الرجل القصير.
(حفث) الحاء والفاء والثاء شيء يدل على رخاوة ولين.
يقال حفث الكرش لفحثها.
والحفاث حية لا تضر ولا تخاف.
قال:
أيفايشون وقد رأوا حفاثهم * قد عضه فقصى عليه الأشجع
ويقال للرجل إذا غضب قد احرنفش حفاثه.
(حفد) الحاء والفاء والدال أصل يدل على الخفة في العمل والتجمع.
فالحفدة الأعوان لأنه يجتمع فيهم التجمع والتخفف واحدهم حافد.
والسرعة إلى الطاعة حفد ولذلك يقال في دعاء القنوت إليك نسعى ونحفد.
قال:
* يا ابن التي على قعود حفاد *
ويقال في قوله تعالى: * (وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة) * إنهم الأعوان وهو الصحيح ويقال الأختان ويقال الحفدة ولد الولد.
والمحفد مكيال يكال به.
ويقال في باب السرعة والخفة سيف محتفد أي سريع القطع.
والحفدان تدارك السير.
(حفر) الحاء والفاء والراء أصلان أحدهما حفر الشيء وهو قلعه سفلا والآخر أول الأمر.

84
فالأول حفرت الأرض حفرا.
وحافر الفرس من ذلك كأنه يحفر به الأرض.
ومن الباب الحفر في الفم وهو تآكل الأسنان.
يقال حفرفوه يحفر حفرا.
والحفر التراب المستخرج من الحفرة كالهدم ويقال هو اسم المكان الذي حفر.
قال:
* قالوا انتهينا وهذا الخندق الحفر *
ويقال أحفر المهر للإثناء والإرباع إذا سقط بعض أسنانه لنبات ما بعده.
ويقال ما من حامل إلا والحمل يحفرها إلا الناقة فإنها تسمن عليه.
فمنى يحرفها يهز لها.
والأصل الثاني الحافرة في قوله تعالى: * (أئنا لمردودون في الحافرة) * يقال إنه الأمر الأول أي أنحيا بعد ما نموت.
ويقال الحافرة من قولهم رجع فلان على حافرته إذا رجع على الطريق الذي أخذ فيه ورجع الشيخ على حافرته إذا هرم وخرف.
وقولهم النقد عند الحافر أي لا يزول حافر الفرس حتى تنقدني ثمنه.
وكانت لكرامتها عندهم لا تباع نساء.
ثم كثر ذلك حتى قيل في غير الخيل أيضا.
(حفز) الحاء والفاء والزاء كلمة واحدة تدل على الحث وما قرب منه.
فالحفز حثك الشيء من خلفه.
والرجل يحتفز في جلوسه إذا أراد القيام كأن حاثا حثه ودافعا دفعه.
يقال الليل يسوق النهار ويحفزه.
ويقال حفزت

85
الرجل بالرمح.
وسمي الحوفزان من ذلك بقلة.
قال ونحن حفزنا الحوفزان بطعنة سقته نجيعا من دم الجوف أشكلا:
(حفس) الحاء والفاء والسين ليس أصلا.
يقال للرجل القصير حيفس.
(حفش) الحاء والفاء والشين أصل واحد يدل على الجمع.
يقال هم يحفشون عليك أي يجلبون.
وحفش السيل الماء من كل جانب إلى مستنقع واحد.
قال:
عشية رحنا وراحوا لنا * كما ملأ الحافشات المسيلا
ويقال جاء الفرس يحفش أي يأتي بجري بعد جرى.
والحفش بيت صغير وسمى بذلك لاجتماع جوانبه ويقال لأنه يجمع فيه الشيء.
وتحفشت المرأة للرجل إذا أظهرت له ودا وذلك أنها تتحفل له أي تتجمع.
(حفص) الحاء والفاء والصاد ليس أصلا ولا فيه لغة تنقاس.
يقال للزبيل من جلود حفص.
ويقال للدجاجة أم حفصة.
ويقال إن ولد الأسد حفص.
وفي كل ذلك نظر.
(حفض) الحاء والفاء والضاد أصل واحد وهو يدل على سقوط الشيء وحفوفه.
فالحفض متاع البيت ولذلك سمي البعير الذي يحمله حفضا.

86
والقياس ما ذكرناه لأن الأحفاض تسمى الإسقاط.
ويقال حفضت العود إذا حنيته.
قال الراجز.
* إما ترى دهرا حناني حفضا *
قال الأصمعي حفضت الشيء وحفضته بالتخفيف والتشديد إذا ألقيته.
وأنشد.
* إما ترى دهرا حناني حفضا *
فمعناه ألقاني.
والأحفاض في قول عمرو بن كلثوم.
ونحن إذا عماد الحي خرت * على الأحفاض يمنع من يلينا
هي الإبل أول ما تركب.
ويقال بل الأحفاص عمد الأخبية.
(حفظ) الحاء والفاء والظاء أصل واحد يدل على مراعاة الشيء.
يقال حفظت الشيء حفظا.
والغضب الحفيظة وذلك أن تلك الحال تدعو إلى مراعاة الشيء.
يقال للغضب الإحفاظ يقال أحفظني أي أغضبني.
والتحفظ قلة الغفلة.
والحفاظ المحافظة على الأمور.
(باب الحاء والقاف وما يثلثهما)
(حقل) الحاء والقاف واللام أصل واحد وهو الأرض وما قاربه.
فالحقل القراح الطيب.
ويقال لا ينبت البقلة إلا الحقلة).
وحقيل موضع قال:

87
* من ذي الأبارق إذ رعين حقيلا *
والمحاقلة التي نهى عنها بيع الزرع في سنبلة بحنطة أو شعير.
ومن الباب قولهم حقل الفرس في قول بعضهم إذا أصابه وجع في بطنه من أكل التراب.
والأصل الأرض.
ويقال حوقل الشيخ إذا اعتمد بيديه على خصره إذا مشى وهي الحوقلة.
وكأن ذلك مأخوذ من قربه من الأرض.
وأما قولهم للقارورة حوقلة فالأصل الحوجلة.
ولعل الجيم أبدلت قافا.
(حقم) الحاء والقاف والميم لا أصل ولا فرع.
يقولون الحقم طائر.
(حقن) الحاء والقاف والنون أصل واحد وهو جمع الشيء.
يقال لكل شيء جمع وشد حقين.
ولذلك سمى حابس اللبن حاقنا.
ويقال اللبن الحقين الذي صب حليبه على رائبه.
والحواقن ما سفل عن البطن وقال قوم الحاقنتان ما تحت الترقوتين.
(حقو) الحاء والقاف والحرف المعتل أصل واحد وهو بعض أعضاء البدن.
فالحقو الخصر ومشد الإزار.
ولذلك سمي ما استدق من السهم مما يلي الريش حقوا.
فأما الحديث.
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطى النساء اللواتي غسلن ابنته حقوة) فجاء في التفسير أنه الإزار وجمعه حقي فهذا إنما

88
سمى حقوا لأنه يشد به الحقو.
وأما الحقوة فوجع يصيب الإنسان في بطنه يقال منه حقي الرجل فهو محقو.
(حقب) الحاء والقاف والباء أصل واحد وهو يدل على الحبس.
يقال حقب العام إذا احتبس مطره.
وحقب البعير إذا احتبس بوله.
ومن الباب الحقب حبل يشد به الرحل إلى بطن البعير كي لا يجتذبه التصدير.
فأما الأحقب وهو حمار الوحش فاختلف في معناه فقال قوم سمى بذلك لبياض حقويه.
وقال آخرون لدقة حقويه.
والأنثى حقباء.
فإن كان هذا من الباب فلأنه مكان يشد بحقاب وهو حبل.
ويقال للأنثى حقباء.
قال:
* كأنها حقباء بلقاء الزلق *
ومن الباب الحقيبة وهي معروفة ومنه احتقب فلان الإثم كأنه جمعه في حقيبة.
واحتقبه من خلفه ارتدفه.
والمحقب المردف.
فأما الزمان فهو حقبة والجمع حقب.
والحقب ثمانون عاما والجمع أحقاب وذلك لما يجتمع فيه من السنين والشهور ويقال إن الحقاب جبل.
ويقال للقارة الطويلة في السماء حقباء.
قال:
* قد ضمها والبدن الحقاب *
(حقد) الحاء والقاف والدال أصلان أحدهما الضغن والآخر ألا يوجد ما يطلب.
فالأول الحقد ويجمع على الأحقاد.
والآخر قولهم أحقد القوم إذا طلبوا الذهبة في المعدن فلم يجدوها.

89
(حقر) الحاء والقاف والراء أصل واحد استصغار الشيء.
يقال شيء حقير أي صغير.
وأنا أحتقره أي أستصغره.
فأما قولهم لاسم السماء حاقورة فما أراه صحيحا.
وإن كان فلعله اسم مأخوذ كذا من غير اشتقاق.
(حقط) الحاء والقاف والطاء ليس أصلا ولا أحسب الحيقطان وهو ذكر الدراج صحيحا.
(حقف) الحاء والقاف والفاء أصل واحد وهو يدل على ميل الشيء وعوجه يقال احقوقف الشيء إذا مال فهو محقوقف وحاقف.
ومن ذلك الحديث.
(أنه مر بظبي حاقف في ظل شجرة) فهو الذي قد انحنى وتثنى في نومه.
ولهذا قيل للرمل المنحني حقف والجمع أحقاف.
قال:
فلما أجزنا ساحة الحي وانتحى * بنا بطن خبت ذي حقاف عقنقل
ويروي ذي قفاف.
وقال آخر.
* سماوة الهلال حتى احقوقفا *
(باب الحاء والكاف وما يثلثهما)
(حكل) الحاء والكاف واللام أصل صحيح منقاس وهو الشيء لا يبين.
يقال إن الحكل الشيء الذي لا نطق له من الحيوان كالنمل وغيره.
قال:

90
لو كنت قد أوتيت علم الحكل * علم سليمان كلام النمل
ويقال في لسانه حكلة أي عجمة.
ويقال أحكل علي الأمر إذا امتنع وأشكل.
ومما شذ عن الباب قولهم للرجل القصير حنكل.
(حكم) الحاء والكاف والميم أصل واحد وهو المنع.
وأول ذلك الحكم وهو المنع من الظلم.
وسميت حكمة الدابة لأنها تمنعها يقال حكمت الدابة وأحكمتها.
ويقال حكمت السفيه وأحكمته إذا أخذت على يديه.
قال جرير.
أبنى حنيفة أحكموا سفهاءكم * إني أخاف عليكم أن أغضبا
والحكمة هذا قياسها لأنها تمنع من الجهل.
وتقول حكمت فلانا تحكيما منعته عما يريد.
وحكم فلان في كذا إذا جعل أمره إليه.
والمحكم المجرب المنسوب إلى الحكمة.
قال طرفة.
ليت المحكم والموعوظ صوتكما * تحت التراب إذا ما الباطل انكشفا
أراد بالمحكم الشيخ المنسوب إلى الحكمة.
وفي الحديث.
(إن الجنة

91
للمحكمين وهم قوم حكموا مخيرين بين القتل والثبات على الإسلام وبين الكفر فاختاروا الثبات على الإسلام مع القتل فسموا المحكمين.
(حكى) الحاء والكاف وما بعدها معتل أصل واحد وفيه جنس من المهموز يقارب معنى المعتل والمهموز منه هو إحكام الشيء بعقد أو تقرير.
يقال حكيت الشيء أحكيه وذلك أن تفعل مثل فعل الأول.
يقال في المهموز أحكأت العقدة إذا أحكمتها.
ويقال أحكأت ظهري بإزاري إذا شددته.
قال عدي.
أجل أن الله قد فضلكم * فوق من أحكأ صلبا بإزار
وقال آخر.
وأحكأ في كفى حبلى بحبله * وأحكأ في نعلي لرجل قبالها
(حكر) الحاء والكاف والراء أصل واحد وهو الحبس.
والحكرة حبس الطعام منتظرا لغلائه وهو الحكر.
وأصله في كلام العرب الحكر وهو الماء المجتمع كأنه احتكر لقلته.
(حكد) الحاء والكاف والدال حرف من باب الإبدال.
يقال للمحتد المحكد.
وقد فسر في بابه.

92
(باب الحاء واللام وما يثلثهما)
(حلم) الحاء واللام والميم أصول ثلاثة الأول ترك العجلة والثاني تثقب الشيء والثالث رؤية الشيء في المنام.
وهي متباينة جدا تدل على أن بعض اللغة ليس قياسا وإن كان أكثره منقاسا.
فالأول الحلم خلاف الطيش.
يقال حلمت عنه أحلم فأنا حليم.
والأصل الثاني قولهم حلم الأديم إذا تثقب وفسد وذلك أن يقع فيه دواب تفسده.
قال:
فإنك والكتاب إلى علي * كدابغة وقد حلم الأديم
والثالث قد حلم في نومه حلما وحلما.
والحلم صغار القردان.
والحلمة دويبة.
والمحمول على هذا حلمتا الثدي.
فأما قولهم تحلم إذا سمن فإنما هو امتلأ كأنه قراد ممتلئ.
قال:
* إلى سنة قردانها لم تحلم *
ويقال بعير حليم أي سمين.
قال:
* من النبي في أصلاب كل حليم *

93
والحالوم شيء شبيه بالأقط.
وما أراه عربيا صحيحا.
(حلن) الحاء واللام والنون إن جعلت النون زائدة فقد ذكرناه فيما مضى وإن جعلت النون أصلية فهو فعال وهو الجدى وليست الكلمة أصلا يقاس.
وقد مضى في بابه.
(حلو) الحاء واللام وما بعدها معتل ثلاثة أصول فالأول طيب الشيء في ميل من النفس إليه والثاني تحسين الشيء والثالث وهو مهموز تنحية الشيء.
فالأول الحلو وهو خلاف المر.
يقال استحليت الشيء وقد حلا في فمي يحلو والحلواء الذي يؤكل يمد ويقصر.
ويقال حلى بعيني يحلى.
وتحالت المرأة إذا أظهرت حلاوة كما يقال تباكى وتعالى وهو إبداؤه للشيء لا يخفى مثله.
قال أبو ذؤيب.
فشأنكها إني أمين وإنني * إذا ما تحالى مثلها لا أطورها
ومن الباب حلوت الرجل حلوانا إذا أعطيته.
ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حلوان الكاهن وما يجعل له على كهانته.
قال أوس.
كأني حلوت الشعر يوم مدحته * صفا صخرة صماء يبس بلالها

94
والحلوان أيضا أن يأخذ الرجل من مهر ابنته لنفسه.
وذلك عار عند العرب.
قالت امرأة تمدح زوجها.
* لا يأخذ الحلوان من بناتيا *
والأصل الثاني الحلي حلى المرأة وهو جمع حلي كما يقال ثدي وثدي وظبي وظبي.
وحليت المرأة.
وهذه حلية الشيء أي صفته.
ويقال حلية السيف ولا يقال حلي السيف.
والأصل الثالث وهو تنحية الشيء يقال حلأت الإبل عن الماء إذا طردتها عنه قال:
* محلا عن سبيل الماء مطرود *
ويقال لما قشر عن الجلد الحلاءة مثل فعالة يقال منه حلأت الأديم قشرته.
والحلوء على فعول أن تحك حجرا على حجر يكتحل بحكا كتهما الأرمد.
ويقال منه أحلأت الرجل.
ويقال حلأت الأرض إذا ضربتها.
ومما شذ عن الباب حلأه مائة درهم إذا نقده إياها وحلأه مائة سوط.
(حلب) الحاء واللام والباء أصل واحد وهو استمداد الشيء.
يقال الحلب حلب الشاء وهو اسم ومصدر والمحلب الإناء يحلب فيه.
والإحلابة أن تحلب لأهلك وأنت في المرعى تبعث به إليهم.
تقول أحلبهم إحلابا.
وناقة حلوب ذات لبن فإذا جعلت ذلك اسما قلت هذه الحلوبة لفلان.
وناقة حلبانة

95
مثل الحلوب.
ويقال أحلبتك أعنتك على حلب الناقة.
وأحلب الرجل إذا نتجت إبله إناثا وأجلب إذا نتجت ذكورا لأنها تجلب أولادها فتباع.
ومن الباب وهو محمول عليه المحلب وهو الناصر.
قال:
أشار بهم لمع الأصم فأقبلوا * عرانين لا يأتيه للنصر محلب
وذلك أن يجيئك ناصرا من غير قومك وهو من الباب لأني قد ذكرت أنه من الإمداد والاستمداد.
والحلبة خيل تجمع للسباق من كل أوب كما يقال للقوم إذا جاؤوا من كل أوب للنصرة قد أحلبوا.
(حلت) الحاء واللام والتاء ليس عندي بأصل صحيح.
وقد جاءت فيه كليمات فالحلتيت صمغ ويقال حلت دينه قضاه وحلت فلانا إذا أعطاه وحلت الصوف مزقه.
(حلج) الحاء واللام والجيم ليس عندي أصلا.
يقال حلج القطن.
وحلج الخبزة دورها.
وحلج القوم يحلجون ليلتهم إذا ساروها.
وكل هذا مما ينظر فيه.
(حلز) الحاء واللام والزاء أصل صحيح.
يقال للرجل القصير حلز ويقال هو السيء الخلق.
ويقال الحلز القشر حلزت الأديم قشرته.
قال ابن الأعرابي ومنه الحارث بن حلزة.

96
(حلس) الحاء واللام والسين أصل واحد وهو الشيء يلزم الشيء.
فالحلس حلس البعير وهو ما يكون تحت البرذعة أحلست فلانا يمينا وذلك إذا أمررتها عليه ويقال بل ألزمته إياها.
واستحلس النبت إذا غطى الأرض وذلك أن يكون لها كالحلس.
وقد فسرناه.
وبنو فلان أحلاس الخيل وهم الذين يقتنونها ويلزمون ظهورها.
ولذلك يقول الناس لست من أحلاسها.
قال عبد الله بن مسلم أصله من الحلس.
قال والحلس أيضا بساط يبسط في البيت.
ويقولون كن حلس بيتك أي الزمه لزوم البساط.
والحلس الرجل الشجاع والحريص وذلك أنه من رغابته يلزم ما يؤكل.
(حلط) الحاء واللام والطاء أصل واحد وهو الاجتهاد في الشيء بحلف أو ضجر.
ويقال أحلط إذا اجتهد وحلف.
قال ابن أحمر:
فكنا وهم كابني سبات تفرقا * سوى ثم كانا منجدا وتهاميا
فألقى التهامي منهما بلطاته * وأحلط هذا لا أريم مكانيا
ولا أعود ورائيا.
ومن الباب قولهم أول العي الاختلاط وأسوأ القول الإفراط.
فالاختلاط الغضب.
(حلف) الحاء واللام والفاء أصل واحد وهو الملازمة.
يقال حالف

97
فلان فلانا إذا لازمه.
ومن الباب الحلف يقال حلف يحلف حلفا وذلك أن الإنسان يلزمه الثبات عليها.
ومصدره الحلف والمحلوف أيضا.
ويقال هذا شيء محلف إذا كان يشك فيه فيتحالف عليه.
قال:
كميت غير محلفة ولكن * كلون الصرف عل به الأديم
ومما شذ عن الباب قولهم هو حليف اللسان إذا كان حديده.
ومن الشاذ الحلفاء نبت الواحدة حلفاءة.
(حلق) الحاء واللام والقاف أصول ثلاثة فالأول تنحية الشعر عن الرأس ثم يحمل عليه غيره.
والثاني يدل على شيء من الآلات مستدير.
والثالث يدل على العلو.
فالأول حلقت رأسي أحلقه حلقا.
ويقال للأكسية الخشنة التي تحلق الشعر من خشونتها محالق.
قال:
* نفصك بالمحاشي المحالق *
ويقولون احتلقت السنة المال إذا ذهبت به.
ومن المحمول عليه حلق قضيب الحمار إذا احمر وتقشر.
وقيل إنما قيل حلق لتقشره لا لا احمراره.
والأصل الثاني الحلقة حلقة الحديد.
فأما السلاح كله فإنما يسمى الحلقة.

98
والحلق خاتم الملك وهو لأنه مستدير.
وإبل محلقة وسمها الحلق.
قال:
* وذو حلق تقضي العواذير بينه *
العواذير السمات.
والأصل الثالث حالق مكان مشرف.
يقال حلق إذا صار في حالق.
قال الهذلي:
فلو أن أمي لم تلدني لحلقت * بي المغرب العنقاء عند أخي كلب
كانت أمه كلبية وأسره رجل من كلب وأراد قتله فلما انتسب له حي سبيله.
يقول لولا أن أمي كانت كلبية لهلكت.
يقال حلقت به المغرب كما يقال شالت نعامته.
وقال النابغة:
إذا ما غزا بالجيش حلق فوقه * عصائب طير تهتدي بعصائب
وذلك أن النسور والعقبان والرخم تتبع العساكر تنتظر القتلى لتقع عليهم.
ثم قال:
جوانح قد أيقن أن قبيله * إذا ما التقى الجمعان أول غالب

99
(حلك) الحاء واللام والكاف حرف يدل على السواد.
يقال هو أشد سوادا من حلك الغراب يقال هو سواده ويقال هو أسود حلكوك.
(باب الحاء والميم وما يثلثهما)
(حمد) الحاء والميم والدال كلمة واحدة وأصل واحد يدل على خلاف الذم.
يقال حمدت فلانا أحمده.
ورجل محمود ومحمد إذا كثرت خصاله المحمودة غير المذمومة.
قال الأعشى يمدح النعمان بن المنذر ويقال إنه فضله بكلمته هذه على سائر من مدحه يومئذ:
إليك أبيت اللعن كان كلالها * إلى الماجد الفرع الجواد المحمد
ولهذا الذي ذكرناه سمي نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم.
ويقول العرب حماداك أن تفعل كذا أي غايتك وفعلك المحمود منك غير المذموم.
ويقال أحمدت فلانا إذا وجدته محمودا كما يقال أبخلته إذا وجدته بخيلا وأعجزته إذا وجدته عاجزا.
وهذا قياس مطرد في سائر الصفات.
وأهيجت المكان إذا وجدته هائجا قد يبس نباته.
قال:
* وأهيج الخلصاء من ذات البرق *
فإن سأل سائل عن قولهم في صوت التهاب النار الحمدة قيل له هذا ليس من الباب لأنه من المقلوب وأصله حدمة وقد ذكرت في موضعها.

100
(حمر) الحاء والميم والراء أصل واحد عندي وهو من الذي يعرف بالحمرة.
وقد يجوز أن يجعل أصلين أحدهما هذا والآخر جنس من الدواب.
فالأول الحمرة في الألوان وهي معروفة.
والعرب تقول الحسن أحمر يقال ذلك لأن النفوس كلها لا تكاد تكره الحمرة.
وتقول رجل أحمر وأحامر فإن أردت اللون قلت حمر.
وحجة الأحامرة قول الأعشى:
إن الأحامرة الثلاثة أهلكت * مالي وكنت بهن قدما مولعا
ذهب بالأحامرة مذهب الأسماء ولم يذهب بها مذهب الصفات.
ولو ذهب بها مذهب الصفات لقال حمر.
والحمراء العجم سموا بذلك لأن الشقرة أغلب الألوان عليهم.
ومن ذلك قولهم لعلي رضي الله عنه غلبتنا عليك هذه الحمراء.
ويقال موت أحمر وذلك إذا وصف بالشدة.
وقال علي كنا إذا احمر البأس اتقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يكن أحد منا أقرب إلى العدو منه.
ومن الباب قولهم وطأة حمراء وذلك إذا كانت جديدة ووطأة دهماء إذا كانت قديمة دارسة.
ويقال سنة حمراء شديدة ولذلك يقال لشدة القيظ حمارة.
وإنما قيل هذا لأن أعجب الألوان إليهم الحمرة.
إذا كان كذا وبالغوا في وصف شيء ذكروه بالحمرة أو بلفظة تشبه الحمرة.
فأما قولهم للذي لا سلاح معه أحمر فممكن [أن يكون] ذلك تشبيها له

101
بالعجم وليست فيهم شجاعة مذكورة كشجاعة العرب.
وقال:
* وتشقى الرماح بالضياطرة الحمر *
الضياطرة جمع ضيطار وهو الجبان العظيم الخلق الذي لا يحسن حمل السلاح.
قال:
تعرض ضيطارو فعالة دوننا * وما خير ضيطار يقلب مسطحا
وقولهم غيث حمر إذا كان شديدا يقشر الأرض.
وهو من هذا الذي ذكرناه من باب المبالغة.
وأما الأصل الثاني فالحمار معروف يقال حمار وحمير وحمر وحمرات كما يقال صعيد وصعد وصعدات.
قال:
إذا غرد المكاء في غير روضة * فويل لأهل الشاء والحمرات
يقول إذا أجدب الزمان ولم تكن روضة فغرد في غير روضة فويل لأهل الشاء والحمرات.
ومما يحمل على هذا الباب قولهم لدويبة حمار قبان.
قال:
يا عجبا لقد رأيت عجبا * حمار قبان يسوق أرنبا
ومنه الحمار وهو شيء يجعل حول الحوض لئلا يسيل ماؤه والجمع حمائر.
قال الشاعر:

102
ومبلد بين موماة بمهلكة * جاوزته بعلاة الخلق عليان
كأنما الشحط في أعلى حمائره * سبائب الريط من قز وكتان
وأما قولهم للفرس الهجين محمر فهو من الباب ومن الباب الحماران وهما حجران يجفف عليهما الأقط يسميان مع الذي فوقهما العلاة.
قال:
لا تنفع الشاوي فيهما شاته * ولا حماراه ولا علاته
والحمارة حجارة تنصب حول البيت والجمع حمائر.
قال:
* بيت حتوف أردحت حمائره *
وأما قولهم أخلى من جوف حمار فقد ذكر حديثه في كتاب حرف العين.
(حمز) الحاء والميم والزاء أصل واحد وهو حدة في الشيء كالحرافة وما أشبهها.
فالحمزة حرافة في الشيء.
يقال شراب يحمز اللسان.
ومنه الحمزة وهي بقلة تحمز اللسان وقال أنس بن مالك كناني رسول الله صلى الله عليه وسلم ببقلة كنت اجتنيتها وكان يكنى أبا حمزة.
وقال الشماخ يصف رجلا باع [قوسا] وأسف عليها:

103
فلما شراها فاضت العين عبرة * وفي القلب حزاز من اللوم حامز
فأما قولهم للذكي القلب اللوذعي حميز وهو حميز الفؤاد فهو من الباب لأن ذلك من الذكاء والحدة والقياس فيه واحد.
(حمس) الحاء والميم والسين أصل واحد يدل على الشدة.
فالأحمس الشجاع.
والحمس والحماسة الشجاعة والشدة.
ورجل حمس.
قال:
* ومثلي لز بالحمس الرئيس *
ويقال بالحمس البئيس.
ويقال تحمس الرجل تعاصى.
والحمس قريش لأنهم كانوا يتحمسون في دينهم أي يتشددون.
وقال بعضهم الحمسة الحرمة وإنما سموا حمسا لنزولهم بالحرم.
ويقال عام أحمس إذا كان شديدا.
وأرضون أحامس شديدة.
وزعم ناس أن الحميس التنور.
وقال آخرون هو بالشين معجمة.
وأي ذلك كان فهو صحيح لأنه إن كان من السين فهو من الذي ذكرناه ويكون من شدة التهاب ناره وإن كان بالشين فهو من أحمشت النار والحرب.
(حمش) الحاء والميم والشين أصلان أحدهما التهاب الشيء وهيجه والثاني الدقة.
فالأول قولهم أحمشت الرجل أغضبته.
واستحمش الرجل إذا اتقد غضبا.
قال:
* إني إذا حمشني تحميشي *

104
ومن الباب حمشت الشيء جمعته.
والأصل الثاني قولهم للدقيق القوائم حمش وقد حمشت قوائمه.
ومن الباب قولهم لثة حمشة قليلة اللحم.
(حمص) الحاء والميم والصاد ليس أصلا يقاس عليه وما فيه قياس ويجوز أن يكون من جفاف في الشيء.
ويقولون انحمص الورم إذا سكن هذا أصح ما فيه.
والحمصيص بقلة.
(حمض) الحاء والميم والضاد أصل واحد صحيح وهو شيء من الطعوم.
يقال شيء حامص وفيه حموضة.
والحمض من النبت ما كانت فيه ملوحة والخلة ما سوى ذلك.
والعرب تقول الخلة خبز الإبل والحمض فاكهتها.
وإنما تحول إلى الحمض إذا ملت الخلة.
وكل هذا من النبت.
وليس شيء من الشجر العظام بحمض ولا خلة.
(حمط) الحاء والميم والطاء ليس أصلا ولا فرعا ولا فيه لغة صحيحة إلا شيء من النبت أو الشجر.
يقال لجنس من الحيات شيطان الحماط.
من المحمول عليه قولهم أصبت حماطة قلبه أي سواد قلبه كما يقولون حبة قلبة.
والحماطة فيما يقال وجع في الحلق.
وليس بذلك الصحيح.
فإن صح فهو محمول على نبت لعل له طعما حامزا.
فأما قولهم الحمطيط والحمطاط فالأول نبت والثاني دود يكون في العشب منقوش بألوان فمما لا معنى لذكره.
(حمق) الحاء والميم والقاف أصل واحد يدل على كساد الشيء

105
والضعف والنقصان.
فالحمق نقصان العقل.
والعرب تقول انحمق الثوب.
إذا بلي.
وانحمقت السوق كسدت.
(حمل) الحاء والميم واللام أصل واحد يدل على إقلال الشيء.
يقال حملت الشيء أحمله حملا.
والحمل ما كان في بطن أو على رأس شجر.
يقال امرأة حامل وحاملة.
فمن قال حامل قال هذا نعت لا يكون إلا للإناث.
ومن قال حاملة بناة على حملت فهي حاملة.
قال:
تمخضت المنون له بيوم * أنى ولكل حاملة تمام
والحمل ما كان على ظهر أو رأس.
والحمالة أن يحمل الرجل دية ثم يسعى عليها والضمان حمالة والمعنى واحد وهو قياس الباب.
ومما هو مضاف إلى هذا المعنى المرأة المحمل وهي التي تنزل لبنها من غير حبل.
يقال أحملت تحمل إحمالا ويقال ذلك للناقة أيضا.
والحمول الهوادج كان فيها نساء أو لم يكن.
وتحاملت إذا تكلفت الشيء على مشقة.
وقال ابن السكيت في قول الأعشى:
لا أعرفنك إن جدت عداوتنا * والتمس النصر منكم عوض تحتمل
إن الاحتمال الغضب.
قال ويقال احتمل إذا غضب.
وهذا قياس صحيح لأنهم يقولون احتمله الغضب وأقله الغضب وذلك إذا أزعجه.
والحمالة والمحمل علاقة السيف.
ومنه قول امرئ القيس:

106
* حتى بل دمعي محملي *
والحمولة الإبل تحمل عليها الأثقال كان عليها ثقل أو لم يكن.
والحمولة الإبل بأثقالها والأثقال أنفسها حمولة.
ويقال أحملت فلانا إذا أعنته على الحمل وحميل السيل ما يحمله من غثائه.
وفي الحديث:
(يخرج من النار قوم فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل).
فالحميل ما حمله السيل من غثاء.
ولذلك يقال للدعي حميل.
قال الكميت يعاتب قضاعة في تحولهم إلى اليمن:
علام نزلتم من غير فقر * ولا ضراء منزلة الحميل
فأما قولهم الأحمال وهم من بني يربوع وهم ثعلبة وعمرو والحارث أبو سليط وصبير فيقال إن أمهم حملتهم على ظهر في بعض أيام الفزع فسموا الأحمال.
وإياهم أراد جرير بقوله:
أبني قفيرة من يورع وردنا * أم من يقوم لشدة الأحمال
ويقال أدل علي فحملت إدلاله واحتملت إدلاله بمعنى.
وقال:
أدلت فلم أحمل وقالت فلم أجب * لعمر أبيها إنني لظلوم
والقياس مطرد في جميع ما ذكرناه.
فأما البرق فيقال له حمل وهو مشتق من الحمل كأنه يقال حملت الشاة حملا والمحمول حمل وحمل كما يقال نفضت الشيء نفضا والمنفوض نفض وحسبت الشيء حسبا.
والمحسوب حسب وهو

107
باب مستقيم.
ثم يشبه بهذا فيقال لبرج من بروج السماء حمل.
قال الهذلي:
كالسحل البيض جلا لونها * سح نجاء الحمل الأسول
(باب الحاء والنون وما يثلثهما)
(حنو) الحاء والنون والحرف المعتل أصل واحد يدل على تعطف وتعوج.
يقال حنوت الشيء حنوا وحنيته إذا عطفته حنيا.
وحنو السرج سمي بذلك أيضا وجمعه أحناء.
ومنه حنت المرأة على ولدها تحنو وذلك إذا لم تتزوج من بعد أبيهم وهو من تعطفها عليهم.
وناقة حنواء في ظهرها احديداب.
وانحنى الشيء ينحني انحناء.
والمحنية منعرج الوادي.
وأما الحنوة والحناء فنبتان معروفان ويجوز أن يكون ذلك شاذا عن الأصل.
حنب) الحاء والنون والباء أصل واحد يدل على الذي دل عليه ما قبله وهو الاعوجاج في الشيء.
فالمحنب الفرس البعيد ما بين الرجلين من غير فحج وذلك مدح.
ويقال إن الحنب اعوجاج في الساقين.
قال الخليل في تحنيب الخيل إنه إنما يوصف بالشدة وليس في ذلك اعوجاج.
وهذا خلاف ما قاله أهل اللغة.
(حنث) الحاء والنون والثاء أصل واحد وهو الإثم والحرج.
يقال حنث فلان في كذا أي أثم.
ومن ذلك قولهم بلغ الغلام الحنث أي بلغ مبلغا جرى عليه القلم بالطاعة والمعصية وأثبتت عليه ذنوبه.
ومن ذلك الحنث

108
في اليمين وهو الخلف فيه.
فهذا وجه الإثم.
وأما قولهم فلان يتحنث من كذا فمعناه يتأثم.
والفرق بين أثم وتأثم أن التأثم التنحي عن الإثم كما يقال حرج وتحرج فحرج وقع في الحرج وتحرج تنحى عن الحرج.
وهذا في كلمات معلومة قياسها واحد.
ومن ذلك التحنث وهو التعبد.
ومنه الحديث: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأتي غار حراء فيتحنث فيه الليالي ذوات العدد)
(حنج) الحاء والنون والجيم أصل واحد يدل على الميل والاعوجاج يقال حنجت الحبل إذا فتلته وهو محنوج.
وحنجت الرجل عن الشيء أملته عنه.
وأحنج فلان عن الشيء عدل.
فأما قولهم للأصل حنج فلعله من باب الإبدال.
وإن كان صحيحا فقياسه قياس واحد لأن كل فرع يميل إلى أصله ويرجع إليه.
(حنذ) الحاء والنون والذال أصل واحد وهو إنضاج الشيء.
يقال شواء حنيذ أي منضج وذلك أن تحمى الحجارة وتوضع عليه حتى ينضج.
ويقال حنذت الفرس إذا استحضرته شوطا أو شوطين ثم ظاهرت عليه الجلال حتى يعرق.
وهذا فرس محنوذ وحنيذ.
وأما قولهم حنذ فهو بلد.
قال:
تأبري يا خيرة النخيل * تأبري من حنذ فشولي
ويقولون إذا سقيت فاحنذ أي أقل الماء وأكثر النبيذ. وهو من

109
الباب أيضا لأنها تبقى بحرارتها إذا لم تكسر بالماء.
(حنر) الحاء والنون والراء كلمة واحدة لولا أنها جاءت في الحديث لما كان لذكرها وجه.
وذلك أن النون في كلام العرب لا تكاد تجيء بعدها راء.
والذي جاء في الحديث:
(لو صليتم حتى تصيروا كالحنائر) فيقال إنها القسي الواحد حنيرة.
وممكن أن يكون الراء كالملصقة بالكلمة ويرجع إلى ما ذكرناه من حنيت الشيء وحنونه.
(حنش) الحاء والنون والشين أصل واحد صحيح وهو من باب الصيد إذا صدته.
وقال أبو عمرو الحنش كل شيء يصاد من الطير والهوام وقال آخرون الحنش الحية وهو ذلك القياس.
فأما قولهم حنشت الشيء إذا عطفته فإن كان صحيحا فهو من باب الإبدال.
ولعله من عنشت أو عنجت.
(حنط) الحاء والنون والطاء ليس بذلك الأصل الذي يقاس منه أو عليه وفيه أنه حب أو شبيه به.
فالحنطة معروفة.
ويقال للرمث إذا ابيض وأدرك قد حنط.
وذكر بعضهم أنه يقال أحمر حانط كما يقال أسود حالك.
وهذا محمول على أن الحنطة يقال لها الحمراء.
وقد ذكر.
(حنف) الحاء والنون والفاء أصل مستقيم وهو الميل.
يقال للذي يمشي على ظهور قدميه أحنف.
وقال قوم وأراه الأصح إن الحنف اعوجاج في الرجل إلى داخل.
ورجل أحنف أي مائل الرجلين وذلك يكون بأن تتدانى صدور قدميه ويتباعد عقباه.
والحنيف المائل إلى الدين المستقيم.
قال الله تعالى:

110
* (ولكن كان حنيفا مسلما آل عمران 67) * والأصل هذا ثم يتسع في تفسيره فيقال الحنيف الناسك ويقال هو المختون ويقال هو المستقيم الطريقة.
ويقال هو يتحنف أي يتحرى أقوم الطريق.
(حنق) الحاء والنون والقاف أصل واحد وهو تضايق الشيء.
يقال الضمر محانيق.
وإلى هذا يرجع الحنق في الغيظ لأنه تضايق في الخلق من غير ندحة ولا انبساط.
قال الشاعر في قولهم محنق:
ما كان ضرك لو مننت وربما * من الفتى وهو المغيظ المحنق
(حنك) الحاء والنون والكاف أصل واحد وهو عضو من الأعضاء ثم يحمل عليه ما يقاربه من طريقة الاشتقاق.
فأصل الحنك حنك الإنسان أقصى فمه.
يقال حنكت الصبي إذا مضغت التمر ثم دلكته بحنكه فهو محنك وحنكته فهو محنوك.
ويقال هو أشد سوادا من حنك الغراب وهو منقاره وأما حلكه فهو سواده.
ويقال احتنك الجراد الأرض إذا أتى على نبتها وذلك قياس صحيح لأنه يأكله فيبلغ حنكه.
ومن المحمول عليه استئصال الشيء وهو احتناكه ومنه في كتاب الله تعالى:

111
* (لأحتنكن ذريته إلا قليلا الإسراء) *.
أي أغويهم كلهم كما يستأصل الشيء إلا قليلا.
فإن قال قائل فنحن نقول حنكته التجارب واحتنكته السن احتناكا ورجل محتنك فمن أي قياس هو قيل له هو من الباب لأنه التناهي في الأمر والبلوغ إلى غايته كما قلنا احتنك الجراد النبت إذا استأصله وذلك بلوغ نهايته.
فأما القد الذي يجمع عراصيف الرمل فهو حنكة.
وهذا على التشبيه بالحنك لأنه منضم متجمع ويقال حنكت الشيء إذا فهمته.
وهو من الباب لأنك إذا فهمته فقد بلغت أقصاه.
والله أعلم.
(باب الحاء والواو وما معهما من الحروف في الثلاثي)
(حوى) الحاء والواو وما بعده معتل أصل واحد وهو الجمع يقال حويت الشيء أحويه حيا إذا جمعته.
والحوية والواحدة من الحوايا وهي الأمعاء وهي من الجمع.
ويقولون للواحدة حاوياء قال:
كأن نقيض الحب في حاويائه * فحيح الأفاعي أو نقيض العقارب
والحوية كساء يحوي حول سنام البعير ثم يركب.
والحي من أحياء العرب.
والحواء البيت الواحد وكله من قياس الباب.

112
(حوب) الحاء والواو والباء أصل واحد يتشعب إلى إثم أو حاجة أو مسكنة وكلها متقاربة.
فالحوب والحوب الإثم.
قال الله تعالى: * (إنه كان حوبا كبيرا النساء 62) * و * (حوبا كبيرا) *.
والحوبة ما يأثم الإنسان في عقوقه كالأم ونحوها.
وفلان يتحوب من كذا أي يتأثم.
وفي الحديث:
(رب تقبل توبتي واغفر حوبتي).
ويقال التحوب التوجع قال طفيل:
فذوقوا كما ذقنا غداة محجر * من الغيظ في أكبادنا والتحوب
ويقال ألحق الله به الحوبة وهي الحاجة والمسكنة.
فإن قيل فما قياس الحوباء وهي النفس قيل له هي الأصل بعينه لأن إشفاق الإنسان على نفسه أغلب وأكثر.
فأما قولهم في زجر الإبل.
حوب فقد قلنا إن هذه الأصوات والحكايات ليست مأخوذة من أصل.
وكل ذي لسان عربي فقد يمكنه اختراع مثل ذلك ثم يكثر على ألسنة الناس.
فأما الحوأب فهو مذكور في بابه.

113
(حوت) الحاء والواو والتاء أصل صحيح منقاس وهو من الاضطراب والروغان فالحوت العظيم من السمك وهو مضطرب أبدا غير مستقر.
والعرب تقول حاوتني فلان إذا راوغني.
وينشد هذا البيت:
ظلت تحاوتني رمداء داهية * يوم الثوية عن أهلي وعن مالي
(حوث) الحاء والواو والثاء قيل غير مطرد ولا متفرع.
يقولون إن الحوثاء الكبد وما يليها.
وينشدون:
* الكرش والحوثاء والمريا *
وجارية حوثاء سمينة.
قال:
* وهي بكر غريرة حوثاء *
وتركهم حوثا بوثا.
إذا فرقهم.
وكل هذا متقارب في الضعف والقلة.
ويقولون استبثت الشيء واستحثته إذا ضاع في تراب فطلبته.
(حوج) الحاء والواو والجيم أصل واحد وهو الاضطرار إلى الشيء.
فالحاجة واحدة الحاجات والحوجاء الحاجة.
ويقال أحوج الرجل احتاج.
ويقال أيضا حاج يحوج بمعنى احتاج.
قال:
غنيت فلم أرددكم عند بغية * وحجت فلم أكددكم بالأصابع
فأما الحاج فضرب من الشوك وهو شاذ عن الأصل.

114
(حوذ) الحاء والواو والذال أصل واحد وهو من الخفة والسرعة وانكماش في الأمر.
فالإحواذ السير السريع.
ويقال حاذ الحمار أتنه يحوذها إذا ساقها بعنف.
قال العجاج:
* يحوذهن وله حوذي *
والأحوذي الخفيف في الأمور الذي حذق الأشياء وأتقنها.
وقالت عائشة في عمر كان والله أحوذيا نسيج وحده.
والأحوذيان جناحا القطاة.
قال:
* على أحوذيين استقلت *
ومن الباب استحوذ عليه الشيطان وذلك إذا غلبه وساقه إلى ما يريد من غيه.
ومن الشاذ عن الباب أيضا أنهم يقولون هو خفيف الحاذ.
وينشدون:
خفيف الحاذ تسأل القيافي * وعبد للصحابة غير عبد
ومن الشاذ عن الباب الحاذ وهو شجر.
(حور) الحاء والواو والراء ثلاثة أصول أحدها لون والآخر الرجوع والثالث أن يدور الشيء دورا.
فأما الأول فالحور شدة بياض العين في شدة سوادها.
قال أبو عمرو:

115
الحور أن تسود العين كلها مثل الظباء والبقر.
وليس في بني آدم حور.
قال وإنما قيل للنساء حور العيون لأنهن شبهن بالظباء والبقر قال الأصمعي ما أدري ما الحور في العين.
ويقال حورت الثياب أي بيضتها.
ويقال لأصحاب عيسى عليه السلام الحواريون لأنهم كانوا يحورون الثياب أي يبيضونها.
هذا هو الأصل ثم قيل لكل ناصر حواري.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(الزبير ابن عمتي وحواري من أمتي).
والحواريات النساء البيض.
قال:
فقل للحواريات يبكين غيرنا * ولا يبكنا إلا الكلاب النوابح
والحواري من الطعام ما حور أي بيض.
وأحور الشيء ابيض احورارا.
قال:
يا ورد إني سأموت مرة * فمن حليف الجفنة المحورة
أي المبيضة بالسنام.
وبعض العرب يسمى النجم الذي يقال له المشتري الأحور.
ويمكن أن يحمل على هذا الأصل الحور وهو ما دبغ من الجلود بغير القرظ ويكون لينا ولعل ثم أيضا لونا.
قال العجاج:
بحجنات يتثقبن البهر * كأنما يمزقن باللحم الحور

116
يقول هذا البازي يمزق أوساط الطير كأنه يمزق بها حورا أي يسرع في تمزيقها.
وأما الرجوع فيقال حار إذا رجع.
قال الله تعالى: * (إنه ظن أن لن يحور بلى الانشقاق 14) والعرب تقول الباطل في حور أي رجع ونقص.
وكل نقص ورجوع حور.
قال:
* والذم يبقي وزاد القوم في حور *
والحور مصدر حار حورا رجع.
ويقال [نعوذ بالله] من الحور بعد الكور.
وهو النقصان بعد الزيادة.
ويقال حار بعد ما كار.
وتقول كلمته فما رجع إلي حوارا وحوارا ومحورة وحويرا.
والأصل الثالث المحور الخشبة التي تدور فيها المحالة.
ويقال حورت الخبزة تحويرا إذا هيأتها وأدرتها لتضعها في الملة.
ومما شذ عن الباب حوار الناقة وهو ولدها.
(حوز) الحاء والواو والزاء أصل واحد وهو الجمع والتجمع.
يقال لكل مجمع وناحية حوز وحوزة.
وحمى فلان الحوزة أي المجمع والناحية.
وجعلته المرأة مثلا لما ينبغي أن تحميه وتمنعه فقالت:

117
فظلت أحثي الترب في وجهه * عني وأحمي حوزة الغائب
ويقال تحوزت الحية إذا تلوت.
قال القطامي:
تحيز مني خشية أن أضيفها * كما انحازت الأفعى مخافة ضارب
وكل من ضم شيئا إلى نفسه فقد حازه حوزا.
ويقال لطبيعة الرجل حوز.
والحوزي من الناس الذي ينحاز عنهم ويعتزلهم.
ويروى بيت العجاج:
* يحوزهن وله حوزي *
وهو الحمار يجمع أتنه ويسوقها.
والأحوزي من الرجال مثل الأحوذي والقياس واحد.
(حوس) الحاء والواو والسين أصل واحد مخالطة الشيء ووطؤه يقال حست الشيء حوسا.
والتحوس كالتردد في الشيء وهو أن يقيم مع إرادة السفر وذلك إذا عارضه ما يشغله.
قال:
* سر قد أنى لك أيها المتحوس *
ويقال الأحوس الدائم الركض والجرىء الذي لا يهوله شيء. قال:

118
* أحوس في الظلماء بالرمح الخطل *
وهو حواس بالليل.
(حوش) الحاء والواو والشين كلمة واحدة.
الحوش الوحش.
يقال للوحشي حوشي وقال عمر في زهير كان لا يعاظل بين القوافي ولا يتبع حوشي الكلام ولا يمدح الرجل إلا بما فيه.
قال القتبي الإبل الحوشية منسوبة إلى الحوش وإنها فحول نعم الجن ضربت في بعض الإبل فنسبت إليها.
قال رؤبة:
* جرت رحانا من بلاد الحوش *
وأظن أن هذا من المقلوب مثل جذب وجبذ.
وأصل الكلمة إن صحت فمن التجمع والجمع يقال حشت الصيد وأحشته إذا أخذته من حواله وجمعته لتصرفه إلى الحبالة.
واحتوش القوم فلانا جعلوه وسطهم.
ويقال تحوش عني القوم تنحوا.
وما ينحاش فلان من شيء إذا لم يتجمع له لقلة اكتراثه به.
قال:
وبيضاء لا تنحاش منا وأمها * إذا ما رأتنا زيل منا زويلها
ويقال إن الحواشة الأمر يكون فيه الإثم وهو من الباب لأن الإنسان يتجمع منه وينحاش.
وأنشد:

119
أردت حواشة وجهلت حقا * وآثرت الدعابة غير راض
ويقال الحواشة الاستحياء وهو من الأصل لأن المستحي يتجمع من الشيء.
والحوش أن يأكل الإنسان من جوانب الطعام حتى ينهكه.
والحائش جماعة النخل ولا واحد له.
(حوص) الحاء والواو والصاد كلمة واحدة تدل على ضيق الشيء.
فالحوص الخياطة حصت الثوب حوصا وذلك أن يجمع بين طرفي ما يخاط.
والحوص ضيق مؤخر العينين في غورها.
ورجل أحوص.
ويقال بل الأحوص الضيق إحدى العينين.
(حوض) الحاء والواو والضاد كلمة واحدة وهو الهزم في الأرض.
فالحوض حوض الماء.
واستحوض الماء اتخذ لنفسه حوضا.
والمحوض كالحوض يجعل للنخلة تشرب منه.
ويقال فلان يحوض حوالي فلانة إذا كان يهواها.
ويقال للرجل المهزوم الصدر حوض الحمار وهو سب.
(حوط) الحاء والواو والطاء كلمة واحدة وهو الشيء يطيف بالشيء.
فالحوط من حاطه حوطا.
والحمار يحوط عانته يجمعها.
وحوطت حائطا.
ويقال إن الحواطة حظيرة تتخذ للطعام.
والحوط شيء مستدير تعلقه المرأة على جبينها من فضة.

120
(حوق) الحاء والواو والقاف أصل واحد يقرب من الذي قبله.
فالحوق ما استدار بالكمرة.
والحوق كنس البيت.
والمحوقة المكنسة.
والحواقة الكناسة.
(حوك) الحاء والواو والكاف ضم الشيء إلى الشيء.
ومن ذلك حوك الثوب والشعر.
(حول) الحاء والواو واللام أصل واحد وهو تحرك في دور.
فالحول العام وذلك أنه يحول أي يدور.
ويقال حالت الدار وأحالت وأحولت أتى عليها الحول.
وأحولت أنا بالمكان وأحلت أي أقمت به حولا.
يقال حال الرجل في متن فرسه يحول حولا وحؤولا إذا وثب عليه وأحال أيضا.
وحال الشخص يحول إذا تحرك وكذلك كل متحول عن حالة.
ومنه قولهم استحلت الشخص أي نظرت هل يتحرك.
والحيلة والحويل والمحاولة من طريق واحد وهو القياس الذي ذكرناه لأنه يدور حوالي الشيء ليدركه.
قال الكميت:
وذات اسمين والألوان شتى * تحمق وهي بينة الحويل
ذات اسمين رخمة لأنها رخمة وأنوق.
تحمق وهي ذات حيلة لأنها تكون بأعالي الجبال وتقطع في أول القواطع وترجع في أول الرواجع وتحب ولدها وتحضن بيضها ولا تمكن إلا زوجها.
والحولاء ما يخرج من الولد وهو مطيف.

121
(حوم) الحاء والواو والميم كلمة واحدة تقرب من الذي قبلها وهو الدور بالشيء يقال حام الطائر حول الشيء يحوم.
والحومة معظم القتال وذلك أنهم يطيف بعضهم ببعض.
والحوم القطيع الضخم من الإبل.
والحومانة الأرض المستديرة ويقال يطيف بها رمل.
(باب الحاء والياء وما يثلثهما)
(حيى) الحاء والياء والحرف المعتل أصلان أحدهما خلاف الموت والآخر الاستحياء الذي هو ضد الوقاحة.
فأما الأول فالحياة والحيوان وهو ضد الموت والموتان.
ويسمى المطر حيا لأن به حياة الأرض.
ويقال ناقة محي ومحيية لا يكاد يموت لها ولد.
وتقول أتيت الأرض فأحييتها إذا وجدتها حية النبات غضة.
والأصل الآخر قولهم استحييت منه استحياء.
وقال أبو زيد حييت منه أحيا إذا استحييت.
فأما حياء الناقة وهو فرجها فيمكن أن يكون من هذا كأنه محمول على أنه لو كان ممن يستحيي لكان يستحيي من ظهوره وتكشفه.
(حيث) الحاء والياء والثاء ليست أصلا لأنها كلمة موضوعة لكل مكان وهي مبهمة تقول اقعد حيث شئت وتكون مضمومة.
وحكى الكسائي فيها الفتح أيضا.

122
(حيد) الحاء والياء والدال أصل واحد وهو الميل والعدول عن طريق الاستواء.
يقال حاد عن الشيء يحيد حيدة وحيودا.
والحيود الذي يحيد كثيرا ومثله الحيدي على فعلى.
قال الهذلي:
أو اصحم حام جراميزه * حزابية حيدي بالدحال
الحيد النادر من الجبل والجمع حيود وأحياد.
والحيود حيود قرن الظبي وهي العقد فيه وكل ذلك راجع إلى أصل واحد.
(حير) الحاء والياء والراء أصل واحد وهو التردد في الشيء.
من ذلك الحيرة وقد حار في الأمر يحير وتحير يتحير.
والحير والحائر الموضع يتحير فيه الماء.
قال قيس:
تخطو على برديتين غذاهما * غدق بساحة حائر يعبوب
ويقال لكل ممتلئ مستحير وهو قياس صحيح لأنه إذا امتلأ تردد بعضه على بعض كالحائر الذي يتردد فيه الماء إذا امتلأ.
قال أبو ذؤيب:
* واستحار شبابها *
(حيز) الحاء والياء والزاء ليس أصلا لأن ياءه في الحقيقة واو.
من ذلك الحيز الناحية.
وانحاز القوم وقد ذكر في بابه.

123
(حيس) الحاء والياء والسين أصل واحد وهو الخلط.
قال أبو بكر حست الحبل إذا فتلته أحيسه حيسا.
وهذا أصل لما ذكرناه لأنه إذا فتله تداخلت قواه وتخالطت.
والحيس معروف وهو من الباب لأنه أشياء تخلط.
قال أبو عبيد فيما رواه للذي أحدقت به الإماء من كل وجه محيوس.
قال شبه بالحيس.
(حيص) الحاء والياء والصاد أصل واحد وهو الميل في جور وتلدد.
يقال حاص عن الحق يحيص حيصا إذا جار.
قال:
* وإن حاصت عن الموت عامر *
ويروون:
* بميزان صدق ما يحيص شعيرة *
ومن الباب قولهم وقعوا في حيص بيص أي شدة.
قال الهذلي:
قد كنت خراجا ولوجا صيرفا * لم تلتحصني حيص بيص لحاص
(حيض) الحاء والياء والضاد كلمة واحدة.
يقال حاضت السمرة إذا خرج منها ماء أحمر.
ولذلك سميت النفساء حائضا تشبيها لدمها بذلك الماء.

124
(حيط) الحاء والياء والطاء ليس أصلا وذلك أن أصله في الحياطة والحيطة والحائط كله الواو.
وقد ذكر في بابه.
(حيف) الحاء والياء والفاء أصل واحد وهو الميل.
يقال حاف عليه يحيف إذا مال.
ومنه تحيفت الشيء إذا أخذته من جوانبه وهو قياس الباب لأنه مال عن عرضه إلى جوانبه.
(حيق) الحاء والياء والقاف كلمة واحدة وهو نزول الشيء بالشيء يقال حاق به السوء يحيق.
قال الله تعالى: * (ولا يحيق المكر السئ إلا بأهله فاطر 43) *.
(حيك) الحاء والياء والكاف أصل واحد وهو جنس من المشي.
يقال حاك هو يحيك في مشيه حيكانا إذا حرك منكبيه وجسده.
ومنه الحيك وهو أخذ القول في القلب.
يقال ما يحيك كلامك في فلان.
وإنما قلت إنه منه لأن المشي أخذ في الطريق الذي يمشى فيه.
ومن هذا الباب ضربه فما أحاك فيه السيف إذا لم يأخذ فيه.
(حين) الحاء والياء والنون أصل واحد ثم يحمل عليه والأصل الزمان.
فالحين الزمان قليله وكثيره.
ويقال عاملت فلانا محاينة من الحين.
وأحينت بالمكان أقمت به حينا.
وحان حين كذا أي قرب.
قال:
وإن سلوي عن جميل لساعة * من الدهر ما حانت ولا حان حينها

125
ويقال حينت الشاة إذا حلبتها مرة بعد مرة.
ويقال حينتها جعلت لها حينا.
والتأفين أن لا تجعل لها وقتا تحلبها فيه.
قال المخبل:
إذا أفنت أروى عيالك أفنها * وإن حينت أربى على الوطب حينها
وقال الفراء الحين حينان حين لا يوقف على خده وهو الأكثر وحين ذكره الله تعالى: * (تؤتي أكلها كل حين إبراهيم 25) *.
وهذا محدود لأنه ستة أشهر.
وأما المحمول على هذا فقولهم للهلاك حين وهو من القياس لأنه إذا أتى فلا بد له من حين فكأنه مسمى باسم المصدر.
(باب الحاء والألف وما يثلثهما في الثلاثي)
اعلم أن الألف في هذا الباب لا يخلو أن يكون من واو أو ياء.
والكلمات التي تتفرع في هذا الباب فهي مكتوبة في أبوابها وأكثرها في الواو فلذلك تركنا ذكرها في هذا الموضع.
والله تعالى أعلم.
(باب الحاء والباء وما يثلثهما)
(حبج) الحاء والباء والجيم ليس عندي أصلا يعول عليه ولا يفرع منه وما أدري ما صحة قولهم حبج العلم بدا وحبجت النار بدت بغتة.
وحبجت الإبل إذا أكلت العرفج فاشتكت بطونها كل ذلك قريب في الضعف بعضه من بعض.
وأما حبج بها فالجيم مبدلة من قاف.

126
(حبر) الحاء والباء والراء أصل واحد منقاس مطرد وهو الأثر في حسن وبهاء فالحبار الأثر.
قال الشاعر يصف فرسا:
ولم يقلب أرضها البيطار * ولا لحبليه بها حبار
ثم يتشعب هذا فيقال للذي يكتب به حبر وللذي يكتب بالحبر حبر وحبر وهو العالم وجمعه أحبار.
والحبر الجمال والبهاء.
ويقال ذو حبر وسبر.
وفي الحديث:
(يخرج من النار رجل قد ذهب حبره وسبره).
وقال ابن أحمر:
لبسنا حبرة حتى اقتضينا * لأعمال وآجال قضينا
والمحبر الشيء المزين.
وكان يقال لطفيل الغنوي محبر لأنه كان يحبر الشعر ويزينه.
وقد يجيء في غير الحسن أيضا قياسا.
فيقولون حبر الرجل إذا كان بجلده قروح فبرئت وبقيت لها آثار.
والحبر صفرة تعلو الأسنان.
وثوب حبير من الباب الأول جديد حسن.
والحبرة الفرح.
قال الله تعالى: * (فهم في روضة يحبرون الروم 15) * ويقال قدح محبر أجيد بريه.
وأرض محبار سريعة النبات.
والحبير من السحاب الكثير الماء.
ومما شذ عن الباب قولهم ما فيه حبربر أي شيء.
والحبارى طائر ويقولون مات فلان كمد الحبارى وذلك أنها تلقي ريشها مع إلقاء سائر الطير ريشه ويبطىء نبات ريشها.
فإذا طار الطير ولم تقدر هي على الطيران ماتت كمدا.
قال:

127
وزيد ميت كمد الحبارى * إذا ظعنت هنيدة أو ملم
أي مقارب.
وقال الراعي في الحبارى:
حلفت لهم لا يحسبون شتيمتي * بعيني حبارى في حبالة معزب
رأت رجلا يسعى إليها فحملقت * إليه بمأقي عينها المتقلب
تنوش برجليها وقد بل ريشها * رشاش كغسل الوفرة....
المعزب الصائد لأنه لا يأوى إلى أهله.
وحملقت قلبت حملاق عينها.
والمعنى أن شتمكم إياي لا يذهب باطلا فأكون بمنزلة الحبارى التي لا حيلة عندها إذا وقعت في الحبالة إلا تقليب عينها.
وهي من أذل الطير.
وتنوش برجليها تضرب بهما.
والغسل الخطمي.
يريد سلحت على ريشها.
ومثله قول الكميت:
وعيد الحبارى من بعيد تنفشت * لأزرق معلول الأظافير بالخضب
(حبس) الحاء والباء والسين.
يقال حبسته حبسا.
والحبس ما وقف.
يقال أحبست فرسا في سبيل الله.
والحبس مصنعة للماء والجمع أحباس.

128
(حبش) الحاء والباء والشين كلمة واحدة تدل على التجمع. فالأحابيش جماعات يتجمعون من قبائل شتى. قال ابن رواحة:
وجئنا إلى موج من البحر زاخر * أحابيش منهم حاسر ومقنع
(حبص) الحاء والباء والصاد ليس أصلا.
ويزعمون أن فيه كلمة واحدة.
ذكر ابن دريد حبص الفرس إذا عدا عدوا شديدا.
(حبض) الحاء والباء والضاد أصلان أحدهما التحرك والآخر النقص.
فالحبض التحرك ومنه الحابض وهو السهم الذي يقع بين يدي راميه وذلك نقصانه على الغرض.
ويقال حبض ماء الركية نقص.
ويقال من الثاني أحبض فلان بحقي إحباضا أي أبطله.
وأما المحابض وهي المشاور عيدان تشتار بها العسل فممكن أن يكون من الأول.
قال ابن مقبل:
كأن أصواتها من حيث تسمعها * صوت المحابض ينزعن المحارينا
(حبط) الحاء والباء والطاء أصل واحد يدل على بطلان أو ألم.
يقال أحبط الله عمل الكافر أي أبطله.

129
وأما الألم فالحبط أن تأكل الدابة حتى تنفخ لذلك بطنها.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(إن مما ينبت الربيع ما يقتل حبطا أو يلم).
وسمي الحارث الحبط لأنه كان في سفر فأصابه مثل هذا.
وهم هؤلاء الذين يسمون الحبطات من تميم.
ومما يقرب من هذا الباب حبط الجلد إذا كانت به جراح فبرأت وبقيت بها آثار.
(حبق) الحاء والباء والقاف ليس عندي بأصل يؤخذ به ولا معنى له.
لكنهم يقولون حبق متاعه إذا جمعه.
ولا أدري كيف صحته.
(حبك) الحاء والباء والكاف أصل منقاس مطرد وهو إحكام الشيء في امتداد واطراد.
يقال بعير محبوك القرى أي قوية.
ومن الاحتباك الاحتباء وهو شد الإزار وهو قياس الباب.
وحبك السماء في قوله تعالى: * (والسماء ذات الحبك الذاريات 7) فقال قوم ذات الخلق الحسن المحكم.
وقال آخرون الحبك الطرائق الواحدة حبيكة.
ويراد بالطرائق طرائق النجوم.
ويقال كساء محبك أي مخطط.
(حبل) الحاء والباء واللام أصل واحد يدل على امتداد الشيء.
ثم يحمل عليه ومرجع الفروع مرجع واحد.
فالحبل الرسن معروف والجمع حبال.
والحبل حبل العاتق.
والحبل القطعة من الرمل يستطيل.

130
والمحمول عليه الحبل وهو العهد.
قال الأعشى:
وإذا تجوزها حبال قبيلة * أخذت من الأخرى إليك حبالها
ويريد الأمان وعهود الخفارة.
يريد أنه يخفر من قبيلة حتى يصل إلى قبيلة أخرى فتخفر هذه حتى تبلغ.
والحبالة حبالة الصائد.
ويقال احتبل الصيد إذا صاده بالحبالة.
قال الكميت:
ولا تجعلوني في رجائي ودكم * كراج على بيض الأنوق احتبالها
لا تجعلوني كمن رجا من لا يكون لأن الرخمة لا يوصل إليها فمن رجا أن يصيدها على بيضها فقد رجا ما لا يكون.
وأما قول لبيد:
ولقد أغدو وما يعدمني * صاحب غير طويل المحتبل
فإنه يريد بمحتبله أرساغه لأن الحبل يكون فيها إذا شكل.
ويقال للواقف مكانه لا يفر.
حبيل براح كأنه محبول أي قد شد بالحبال.
وزعم ناس أن الأسد يقال له حبيل براح.
ومن المشتق من هذا الأصل الحبل بكسر الحاء وهي الداهية.
قال:
فلا تعجلي يا عز أن تتفهمي * بنصح أتى الواشون أم بحبول
ووجهه عندي أن الإنسان إذا دهي فكأنه قد حبل أي وقع في الحبالة كالصيد الذي يحبل.
وليس هذا ببعيد.

131
ومن الباب الحبل وهو الحمل وذلك أن الأيام تمتد به.
وأما الكرم فيقال له حبلة وحبلة وهو من الباب لأنه في نباته كالأرشية.
وأما الحبلة فثمر العضاة.
وقال سعد بن أبي وقاص كنا نغزو مع النبي صلى الله عليه وسلم وما لنا طعام إلا الحبلة وورق السمر.
وفيما أحسب أن الحبلة وهي حلي يجعل في القلائد من هذا ولعله مشبه بثمره.
قال:
ويزينها في النحر حلي واضح * وقلائد من حبلة وسلوس
(حبن) الحاء والباء والنون أصل واحد فيه كلمتان محمولة إحداهما على الأخرى.
فالحبن كالدمل في الجسد ويقال بل الرجل الأحبن الذي به السقي.
والكلمة الأخرى أم حبين وهي دابة قدر كف الإنسان.
(حبو) الحاء والباء والحرف المعتل أصل واحد وهو القرب والدنو وكل دان حاب.
وبه سمي حبي السحاب لدنوه من الأفق.
ومن الباب حبوت الرجل إذا أعطيته حبوة وحبوة والاسم الحباء.
وهذا لا يكون إلا للتألف والتقريب.
ومنه احتبى الرجل إذا جمع ظهره وساقيه بثوب وهي الحبوة والحبوة أيضا لغتان.
والحابي السهم الذي يزحف إلى الهدف والعرب تقول حبوت للخمسين إذا دنوت لها.
وذكر الأصمعي كلمة لعلها تبعد في الظاهر من هذا الأصل قليلا وليست في التحقيق بعيدة قال فلان يحبو ما حوله أي يحميه ويمنعه.
قال ابن أحمر:

132
وراحت الشول ولم يحبها * فحل ولم يعتس فيها مدر
ويقال وهو القياس المطرد إن الحبى مقصور مكسور الحاء خاصة الملك وجمعه أحباء.
وقال بعضهم بل الواحد حبأ مهموز مقصور.
ويسمى بذلك لقربه ودنوه.
فلم يخلف من الباب شيء.
والله أعلم.
(باب الحاء والتاء وما يثلثهما)
(حتر) الحاء والتاء والراء أصلان أحدهما إطافة الشيء بالشيء واستدارة منه حوله والثاني تقليل شيء وتزهيده.
فالأول الحتار ما استدار بالعين من باطن الجفن وجمعه حتر.
وحتار الظفر ما أحاط به.
ومن الباب الحتار وهو هدب الشقة وكفتها والجمع حتر.
قال أبو زيد الكلابي الحتر ما يوصل بأسفل الخباء إذا ارتفع عن الأرض وقلص ليكون سترا.
ويقال حترت البيت.
وقال بعض أهل اللغة الحتر تحديق العين عند النظر إلى الشيء.
وقال حتر يحتر حترا وهو قياس الباب.
ومن الباب أحترت العقدة إذا أحكمت عقدها وهو من الأول لأن العقد لا يكون إلا وقد دار شيء على شيء.
والأصل الثاني أحترت القوم وللقوم إذا فوت عليهم طعامهم.
قال الشنفري:

133
وأم عيال قد شهدت تقوتهم * إذا أطعمتهم أحترت وأقلت
ويقال الحترة الوكيرة.
يقال حتر لنا.
وليس ببعيد لأن الوكيرة أقل الولائم والدعوات.
ويقولون إن الحترة رضعة.
ويقولون ما حترت اليوم شيئا أي ما ذقت قال الشاعر:
أنتم السادة الغيوث إذا البازل * لم يمس سقبها محتورا
يقول لم يكن لها لبن كثير ولا لها لبن قليل ترضعه سقبها.
(حتأ) الحاء والتاء والهمزة كلمة واحدة ليست أصلا وأظنها من باب الإبدال وأنها مبدلة من كاف.
يقولون أحتأت الثوب إحتاء إذا فتلته.
ظنا أنه من الإبدال فمن أحكأت العقدة.
وقد مضى تفسير ذلك ويقول...
(حتم) الحاء والتاء والميم ليس عندي أصلا وأكثر ظني أنه أيضا من باب إبدال التاء من الكاف إلا أن الذي فيه من إحكام الشيء.
يقال حتم عليه وأصله على ما ذكرناه حكم وقد مضى تفسيره.
والحاتم الذي يقضي الشيء.
فأما تسميتهم الغراب حاتما فمن هذا لأنهم يزعمون أنه يحتم بالفراق.
وهو كالحكم منه.
قال:

134
ولقد غدوت وكنت لا * أغدو على واق وحاتم
وفي الباب كلمة أخرى ويقرب أيضا من باب الإبدال.
ويقولون الحتامة ما بقي من الطعام على المائدة وهذا عندي من باب الطاء لأنه شيء يتحتم أي يتفتت ويتكسر.
وقد مر تفسيره.
(حتد) الحاء التاء والدال أصل واحد وهو استقرار الشيء وثباته.
فالحتد المقام بالمكان.
حتد يحتد.
ومنه المحتد وهو الأصل يقال هو في محتد صدق.
والحتد العين لا ينقطع ماؤها وهو قياس الباب.
(حتن) الحاء والتاء والنون أصل واحد يدل على تساوي الأشياء.
فالحتن القرن يقال هما حتنان أي سيان.
وتحاتنوا إذا تساووا.
ويقال وقعت النبل في الهدف حتنى.
على فعلى إذا تقاربت مواقعها.
وكل شيء لا يخالف بعضه بعضا فهو محتتن.
(حتف) الحاء والتاء والفاء كلمة واحدة لا يقاس عليها وذلك أنه لا يبنى منها فعل وهو الحتف وجمعه حتوف وهو الهلاك.
(حتل) الحاء والتاء واللام ليس هو عندي أصلا وما أحق أيضا ما حكوه فيه وهو يدل على القلة والصغر.
يقولون الحوتل الغلام حين يراهق.
ويقولون لفراخ القطا حوتل.
وهذا عندي تصحيف إنما هو حوتك بالكاف وقد ذكر.
ويقال حتل له أعطاه.
وليس بشيء

135
(حتك) الحاء والتاء والكاف يدل على مقاربة وصغر.
فالحتك أن يقارب الخطو ويسرع رفع الرجل ووضعها.
وهو صحيح من الكلام معروف.
ويبنى منه الحتكان وهو غير الحيكان.
والحواتك صغار النعام.
والحوتك القصير.
(حتو) الحاء والتاء والحرف المعتل بعده أصل واحد يدل على شدة.
فالحتو العدو الشديد يقال حتا يحتو حتوا.
والحتو كفك هدب الكساء تقول حتوته.
فأما الحتي فيقال إنه سويق المقل وهو شاذ.
وقد يجوز أن يقتاس له باب فيه بعض الخشونة.
قال الهذلي:
لا در دري إن أطعمت نازلكم * قرف الحتي وعندي البر مكنوز
(باب الحاء والثاء وما يثلثهما)
(حثر) الحاء والثاء والراء أصل واحد يدل على تحبب في الشيء وغلظ.
ويقال حثرت عين الرجل حثرا إذا غلظت أجفانها من بكاء أو رمد.
وحثر العسل إذا تحبب.
والحوثرة بعض أعضاء الرجل.
وليس من قياس الباب.
والحواثر قوم من عبد القيس وحثارة التبن حطامه.
حثوى) الحاء والثاء والحرف المعتل يدل على ذرو الشيء

136
الخفيف السبيح.
من ذلك الحثا وهو دقاق التبن.
قال:
وأغبر مسحول التراب ترى له * حثا طردته الريح من كل مطرد
وقال الراجز:
* كأنه غرارة ملأى حثا *
ويقال حثا التراب يحثوه.
قال:
الحصن أدنى لو تريدينه * من حثوك الترب على الراكب
ويقال حثى يحثي حثيا.
وهو أفصح.
قال:
* أحثي على ديسم من جعد الثرى *
ويقال أرض حثواء كثيرة التراب.
(حثل) الحاء والثاء واللام أصل واحد يدل على سوء وحقارة.
فحثالة البر رديئه.
وحثالة الدهن وما أشبهه ثفله.
والمحثل السيء الغذاء.
قال متمم.
* وأرملة تمشي بأشعث محثل.
* كفرخ الحبارى رأسه قد تصوعا *
شبهه بفرخ الحبارى لأنه قبيح المنظر منتف الريش.
(حثم) الحاء والثاء والميم يدل على شدة.
فالحثمة الأكمة وبها

137
سميت المرأة حثمة.
وقال بعض أهل اللغة حثمت الشيء حثما دلكته.
(باب الحاء والجيم وما يثلثهما)
(حجر) الحاء والجيم والراء أصل واحد مطرد وهو المنع والإحاطة على الشيء.
فالحجر حجر الإنسان وقد تكسر حاؤه.
ويقال حجر الحاكم على السفيه حجرا وذلك منعه إياه من التصرف في ماله.
والعقل يسمى حجرا لأنه يمنع من إتيان ما لا ينبغي كما سمى عقلا تشبيها بالعقال:
قال الله تعالى * (هل في ذلك قسم لذي حجر الفجر 5) *.
وحجر قصبة اليمامة.
والحجر معروف وأحسب أن الباب كله محمول عليه ومأخوذ منه لشدته وصلابته.
وقياس الجمع في أدنى العدد أحجار والحجارة أيضا له قياس كما يقال جمل وجمالة وهو قليل.
والحجر الفرس الأنثى وهي تصان ويضن بها.
والحاجر ما يمسك الماء من مكان منهبط وجمعه حجران.
وحجرة القوم ناحية دارهم وهي حماهم.
والحجرة من الأبنية معروفة.
وحجر القمر إذا صارت حوله دارة.
ومما يشتق من هذا قولهم حجرت عين البعير إذا وسمت حولها بميسم مستدير.
ومحجر العين ما يدور بها وهو الذي يظهر من النقاب.
والحجر حطيم

138
مكة وهو المدار بالبيت.
والحجر القرابة.
والقياس فيها قياس الباب لأنها ذمام وذمار يحمى ويحفظ.
قال:
يريدون أن بقصوه عني وإنه * لذو حسب دان إلي وذو حجر
والحجر الحرام.
وكان الرجل يلقى الرجل يخافه في الأشهر الحرم فيقول حجرا أي حراما ومعناه حرام عليك أن تنالني بمكروه فإذا كان يوم القيامة رأى المشركون ملائكة العذاب فيقولون * (حجرا محجورا) * فظنوا أن ذلك ينفعهم في الآخرة كما كان ينفعهم في الدنيا.
ومن ذلك قول القائل.
حتى دعونا بأرحام لهم سلفت * وقال قائلهم إني بحاجور
والمحاجر الحدائق واحدها محجر.
قال لبيد.
* تروى المحاجر بازل علكوم *
(حجز) الحاء والجيم والزاء أصل واحد مطرد القياس وهو الحول بين الشيئين.
وذلك قولهم حجزت بين الرجلين وذلك أن يمنع كل واحد منهما من صاحبه.
والعرب تقول حجازيك على وزن حنانيك أي احجز بين القوم وإنما سميت الحجاز حجازا لأنها حجزت بين نجد والسراة وحجرة الإزار معقدة.
وحجزة السراويل موضع التكة.
وهذا على التشبيه والتمثيل كأنه حجز بين الأعلى والأسفل.
ويقال كانت بين القوم رميا ثم صارت إلى

139
حجيزي أي تراموا ثم تحاجزوا.
فأما قول القائل.
رقاق النعال طيب حجزاتهم * يحيون بالريحان يوم السباسب
وهي جمع حجزة كناية عن الفروج أي إنهم أعفاء.
(جحف) الحاء والجيم والفاء كلمة واحدة لا قياس وهي الحجفة وهي الترس الصغير يطارق بين جلدين وتجعل منهما حجفة.
والجمع حجف.
قال:
أيمنعنا القوم ماء الفرات * وفينا السيوف وفينا الحجف
(حجل) الحاء والجيم واللام ليس يتقارب الكلام فيه إلا من جهة واحدة فيها ضعف يقال على طريقة الاحتمال والإمكان إنه شيء يطيف بشيء.
فالحجل الخلخال وهو مطيف بالساق والحجلة حجلة العروس.
ومر فلان يحجل في مشيته أي يتبختر.
وهو قياس ما ذكرناه كأنه يدور على نفسه.
وتحجيل الفرس بياض يطيف بأرساغه.
والحوجلة القارورة.
قال الراجز.
كأن عينيه من الغؤور * قلتان في صفح صفا منقور
* أذاك أم حوجلتا قارور *
وقال علقمة.
* كأن أعينها فيها الحواجيل *

140
ومما شذ عن الباب الحجل هذا الطائر.
ومن الباب قول الأصمعي حجلت العين غارت.
(حجم) الحاء والجيم والميم أصل واحد وهو ضرب من المنع والصدف.
يقال أحجمت عن الشيء إذا نكصت عنه.
وحجم البعير إذا شد فمه بأدم وليف.
ومما شذ عن الباب الحوجمة الوردة الحمراء والجمع حوجم.
والحجم فعل الحاجم.
(حجن) الحاء والجيم والنون أصل واحد يدل على ميل.
فالحجن اعوجاج الخشبة وغيرها.
والمحجن خشبة أو عصا معقفة الرأس.
واحتجنت بها الشيء أخذته.
ويقال للمخاليب المعقفة حجنات.
قال العجاج.
* بحجنات يتثقبن البهر *
وهي الأوساط.
وأحجن الثمام خرجت خوصته ولعلها تكون حجناء.
واحتجنت الشيء لنفسي وذلك إمالتك إياه إلى نفسك.
ويقولون احتجن عليه حجنة كما يقال حجر عليه.
ومن الباب قولهم غزوة حجون وذلك إذا أظهرت غيرها ثم ملت إليها ويقال غزاهم غزوا حجونا.
(حجا) الحاء والجيم والحرف المعتل أصلان متقاربان أحدهما إطافة الشيء بالشيء وملازمته والآخر القصد والتعمد.

141
فأما الأول فالحجوة وهي الحدقة لأنها من أحدق بالشيء.
ويقال لنواحي البلاد وأطرافها المحيطة بها أحجاء قال ابن مقبل.
لا يحرز المرء أحجاء البلاد ولا * يبنى له في السماوات السلاليم
ومحتمل أن يكون من هذا الباب الحجاة وهي النفاخة تكون على الماء من قطر المطر لأنها مستديرة.
والأصل الثاني قولهم تحجيت الشيء إذا تحريته وتعمدته.
قال ذو الرمة.
* فجاءت بأغباش تحجي شريعة *
ويقولون حجيت بالمكان وتحجيت به قال:
* حيث تحجي مطرق بالفالق *
والحجو بالشيء الضن به يقال حجئت به أي ضننت.
وبه سمى الرجل حجوة.
وحجأت به فرحت.
وقد قلنا إن البابين متقاربان والقياس فيهما لمن نظر قياس واحد.
فأما الأحجية والحجيا وهي الأغلوطة يتعاطاها الناس بينهم يقول أحدهم أحاجيك ما كذا فقد يجوز أن يكون شاذا عن هذين الأصلين ويمكن أن يحمل عليهما فيقال أحاجيك أي اقصد وانظر وتعمد لعلم ما أسألك عنه.
ومنه أنت حج أن تفعل كذا كما تقول حرى.

142
(حجب) الحاء والجيم والباء أصل واحد وهو المنع.
يقال حجبته عن كذا أي منعته.
وحجاب الجوف ما يحجب بين الفؤاد وسائر الجوف.
والحاجبان العظمان فوق العينين بالشعر واللحم.
وهذا على التشبيه كأنهما تحجبان شيئا يصل إلى العينين.
وكذلك حاجب الشمس إنما هو مشبه بحاجب الإنسان.
وكذلك الحجبة رأس الورك تشبيه أيضا لإشرافه.
(باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف)
وقد مضى فيما تقدم من هذا الكتاب أن الرباعي وما زاد يكون منحوتا وموضوعا كذا وضعا من غير نحت.
فمن المنحوت من هذا الباب الحرقوف الدابة المهزول فهذا من حرف وحقف.
أما الحرف فالضامر من كل شيء وقد مر تفسيره.
وأما حقف فمنه المحقوقف وهو المنحني وذلك أنه إذا هزل احدودب كما يقال في الناقة إذا كانت تلك حالها حدباء حدبار.
ومنه الحلقوم وليس ذلك منحوتا ولكنه مما زيدت فيه الميم والأصل الحلق وقد مر.
والحلقمة قطع الحلقوم.
ومنه المحلقن من البسر وذلك أن يبلغ الإرطاب ثلثيه.
وهذا مما زيدت فيه النون وإنما هو من الحلق كأن الإرطاب إذا بلغ ذلك الموضع منه فقد بلغ إلى حلقه.
ويقال له الحلقان الواحدة حلقانة.
ومنه حرزقت الرجل حبسته وهذا منحوت من حزق وحرز من

143
قولهم أحرزت الشيء فهو حريز.
والحزق فيه ضرب من التشديد كما يقال حزقت الوتر وغيره.
قال الأعشى:
* بساباط حتى مات وهو محرزق *
ومنه الحبجر وهو الوتر الغليظ ويقال في غير الوتر أيضا والحاء فيه زائدة وإنما الأصل الباء والجيم والراء.
وكل شديد عظيم بجر وبجر.
وقد مر.
ومنه الحسكل الصغار من كل شيء.
وهذا مما زيدت فيه الكاف وإنما الأصل الحسل.
يقال لولد الضب حسل.
ومنه الحقلد وهو البخيل الشديد واللام فيه زائدة.
وهو من أحقد القوم إذا لم يصيبوا من المعدن شيئا.
ويقال الحقلد الآثم.
فإن كان كذا فاللام أيضا زائدة وفيه قياس من الحقد والله أعلم.
ومنه الحذلقة وأظنها ليست عربية أصلية وإنما هي مولدة واللام فيها زائدة.
وأنا أصله الحذق.
والحذلقة ادعاء الإنسان أكثر مما عنده يريد إظهار حذق بالشيء.
ومن ذلك احرنجمت الإبل إذا ارتد بعضها على بعض.
واحرنجم القوم إذا اجتمعوا.
وهذه فيها نون وميم وإنما الأصل الحرج وهو الشجر المجتمع الملتف وقد مر اشتقاقه وقياسه.

144
ومن ذلك رجل محصرم قليل الخير.
والأصل أن الميم زائدة وإنما هو من الحصور والحصر.
ومن هذا الباب الحصرم.
ومنه الحثرمة وهي الدائرة التي تحت الأنف وسط الشفة العليا.
وهذه منحوتة من حثم وثرم.
فحثم من الجمع وثرم من أن ينثرم الشيء.
ومن ذلك الحنزقرة وهو القصير.
وهذا من الحزق والحقر مع زيادة النون.
فالحقر من الحقارة والصغر والحزق كان خلقه حزق بعضه إلى بعض.
ومن ذلك الحلبس وهو الشجاع.
وهذا منحوت من حلس وحبس.
فالحلس اللازم للشيء لا يفارقه والحبس معروف فكأنه حبس نفسه على قرنه وحلس به لا يفارقه.
ومثله الحلابس.
قال الكميت:
فلما دنت للكاذتين وأحرجت * به حلبسا عند اللقاء حلابسا
ومن ذلك تحترش القوم حشدوا والتاء فيه زائدة وإنما الأصل الحرش والتحريش وقد مر.
وفيه أيضا أن يكون من حتر وأصله حتار الخيمة وما أطاف بها من أذيالها فكذلك هؤلاء تجمعوا وأطاف بعضهم ببعض فقد صارت الكلمة إذا من باب النحت.
ومن ذلك الحوأب الوادي الواسع العرض والحاء فيه زائدة وإنما الأصل الوأب والوأب الواسع المقعر من كل شيء.

145
ومن ذلك الحمارس وهو الرجل الشديد.
وهذه منحوتة من كلمتين من حمس ومرس.
فالمرس المتمرس بالشيء والحمس الشديد.
وقد مضى شرحه.
ومن ذلك المحدرج وهو المفتول حتى يتداخل بعضه في بعض فيملاس وهي منحوتة من كلمتين من حدر ودرج.
فحدر فتل ودرج من أدرجت.
ومن ذلك حضرم في كلامه حضرمة فقد قيل كذا بالصاد.
فإن كانت صحيحة فالميم زائدة كأنه تشبه بالحاضرة الذين لا يقيمون إعراب الكلام.
والحضرمة مخالفة الإعراب واللحن.
ومن ذلك المحملج وهو الحبل الشديد الفتل.
وهذا عندي من حمج فاللام زائدة.
فحمج جنس من التشديد نحو حمج الرجل عينيه إذا حدق وأحد النظر.
وقد مضى ذكره.
وعلى هذا يحمل الحملاج وهو منفاخ الصائغ.
والحملاج قرن الثور.
قال رؤبة في المحملج:
* محملج أدرج إدراج الطلق *
وهذا ما أمكن استخراج قياسه من هذا الباب.
أما الذي هو عندنا موضوع وضعا فقد يجوز أن يكون له قياس خفي علينا موضعه.
والله أعلم بذلك.
فمن ذلك الحنديرة والحندورة الحدقة والحنديرة أجود كذا قال أبو عبيد.
والحرقفة عظم الحجبة وهو رأس الورك.

146
ومنه الحملاق وهو ما غطته الجفون من بياض المقلة.
ويقال حملق إذا فتح عينه ونظر نظرا شديدا.
والحرقوص دويبة.
والحبلق جماعة الغنم.
والحبركى الطويل الظهر القصير الرجلين.
والحرجل الطويل.
والحرجف الريح الباردة.
والحشرجة تردد صوت النفس.
والحشرجة حفيرة تحفر كالحسي.
والحشرج كوز صغير.
وحرشف السلاح ما زين به.
والحفلج الرجل الأفحج.
والحيفس القصير.
وكذلك الحفيسأ.
والحزور الغلام اليافع.
والحزورة تل صغير.
والحناتم سحائب سود.
وكل أسود حنتم.
وكذلك الخضر عند العرب سود ومنها سميت الجرار حناتم وكانت الجرار في الجاهلية خضرا فسمتها العرب حناتم.
وحبوكر الداهية.
ويقال احبنطى إذا انتفخ كالمتغضب.
وهذه الكلمة قد مر قياسها في الحبط.

147
ويقال ما لي من هذا الأمر حنتال أي بد.
والحنظب الذكر من الجراد.
والحربث نبت.
وحضاجر الضبع.
والحزنبل والحبركل القصير.
والأصل في هذه الأبواب أن كل ما لم يصح وجهه من الاشتقاق الذي نذكره فمنظور فيه إلا ما رواه الأكابر الثقات.
والله أعلم.
(تم كتاب الحاء)

148
كتاب الخاء
(باب ما جاء من كلام العرب أوله خاء في المضاعف والمطابق والأصم)
(خد) الخاء والدال أصل واحد وهو تأسل الشيء وامتداده إلى السفل.
فمن ذلك الخد خد الإنسان وبه سميت المخدة.
والخد الشق.
والأخاديد الشقوق في الأرض.
والتخدد تخدد اللحم من الهزال.
وامرأة متخددة مهزولة.
والخداد ميسم من المياسم ولعله يكون في الخد يقال منه بعير مخدود.
(خر) الخاء والراء أصل واحد وهو اضطراب وسقوط مع صوت.
فالخرير صوت الماء.
وعين خرارة.
وقد خرت تخر.
ويقال للرجل إذا اضطرب بطنه قد تخرخر.
وخر إذا سقط.
قال أبو خراش يصف سيفا:
به أدع الكمي على يديه * يخر تخاله نسرا قشيبا
قشيب قد خلط له السم بطعم يقال قشب له إذا خلط له السم.
وإنما يفعل ذلك ليصاد به ومثله لطفيل:

149
كساها رطيب الريش من كل ناهض * إلى وكره وكل جون مقشب
المقشب نسر قد جعل له القشب في الجيف ليصاد.
ناهض حديث السن.
والنسر إذا كبر اسود.
وتقول خر الماء الأرض شقها.
والآخرة واحدها خرير وهي أماكن مطمئنة بين الربوين تنقاد.
وقال الأحمر سمعت بعض العرب ينشد بيت لبيد:
* بأخرة الثلبوت *
والخر من الرحى الموضع الذي تلقى فيه الحنطة.
وهو قياس الباب لأن الحب يخر فيه.
وخر الأذن ثقبها مشبه بذلك.
(خز) الخاء والزاء أصلان أحدهما أن يرز شيء في آخر والآخر جنس من الحيوان.
فالأول الخز خز الحائط وهو أن يشوك.
ويقال خزه بسهم إذا رماه به وأثبته فيه.
وطعنه بالرمح فاختزه. قال ابن أحمر:
* حتى اختززت فؤاده بالمطرد *
فأما قولهم بعير خزخز أي شديد فهو من الباب لأن أعضاءه كأنها خزت خزا أي أثبتت إثباتا.

150
والأصل الثاني الخزز الذكر من الأرانب والجمع خزان.
قال:
وبنو نويجية اللذون كأنهم * معط مخدمة من الخزان
(خس) الخاء والسين أصلان أحدهما حقارة الشيء والآخر تداول الشيء.
فالأول الخسيس الحقير يقال خس الرجل نفسه وأخس إذا أتى بفعل خسيس.
ومن هذا الباب جاوزت الناقة خسيستها إذا جاوزت سن الحقة والجذعة والثنية ولحقت بالبزول.
وهو القياس لأن كل هذه الأسنان دون البزول.
والأصل الثاني قول العرب تخاس القوم الأمر إذا تداولوه وتسابقوه أيهم يأخذه.
ويقال هذه الأمور خساس بينهم أي دول.
قال ابن الزبعري:
والعطيات خساس بينهم * وبنات الدهر يلعبن بكل
(خش) الخاء والشين أصل واحد وهو الولوج والدخول.
يقال خش الرجل في الشر دخل.
ورجل مخش ماض جريء على الليل.
والخشاء موضع الدبر لأنه ينخش فيه.
قال ذو الإصبع:

151
إما ترى نبله فخشرم خشاء * إذا مس دبره لكعا
ومن الباب الخشخاش الجماعة لأنهم قوم يجتمعون ويتداخلون.
قال الكميت:
* وهيضلها الخشخاش إذ نزلوا *
والخش أن تجعل الخشاش في أنف البعير.
يقال خششته فهو مخشوش ويكون من خشب.
وخشاش الأرض دوابها.
فأما الرجل الخشاش الصغير الرأس فيقال بالفتح والكسر.
وهو القياس لأنه ينخش في الأمر بحقه.
قال طرفة:
أنا الرجل الضرب الذي تعرفونني * خشاش كرأس الحية المتوقد
ومن الباب وهو في الظاهر يبعد من القياس الخششاوان عظمان نانيان خلف الأذنين.
ويقال للواحد خشاء أيضا.
ولم يجيء في كلام العرب فعلاء مضمومه الفاء ساكنة العين إلا هذه وقوباء والأصل فيها التحريك.
(خص) الخاء والصاد أصل مطرد منقاس وهو يدل على الفرجة والثلمة.
فالخصاص الفرج بين الأثافي.
ويقال للقمر بدا من خصاصة السحاب.
قال ذو الرمة:

152
أصاب خصاصه فبدا كليلا * كلا وانغل سائره انغلالا
والخصاصة الإملاق.
والثلمة في الحال.
ومن الباب خصصت فلانا بشيء خصوصية بفتح الخاء وهو القياس لأنه إذا أفرد واحد فقد أوقع فرجه بينه وبين غيره والعموم بخلاف ذلك.
والخصيصي الخصوصية.
(خض) الخاء والضاد أصلان أحدهما قلة الشيء وسخافته والآخر الاضطراب في الشيء مع رطوبة.
فالأول الخضض الخرز الأبيض يلبسه الإماء.
والرجل الأحمق خضاض.
ويقال للسقط من الكلام خضض.
ويقال ما على الجارية خضاض أي ليس عليها شيء من حلي.
والمعنى أنه ليس عليها شيء حتى الخضض الذي بدأنا بذكره قال الشاعر:
ولو برزت من كفة الستر عاطلا * لقلت غزال ما عليه خضاض
وأما الأصل الآخر فتخضخض الماء.
والخضخاض ضرب من القطران.
ويقال نبت خضخض أي كثير الماء.
تقول كأنه يتخضخض من ريه.
وقد شذ عن الباب حرف واحد إن كان صحيحا قالوا خاضضت فلانا إذا بايعته معارضة.
وهو بعيد من القياس الذي ذكرناه

153
(خط) الخاء والطاء أصل واحد وهو أثر يمتد امتدادا.
فمن ذلك الخط الذي يخطه الكاتب.
ومنه الخط الذي يخطه الزاجر.
قال الله تعالى: * (أو أثارة من علم) * قالوا هو الخط.
ويروى إن نبيا من الأنبياء كان يخط فمن خط مثل خطه علم مثل علمه.
ومن الباب الخطة الأرض يختطها المرء لنفسه لأنه يكون هناك أثر ممدود.
ومنه خط اليمامة وإليه تنسب الرماح الخطية.
ومن الباب الخطة وهي الحال ويقال هو بخطة سوء وذلك أنه أمر قد خط له وعليه.
فأما الأرض الخطيطة وهي التي لم تمطر بين أرضين ممطورتين فليس من الباب والطاء الثانية زائدة لأنها من أخطأ كأن المطر أخطأها.
والدليل على ذلك قول ابن عباس خطأ الله نوءها أي إذا مطر غيرها أخطأ هذه المطر فلا يصيبها.
وأما قولهم في رأس فلان خطية فقال قوم إنما هو خطة.
فإن كان كذا فكأنه أمر يخط ويؤثر على ما ذكرناه.
(خف) الخاء والفاء أصل واحد وهو شيء يخالف الثقل والرزانة.
يقال خف الشيء يخف خفة وهو خفيف وخفاف.
ويقال أخف الرجل إذا خفت حاله.
وأخف إذا كانت دابته خفيفة.
وخف القوم ارتحلوا.
فأما الخف فمن الباب لأن الماشي يخف وهو لابسه.
وخف البعير منه أيضا.
وأما الخف في الأرض وهو أطول من النعل فإنه تشبيه.
[و] الخف الخفيف. قال:

154
يزل الغلام الخف عن صهواته * ويلوي بأثواب العنيف المثقل
فأما أصوات الكلاب فيقال لها الخفخفة فهو قريب من الباب.
(خق) الخاء والقاف أصل واحد وهو الهزم في الشيء والخرق.
فمن ذلك الأخقوق ويقال الإخقيق وهو هزم في الأرض والجمع الأخاقيق.
وجاء في الحديث: (في أخاقيق جرذان).
والإحقاق اتساع خرق البكرة.
ومن هذا قولهم أتان خقوق إذا صوت حياؤها.
ويقال للغدير إذا نضب وجف ماؤه وتقلفع خق.
قال:
* كأنما يمشين في خق يبس *
(خل) الخاء واللام أصل واحد يتقارب فروعه ومرجع ذلك إما إلى دقة أو فرجة.
والباب في جميعها متقارب.
فالخلال واحد الأخلة.
ويقال فلان يأكل خلله وخلالته أي ما يخرجه الخلال من أسنانه.
والخل خللك الكساء على نفسك بالخلال.
فأما الخليل الذي يخالك فمن هذا أيضا كأنكما قد تخاللتما كالكساء الذي يخل.
ومن الباب الرجل الخل وهو النحيف الجسم.
قال:

155
* إما ترى جسمي خلا قد رهن *
وقال الآخر:
فاسقنيها يا سواد بن عمرو * إن جسمي بعد خالي لخل
ويقال لابن المخاض خل لأنه دقيق الجسم.
والخل الطريق في الرمل لأنه يكون مستدقا.
ومنه الخلال وهو البلح.
فأما الفرجة فالخلل بين الشيئين.
ويقال خلل الشيء إذا لم يعم.
ومنه الخلة الفقر لأنه فرجة في حاله.
والخليل الفقير في قوله:
وإن أتاه خليل يوم مسغبة * يقول لا غائب مالي ولا حرم
والخلة جفن السيف والجمع خلل.
فأما الخلل وهي السيور التي تلبس ظهور السيتين فذلك لدقتها كأن كل واحدة منها خلة.
والخل عرق في العنق متصل بالرأس.
والخلخال من الباب أيضا لدقته.
(خم) الخاء والميم أصلان أحدهما تغير رائحة والآخر تنقية شيء.
فالأول قولهم خم اللحم إذا تغيرت رائحته.
والثاني قولهم خم البيت إذا كنس.
وخمامة البئر ما يخم من ترابها إذا نقيت.
وبيت مخموم.
مكنوس.
ويقال هو مخموم القلب إذا كان نقي القلب من كل غش ودخل.

156
(خن) الخاء والنون أصل واحد وهو حكاية شيء من الأصوات بضعف.
وأصله خن إذا بكى خنينا.
والخنخنة أن لا يبين الكلام.
ويقال الخنان في الإبل كالزكام في الناس.
والخنة كالغنة.
ويقال الخنين الضحك الخفي.
ويقولون إن المخنة الأنف.
فإن كان كذا فلأنه موضع الخنة وهي الغنة.
ويقال وطئ مخنته أي أذله كأنه وضع رجليه على أنفه.
(خأ) الخاء والهمزة الممدودة ليست أصلا ينقاس بل ذكر فيه حرف واحد لا يعرف صحته.
قالوا خاءبك علينا أي اعجل.
وأنشدوا للكميت:
* بخاءبك الحق يهتفون وحي هل *
(خب) الخاء والباء أصلان الأول أن يمتد الشيء طولا والثاني جنس من الخداع.
فالأول الخبيبة والخبة الطريقة تمتد في الرمل.
ثم يشبه بها الخرقة التي تخرق طولا.
ويحمل على ذلك الخبيبة من اللحم وهي الشريحة منه.
وأما الآخر فالخب الخداع والخب الخداع.
وهذا مشتق من خب البحر اضطرب.
وقد أصابهم الخب.
ومن هذا الخبب ضرب من العدو.
ويقال جاء مخبا.
ومنه خب النبت،

157
إذا يبس وتقلع.
كأنه يخب توهم أنه يمشي.
قال رؤبة:
* وخب أطراف السفا على القيق *
والخبخبة رخاوة الشيء واضطرابه.
وكل ذلك راجع إلى ما ذكرناه لأن الخداع مضطرب غير ثابت العقد على شيء صحيح.
فأما ما حكاه الفراء لي من فلان خواب وهي القرابات واحدها خاب فهو عندي من الباب الأول لأنه سبب يمتد ويتصل.
فأما قولهم خبخبوا عنكم من الظهيرة أي أبردوا فليس من هذا وهو من المقلوب وقد مر.
(خت) الخاء والتاء ليس أصلا لأن تاءه مبدلة من سين.
يقال ختيت أي خسيس.
وأخت الله حظه أي أخسه.
وهذا في لغة من يقول مررت بالنات يريد بالناس.
وذكروا أنهم يقولون أخت فلان استحيا.
فإن كان صحيحا فمعناه أنه أتى بشيء ختيت يستحي منه وأنشدوا:
فمن يك من أوائله مختا * فإنك يا وليد بهم فخور
أي لا تأتي أنت من أوائلك بختيت.
(خث) الخاء والثاء ليس أصلا ولا فرعا صحيحا يعرج عليه ولكنا نذكر ما يذكرونه.
يقولون الخث ما أوخف من أخثاء البقر وطلي به شيء وليس هذا بشيء ويقال الخث غثاء السيل إذا تركه السيل فيبس واسود.

158
(خج) الخاء والجيم أصل يدل على اضطراب وخفة في غير استواء.
فيقال ريح خجوج وهي التي تلتوي في هبوبها.
وكان الأصمعي يقول الخجوج الشديدة المر.
ويقال إن الخجخجة الانقباض والاستحياء.
وقالوا خجخج الرجل إذا لم يبد ما في نفسه.
ويقال اختج الجمل في سيره إذا لم يستقم.
ورجل خجاجة أحمق.
والباب كله واحد.
(باب الخاء والدال وما يثلثهما)
(خدر) الخاء والدال والراء أصلان الظلمة والستر والبطء والإقامة.
فالأول الخداري الليل المظلم.
والخدارية العقاب للونها.
قال:
خدارية فتخاء ألثق ريشها * سحابة يوم ذي أهاضيب ماطر
ويقال اليوم خدر.
والليلة الخدرة المظلمة الماطرة وقد أخدرنا إذا أظلنا المطر.
قال:
فيهن بهكنة كأن جبينها * شمس النهار ألاحها الإخدار
وقال:
* ويسترون النار من غير خدر *

159
ومثله أو قريب منه قول طرفة:
* كالمخاض الجرب في اليوم الخدر *
ومن الباب الخدر خدر المرأة.
وأسد خادر لأن الأجمة له خدر.
والأصل الثاني أخدر فلان في أهله أقام فيهم.
قال:
كأن تحتي بازيا ركاضا * أخدر خمسا لم يذق عضاضا
ومن الباب خدر الظبي تخلف عن السرب.
ويقال الخادر المتحير.
ومن الباب خدرت رجله.
وخدر الرجل وذلك من امذلال يعتريه.
قال طرفة:
جازت الليل إلى أرحلنا * آخر الليل بيعفور خدر
يقول كأنه ناعس.
ويقال للحمر بنات أخدر وهي منسوبة إليه ولهذا تسمى الأخدرية.
(خدش) الخاء والدال والشين أصل واحد وهو خدش الشيء للشيء.
يقال خدشت الشيء خدشا وجمع الخدش خدوش.
ويقال لأطراف السفا الخادشة لأنها تخدش.
ويقال لكاهل البعير [مخدش] لقلة لحمه وتخديشه فم متعرقه.

160
(خدع) الخاء والدال والعين أصل واحد ذكر الخليل قياسه.
قال الخليل.
الإخداع إخفاء الشيء.
قال وبذلك سميت الخزانة المخدع.
وعلى هذا الذي ذكر الخليل يجري الباب.
فمنه خدعت الرجل ختلته.
ومنه الحرب خدعة وخدعة.
ويقال خدع الريق في الفم وذلك أنه يخفى في الحلق ويغيب.
قال:
* طيب الريق إذا الريق خدع *
ويقال ما خدعت بعيني نعسة أي لم يدخل المنام في عيني.
قال:
أرقت فلم تخدع بعيني نعسة * ومن يلق ما لاقيت لا بد يأرق
والأخدع عرق في سالفة العنق.
وهو خفي.
ورجل مخدوع قطع أخدعه.
ولفلان خلق خادع إذا تخلق بغير خلقه.
وهو من الباب لأنه يخفي خلاف ما يظهره.
ويقال إن الخدعة الدهر في قوله:
* يا قوم من عاذري من الخدعة *
وهذا على معنى التمثيل كأنه يغر ويخدع.
ويقال غول خيدع كأنها

161
تغتال وتخدع.
وزعم ناس أنهم يقولون دينار خادع أي ناقص الوزن.
فإنه كان كذا فكأنه أرى التمام وأخفى النقصان حتى أظهره الوزن.
ومن الباب الخيدع وهو السراب والقياس واحد.
(خدف) الخاء والدال والفاء أصل واحد.
قال ابن دريد: الخدف السرعة في المشي ومنه اشتقاق خندف.
(خدل) الخاء والذال واللام أصل واحد يدل على الدقة واللين.
يقال امرأة خدلة أي دقيقة العظام وفي لحمها امتلاء وهي بينة الخدل والخدالة.
وذكر عن السجستاني عنبة خدلة أي ضئيلة.
(خدم) الخاء والدال والميم أصل واحد منقاس وهو إطافة الشيء بالشيء.
فالخدم الخلاخيل الواحد خدمة.
قال:
* يبحثن بحثا كمضلات الخدم *
والخدماء الشاة تبيض أوظفتها والمخدم موضع الخدام من الساق.
وفرس مخدم إذا كان تحجيله مستديرا فوق أشاعره.
قال الخليل الخدمة سير محكم مثل الحلقة تشد في رسغ البعير ثم تشد إليه سريحة النعل.
قال وسمي الخلخال خدمة بذلك.
والوعل الأرح المخدم الواسع الأظلاف الذي أحاط البياض بأوظفته.
قال:
* تعيي الأرح المخدما *

162
ومن هذا الباب الخدمة.
ومنه اشتقاق الخادم لأن الخادم يطيف بمخدومه.
(خدن) الخاء والدال والنون أصل واحد وهو المصاحبة.
فالخدن الصاحب.
يقال خادنت الرجل مخادنة.
وخدن الجارية محدثها.
قال أبو زيد خادنت الرجل صادقته.
ورجل خدنة كثير الأخدان.
(خدب) الخاء والدال والباء أصلان أحدهما اضطراب في الشيء ولين والآخر شق في الشيء.
فالأول الخدب وهو الهوج وفي أخبار العرب كان بنعامة خدب أي هوج ولعل ذلك في حروبه ويدل على ما ذكرناه ومنه بعير خدب يكون ذلك في كثرة لحم وإذا كثر اللحم لان واضطرب.
ويقال من الأول رجل أخدب وامرأة خدباء.
وقال الأصمعي درع خدباء لينة.
قال:
* خدباء يحفزها نجاد مهند *
ويقال خدب إذا كذب وذلك أن في الكذب اضطرابا إذ كان غير مستقيم.
وشيخ خدب وصف بما وصف به البعير.
قال بعضهم إن في لسانه خدبا أي طولا.

163
وأما الأصل الآخر فالخدب بالناب شق الجلد مع اللحم.
ويقال ضربة خدباء إذا هجمت على الجوف.
والخدب الحلب الشديد كأنه يريد شق الضرع بشدة حلبه.
ومما شذ عن هذا الباب قولهم اقبل على خيدبتك أي طريقك الأول.
قال الشيباني الخيدب الطريق الواضح.
وإن صح هذا فقد عاد إلى القياس لأن الطريق يشق الأرض.
(خدج) الخاء والدال والجيم أصل واحد يدل على النقصان.
يقال خدجت الناقة إذا ألقت ولدها قبل النتاج.
فإن ألقته ناقص الخلق ولتمام الحمل فقد أخدجت.
قال ابن الأعرابي أخدجت الصيفة قل مطرها.
وفي الحديث:
(كل صلاة لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج)
(باب الخاء والذال وما يثلثهما)
(خذع) الخاء والذال والعين يدل على قطع الشيء يقال خذعة بالسيف إذا ضربه.
وروي بيت أبي ذؤيب:
* وكلاهما بطل اللقاء مخذع *
أي كأنه قد ضرب بالسيف مرارا.
ويقال نبات مخذع إذا أكل أعلاه.
وصحفه ناس فقالوا مجدع.
وليس بشيء.

164
(خذف) الخاء والذال والفاء أصل واحد يدل على الرمي.
يقال خذفت بالحصاة إذا رميتها من بين سبابتيك.
قال:
كأن الحصى من خلفها وأمامها * إذا نجلته رجلها خذف أعسرا
والمخذفة هي التي يقال لها المقلاع.
ويقال أتان خذوف أي سمينة.
قال أبو حاتم قال الأصمعي يراد بذلك أنها لو حذفت بحصاة لدخلت في بطنها من كثرة الشحم.
وهذا الذي يحكيه عن هؤلاء الأئمة وإن قل فهو يدل على صحة ما نذهب إليه من هذه المقايسات كالذي ذكرناه آنفا عن الخليل في باب الإخداع وكما قاله الأصمعي في الأتان الخذوف.
والخذفان ضرب من سير الأيل وهو بترام قليل.
(خذق) الخاء والذال والقاف ليس أصلا وإنما فيه كلمة من باب الإبدال.
يقال خذق الطائر إذا ذرق.
وأراه خزق فأبدلت الزاء ذالا.
(خذل) الخاء والذال واللام أصل واحد يدل على ترك الشيء والقعود عنه.
فالخذلان ترك المعونة.
ويقال خذلت الوحشية أقامت على ولدها وهي خذول.
قال:
خذول تراعي ربربا بخميلة * تناول أطراف البرير وترتدي
ومن الباب تخاذلت رجلاه ضعفتا.
من قوله:

165
* وخذول الرجل من غير كسح *
وقال آخر:
* صرعى نوؤها متخاذل *
ورجل خذلة للذي لا يزال يخذل.
(خذم) الخاء والذال والميم يدل على القطع.
يقال خذمت الشيء قطعته.
وسيف مخذم.
والخذماء العنز تنشق أذنها عرضا من غير بينونة والخذم السرعة في السير وهو من الباب.
(خذأ) الخاء والذال والحرف المعتل والمهموز يدل على الضعف واللين.
يقال خذا الشيء يخذو خذوا استرخى.
وخذي يخذى.
وينمة خذواء لينة وهي بقلة وأذن خذواء مسترخية ويكره من الفرس الخذا في الأذن.
ومن الباب خذئت وخذأت أخذأ إذا خضعت له خذوءا وخذأ.
ويقال استخذيت واستخذأت لغتان وهم إلى ترك الهمز فيها أميل.
وقد قال كثير:
فما زلتم بالناس حتى كأنهم * من الخوف طير أخذأتها الأجادل
فهمز.
يقال أخذيت فلانا أي أذللته.
(باب الخاء والراء وما يثلثهما)
(خرز) الخاء والراء والزاء يدل على جمع الشيء إلى الشيء وضمه إليه.
فمنه خرز الجلد.
ومنه الخرز وهو معروف لأنه ينظم وينضد بعضه إلى

166
بعض.
وفقار الظهر خرز لانتظامه وخرزات الملك كان الملك منهم كلما ملك عاما زيدت في تاجه خرزة ليعلم بذلك عدد سني ملكه.
قال:
رعى خرزات الملك عشرين حجة * وعشرين حتى فاد والشيب شامل
(خرس) الخاء والراء والسين أصول ثلاثة الأول جنس من الآنية والثاني عدم النطق والثالث نوع من الطعام.
فالأول الخرس بسكون الراء وهو الدن ويقال لصانعه الخراس.
والثاني الخرس في اللسان وهو ذهاب النطق.
ويحمل على ذلك فيقال كتيبة خرساء إذا صمتت من كثرة الدروع فليس لها قعقعة سلاح.
ويقال لبن أخرس خاثر لا صوت له في الإناء عند الحلب وسحابة خرساء ليس فيها رعد.
والثالث الخرس والخرسة وهو طعام يتخذ للوالد من النساء وتلك خرستها.
قال:
إذا النفساء لم تخرس ببكرها * طعاما ولم يسكت بحتر فطيمها
وزعم ناس أن البكر تدعى في أول حملها خروسا.
وأنشدوا:
شركم حاضر ودركم د * ر خروس من الأرانب بكر

167
ويقال الخروس القليلة الدر.
(خرش) الخاء والراء والشين أصل واحد يدل على انتفاخ في الشيء وخروق.
الأصل الخرشاء وهو سلخ الحية ثم يشبه به كل شيء يكون فيه تلك الصفة فيقال للرغوة الخرشاء.
قال مزرد:
إذا مس خرشاء الثمالة أنفه * ثنى مشفريه للصريح فأقنعا
ويقال طلعت الشمس في خرشاء أي في غبرة.
وألقى الرجل خراشي صدره أي بصاقا خائرا.
فهذا هو الأصل.
فأما قولهم كلب خراش فهو عندنا من باب الإبدال قال الراجز:
كأن طبيبها إذا ما درا * كلبا خراش خورشا فهرا
ويجوز أن يكون من خرشت الشيء إذا خدشته وهو من الأول كأنه إذا خرش نفر وربا وتخرق.
فأما قولهم اخترشت الشيء إذا كسبته فهو عندنا أيضا من باب الإبدال إنما هو اقترش.
وقد ذكر في بابه.
وكان ابن الأعرابي يقول اخترش كسب.
وكان يروي كلاما تلك رب ثدي افترش ونهب اخترش وضب احترش.
وغيره يروي ونهب اقترش.
والخراش سمة خفيفة.
والخرشة ضرب من الذباب ولعله من بعض ما مضى ذكره.

168
(خرص) الخاء والراء والصاد أصول متباينة جدا.
فالأول الخرص وهو حزر الشيء يقال خرصت النخل إذا حزرت ثمره.
والخراص الكذاب وهو من هذا لأنه يقول ما لا يعلم ولا يحق.
وأصل آخر يقال للحلقة من الذهب خرص.
وأصل آخر وهو كل ذي شعبة من الشيء ذي الشعب.
فالخريص من البحر الخليج منه.
والخرص كل قضيب من شجرة وجمعه خرصان.
قال:
ترى قصد المران تلقى كأنه * تذرع خرصان بأيدي الشواطب
ومن هذا الأصل تسميتهم الرمح الخرص.
قال:
* عض الثقاف الخرص الخطيا *
ومنه الأخراص وهي عيدان تكون مع مشتار العسل.
وأصل آخر وهو الخرص وهو صفة الجائع المقرور يقال خرص خرصا.
(خرض) الخاء والراء والضاد.
زعم ناس أن الخريض الجارية الحديثة السن الحسنة.
وهذا مما لا يعول على مثله ولا قياس له.
(خرط) الخاء والراء والطاء أصل واحد منقاس مطرد وهو مضي الشيء وانسلاله.
وإليه يرجع فروع الباب فيقال اخترطت السيف من غمده وخرطت عن الشجرة ورقها وذلك أنك إذا فعلت ذلك فكأن الشجرة.

169
قد انسلت منه.
وقال قوم الخرط قشر العود وهو من ذلك.
والخروط من الدواب الذي يجتذب رسنه من يد ممسكه ويمضي.
ويقال اخروط بهم السير إذا امتد.
والمخروط الرجل الطويل الوجه.
واستخرط الرجل في البكاء وذلك إذا ألح ولج فيه مستمرا.
والخرط داء يصيب ضرع الشاة فيخرج لبنها متعقدا كأنه قطع الأوتار.
وهي شاة مخرط فإن كان ذلك عادتها فهي مخراط.
ويقال المخاريط الحيات إذا انسلخلت جلودها.
قال:
إني كساني أبو قابوس مرفلة * كأنها سلخ أبكار المخاريط
ورجل خروط متهور يركب رأسه وهو القياس.
ويقال انخرط علينا إذا اندرأ بالقول السئ.
وانخرط جسم فلان إذا دق وذلك كأنه انسل من لحمه انسلالا.
ويقال خرطت الفحل في الشول إذا أرسلته فيها.
(خرع) الخاء والراء والعين أصل واحد وهو يدل على الرخاوة ثم يحمل عليه.
فالخروع نبات لين ومنه اشتقاق المرأة الخريع وهي اللينة.
وكان الأصمعي ينكر أن يكون الخريع الفاجرة وكان يقول هي التي تثنى من اللين.
ويقال لمشفر البعير إذا تدلى خريع.
قال:
خريع النعو مضطرب النواحي * كأخلاق الغريفة ذا غضون
وأخذه من عتيبة بن مرداس في قوله:

170
تكف شبا الأنياب عنها بمشفر * خريع كسبت الأحوري المخصر
والخرع لين في المفاصل.
ويقال الخراع جنون الناقة وهو من الباب.
ومما حمل على الخرع الشق تقول خرعته فانخرع.
واخترع الرجل كذبا أي اشتقه.
وانخرعت أعضاء البعير إذا زالت من مواضعها.
ويقال المخرع المختلف الأخلاق.
وفيه نظر فإن صح فهو من خراع النوق.
ويقال خرعت النخلة إذا ذهب كربها تجزع.
(خرف) الخاء والراء والفاء أصلان أحدهما أن يجتنى الشيء والآخر الطريق.
فالأول قولهم اخترفت الثمرة إذا اجتنيتها.
والخريف الزمان الذي يخترف فيه الثمار.
وارض مخروفة أصابها مطر الخريف.
والمخرف الذي يجتنى فيه.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(عائد المريض على مخارف الجنة حتى يرجع).
والعرب تقول اخرف لنا أي اجن.
والمخرف بفتح الميم الجماعة من النخل.
وقال بعض أهل اللغة إن الخروف يسمى خروفا لأنه يخرف من ههنا وههنا.
والأصل الآخر المخرفة الطريق.
وفي الحديث:
(تركتم على مثل مخرفة النعم) أي على الطريق الواضح المستقيم.
وقال:

171
فضربته بأفل تحسب إثره * نهجا أبان بذي فريغ مخرف
ومن هذا الباب الإخراف وهو أن تنتج الناقة في مثل الوقت الذي حملت فيه.
وهو القياس لأنها كأنها لزمت ذلك القصد فلم تعوج عنه.
وبقيت في الباب كلمة هي عندنا شاذة من الأصل وهو الخرف والخرف فساد العقل من الكبر.
(خرق) الخاء والراء والقاف أصل واحد وهو مزق الشيء وجوبه إلى ذلك يرجع فروعه.
فيقال خرقت الأرض أي جبتها.
واخترقت الريح الأرض إذا جابتها.
والمخترق الموضع الذي يخترقه الرياح.
قال رؤبة:
* وقاتم الأعماق خاوي المخترق *
والخرق المفازة لأن الرياح تخترقها.
والخرق الرجل السخي كأنه يتخرق بالمعروف.
والخرق نقيض الرفق كأن الذي يفعله متخرق.
والتخرق خلق الكذب.
وريح خرقاء لا تدوم في الهبوب على جهة.
والخرقاء المرأة لا تحسن عملا.
قال:
خرقاء بالخير لا تهدي لوجهته * وهي صناع الأذى في الأهل والجار
والخرقاء من الشاء وغيرها المثقوبة الأذن.
وبعير أخرق يقع منسمه بالأرض قبل خفه.
والخرقة معروفة والجمع خرق.
وذو الخرق الطهوي سمي بذلك لقوله:

172
* عليها الريش والخرق *
والخرقة من الجراد.
القطعة.
قال:
قد نزلت بساحة ابن واصل * خرقة رجل من جراد نازل
قال الفراء يقال مررت بخريق من الأرض بين مسحاوين وهي التي اتسعت واتسع نباتها.
والجمع خرق.
قال:
* في خرق تشبع من رمرامها *
ومن الباب الخرق وهو التحير والدهش.
ويقال خرق الغزال إذا طاف به الصائد فدهش ولصق بالأرض.
ويقال مثل ذلك تشبيها خرق الرجل في بيته إذا لم يبرح.
والخرق طائر يلصق بالأرض.
ثم يتسع في ذلك فيقال الخرق الحياء.
وحكي عن بعض العرب ليس بها طول يذيمها ولا قصر يخرقها أي لا تستحيي منه فتخرق.
والمخاريق ما تلعب به الصبيان من الخرق المفتولة.
قال:
* مخاريق بأيدي لاعبينا *
(خرم) الخاء والراء والميم أصل واحد وهو ضرب من الاقتطاع.

173
يقال خرمت الشيء.
واخترمهم الدهر.
وخرم الرجل إذا قطعت وترة أنفه لا يبلغ الجدع.
والنعت أخرم.
وكل منقطع طرف شيء مخرم.
يقال لمنقطع أنف الجبل مخرم.
والخورمة أرنبة الإنسان لأنها منقطع الأنف وآخره وأخرم الكتف طرف عيره.
ويمين ذات مخارم أي ذات مخارج واحدها مخرم وذلك أن اليمين التي لا يمكن تأولها بوجه ولا كفارة فلا مخرج لعينها ولا انقطاع لحكمها فإذا كانت بخلاف ذلك فقد صارت لها مخارم أي مخارج ومنافذ فصارت كالشئ فيه خروق.
قال:
لا خير في مال عليه ألية * ولا في يمين غير ذات مخارم
يريد التي لا كفارة لها فهي محرجة مضيقة.
والخورم صخرة فيها خروق.
ومما يجري كالمثل والتشبيه قولهم تخرم زند فلان إذا سكن غضبه.
(خرب) الخاء والراء والباء أصل يدل على التثلم والتثقب.
فالخربة الثقبة.
والعبد الأخرب المثقوب الأذن.
والخرب ثقب الورك.
والخربة عروة المزادة.
ومن الباب وهو الأصل الخراب ضد العمارة والخرب منقطع الجمهور من الرمل.
فأما الخارب فسارق الإبل خاصة وهو القياس لأن السرق إيقاع ثلمة في المال.
ومما شذ عن الباب الخرب وهو ذكر الحبارى والجمع خربان.
وأخرب موضع. [قال]:

174
خرجنا نغالي الوحش بين ثعالة * وبين رحيات إلى فج أخرب
(خرت) الخاء والراء والتاء أصل يدل على تثقب وشبهة فالخرت ثقب الإبرة.
والأخرات الحلق في رؤوس النسوع.
والخريت الرجل الدليل الماهر بالدلالة.
وسمي بذلك لشقه المفازة كأنه يدخل في أخراتها.
ويقال خرتنا الأرض إذا عرفناها فلم تخف علينا طرقها.
(خرث) الخاء والراء والثاء كلمة واحدة وهو أسقاط الشيء.
يقال لأسقاط أثاث البيت خرثي.
قال:
* وعاد كل أثاث البيت خرثيا *
(خرج) الخاء والراء والجيم أصلان وقد يمكن الجمع بينهما إلا أنا سلكنا الطريق الواضح.
فالأول النفاذ عن الشيء.
والثاني اختلاف لونين.
فأما الأول فقولنا خرج يخرج خروجا.
والخراج بالجسد.
والخراج والخرج الإتاوة لأنه مال يخرجه المعطي.
والخارجي الرجل المسود بنفسه من غير أن يكون له قديم كأنه خرج بنفسه وهو كالذي يقال:
* نفس عصام سودت عصاما *
والخروج خروج السحابة يقال ما أحسن خروجها وفلان خريج فلان،

175
إذا كان يتعلم منه كأنه هو الذي أخرجه من حد الجهل.
ويقال ناقة مخترجة إذا خرجت على خلقة الجمل.
والخروج الناقة تخرج من الإبل تبرك ناحية وهو من الخروج.
والخريج فيما يقال لعبة لفتيان العرب يقال فيها خراج خراج.
قال الهذلي:
أرقت له ذات العشاء كأنه * مخاريق يدعى بينهن خريج
وبنو الخارجية قبيلة والنسبة إليه خارجي.
وأما الأصل الآخر فالخرج لونان بين سواد وبياض يقال نعامة خرجاء وظليم أخرج.
ويقال إن الخرجاء الشاة تبيض رجلاها إلى خاصرتها.
ومن الباب أرض مخرجة إذا كان نبتها في مكان دون مكان.
وخرجت الراعية المرتع إذا أكلت بعضا وتركت بعضا.
وذلك ما ذكرناه من اختلاف اللونين.
(خرد) الخاء والراء والدال أصل واحد وهو صون الشيء عن المسيس.
فالجارية الخريدة هي التي لم تمس قط.
وحكى ابن الأعرابي لؤلؤة خريدة لم تثقب.
قال وكل عذراء فهي خريدة.
وجارية خرود خفرة وهي من الباب.
قال ابن الأعرابي أخرد الرجل إذا أقل كلامه.
يقال ما لك مخردا.
وهو قياس ما ذكرناه لأن في ذلك صون الكلام واللسان.

176
(باب الخاء والزاء وما يثلثهما)
(خزع) الخا والزا والعين أصل واحد يدل على القطع والانقطاع.
يقال تخزع فلان عن أصحابه إذا تخلف عنهم في السير ولذلك سميت خزاعة لأنهم تخزعوا عن أصحابهم وأقاموا بمكة.
وهو قول القائل:
فلما هبطنا بطن مر تخزعت * خزاعة عنا بالحلول الكراكر
ويقال تخزعنا الشيء بيننا أي اقتسمناه قطعا.
والخوزعة رملة تنقطع من معظم الرمال.
(خزف) الخاء والزاء والفاء ليس بشيء.
فالخزف هذا المعروف ولسنا ندري أعربي هو أم لا.
قال ابن دريد الخزف الخطر باليد عند المشي.
وهذا من أعاجيب أبي بكر.
(خزق) الخاء والزاء والقاف أصل وهو يدل على نفاذ الشيء المرمي به أو اتزازه.
فالخازق من السهام المقرطس وهو الذي يرتز في قرطاسه.
وخزق الطائر ذرق.
والخزق الطعن.
والقياس واحد.
(خزل) الخاء والزاء واللام أصل واحد يدل على الانقطاع والضعف.
يقال خزلت الشيء قطعته.
وانخزل فلان ضعف.

177
(خزم) الخاء والزاء والميم أصل يدل على انثقاب الشيء.
فكل مثقوب مخزوم.
والطير كلها مخزومة لأن وترات أنفها مخزومة.
ولذلك يقال نعام مخزم.
قال:
* وأرفع صوتي للنعام المخزم *
وخزمت الجراد في العود نظمته.
وخزمت البعير إذا جعلت في وترة أنفه خزامة من شعر.
وعلى هذا القياس يسمى شجرة من الشجر خزمة وذلك أن لها لحاء يفتل منه الحبال والحبال خزامات.
وقد شذ عن الباب الخزومة البقرة.
وكلمة أخرى يقال خازمت الرجل الطريق وهو أن يأخذ في طريق ويأخذ هو في غيره حتى يلتقيا في مكان واحد.
وأخزم رجل.
فأما قولهم إن الأخزم الحية الذكر فكلام فيه نظر.
(خزن) الخاء والزاء والنون أصل يدل على صيانة الشيء.
يقال خزنت الدرهم وغيره خزنا وخزنت السر.
قال:
إذا المرء لم يخزن عليه لسانه * فليس على شيء سواه بخزان
فأما خزن اللحم تغيرت رائحته فليس من هذا إنما هذا من المقلوب

178
والأصل خنز.
وقد ذكر في موضعه.
قال طرفة في خزن:
ثم لا يخزن فينا لحمها * إنما يخزن لحم المدخر
(خزو) الخاء والزاء والحرف المعتل أصلان أحدهما السياسة والآخر الإبعاد.
فأما الأول فقولهم خزوته إذا سسته قال لبيد:
* واخزها بالبر لله الأجل *
وقال ذو الأصبع:
لاه ابن عمك لا أفضلت في حسب * عني ولا أنت دياني فتخزوني
وأما الآخر فقولهم أخزاه الله أي أبعده ومقته.
والاسم الخزي.
ومن هذا الباب قولهم خزي الرجل استحيا من قبح فعله خزاية فهو خزيان وذلك أنه إذا فعل ذلك واستحيا تباعد وناى.
قال جرير:
وإن حمى لم يحمه غير فرتنى * وغير ابن ذي الكيرين خزيان ضائع
(خزب) الخاء والزاء والباء يدل على ورم ونتو في اللحم.
يقال خزبت الناقة خزبا وذلك إذا ورم ضرعها.
والأصل قولهم لحم خزب رخص.
وكل لحمة رخصة خزبة.

179
(خزر) الخاء والزاء والراء أصلان أحدهما جنس من الطبيخ والآخر ضيق في الشيء.
فالأول الخزير وهو دقيق يلبك بشحم.
وكانت العرب تعير آكله.
والثاني الخزر وهو ضيق العين وصغرها.
يقال رجل أخزر وامرأة خزراء وتخازر الرجل إذا قبض جفنيه ليحدد النظر.
قال:
* إذا تخازرت وما بي من خزر *
(باب الخاء والسين وما يثلثهما)
(خسف) الخاء والسين والفاء أصل واحد يدل على غموض وغؤور وإليه يرجع فروع الباب.
فالخسف والخسف غموض ظاهر الأرض.
قال الله تعالى: * (فخسفنا به وبداره الأرض القصص 81) *.
ومن الباب خسوف القمر.
وكان بعض أهل اللغة يقول الخسوف للقمر والكسوف للشمس.
ويقال بئر خسيف إذا كسر جيلها فانهار

180
ولم ينتزح ماؤها.
قال:
* قليذم من العياليم الخسف *
وانخسفت العين عميت.
والمهزول يسمى خاسفا كأن لحمه غار ودخل.
ومنه بات على الخسف إذا بات جائعا كأنه غاب عنه ما أراده من طعام.
ورضي بالخسف أي الدنية.
ويقال وقع الناس في أخاسيف من الأرض وهي اللينة تكاد تغمض للينها.
ومما حمل على الباب قولهم للسحاب الذي يأتي بالماء الكثير خسيف كأنه شبه بالبئر التي ذكرناها.
وكذلك قولهم ناقة خسيفة أي غزيرة.
فأما قولهم إن الخسف الجوز المأكول فما أدري ما هو.
(خسق) الخاء والسين والقاف ليس أصلا لأن السين فيه مبدلة من الزاء وإنما يغير اللفظ ليغير بعض المعنى فالخازق من السهام الذي يرتز إذا أصاب الهدف.
والخاسق الذي يتعلق ولا يرتز.
ويقولون والله أعلم بصحته إن الناقة الخسوق السيئة الخلق.
(خسل) الخاء والسين واللام أصل واحد يدل على ضعف وقلة خطر.
فالمخسول المرذول.
ورجال خسل مثل سخل وهم الضعفاء.
والكواكب المخسولة المجهولة التي لا أسماء لها.
قال:

181
ونحن الثريا وجوزاؤها * ونحن السماكان والمرزم
وأنتم كواكب مخسولة * ترى في السماء ولا تعلم
(خسأ) الخاء والسين والهمزة يدل على الإبعاد.
يقال خسأت الكلب.
وفي القرآن: * (قال اخسئوا فيها ولا تكلمون المؤمنون 108) * كما يقال ابعدوا.
(خسر) الخاء والسين والراء أصل واحد يدل على النقض.
فمن ذلك الخسر والخسران كالكفر والكفران والفرق والفرقان.
ويقال خسرت الميزان وأخسرته إذا نقصته.
والله أعلم مقاييس اللغة ج من ص إلى ص 192.
(باب الخاء والشين وما يثلثهما)
(خشع) الخاء والشين والعين أصل واحد يدل على التطامن.
يقال خشع إذا تطامن وطأطأ رأسه يخشع خشوعا.
وهو قريب المعنى من الخضوع إلا أن الخضوع في البدن والإقرار بالاستخذاء والخشوع في الصوت والبصر.
قال الله تعالى: * (خاشعة أبصارهم القلم 43) *.
قال ابن دريد الخاشع المستكين والراكع.
يقال اختشع فلان ولا يقال اختشع بصره.
ويقال خشع خراشي صدره إذا ألقى بزاقا لزجا.
والخشعة قطعة من الأرض قف قد غلبت عليه السهولة.
يقال قف خاشع لاطئ بالأرض.
قال ابن الأعرابي بلدة خاشعة مغبرة.
قال جرير:

182
لما أتى خبر الزبير تواضعت * سور المدينة والجبال الخشع
قال الخليل.
خشع سنام البعير إذا ذهب إلا أقله.
(خشف) الخاء والشين والفاء يدل على الغموض والستر وما قارب ذلك.
فالخشاف طائر الليل معروف.
والمخشف الرجل الجريء على الليل.
ويقال خشف يخشف خشوفا إذا ذهب في الأرض وهو قياس الباب.
والأخشف البعير الذي غطى جلده الجرب لأنه إذا غطاه فقد ستره.
وسيف خشيف ماض في ضريبته غموض.
والخشفة الصوت ليس بالشديد.
ومما شذ عن الأصل الخشف وهو الغزال.
وهو صحيح ويقولون والله أعلم إن الخشيف الثلج ويبيس الزعفران.
وخشفت رأسه بالحجر إذا فضخته.
فإن كان هؤلاء الكلمات الثلاث صحيحة فقياسها قياس آخر وهو من الهشم والكسر.
(خشل) الخاء والشين واللام أصل واحد يدل على حقارة وصغر.
قالوا الخشل الردىء من كل شيء.
قالوا وأصله الصغار من المقل وهو الخشل.
الواحدة خشلة.
قال الشماخ يصف عقابا ووكره:
ترى قطعا من الأحناش فيه * جماجمهن كالخشل النزيع
يقول إن في وكره رؤوس الحيات.
ويقال لرءوس الحلى من الخلاخيل

183
والأسورة خشل.
وهذا على معنى التشبيه أو لأن ذلك أصغر ما في الحلى.
وكان الأصمعي يفسر بيت الشماخ على هذا.
قال وشبه رؤوس الأحناش بذلك وهو أشبه.
ويقال إن الخشل البيض إذا أخرج ما في جوفه فإن كان هذا صحيحا فلا شيء أحقر من ذلك.
وهو قياس الباب.
(خشم) الخاء والشين والميم أصل واحد يدل على ارتفاع.
فالخيشوم الأنف.
والخشم داء يعتريه.
والرجل الغليظ الأنف خشام.
والمخشم الذي ثار الشراب في خيشومه فسكر.
وخياشيم الجبال أنوفها.
وشذت عن الباب كلمة إن كانت صحيحة.
قالوا خشم اللحم تغير.
(خشن) الخاء والشين والنون أصل واحد وهو خلاف اللين.
يقال شيء خشن.
ولا يكادون يقولون في الحجر إلا الأخشن.
قال:
* والحجر الأخشن والثنايه *
واخشوشن الرجل إذا تماتن وترك الترفة وكتيبة خشناء أي كثيرة السلاح.
(خشي) الخاء والشين والحرف المعتل يدل على خوف وذعر ثم يحمل عليه المجاز.
فالخشية الخوف.
ورجل خشيان.
وخاشاني فلان فخشيته أي كنت أشد خشية منه.
والمجاز قولهم خشيت بمعنى علمت.
قال:
ولقد خشيت بأن من تبع الهدى * سكن الجنان مع النبي محمد

184
أي علمت.
ويقال هذا المكان أخشى من ذلك أي أشد خوفا.
ومما شذ عن الباب وقد يمكن الجمع بينهما على بعد الخشو التمر الحشف.
وقد خشت النخلة تخشو خشوا.
والخشي من اللحم اليابس.
(خشب) الخاء والشين والباء أصل واحد يدل على خشونة وغلظ.
فالأخشب الجبل الغليظ.
ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم في مكة.
(لا تزول حتى يزول أخشباها).
يريد جبليها.
وقول القائل يصف بعيرا:
* تحسب فوق الشول منه أخشبا *
فإنه شبه ارتفاعه فوق النوق بالجبل.
والخشيب السيف الذي بدئ طبعه ولا يكون في هذه الحال إلا خشنا.
وسهم مخشوب وخشيب وهو حين ينحت.
وجمل خشيب غليظ.
وكل هذا عندي مشتق من الخشب.
وتخشبت الإبل إذا أكلت اليبيس من المرعى.
ويقال جبهة خشباء كريهة يابسة ليست بمستوية.
وظليم خشيب غليظ.
قال أبو عبيد الخشيب السيف الذي بدئ طبعه ثم كثر حتى صار عندهم الخشيب الصقيل.
(خشر) الخاء والشين والراء يدل على رداءة ودون.
فالخشارة ما بقي على المائدة مما لا خير فيه.
يقال خشرت أخشر خشرا إذا بقيت الردىء.
ويقال الخشارة من الشعير ما لا لب له فهو كالنخالة.
وإن فلانا لمن خشارة الناس أي رذالهم.

185
(باب الخاء والصاد وما يثلثهما)
(خصف) الخاء والصاد والفاء أصل واحد يدل على اجتماع شيء إلى شيء.
وهو مطرد مستقيم.
فالخصف خصف النعل وهو أن يطبق عليها مثلها.
والمخصف الإشفى والمخرز.
قال الهذلي:
حتى انتهيت إلى فراش عزيزة * سوداء روثة أنفها كالمخصف
يعني بفراش العزيزة عش العقاب.
ومن الباب الاختصاف وهو أن يأخذ العريان على عورته ورقا عريضا أو شيئا نحو ذلك يستتر به.
والخصيفة اللبن الرائب يصب عليه الحليب.
ومن الباب وإن كانا يختلفان في أن الأول جمع شيء إلى شيء مطابقة والثاني جمعه إليه من غير مطابقة قولهم حبل خصيف فيه سواد وبياض.
قال بعض أهل اللغة كل ذي لونين مجتمعين فهو خصيف.
قال وأكثر ذلك السواد والبياض.
وفرس أخصف إذا ارتفع البلق من بطنه إلى جنبيه.
ومن الباب الخصفة وهي الجلة من التمر وتكون مخصوفة.
قال:
* تبيع بنيها بالخصاف وبالتمر *
ومن الذي شذ عن هذه الجملة قولهم للناقة إذا وضعت حملها بعد تسعة أشهر خصفت تخصف خصافا وهي خصوف.

186
(خصل) الخاء والصاد واللام أصل واحد يدل على القطع والقطعة من الشيء ثم يحمل عليها تشبيها ومجازا فالخصل القطع.
وسيف مخصل قطاع.
والخصلة من الشعر معروفة.
والخصيلة كل لحمة فيها عصب.
هذا هو الأصل.
ومما حمل عليه الخصل أطراف الشجر المتدلية.
ومن هذا الباب الخصل في الرهان وذلك أن تحرزه.
والذي يحرزه طائفة من الشيء.
ثم قيل في فلان خصلة حسنة وسيئة.
والأصل ما ذكرناه.
(خصم) الخاء والصاد والميم أصلان أحدهما المنازعة والثاني جانب وعاء.
فالأول الخصم الذي يخاصم.
والذكر والأنثى فيه سواء.
والخصام مصدر خاصمته مخاصمة وخصاما.
وقد يجمع الجمع على خصوم.
قال:
* وقد جنفت علي خصومي *
والأصل الثاني الخصم جانب العدل الذي فيه العروة.
ويقال إن جانب كل شيء خصم.
وأخصام العين ما ضمت عليه الأشفار.
ويمكن أن يجمع بين الأصلين فيرد إلى معنى واحد.
وذلك أن جانب العدل مائل إلى أحد الشقين والخصم المنازع في جانب فالأصل واحد.
(خصن) الخاء والصاد والنون ليس أصلا.
وفيه كلمة واحدة إن صحت.
قالوا الخصين الفاس الصغيرة.

187
(خصي) الخاء والصاد والحرف المعتل كلمة واحدة لا يقاس عليها إلا مجازا وهي قولهم خصيت الفحل خصيا.
وبرئت إليك من الخصاء.
ومعنى خصيت فعل مشتق من الخصي وهو إيقاع به كما يقال ظهرته وبطنته إذا ضربت ظهره وبطنه.
فكذلك خصيته نزعت خصييه.
(خصب) الخاء والصاد والباء أصل واحد وهو ضد الجدب.
مكان مخصب خصيب.
ومن الباب الخصاب.
نخل الدقل.
(خصر) الخاء والصاد والراء أصلان أحدهما البرد والآخر وسط الشيء.
فالأول قولهم خصر الإنسان يخصر خصرا إذا آلمه البرد في أطرافه.
وخصر يومنا خصرا أي اشتد برده.
ويوم خصر.
قال حسان:
رب خال لي لو أبصرته * سبط المشية في اليوم الخصر
وأما الآخر فالخصر خصر الإنسان وغيره وهو وسطه المستدق فوق الوركين.
والمخصر الدقيق الخصر.
ومنه النعل المخصرة.
وأما المخصرة فقضيب أو عصا يكون مع الخاطب إذا تكلم والجمع مخاصر.
قال:
* إذا وصلوا أيمانهم بالمخاصر *

188
وإنما سميت بذلك لأنها توازي خصر الإنسان.
والمخاصرة أن يأخذ الرجل بيد آخر ويتماشيان ويد كل واحد منهما عند خصر صاحبه.
قال:
ثم خاصرتها إلى القببة الخضراء تمشي في مرمر مسنون وخصر الرمل وسطه قال:
أخذن خصور الرمل ثم جزعنه * على كل قيني قشيب ومفأم
والاختصار في الكلام ترك فضوله واستيجاز معانية.
وكان بعض أهل اللغة يقول الاختصار أخذ أوساط الكلام وترك شعبه.
ويقال إن المخاصرة في الطريق كالمخازمة.
وقد ذكر.
والله أعلم.
(باب الخاء والضاد وما يثلثهما)
(خضع) الخاء والضاد والعين أصلان أحدهما تطامن في الشيء والآخر جنس من الصوت.
فالأول الخضوع.
قال الخليل.
خضع خضوعا وهو الذل والاستخذاء.
واختضع فلان أي تذلل وتقاصر.
ورجل أخضع وامرأة خضعاء وهما الراضيان

189
بالذل.
قال العجاج:
وصرت عبدا للبعوض أخضعا * يمصني مص الصبي المرضعا
وقال غيره خضع الرجل وأخضعه الفقر.
ورجل خضعة يخضع لكل أحد.
قال الشيباني الخضع انكباب في العنق إلى الصدر يقال رجل أخضع وعنق خضعاء.
قال زهير:
وركاء مدبرة كبداء مقبلة * قوداء فيها إذا استعرضتها خضع
قال بعض الأعراب الخضع في الظلمان انثناء في أعناقها.
قال أبو عمرو المختضع من اللواحم المتطامن رأسه إلى أسفل خرطومه.
قال النابغة:
أهوى لها أمغر الساقين مختضع * خرطومه من دماء الصيد مختضب
قال ابن الأعرابي الأخضع المتطامن.
ومنه حديث الزبير أنه كان أخضع أشعر.
قال أبو حاتم الخضعان أن تخضع الإبل بأعناقها في السير وهو أشد الوضع.
قال ويقال أخضعه الشيب وخضعه.
قال ويقال اختضع الفحل الناقة وهو أن يسانها ثم يختضعها إلى الأرض بكلكلة.
ويقال خضع النجم إذا مال للمغيب.
قال امرؤ القيس:
بعثت إليها والنجوم خواضع * بليل حذارا أن تهب وتسمعا

190
قال ابن دريد خضع الرجل وأخضع إذا لان كلامه.
وفي الحديث نهى أن يخضع الرجل لغير امرأته أي يلين كلامه.
وأما الآخر فقال الخليل الخيضعة التفاف الصوت في الحرب وغيرها.
ويقال هو غبار المعركة.
وهذا الذي قيل في الغبار فليس بشيء لأنه لا قياس له إلا أن يكون على سبيل مجاورة.
قال لبيد في الخيضعة:
* الضاربون الهام تحت الخيضعة *
قال قوم الخيضعة معركة القتال لأن الأقران يخضع فيها بعض لبعض.
وقد عادت الكلمة على هذا القول إلى الباب الأول.
قال ابن الأعرابي وقع القوم في خيضعة أي صخب واختلاط.
قال ابن الأعرابي والخضيعة الصوت الذي يسمع من بطن الدابة إذا عدت ولا يدرى ما هو ولا فعل من الخضيعة.
قال الخليل الخضيعة ارتفاع الصوت في الحرب وغيرها ثم قيل لما يسمع من بطن الفرس خضيعة.
وأنشد:
كأن خضيعة بطن الجواد * وعوعة الذئب في فدفد
قال أبو عمرو ويقال خضع بطنه خضيعة أي صوت.

191
قال بعضهم الخضوع من النساء التي تسمع لخواصرها صلصلة كصوت خضيعة الفرس قال جندل:
ليست بسوداء خضوع الأعفاج * سرداحة ذات إهاب مواج
قال أبو عبيدة الخضيعتان لحمتان مجوفتان في خاصرتي الفرس يدخل فيهما الريح فيسمع لهما صوت إذا تزيد في مشيه.
قال الأصمعي يقال للسياط خضعة وللسيوف بضعة.
فالخضعة صوت وقعها والبضعة قطعها اللحم.
(خضف) الخاء والضاد والفاء ليس أصلا ولا شغل به.
ويقولون خضف إذا خضم.
والخضف البطيخ فيما يقولون.
(خضل) الخاء والضاد واللام أصل واحد يدل على نعمة وندى.
يقال أخضل المطر الأرض فهو مخضل والأرض مخضلة.
واخضل الشيء ابتل.
والخضل النبات الناعم.
ويقال إن الخضيلة الروضة.
ويقال لامرأة الرجل خضلته وهو من هذا وذلك كما سميت طلة لأنها كالطل في عينه.
وكل نعمة خضلة.
قال:
إذا قلت إن اليوم يوم خضلة * ولا شرز لاقيت الأمور البجاريا

192
(خضم) الخاء والضاد والميم أصلان جنس من الأكل والآخر يدل على كثرة وامتلاء.
فالأول الخضم وهو المضغ بأقصى الأضراس.
وفي الحديث: (تخضمون ونقضم والموعد الله).
والأصل الآخر الخضم الرجل الكثير العطية.
والخضم الجمع الكثير.
قال:
* فاجتمع الخضم والخضم *
وأما المسن فيقال له الخضم تشبيها وإنما ذاك من قياس الباب لأنه يسقى ماء كثيرا.
وحجته قول أبي وجزة:
* على خضم يسقى الماء عجاج *
ومن الباب الخضمة وهي عظمة الذراع وهو مستغلظها.
ويقال إن معظم كل شيء خضمة.
(خضن) الخاء والضاد والنون أصل واحد صحيح.
فالمخاضنة المغازلة.
قال الطرماح:
وألقت إلي القول منهن زولة * تخاضن أو ترنو لقول المخاضن

193
(خضب) الخاء والضاد والباء أصل واحد وهو خضب الشيء.
يقال خضبت اليد وغيرها أخضب.
ويقال للظليم خاضب وذلك إذا أكل الربيع فاحمر ظنبوباه أو اصفرا.
قال أبو دواد:
له ساقا ظليم خا * ضب فوجئ بالرعب
ولا يقال إلا للظليم دون النعامة.
يقال امرأة خضبة كثيرة الاختضاب.
ويقال خضب النخل إذا اخضر طلعه.
وقال بعضهم خضب الشجر يخضب إذا اخضر واخضوضب.
والكف الخضيب نجم وهذا على التشبيه.
وأما الإجانة وتسميتهم إياها المخضب فهو في هذا لأن الذي يخضب به يكون فيها.
(خضد) الخاء والضاد والدال أصل واحد مطرد وهو يدل على تثن في شيء لين يقال انخضد العود انخضادا إذا تثنى من غير كسر.
وخضدته ثنيته.
وربما زادوا في المعنى فقالوا خضدت الشجرة إذا كسرت شوكتها.
ونبات خضيد.
والأصل هو الأول لأن الخضيد هو الريان الناعم الذي يتثنى للينه.
فأما قول النابغة:
يمده كل واد مترع لجب * فيه ركام من الينبوت والخضد

194
فإنه يقال الخضد ما قطع من كل عود رطب.
ويقال خضد البعير عنق البعير إذا تقاتلا فثنى أحدهما عنق الآخر.
(خضر) الخاء والضاد والراء أصل واحد مستقيم ومحمول عليه.
فالخضرة من الألوان معروفة.
والخضراء السماء للونها كما سميت الأرض الغبراء.
وكتيبة خضراء إذا كانت عليتها سواد الحديد وذلك أن كل ما خالف البياض فهو في حيز السواد فلذلك تداخلت هذه الصفات فيسمى الأسود أخضر.
قال الله تعالى في صفة الجنتين * (مدهامتان) * أي سوداوان.
وهذا من الخضرة وذلك أن النبات الناعم الريان يرى لشدة خضرته من بعد أسود.
ولذلك سمي سواد العراق لكثرة شجره.
والخضر قوم سموا بذلك لسواد ألوانهم.
والخضرة في شيات الخيل الغبرة تخالطها دهمة.
فأما قوله:
وأنا الأخضر من يعرفني * أخضر الجلدة في بيت العرب
فإنه يقول أنا خالص لأن ألوان العرب سمرة.
فأما الحديث:
(إياكم وخضراء الدمن) فإن تلك المرأة الحسناء في منبت سوء كأنها شجرة ناضرة في دمنة بعر.
والمخاضرة بيع الثمار قبل بدو صلاحها وهو منهي عنه.
وأما قولهم خضر المزاد فيقال إنها التي بقيت فيها بقايا ماء فاخضرت من القدم ويقال بل خضر المزاد الكروش.

195
ويقال إن الخضار البقل الأول.
فأما قوله ذهب دمه خضرا إذا طل.
فأحسبه من الباب.
يقول ذهب دمه طريا كالنبات الأخضر الذي إذا قطع لم ينتفع به بعد ذلك وبطل وذبل.
فأما قولهم إن الخضار اللبن الذي أكثر ماؤه فصحيح وهو من الباب لأنه إذا كان كذا غلب الماء والماء يسمى الأسمر.
وقد قلنا إنهم يسمون الأسود أخضر ولذلك يسمى البحر خضارة.
(باب الخاء والطاء وما يثلثهما)
(خطف) الخاء والطاء والفاء أصل واحد مطرد منقاس وهو استلاب في خفة.
فالخطف الاستلاب.
تقول خطفته أخطفه وخطفته أخطفه.
وبرق خاطف لنور الأبصار.
قال الله تعالى: * (يكاد البرق يخطف أبصارهم البقرة 20) * والشيطان يخطف السمع إذا استرق.
قال الله تعالى: * (إلا من خطف الخطفة الصافات 10) *.
ويقال للشيطان الخطاف وقد جاء هذا الاسم في الحديث وجمل خيطف سريع المر.
وتلك السرعة الخيطفى.
قال:
* وعنقا باقي الرسيم خيطفا *
وبه سمي الخطفي والأصل فيه واحد لأن المسرع يقل لبث قوائمه على الأرض فكأنه قد خطف الشيء.
ويقال هو مخطف الحشا إذا كان منطوي

196
الحشا.
وذلك صحيح لأنه كأن لحمه خطف منه فرق ودق.
فأما قولهم رمى الرمية فأخطفها إذا أخطأها فممكن أن يكون من الباب وممكن أن يكون الفاء بدلا من الهمزة.
قال:
* إذا أصاب صيده أو أخطفا *
والخطاف طائر والقياس صحيح لأنه يخطف الشيء بمخلبه.
يقال لمخاليب السباع خطاطيفها.
قال:
إذا علقت قرنا خطاطيف كفه * رأى الموت بالعينين أسود أحمرا
والخطاف حديدة حجناء لأنه يختطف بها الشيء والجمع خطاطيف.
قال النابغة:
خطاطيف حجن في حبال متينة * تمد بها أيد إليك نوازع
(خطل) الخاء والطاء واللام أصل واحد يدل على استرخاء واضطراب قياس مطرد.
فالخطل استرخاء الأذن.
يقال أذن خطلاء وثلة خطل وهي الغنم المسترخية الآذان.
قال:
إذا الهدف المعزال صوب رأسه * وأعجبه ضفو من الثلة الخطل
ورمح خطل مضطرب.
ويقال للأحمق خطل.
والخطل المنطق الفاسد.

197
وزعم ناس أن الجواد يسمى خطلا وذلك لسرعته إلى العطاء.
ويقال امرأة خطالة ذات ريبة وذلك لخطلها.
والأصل واحد.
(خطم) الخاء والطاء والميم يدل على تقدم شيء في نتو يكون فيه.
فالمخاطم الأنوف واحدها مخطم.
ورجل أخطم طويل الأنف.
والخطام للبعير سمي بذلك لأنه يقع على خطمه.
ويقال إن الخطمة رعن الجبل.
فهذا هو الباب.
وقد شذت كلمة واحدة قالوا بسر مخطم إذا صارت فيه خطوط.
(خطوأ) الخاء والطاء والحرف المعتل والمهموز يدل على تعدي الشيء والذهاب عنه.
يقال خطوت أخطو خطوة.
والخطوة ما بين الرجلين.
والخطوة المرة الواحدة.
والخطاء من هذا لأنه مجاوزة حد الصواب.
يقال أخطأ إذا تعدى الصواب.
وخطئ يخطأ إذا أذنب وهو قياس الباب لأنه يترك الوجه الخير.
(خطب) الخاء والطاء والباء أصلان أحدهما الكلام بين اثنين يقال خاطبه يخاطبه خطابا والخطبة من ذلك.
وفي النكاح الطلب أن يزوج قال الله تعالى: * (لا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء البقرة 235) *.
والخطبة الكلام المخطوب به.
ويقال اختطب القوم فلانا إذا دعوه إلى تزوج صاحبتهم.
والخطب الأمر يقع وإنما سمي بذلك لما يقع فيه من التخاطب والمراجعة.

198
وأما الأصل الآخر فاختلاف لونين.
قال الفراء الخطباء الأتان التي لها خط أسود على متنها.
والحمار الذكر أخطب.
والأخطب طائر ولعله يختلف عليه لونان.
قال:
* إذا الأخطب الداعي على الدوح صرصرا *
والخطبان الحنظل إذا اختلف ألوانه والأخطب الحمار تعلوه خضرة.
وكل لون يشبه ذلك فهو أخطب.
(خطر) الخاء والطاء والراء أصلان أحدهما القدر والمكانة والثاني اضطراب وحركة.
فالأول قولهم لنظير الشيء خطيره ولفلان خطر أي منزلة ومكانة تناظره وتصلح لمثله.
والأصل الآخر قولهم خطر البعير بذنبه خطرانا.
وخطر ببالي كذا خطرا وذلك أن يمر بقلبه بسرعة لا لبث فيها ولا بطء.
ويقال خطر في مشيته.
ورجل خطار بالرمح أي مشاء به طعان.
قال:
* مصاليت خطارون بالرمح في الوغى *
ورمح خطار ذو اهتزاز وخطر الدهر خطرانه كما يقال ضرب ضربانه.
والخطرة الذكرة.
قال:

199
بينما نحن بالبلاكث فالقا * ع سراعا والعيس تهوي هويا
خطرت خطرة على القلب من ذكراك وهنا فما استطعت مضيا
(باب الخاء والظاء وما يثلثهما)
(خظى) الخاء والظاء والياء ليس في الباب غيره وهو يدل على اكتناز الشيء.
ولا يكاد يقال هذا إلا في اللحم يقال خظي لحمه إذا اكتنز ولحمه خظا بظا.
ورجل خظوان ركب لحمه بعضه بعضا.
(باب الخاء والعين وما يثلثهما)
اعلم أن الخاء لا يكاد يأتلف مع العين إلا بدخيل وليس ذلك في شيء أصلا.
فالخيعل قميص لا كمي له.
قال:
* عجوز عليها هدمل ذات خيعل *
والخيعل الذئب والغول.
ويقال الخيعامة نعت سوء للرجل.
ولا معول على شيء من هذا الجنس لا ينقاس.

200
(باب الخاء والفاء وما يثلثهما)
(خفق) الخاء والفاء والقاف أصل واحد يرجع إليه فروعه وهو الاضطراب في الشيء.
يقال خفق العلم يخفق.
وخفق النجم وخفق القلب يخفق خفقانا.
قال:
كأن قطاة علقت بجناحها * على كبدي من شدة الخفقان
ويقال أخفق الرجل بثوبه إذا لمع به.
ومن هذا الباب الخفق وهو كل ضرب بشيء عريض.
يقال خفق الأرض بنعله.
ورجل خفاق القدم إذا كان صدر قدمه عريضا.
والمخفق السيف العريض.
ويقال إن الخفقة المفازة وسميت بذلك لأن الرياح تختفق فيها.
ومن الباب ناقة خفيق سريعة.
وخفق السراب اضطرب.
وخفق الرجل خفقة إذا نعس.
والخافقان جانبا الجو.
وامرأة خفاقة الحشا أي خميصة البطن كأن ذلك يضطرب.
وأما قولهم أخفق الرجل إذا غزا ولم يصب شيئا فيمكن أن يكون شاذا عن الباب ويمكن أن يقال إذا لم يصب فهو مضطرب الحال وهو بعيد.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(أيما سرية غزت فأخفقت كان لها أجرها مرتين).
وقال عنترة:

201
فيخفق مرة ويفيد أخرى * ويفجع ذا الضغائن بالأريب
(خفي) الخاء والفاء والياء أصلان متباينان متضادان.
فالأول الستر والثاني الإظهار.
فالأول خفي الشيء يخفى وأخفيته وهو في خفية وخفاء إذا سترته.
ويقولون برح الخفاء أي وضح السر وبدا.
ويقال لما دون ريشات الطائر العشر اللواتي في مقدم جناحه الخوافي.
والخوافي سعفات يلين قلب النخلة والخافي الجن.
ويقال للرجل المستتر مستخف.
والأصل الآخر خفا البرق خفوا إذا لمع ويكون ذلك في أدنى ضعف.
ويقال خفيت الشيء بغير ألف إذا أظهرته.
وخفا المطر الفأر من حجرتهن أخرجهن.
قال امرؤ القيس:
خفاهن من أنفاقهن كأنما * خفاهن ودق من سحاب مركب
ويقرأ على هذا التأويل: * (إن الساعة آتية أكاد أخفيها طه 15) * أي أظهرها.
(خفت) الخاء والفاء والتاء أصل واحد وهو إسرار وكتمان.
فالخفت إسرار النطق.
وتخافت الرجلان.
قال الله تعالى: * (يتخافتون بينهم) *.
ثم قال الشاعر:

202
أخاطب جهرا إذ لهن تخافت * وشتان بين الجهر والمنطق الخفت
(خفج) الخاء والفاء والجيم أصل واحد يدل على خلاف الاستقامة فالأخفج الأعوج الرجل والمصدر الخفج ويقال إن الخفج الرعدة.
وهو ذاك القياس.
(خفد) الخاء والفاء والدال أصل واحد وهو من الإسراع.
يقال خفد الظليم أسرع في مره.
ولذلك سمي خفيددا.
(خفر) الخاء والفاء والراء أصلان أحدهما الحياء والآخر المحافظة أو ضدها.
فالأول الخفر.
يقال خفرت المرأة استحيت تخفر خفرا وهي خفرة.
قال:
* زانهن الدل والخفر *
وأما الأصل الآخر فيقال خفرت الرجل خفرة إذا أجرته وكنت له خفيرا.
وتخفرت بفلان إذا استجرت به.
ويقال أخفرته إذا بعثت معه خفيرا.
وأما خلاف ذلك فأخفرت الرجل وذلك إذا نقضت عهده.
وهذا كالباب الذي ذكرناه في خفيت وأخفيت.
(خفع) الخاء والفاء والعين أصل واحد يدل على التزاق شيء بشيء لضر يكون.
يقال انخفع الرجل على فراشه إذا لزق به من مرض.

203
ويقال خفع الرجل إذا التزق بطنه بظهره.
ومنه قول جرير:
* رغدا وضيف بني عقال يخفع *
وذكر ناس انخفعت كبده من الجوع إذا انقطعت.
وأنشدوا هذا البيت وهو قريب من الأول.
وقال بعضهم الأخفع الرجل الذي كأن به ظلعا إذا مشى.
ويقال الخوفع الواجم المكتئب.
ويقال خفعته بالسيف إذا ضربته به.
والقياس واحد.
(باب الخاء واللام وما يثلثهما)
(خلم) الخاء واللام والميم أصل واحد يدل على الإلف والملازمة.
فالخلم كناس الظبي ثم اشتق منه الخلم وهو الخدن.
والأصل واحد.
(خلو) الخاء واللام والحرف المعتل أصل واحد يدل على تعري الشيء من الشيء.
يقال هو خلو من كذا إذا كان عروا منه.
وخلت الدار وغيرها تخلو.
والخلي الخالي من الغم.
وامرأة خلية كناية عن الطلاق لأنها إذا طلقت فقد خلت عن بعلها.
ويقال خلا لي الشيء وأخلى.
قال:
أعاذل هل يأتي القبائل حظها * من الموت أم أخلى لنا الموت وحدنا
والخلية الناقة تعطف على غير ولدها لأنها كأنها خلت من ولدها الأول.
والقرون الخالية المواضي.
والمكان الخلاء الذي لا شيء به. ويقال:

204
ما في الدار أحد خلا زيد وزيدا أي دع ذكر زيد أخل من ذكر زيد.
ويقال افعل ذاك وخلاك ذم أي عداك وخلوت منه وخلا منك.
ومما شذ عن الباب الخلية السفينة وبيت النحل.
والخلا الحشيش.
وربما عبروا عن الشيء الذي يخلو من حافظه بالخلاة فيقولون هو خلاة لكذا أي هو ممن يطمع فيه ولا حافظ له.
وهو من الباب الأول.
وقال قوم الخلي القطع والسيف يختلي أي يقتطع.
فكان الخلا سمي بذلك لأنه يختلى أي يقطع.
ومن الشاذ عن الباب خلا به إذا سخر به.
(خلب) الخاء واللام والباء أصول ثلاثة أحدها إمالة الشيء إلى نفسك والآخر شيء يشمل شيئا والثالث فساد في الشيء.
فالأول مخلب الطائر لأنه يختلب به الشيء إلى نفسه.
والمخلب المنجل لا أسنان له.
ومن الباب الخلابة الخداع يقال خلبه بمنطقه.
ثم يحمل على هذا ويشتق منه البرق الخلب الذي لا ماء معه وكأنه يخدع كما يقال للسراب خادع.
وأما الثاني فالخلب الليف لأنه يشمل الشجرة.
والخلب بكسر الخاء حجاب القلب ومنه قيل للرجل هو خلب نساء أي يحبه النساء.

205
والثالث الخلب وهو الطين والحمأة وذلك تراب يفسده.
ثم يشتق منه امرأة خلبن وهي الحمقاء.
وليست من الخلابة.
ويقال للمهزولة خلبن أيضا.
فأما الثوب المخلب فيقولون إنه الكثير الألوان وليس كذلك إنما المخلب الذي نقش نقوشا على صور مخالب كما يقال مرجل للذي عليه صور الرجال.
(خلج) الخاء واللام والجيم أصل واحد يدل على لي وفتل وقلة استقامة.
فمن ذلك الخليج وهو ماء يميل ميلة عن معظم الماء فيستقر.
وخليجا النهر أو البحر جناحاه.
وفلان يتخلج في مشيته إذا كان يتمايل.
ومن ذلك قولهم خلجني عن الأمر أي شغلني لأنه إذا شغله عنه فقد مال به عنه.
والمخلوجة الطعنة التي ليست بمستوية في قول امرئ القيس:
نطعنهم سلكى ومخلوجة * كرك لأمين على نابل
فالسلكى المستوية.
والمخلوجة المنحرفة المائلة.
ومنه قولهم خلجت الشيء من يده أي نزعته.
وخالجت فلانا نازعته.
وفي الحديث في قراءة القرآن:
(لعل بعضكم خالجنيها).
والخليج الرسن سمي بذلك لأنه يلوى ليا ويفتل فتلا.
قال:

206
وبات يغني في الخليج كأنه * كميت مدمى ناصع اللون أقرح
ويقال خلجته الخوالج كما يقال عدته العوادي.
وأما قول الحطيئة:
* بمخلوجة فيها عن العجز مصرف *
فإنه يصف الرأي وشبهه بالحبل المحكم المفتول.
فهذا إذا تشبيه.
ويجوز أن يكون لما قيل فيها عن العجز مصرف جعلها مخلوجة لأنه قد عدل بها عن العجز.
فأما قولهم خلجت الناقة وذلك إذا فطمت ولدها فقل لبنها فهو من الباب لأنه عدل بها عن ولدها وعدل ولدها عنها.
ويقال سحاب مخلوج متفرق.
فإن كان صحيحا فهو من الباب لأن قطعة منه تميل عن الأخرى.
والخلج فساد وداء.
وهو من الباب.
(خلد) الخاء واللام والدال أصل واحد يدل على الثبات والملازمة.
فيقال خلد أقام وأخلد أيضا.
ومنه جنة الخلد.
قال ابن أحمر:
خلد الحبيب وباد حاضره * إلا منازل كلها قفر
ويقولون رجل مخلد ومخلد إذا أبطأ عنه المشيب.
وهو من الباب لأن الشباب قد لازمه ولازم هو الشباب.
ويقال أخلد إلى الأرض إذا لصق بها.

207
قال الله تعالى: * (ولكنه أخلد إلى الأرض الأعراف 176) *.
فأما قوله تعالى: * (ويطوف عليهم ولدان مخلدون الإنسان 19) * فهو من الخلد وهو البقاء أي لا يموتون.
وقال آخرون من الخلد والخلد جمع خلدة وهي القرط.
فقوله: * (مخلدون) * أي مقرطون مشنفون.
قال:
ومخلدات باللجين كأنما * أعجازهن أقاوز الكثبان
وهذا قياس صحيح لأن الخلدة ملازمة للأذن.
والخلد البال وسمي بذلك لأنه مستقر في القلب ثابت.
(خلس) الخاء واللام والسين أصل واحد وهو الاختطاف والالتماع.
يقال اختلست الشيء.
وفي الحديث: لا قطع في الخلسة.
وقولهم أخلس رأسه إذا خالط سواده البياض كأن السواد اختلس منه فصار لمعا.
وكذلك أخلس النبت إذا اختلط يابسه برطبه.
(خلص) الخاء واللام والصاد أصل واحد مطرد وهو تنقية الشيء وتهذيبه.
يقولون خلصته من كذا وخلص هو.
وخلاصة السمن ما ألقي فيه من تمر أو سويق ليخلص به.
(خلط) الخاء واللام والطاء أصل واحد مخالف للباب الذي قبله بل هو مضاد له.
تقول خلطت الشيء بغيره فاختلط.
ورجل مخلط أي حسن المداخلة للأمور.
وخلافه المزيل. قال أوس:

208
وإن قال لي ماذا ترى يستشيرني * يجدني ابن عمي مخلط الأمر مزيلا
والخليط المجاور.
ويقال الخلط السهم ينبت عوده على عوج فلا يزال يتعوج وإن قوم.
وهذا من الباب لأنه ليس يخالط في الاستقامة.
ويقال استخلط البعير وذلك أن يعيا بالقعو على الناقة ولا يهتدي لذلك فيخلط له ويلطف له.
(خلع) الخاء واللام والعين أصل واحد مطرد وهو مزايلة الشيء الذي كان يشتمل به أو عليه.
تقول خلعت الثوب أخلعه خلعا وخلع الوالي يخلع خلعا.
وهذا لا يكاد يقال إلا في الدون ينزل من هو أعلى منه وإلا فليس يقال خلع الأمير وإليه على بلد كذا.
ألا ترى أنه إنما يقال عزله.
ويقال طلق الرجل امرأته.
فإن كان ذلك من قبل المرأة يقال خالعته وقد اختلعت لأنها تفتدي نفسها منه بشيء تبذله له.
وفي الحديث: (المختلعات هن المنافقات) يعني اللواتي يخالعن أزواجهن من غير أن يضارهن الأزواج.
والخالع البسر النضيج لأنه يخلع قشره من رطوبته.
كما يقال فسقت الرطبة إذا خرجت من قشرها.

209
ومن الباب خلع السنبل إذا صار له سفا كأنه خلعه فأخرجه.
والخليع الذي خلعه أهله فإن جنى لم يطلبوا بجنايته وإن جني عليه لم يطلبوا به.
وهو قوله:
وواد كجوف العير قفر قطعته * به الذئب يعوي كالخليع المعيل
والخليع الذئب وقد خلع أي خلع ويقال الخليع الصائد.
ويقال فلان يتخلع في مشيته أي يهتز كأن أعضاءه تريد أن تتخلع.
والخالع داء يصيب البعير.
يقال به خالع وهو الذي إذا برك لم يقدر على أن يثور.
وذلك أنه كأنه تخلعت أعضاؤه حتى سقطت بالأرض.
والخولع فزع يعتري الفؤاد كالمس وهو قياس الباب كأن الفؤاد قد خلع.
ويقال قد تخالع القوم إذا نقضوا ما كان بينهم من حلف.
(خلف) الخاء واللام والفاء أصول ثلاثة أحدها أن يجيء شيء بعد شيء يقوم مقامه والثاني خلاف قدام والثالث التغير.
فالأول الخلف.
والخلف ما جاء بعد.
ويقولون هو خلف صدق من أبيه.
وخلف سوء من أبيه.
فإذا لم يذكروا صدقا ولا سوءا قالوا للجيد خلف وللردي خلف.
قال الله تعالى: * (فخلف من بعدهم خلف الأعراف 169 مريم 59) *.
والخليفي الخلافة وإنما سميت خلافة لأن الثاني يجيء بعد الأول قائما مقامه.
وتقول قعدت خلاف فلان أي بعده.
والخوالف في قوله تعالى: * (رضوا بأن يكونوا

210
مع الخوالف) * هن النساء لأن الرجال يغيبون في حروبهم ومغاوراتهم وتجاراتهم وهن يخلفنهم في البيوت والمنازل.
ولذلك يقال الحي خلوف إذا كان الرجال غيبا والنساء مقيمات.
ويقولون في الدعاء خلف الله عليك أي كان الله تعالى الخليفة عليك لمن فقدت من أب أو حميم.
وأخلف الله لك أي عوضك من الشيء الذاهب ما يكون يقوم بعده ويخلفه.
والخلفة نبت ينبت بعد الهشيم.
وخلفة الشجر ثمر يخرج بعد الثمر.
قال:
ولها بالماطرون إذا * أكل النمل الذي جمعا
خلفة حتى إذا ارتبعت * سكنت من جلق بيعا
وقال زهير فيما يصحح جميع ما ذكرناه:
بها العين والآرام يمشين خلفة * وأطلاؤها ينهضن من كل مجثم
يقول إذا مرت هذه خلفتها هذه.
ومن الباب الخلف وهو الاستقاء لأن المستقيين يتخالفان هذا بعد ذا وذاك بعد هذا.
قال في الخلف:

211
لزغب كأولاد القطا راث خلفها * على عاجزات النهض حمر حواصله
يقال: أخلف إذا استقي.
والأصل الآخر خلف وهو غير قدام.
يقال هذا خلفي وهذا قدامي.
وهذا مشهور.
وقال لبيد:
فغدت كلا الفرجين تحسب أنه * مولي المخافة خلفها وأمامها
ومن الباب الخلف الواحد من أخلاف الضرع.
وسمي بذلك لأنه يكون خلف ما بعده.
وأما الثالث فقولهم خلف فوه إذا تغير وأخلف.
وهو قوله صلى الله عليه وسلم:
(لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك).
ومنه قول ابن أحمر:
بان الشباب وأخلف العمر * وتنكر الإخوان والدهر
ومنه الخلاف في الوعد.
وخلف الرجل عن خلق أبيه تغير.
ويقال الخليف الثوب يبلى وسطه فيخرج البالي منه ثم يلفق فيقال خلفت الثوب أخلفه.
وهذا قياس في هذا وفي الباب الأول.
ويقال وعدني فأخلفته أي وجدته قد أخلفني.
قال الأعشى:

212
أثوى وقصر ليله ليزودا * فمضى وأخلف من قتيلة موعدا
فأما قوله:
* دلواي خلفان وساقياهما *
فمن أن هذي تخلف هذي.
وأما قولهم اختلف الناس في كذا والناس خلفة أي مختلفون فمن الباب الأول لأن كل واحد منهم ينحي قول صاحبه ويقيم نفسه مقام الذي نحاه.
وأما قولهم للناقة الحامل خلفة فيجوز أن يكون شاذا عن الأصل ويجوز أن يلطف له فيقال إنها تأتي بولد والولد خلف.
وهو بعيد.
وجمع الخلفة المخاض وهن الحوامل.
ومن الشاذ عن الأصول الثلاثة الخليف وهو الطريق بين الجبلين.
فأما الخالفة من عمد البيت فلعله أن يكون في مؤخر البيت فهو من باب الخلف والقدام.
ولذلك يقولون فلان خالفة أهل بيته إذا كان غير مقدم فيهم.
ومن باب التغير والفساد البعير الأخلف وهو الذي يمشي في شق من داء يعتريه.
(خلق) الخاء واللام والقاف أصلان أحدهما تقدير الشيء والآخر ملاسة الشيء.
فأما الأول فقولهم خلقت الأديم للسقاء إذا قدرته.
قال:
لم يحشم الخالقات فريتها * ولم يغض من نطافها السرب

213
وقال زهير:
ولأنت تفري ما خلقت وبع‍ * ض القوم يخلق ثم لا يفري
ومن ذلك الخلق وهي السجية لأن صاحبه قد قدر عليه.
وفلان خليق بكذا وأخلق به أي ما أخلقه أي هو ممن يقدر فيه ذلك.
والخلاق النصيب لأنه قد قدر لكل أحد نصيبه.
ومن الباب رجل مختلق تام الخلق.
والخلق خلق الكذب وهو اختلاقه واختراعه وتقديره في النفس.
قال الله تعالى * (وتخلقون إفكا العنكبوت 17) *.
وأما الأصل الثاني فصخرة خلقاء أي ملساء.
وقال:
قد يترك الدهر في خلقاء راسية * وهيا وينزل منها الأعصم الصدعا
ويقال اخلولق السحاب استوى.
ورسم مخلولق إذا استوى بالأرض.
والمخلق السهم المصلح.
ومن هذا الباب أخلق الشيء وخلق إذا بلي.
وأخلقته أنا أبليته.
وذلك أنه إذا أخلق املاس وذهب زئبره.
ويقال المختلق من كل شيء ما اعتدل.
قال رؤبة:
* في غيل قصباء وخيس مختلق *
والخلوق معروف وهو الخلاق أيضا.
وذلك أن الشيء إذا خلق ملس.
ويقال ثوب خلق يستوي فيه المذكر والمؤنث.
وإنما قيل للسهم المصلح مخلق لأنه يصير أملس.
وأما الخليقاء في الفرس فكالعرنين من الإنسان.

214
(باب الخاء والميم وما يثلثهما في الثلاثي)
(خمج) الخاء والميم والجيم يدل على فتور وتغير.
فالخمج في الإنسان الفتور.
يقال أصبح فلان خمجا أي فاترا.
وهو في شعر الهذلي:
* أخشى دونه الخمجا *
ويقولون خمج اللحم إذا تغير وأروح.
(خمد) الخاء والميم والدال أصل واحد يدل على سكون الحركة والسقوط.
خمدت النار خمودا إذا سكن لهبها.
وخمدت الحمى إذا سكن وهجها.
ويقال للمغمى عليه خمد.
(خمر) الخاء والميم والراء أصل واحد يدل على التغطية والمخالطة في ستر.
فالخمر الشراب المعروف.
قال الخليل الخمر معروفة واختمارها إدراكها وغليانها.
ومخمرها متخذها.
وخمرتها ما غشي المخمور من الخمار والسكر في قلبه.
قال:
لذ أصابت حمياها مقاتله * فلم تكد تنجلي عن قلبه الخمر

215
ويقال به خمار شديد.
ويقولون دخل في خمار الناس وخمرهم أي زحمتهم.
وفلان يدب لفلان الخمر وذلك كناية عن الاغتيال.
وأصله ما وارى الإنسان من شجر.
قال أبو ذؤيب:
فليتهم حذورا جيشهم * عشية هم مثل طير الخمر
أي يختلون ويستتر لهم.
والخمار خمار المرأة.
وامرأة حسنة الخمرة أي لبس الخمار.
وفي المثل العوان لا تعلم الخمرة.
والتخمير التغطية.
ويقال في القوم إذا تواروا في خمر الشجر قد أخمروا.
فأما قولهم ما عند فلان خل ولا خمر فهو يجري مجرى المثل كأنهم أرادوا ليس عنده خير ولا شر.
قال أبو زيد خامر الرجل المكان إذا لزمه فلم يبرح.
فأما المخمرة من الشاء فهي التي يبيض رأسها من بين جسدها.
وهو قياس الباب لأن ذلك البياض الذي برأسها مشبه بخمار المرأة.
ويقال خمرت العجين وهو أن تتركه فلا تستعمله حتى يجود.
ويقال خامره الداء إذا خالط جوفه.
وقال كثير:
هنيئا مريئا غير داء مخامر * لعزة من أعراضنا ما استحلت
قال الخليل والمستخمر بلغة حمير الشريك.
ويقال دخل في الخمر وهي وهدة يختفي فيها الذئب ونحوه.
قال:
ألا يا زيد والضحاك سيرا * فقد جاوزتما خمر الطريق

216
ويقال اختمر الطيب واختمر العجين.
ووجدت منه خمرة طيبة وخمرة وهو الرائحة.
والمخامرة المقاربة.
وفي المثل خامري أم عامر وهي الضبع.
وقال الشنفري:
فلا تدفنوني إن دفني محرم * عليكم ولكن خامري أم عامر
أي اتركوني للتي يقال لها خامري أم عامر.
والخمرة شيء من الطيب تطلي به المرأة على وجهها ليحسن به لونها.
والخمرة السجادة الصغيرة.
وفي الحديث أنه كان يسجد على الخمرة.
ومما شذ عن هذا الأصل الاستخمار وهو الاستعباد يقال استخمرت فلانا إذا استعبدته.
وهو في حديث معاذ من استخمر قوما أي استعبدهم.
(خمس) الخاء والميم والسين أصل واحد وهو في العدد.
فالخمسة معروفة.
والخمس واحد من خمسة.
يقال خمست القوم أخذت خمس أموالهم أخمسهم.
وخمستهم كنت لهم خامسا أخمسهم.
والخمس ظمء من أظماء الإبل.
قال الخليل هو شرب الإبل اليوم الرابع من يوم صدرت؛

217
لأنهم يحسبون يوم الصدر.
والخميس اليوم الخامس من الأسبوع وجمعه أخمساء وأخمسة كقولك نصيب وأنصباء وأنصبة.
والخماسي والخماسية الوصيف والوصيفة طوله خمسة أشبار.
ولا يقال سداسي ولا سباعي إذا بلغ ستة أشبار أو سبعة.
وفي غير ذلك الخماسي ما بلغ خمسة وكذلك السداسي والعشاري.
والخميس والمخموس من الثياب الذي طوله خمس أذرع.
وقال عبيد:
هاتيك تحملني وأبيض صارما * ومذربا في مارن مخموس
يريد رمحا طوله خمس أذرع.
وقال معاذ لأهل اليمن ايتوني بخميس أو لبيس آخذه منكم في الصدقة.
وقد قيل إن الثوب الخميس سمي بذلك لأن أول من عمله ملك باليمن كان يقال له الخمس.
قال الأعشى:
يوما تراها كمثل أردية ال‍ * خمس ويوما أديمها نغلا
ومما شذ عن الباب الخميس وهو الجيش الكثير.
ومن ذلك الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أشرف على خيبر قالوا محمد والخميس يريدون الجيش.
(خمش) الخاء والميم والشين أصل واحد وهو الخدش وما قاربه

218
يقال خمشت خمشا.
والخموش جمع خمش.
قال:
هاشم جدنا فإن كنت غضبي * فاملئي وجهك الجميل خموشا
والخموش البعوض.
قال:
كأن وغى الخموش بجانبيه * وغى ركب أميم ذوي زياط
والخماشة من الجراحة والجمع خماشات ما كان منها ليس له أرش معلوم.
وهو قياس الباب كأن ذلك يكون كالخدش.
(خمص) الخاء والميم والصاد أصل واحد يدل على الضمر والتطامن.
فالخميص الضامر البطن والمصدر الخمص.
وامرأة خمصانة دقيقة الخصر.
ويقال لباطن القدم الأخمص.
وهو قياس الباب لأنه قد تداخل.
ومن الباب المخمصة وهي المجاعة لأن الجائع ضامر البطن.
ويقال للجائع الخميص وامرأة خميصة قال الأعشى:
تبيتون في المشتى ملاء بطونكم * وجاراتكم غرثى يبتن خمائصا
فأما الخميصة فالكساء الأسود.
وبها شبه الأعشى شعر المرأة:
إذا جردت يوما حسبت خميصة * عليها وجريال النضير الدلامصا
فإن قيل فأين قياس هذا من الباب فالجواب أنا نقول على حد الإمكان

219
والاحتمال إنه يجوز أن يسمى خميصة لأن الإنسان يشتمل بها فيكون عند أخمصه يريد به وسطه.
فإن كان ذلك صحيحا وإلا عد فيما شذ عن الأصل.
(خمط) الخاء والميم والطاء أصلان أحدهما الانجراد والملاسة والآخر التسلط والصيال.
فأما الأول فقولهم خمطت الشاة وذلك إذا نزعت جلدها وشويتها.
فإن نزع الشعر فذلك السمط.
وأصل ذلك من الخمط وهو كل شيء لا شوك له.
والأصل الثاني قولهم تخمط الفحل إذا هاج وهدر.
وأصله من تخمط البحر وذلك خبه والتطام أمواجه.
(خمع) الخاء والميم والعين أصل واحد يدل على قلة الاستقامة وعلى الاعوجاج.
فمن ذلك خمع الأعرج.
ويقال للضباع الخوامع لأنهن عرج.
والخمع اللص.
والخمع الذئب.
والقياس واحد.
(خمل) الخاء والميم واللام أصل واحد يدل على انخفاض واسترسال وسقوط.
يقال خمل ذكره يخمل خمولا.
والخامل الخفي يقال هو خامل الذكر والأمر الذي لا يعرف ولا يذكر.
والقول الخامل الخفيض.
وفي حديث اذكروا الله ذكرا خاملا.
والخميلة مفرج من الرمل في هبطة مكرمة للنبات.
قال زهير:
* شقائق رمل بينهن خمائل *

220
وقال لبيد:
باتت وأسبل واكف من ديمة * يروي الخمائل دائما تسجامها
والخمل مجزوم خمل القطيفة والطنفسة.
ويقال لريش النعام خمل.
وذلك قياس الباب لأنه يكون مسترسلا ساقطا في لين.
فأما الخمال فقال قوم هو ظلع يكون في قوائم البعير.
فإن كان كذا فقياسه قياس الباب لأنه لعله عن استرخاء.
وقال الأعشى في الخمال:
لم تعطف على حوار ولم يقطع * عبيد عروقها من خمال
(باب الخاء والنون وما يثلثهما)
(خنب) الخاء والنون والباء أصل واحد.
وهو يدل على لين ورخاوة.
ويقال جارية خنبة رخيمة غنجة.
ورجل خناب أي ضخم في عبالة.
وحكى بعضهم عن الخليل أنه قال هو خنأب مكسور الخاء شديدة النون مهموزة.
وهذا إن صح عن الخليل فالخليل ثقة وإلا فهو على ما ذكرناه من غير همز.
ويقال الخناب من الرجال الأحمق المتصرف يختلج هكذا مرة وهكذا مرة.
وقال الخليل الخناب الضخم المنخر.
والخنابة الأرنبة الضخمة.
وقال:
أكوي ذوي الأضغان كيا منضجا * منهم وذا الخنابة العفنججا

221
ومما لم يذكره الخليل وهو قياس صحيح قولهم خنبت رجله أي وهنت وأخنبتها أنا أوهنتها.
قال:
أبي الذي أخنب رجل ابن الصعق * إذ صارت الخيل كعلباء العنق
(خنا) الخاء والنون وما بعدها معتل يدل على فساد وهلاك.
يقال لآفات الدهر خنى.
قال لبيد:
* وقدرنا إن خنى الدهر غفل *
وأخنى عليه الدهر أهلكه.
قال:
* أخنى عليها الذي أخنى على لبد *
والخنا من الكلام أفحشه.
يقال خنا يخنو خنا مقصور.
ويقال أخنى فلان في كلامه.
(خنث) الخاء والنون والثاء أصل واحد يدل على تكسر وتثن.
فالخنث المسترخي المتكسر.
ويقال خنثت السقاء إذا كسرت فمه إلى خارج فشربت منه.
فإن كسرتها إلى داخل فقد قبعته.
وامرأة خنث متثنية.
(خنز) الخاء والنون والزاء كلمة واحدة من باب المقلوب ليست أصلا.
يقال خنز اللحم خنزا إذا تغيرت رائحته وخزن.
وقد مضي.

222
(خنس) الخاء والنون والسين أصل واحد يدل على استخفاء وتستر.
قالوا الخنس الذهاب في خفية.
يقال خنست عنه.
وأخنست عنه حقه.
والخنس النجوم تخنس في المغيب.
وقال قوم سميت بذلك لأنها تخفى نهارا وتطلع ليلا.
والخناس في صفة الشيطان لأنه يخنس إذا ذكر الله تعالى.
ومن هذا الباب الخنس في الأنف.
انحطاط القصبة.
والبقر كلها خنس.
(خنط) الخاء والنون والطاء كلمة ليست أصلا وهي من باب الإبدال.
يقال خنطه إذا كربه مثل غنطه وليس بشيء.
(خنع) الخاء والنون والعين أصل واحد يدل على ذل وخضوع وضعة فيقال خضع له وخنع.
وفي الحديث: (إن أخنع الأسماء) أي أذلها.
ويقال أخنعتني إليه الحاجة إذا ألجأته إليه وأذلته له.
ومن الباب الخانع الفاجر.
يقال اطلعت منه على خنعة أي فجرة.
وهو قوله:
* ولا يرون إلى جاراتهم خنعا *
ومنه قول الآخر:
لعلك يوما أن تلاقى بخنعة * فتنعب من واد عليك أشائمه
وخناعة قبيلة.
(خنف) الخاء والنون والفاء أصل واحد يدل على ميل ولين.

223
فالخنوف الناقة اللينة اليدين في السير.
والمصدر الخناف.
قال الأعشى:
وأذرت برجليها النفي وراجعت * يداها خنافا لينا غير أجردا
قالوا والخناف أيضا في العنق أن تميله إذا مد بزمامها.
والخنيف جنس من الكتان أرادأ ما يكون منه.
وفي الحديث تخرقت عنا الخنف وأحرق بطوننا التمر.
وقال:
على كالخنيف السحق يدعو به الصدى * له قلب عفى الحياض أجون
(خنق) الخاء والنون والقاف أصل واحد يدل على ضيق.
فالخانق الشعب الضيق.
وقال بعض أهل العلم إن أهل اليمن يسمون الزقاق خانقا.
والخنق مصدر خنقه يخنقه خنقا.
قال بعض أهل العلم لا يقال خنقا.
والمخنقة القلادة.

224
(باب الخاء والواو وما يثلثهما)
(خوى) الخاء والواو والياء أصل واحد يدل على الخلو والسقوط.
يقال خوت الدار تخوي.
وخوى النجم إذا سقط ولم يكن عند سقوطه مطر وأخوى أيضا.
قال:
وأخوت نجوم الأخذ إلا أنضة * أنصة محل ليس قاطرها يثري
وخوت النجوم تخوية إذا مالت للمغيب.
وخوت الإبل تخوية إذا خمصت بطونها.
وخويت المرأة خوى إذا لم تأكل عند الولادة.
ويقال خوى الرجل إذا تجافى في سجوده وكذا البعير إذا تجافى في بروكه.
وهو قياس الباب لأنه إذا خوى في سجوده فقد أخلى ما بين عضده وجنبه.
وخوت المرأة عند جلوسها على المجمر.
وخوى الطائر إذا أرسل جناحيه.
فأما الخواة فالصوت.
وقد قلنا إن أكثر ذلك لا ينقاس وليس بأصل.
(خوب) الخاء والواو والباء أصيل يدل على خلو وشبهه.
يقال أصابتهم خوبة إذا ذهب ما عندهم ولم يبق شيء.
والخوبة الأرض لا تمطر بين أرضين قد مطرتا وهي كالخطيطة.
(خوت) الخاء والواو والتاء أصل واحد يدل على نفاذ ومرور بإقدام.
يقال رجل خوات إذا كان لا يبالي ما ركب من الأمور.
قال:

225
لا يهتدي فيه إلا كل منصلت * من الرجال زميع الرأي خوات
هذا هو الأصل.
ثم يقال خاتت العقاب إذا انقضت وهي خائتة.
قال أبو ذؤيب:
فألقى غمده وهوى إليهم * كما تنقض خائتة طلوب
ويقال ما زال الذئب يختات الشاة بعد الشاة أي يختلها ويعدو عليها.
فأما ما حكاه ابن الأعرابي من قولهم خات يخوت إذا نقض عهده فيجوز أن يكون من الباب كأنه نقض ومر في نهج غدره.
ويجوز أن يكون التاء مبدلة من سين كأنه خاس فلما قلبت السين تاء غير البناء من يخيس إلى يخوت.
ومن ذلك خات الرجل وأنفض إذا ذهبت ميرته.
وهو من السين.
وكذلك خات الرجل إذا أسن.
فأما قولهم إن التخوت التنقص فهو عندنا من باب الإبدال إما أن يكون من التخون أو التخوف وقد ذكرا في بابهما ويقال فلان يتخوت حديث القوم ويختات إذا أخذ منه وتحفظ.
ومن الباب الأول هم يختاتون الليل أي يسيرون ويقطعون.
(خوث) الخاء والواو والثاء أصيل ليس بمطرد ولا يقاس عليه.
يقولون خوثت المرأة إذا عظم بطنها.
ويقال بل الخوثاء الناعمة.
قال:
علق القلب حبها وهواها * وهي بكر غريرة خوثاء

226
(خوخ) الخاء والواو والخاء ليس بشيء.
وفيه الخوخ وما أراه عربيا.
(خود) الخاء والواو والدال أصيل فيه كلمة واحدة.
يقال خودوا في السير.
وأصله قولهم خودت الفحل تخويدا إذا أرسلته في الإناث.
وأنشد:
وخود فحلها من غير شل * بدار الريف تخويد الظليم
كذا أنشده الخليل.
ورواه غيره وخود فحلها.
(خوذ) الخاء والواو والذال ليس أصلا يطرد ولا يقاس عليه وإنما فيه كلمة واحدة مختلف في تأويلها.
قالوا خاوذته إذا خالفته.
وقال بعضهم خاوذته وافقته.
ويقولون إن خواذ الحمى أن تأتي في وقت غير معلوم.
(خور) الخاء والواو والراء أصلان أحدهما يدل على صوت والآخر على ضعف.
فالأول قولهم خار الثور يخور وذلك صوته.
قال الله تعالى * (فأخرج لهم عجلا جسدا له خوار) *.
وأما الآخر فالخوار الضعيف من كل شيء.
يقال رمح خوار وأرض خوارة وجمعه خور.
قال الطرماح:

227
أنا ابن حماة المجد من آل مالك * إذا جعلت خور الرجال تهيع
وأما قولهم للناقة العزيزة خوارة والجمع خور فهو من الباب لأنها إذا لم تكن عزوزا والعزوز الضيقة الإحليل مشتقة من الأرض العزاز فهي حينئذ خوارة إذ كانت الشدة قد زايلتها.
(خوس) الخاء والواو والسين أصل واحد يدل على فساد.
يقال خاست الجيفة في أول ما تروح فكأن ذلك كسد حتى فسد.
ثم حمل على هذا فقيل خاس بعهده إذا أخلف وخان.
قالوا والخوس الخيانة.
وكل ذلك قريب بعضه من بعض.
وهذه كلمة يشترك فيها الواو والياء وهما متقاربان وحظ الياء فيها أكثر وقد ذكرت في الياء أيضا.
(خوش) الخاء والواو والشين أصل يدل على ضمر وشبهه.
فالمتخوش الضامر ولذلك تسمى الخاصرتان الخوشين.
(خوص) الخاء والواو والصاد أصل واحد يدل على قلة ودقة وضيق.
من ذلك الخوص في العين وهو ضيقها وغوورها.
والخوص خوص النخلة دقيق ضامر.
ومن المشتق من ذلك التخوص وهو أخذ ما أعطيته الإنسان وإن قل.
يقال تخوص منه ما أعطاك وإن قل.
قال:
يا صاحبي خوصا بسل * من كل ذات لبن رفل

228
يقول قربا إبلكما شيئا بعد شيء ولا تدعاها تداك على الحوض.
قال:
يا ذائديها خوصا بإرسال * ولا تذوداها ذياد الضلال
وقال آخر:
أقول للذائد خوص برسل * إني أخاف النائبات بالأول
وأما قولهم أخوص العرفج فهو مشتق من أخوص النخل لأن العرفج إذا تفطر صار له خوص.
(خوض) الخاء والواو والضاد أصل واحد يدل على توسط شيء ودخول.
يقال خضت الماء وغيره.
وتخاوضوا في الحديث والأمر أي تفاوضوا وتداخل كلامهم.
(خوط) الخاء والواو والطاء أصيل يدل على تشعب أغصان.
فالخوط الغصن وجمعه خيطان.
قال:
* على قلاص مثل خيطان السلم *
(خوع) الخاء والواو والعين أصل يدل على نقص وميل.
يقال خوع الشيء إذا نقصه.
قال طرفة:

229
وجامل خوع من نيبه * زجر المعلى أصلا والسفيح
خوع نقص.
يعني بذلك ما ينحر منها في الميسر.
والخوع منعرج الوادي.
والخواع النخير.
وهذا أقيس من قولهم إن الخوع جبل أبيض.
(خوف) الخاء والواو والفاء أصل واحد يدل على الذعر والفزع.
يقال خفت الشيء خوفا وخيفة.
والياء مبدلة من واو لمكان الكسرة.
ويقال خاوفني فلان فخفته أي كنت أشد خوفا منه.
فأما قولهم تخوفت الشيء أي تنقصته فهو الصحيح الفصيح إلا أنه من الإبدال والأصل النون من التنقص وقد ذكر في موضعه.
(خوق) الخاء والواو والقاف أصيل يدل على خلو الشيء.
يقال مفازة خوقاء إذا كانت خالية لا ماء بها ولا شيء.
والخوق الحلقة من الذهب وهو القياس لأن وسطه خال.
(خول) الخاء والواو واللام أصل واحد يدل على تعهد الشيء.
من ذلك إنه كان يتخولهم بالموعظة أي كان يتعهدهم بها.
وفلان خولي مال إذا كان يصلحه.
ومنه خولك الله مالا أي أعطاكه لأن المال يتخول أي يتعهد.
ومنه خول الرجل وهم حشمه.
أصله أن الواحد خائل،

230
وهو الراعي.
يقال فلان يخول على أهله أي يرعى عليهم.
ومن فصيح كلامهم تخولت الريح الأرض إذا تصرفت فيها مرة بعد مرة.
(خون) الخاء والواو والنون أصل واحد وهو التنقص.
يقال خانه يخونه خونا.
وذلك نقصان الوفاء.
ويقال تخونني فلان حقي أي تنقصني.
قال ذو الرمة:
لا بل هو الشوق من دار تخونها * مرا سحاب ومرا بارح ترب
ويقال الخوان الأسد.
والقياس واحد.
فأما الذي يقال إنهم كانوا يسمون في العربية الأولى الربيع الأول خوانا فلا معنى له ولا وجه للشغل به.
وأما قول ذي الرمة:
لا ينعش الطرف إلا ما تخونه * داع يناديه باسم الماء مبغوم
فإن كان أراد بالتخون التعهد كما قاله بعض أهل العلم فهو من باب الإبدال والأصل اللام تخوله وقد مضى ذكره.
ومن أهل العلم من يقول يريد إلا ما تنقص نومه دعاء أمه له.
وأما الذي يؤكل عليه فقال قوم هو أعجمي.
وسمعت علي بن إبراهيم القطان يقول سئل ثعلب وأنا أسمع فقيل يجوز أن يقال إن الخوان يسمى خوانا لأنه يتخون ما عليه أي ينتقص.
فقال ما يبعد ذلك.
والله تعالى أعلم.

231
(باب الخاء والياء وما يثلثهما)
(خيب) الخاء والياء والباء أصل واحد يدل على عدم فائدة وحرمان.
والأصل قولهم للقدح الذي لا يوري هو خياب.
ثم قالوا سعى في أمر فخاب وذلك إذا حرم فلم يفد خيرا.
(خير) الخاء والياء والراء أصله العطف والميل ثم يحمل عليه.
فالخير خلاف الشر لأن كل أحد يميل إليه ويعطف على صاحبه.
والخيرة الخيار.
والخير الكرم.
والاستخارة أن تسأل خير الأمرين لك.
وكل هذا من الاستخارة وهي الاستعطاف.
ويقال استخرته.
قالوا وهو من استخاره الضبع وهو أن تجعل خشبة في ثقبة بيتها حتى تخرج من مكان إلى آخر.
وقال الهذلي:
لعلك إما أم عمرو تبدلت * سواك خليلا شاتمي تستخيرها
ثم يصرف الكلام فيقال رجل خير وامرأة خيرة فاضلة.
وقوم خيار وأخيار في صلاحها وامرأة خيرة في جمالها وميسمها.
وفي القرآن * (فيهن خيرات حسان) *.
ويقال خايرت فلانا فخرته.
وتقول اختر بني فلان

232
رجلا.
قال الله تعالى * (واختار موسى قومه سبعين رجلا الأعراف 155) *.
تقول هو الخيرة خفيفة مصدر اختار خيرة مثل ارتاب ريبة.
(خيس) الخاء والياء والسين أصيل يدل على تذليل وتليين.
يقال خيسته إذا لينته وذللته.
والمخيس السجن.
قال:
تجللت العصا وعلمت أني * رهين مخيس إن يثقفوني
وأما قولهم خاس بالعهد فقد ذكرناه في الواو.
والكلمة مشتركة.
ومن الغريب في هذا الباب قولهم قل خيسه أي غمه.
والخيس الشجر الملتف.
(خيص) الخاء والياء والصاد كلمة مشتركة أيضا لأن للواو فيها حظا وقد ذكرت في الخوص.
فأما الياء فالخيص النوال القليل.
قال الأعشى:
لعمري لئن أمسى من الحي شاخصا * لقد نال خيصا من عفيرة خائصا
والباب كله في الواو والياء واحد.
ومن الشاذ والله أعلم بصحته قولهم وعل أخيص إذا انتصب أحد قرنيه وأقبل الآخر على وجهه.
(خيط) الخاء والياء والطاء أصل واحد يدل على امتداد الشيء في دقة ثم يحمل عليه فيقال في بعض ما يكون منتصبا.
فالخيط معروف.
والخيط الأبيض بياض النهار.
والخيط الأسود سواد الليل.
قال الله تعالى * (حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر البقرة 187) *.
ويقال لما يسيل من لعاب الشمس خيط باطل.
قال:

233
غدرتم بعمرو يا بني خيط باطل * ومثلكم بنى البيوت على غدر
فأما قولهم للذي بدا الشيب في رأسه خيط فهو من الباب كأن البادي من ذلك مشبه بالخيوط.
قال الهذلي:
* حتى تخبط بالبياض قروني *
ويقال نعامة خيطاء وخيطها طول عنقها.
والخياطة معروفة فأما الخيط بالكسر فالجماعة من النعام وهو قياس الباب لأن المجتمع يكون كالذي خيط بعضه إلى بعض.
وأما قول الهذلي:
تدلى عليها بين سب وخيطة * بجرداء مثل الوكف يكبو غرابها
فقد قيل إن الخيطة الحبل.
فإن كان كذا فهو القياس المطرد.
وقد قيل الخيطة الوتد وقد ذكرنا أن هذا مما حمل على الباب لأن فيه امتدادا في انتصاب.
(خيف) الخاء والياء والفاء أصل واحد يدل على اختلاف.
فالخيف أن تكون إحدى العينين من الفرس زرقاء والأخرى كحلاء.
ويقال الناس أخياف أي مختلفون.
والخيفان جراد تصير فيه خطوط مختلفة.
والخيف ما ارتفع عن مسيل الوادي ولم يبلغ أن يكون جبلا فقد خالف السهل والجبل.
ومن هذا الخيف جلد الضرع مشبه بخيف الأرض.
وناقة خيفاء واسعة جلد الضرع.
وبعير أخيف واسع جلد الثيل.
فأما الخيف فجمع خيفة؛

234
وليس من هذا الباب وقد ذكر في باب الواو بعد الخاء وإنما صارت الواو ياء لكسرة ما قبلها.
وقال:
فلا تقعدن على زخة * وتضمر في القلب وجدا وخيفا
(خيل) الخاء والياء واللام أصل واحد يدل على حركة في تلون.
فمن ذلك الخيال وهو الشخص.
وأصله ما يتخيله الإنسان في منامه لأنه يتشبه ويتلون.
يقال خيلت للناقة إذا وضعت لولدها خيالا يفزع منه الذئب فلا يقربه.
والخيل معروفة.
وسمعت من يحكي عن بشر الأسدي عن الأصمعي قال كنت عند أبي عمرو بن العلاء وعنده غلام أعرابي فسئل أبو عمرو لم سميت الخيل خيلا فقال لا أدري.
فقال الأعرابي لاختيالها فقال أبو عمرو اكتبوا.
وهذا صحيح لأن المختال في مشيته يتلون في حركته ألوانا.
والأخيل طائر وأظنه ذا ألوان يقال هو الشقراق.
والعرب تتشاءم به.
يقال بعير مخيول إذا وقع الأخيل على عجزه فقطعه.
وقال الفرزدق:
إذا قطنا بلغتنيه ابن مدرك * فلاقيت من طير الأشائم أخيلا
يقول إذا بلغتني هذا الممدوح لم أبل بهلكتك كما قال ذو الرمة:
إذا ابن أبي موسى بلالا بلغته * فقام بفأس بين وصليك جازر

235
وقال الشماخ:
إذا بلغتني وحملت رحلي * عرابة فاشرقي بدم الوتين
ويقال تخيلت السماء إذا تهيأت للمطر ولا بد أن يكون عند ذلك تغير لون.
والمخيلة السحابة.
والمخيلة التي تعد بمطر.
فأما قولهم خيلت على الرجل تخييلا إذا وجهت التهمة إليه فهو من ذلك لأنه يقال يشبه أن يكون كذا يخيل إلي انه كذا ومنه تخيلت عليه تخيلا إذا تفرست فيه.
(خيم) الخاء والياء والميم أصل واحد يدل على الإقامة والثبات فالخيمة معروفة والخيم عيدان تبنى عليها الخيمة.
قال:
* فلم يبق إلا آل خيم منضد *
ويقال خيم بالمكان أقام به.
ولذلك سميت الخيمة.
والخيم السجية بكسر الخاء لأن الإنسان يبنى عليها ويكون مرجعه أبدا إليها.
ومن الباب قولهم للجبان خائم لأنه من جبنه لا حراك به.
ويقال قد خام يخيم.
فأما قوله:

236
رأوا فترة بالساق مني فحاولوا * جبوري لما أن رأوني أخيمها
فإنه أراد رفعها فكأنه شبهها بالخيم وهي عيدان الخيمة.
فأما الألف التي تجىء بعد الخاء في هذا الباب فإنها لا تخلو من أن تكون من ذوات الواو أو من ذوات الياء.
فالخال الذي بالوجه هو من التلون الذي ذكرناه.
يقال منه رجل مخيل ومخول.
وتصغير الخال خييل فيمن قال مخيل وخويل فيمن قال مخول.
وأما خال الرجل أخو أمه فهو من قولك خائل مال إذا كان يتعهده.
وخال الجيش لواؤه وهو إما من تغير الألوان وإما إن الجيش يراعونه وينظرون إليه كالذي يتعهد الشيء.
والخال الجبل الأسود فيما يقال فهو من باب الإبدال.
(خام) وأما الخاء والألف والميم فمن المنقلب عن الياء.
الخامة الرطبة من النبات والزرع.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(مثل المؤمن مثل الخامة من الزرع).
وقال الطرماح:
إنما نحن مثل خامة زرع * فمتى يأن يأت محتصده
فهذا من الخائم وهو الجبان الذي لا حراك به خاف.
وأما الخاء والألف والفاء فحرف واحد وهو الخافة وهي الخريطة من الأدم يشتار فيها العسل.
فهذه محمولة على خيف الضرع وهي جلدته.
والقياس واحد.

237
(باب الخاء والباء وما يثلثهما)
(خبت) الخاء والباء والتاء أصل واحد يدل على خشوع.
يقال أخبت يخبت إخباتا إذا خشع.
وأخبت لله تعالى.
قال عز ذكره * (وبشر المخبتين الحج 34) *.
وأصله من الخبت وهو المفازة لا نبات بها.
ومن ذلك الحديث ولو بخبت الجميش.
ألا تراه سماها جميشا كأن النبات قد جمش منها أي حلق.
(خبث) الخاء والباء والثاء أصل واحد يدل على خلاف الطيب.
يقال خبيث أي ليس بطيب.
وأخبث إذا كان أصحابه خبثاء.
ومن ذلك التعوذ من الخبيث المخبث.
فالخبيث في نفسه والمخبث الذي أصحابه وأعوانه خبثاء.
(خبج) الخاء والباء والجيم ليس أصلا يقاس عليه وما أحسب فيه كلاما صحيحا.
يقال خبج إذا حصم.
وربما قالوا خبجه بالعصا أي ضربه.
ويقولون إن الخباجاء من الفحول الكثير الضراب وهذا كما ذكرناه إلا أن يصح الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
(إذا أقيمت الصلاة

238
ولى الشيطان وله خبج كخبج الحمار).
فإن صح هذا فالصحيح ما قاله عليه الصلاة والسلام بآبائنا وأمهاتنا هو.
(خبر) الخاء والباء والراء أصلان فالأول العلم والثاني يدل على لين ورخاوة وغزر.
فالأول الخبر العلم بالشيء.
تقول لي بفلان خبرة وخبر.
والله تعالى الخبير أي العالم بكل شيء.
وقال الله تعالى * (ولا ينبئك مثل خبير فاطر 14) *.
والأصل الثاني الخبراء وهي الأرض اللينة.
قال عبيد يصف فرسا:
* سدكا بالطعن ثبتا في الخبار *
والخبير الأكار وهو من هذا لأنه يصلح الأرض ويدمثها ويلينها.
وعلى هذا يجري هذا الباب كله فإنهم يقولون الخبير الأكار لأنه يخابر الأرض أي يؤاكرها.
فأما المخابرة التي نهي عنها فهي المزارعة بالنصف لها أو الثلث أو الأقل من ذلك أو الأكثر.
ويقال له الخبر أيضا.
وقال قوم المخابرة مشتق من اسم خيبر.
ومن الذي ذكرناه من الغزر قولهم للناقة الغزيرة خبر.
وكذلك المزادة العظيمة خبر والجمع خبور.
ومن الذي ذكرناه من اللين تسميتهم الزبد خبيرا.
والخبير النبات اللين.
وفي الحديث ونستخلب الخبير.

239
والخبير الوبر.
قال الراجز:
* حتى إذا ما طار من خبيرها *
ويقال مكان خبر إذا كان دفيئا كثير الشجر والماء.
وقد خبرت الأرض.
وهو قياس الباب.
ومما شذ عن الأصل الخبرة وهي الشاة يشتريها القوم يذبحونها ويقتسمون لحمها.
قال:
إذا ما جعلت الشاة للقوم خبرة * فشأنك إني ذاهب لشؤوني
(خبز) الخاء والباء والزاء أصل واحد يدل على خبط الشيء باليد.
تخبزت الإبل السعدان إذا خبطته بأيديها.
ومن ذلك خبز الخباز الخبز.
قال:
لا تخبزا خبزا وبسا بسا * ولا تطيلا بمناخ حبسا
ويقال الخبز ضرب البعير بيديه الأرض.
(خبس) الخاء والباء والسين أصل واحد يدل على أخذ الشيء قهرا وغلبة.
يقال تخبست الشيء أخذته.
وذلك الشيء خباسة.
والخباسة: المغنم يقال اختبس الشيء أخذه مغالبة.
وأسد خبوس.
قال:
ولكني ضبارمة جموح * على الأقران مجترئ خبوس

240
(خبش) الخاء والباء والشين ليس أصلا.
وربما قالوا خبش الشيء جمعه.
وليس هذا بشيء.
(خبص) الخاء والباء والصاد قريب من الذي قبله.
يقولون خبص الشيء خلطه.
(خبط) الخاء والباء والطاء أصل واحد يدل على وطء وضرب.
يقال خبط البعير الأرض بيده ضربها.
ويقال خبط الورق من الشجر وذلك إذا ضربه ليسقط.
وقد يحمل على ذلك فيقال لداء يشبه الجنون الخباط كأن الإنسان يتخبط.
قال الله تعالى * (إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس البقرة 275) *.
ويقال لما بقي من طعام أو غيره خبطة.
والخبطة الماء القليل لأنه يتخبط فلا يمتنع.
فأما قولهم اختبط فلان فلانا إذا أتاه طالبا عرفه فالأصل فيه أن الساري إليه أو السائر لا بد من أن يختبط الأرض ثم اختصر الكلام فقيل للآتي طالبا جدوى مختبط.
ويقال إن الخبطة المطرة الواسعة في الأرض.
وسميت عندنا بذلك لأنها تخبط الأرض تضربها.
وقد روى ناس عن الشيباني أن الخابط النائم وأنشدوا عنه:
* يشدخن بالليل الشجاع الخابطا *
فإن كان هذا صحيحا فلأن النائم يخبط الأرض بجسمه كأنه يضربها به.

241
ويجوز أن يكون الشجاع الخابط إنما سمي به لأنه يخبط تخبطه المارة كما قال القائل:
تقطع أعناق التنوط بالضحى * وتفرس بالظلماء أفعى الأجارع
فأما الخباط فسمة في الفخذ * وسمي بذلك لأن الفخذ تخبط به
(خبع) الخاء والباء والعين ليس أصلا وذلك أن العين فيه مبدلة من همزة.
يقال خبأت الشيء وخبعته.
ويقال خبع الرجل بالمكان أقام به.
وربما قالوا خبع الصبي خبوعا وذلك إذا فحم من البكاء.
فإن كان صحيحا فهو من الباب كأن بكاءه خبىء.
(خبق) الخاء والباء والقاف أصيل يدل على الترفع.
فالخبقي جنس من مرفوع السير.
قال:
* يعدو الخبقي والدفقي منعب *
ومن الباب الخبق والخبق الرجل الطويل وكذلك الفرس.
(خبل) الخاء والباء واللام أصل واحد يدل على فساد الأعضاء فالخبل الجنون.
يقال اختبله الجن.
والجني خابل والجمع خبل.
والخبل فساد الأعضاء.
ويقال خبلت يده إذا قطعت وأفسدت.
قال أوس:

242
أبني لبيني لستم بيد * إلا يدا مخبولة العضد
أي مفسدة العضد.
ويقال فلان خبال على أهله أي عناء عليهم لا يغني عنهم شيئا.
وطينة الخبال الذي جاء في الحديث يقال إنه صديد أهل النار.
ومما شذ عن الباب الإخبال ويقال هو أن يجعل الرجل إبله نصفين ينتج كل عام نصفا كما يفعل بالأرض في الزراعة.
ويقال الإخبال أن يخبل الرجل وذلك أن يعيره ناقة يركبها أو فرسا يغزو عليه.
وينشد في ذلك قول زهير:
هنالك إن يستخبلوا المال يخبلوا * وإن يسألوا يعطوا وإن ييسروا يغلوا
(خبن) الخاء والباء والنون أصيل واحد يدل على قبض ونقص.
يقال خبنت الشيء إذا قبضته.
وخبنت الثوب إذا رفعت ذلاذله حتى يتقلص بعد أن تخيطه وتكفه.
والخبنة ثبان الرجل وسمي بذلك لأنه يخبن فيه الشيء.
تقول رفعه في خبنته. وفي الحديث: فليأكل منها ولا يتخذ

243
خبنة.
ويقال إن الخبن من المزادة ما كان دون المسمع.
فأما قولهم خبنت الرجل مثل غبنته فيجوز أن يكون من الإبدال ويجوز أن يكون من أنه إذا غبنه فقد اختبن عنه من حقه.
(خبأ) الخاء والباء والحرف المعتل والهمزة يدل على ستر الشيء.
فمن ذلك خبأت الشيء أخبؤه خبأ.
والخبأة الجارية تخبأ.
ومن الباب الخباء تقول أخبيت إخباء وخبيت وتخبيت كل ذلك إذا اتخذت خباء.
(باب الخاء والتاء وما يثلثهما)
(ختر) الخاء والتاء والراء أصل يدل على توان وفتور.
يقال تختر الرجل في مشيته وذلك أن يمشي مشية الكسلان.
ومن الباب الختر وهو الغدر وذلك أنه إذا ختر فقد قعد عن الوفاء.
والختار الغدار.
قال الله تعالى * (وما يجحد بآياتنا إلا كل ختار كفور) *.
(ختع) الخاء والتاء والعين أصل واحد يدل على الهجوم والدخول فيما يغيب الداخل فيه.
فيقولون ختع الرجل ختوعا إذا ركب الظلمة.
ومن الباب الخيتعة قطعة من أدم يلفها الرامي على يده عند الرمي.
ويحمل على ذلك فيقال للنمرة الأنثى الختعة وذلك لجرأتها وإقدامها.
وقال العجاج في الدليل الذي ذكرناه:

244
* أعيت أدلاء الفلاة الختعا *
(ختل) الخاء والتاء واللام أصيل فيه كلمة واحدة وهي الختل قال قوم هو الخدع.
وكان الخليل يقول تخاتل عن غفلة.
(ختن) الخاء والتاء والنون كلمتان إحداهما ختن الغلام الذي يعذر.
والختان موضع القطع من الذكر.
والكلمة الأخرى الختن وهو الصهر وهو الذي يتزوج في القوم.
(ختم) الخاء والتاء والميم أصل واحد وهو بلوغ آخر الشيء.
يقال ختمت العمل وختم القارئ السورة.
فأما الختم وهو الطبع على الشيء فذلك من الباب أيضا لأن الطبع على الشيء لا يكون إلا بعد بلوغ آخره في الأحراز.
والخاتم مشتق منه لأن به يختم.
ويقال الخاتم والخاتام والخيتام.
قال:
* أخذت خاتامي بغير حق *
والنبي صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء لأنه آخرهم وختام كل مشروب آخره.
قال الله تعالى * (ختامه مسك المطففين 26) * أي إن آخر ما يجدونه منه عند شربهم إياه رائحة المسك.

245
(ختا) الخاء والتاء والحرف المعتل والمهموز ليس أصلا وربما قالوا اختتأت له اختتاء إذا ختلته.
(باب الخاء والثاء وما يثلثهما)
(خثر) الخاء والثاء والراء أصل يدل على غلظ في الشيء مع استرخاء.
يقال خثر اللبن وهو خاثر.
وحكى بعضهم خثر فلان في الحي إذا أقام فلم يكد يبرح.
وليس هذا بشيء.
(خثل) الخاء والثاء واللام كلمة واحدة لا يقاس عليها.
قال الكسائي خثلة البطن ما بين السرة والعانة ويقال خثلة والتخفيف أكثر.
(خثم) الخاء والثاء والميم ليس أصلا.
وربما قالوا لغلظ الأنف الخثم والرجل أخثم.
(خثا) الخاء والثاء والحرف المعتل ليس أصلا.
وربما قالوا امرأة خثواء مسترخية البطن.
وواحد الأخثاء خثي.
وليس بشيء.
والله أعلم.

246
(باب الخاء والجيم وما يثلثهما في الثلاثي)
(خجل) الخاء والجيم واللام أصل يدل على اضطراب وتردد.
حكى بعضهم عليه ثوب خجل إذا لم يكن تقطيعه تقطيعا مستويا بل كان مضطربا عليه عند لبسه.
ومنه الخجل الذي يعترى الإنسان وهو أن يبقى باهتا لا يتحدث.
يقال منه خجل.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للنساء.
(إنكن إذا جعتن دقعتن وإذا شبعتن خجلتن).
قال الكميت:
ولم يدقعوا عند ما نابهم * لوقع الحروب ولم يخجلوا
يقال في خجلتن بطرتن وأشرتن وهو قياس الباب.
ويقال منه خجل الوادي إذا كثر صوت ذبابه.
ويقال أخجل الحمض طال وهو القياس لأنه إذا طال اضطرب.
(خجا) الخاء والجيم والحرف المعتل أو المهموز ليس أصلا.
يقولون رجل خجأة أي أحمق.
وخجأ الفحل أنثاه إذا جامعها.
وفحل خجأة كثير الضراب.

247
(باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله خاء)
من ذلك (الخلجم) وهو الطويل والميم زائدة أصله خلج.
وذلك أن الطويل يتمايل والتخلج الاضطراب والتمايل كما يقال تخلج المجنون.
ومنه (الخشارم) وهي الأصوات والميم والراء زائدتان وإنما هو من خش.
وكذلك (الخشرم) الجماعة من النحل إنما سمي بذلك لحكاية أصواته.
ومن ذلك (الخضرم) وهو الرجل الكثير العطية.
وكل كثير خضرم.
والراء فيه زائدة والأصل الخاء والضاد والميم.
ومنه الرجل الخضم وقد فسرناه.
ومن ذلك (الخبعثنة) وهو الأسد الشديد وبه شبه الرجل والعين والنون فيه زائدتان وأصله الخاء والباء والثاء.
ومنه (الخدلجة) وهي الممتلئة الساقين والذراعين والجيم زائدة وإنما هو من الخدالة.
وقد مضى ذكره.
ومنه (الخرنق) وهو ولد الأرنب.
والنون زائدة وإنما سمي بذلك لضعفه ولزوقه بالأرض.
من الخرق وقد مر.
ويقال أرض مخرنقة.
وعلى هذا قولهم خرنقت الناقة إذا كثر في جانبي سنامها الشحم حتى تراه كالخرانق.
ومنه رجل (خلبوت) أي خداع.
والواو والتاء زائدتان إنما هو من خلب.

248
ومنه (الخنثر) الشيء الخسيس يبقى من متاع القوم في الدار إذا تحملوا.
وهذا منحوت من خنث وخثر.
وقد مر تفسيرهما.
ومنه (المخرنطم) الغضبان.
وهذه منحوتة من خطم وخرط لأن الغضوب خروط راكب رأسه.
والخطم الأنف وهو شمخ بأنفه.
قال الراجز في المخرنطم:
يا هيء مالي قلقت محاوري * وصار أمثال الفغا ضرائري
* مخرنطمات عسرا عواسري *
قوله قلقت محاوري يقول اضطربت حالي ومصاير أمري.
والفغا البسر الأخضر الأغبر.
يقول انتفخن من غضبهن.
ومخرنطمات متغضبات.
وعواسري يطالبنني بالشيء عند العسر.
والمخرنشم مثل المخرنطم ويكون الشين بدلا من الطاء.
ومن ذلك (خردلت) اللحم قطعته وفرقته.
والذي عندي في هذا أنه مشبه بالحب الذي يسمى الخردل وهو اسم وقع فيه الاتفاق بين العرب والعجم وهو موضوع من غير اشتقاق.
ومن قال (خرذل) جعل الذال بدلا من الدال.
والخثارم) الذي يتطير والميم زائدة لأنه إذا تطير خثر وأقام.
قال:
ولست بهياب إذا شد رحله * يقول عداني اليوم واق وحاتم

249
ولكنني أمضي على ذاك مقدما * إذا صد عن تلك الهنات الخثارم
ومنه (الخلابس) الحديث الرقيق.
ويقال خلبس قلبه فتنه.
وهذه منحوتة من كلمتين خلب وخلس وقد مضى.
ومن ذلك (الخنثعبة) الناقة الغزيرة.
وهي منحوتة من كلمتين من خنث وثعب فكأنها لينة الخلف يثعب باللبن ثعبا.
ومنه (الخضارع) قالوا هو البخيل.
فإن كان صحيحا فهو من خضع وضرع والبخيل كذا وصفه.
ومنه (الخيتعور) ويقال هي الدنيا.
وكل شيء يتلون ولا يدوم على حال خيتعور.
والخيتعور المرأة السيئة الخلق.
والخيتعور الشيطان.
والأصل في ذلك أنها منحوتة من كلمتين من ختر وختع وقد مضى تفسيرهما.
ومنه (الخرعبة) والخرعوبة) وهي الشابة الرخصة الحسنة القوام.
وهي منحوتة من كلمتين من الخرع وهو اللين ومن الرعبوبة وهي الناعمة.
وقد فسر في موضعه.
ثم يحمل على هذا فيقال جمل خرعوب طويل في حسن خلق.
وغصن خرعوب متثن. [قال]:

250
* كخرعوبة البانة المنفطر *
ومنه (خربق) عمله أفسده.
وهي منحوتة من كلمتين من خرب وخرق.
وذلك أن الأخرق الذي لا يحسن عمله.
وخربه إذا ثقبه.
وقد مضى.
وأما قولهم لذكر العناكب (خدرنق) فهذا من الكلام الذي لا يعول على مثله ولا وجه للشغل به.
وأما قولهم للقرط (خربصيص) فالباء زائدة لأن الخرص الحلقة.
وقد مر.
قال في الخربصيص:
جعلت في أخراتها خربصيصا * من جمان قد زان وجها جميلا
ويقولون (خلبص) الرجل إذا فر.
والباء فيه زائدة وهو من خلص.
وقال:
لما رآني بالبراز حصحصا * في الأرض مني هربا وخلبصا
ويقولون (الخنبصة) اختلاط الأمر.
فإن كان صحيحا فالنون زائدة وإنما هو من خبص وبه سمي الخبيص.
والخرطوم) معروف والراء زائدة والأصل فيه الخطم وقد مر.
فأما الخمر فقد تسمى بذلك.
ويقولون هو أول ما يسيل عند العصر.
فإن كان كذا فهو قياس الباب لأن الأول متقدم.
ومن ذلك اشتقاق الخطم والخطام.
ومن الباب تسميتهم سادة القوم الخراطيم.

251
ومن ذلك (الخنطولة) الطائفة من الإبل والدواب وغيرها.
والجمع خناطيل قال ذو الرمة:
دعت مية الأعداد واستبدلت بها * خناطيل آجال من العين خذل
والنون في ذلك زائدة لأن في الجماعات إذا اجتمعت الاضطراب وتردد بعض على بعض.
ومن ذلك تخطرف الشيء إذا جاوزه.
وهي منحوتة من كلمتين خطر وخطف لأنه يثب كأنه يختطف شيئا.
قال الهذلي:
فماذا تخطرف من حالق * ومن حدب وحجاب وجال
ومن ذلك الخذروف وهو السريع في جريه والراء فيه زائدة وإنما هو من خذف كأنه في جريه يتخاذف كما يقال يتقاذف إذا ترامى.
والخذروف عويد أو قصبة يفرض في وسطه ويشد بخيط إذا مد دار وسمعت له حفيفا.
ومن ذلك تركت اللحم خذاريف إذا قطعته كأنك شبهت كل قطعة منه بحصاة خذف.
وأما الخندريس وهي الخمر فيقال إنها بالرومية ولذلك لم نعرض لاشتقاقها.
ويقولون هي القديمة ومنه حنطة خندريس قديمة.

252
والمخرنبق الساكت والنون والباء زائدتان وإنما هو من الخرق وهو خرق الغزال ولزوقه بالأرض خوفا.
فكأن الساكت خرق خائف.
ويقولون ناقة بها خزعال أي ظلع.
وهذه منحوتة من كلمتين من خزل أي قطع وخزع أي قطع.
وقد مرا.
ومما وضع وضعا وقد يجوز أن يكون عند غيرنا مشتقا.
رجل مخضرم الحسب وهو الدعي.
ولحم مخضرم لا يدرى أمن ذكر هو أو من أنثى.
ومنه المرأة الخبنداة وهي التامة القصب.
والخيعل قميص لا كمي له.
قال تأبط.
* عجوز عليها هدمل ذات خيعل *
والخناذيذ الشماريخ من الجبال الطوال.
والخنذيذ الفحل.
والخنذيذ الخصي.
والخنشليل الماضي.
والخنفقيق الداهية.
والخويخية الداهية.
قال:
وكل أناس سوف تدخل بينهم * خويخية تصفر منها الأنامل

253
والخنزوانة الكبر.
والخيزرانة سكان السفينة.
والخازباز الذباب أو صوته.
والخازباز نبت.
والخازباز وجع يأخذ الحلق.
قال:
* يا خازباز أرسل اللهازما *
والخبرنج الحسن الغذاء.
ومما اشتق اشتقاقا قولهم للثقيل الوخم القبيح الفحج خفنجل.
وهذا إنما هو من الخفج وقد مضى لأنهم إذا أرادوا تشنيعا وتقبيحا زادوا في الاسم.
ومما وضع وضعا الخرفجة حسن الغذاء.
وسراويل مخرفجة أي واسعة.
وأما الخيسفوجة سكان السفينة فمن الكلام الذي لا يعرج على مثله.
وأما قولهم للقديم خنابس فموضوع أيضا لا يعرف اشتقاقه.
قال:
* أبى الله أن أخزى وعز خنابس *
والله أعلم بالصواب
تم كتاب الخاء

254
(كتاب الدال)
(باب الدال وما بعدها في المضاعف والمطابق)
(در) الدال والراء في المضاعف يدل على أصلين أحدهما تولد شيء عن شيء والثاني اضطراب في شيء.
فالأول الدر در اللبن.
والدرة درة السحاب صبه.
ويقال سحاب مدرار.
ومن ذلك قولهم لله دره أي عمله وكأنه شبه بالدر الذي يكون من ذوات الدر.
ويقولون في الشتم لا در دره أي لا كثر خيره.
ومن الباب درت حلوبة المسلمين أي فيئهم وخراجهم.
ولهذه السوق درة أي نفاق كأنها قد درت.
وهو خلاف الغرار.
قال:
ألا يا لقومي لا نوار نوار * وللسوق منها درة وغرار
ومن هذا قولهم استدرت المعزى استدرارا إذا أرادت الفحل كأنها أرادت أن يدر لها ماء فحلها.
وأما الأصل الآخر فالدرير من الدواب الشديد العدو السريعة.
قال:
درير كخذروف الوليد أدره * تتابع كفيه بخيط موصل
والدردر منابت أسنان الصبي.
وهو من تدردرت اللحمة تدردرا إذا اضطربت ودردر الصبي الشيء إذا لاكه يدردره.

255
ودرر الريح مهبها.
ودرر الطريق قصده لأنه لا يخلو من جاء وذاهب.
والدر كبار اللؤلؤ سمي بذلك لاضطراب يرى فيه لصفائه كأنه ماء يضطرب.
ولذلك قال الهذلي:
فجاء بها ما شئت من لطمية * يدوم الفرات فوقها ويموج
يقول كأن فيها ماء يموج فيها لصفائها وحسنها.
والكوكب الدري الثاقب المضئ.
شبه بالدر ونسب إليه لبياضه.
(دس) الدال والسين في المضاعف والمطابق أصل واحد يدل على دخول الشيء تحت خفاء وسر.
يقال دسست الشيء في التراب أدسه دسا.
قال الله تعالى: * (أيمسكه على هون أم يدسه في التراب النحل 59) *.
والدساسة حية صماء تكون تحت التراب.
فأما قولهم دس البعير ففيه قولان كل واحد منهما من قياس الباب.
فأحدهما أن يكون به قليل من جرب.
فإن كان كذا فلأن ذلك الجرب كالشئ الخفيف المندس.
والقول الآخر هو أن يجعل الهناء على مساعر البعير.
ومن الباب الدسيس.
وقولهم العرق دساس لأنه ينزع في خفاء ولطف.

256
(دظ) الدال والظاء ليس أصلا يعول عليه ولا ينقاس منه.
ذكروا عن الخليل أن الدظ الشل يقال دظظناهم إذا شللناهم.
وليس ذا بشيء.
(دع) الدال والعين أصل واحد منقاس مطرد وهو يدل على حركة ودفع واضطراب.
فالدع الدفع يقال دععته أدعه دعا.
قال الله تعالى: * (يوم يدعون إلى نار جهنم دعا الطور 13) *.
والدعدعة تحريك المكيال ليستوعب الشيء.
والدعدعة عدو في التواء.
ويقال جفنة مدعدة وأصله ذاك أي أنها دعدعت حتى امتلأت.
فأما قولهم الدعدعة زجر الغنم والدعدعة قولك للعاثر دع دع كما يقال لعا فقد قلنا إن الأصوات وحكاياتها لا تكاد تنقاس وليست هي على ذلك أصولا.
وأما قولهم للرجل القصير دعداع فإن صح فهو من الإبدال من حاء دحداح.
(دف) الدال والفاء أصلان أحدهما يدل على عرض في الشيء والآخر على سرعة.
فالأول الدف وهو الجنب.
ودفا البعير جنباه.
قال:
له عنق تلوي بما وصلت به * ودفان يشتفان كل ظعان
ويقال سنام مدفف إذا سقط على دفي البعير.
والدف والدف ما يتلهى به.
والثاني دف الطائر دفيفا وذلك أن يدف على وجه الأرض يحرك

257
جناحيه ورجلاه في الأرض.
ومنه دفت علينا من بني فلان دافة تدف دفيفا.
ودفيفهم سيرهم.
وتقول داففت الرجل إذا أجهزت عليه دفافا ومدافة.
ومن ذلك حديث خالد بن الوليد (من كان معه أسير فليدافه) أي ليجهز عليه.
وهو من الباب لأنه يعجل الموت عليه.
(دق) الدال والقاف أصل واحد يدل على صغر وحقارة.
فالدقيق خلاف الجليل.
يقال ما أدقني فلان ولا أجلني أي ما أعطاني دقيقة ولا جليلة.
وأدق فلان وأجل إذا جاء بالقليل والكثير.
قال:
سحوح إذا سحت هموع إذا همت * بكت فأدقت في البكا وأجلت
والدقيق الرجل القليل الخير.
والدقيق الأمر الغامض.
والدقيق الطحين.
وتقول دققت الشيء أدقه دقا.
وأما الدقدقة فأصوات حوافر الدواب في ترددها.
كذا يقولون.
والأصل عندنا هو الأصل لأنها تدق الأرض بحوافرها دقا.
(دك) الدال والكاف أصلان أحدهما يدل على تطامن وانسطاح.
من ذلك الدكان وهو معروف.
قال العبدي:
* كد كان الدرابنة المطين *

258
ومنه الأرض الدكاء وهي الأرض العريضة المستوية.
قال الله تعالى: * (جعله دكاء الكهف 98) *. ومنه الناقة الدكاء وهي التي لا سنام لها.
قال الكسائي الدك من الجبال العراض واحدها أدك.
وفرس أدك الظهر أي عريضه.
والأصل الآخر يقرب من باب الإبدال فكأن الكاف فيه قائمة مقام القاف.
يقال دككت الشيء مثل دققته وكذلك دككته.
ومنه دك الرجل فهو مدكوك إذا مرض.
ويجوز أن يكون هذا من الأول كأن المرض مده وبسطه فهو محتمل للأمرين جميعا.
والدكداك من الرمل كأنه قد دك دكا أي دق دقا.
قال أهل اللغة الدكداك من الرمل ما التبد بالأرض فلم يرتفع.
ومن ذلك حديث جرير بن عبد الله حين سأله رسول الله صلى الله عليه وسلم عن منزله ببيشة فقال سهل ودكداك وسلم وأراك.
ومن هذا الباب دككت التراب على الميت أدكه دكا إذا هلته عليه.
وكذلك الركية تدفنها.
وقيل ذلك لأن التراب كالمدقوق.
ومما شذ عن هذين الأصلين قولهم إن كان صحيحا أمة مدكة قوية على العمل.
ومن الشاذ قولهم أقمت عنده حولا دكيكا أي تاما.
(دل) الدال واللام أصلان أحدهما إبانة الشيء بأمارة تتعلمها والآخر اضطراب في الشيء.
فالأول قولهم دللت فلانا على الطريق.
والدليل الأمارة في الشيء.
وهو بين الدلالة والدلالة.

259
والأصل الآخر قولهم تدلدل الشيء إذا اضطرب.
قال أوس:
أم من لحى أضاعوا بعض أمرهم * بين القسوط وبين الدين دلدال
والقسوط الجور.
والدين الطاعة.
ومن الباب دلال المرأة وهو جرأتها في تغنج وشكل كأنها مخالفة وليس بها خلاف.
وذلك لا يكون إلا بتمايل واضطراب.
ومن هذه الكلمة فلان يدل على أقرانه في الحرب كالبازي يدل على صيده.
ومن الباب الأول قول الفراء عن العرب أدل يدل إذا ضرب بقرابة.
(دم) الدال والميم أصل واحد يدل على غشيان الشيء من ناحية أن يطلى به.
تقول دممت الثوب إذا طليته أي صبغ وكل شيء طلي على شيء فهو دمام.
فأما الدمدمة فالإهلاك.
قال الله تعالى: * (فدمدم عليهم ربهم بذنبهم) *.
وذلك لما غشاهم به من العذاب والإهلاك.
وقدر دميم مطلية بالطحال.
والداماء جحر اليربوع لأنه يدمه دما أي يسويه تسوية.
فأما قولهم رجل دميم الوجه فهو من الباب كأن وجهه قد طلي بسواد أو قبح.
يقال دم وجهه يدم دمامة فهو دميم.
وأما الديمومة وهي المفازة لا ماء بها فمن الباب لأنها كأنها في استوائها

260
قد دمت أي سويت تسوية كالشئ الذي يطلى بالشيء.
والدمادم من الأرض رواب سهلة.
(دن) الدال والنون أصل واحد يدل على تطامن وانخفاض فالأدن الرجل المنحني الظهر.
يقال منه قد دننت دننا.
ويقال بيت أدن أي متطامن.
وفرس أدن أي قصير اليدين.
وإذا كان كذلك كان منسجه منخفضا.
ومن ذلك الدندنة وهو أن تسمع من الرجل نغية لا تفهم وذلك لأنه يخفض صوته بما يقوله ويخفيه.
ومنه الحديث: (فأما دندنتك ودندنة معاذ فلا نحسنهما).
ومما يقارب هذا القياس وليس هو بعينه قولهم للسيف الكليل ددان.
ومما شذ عن الباب الديدن وهي العادة.
ومما يقاس على الأصل الأول الدندن وهو ما اسود من النبات لقدمه.
(ده) الدال والهاء ليس أصلا يقاس عليه ولا يفرع منه وإنما يجيء في قولهم تدهده الشيء إذا تدحرج فكأن الدهدهة الصوت التي يكون منه هناك.
وقد قلنا إن الأصوات لا يقاس عليها.
ويقولون ما أدري أي الدهداء هو أي أي الناس هو والدهداه الصغار من الإبل.
ويقال الدهدهان الكثير من الإبل.

261
ومما يدل على ما قلناه أن هذا ليس أصلا قول الخليل في كتابه وأما قول رؤبة:
* وقول إلا ده فلا ده *
فإنه يقال إنها فارسية حكى قول دايته.
والذي قاله الخليل فعلى ما تراه بعد قوله في أول الباب ده كلمة كانت العرب تتكلم بها إذا رأى أحدهم ثأره يقول له يا فلان إلا ده فلا ده أي إنك إن لم تثأر به الآن لم تثار به أبدا.
وفي نحو ذلك من الأمر.
وهذا كله مما يدل على ما قلناه.
(دو) الدال والحرف المعتل بعدها أو المهموز قريب من الباب الذي قبله.
فالدو والدوية المفازة وبعضهم يقول إنما سميت بذلك لأن الخالي فيها يسمع كالدوي فقد عاد الأمر إلى ما قلناه من أن الأصوات لا تقاس.
قال الشاعر في الدوية:
ودوية قفر تمشى نعامها * كمشي النصارى في خفاف اليرندج
ومن الباب الدأدأة السير السريع.
والدأداة صوت وقع الحجارة في المسيل.
فأما الدآدىء فهي ثلاث ليال من أخر الشهر قبل ليالي المحاق.
فله قياس صحيح لأن كل إناء قارب أن يمتلئ فقد تدأدأ.
وكذلك هذه الليالي تكون إذا

262
قارب الشهر أن يكمل.
فأما قول من قال سميت دآدئ لظلمتها فليس بشيء ولا قياس له.
وأما الدوادي فهي أراجيح الصبيان وليس بشيء.
(دب) الدال والباء أصل واحد صحيح منقاس وهو حركة على الأرض أخف من المشي.
تقول دب دبيبا.
وكل ما مشى على الأرض فهو دابة.
وفي الحديث:
(لا يدخل الجنة ديبوب ولا قلاع).
يراد بالديبوب النمام الذي يدب بين الناس بالنمائم.
والقلاع الذي يشي بالإنسان إلى سلطانه ليقلعه عن مرتبة له عنده.
ويقال ناقة دبوب إذا كانت لا تمشي من كثرة اللحم إلا دبيبا.
ويقال ما بالدار دبي ودبي أي أحد يدب.
ويقال طعنة دبوب إذا كانت تدب بالدم.
قال الهذلي:
* بصفحته دبوب تقلس *
ويقال ركب فلان دبة فلان وأخذ بدبته إذا فعل مثل فعله كأنه مشى مثل مشيه.
والدباء القرع.
ويجوز أن يكون شاذا ومحتمل أن يكون سمي بذلك لملاسته كأنه يخف إذا دحرج.
قال امرؤ القيس:

263
إذا أقبلت قلت دباءة * من الخضر مغموسة في الغدر
وأما الدبب في الشعر فمن باب الإبدال لأن الدال فيه مبدلة من زاء.
والأدبب من الإبل الأزب.
وفي الحديث إن صح (أيتكن صاحبة الجمل الأدبب).
وأما الدبوب فيقال إنه الغار البعيد القعر وليس هذا بشيء.
(دث) الدال والثاء كلمة واحدة وهو المطر الضعيف.
(دج) الدال والجيم أصلان أحدهما كشبه الدبيب والثاني شيء يغشي ويغطي.
فالأول قولهم دج دجيجا إذا دب وسعى.
وكذلك الداج الذين يسعون مع الحاج في تجاراتهم.
وفي الحديث هؤلاء الداج وليسوا بالحاج.
فأما حديث أنس (ما تركت من حاجة ولا داجة) فليس من هذا الباب لأن الداجة مخففة وهي اتباع للحاجة.
وأما الدجاجة فمعروفة لأنها تدجدج أي تجىء وتذهب.
والدجاجة كبة المغزل.
فإن كان صحيحا فهو على معنى

264
التشبيه.
وكذلك قولهم لفلان دجاجة أي عيال.
وهو قياس لأنهم إليه يدجون.
وأما الآخر فقولهم تدجدج الليل إذا أظلم.
وليل دجوجي.
ودججت السماء تدجيجا تغيمت.
وتدجدج الفارس بشكته كأنه تغطي بها.
وهو مدجج ومدجج.
وقولهم للقنفذ مدجج من هذا.
قال:
ومدجج يعدو بشكته * محمرة عيناه كالكلب
وأما قولهم للناقة المنبسطة على الأرض دجوجاة فهو من الباب لأنها كأنها تغشي الأرض.
(دح) الدال والحاء أصل واحد يدل على اتساع وتبسط.
تقول العرب دححت البيت وغيره إذا وسعته.
واندح بطنه إذا اتسع.
قال أعرابي مطرنا لليلتين بقيتا من الشهر فاندحت الأرض كلأ.
ويقال دح الصائد بيته إذا جعله في الأرض.
قال أبو النجم:
* بيتا خفيا في الثرى مدحوحا *
ومن الباب الدحداح القصير سمي لتطامنه وجفوره.
وكذلك الدحيدحة.
قال:

265
أغرك أنني رجل دميم * دحيدحة وأنك عيطموس
(دخ) الدال والخاء ليس أصلا يفرع منه لكنهم يقولون دخدخنا القوم أذللناهم دخدخة.
وذكر الشيباني أن الدخدخة الأعياء.
فأما الدخ فقد ذكر في بابه وهو الدخان.
قال:
* عند سعار النار يغشى الدخا *
(دد) الدال والدال كلمة واحدة.
الدد اللهو واللعب.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(ما أنا من دد ولا الدد مني).
ويقال دد وددا وددن.
قال:
أيها القلب تعلل بددن * إن همي في سماع وأذن
ودد فيما يقال اسم امرأة.
والله أعلم.

266
(باب الدال والراء وما يثلثهما)
(درز) الدال والراء والزاء ليس بشيء ولا أحسب العرب قالت فيه.
إلا أن ابن الأعرابي حكي أنه قال يقول العرب للسفلة هم أولاد درزة كما تقول للصوص وأشباههم بنو غبراء.
وأنشد:
* أولاد درزة أسلموك وطاروا *
(درس) الدال والراء والسين أصل واحد يدل على خفاء وخفض وعفاء فالدرس الطريق الخفي.
يقال درس المنزل عفا.
ومن الباب الدريس الثوب الخلق.
ومنه درست المرأة حاضت.
ويقال إن فرجها يكنى أبا أدراس وهو من الحيض.
ودرست الحنطة وغيرها في سنبلها.
إذا دستها.
فهذا محمول على أنها جعلت تحت الأقدام كالطريق الذي يدرس ويمشى فيه. قال:
* سمراء مما درس ابن مخراق *
والدرس الجرب القليل يكون بالبعير.

267
ومن الباب درست القرآن وغيره.
وذلك أن الدارس يتتبع ما كان قرأ كالسالك للطريق يتتبعه.
ومما شذ عن الباب الدرواس الغليظ العنق من الناس والدواب.
(درص) الدال والراء والصاد ليس أصلا يقاس عليه ولا يفرع منه لكنهم يقولون الدرص ولد الفأرة وجمعه درصة.
ويقولون وقع القوم في أم أدراص إذا وقعوا في مهلكة.
وهو ذاك الأول لأن الأرض الفارغة يكون فيها أدراص.
قال:
وما أم أدراص بأرض مضلة * بأغدر من قيس إذا الليل أظلما
ويقولون للرجل إذا عي بأمره ضل دريص نفقه.
(درع) الدال والراء والعين أصل واحد وهو شيء من اللباس ثم يحمل عليه تشبيها.
فالدرع درع الحديد مؤنثه والجمع دروع وأدراع.
ودرع المرأة قميصها مذكر.
وهذا هو الأصل.
ثم يقال شاة درعاء وهي التي اسود رأسها وابيض سائرها.
وهو القياس لأن بياض سائر بدنها كدرع لها قد لبسته.
ومنه الليالي الدرع وهي ثلاث تسود أوائلها ويبيض سائرها شبهت بالشاة الدرعاء.
فهذا مشبه بمشبه بغيره.
ومما شذ عن الباب الاندراع التقدم في السير.
قال:

268
* أمام الخيل تندرع اندراعا *
(درق) الدال والراء والقاف ليس هو عندي أصلا يقاس عليه.
لكن الدرقة معروفة والجمع درق وأدراق.
قال رؤبة:
* لو صف أدراقا مضى من الدرق *
والدردق صغار الإبل وأطفال الولدان.
(درك) الدال والراء والكاف أصل واحد وهو لحوق الشيء بالشيء ووصوله إليه.
يقال أدركت الشيء أدركه إدراكا.
ويقال فرس درك الطريدة إذا كانت لا تفوته طريدة.
ويقال أدرك الغلام والجارية إذا بلغا.
وتدارك القوم لحق آخرهم أولهم.
وتدارك الثريان إذا أدرك الثرى الثاني المطر الأول.
فأما قوله تعالى: * (بل ادارك علمهم في الآخرة النمل 66) * فهو من هذا لأن علمهم أدركهم في الآخرة حين لم ينفعهم.
والدرك القطعة من الحبل تشد في طرف الرشاء إلى عرقوة الدلو لئلا يأكل الماء الرشاء.
وهو وإن كان لهذا فبه تدرك الدلو.
ومن ذلك الدرك وهي منازل أهل النار.
وذلك أن الجنة درجات والنار دركات.
قال الله تعالى: * (إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار النساء 145) * وهي منازلهم التي يدركونها ويلحقون بها.
نعوذ بالله منها!

269
(درم) الدال والراء والميم أصل يدل على مقاربة ولين.
يقال درع درمة أي لينة متسقة.
والدرمان تقارب الخطو.
وبذلك سمي الرجل دارما.
ومن الباب الدرم وهو استواء في الكعب تحت اللحم حتى لا يكون له حجم.
يقال له كعب أدرم.
قال:
قامت تريك خشية أن تصرما * ساقا بخنداة وكعبا أدرما
ويقال درمت أسنانه وذلك إذا انسحجت ولانت غروبها.
ومن هذا قولهم أدرم الفرس إذا سقطت سنه فخرج من الإثناء إلى الإرباع.
والدرامة المرأة القصيرة.
وهو عندنا من مقاربة الخطو لأن القصيرة كذا تكون.
قال:
من البيض لا درامة قملية * تبذ نساء الحي دلا وميسما
ثم يشتق من هذا الذي ذكرناه ما بعده.
فبنو الأدرم قبيلة.
قال:
* إن بني الأدرم ليسوا من أحد *
ودرم اسم رجل في قول الأعشى:
* كما قيل في الحي أودى درم *
وهو رجل من شيبان قتل ولم يدرك بثأره
(درن) الدال والراء والنون أصل صحيح وهو تقادم في الشيء

270
مع تغير لون.
فالدرين اليبيس الحولي.
ويقال للأرض المجدبة أم درين.
قال:
تعالى نسمط حب دعد ونغتدي * سواءين والمرعى بأم درين
يقول تعالي نلزم حبنا وأرضنا وعيشنا.
ومن الباب الدرن وهو الوسخ.
ومنه درينة وهو نعت للأحمق.
فأما قولهم إن الإدرون الأصل فكلام قد قيل وما ندري ما هو.
(دره) الدال والراء والهاء ليس أصلا لأن الهاء مبدلة من همزة.
يقال درأ أي طلع ثم يقلب هاء فيقال دره.
والمدرة لسان القوم والمتكلم عنهم.
(درى) الدال والراء والحرف المعتل والمهموز.
أما الذي ليس بمهموز فأصلان أحدهما قصد الشيء واعتماده طلبا والآخر حدة تكون في الشيء.
وأما المهموز فأصل واحد وهو دفع الشيء.
فالأول قولهم ادرى بنو فلان مكان كذا أي اعتمدوه بغزو أو غارة قال:
أتتنا عامر من أرض رام * معلقة الكنائن تدرينا
والدرية الدابة التي يستتر بها الذي يرمي الصيد ليصيده.
يقال منه دربت وادربت.
قال الأخطل:

271
وإن كنت قد أقصدتني إذ رميتني * بسهمك والرامي يصيد ولا يدري
قال ابن الأعرابي تدريت الصيد إذا نظرت أين هو ولم تره بعد.
ودريته ختلته.
فأما قوله تدريت أي تعلمت لدريته أين هو والقياس واحد.
يقال دريت الشيء والله تعالى أدرانيه.
قال الله تعالى * (قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم به يونس 16) * وفلان حسن الدرية كقولك حسن الفطنة.
والأصل الآخر قولهم للذي يسرح به الشعر ويدرى مدرى لأنه محدد.
ويقال شاة مدراة حديدة القرنين.
ويقال تدرت المرأة إذا سرحت شعرها.
ويقال إن المدريين طبيا الشاة.
وقد يستعمل في أخلاف الناقة.
قال حميد:
* تجود بمدريين *
وإنما صارا مدريين لأنهما إذا امتلئا تحدد طرفاهما.
وأما المهموز قولهم درأت الشيء دفعته.
قال الله تعالى * (ويدرأ عنها العذاب النور 8) *.
قال:

272
تقول إذا درأت لها وضينى * أهذا دينه أبدا وديني
ومن الباب الدريئة الحلقة التي يتعلم عليها الطعن.
قال عمرو:
ظللت كأني للرماح دريئة * أقاتل عن أبناء جرم وفرت
يقال جاء السيل درءا إذا جاء من بلد بعيد وفلان ذو تدرأ أي قوي على دفع أعدائه عن نفسه.
قال:
وقد كنت في الحرب ذا تدرأ * فلم أعط شيئا ولم أمنع
ودرأ فلان إذا طلع مفاجأة وهو من الباب كأنه اندرأ بنفسه.
أي اندفع.
ومنه دارأت فلانا إذا دافعته.
وإذا لينت الهمزة كان بمعنى الختل والخداع ويرجع إلى الأصل الأول الذي ذكرناه في دريت وادريت.
قال:
فماذا تدري الشعراء مني * وقد جاوزت حد الأربعين
فأما الدرء الذي هو الاعوجاج فمن قياس الدفع لأنه إذا اعوج اندفع

273
من حد الاستواء إلى الاعوجاج.
وطريق ذو درء أي كسور وجرفة وهو من ذلك.
ويقال أقمت من درئه إذا فومته.
قال:
وكنا إذا الجبار صعر خده * أقمنا له من درئه فتقوما
ويقولون درأ البعير إذا ورم ظهره.
فإن كان صحيحا فهو من الباب لأنه يندفع إذا ورم.
ومن الباب أدرأت الناقة فهي مدرئ وذلك إذا أرخت ضرعها عند النتاج.
(درب) الدال والراء والباء الصحيح منه أصل واحد وهو أن يغرى بالشيء ويلزمه.
يقال درب بالشيء إذا لزمه ولصق به.
ومن هذا الباب تسميتهم العادة والتجربة دربة.
ويقال طير دوارب بالدماء إذا أغريت.
قال الشاعر:
يصاحبنهم حتى يغرن مغارهم * من الضاريات بالدماء الدوارب
ودرب المدينة معروف فإن كان صحيحا عربيا فهو قياس الباب لأن الناس يدربون به قصدا.
فأما تدربى الشيء إذا تدهدى فقد قيل.
والدربانية جنس من البقر.
والدرداب صوت الطبل.
فكل هذا كلام ما يدرى ما هو

274
(درج) الدال والراء والجيم أصل واحد يدل على مضي الشيء والمضي في الشيء.
من ذلك قولهم درج الشيء إذا مضى لسبيله.
ورجع فلان أدراجه إذا رجع في الطريق الذي جاء منه.
ودرج الصبي إذا مشى مشيته.
قال الأصمعي درج الرجل إذا مضى ولم يخلف نسلا.
ومدارج الأكمة الطرق المعترضة فيها.
قال:
تعرضي مدارجا وسومي * تعرض الجوزاء للنجوم
فأما الدرج لبعض الأصونة والآلات فإن كان صحيحا فهو أصل آخر يدل على ستر وتغطية.
من ذلك أدرجت الكتاب وأدرجت الحبل.
قال:
* محملج أدرج إدراج الطلق *
ومن هذا الباب الثاني الدرجة وهي خرق تجعل في حياء الناقة ثم تسل فإذا شمتها الناقة حسبتها ولدها فعطفت عليه.
قال:
* ولم تجعل لها درج الظئار *
(درد) الدال والراء والدال أصيل فيه كلام يسير.
فالدرد من الأسنان لصوقها بالأسناخ وتأكل ما فضل منها.
وقد دردت وهي درد.
ورجل أدرد وامرأة درداء.

275
(درح) الدال والراء والحاء أصيل أيضا.
يقولون للرجل القصير درحاية ويكون مع ذلك ضخما.
قال:
* عكوكا إذا مشى درحايه *
والله أعلم.
(باب الدال والسين وما يثلثهما في الثلاثي)
(دسم) الدال والسين والميم أصلان أحدهما يدل على سد الشيء والآخر يدل على تلطخ الشيء بالشيء.
فالأول الدسام وهو سداد كل شيء.
وقال قوم دسم الباب أغلقه.
والثاني الدسم معروف وسمي بذلك لأنه يلطخ بالشيء.
والدسمة الدنيء من الرجال الردىء.
وسمي بذلك لأنه كالملطخ بالقبيح.
ويقال للغادر هو دسم الثياب كأنه قد لطخ بقبيح.
قال:
يا رب إن الحارث بن الجهم * أوذم حجا في ثياب دسم
ومن التشبيه قولهم دسم المطر الأرض إذا قل ولم يبلغ أن يبل الثري.
ومما شذ عن الباب الديسم وهو ولد الذئب من الكلبة.
والديسم أيضا:

276
النبات الذي يقال له بستان أفروز.
ويقال إن الديسمة الذرة.
(دسوا) الدال والسين والحرف المعتل أصل واحد يدل على خفاء وستر.
يقال دسوت الشيء أدسوه ودسا يدسو وهو نقيض زكا.
فأما قوله تعالى * (وقد خاب من دساها) * فإن أهل العلم قالوا الأصل دسسها كأنه أخفاها.
وذلك أن السمح ذا الضيافة ينزل بكل براز وبكل يفاع لينتابه الضيفان والبخيل لا ينزل إلا في هبطة أو غامض فيقول الله تعالى * (قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها) * أي أخفاها أو أغمضها.
وهذا هو المعول عليه.
غير أن بعض أهل العلم قال دساها أي أغواها وأغراها بالقبيح.
وأنشد:
وأنت الذي دسيت عمرا فأصبحت * حلائله منه أرامل ضيعا
(دست) الدال والسين والتاء ليس أصلا لأن الدست الصحراء وهو فارسي معرب.
قال الأعشى:

277
قد علمت فارس وحمير والأعراب * بالدست أيكم نزلا
(دسر) الدال والسين والراء أصل واحد يدل على الدفع.
يقال دسرت الشيء دسرا إذا دفعته دفعا شديدا.
وفي الحديث ليس في العنبر زكاة إنما هو شيء دسره البحر أي رماه ودفع به.
وفي حديث عمر إن أخوف ما أخاف عليكم أن يؤخذ الرجل فيدسر كما تدسر الجزور أي يدفع.
ومن الباب دسره بالرمح ورمح مدسر.
قال:
عن ذي قداميس لهام لو دسر * بركنه أركان دمخ لانقعر
أي لو دفعها.
ويقال للجمل الضخم القوي دوسري.
ودوسر كتيبة لأنها تدفع الأعداء.
ومما شذ عن الباب وهو صحيح الدسار خيط من ليف تشد به ألواح السفينة والجمع دسر.
قال الله تعالى * (وحملناه على ذات ألواح ودسر القمر 13) *.
ويقال الدسر المسامير.

278
(دسع) الدال والسين والعين أصل يدل على الدفع.
يقال دسع البعير بجرته إذا دفع بها.
والدسع خروج الجرة.
والدسيعة كرم فعل الرجل في أموره.
وفلان ضخم الدسيعة يقال هي الجفنة ويقال المائدة.
وأي ذلك كان فهو من الدفع والإعطاء.
ومنه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتابه بين قريش والأنصار.
(إن المؤمنين أيديهم على من بغى عليهم أو ابتغى دسيعة ظلم) فإنه أراد الدفع أيضا.
يقول ابتغى دفعا بظلم.
وفي حديث آخر يقول الله تعالى يا ابن آدم ألم أجعلك تربع وتدسع.
فقوله تربع أي تأخذ المرباع وقوله تدسع أي تدفع وتعطي العطاء الجزيل.
(دسق) الدال والسين والقاف أصيل يدل على الامتلاء يقال ملأت الحوض حتى دسق أي امتلأ حتى ساح ماؤه.
والديسق الحوض الملآن.
ويقال الديسق ترقرق السراب على الأرض.
(باب الدال والعين وما يثلثهما)
(دعو) الدال والعين والحرف المعتل أصل واحد وهو أن تميل الشيء إليك بصوت وكلام يكون منك.
تقول دعوت أدعو دعاء.
والدعوة إلى الطعام بالفتح والدعوة في النسب بالكسر.
قال أبو عبيدة يقال في النسب دعوة وفي الطعام دعوة.
هذا أكثر كلام العرب إلا عدي الرباب فإنهم

279
ينصبون الدال في النسب ويكسرونها في الطعام.
قال الخليل الادعاء أن تدعي حقا لك أو لغيرك.
تقول ادعى حقا أو باطلا.
قال امرؤ القيس:
لا وأبيك ابنة العامري * لا يدعي القوم أني أفر
والادعاء في الحرب الاعتزاء وهو أن تقول أنا ابن فلان قال:
* ونجر في الهيجا الرماح وندعي *
وداعية اللبن ما يترك في الضرع ليدعو ما بعده.
وهذا تمثيل وتشبيه.
وفي الحديث أنه قال للحالب دع داعية اللبن.
ثم يحمل على الباب ما يضاهيه في القياس الذي ذكرناه فيقولون دعا الله فلانا بما يكره أي أنزل به ذلك قال:
* دعاك الله من ضبع بأفعى *
لأنه إذا فعل ذلك بها فقد أماله إليها.
وتداعت الحيطان وذلك إذا سقط واحد وآخر بعده فكأن الأول دعا الثاني.
وربما قالوا داعيناها عليهم إذا هدمناها واحدا بعد آخر.
ودواعي الدهر صروفه كأنها تميل الحوادث.
ولبنى فلان أدعية يتداعون بها وهي مثل الأغلوطة كأنه يدعو المسؤول إلى إخراج ما يعميه عليه.
وأنشد أبو عبيد عن الأصمعي:

280
أداعيك ما مستصحبات مع السرى * حسان وما آثارها بحسان
ومن الباب ما بالدار دعوي أي ما بها أحد كأنه ليس بها صائح يدعو بصياحه.
ويحمل على الباب مجازا أن يقال دعا فلانا مكان كذا إذا قصد ذلك المكان كأن المكان دعاه.
وهذا من فصيح كلامهم.
قال ذو الرمة:
دعت مية الأعداد واستبدلت بها * خناطيل آجال من العين خذل
(دعق) الدال والعين والقاف أصل واحد يدل على التأثير في الشيء والإذلال له.
يقال للمكان الذي تطوه الدواب وتؤثر فيه بحوافرها دعق.
قال رؤبة:
* في رسم آثار ومدعاس دعق *
ومن الباب شل إبله شلا دعقا إذا طردها.
وأغار غارة دعقا.
وخيل مداعيق.
قال:
* لا يهمون بإدعاق الشلل *
(دعك) الدال والعين والكاف أصل واحد يدل على تمريس الشيء.
يقال دعك الجلد وغيره إذا دلكه.
وتداعك الرجلان في الحرب،

281
إذا تحرش كل واحد منهما بصاحبه.
ويقولون الدعك على فعل الرجل الضعيف.
وأنشدوا لحسان:
* وأنت إذا حاربوا دعك *
(دعم) الدال والعين والميم أصل واحد وهو شيء يكون قياما لشيء ومساكا.
تقول دعمت الشيء أدعمه دعما وهو مدعوم.
والدعامتان خشبتا البكرة.
ودعامة القوم سيدهم.
ويقال لا دعم بفلان أي لا قوة له ولا سمن.
قال الراجز:
لا دعم بي لكن بليلى الدعم * جارية في وركيها شحم
ودعمي اسم مشتق من هذا.
(دعب) الدال والعين والباء أصل يدل على امتداد في الشيء وتبسط.
فالدعبوب الطريق السهل.
وربما قالوا فرس دعبوب إذا كان مديدا.
وقياس الدعابة من هذا لأن ثم تبسطا وتندحا.
(دعث) الدال والعين والثاء كلمة واحدة وهي الدعث وهو الحقد.

282
(دعج) الدال والعين والجيم أصل واحد يدل على لون أسود.
فمنه الأدعج وهو الأسود.
والدعج في العين شدة سوادها في شدة البياض.
(دعد) الدال والعين والدال ليس بشيء.
وربما سموا المرأة دعد.
(دعر) الدال والعين والراء أصل واحد يدل على كراهة وأذى وأصله الدخان يقال عود دعر إذا كان كثير الدخان.
قال ابن مقبل:
باتت حواطب ليلى يلتمسن لها * جزل الجذى غير خوار ولا دعر
ومن ذلك اشتقاق الدعارة في الخلق.
والدعر الفساد.
والزند الأدعر الذي قدح به مرارا فاحترق طرفه فصار لا يوري.
وداعر فحل تنسب إليه الداعرية.
(دعز) الدال والعين والزاء ليس بشيء ولا معول على قول من يقول إنه الدفع والنكاح.
(دعس) الدال والعين والسين أصيل.
وهو يدل على دفع وتأثير.
فالمداعسة المطاعنة لأن الطاعن يدفع المطعون.
ورمح مدعس ورماح مداعس.
والدعس النكاح وهذا تشبيه.
والدعس الأثر وهو ذاك لأن المؤثر يدفع ذلك الشيء حين يؤثر فيه.
(دعص) الدال والعين والصاد أصل يدل على دقة ولين.

283
فالدعص ما قل ودق من الرمل.
والدعصاء الأرض السهلة.
ومن الباب تدعص اللحم إذا بالغ في النضج.
ويقولون أدعصه الحر إذا قتله كأنه أنضجه فقتله.
(دعض) الدال والعين والضاد ليس بشيء.
(دعظ) الدال والعين والظاء ليس بشيء.
ويقولون الدعظ النكاح.
(باب الدال والغين وما يثلثهما)
(دغل) الدال والغين واللام أصل يدل على التباس والتواء من شيئين يتداخلان من ذلك الدغل وهو الشجر الملتف.
ومنه الدغل في الشيء وهو الفساد.
ويقولون أدغل في الأمر إذا أدخل فيه ما يخالفه.
(دغم) الدال والغين والميم أصلان أحدهما من باب الألوان والآخر دخول شيء في مدخل ما.
فالأول الدغمة في الخيل أن يخالف لون الوجه لون سائر الجسد.
ولا يكون إلا سوادا.
ومن أمثال العرب الذئب أدغم.
تفسير ذلك أنه أدغم ولغ أو لم يلغ.
فالدغمة لازمة له فربما قيل قد ولغ وهو جائع.
يضرب هذا مثلا

284
لمن يغبط بما لم ينله.
ومن هذا الباب دغمهم الحر إذا غشيهم لأنه يغير الألوان.
والأصل الأخر قولهم أدغمت اللجام في فم الفرس إذا أدخلته فيه.
ومنه الإدغام في الحروف.
والدغم كسر الأنف إلى باطنه هشما.
(دغر) الدال والغين والراء أصل واحد وهو الدفع والتقحم في الشيء قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للنساء.
(لا تعذبن أولادكن بالدغر).
فالدغر غمز الحلق من العذرة والعذرة داء يهيج في الحلق من الدم ويقال هو معذور.
قال جرير:
غمز ابن مرة يا فرزدق كينها * غمز الطبيب نغانغ المعذور
ودغرت القوم إذا دخلت عليهم.
وكلام لهم يقولون دغرا لا صفا يقول ادغروا عليهم لا تصافوهم.
والدغرة الخلسة لأن المختلس يدفع نفسه على الشيء.
وفي الحديث لا قطع في الدغرة.
(دغص) الدال والغين والصاد كلمة يقال للحمة التي تموج فوق ركبة البعير الداغصة.
(دغش) الدال والغين والشين ليس بشيء.
وهم يحكون دغش عليهم.

285
(دغف) الدال والغين والفاء ليس بشيء إلا أن ابن دريد زعم أن الدغف الإكثار من أخذ الشيء.
(باب الدال والفاء وما يثلثهما)
(دفق) الدال والفاء والقاف أصل واحد مطرد قياسه وهو دفع الشيء قدما.
من ذلك دفق الماء وهو ماء دافق.
وهذه دفقة من ماء.
ويحمل قولهم جاءوا دفقة واحدة أي مرة واحدة.
وبعير أدفق إذا بان مرفقاه عن جنبيه.
وذلك أنهما إذا بانا عنه فقد اندفعا عنه واندفقا.
والدفق على فعل من الإبل السريع.
ومشى فلان الدفقي وذلك إذا أسرع.
قال أبو عبيدة الدفقي أقصى العنق.
ومنه حديث الزبرقان تمشي الدفقي وتجلس الهبنقعة.
ويقال سيل دفاق يملأ الوادي.
ودفق الله روحه إذا دعي عليه بالموت.
(دفل) الدال والفاء واللام ليس أصلا وإن كان قد جاء فيه الدفلى وهو شجر.
(دفن) الدال والفاء والنون أصل واحد يدل على استخفاء وغموض.
يقال دفن الميت وهذه بئر دفن ادفنت.
فأما الادفان فاستخفاء العبد لا يريد الإباق البات.
وقال قوم الادفان إباق العبد وذهابه

286
على وجهه.
والأول أجود لما ذكرناه من الحديث.
والداء الدفين الغامض الذي لا يهتدى لوجهه.
والدفون الناقة تبرك مع الإبل فتكون وسطهن.
والدفني ضرب من الثياب.
وسمعت بعض أهل العلم يقولون إنه صبغ يدفن في صبغ يكون أشبع منه.
(دفأ) الدال والفاء والهمزة أصل واحد يدل على خلاف البرد.
فالدفء خلاف البرد.
يقال دفؤ يومنا وهو دفئ.
قال الكلابي دفئ.
والأول أعرف في الأوقات فأما الإنسان فيقال دفىء فهو دفآن وامرأة دفأى.
وثوب ذو دفء ودفاء.
وما على فلان دفء أي ما يدفئه.
وقد أدفأنى كذا واقعد في دفء هذا الحائط أي كنه.
ومن الباب الدفئي من الأمطار وهو الذي يجيء صيفا.
والإبل المدفأة الكثيرة لأن بعضها تدفئ بعضا بأنفاسها.
قال الأموي الدفء عند العرب نتاج الإبل وألبانها والانتفاع بها.
وهو قوله جل ثناؤه * (لكم فيها دفء ومنافع النحل 5) *.
ومن ذلك حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(لنا من دفئهم وصرامهم ما سلموا بالميثاق).
ومن الباب الدفأ الانحناء.
وفي صفة الدجال أن فيه دفأ أي انحناء.
فإن كان هذا صحيحا فهو من القياس لأن كل ما أدفأ شيئا فلا بد من أن يغشاه ويجنأ عليه.
(دفأ) الدال والفاء والحرف المعتل أصل يدل على طول في انحناء قليل فالدفا طول جناح الطائر.
يقال طائر أدفى.
وهو من الوعول ما طال

287
قرناه.
ويقال للنجيبة الطويلة العنق دفواء.
والدفواء.
الشجرة العظيمة الطويلة.
ومنه الحديث أنه أبصر شجرة دفواء تسمى ذات أنواط.
ويقال للعقاب دفواء وذلك لطول منقارها وعوجه.
ويقال تدافى البعير تدافيا إذا سار سيرا متجافيا.
(دفر) الدال والفاء والراء أصل واحد وهو تغير رائحة.
والدفر النتن.
يقولون للأمة يا دفار.
والدنيا تسمى أم دفر.
وكتيبة دفراء يراد بذلك روائح حديدها.
وقد شذت عن الباب كلمة واحدة إن كانت صحيحة يقولون دفرت الرجل عني إذا دفعته.
(دفع) الدال والفاء والعين أصل واحد مشهور يدل على تنحية الشيء.
يقال دفعت الشيء أدفعه دفعا.
ودافع الله عنه السوء دفاعا.
والمدفع الفقير لأن هذا يدافعه عند سؤاله إلى ذلك.
وهو قوله والناس أعداء لكل مدفع صفر اليدين وإخوة للمكثر وإياه أراد الشاعر بقوله:
ومضروب يئن بغير ضرب * يطاوحه الطراف إلى الطراف
والدفعة من المطر والدم وغيره.
وأما الدفاع فالسيل العظيم.
وكل ذلك

288
مشتق من أن بعضه يدفع بعضا.
والمدفع البعير الكريم وهو الذي كلما جيء به ليحمل عليه أخر وجئ بغيره إكراما له.
وهو في قول حميد:
* وقربن للترحال كل مدفع *
(باب الدال والقاف وما يثلثهما)
(دقل) الدال والقاف واللام ليس بأصل يقاس عليه ولا له فروع.
وإنما يقال دقل السفينة.
والدقل أردأ التمر.
وذكر عن الخليل ولا أدري أصحيح عنه ذلك أم لا دوقل الرجل لنفسه إذا اختصها بشيء من المأكول.
(دقس) الدال والقاف والسين قريب إلا أنهم يقولون الدقسة دويبة.
ويقولون دنقس الرجل دنقسة وربما قالوا بالشين إذا نظر بمؤخر عينيه وليس هذا من أصيل كلام العرب.
وكذلك الدال والقاف والشين.
وذكروا أن أبا الدقيش سئل عن معنى كنيته فقال لا أدري هي أسماء نسمعها فنتسمى بها.
وما أقرب هذا الكلام من الصدق.
وذكر السجستاني أن الدقشة دويبة رقطاء وأن الدقش النقش.
وكل ذلك تعلل وليس بشيء.

289
(دقم) الدال والقاف والميم أصيل فيه كلمة.
يقال دقم أسنانه كسرها.
(دقى) الدال والقاف والياء كلمة واحدة.
دقي الفصيل دقى إذا بشم عن اللبن.
والذكر دق والأنثى دقية.
(دقر) الدال والقاف والراء أصل يدل على ضعف ونقصان.
فالدقارير الأباطيل.
والدواقير فيما يقال جمع دوقرة وهي غائط من الأرض لا ينبت.
والدقرارة الرجل النمام.
والدقرار التبان.
وقياسه قياس الباب لنقصانه.
(دقع) الدال والقاف والعين أصل واحد وهو يدل على الذل.
وأصله الدقعاء وهو التراب.
يقال دقع الرجل لصق بالتراب ذلا.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للنساء.
(إنكن إذا جعتن دقعتن وإذا شبعتن خجلتين) فالدقع هذا.
قال الكميت.
ولم يدقعوا عند ما نابهم * لوقع الحروب ولم يخجلوا
والمداقيع من الإبل التي تأكل النبت حتى تلصقه بالأرض من الدقعاء.
والداقع من الرجال الذي يطلب مداق الكسب.
وفي بعض اللغات رماه الله بالدوقعة وهي فوعلة من الدقع.

290
(باب الدال والكاف وما يثلثهما)
(دكل) الدال والكاف واللام أصيل يدل على تعظم.
يقال تدكل الرجل إذا تعظم في نفسه ومنه الدكلة القوم لا يجيبون السلطان من عزهم.
(دكن) الدال والكاف والنون أصيل يدل على تنضيد شيء إلى شيء.
يقال دكنت المتاع إذا نضدت بعضه فوق بعض.
ومنه اشتقاق الدكان وهو عربي.
قال العبدي.
فأبقى باطلي والجد منها * كدكان الدرابنة المطين
(دكع) الدال والكاف والعين كلمة واحدة وهي قولهم لداء يأخذ الخيل والإبل في صدورها دكاع.
قال القطامي.
ترى منه صدور الخيل زورا * كأن بها نحازا أو دكاعا
ويقولون هو السعال.

291
(دكأ) الدال والكاف والهمزة كلمة واحدة تداكأ القوم إذا ازدحموا.
(دكس) الدال والكاف والسين أصيل يدل على غشيان الشيء بالشيء.
قال ابن الأعرابي.
الدكاس ما يغشى الإنسان من النعاس.
قال:
كأنه من الكرى الدكاس * بات بكأسي قهوة يحاسي
ويقال الدوكس العدد الكثير.
وقال الدكس تراكب الشيء بعضه على بعض.
وذكر عن الخليل أن الدوكس الأسد فإن كان صحيحا فهو من الباب لجرأته وغشيانه الأهوال.
(باب الدال واللام وما يثلثهما)
(دلم) الدال واللام أصل يدل على طول وتهدل في سواد.
فالأدلم من الرجال الطويل الأسود وكذلك هو من الجمال والجبال.
وزعم ناس أن الديلم سواد الليل وظلمته.
فأما قول عنترة.
* زوراء تنفر عن حياض الديلم *
فيقال إنهم الأعداء.
فإن كان كذا فالأعداء يوصفون بهذا.
قال الأعشى.
* هم الأعداء فالأكباد سود *

292
وقال قوم الديلم مكان أو قبيل.
ويقال جاء بالديلم أي بالداهية وهذا تشبيه.
والدلم الهدل في الشفة.
(دله) الدال واللام والهاء أصيل يدل على ذهاب الشيء.
يقال ذهب دم فلان دلها أي بطلا.
ودله عقله الحب وغيره أي أذهب.
(دلى) الدال واللام والحرف المعتل أصل يدل على مقاربة الشيء ومداناته بسهولة ورفق.
يقال أدليت الدلو إذا أرسلتها في البئر فإذا نزعت فقد دلوت.
والدلو ضرب من السير سهل.
قال:
* لا تعجلا بالسير وادلواها *
والدلاة الدلو أيضا ويجمع على الدلاء.
فأما قوله.
آليت لا أعطى غلاما أبدا * دلاته إني أحب الأسودا
فإنه أراد بدلاته سجله ونصيبه من الود.
والأسود ابنه.
ويقال أدلى فلان بحجته إذا أتى بها.
وأدلى بماله إلى الحاكم إذا دفعه إليه.
قال جل ثناؤه * (وتدلوا بها إلى الحكام البقرة 188) *.
ويقال دلوت إليه بفلان استشفعت به إليه.
ومن ذلك حديث عمر في استسقائه بالعباس.
(اللهم إنا نتقرب إليك بعم نبيك وقفية آبائه وكبر رجاله ودلونا به إليك مستشفعين).
ويحمل على هذا قولهم جاء فلان بالدلو أي الداهية.
وأنشد.

293
يحملن عنقاء وعنقفيرا * والدلو والديلم والزفيرا
ويقال داليت الرجل إذا داريته.
ويقال هو دلاء مال إذا كان سائس مال وخائله.
(دلب) الدال واللام والباء ليس بشيء.
والدلب فيما يقال شجر.
(دلث) الدال واللام والثاء أصل يدل على الاندفاع.
يقال لمدافع السيل المدالث الواحد مدلث.
والناقة الدلاث السريعة.
يقال اندلثت الناقة تندلث اندلاثا.
وحكى بعضهم دلث الشيخ مثل دلف.
ويقال اندلث فلان على فلان إذا اندرأ عليه وانصب.
(دلج) الدال واللام والجيم أصل يدل على سير ومجىء وذهاب.
ولعل ذلك أكثر ما كان في خفية.
فالدلج سير الليل.
ويقال أدلج القوم إذا قطعوا الليل كله سيرا فإن خرجوا من آخر الليل فقد ادلجوا بتشديد الدال.
ويقال إن أبا المدلج القنفذ ويزعمون أن أكثر حركته بالليل.
والدولج.

294
السرب.
والدولج كناس الوحشي.
وهو قياس الباب لأنهما يستخفى فيهما.
ثم يحمل على الباب فيقال للذي يأخذ الدلو من راس البئر إلى الحوض الدالج وذلك المكان المدلج.
والفعل دلج يدلج دلوجا.
قال:
كأن رماحهم أشطان بئر * لها في كل مدلجة خدود
وأما قول الشماخ.
وتشكو بعين ما أكل ركابها * وقيل المنادى أصبح القوم أدلجى
فإنه حكى صوت المنادى أنه كان مرة ينادي أصبح القوم ومرة ينادي أدلجى يأمر بذلك.
(دلح) الدال واللام والحاء أصيل يدل على مشى وثقل المحمول يقول العرب دلح البعير بحمله إذا مشى بثقل.
وسحابة دلوح كأنها تجري بمائها ومن ذلك حديث سلمان.
(أنه اشترى هو وأبو الدرداء لحما فتدالحاه بينهما على عود) أي حملاه ونهضا به.
ويقال سحابة دلوح وسحائب دلح.
قال:
بينما نحن مرتعون بفلج * قالت الدلح الرواء إنيه

295
(دلس) الدال واللام والسين أصل يدل على ستر وظلمة.
فالدلس دلس الظلام.
ومنه قولهم لا يدالس أي لا يخادع.
ومنه التدليس في البيع وهو أن يبيعه من غير إبانة عن عيبه فكأنه خادعه وأتاه به في ظلام.
وأصل آخر يدل على القلة.
يقول العرب تدلست الطعام إذا أخذت منه قليلا قليلا.
وأصل ذلك من الأدلاس وهي من النبات ربب تورق في آخر الصيف.
يقولون تدلس المال إذا وقع بالأدلاس.
(دلص) الدال واللام والصاد تدل على لين ونعمة.
فالدلاص الدرع اللينة ويقولون.
دلصت السيول الصخرة كأنها لينتها.
قال:
* صفا دلصته طحمة السيل أخلق *
(والدليص البراق.
ويقال اندلص الشيء من يدي إذا سقط.
وكأن هذا مشتق أو تكون الدال بدلا من الميم وهو من انملص وأملصت المرأة إذا أسقطت.
(دلظ) الدال واللام والظاء أصيل يدل على الدفع.
يقال دلظته دلظا إذا دفعته.
وحكى بعضهم أقبل الجيش يتدلظى إذا دفع بعضه بعضا

296
(دلع) الدال واللام والعين أصيل يدل على خروج.
تقول دلع لسانه خرج.
ودلعه هو إذا أخرجه.
والدليع الطريق السهل.
ويقال اندلع بطنه إذا أخرج أمامه.
(دلف) الدال واللام والفاء أصل واحد يدل على تقدم في رفق فالدليف المشي الرويد.
يقال دلف دليفا وهو فوق الدبيب.
ودلفت الكتيبة في الحرب.
قال أبو عبيد الدلف التقدم دلفناهم أي تقدمناهم.
والدالف السهم الذي يقع دون الغرض ثم ينبو عن موضعه.
(دلق) الدال واللام والقاف أصل واحد مطرد يدل على خروج الشيء وتقدمه.
فالناقة الدلوق هي التي تكسر أسنانها فالماء يخرج من فمها.
ويقال اندلق السيف من غمده إذا خرج من غير أن يسل.
واندلقت أقتاب بطنه إذا خرجت أمعاؤه.
واندلق السيل على القوم واندلق الجيش.
قال طرفة:
دلق في غارة مسفوحة * كرعال الطير أسرابا تمر
وناقة دلق شديدة الدفعة.
والاندلاق التقدم.
وكان يقال لعمارة بن زياد العبسي أخي الربيع دالق.
(دلك) الدال واللام والكاف أصل واحد يدل على زوال شيء عن شيء ولا يكون إلا برفق يقال دلكت الشمس زالت.
ويقال دلكت غابت.
والدلك وقت دلوك الشمس.
ومن الباب دلكت الشيء وذلك

297
أنك إذا فعلت ذلك لم تكد يدك تستقر على مكان دون مكان.
والدلوك ما يتدلك به الإنسان من طيب وغيره.
والدليك طعام يتخذ من زبد وتمر شبه الثريد والمدلوك البعير الذي قد دلكته الأسفار وكدته.
ويقال بل هو الذي في ركبتيه دلك أي رخاوة وذلك أخف من الطرق.
وفرس مدلوك الحجبة أي ليس بحجبته إشراف.
وأرض مدلوكة أي مأكولة وذلك إذا كانت كأنها دلكت دلكا.
ويقال الدلالة آخر ما يكون في الضرع من اللبن كأنه سمي بذلك لأن اليد تدلك الضرع.
قال أحمد بن فارس إن لله تعالى في كل شيء سرا ولطيفة.
وقد تأملت في هذا الباب من أوله إلى آخره فلا ترى الدال مؤتلفة مع اللام بحرف ثالث إلا وهي تدل على حركة ومجىء وذهاب وزوال إلى مكان والله أعلم.
(باب الدال والميم وما يثلثهما)
(دمن) الدال والميم والنون أصل واحد يدل على ثبات ولزوم.
فالدمن ما تلبد من السرجين والبعر في مباءات النعم وموضع ذلك الدمنة والجمع دمن ويقال دمنت الأرض بذلك مثل دملتها.
والدمنة ما اندفن من الحقد في الصدر وذلك تشبيه بما تدمن من الأبعار في الدمن.
ويقال دمن فلان

298
فناء فلان إذا غشيه ولزمه وفلان دمن مال مثل قولهم إزاء مال وإنما سمي بذلك لأنه يلازم المال ودمون مكان وكل هذا قياس واحد.
وأما الدمان فهو عفن يصيب النخل فإن كان صحيحا فهو مشتق مما ذكرناه من الدمن لأن ذلك يعفن لا محالة.
(دمث) الدال والميم والثاء أصل واحد يدل على لين وسهولة.
فالدمثب اللين يقال دمث المكان يدمث دمثا وهو دمث ودمث.
ويكون ذا رمل ومن ذلك الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مال إلى دمث وقال إذا بال أحدكم فليرتد لبوله.
والدماثة سهولة الخلق.
ويقال دمث لي الحديث أي سهله ووطئه.
(دمج) الدال والميم والجيم أصل واحد يدل على الانطواء والستر.
يقال أدمجت الحبل إذا أدرجته وأحكمت فتله.
وقال الأصمعي في قول أوس:
بكيتم على الصلح الدماج ومنكم * بذي الرمث من وادي هبالة مقنب
قال هو من دامجه دماجا إذا وافقه على الصلح.
يقال تدامجوا.
ويقال فلان على دمج فلان أي على طريقته.
وكل هذا الذي قاله فليس يبعد عما ذكرناه من الخفاء والستر.
(دمخ) الدال والميم والخاء ليس أصلا.
إنما هو دمخ جبل في قول القائل:

299
كفى حزنا أني تطاللت كي أرى * ذرى علمي دمخ فما يريان
(دمر) الدال والميم والراء أصل واحد يدل على الدخول في البيت وغيره.
يقال دمر الرجل بيته إذا دخله.
وفرق ناس بين أن يكون دخوله بإذن أو غير إذن فقال أبو عبيد في حديث النبي صلى الله عليه وسلم.
(من اطلع في بيت قوم بغير إذن فقد دمر) أي دخل.
قال أبو عبيد هذا إذا كان بغير إذن فإن كان بإذن فليس بدمور.
وهذا تفسير شرعي وأما قياس الكلمة فما ذكرناه أولا.
ومنه قول أوس:
فلاقي عليه من صباح مدمرا * لناموسه من الصفيح سقائف
قال الشيباني والأصمعي المدمر الداخل في القترة.
ويقال دمر القنفذ إذا دخل جحره.
وقال ناس المدمر الصائد يدخن بأوبار الإبل وغيرها حتى لا يجد الصيد ريحه.
والذي عندنا أن المدمر هو الداخل قترته فإذا دخلها دخن.
وليس المدمر من نعت المدخن والقياس لا يقتضيه.
وقال الله * (دمر الله عليهم وللكافرين أمثالها محمد 10) *.
والدمار الهلاك.
ويقال إن التدمري ضرب من اليرابيع.
فإن كان صحيحا فهو القياس لأنه يدمر في جحرته.
(دمس) الدال والميم والسين أصل واحد يدل على خفاء الشيء.
ومن ذلك قولهم دمست الشيء إذا أخفيته.
وأتانا بأمور دمس مثل دبس،

300
وهي الأمور التي لا يهتدى لوجهها.
ويقولون دمس الظلام اشتد.
ومنه الديماس يقال إنه السرب.
وهو ذلك التماس.
وفي حديث عيسى عليه السلام (كأنما خرج من ديماس)
(دمص) الدال والميم والصاد ليس عندي أصلا.
وقد ذكرت على ذاك فيه كلمات إن صحت فهي تتقارب في القياس.
يقولون الدومص بيضة الحديد فهذا يدل على ملاسة في الشيء.
ثم يقولون لمن رق حاجبه أدمص وهو قريب من ذلك.
ويقال إن كل عرق من حائط دمص.
وفي كل ذلك نظر.
(دمع) الدال والميم والعين أصل واحد يدل على ماء أو عبرة فمن ذلك الدمع ماء العين والقطرة دمعة والفعل دمعت العين دمعا ودمعت دمعا ودمعت دموعا أيضا.
وعين دامعة.
وجمع الدمع دموع.
قال الخليل المدمع مجتمع الدمع في نواحي العين والجميع المدامع.
ويقال امرأة دمعة سريعة البكاء كثيرة الدمع.
ويقال شجة دامعة تسيل دما.
كذا هو في كتاب الخليل.
والأصح من هذا أن التي تسيل دما هي الدامية فأما الدامعة فأمرها دون ذلك لأنها التي كأنها يخرج منهما ماء أحمر رقيق وذكر اليزيدي أن الدماع أثر الدمع على الخد.
وأنشد:
يا من لعين لا تني تهماعا * قد ترك الدمع بها دماعا

301
ويقال دماعا.
والدماع مخفف ومثقل ما يسيل من الكرم أيام الربيع.
(دمغ) الدال والميم والغين كلمة واحدة لا تتفرع ولا يقاس عليها.
فالدماغ معروف.
ودمغته ضربته على رأسه حتى وصلت إلى الدماغ.
وهي الدامغة.
(دمق) الدال والميم والقاف ليس أصلا وإن كانوا قد قالوا دمق في البيت واندمق إذا دخل وإنما القاف فيما يرى مبدلة من جيم والأصل دمج وقد مضى ذكره.
(دمك) الدال والميم والكاف يدل على معنيين أحدهما الشدة والآخر السرعة وربما اجتمع المعنيان.
فأما الشدة فالدمكمك الشديد.
والدامكة الداهية والأمر العظيم.
والمدماك الخشبة تكون تحت قدمي الساقي.
وأما الآخر فيقال إنهم يقولون دمكت الأرنب إذا أسرعت في عدوها.
والدموك البكرة العظيمة.
فقد اجتمع فيها المعنيان الشدة والسرعة.
والدموك الرحى.
وهي في المعنى والبكرة سوءا.
(دمل) الدال والميم واللام أصيل يدل على تجمع شيء في لين وسهولة.
من ذلك اندمل الجرح وذاك اجتماعه في برء وصلاح.
ودملت الأرض بالدمال وهو السرجين.
وداملت الرجل إذا داجيته.
وهو ذلك القياس لأنه

302
مقاربة في سهولة.
والدمل عربي وهو قياس ما ذكرناه من التجمع في لين.
ألا ترى أن أبا النجم يقول:
* وامتهد الغارب فعل الدمل *
والله أعلم.
(باب الدال والنون وما يثلثهما في الثلاثي)
(دنى) الدال والنون والحرف المعتل أصل واحد يقاس بعضه على بعض وهو المقاربة.
ومن ذلك الدني وهو القريب من دنا يدنو.
وسميت الدنيا لدنوها والنسبة إليها دنياوي.
والدني من الرجال الضعيف الدون وهو من ذاك لأنه قريب المأخذ والمنزلة.
ودانيت بين الأمرين قاربت بينهما.
وهو ابن عمه دنيا ودنية.
والدنىء الدون مهموز.
يقال رجل دنىء وقد دنؤ يدنؤ دناءة.
وهو من الباب أيضا لأنه قريب المنزلة.
والأدنأ من الرجال الذي فيه انكباب على صدره.
وهو من الباب لأن أعلاه دان من وسطه.
وأدنت الفرس وغيرها إذا دنا نتاجها.
والدنية النقيصة.
وجاء في الحديث: (إذا أكلتم فدنوا) أي كلوا مما يليكم مما يدنو منكم.
ويقال لقيته أدنى دني أي أول كل شيء.
(دنب) الدال والنون والباء لا أصل له.
على أنهم قد قالوا رجل دنبة ودنابة وهو القصير.
وهذا إن صح فهو من الإبدال لأن الأصل الميم دنمة.

303
(دنخ) الدال والنون والخاء ليس أصلا يعول عليه.
وقد قالوا دنخ الرجل إذا ذل ونكس رأسه.
وأنشدوا:
* إذا رآني الشعراء دنخوا *
ويقولون إن التدنيخ في البطيخة أن تنهزم إلى داخلها.
ويقولون التدنيخ ضعف البصر.
ويقال دنخ في بيته إذا أقام ولم يبرح.
فإن كان ما ذكر من هذا صحيحا فكله قياس يدل على الضعف والانكسار.
(دنس) الدال والنون والسين كلمة واحدة وهي الدنس وهو اللطخ بقبيح.
(دنع) الدال والنون والعين أصل يدل على ضعف وقلة ودناءة.
فالرجل الدنع الفسل الذي لا خير فيه.
والدنع الذل.
ويزعمون أن الدنع ما يطرحه الجازر من البعير إذا جزر.
(دنف) الدال والنون والفاء أصل يدل على مشارفة ذهاب الشيء.
يقال دنف الأمر إذا أشرف على الذهاب والفراغ منه.
والدنف المرض الملازم والمريض دنف كأنه قد قارب الذهاب لا يثنى ولا يجمع.
فإن قلت دنف ثنيت وجمعت.
فأما قول العجاج:
* والشمس قد كادت تكون دنفا *
فهو من الباب لأنه يريد اصفرارها ودنوها للمغيب.
وقد يقال منه أدنفت.

304
(دنق) الدال والنون والقاف قريب من الذي قبله.
يقال دنق وجه الرجل إذا اصفر من المرض.
ودنقت الشمس إذا دانت الغروب.
(دنم) الدال والنون والميم أصل يدل على ضعف وقلة.
فالتدنيم الإسفاف للأمور الدنية والدنامة الرجل القصير ذكره الفراء.
ويقولون الدنامة النملة الصغيرة.
(دنر) الدال والنون والراء كلمة واحدة وهي الدينار.
ويقولون دنر وجه فلان إذا تلألأ وأشرق.
والله أعلم.
(باب الدال والهاء وما يثلثهما)
(دهى) الدال والهاء والحرف المعتل يدل على إصابة الشيء بالشيء بما لا يسر.
يقال ما دهاه أي ما أصابه.
لا يقال ذلك إلا فيما يسوء.
ودواهي الدهر ما أصاب الإنسان من عظائم نوبه.
والدهي النكر وجودة الرأي وهو من الباب لأنه يصيب برأيه ما يريده.
(دهر) الدال والهاء والراء أصل واحد وهو الغلبة والقهر.
وسمي الدهر دهرا لأنه يأتي على كل شيء ويغلبه.
فأما قول النبي صلى الله عليه وسلم

305
(لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر) فقال أبو عبيد معناه أن العرب كانوا إذا أصابتهم المصائب قالوا أبادنا الدهر وأتى علينا الدهر وقد ذكروا ذلك في أشعارهم.
قال عمرو الضبعي:
رمتني بنات الدهر من حيث لا أرى * فكيف بمن يرمى وليس برام
فلو أنني أرمى بنبل تقيتها * ولكنني أرمى بغير سهام
وقال آخر:
فاستأثر الدهر الغداة بهم * والدهر يرميني وما أرمي
يا دهر قد أكثرت فجعتنا * بسراتنا ووقرت في العظم
وسلبتنا ما لست تعقبنا * يا دهر ما أنصفت في الحكم
فأعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الذي يفعل ذلك بهم هو الله جل ثناؤه وأن الدهر لا فعل له وأن من سب فاعل ذلك فكأنه قد سب ربه تبارك وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا.
وقد يحتمل قياسا أن يكون الدهر اسما مأخوذا من الفعل وهو الغلبة كما يقال رجل صوم وفطر فمعنى لا تسبوا الدهر أي الغالب الذي يقهركم ويغلبكم على أموركم.
ويقال دهر دهير كما يقال أبد أبيد.
وفي كتاب العين دهرهم أمر،

306
أي نزل بهم.
ويقولون ما دهري كذا أي ما همتي.
وهذا توسع في التفسير ومعناه ما أشغل دهري به.
فأما الهمة فما تسمى دهرا.
والدهورة جمع الشيء وقذفه في مهواه وهو قياس الباب.
(دهس) الدال والهاء والسين أصل واحد يدل على لين في مكان.
فالدهس المكان اللين وكذلك الدهاس.
والدهسة لون كلون الرمل.
(دهش) الدال والهاء والشين كلمة لا يقاس عليها.
يقال دهش إذا بهت ودهش دهشا.
(دهق) الدال والهاء والقاف يدل على امتلاء في مجيء وذهاب واضطراب.
يقال أدهقت الكأس ملأتها.
قال الله تعالى: * (وكأسا دهاقا النبأ 34) *.
والدهدقة دوران البضعة الكبيرة في القدر تعلو مرة وتسفل أخرى.
(دهك) الدال والهاء والكاف ليس بشيء.
وذكر ابن دريد دهكت الشيء أدهكه إذا سحقته.
(دهل) الدال والهاء واللام ليس بشيء.
ويقولون مر دهل من الليل أي طائفة.
ويقولون لا دهل أي لا بأس.
وهذه نبطية لا معنى لها.
(دهم) الدال والهاء والميم أصل يدل على غشيان الشيء في ظلام ثم يتفرع فيستوي الظلام وغيره يقال مر دهم من الليل أي طائفة.
والدهمة السواد.
والدهيماء تصغير الدهماء وهي الداهية سميت بذلك لإظلامها.

307
ومن الباب الدهم العدد الكثير.
وادهام الزرع إذا علاه السواد ريا.
قال الله جل ثناؤه في صفة الجنتين: * (مدهامتان) * أي سوداوان في رأي العين وذلك للري والخضرة.
ودهمتهم الخيل تدهمهم إذا غشيتهم.
والدهماء القدر.
(دهن) الدال والهاء والنون أصل واحد يدل على لين وسهولة وقلة.
من ذلك الدهن.
ويقال دهنته أدهنه دهنا.
والدهان ما يدهن به.
قال الله عز وجل: * (فكانت وردة كالدهان الرحمان 37) *.
قالوا هو دردي الزيت.
ويقال دهنه بالعصا دهنا إذا ضربه بها ضربا خفيفا.
ومن الباب الإدهان من المداهنة وهي المصانعة.
داهنت الرجل إذا واربته وأظهرت له خلاف ما تضمر له وهو من الباب كأنه إذا فعل ذلك فهو يدهنه ويسكن منه.
وأدهنت إدهانا غششت ومنه قوله جل ثناؤه: * (ودوا لو تدهن فيدهنون القلم 9) *.
والمدهن ما يجعل فيه الدهن وهو أحد ما جاء على مفعل مما يعتمل وأوله ميم.
ومن التشبيه به المدهن نقرة في الجبل يستنقع فيها الماء ومن ذلك حديث النهدي: نشف المدهن ويبس الجعثن.
والدهين الناقة القليلة الدر ودهن المطر الأرض بلها بلا يسيرا.
وبنو دهن حي من العرب وإليهم ينسب عمار الدهني.
والدهناء موضع وهو رمل لين والنسبة إليها دهناوي.
والله أعلم.

308
(باب الدال والواو وما يثلثهما)
(دوى) الدال والواو والحرف المعتل.
هذا باب يتقارب أصوله ولا يكاد شيء منه ينقاس فلذلك كتبنا كلماته على وجوهها.
فالدوي دوي النحل وهو ما يسمع منه إذا تجمع.
والدواء معروف تقول داويته أداويه مداواة ودواء.
والدواة التي يكتب منها يقال في الجمع دوي ودوي قال الهذلي:
عرفت الديار كرقم الدوي * حبره الكاتب الحميري
والداء من المرض يقال دوي يدوى ورجل دو وامرأة دوية.
يقال داءت الأرض وأداءت ودويت دوي من الداء.
ويقال تركت فلانا دوى ما أرى به حياة.
ويشبه الرجل الضعيف الأحمق به فيقال دوي.
قال:
وقد أقود بالدوي المزمل * أخرس في الركب بقاق المنزل
ودوي الطائر إذا دار في الهواء ولم يحرك جناحيه.
والدواية الجليدة التي تعلو اللبن الرائب.
يقال أدوى يدوي ادواء.
قال الشاعر:

309
بدا منك غش طالما قد كتمته * كما كتمت داء ابنها أم مدوي
(دوح) الدال والواو والحاء كلمة واحدة وهي الدوحة الشجرة العظيمة والجمع الدوح.
قال:
* يكب على الأذقان دوح الكنهبل *
(دوخ) الدال والواو والخاء أصل واحد يدل على التذليل.
يقال دوخناهم أي أذللناهم وقهرناهم.
وداخوا أي ذلوا.
(دود) الدال والواو والدال ليس أصلا يفرع منه.
فالدود معروف.
يقال داد الشيء يداد وأداد يديد.
والدوادي آثار أراجيح الصبيان واحدتها دواداة.
(دور) الدال والواو والراء أصل واحد يدل على إحداق الشيء بالشيء من حواليه.
يقال دار يدور دورانا.
والدواري الدهر لأنه يدور بالناس أحوالا.
قال:
* والدهر بالإنسان دواري *

310
والدوار مثقل ومخفف حجر كان يؤخذ من الحرم إلى ناحية ويطاف به ويقولون هو من جوار الكعبة التي يطاف بها.
وهو قوله:
* كما دار النساء على الدوار *
وقال:
تركت بني الهجيم لهم دوار * إذا تمضي جماعتهم تدور
والدوار في الرأس هو من الباب يقال دير به وأدير به فهو مدور به ومدار به.
والدائرة في حلق الفرس شعيرات تدور وهي معروفة.
ويقال دارت بهم الدوائر أي الحالات المكروهة أحدقت بهم.
والدار أصلها الواو.
والدار القبيلة.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(ألا أنبئكم بخير دور الأنصار).
أراد بذلك القبائل.
ومن ذلك الحديث الآخر (فلم تبق دار إلا بني فيها مسجد).
أي لم تبق قبيلة.
والداري العطار.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(مثل الجليس الصالح كمثل الداري إن لم يحذك من عطره علقك من ريحه).
أراد العطار.
وقال الشاعر:
إذا التاجر الداري جاء بفارة * من المسك راحت في مفارقها تجري
وإنما سمي داريا من الدار أي هو يسكن الدار.
والداري الرجل المقيم في داره لا يكاد يبرح.
قال:
لبث قليلا يلحق الداريون * ذوو الجياد البدن المكفيون
والدارة أرض سهلة تدور بها جبال وفي بلاد العرب منها دارات كثيرة وأصل الدار دارة.
قال:

311
له داع بمكة مشمعل * وآخر فوق دارته ينادي
إلى ردح من الشيزى ملاء * لباب البر يلبك بالشهاد
وقال في جمع دارة دارات:
تربص فإن تقو المروراة منهم * وداراتها لا تقو منهم إذا نخل
ودارات العرب المشهورة دارة جلجل ودارة السلم ودارة وشحى ودارة صلصل ودارة مأسل ودارة خنزر ودارة الدور ودارة الجأب ودارة يمعون ودارة مكمن ودارة رهبى ودارة جودات ودارة الأرآم ودارة الرها ودارة تيل ودارة الصفائح ودارة هضب القليب،

312
ودارة صارة ودارة دمون ودارة رمح ودارة الملكة ودارة ملحوب ودارة محصر ودارة أهوى ودارة الجمد ودارة رمرم ودارة قرح ودارة اليعضيد ودارة الخرج ودارة ردم ودارة جدي ودارة النصاب.
(دوس) الدال والواو والسين أصيل وهو دوس الشيء.
تقول دسته والذي يداس به مدوس.
وحمل عليه قولهم لما يسن به الصيقل السيف مدوس كأنه عند اتكائه عليه كالذي يدوس الشيء.
قال:
وأبيض كالغدير ثوى عليه * فلان بالمداوس نصف شهر
(دوش) الدال والواو والشين كلمة واحدة لا يفرع منها.
يقال دوشت عينه تدوش دوشا إذا فسدت من داء.
ورجل أدوش بين الدوش.
(دوف) الدال والواو والفاء كلمة واحدة.
يقال دفت الدواء دوفا.
(دوق) الدال والواو والقاف ليس أصلا ولا فيه ما يعد لغة لكنهم يقولون مائق دائق.

313
(دوك) الدال والواو والكاف أصل واحد يدل على ضغط وتزاحم.
فيقولون دكت الشيء دوكا.
والمداك صلاية الطيب يدوك عليها الإنسان الطيب دوكا.
قال:
* مداك عروس أو صلاية حنظل *
ويقال بات القوم يدوكون دوكا إذا باتوا في اختلاط.
ومن ذلك الحديث: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في خيبر:
(لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله يفتح الله على يده) فبات الناس يدوكون.
ويقال تداوك القوم إذا تضايقوا في حرب أو شر.
(دول) الدال والواو واللام أصلان أحدهما يدل على تحول شيء من مكان إلى مكان والآخر يدل على ضعف واسترخاء.
فأما الأول فقال أهل اللغة اندال القوم إذا تحولوا من مكان إلى مكان.
ومن هذا الباب تداول القوم الشيء بينهم إذا صار من بعضهم إلى بعض والدولة والدولة لغتان.
ويقال بل الدولة في المال والدولة في الحرب وإنما سميا بذلك من قياس الباب لأنه أمر يتداولونه فيتحول من هذا إلى ذاك ومن ذاك إلى هذا.
وأما الأصل الآخر فالدويل من النبت ما يبس لعامه.
قال أبو زيد دال

314
الثوب يدول إذا بلي وقد جعل وده يدول أي يبلى.
ومن هذا الباب اندال بطنه أي استرخى.
(دوم) الدال والواو والميم أصل واحد يدل على السكون واللزوم.
يقال دام الشيء يدوم إذا سكن والماء الدائم الساكن.
ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبال في الماء الدائم ثم يتوضأ منه.
والدليل على صحة هذا التأويل أنه روي بلفظة أخرى وهو أنه نهى أن يبال في الماء القائم.
ويقال أدمت القدر إدامة إذا سكنت غليانها بالماء.
قال الجعدي:
تفور علينا قدرهم فنديمها * ونفثؤها عنا إذا حميها غلا
ومن المحمول على هذا وقياسه قياسه تدويم الطائر في الهواء وذلك إذا حلق وكانت له عندها كالوقفة.
ومن ذلك قولهم دومت الشمس في كبد السماء وذلك إذا بلغت ذلك الموضع.
ويقول أهل العلم بها إن لها ثم كالوقفة ثم تدلك.
قال ذو الرمة:
* والشمس حيرى لها في الجو تدويم *
أي كأنها لا تمضي.
وأما قوله يصف الكلاب:
حتى إذا دومت في الأرض راجعة * كبر ولو شاء نجى نفسه الهرب
فيقال إنه أخطأ وإنما أراد دوت فقال دومت وقد ذكر هذا في بابه.
ويقال

315
دومت الزعفران.
دفته وهو القياس لأنه يسكن فيما يداف فيه.
واستدمت الأمر إذا رفقت به.
وكذا يقولون.
والمعنى أنه إذا رفق به ولم يعنف ولم يعجل دام له.
قال:
فلا تعجل بأمرك واستدمه * فما صلى عصاك كمستديم
وأما قوله:
* وقد يدوم ريق الطامع الأمل *
فيقولون يدوم يبل وليس هذا بشيء إنما يدوم يبقي وذلك أن اليائس يجف ريقه.
والديمة مطر يدوم يوما وليلة أو أكثر.
ومن الباب أن عائشة سئلت عن عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت (كان عمله ديمة) أي دائما.
والمعنى أنه كان يدوم عليه سواء قلل أو كثر ولكنه كان لا يخل.
تعني بذلك في عبادته صلى الله عليه وسلم.
فأما قولهم دومته الخمر فهو من ذاك لأنها تخثره حتى تسكن حركاته.
والدأماء البحر ولعله أن يكون من الباب لأنه ماء مقيم لا ينزح ولا يبرح.
قال:
والليل كالداماء مستشعر * من دونه لونا كلون السدوس

316
(دون) الدال والواو والنون أصل واحد يدل على المداناة والمقاربة.
يقال هذا دون ذاك أي هو أقرب منه.
وإذا أردت تحقيره قلت دوين.
ولا يشتق منه فعل.
ويقال في الإغراء دونكه أي خذه أقرب منه وقربه منك.
ويقولون أمر دون وثوب دون أي قريب القيمة.
قال القتيبي: دان يدون دونا إذا ضعف وأدين إدانة.
وأنشدوا:
* وعلا الربرب أزم لم يدن *
أي لم يضعف.
وهو عنده من الشيء الدون أي الهين.
فإن كان صحيحا فقياسه ما ذكرناه.
(دوه) الدال والواو والهاء ليس بشيء.
يقولون الدوه التحير.
(باب الدال والياء وما يثلثهما)
(ديث) الدال والياء والثاء يدل على التذليل يقال ديثته إذا أذللته من قولهم طريق مديث مذلل.
(ديص) الدال والياء والصاد أصل واحد يدل على روغان وتفلت.
يقال داص يديص ديصا إذا راغ والاندياص انسلال الشيء

317
من اليد.
ويقال انداص علينا فلان بشره وذلك إذا تفلت علينا وإنه لمنداص بالشر.
ويقال الدياص السمين والدياصة السمينة.
فإن كان صحيحا فلأنه إذا قبض عليه اندلص من اليد لكثرة لحمه.
(دير) الدال والياء والراء أظنه منقلبا عن الواو من الدار والدور.
ومن الباب الدير.
وما بها ديور وديار أي أحد.
ومن الباب الذي ذكرناه قال ابن الأعرابي يقال للرجل إذا كان رأس أصحابه هو رأس الدير.
(ديف) الدال والياء والفاء ليس بشيء.
يقولون الديافي منسوب إلى أرض بالجزيرة.
قال:
* إذا سافه العود الديافي جرجرا *
(ديل) الدال والياء واللام ليس ينقاس.
يقولون الديل قبيلة والنسبة ديلي.
فأما الدئل على فعل فهي دويبة.
ويضعف الأمر فيها من جهة الوزن فأما الاشتقاق فليس ببعيد وقد ذكرناه في الدال والهمزة مع الذي يجيء بعدهما.
(ديك) الدال والياء والكاف ليس أصلا يتفرع منه إنما هو الديك.
ويقولون هو عظيم ناتئ في جبهة الفرس.
وليس هذا بشيء.

318
(دين) الدال والياء والنون أصل واحد إليه يرجع فروعه كلها.
وهو جنس من الانقياد والذل.
فالدين الطاعة يقال دان له يدين دينا إذا أصحب وانقاد وطاع.
وقوم دين أي مطيعون منقادون.
قال الشاعر:
* وكان الناس إلا نحن دينا *
والمدينة كأنها مفعلة سميت بذلك لأنها تقام فيها طاعة ذوي الأمر.
والمدينة الأمة.
والعبد مدين كأنهما أذلهما العمل.
وقال:
ربت وربا في حجرها ابن مدينة * يظل على مسحاته يتركل
فأما قول القائل:
* يا دين قلبك من سلمى وقد دينا *
فمعناه يا هذا دين قلبك أي أذل.
فأما قولهم إن العادة يقال لها دين فإن كان صحيحا فلأن النفس إذا اعتادت شيئا مرت معه وانقادت له.
وينشدون في هذا:
كدينك من أم الحويرث قبلها * وجارتها أم الرباب بمأسل
والرواية كدأبك والمعنى قريب.
فأما قوله جل ثناؤه * (ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك يوسف 76) * فيقال: في طاعته ويقال في حكمه.
ومنه: * (مالك يوم الدين الفاتحة 4) * أي يوم الحكم.
وقال

319
قوم الحساب والجزاء. وأي ذلك كان فهو أمر ينقاد له.
وقال أبو زيد دين الرجل يدان إذا حمل عليه ما يكره.
ومن هذا الباب الدين.
يقال داينت فلانا إذا عاملته دينا إما أخذا وإما إعطاء.
قال:
داينت أروى والديون تقضى * فمطلت بعضا وأدت بعضا
ويقال دنت وادنت إذا أخذت بدين.
وأدنت أقرضت وأعطيت دينا.
قال:
أدان وأنبأه الأولون * بأن المدان ملي وفي
والدين من قياس الباب المطرد لأن فيه كل الذل والذل.
ولذلك يقولون الدين ذل بالنهار وغم بالليل.
فأما قول القائل:
يا دار سلمى خلاء لا أكلفها * إلا المرانة حتى تعرف الدينا
فإن الأصمعي قال المرانة اسم ناقته وكانت تعرف ذلك الطريق فلذلك قال لا أكلفها إلا المرانة.
حتى تعرف الدين أي الحال والأمر الذي تعهده.
فأراد لا أكلف بلوغ هذه الدار إلا ناقتي.
والله أعلم.

320
(باب الدال والألف وما يثلثهما)
وقد يقع فيه المهموز والألف المنقلبة.
وقد ذكرنا المهموز لأن سائر ذلك من المعتل مذكور في أبوابه.
(دأب) الدال والهمزة والباء أصل واحد يدل على ملازمة ودوام.
فالدأب العادة والشأن.
قال الفراء الدأب أصله من دأبت إلا أن العرب حولت معناه إلى الشأن.
ودأب الرجل في عمله إذا جد.
وأدأبته أنا إدآبا.
والدائبان الليل والنهار.
(دأث) الدال والهمزة والثاء ليس أصلا لأن الدأثاء وهي الأمة مقلبة من الثأداء.
على أنهم يقولون دأثت الطعام أكلته.
(دأل) الدال والهمزة واللام يدل على خفة ونشطة.
فالدألان المشي بنشاط.
يقال منه دألت أدأل.
والدأل الختل.
ويقولون الدؤلول الداهية وهو قريب من الباب.
والدؤل قبيلة.
(دأم) الدال والهمزة والميم يدل على توال وتنضد.
قال الخليل دأمت الحائط أي رفعته ويكون هذا مما ذكرناه لأنه شيء فوق شئ.
ويقال تداءمت عليه الرياح إذا توالت وتدأمت الأمواج.
وقال:

321
* تحت ظلال الموج إذ تدأما *
والبحر نفسه الدأماء.
ولعل هذا القياس أولى به وتداءمت الرجل إذا وثبت عليه.
وتداءم الفحل الناقة إذا تجللها.
وتداءمت السماء توالت أمطارها.
(دأظ) الدال والهمزة والظاء كلمة واحدة.
يقولون الدأظ الملء ويقال دأظت المتاع في الوعاء.
قال:
* والدأظ حتى لا يكون غرض *
الدأظ الامتلاء.
والغرض أن يبقى موضع لا يبلغه الماء.
(دأي) الدال والهمزة والياء أصلان أحدهما يدل على ختل والآخر عظم متصل بمثله ويشبه به غيره ويكون من خشب.
فالأول الدأي وهو الختل يقال دأيت أدأي دأيا وهو الختل.
والذئب يدأي إذا ختل.
وأما الآخر فالدأيات الفقار الواحدة دأية وابن دأية الغراب؛

322
لأنه يقع على دأية البعير الدبر فينقرها والدأية من البعير الموضع تقع عليه ظلفة الرحل فتعقره.
(باب الدال والباء وما يثلثهما)
(دبج) الدال والباء والجيم أصل واحد يدل على شيء ذي صفحة حسنة.
الديباج معروف.
والديباجتان الخدان.
وقال ابن مقبل:
* يجري بديباجتيه الرشح مرتدع *
ويقال هما الليتان.
وأما قولهم ما بالدار دبيج فيقال هو بالحاء وقد ذكر في بابه وإن كان بالجيم كما قيل فليس من هذا.
ولعله أن يكون من دبي من الدبيب ثم حولت ياء النسبة جيما على لغة من يفعل.
(دبح) الدال والباء والحاء أصيل وهو الإقبال على الشيء بالجسم حتى تحنو عليه كل الحنو.
يقال دبح الرجل رأسه وذلك إذا نكسه وطأطأه.
ونهي أن يدبح الرجل في الصلاة كما يدبح الحمار.
والذي يقولون ما بالدار

323
من دبيح فهو من هذا أي مقيم في الدار مقبل عليها والحاء في هذه الكلمة أقيس من الجيم لما ذكرناه.
(دبر) الدال والباء والراء أصل هذا الباب أن جله في قياس واحد وهو آخر الشيء وخلفه خلاف قبله.
وتشذ عنه كلمات يسيرة نذكرها.
فمعظم الباب أن الدبر خلاف القبل.
والدبير ما أدبرت به المرأة من غزلها حين تفتله.
قال ابن السكيت القبيل من الفتل ما أقبلت به إلى صدرك والدبير ما أدبرت به عن صدرك.
ودابرة الطائر الإصبع التي في مؤخر رجله.
وتقول جعلت قوله دبر أذني أي أغضيت عنه وتصاممت ودبر النهار وأدبر وذلك إذا جاء آخره وهو دبره.
ودبرت الحديث عن فلان إذا حدثت به عنه وهو من الباب لأن الآخر المحدث يدبر الأول يجيء خلفه.
ودابرة الحافر ما حاذى مؤخر الرسغ.
وقطع الله دابرهم أي آخر من بقي منهم.
والدابر من السهام الذي يخرج من الهدف كأنه ولي الرامي دبره وقد دبر يدبر دبورا والدبران نجم سمي بذلك لأنه يدبر الثريا.
ودابرت فلانا عاديته.
وفي الحديث (لا تدابروا) وهو من الباب وذلك أن يترك كل واحد منهما الإقبال على صاحبه بوجهه.
والتدبير أن يدبر الإنسان أمره وذلك أنه ينظر إلى ما تصير عاقبته وآخره وهو دبره والتدبير عتق الرجل عبده أو أمته عن دبر وهو أن يعتق بعد موت صاحبه كأنه يقول:

324
هو حر بعد موتي.
ورجل مقابل مدابر إذا كان كريم النسب من قبل أبويه ومعنى هذا أن من أقبل منهم فهو كريم ومن أدبر منهم فكذلك.
والمدابرة الشاة تشق أذنها من قبل قفاها.
والدابر من القداح الذي لم يخرج وهو خلاف الفائز وهو من الباب لأنه ولي صاحبه دبره.
والدابر التابع يقال دبر دبورا.
وعلى ذلك يفسر قوله جل ثناؤه: * (والليل إذا دبر المدثر 33) * يقول تبع النهار ودبر بالقمار إذا ذهب به.
ويقال ليس لهذا الأمر قبلة ولا دبرة أي ليس له ما يقبل به فيعرف ولا يدبر به فيعرف.
ورجل أدابر يقطع رحمه وذلك أنه يدبر عنها ولا يقبل عليها.
والدبور ريح تقبل من دبر الكعبة.
والدابرة ضرب من أخذ الصرع.
قال أبو زيد يقال هو لا يصلي الصلاة إلا دبريا والمحدثون يقولون دبريا.
وذلك إذا صلاها في آخر وقتها يريد وقد أدبر الوقت.
وأما الكلمات الأخر فأراها شاذة عن الأصل الذي ذكرناه وبعضها صحيح.
فأما المشكوك فيه فقولهم إن دبارا اسم يوم الأربعاء وإن الجاهلية كذا كانوا يسمونه.
وفي مثل هذا نظر.
وأما الصحيح فالدبار وهي المشارات من الزرع.
قال بشر:

325
* على جربة تعلو الدبار غروبها *
ومن ذلك الدبر وهو المال الكثير يقال مال دبر ومالان دبر وأموال دبر.
(دبس) الدال والباء والسين أصل يدل على عصارة في لون ليس بناصع.
من ذلك الدبس وهو الصقر.
والدبسي طائر لأنه بذلك اللون.
وجئت بأمور دبس إذا جاء بها غير واضحة.
قال بعض أهل العلم أدبست الأرض فهي مدبسة إذا رئي فيها أول سواد النبت.
فأما الكثرة فهي الدبس وهو استعارة كما يقال لها الدهماء والسواد فقد عاد إلى ذلك القياس.
ويقولون الدباساء على فعالاء للإناث من الجراد.
(دبش) الدال والباء والشين ليس بشيء.
على أنهم يقولون أرض مدبوشة أكل الجراد نبتها.
قال:
* في مهوأن بالدبا مدبوش *
(دبغ) الدال والباء والغين كلمة.
دبغت الأديم أدبغه وأدبغه دبغا.

326
(دبق) الدال والباء والقاف ليس بشيء.
يقولون لذي البطن الدبوقاء.
(دبل) الدال والباء واللام أصل يدل على جمع وتجمع وإصلاح لمرمة.
تقول دبلت الشيء جمعته كدبلك اللقمة بأصابعك.
والدبول الجداول.
وسميت بذلك لأنها تدبل أي تنقى وتصلح.
قال الكسائي أرض مدبولة إذا أصلحت بسرجين وغيره.
قال وكل شيء أصلحته فقد دبلته ودملته.
ويقال الدوبل الحمار الصغير.
وسمي بذلك لتجمع خلقه.
ويقال دبل البعير وغيره يدبل إذا امتلأ لحما.
ومما شذ عن هذا الأصل الدبل الداهية.
ودبلهم الأمر من الشر نزل بهم.
يقال دبلا دبيلا كما يقولون ثكلا ثاكلا.
قال الشاعر:
طعان الكماة وركض الجياد * وقول الحواضن دبلا دبيلا
(دبى) الدال والباء والياء ليس أصلا وإنما هو كلمة واحدة ثم يحمل عليها تشبيها.
فالدبى الجراد إذا تحرك.
والتشبيه قولهم أدبى الرمث أول ما يتفطر وذلك لأنه يشبه بالدبا.
وذكر بعضهم جاء فلان بدبادبا،

327
إذا جاء بمال كالدبا.
ويقال أرض مدباة كثيرة الدبى.
ومدبية أكل الدبا نباتها.
(باب الدال والثاء وما يثلثهما)
(دثر) الدال والثاء والراء أصل واحد منقاس مطرد.
وهو تضاعف شيء وتناضده بعضه على بعض.
فالدثر المال الكثير.
والدثار ما تدثر به الإنسان وهو فوق الشعار.
فأما قول القائل:
* والعكر الدثر *
فإنه أراد الدثر فحرك الثاء وهو الكثير.
ومن الباب تدثر الفحل الناقة إذا تسنمها كأنه صار دثارا لها.
وتدثر الرجل فرسه إذا وثب عليه فركبه.
والدثور الرجل النؤوم.
وسمي لأنه يتدثر وينام.
فأما قولهم رسم داثر فهو من هذا وذلك أنه يكون ظاهرا حتى تهب عليه الرياح وتأتيه الروامس فتصير له كالدثار فتغطيه.
(دثأ) الدال والثاء والهمزة ليس أصلا لأنه من باب الإبدال.
يقولون مطر دثئي وهو الذي بين الحميم والصيف.
وإنما الأصل دفئي وهو من الدفء.

328
(دثن) الدال والثاء والنون كلام لعله أن يكون صحيحا.
فأما أن يكون له قياس فلا.
يقولون دثن الطائر أسرع في طيرانه.
ودثن اتخذ عشه.
والكلمتان متشابهتان والأمر فيهما ضعيف.
(باب الدال والجيم وما يثلثهما)
(دجر) الدال والجيم والراء أصل يدل على لبس.
فالديجور الظلام والجمع دياجر ودياجير.
والدجر شبه الحيرة وهو ذلك القياس يقال رجل دجران ودجارى كما يقال حيران وحيارى.
وهاهنا كلمة إن صحت فهي شاذة عن الأصل الذي ذكرناه.
يقولون إن الدجر الخشبة التي يشد عليها حديدة الفدان.
وما أرى هذا من كلام العرب.
(دجل) الدال والجيم واللام أصل واحد منقاس يدل على التغطية والستر.
قال أهل اللغة الدجل تمويه الشيء وسمي الكذاب دجالا.
وسمعت علي بن إبراهيم القطان يقول سمعت ثعلبا يقول الدجال المموه.
يقال سيف مدجل إذا كان قد طلي بذهب.
قال فقيل له فيجوز أن يكون الذهب يسمى دجالا فقال لا أعرفه.
ومن الباب الدجالة الجماعة العظيمة تحمل المتاع للتجارة.
ويقال دجلت البعير إذا طليته بالقطران والبعير مدجل.
قال ابن دريد كل شيء غطيته فقد دجلته.
وسميت دجلة لأنها تغطي

329
الأرض بالجمع الكثير.
ويقال رفقة دجالة إذا غطت الأرض بزحمتها قال:
* دجالة من أعظم الرفاق *
وفي كتاب الخليل الدجال الكذاب وإنما دجلة كذبة لأنه يدجل الحق بالباطل.
(دجم) الدال والجيم والميم كلمة واحدة.
يقال دجم إذا حزن.
ويقولون ما سمعت لفلان دجمة أي كلمة.
وهذه كأنها من باب الإبدال والأصل زجمة.
(دجن) الدال والجيم والنون قياسه قياس الدال والجيم واللام.
فالدجن ظل الغيم في اليوم المطر.
وأدجن المطر دام أياما.
والمداجنة حسن المخالطة.
والدجنة الظلماء.
وفي كتاب الخليل قال لو خففه الشاعر لجاز له.
قال حميد:
* حتى إذا انجلت دجى الدجون *
ومن الباب دجن دجونا أقام والشاة الداجن التي تألف البيوت.
والله أعلم.

330
(باب الدال والحاء وما يثلثهما)
(دحر) الدال والحاء والراء أصل واحد وهو الطرد والإبعاد.
قال الله تعالى: * (اخرج منها مذءوما مدحورا الأعراف 18) *.
(دحز) الدال والحاء والزاء ليس بشيء.
وقال ابن دريد الدحز الجماع.
وقد يولع هذا الرجل بباب الجماع والدفع وباب القمش والجمع.
(دحس) الدال والحاء والسين أصل مطرد منقاس وهو تخلل الشيء بالشيء في خفاء ورفق.
فالدحس طلب الشيء في خفاء.
ومن ذلك دحست بين القوم إذا أفسدت ولا يكون هذا إلا برفق ووسواس لطيف خفي.
ويقال الدحس إدخالك يدك بين جلدة الشاة وصفاقها تسلخها.
والدحاس دويبة تغيب في التراب والجمع دحاحيس.
وداحس اسم فرس وسمي بذلك لأن حوطا سطا على أمه أم داحس بماء وطين يريد أن يخرج ماء فرسه من الرحم.
وله حديث.

331
(دحص) الدال والحاء والصاد كلمة واحدة.
يقال دحص المذبوح برجله يدحص دحصا إذا ارتكض.
قال علقمة:
رغا فوقهم سقب السماء فداحص * بشكته لم يستلب وسليب
(دحض) الدال والحاء والضاد أصل يدل على زوال وزلق.
يقال دحضت رجله زلقت.
ومنه دحضت الشمس زالت.
ودحضت حجة فلان إذا لم تثبت.
قال الله جل ثناؤه: * (حجتهم داحضة عند ربهم الشورى 16) *.
(دحق) الدال والحاء والقاف قياس يقرب من الذي قبله.
يقال دحق الشيء زال ولم يثبت.
والدحيق البعيد.
ويقال فعل فلان كذا فدحقت عنه يده أي قبضتها.
ويقال أدحقه الله أي أبعده.
ودحقت الرحم رمت بالماء فلم تقبله.
والدحاق أن تخرج رحم الأنثى بعد الولادة فلا تنجو حتى تموت.
وهي دحوق.
قال:
وأمكم خيرة النساء على * ما خان منها الدحاق والأتم
(دحل) الدال والحاء واللام يدل على تلجف في الشيء وتطامن.
فالدحل المطمئن من الأرض.
والجمع الدحول.
ويقال بئر دحول ذات تلجف وذلك إذا أكمل الماء جرابها.
فأما الدحل في خلق الإنسان فيقال هو العظيم البطن وهذا قياس الباب لأنه يدل على سعة وتلجف.

332
(دحم) الدال والحاء والميم ليس بشيء.
على أنهم يقولون دحمه إذا دفعه دفعا شديدا.
وبه سمي الرجل دحمان ودحيما.
(دحن) الدال والحاء والنون ليس بأصل لأنه من باب الإبدال.
يقال رجل دحن وهو مثل الدحل.
وقد فسرناه.
(دحو) الدال والحاء والواو أصل واحد يدل على بسط وتمهيد.
يقال دحا الله الأرض يدحوها دحوا إذا بسطها.
ويقال دحا المطر الحصى عن وجه الأرض.
وهذا لأنه إذا كان كذا فقد مهد الأرض.
ويقال للفرس إذا رمى بيديه رميا لا يرفع سنبكه عن الأرض كثيرا مر يدحو دحوا.
ومن الباب أدحى النعام الموضع الذي يفرخ فيه أفعول من دحوت لأنه يدحوه برجله ثم يبيض فيه.
وليس للنعامة عش.
(باب الدال والخاء وما يثلثهما)
(دخر) الدال والخاء والراء أصل يدل على الذل.
يقال دخر الرجل وهو داخر إذا ذل.
وأدخره غيره أذله.
فأما الدخدار فالثوب الكريم يصان.
قال:
* ويجلو صفح دخدار قشيب *

333
وليس هذا من الكلمة الأولى في شيء لأن هذه معربة قالوا أصلها تخت دار أي مصون في تخت.
(دخس) الدال والخاء والسين أصل واحد يدل على اكتناز واندساس في تراب أو غيره.
فالدخس أن يندس الشيء في التراب.
ولذلك سمى الراجز الأثافي دخسا.
فهذا هو الأصل ثم سمى كل شيء تجمع إلى شيء وداخله بذلك والدخيس الحوشب وهو ما بين الوظيف والعصب والدخيس من الناس العدد الجم.
والدخس داء في قوائم الدابة.
والدخيس اللحم المكتنز.
وكل ذي سمن دخيس.
ويقال الدخيس لحم باطن الكف.
والدخيس من أنقاء الرمل الكثير.
وكلأ ديخس أي كثير.
وأنشد.
* يرعى حليا ونصيا ديخسا *
(دخش) الدال والخاء والشين ليس بشيء.
وزعم ابن دريد أن الدخش فعل ممات يقال دخش دخشا إذا امتلأ لحما.
ومنه اشتقاق دخشم.
(دخص) الدال والخاء والصاد كالذي قبله.
وذكر ابن دريد أن الدخوص الجارية السمينة.

334
(دخل) الدال والخاء واللام أصل مطرد منقاس وهو الولوج.
يقال دخل يدخل دخولا.
والدخلة باطن أمر الرجل.
تقول أنا عالم بدخلته.
والدخل العيب في الحسب وكأنه قد دخل عليه شيء عابه.
والدخل كالدغل وهو من الباب لأن الدغل هذا قياسه أيضا.
ويقال إن المدخول المهزول وهو الصحيح لأن لحمه كأنه قد دخل.
ودخيلك الذي يداخلك في أمورك.
والدخال في الورد أن تشرب الإبل ثم ترد إلى الحوض ليشرب منها ما عساه لم يكن شرب.
قال الهذلي.
* وتوفى الدفوف بشرب دخال *
ويقال إن كل لحمة مجتمعة دخلة وبذلك سمى هذا الطائر دخلا.
ويقال دخل فلان وهو مدخول إذا كان في عقله دخل.
وبنو فلان في بني فلان دخيل إذا انتسبوا معهم.
ونخلة مدخولة عفنة الجوف.
والدخلل الذي يداخلك في أمورك.
والدخل من ريش الطائر ما بين الظهران والبطنان وهو أجود الريش.
وداخلة الإزار طرفة الذي يلي الجسد.
والدخل من الكلأ ما دخل منه في أصول الشجر.
قال:
* تباشير أحوى دخل وجميم *

335
(دخن) الدال والخاء والنون أصل واحد وهو الذي يكون عن الوقود ثم يشبه به كل شيء يشبهه من عداوة ونظيرها.
فالدخان معروف وجمعه دواخن على غير قياس.
ويقال دخنت النار تدخن إذا ارتفع دخانها ودخنت تدخن إذا ألقيت عليها حطبا فأفسدتها حتى يهيج لذلك دخان وكذلك دخن الطعام يدخن.
ويقال دخن الغبار ارتفع.
فأما الحديث.
(هدنة على دخن) فهو استقرار على أمور مكروهة.
والدخنة من الألوان كدرة في سواد.
شاة دخناء وكبش أدخن وليلة دخنانة.
ورجل دخن الخلق.
وأبناء دخان غني وباهلة.
والدخنة بخور يدخن به البيت.
(باب الدال والدال وما يثلثهما)
(ددن) الدال والدال والنون كلمتان إحداهما اللهو واللعب يقال ددن ودد.
قال:
أيها القلب تعلل بددن * إن همي في سماع وأذن
ومن هذا اشتق السيف الددان لأنه ضعيف كأنه ليس بحاد في مضائه.
والكلمة الأخرى الديدن العادة.
والله أعلم.

336
(باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله دال)
وسبيل هذا سبيل ما مضى ذكره فبعضه مشتق ظاهر الاشتقاق وبعضه منحوت بادي النحت وبعضه موضوع وضعا على عادة العرب في مثله.
فمن المشتق المنحوت الدلمص والدملص البراق.
فالميم زائدة وهو من الشيء الدليص وهو البراق وقد مضى.
ومن ذلك الدفنس وهو الرجل الدنيء الأحمق وكذلك المرأة الدفنس والفاء فيه زائدة وإنما الأصل الدال والنون والسين.
ومن ذلك الدرقعة وهو الفرار.
فالزائدة فيه القاف وإنما هو من الدال والراء والعين.
ومنه الاندراع في السير وقد ذكرناه.
ومن هذا الباب ادرعفت الإبل إذا مضت على وجوهها.
ويقال اذرعفت بالذال.
والكلمتان صحيحتان فأما الدال فمن الاندراع وأما الذال فمن الذريع.
والفاء فيهما جميعا زائدة.
ومن ذلك الدهكم وهو الشيخ الفاني والهاء فيه زائدة وهو من دكمت الشيء وتدكم إذا كسرته وتكسر بعضه فوق بعض.
وقال قوم التدهكم الانقحام في الشيء وهو ذاك القياس الذي ذكرناه.

337
ومن ذلك الدلهمس وهو الأسد.
قال أبو عبيد سمى بذاك لقوته وجرأته.
وهي عندنا منحوتة من كلمتين من دالس وهمس.
فدالس أتى في الظلام وقد ذكرناه وهمس كأنه غمس نفسه فيه وفي كل ما يريد.
يقال أسد هموس.
قال:
فباتوا يدلجون وبات يسري * بصير بالدجى هاد هموس
ومن ذلك دغمرت الحديث إذا خلطته.
قال الأصمعي في قوله.
* ولم يكن مؤتشبا دغمارا *
قال المدغمر الخفي.
وهذه منحوتة من كلمتين من دغم يقال أدغمت الحرف في الحرف إذا أخفيته فيه وقد فسرناه ومن دغر إذا دخل على الشيء.
وقد مضى.
ومن ذلك (دربخ) إذا تذلل.
والدال فيه زائدة وهو من دبخ يقال مشى حتى تدبخ أي استرخى.
ومن ذلك دمشق عمله إذا أسرع فيه.
والدال فيه زائدة وإنما هو مشق وهو الطعن السريع وقد فسر في كتاب الميم.
ومن ذلك الدمرغ وهو الأحمق والدال فيه زائدة وهو من المرغ وهو ما يسيل من اللعاب كأنه لا يمسك مرغه.

338
ومن ذلك الدعبل وهو الجمل العظيم.
وهو منحوت من كلمتين من دبلت الشيء إذا جمعته وقد مضى وهذا شيء عبل.
ويجيء تفسيره.
ومن ذلك الدملج والدملجة واللام فيه زائدة.
وهو من أدمجت وقد فسرناه.
والدملج المعضد من الحلى.
ومن ذلك الدعلجة وهو الذهاب والرجوع والتردد وبه يسمون الفرس دعلجا والعين فيه زائدة وإنما هو من الدلج والإدلاج.
ومن ذلك دخرص فلان الأمر إذا بينه.
وإنه لدخرص أي عالم.
والوجه أن يكون الدال فيه زائدة وهو من خرص الشيء إذا قدره بفطنته وذكائه.
ومن ذلك الدخمسة وهو كالخب والخداع وهي منحوتة من كلمتين من دخس ودمس وقد ذكرناهما.
ومن ذلك الدنخس وهو الشديد اللحم الجسيم.
والنون فيه زائدة وهو من اللحم الدخيس وقد مضى.
ومن ذلك تدربس الرجل إذا تقدم.
وأنشد:

339
إذا القوم قالوا من فتى لمهمة * تدربس باقي الريق فخم المناكب
والدال زائدة وإنما هو من الراء والباء والسين.
يقال اربس اربساسا إذا ذهب في الأرض.
ومن ذلك الدلمس وهي الداهية وهي منحوتة من كلمتين.
من دلس الظلمة ومن دمس إذا أتى في الظلام.
ومن ذلك الدغاول وهي الغوائل والواو فيها زائدة وهو من دغل.
ومن ذلك الادرنفاق وهو السير السريع.
وهذا مما زيدت فيه الراء والنون وإنما هو من دفق وأصله الاندفاع.
والدفقة من الماء الدفعة.
وقد مضى.
ومن ذلك الدعثور وهو الحوض الذي لم يتنوق في صنعته.
قال العدبس الدعثور الحوض المتثلم وهذا مما زيدت فيه العين.
وهو من دثر.
ويجوز أن يكون من دعث وقد مضى.
ويقال ادرمج إذا دخل في الشيء واستتر.
والراء فيه زائدة وإنما هو من دمج.
ومن ذلك الدملوك والحجر المدملك والميم زائدة وإنما هو من دلكت.
ومن ذلك دغفقت الماء صببته والغين زائدة وإنما هو من دفقت.

340
ومن ذلك الدحمسان الأسود والحاء زائدة وهو من الدسم وهو عندنا موضوع وضعا.
وقد يكون عند سوانا مشتقا.
والله أعلم.
دنقش الرجل دنقشة إذا نظر وكسر عينه.
والدهثم من الرجال السهل اللين.
والدرفس والدرفاس الضخم من الرجال.
والدرمك الدقيق الحواري.
والدرنوك ضرب من الثياب ذو خمل وبه تشبه فروة البعير.
قال:
* عن ذي درانيك وهلب أهدبا *
والادعنكار إقبال السيل.
ومحتمل أن يكون هذه من باب دعك.
ودمخق الرجل في مشيته تثاقل.
والدغفل ولد الفيل.
والدغفلى الزمان الخصب.
قال العجاج.
* وإذ زمان الناس دغفلى *
ومحتمل أن تكون هذه من الذي زيد فيه الدال كأنه من غفل وهم يصفون الزمان الطيب الناعم بالغفلة.
قال:
قديديمة التجريب والحلم إنني * لدى غفلات العيش قبل التجارب

341
والدمقس القز.
والدردبيس الداهية والشيخ الهم.
ودنقست بين القوم أفسدت.
والدهاريس الدواهي.
والدلقم الناقة التي أكلت أسنانها من الكبر.
ومحتمل أن تكون هذه منحوتة من دقمت فاه إذا كسرته ومن دلق إذا خرج كأن لسانها يندلق.
والدلعك والدلعس الضخمة.
ودربح عدا.
والدربلة ضرب من المشي.
والدرقل ضرب من الثياب.
والدرداقس عظم يفصل بين الرأس والعنق.
وما أبعد هذه من الصحة.
ويقال إن الدلمز القوي الماضي.
وكذلك الدلامز والجمع دلامز.
قال الشاعر.
* يغبى على الدلامز البرارت *
والله أعلم بالصواب.

342
كتاب الذال
(باب الذال وما معهما في الثنائي والمطابق)
(ذر) الذال والراء المشددة أصل واحد يدل على لطافة وانتشار.
ومن ذلك الذر صغار النمل الواحدة ذرة.
وذررت الملح والدواء.
والذريرة معروفة وكل ذلك قياس واحد.
ومن الباب ذرت الشمس ذرورا إذا طلعت وهو ضوء لطيف منتشر.
وذلك قولهم لا أفعله ما ذر شارق وما ذر قرن الشمس.
وحكى عن أبي زيد ذر البقل إذا طلع من الأرض.
وهو من الباب لأنه يكون حينئذ صغارا منتشرا.
فأما قولهم ذارت الناقة وهي مذار إذا ساء خلقها فقد قيل إنه كذا مثقل.
فإن كان صحيحا فهو شاذ عن الأصل الذي أصلناه.
إلا أن الحطيئة قال:
* ذارت بأنفها *
مخففا.
وأراه الصحيح ويكون حينئذ من ذئرت إذا تغضبت فيكون على تخفيف الهمزة.
إلا أن أبا زيد قال في نفس فلان ذرار أي إعراض

343
غضبا كذرار الناقة.
وهذا يدل على القول الأول.
والله أعلم.
(ذع) الذال والعين في المطابق أصل واحد يدل على تفريق الشيء.
يقال ذعذعت الريح الشيء إذا فرقته فتذعذع أي تفرق.
قال النابغة.
* تذعذعها مذعذعة حنون *
ويقال إن الذعاع الفرجة بين النخلة والنخلة في شعر طرفة على اختلاف فيه فقد قال بعضهم إنه بالدال وقد مضى ذكره.
وحكى ابن دريد ذعذع السر أذاعه.
والذعاع الفرق من الناس الواحدة ذعاعة.
(ذف) الذال والفاء أصل واحد يدل على خفة وسرعة.
فالذفيف اتباع للخفيف.
ويقال الذفيف السريع.
ومنه يقال ذففت على الجريح إذا أسرعت قتله.
واشتقاق ذفافة منه.
ويقال للماء القليل ذفاف ومياه أذفة.
وحكى عن الأعرابي الذف القتل.
واستذف الأمر استقام وتهيأ.
ويقال الذفاف الشيء اليسير من كل شيء.
يقولون ما ذقت ذفافا أي أدنى ما يؤكل.
قال أبو ذؤيب:

344
يقولون لما جشت البئر أوردوا * وليس بها أدنى ذفاف لوارد
يقول ليس بها شيء.
(ذل) الذال واللام في التضعيف والمطابقة أصل واحد يدل على الخضوع والاستكانة واللين.
فالذل ضد العز.
وهذه مقابلة في التضاد صحيحة تدل على الحكمة التي خصت بها العرب دون سائر الأمم لأن العز من العزاز وهي الأرض الصلبة الشديدة.
والذل خلاف الصعوبة.
وحكى عن بعضهم أنه قال بعض الذل بكسر الذال أبقى للأهل والمال.
يقال من هذا دابة ذلول بين الذل.
ومن الأول رجل ذليل بين الذل والمذلة والذلة.
ويقال لما وطئ من الطريق ذل.
وذلل القطف تذليلا إذا لان وتدلى.
ويقال أجر الأمور على أذلالها أي استقامتها أي على الأمر الذي تطوع فيه وتنقاد.
ومن الباب ذلاذل القميص وهو ما يلي الأرض من أسافله الواحدة ذلذل.
ويقولون اذلولى الرجل إذليلاء إذا أسرع.
وهو من الباب.
(ذم) الذال والميم في المضاعف أصل واحد يدل على كله على خلاف الحمد.
يقال ذممت فلانا أذمه فهو ذميم ومذموم إذا كان غير حميد.
ومن هذا الباب الذمة وهي البئر القليلة الماء.
وفي الحديث.
(أنه أتى على بئر ذمة).
وجمع الذمة ذمام.
قال ذو الرمة:

345
على حميريات كأن عيونها * ذمام الركايا أنكزتها المواتح
انكزتها أذهبت ماءها.
والمواتح المستقية.
فأما العهد فإنه يسمى ذماما لأن الإنسان يذم على إضاعته منه.
وهذه طريقة للعرب مستعملة وذلك كقولهم فلان حامي الذمار أي يحمي الشيء الذي يغضب.
وحامى الحقيقة أي يحمى ما يحق عليه أن يمنعه.
وأهل الذمة أهل العقد.
قال أبو عبيد الذمة الأمان في قوله صلى الله عليه وسلم.
(ويسعى بذمتهم).
ويقال أهل الذمة لأنهم أدوا الجزية فأمنوا على دمائهم وأموالهم.
ويقال في الذمام مذمة ومذمة بالفتح والكسر وفي الذم مذمة بالفتح.
وجاء في الحديث.
(أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم ما يذهب عني مذمة الرضا فقال غرة عبد أو أمة).
يعني بمذمة الرضاع ذمام المرضعة.
وكان النخعي يقول في تفسير هذا الحديث إنهم كانوا يستحبون أن يرضخوا عند فصال الصبي للظئر بشيء سوى الأجر.
فكأنه سأله ما يسقط عني حق التي أرضعتني حتى أكون قد أديت حقها كاملا.
حدثنا بذلك القطان عن المفسر عن القتيبي.
والعرب تقول أذهب مذمتهم بشيء أي أعطهم شيئا فإن لهم عليك ذماما.
ويقال افعل كذا وخلاك ذم أي ولا ذم عليك.
ويقال أذم فلان بفلان إذا تهاون به.
وأذم به بعيره إذا

346
أخر وانقطع عن سائر الإبل.
وشئ مذم أي معيب.
ورجل مذم لا حراك به.
وحكى ابن الأعرابي.
بئر ذميم وهي مثل الذمة.
أنشدنا أبو الحسن القطان عن ثعلب عن ابن الأعرابي.
مواشكة تستعجل الركض تبتغي * نضائض طرق ماؤهن ذميم
يصف قطاة.
يقول.
وبقي في الباب ما يقرب من قياسه إن كان صحيحا.
إن الذميم بثر يخرج على الأنف.
وحكى ابن قتيبة أن الذميم البول الذي يذم ويذن من قضيب التيس.
قال أبو زبيد.
ترى لأخلافها من خلفها نسلا * مثل الذميم على قزم اليعامير
النسل من اللبن ما يخرج منه.
والقزم الصغار.
قال الشيباني لا أعرف اليعامير.
وسألت فلم أجد عند أحد بها علما ويقال هي صغار الضأن.
(ذن) الذال والنون في المضاعف أصل يدل على سيلان.
فالذنين ما يسيل من المنخرين.
وقد ذن ذنا وهو أذن.
قال الشماخ:

347
توائل من مصك أنصبته * حوالب أسهرته بالذنين
ويقال له الذنان أيضا.
ويقال إن المرأة الذناء التي يسيل حيضها ولا ينقطع ويقال الذنانة بقية الشيء الهالك الضعيف.
ومما يشذ عن الباب وقد قلت إن أكثر أمر النبات على غير قياس الذؤنون نبت.
يقال خرج الناس يتذأننون إذا أخذوا الذؤنون.
(ذب) الذال والباء في المضاعف أصول ثلاثة أحدها طويئر ثم يحمل عليه ويشبه به غيره والآخر الحد والحدة والثالث الاضطراب والحركة.
فالأول الذباب معروف وواحدته ذبابة وجمع الجمع أذبة.
ومما يشبه به ويحمل عليه ذباب العين إنسانها.
ويقال ذببت عنه إذا دفعت عنه كأنك طردت عنه الذباب التي يتأذى به.
وقول النابغة.
* ضرابة بالمشفر الأذبة *
فهو جمع ذباب.
والمذبوب من الإبل الذي يدخل الذباب منحره.
والمذبوب الأحمق كأنه شبه بالجمل المذبوب.
وأما الحد فذباب أسنان البعير حدها.
قال الشاعر:

348
وتسمع للذباب إذا تغنى * كتغريد الحمام على الغصون
وذباب السيف حده.
والأصل الثالث الذبذبة نوس الشيء المعلق في الهواء.
والرجل المذبذب المتردد بين أمرين والذبذب الذكر لأنه يتذبذب أي يتردد.
والذباذب أشياء تعلق في هودج أو رأس بعير.
والذب الثور الوحشي ويسمى ذب الرياد قال ابن مقبل.
يمشي بها ذب الرياد كأنه * فتى فارسي ذو سوارين رامح
وقالوا سمى ذب الرياد لأنه يجئ ويذهب لا يثبت في موضع واحد.
ومن هذا الأصل الثالث قولهم ذبت شفته إذا ذبلت من العطش.
وأنشد.
هم سقوني عللا بعد نهل * من بعد ما ذب اللسان وذبل
ويقال ذب النبت إذا ذوى.
وذب جسمه أي هزل.
ومن الاضطراب والحركة قولهم ذببنا ليلتنا أي أتعبنا في السير.
ولا ينالون الماء إلا بقرب مذبب أي مسرع.
قال:
مذببة أضر بها بكورى * وتهجيري إذا اليعفور قالا

349
وقال:
يذبب ورد على إثره * وأمكنه وقع مردى خشب
والله أعلم بالصواب.
(ذرع) الذال والراء والعين أصل واحد يدل على امتداد وتحرك إلى قدم ثم ترجع الفروع إلى هذا الأصل.
فالذراع ذراع الإنسان معروفة.
والذرع مصدر ذرعت الثوب والحائط وغيره.
ثم يقال ضاق بهذا الأمر ذرعا إذا تكلف أكثر مما يطيق فعجز.
ويقال ذرعه القيء سبقه.
ومذارع الدابة قوائمها والواحد مذراع.
وتذرعت الإبل الماء خاضت بأذرعها.
ومذارع الأرض نواحيها كأن كل ناحية منها كالذراع.
ويقال ذرعت البعير وطئت على ذراعه ليركب صاحبي.
وتذرعت المرأة الخوص إذا تنقته وذلك أنها تمره مع ذراعها.
قال:
* تذرع خرصان بأيدي الشواطب *
والذريعة ناقة يتستر بها الرامي يرمي الصيد.
وذلك أنه يتذرع معها ماشيا.
ومن الباب تذرع الرجل في كلامه.
والإذراع كثرة الكلام.
وفرس ذريع واسع الخطو بين الذراعة.
وقوائم ذرعات خفيفات.
والذراعان نجمان يقال هما ذراعا الأسد.
ويقال للمرأة الخفيفة اليد بالغزل ذراع.
قاله:

350
الكسائي.
ويقال ثور مذرع إذا كان في أذرعه لمع سود.
ومطر مذرع وهو الذي إذا حفر عنه بلغ من الأرض قدر ذراع.
والمذرع من الرجال الذي تكون أمه عربية وأبوه خسيسا غير عربي.
وإنما سمى مذرعا بالرقمين في ذراع البغل لأنهما أتتا من قبل الحمار.
ويقال للرجل تعده أمرا حاضرا هو لك مني على حبل الذراع.
ويقال لصدر القناة ذراع العامل.
والذراعان هضبتان.
قال:
* إلى مشرب بين الذراعين بارد *
والمذارع ما قرب من الأمصار مثل القادسية من الكوفة.
والمذارع من النخل القريبة من البيوت.
وزق مذراع أي طويل ضخم.
ويقال ذرع لي فلان شيئا من خبر أي خبرني.
ويقال ذرع الرجل في سعيه إذا عدا فاستعان بيديه وحركهما.
ويقال للبشير إذا أومأ بيده قد ذرع البشير.
وهو علامة البشارة.
(ذرف) الذال والراء والفاء ثلاث كلمات لا ينقاس.
فالأولى ذرفت العين دمعها.
وذرف الدمع يذرف ذرفا.
ومذارف العين مدامعها.
والثانية ذرف يذرف ذرفانا وذلك إذا مشى مشيا ضعيفا.
والثالثة ذرف على المائة أي زاد عليها.
(ذرق) الذال والراء والقاف ليس بشيء.
أما الذي للطائر فأصله الزاء وقد ذكر في بابه.
والذرق نبت يقال أذرقت الأرض إذا أنبتته.

351
(ذرو) الذال والراء والحرف المعتل أصلان أحدهما الشيء يشرف على الشيء ويظله والآخر الشيء يتساقط متفرقا.
فالذروة أعلى السنام وغيره والجمع ذرى.
والذرا كل شيء استترت به.
تقول أنا في ظل فلان أي ذراه.
والمذروان أطراف الأليتين لأنهما يشرفان على ما بينهما.
وأما الآخر فيقول ذرا ناب الجمل إذا انكسر حده.
قال أوس.
إذا مقرم منا ذرا حد نابه * تخمط فينا ناب آخر مقرم
ومن الباب ذرت الريح الشيء تذروه.
والذرا اسم لما ذرته الريح.
ويقال أذرت العين دمعها تذريه.
وأذريت الرجل عن فرسه رميته.
ويقال إن الذرى اسم لما صب من الدمع.
ومن الباب قولهم بلغني عنه ذرو من قول وذلك ما يساقطه من أطراف كلامه غير متكامل.
(ذرأ) الذال والراء والهمزة أصلان أحدهما لون إلى البياض والآخر كالشئ يبذر ويزرع.
فالأول الذرأة وهو البياض من شيب وغيره.
ومنه ملح ذرآني وذرآني.
والذرأة البياض.
ورجل أذرأ أشيب والمرأة ذرآء.
وقال الشيباني شعرة ذراء على وزن ذرعاء أي بيضاء.
والفعل منه ذرئ يذرأ.
ويقال إن الذراء من الغنم البيضاء الأذن.

352
والأصل الآخر قولهم ذرأنا الأرض أي بذرناها.
وزرع ذرئ على فعيل.
وأنشد.
شققت القلب ثم ذرأت فيه * هواك فليم فالتام الفطور
ومن هذا الباب ذرأ الله الخلق يذرؤهم.
قال الله تعالى * (يذرؤكم فيه الشورى 11) *.
ومما شذ عن الباب قولهم أذرأت فلانا بكذا أولعته به.
وحكى عن ابن الأعرابي ما بيني وبينه ذرء أي حائل.
(ذرب) الذال والراء والباء أصل واحد يدل على خلاف الصلاح في تصرفه من إقدام وجرأة على ما لا ينبغي.
فالذرب فساد المعدة.
قال أبو زيد في لسان فلان ذرب وهو الفحش.
وأنشد.
أرحني واسترح مني فإني * ثقيل محملي ذرب لساني
وحكى ابن الأعرابي الذرب الصدأ الذي يكون في السيف.
ويقال ذرب الجرح إذا كان يزداد اتساعا ولا يقبل دواء.
قال:
أنت الطبيب لأدواء القلوب إذا * خيف المطاول من أدوائها الذرب
وبقيت في الباب كلمة ليس ببعيد قياسها عن سائر ما ذكرناه لأنها لا تدل على صلاح وهي الذربيا وهي الداهية.
يقال رماه بالذربيا.
قال الكميت:

353
رماني بالآفات من كل جانب * وبالذربيا مرد فهر وشيبها
(ذرح) الذال والراء والحاء معظم بابه أصل واحد وهو تفريق الشيء على الشيء يكسوه صبغا.
يقال ذرحت الزعفران في الماء إذا جعلت فيه شيئا منه يسيرا.
ثم يقال أحمر ذريحي كأن الحمرة ذرحت عليه.
والذريح فحل ينسب إليه الإبل.
وممكن أن يكون ذلك للونه كما يقال أحمر.
قال:
* من الذريحيات ضخما آركا *
والذرائح الهضاب واحدتها ذريحة وقد يمكن أن تسمى بذلك للونها.
قال الله عز وجل * (ومن الجبال جدد بيض وحمر فاطر 27) *.
ومن الباب أيضا الذراريح واحدتها ذروحة وذراحة وذرحرحة.
يقال ذرح طعامه إذا جعل فيه ذلك.
وحكى ناس عسل مذرح أكثر عليه الماء.
والله أعلم بالصواب.

354
(باب الذال والعين وما يثلثهما)
(ذعف) الذال والعين والفاء كلمة واحدة الذعاف السم القاتل.
طعام مذعوف.
وذعف الرجل سقي ذلك.
(ذعق) الذال والعين والقاف ليس أصلا ولا فيه لغة لكن الخليل زعم أن الذعاف لغة في الذعاق ثم قال ما أدري ألغة هي أم لثغة.
وكان ابن دريد يقول الذعاق كالزعاق وهو الصياح.
يقال ذعق وزعق إذا صاح بمعنى.
(ذعر) الذال والعين والراء أصل واحد يدل على فزع وهو الذعر.
يقال ذعر الرجل فهو مذعور.
والذعور من الإبل التي إذا مست غارت.
وامرأة ذعور تذعر من الريبة.
قال:
تنول بمعروف الحديث وإن ترد * سوى ذاك تذعر منك وهي ذعور
(ذعن) الذال والعين والنون أصل واحد يدل على الإصحاب والانقياد.
يقال أذعن الرجل إذا انقاد ويذعن إذعانا.
وبناؤه ذعن إلا أن استعماله أذعن.
ويقال ناقة مذعان سلسة الرأس منقادة.

355
(ذعط) الذال والعين والطاء كلمة واحدة.
يقال ذعطه إذا ذبحه.
وذعطته المنية قتلته.
قال الشاعر.
إذا بلغوا مصرهم عوجلوا * من الموت بالهميع الذاعط
وقريب من هذا الذال والعين والتاء فإنهم يقولون ذعته يذعته إذا خنقه.
(باب الذال والفاء وما يثلثهما)
(ذفر) الذال والفاء والراء كلمة تدل على رائحة.
يقولون الذفر حدة الرائحة الطيبة.
ويقولون مسك أذفر.
ويقولون روضة ذفرة لها رائحة طيبة.
والذفراء بقلة.
فأما الذفري فهو الموضع الذي يعرق من قفا البعير.
ولا بد أن تكون لذلك المكان رائحة.
والذفر البعير القوي ذلك الموضع منه ثم استعير ذلك فقيل له في الإنسان أيضا ذفرى.
قال:
والقرط في حرة الذفرى معلقة * تباعد الحبل عنه فهو مضطرب
(ذفل) الذال والفاء واللام ليس أصلا.
على أنهم يقولون إن الذفل القطران.
وينشدون لابن مقبل:
تمشي به الظلمان كالدهم قارفت * بزيت الرهاء الجون والذفل طاليا
والله أعلم.

356
(باب الذال والقاف وما يثلثهما)
(ذقن) الذال والقاف والنون كلمة واحدة إليها يرجع سائر ما يشتق من الباب.
فالذقن ذقن الإنسان وغيره مجمع لحييه.
ويقال ناقة ذقون تحرك رأسها إذا سارت.
والذاقنة طرف الحلقوم الناتىء.
وهو في حديث عائشة.
(توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين سحري ونحري وحاقنتي وذاقنتي).
وتقول ذقنت الرجل أذقنه إذا دفعت بجمع كفك في لهزمته.
ودلو ذقون إذا لم تكن مستوية بل تكون ضخمة مائلة.
(باب الذال والكاف وما يثلثهما)
(ذكا) الذال والكاف والحرف المعتل أصل واحد مطرد منقاس يدل على حدة في الشيء ونفاذ.
يقال للشمس ذكاء لأنها تذكو كما تذكو النار.
والصبح ابن ذكاء لأنه من ضوئها.
ومن الباب ذكيت الذبيحة أذكيها وذكيت النار أذكيها وذكوتها أذكوها.
والفرس المذكي الذي يأتي عليه بعد القروح سنة يقال ذكي يذكي.
والعرب تقول جرى المذكيات غلاب) وغلاء أيضا.
والذكاء ذكاء القلب.
قال الشاعر:

357
يفضله إذا اجتهدا عليه * تمام السن منه والذكاء
والذكاء سرعة الفطنة والفعل منه ذكي يذكي.
ويقال في الحرب والنار أذكيت أيضا.
والشيء الذي تذكي به ذكوة.
(ذكر) الذال والكاف والراء أصلان عنهما يتفرع كلم الباب.
فالمذكر التي ولدت ذكرا.
والمذكار التي تلد الذكران عادة.
قال عدي.
ولقد عديت دوسرة * كعلاة القين مذكارا
والمذكار الأرض تنبت ذكور العشب.
والمذكرة من النوق التي خلقها وخلقها كخلق البعير أو خلقه.
قال الفراء يقال كم الذكرة من ولدك أي الذكور.
وسيف مذكر ذو ماء.
وذو ذكر أي صارم.
وذكور البقل ما غلظ منه كالخزامي والأقحوان.
وأحرار البقول ما رق وكرم.
وكان الشيباني يقول الذكور إلى المرارة ما هي.
والأصل الآخر ذكرت الشيء خلاف نسيته.
ثم حمل عليه الذكر باللسان.
ويقولون اجعله منك على ذكر بضم الذال أي لا تنسه.
والذكر:

358
العلاء والشرف.
وهو قياس الأصل.
ويقال رجل ذكر وذكير أي جيد الذكر شهم.
(باب الذال واللام وما يثلثهما)
(ذلف) الذال واللام والفاء كلمة واحدة لا يقاس عليها وهي الذلف استواء في طرف الأنف ليس بحد غليظ وهو أحسن الأنوف.
(ذلق) الذال واللام والقاف أصل واحد يدل على حدة.
فالذلق طرف اللسان.
والذلاقة حدة اللسان وكل محدد مذلق.
وقرن الثور مذلق.
ويشتق من ذلك أذلقت الضب إذا صببت الماء في جحره ليخرج.
والإذلاق سرعة الرمي.
(باب الذال والميم وما يثلثهما)
(ذمي) الذال والميم والحرف المعتل أصل واحد يدل على حركة.
فالذماء الحركة يقال ذمي يذمى إذا تحرك.
والذميان الإسراع.
ويقال لبقية النفس الذماء وذلك أنها بقية حركته.
ومن الباب خذ ما ذمي لك أي ما ارتفع وهو من الباب لأنه يسنح.
ويقال ذمتني ريح كذا أي آذتني.
(ذمر) الذال والميم والراء أصل واحد يدل على شدة في خلق

359
وخلق من غضب وما أشبهه.
فالذمر الرجل الشجاع.
وكذلك الذمر الحض.
وإذا قيل فلان يتذمر فكأنه يلوم نفسه ويتغضب.
والذمار كل شيء لزمك حفظه والغضب له.
وأما الذي قلناه في شدة الخلق فالمذمر هو الكاهل والعنق وما حوله إلى الذفرى وهو أصل العنق.
يقولون ذمرت السليل إذا مسست قفاه لتنظر أذكر أم أنثى.
قال أحيحة.
وما تدري إذا ذمرت سقبا * لغيرك أو يكون لك الفصيل
ويقولون إذا اشتد الأمر بلغ المذمر.
ويقولون رجل ذمير وذمر منكر.
وتذامر القوم إذا حث بعضهم بعضا.
ومن الباب ذمر الأسد إذا زأر يذمر ذمرة.
(ذمل) الذال والميم والهاء واللام كلمة واحدة في ضرب من السير.
وذلك الذميل كالعدو من الإبل يقال ذملت الجمل إذا حملته على الذميل.
(ذمه) الذال والميم والهاء ليس أصلا ولا منه ما يصح إلا أنهم يقولون ذمه إذا تحير ويقال ذمهته الشمس آلمت دماغه.
والله أعلم.

360
(باب الذال والنون وما يثلثهما)
(ذنب) الذال والنون والباء أصول ثلاثة أحدها الجرم والآخر مؤخر الشيء والثالث كالحظ والنصيب.
فالأول الذنب والجرم.
يقال أذنب يذنب.
والاسم الذنب وهو مذنب.
والأصل الآخر الذنب وهو مؤخر الدواب ولذلك سمي الأتباع الذنابي.
والمذانب مذانب التلاع وهي مسايل الماء فيها.
والمذنب من الرطب ما أرطب بعضه.
ويقال للفرس الطويل الذنب ذنوب.
والذناب عقب كل شيء.
والذانب التابع وكذلك المستذنب.
الذي يكون عند أذناب الإبل.
قال الشاعر.
* مثل الأجير استذنب الرواحلا *
فأما الذنائب فمكان وفيه يقول القائل:
فإن يك بالذنائب طال ليلى * فقد أبكى من الليل القصير
والله أعلم.

361
(باب الذال والهاء وما يثلثهما)
(ذهب) الذال والهاء والباء أصيل يدل على حسن ونضارة.
من ذلك الذهب معروف وقد يؤنث فيقال ذهبة ويجمع على الأذهاب.
والمذاهب سيور تموه بالذهب أو خلل من سيوف.
وكل شيء مموه بذهب فهو مذهب.
قال قيس:
أتعرف رسما كاطراد المذاهب * لعمرة وحشا غير موقف راكب
ويقال رجل ذهب إذا رأى معدن الذهب فدهش.
وكميت مذهب إذا علته حمرة إلى اصفرار.
فأما الذهبة فمطر جود.
وهي قياس الباب لأن بها تنضر الأرض والنبات.
والجمع ذهاب.
قال ذو الرمة:
* فيها الذهاب وحفتها البراعيم *
فهذا معظم الباب.
وبقي أصل آخر وهو ذهاب الشيء مضيه.
يقال ذهب يذهب ذهابا وذهوبا.
وقد ذهب مذهبا حسنا.
(ذهر) الذال والهاء والراء ليس بأصل.
وربما قالوا ذهر فوه إذا اسودت أسنانه.

362
(ذهل) الذال والهاء واللام أصل واحد يدل على شغل عن شيء بذعر أو غيره.
ذهلت عن الشيء أذهل إذا نسيته أو شغلت.
وأذهلني عنه كذا.
هذا هو الأصل.
وحكي عن اللحياني جاء بعد ذهل من الليل وذهل كما تقول مر هدء من الليل.
ويجوز أن يكون ذلك لإظلامه وأنه يذهل فيه عن الأشياء.
ومما شذ عن الباب قولهم للفرس الجواد ذهلول.
(ذهن) الذال والهاء والنون أصل يدل على قوة.
يقال ما به ذهن أي قوة.
قال أوس:
أنوء برجل بها ذهنها * وأعيت بها أختها الغابرة
والذهن الفطنة للشيء والحفظ له.
وكذلك الذهن والله أعلم بالصواب.
(باب الذال والواو وما يثلثهما)
(ذوي) الذال والواو والياء كلمة واحدة تدل على يبس وجفوف.
تقول ذوى العود يذوي إذا جف وهو ذاو وربما قالوا ذأى يذأى والأول الأجود.

363
(ذوب) الذال والواو والباء أصل واحد وهو الذوب ثم يحمل عليه ما قاربه في المعنى مجازا.
يقال ذاب الشيء يذوب ذوبا وهو ذائب.
ثم يقولون مجازا ذاب لي عليه من المال كذا أي وجب كأنه لما وجب فقد ذاب عليه كما يذوب الشيء على الشيء.
والإذوابة الزبد حين يوضع في البرمة ليذاب.
والذوب العسل الخالص.
ثم يقولون للشمس إذا اشتد حرها ذابت كأنها لما بلغت إلى الأجساد بحرها فقد ذابت عليهم.
قال:
إذا ذابت الشمس اتقى صقراتها * بأفنان مربوع الصريمة معبل
ويقولون أذاب فلان أمره أي أصلحه.
وهو من الباب لأنه كأنه فعل به ما يفعله مذيب السمن وغيره حتى يخلص ويصلح.
ومنه قول بشر:
وكنتم كذات القدر لم تدر إذ غلت * أتنزلها مذمومة أو تذيبها
وقال قوم تذبيها تنهبها والإذابة النهبة أذبته أنهبته.
وهو الباب كأنه أذابه عليهم.
(ذوق) الذال والواو والقاف أصل واحد وهو اختبار الشيء من جهة تطعم ثم يشتق منه مجازا فيقال ذقت المأكول أذوقه ذوقا.
وذقت ما عند فلان اختبرته.
وفي كتاب الخليل كل ما نزل بإنسان من مكروه فقد ذاقه.
ويقال ذاق القوس إذا نظر ما مقدار إعطائها وكيف قوتها.
قال:

364
فذاق فأعطته من اللين جانبا * كفى ولها أن يغرق السهم حاجز
(ذود) الذال والواو والدال أصلان أحدهما تنحية الشيء عن الشيء والآخر جماعة الإبل.
ومحتمل أن يكون البابان راجعين إلى أصل واحد.
فالأول قولهم ذدت فلانا عن الشيء أذوده ذودا وذدت إبلي أذودها ذودا وذيادا.
ويقال أذدت فلانا أعنته على ذياد إبله.
والأصل الآخر الذود من النعم.
قال أبو زيد الذود من الثلاثة إلى العشرة.
(باب الذال والياء وما يثلثهما)
(ذيخ) الذال والياء والخاء كلمة واحدة لا قياس لها.
قولهم للذكر من الضباع ذيخ والجمع ذيخة.
وربما قالوا ذيخت الرجل تذييخا إذا أذللته.
(ذير) الذال والياء والراء ليس أصلا.
إنما يقولون ذيرت أطباء الناقة إذا طليتها بسرجين لئلا يرتضع الفصيل.
وهو الذيار.
(ذيع) الذال والياء والعين أصل يدل على إظهار الشيء وظهوره وانتشاره.
يقال ذاع الخبر وغيره يذيع ذيوعا.
ورجل مذياع لا يكتم سرا والجمع المذاييع.
وفي حديث علي عليه السلام (ليسوا بالمساييح ولا المذاييع البذر).
وهاهنا كلمة من هذا في المعنى من طريقة الانتشار يقولون أذاع الناس ما في الحوض إذا شربوه كله.

365
(ذيف) الذال والياء والفاء كلمة واحدة لا قياس لها وهي الذيفان وهو السم القاتل.
(ذيل) الذال والياء واللام أصيل واحد مطرد منقاس وهو شيء يسفل في إطافة.
من ذلك الذيل ذيل القميص وغيره.
وذيل الريح ما انسحب منها على الأرض.
وفرس ذيال طويل الذنب.
قال النابغة:
بكل مجرب كالليث يسمو * إلى أوصال ذيال رفن
وإن كان الفرس قصيرا وذنبه طويلا فهو ذائل.
وقولهم للشيء المهان مذال من هذا كأنه لم يجعل في الأعالي.
ويقولون جاء أذيال من الناس أي أواخر منهم قليل.
والذائلة من الدروع الطويلة الذيل.
وكذلك الذائل.
قال:
* ونسج سليم كل قضاء ذائل *
وذالت المرأة جرت أذيالها.
وهو في شعر طرفة.
فأما قول الأغلب:
* يسعى بيد وذيل *
فإنما أراد الرجل فجعل الذيل مكانه للقافية فإنه يقول:
* فالويل لو ينجيه قول الويل *

366
ويقولون من يطل ذيله ينتطق به.
يراد أن من كان في سعة أنفق ماله حيث شاء.
(ذيم) الذال والياء والميم كلمة واحدة لا يقاس ولا يتفرع.
يقال ذمته أذيمه ذيما.
(ذيأ) الذال والياء والهمزة كلمة واحدة.
تذيأ اللحم وذيأته إذا فصلته عن العظم.
(باب الذال والهمزة وما يثلثهما)
(ذأر) الذال والهمزة والراء أصل واحد يدل على تجنب وتقال:
يقولون ذئرت الشيء أي كرهته وانصرفت عنه.
وفي الحديث.
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نهى عن ضرب النساء ذئر النساء على أزواجهن) يعني نفرن ونشزن واجترأن.
وقال الشاعر:
ولقد أتانا عن تميم أنهم * ذئروا لقتلى عامر وتغضبوا
ويقال ناقة مذائر وهي التي ترأم بأنفها ولا يصدق حبها.
ويقال بل هي التي تنفر عن الولد ساعة تضعه.
وقوله ذئروا لقتلى يعنى نفروا وأنكروا ويقال أنفوا.

367
(ذأب) الذال والهمزة والباء أصل واحد يدل على قلة استقرار وألا يكون للشيء في حركته جهة واحدة.
من ذلك الذئب سمي بذلك لتذؤبه من غير جهة واحدة.
ويقال ذئب الرجل إذا وقع في غنمه الذئب.
ويقال تذأبت الريح أتت من كل جانب.
وأرض مذأبة كثيرة الذئاب.
وذؤب الرجل إذا صار ذئبا خبيثا.
وجمع الذئب أذؤب وذئاب وذؤبان.
ويقال تذاءبت الناقة تذاؤبا على تفاعلت إذا ظأرتها على ولدها فتشبهت لها بالذئب ليكون أرأم لها عليه.
وقال قوم الإذآب الفرار.
وأنشد:
إني إذا ما ليث قوم أذأبا * وسقطت نخوته وهربا
هذا أصل الباب ثم يشبه الشيء بالذئب.
فالذئب من القتب ما تحت ملتقى الحنوين وهو يقع على المنسج.
(ذأم) الذال والهمزة والميم أصل يدل على كراهة وعيب.
يقال أذأمتني على كذا أي أكرهتني عليه.
ويقولون ذأمته أي حقرته.
والذأم العيب وهو مذءوم.
فأما الذان بالنون فليس أصلا لأن النون فيه مبدلة من ميم.
قال:

368
رددنا الكتيبة ملمومة * بها أفنها وبها ذانها
(ذأل) الذال والهمزة واللام أصل يقل كلمة ولكنه منقاس يدل على سرعة.
يقال ذأل يذأل إذا مشى بسرعة وميس.
فإن كان في انخزال قيل يذؤل.
ومن ذلك سمي الذئب ذؤالة.
(ذأى) الذال والهمزة والحرف المعتل يدل على ضرب من السير.
يقال ذأى يذأى ذأيا.
ويقال الذأو.
السوق الشديد.
(باب الذال والباء وما يثلثهما)
(ذبح) الذال والباء والحاء أصل واحد وهو يدل على الشق.
فالذبح مصدر ذبحت الشاة ذبحا.
والذبح المذبوح.
والذباح شقوق في أصول الأصابع.
ويقال ذبح الدن إذا بزل.
والمذابح سيول صغار تشق الأرض شقا.
وسعد الذابح أحد السعود.
والذبح نبت ولعله أن يكون شاذا من الأصل.
(ذبل) الذال والباء واللام أصل واحد يدل على ضمر في الشيء.

369
(باب الذال والحاء وما يثلثهما)
(ذحق) الذال والحاء والقاف ليس أصلا.
وربما قالوا ذحق اللسان إذا انقشر من داء يصيبه.
(ذحل) الذال والحاء واللام أصل واحد يدل على مقابلة بمثل الجناية يقال طلب بذحله.
والله أعلم.
(باب الذال والخاء وما يثلثهما)
(ذخر) الذال والخاء والراء يدل على إحراز شيء يحفظه.
يقال ذخرت الشيء أذخره ذخرا.
فإذا قلت افتعلت من ذلك قلت ادخرت.
ومن الباب المذاخر وهو اسم يجمع جوف الإنسان وعروقه.
قال منظور:
فلما سقيناها العكيس تملأت * مذاخرها وازداد رشحا وريدها
ويقولون ملأ البعير مذاخره أي جوفه.
والإذخر ليس من الباب نبت.

370
(باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله ذال)
فأما ما زاد على ثلاثة أحرف فكلمات يسيرة تدل على انطلاق وذهاب وأمرها في الاشتقاق خفي جدا فلذلك لم نعرض لذكره.
فالذعلبة الناقة السريعة.
يقال تذعلبت تذعلبا واذلولت اذليلاء وهو انطلاق في استخفاء.
ويقال إن الذعلبة النعامة وبها شبهت الناقة.
والذعالب قطع الخرق وهي قوله:
* منسرحا إلا ذعاليب الخرق *
واذلعب الجمل في سيره اذلعبابا وهو قريب من الذي قبله.
والله أعلم بالصواب.
(تم كتاب الذال)

371
(كتاب الراء)
(باب الراء وما معها في الثنائي والمطابق)
(رز) الراء والزاء أصلان أحدهما جنس من الاضطراب والآخر إثبات شيء.
فالأول الأرزيز وهي الرعدة.
قال الشاعر:
قطعت على غطش وبغش وصحبتي * سعار وإرزيز ووجر وأفكل
ويقال الإرزيز البرد وهو قياس ما ذكرناه.
والرز صوت.
وفي الحديث:
(من وجد في جوفه رزا فلينصرف وليتوضأ).
وأما الآخر فيقال رز الجراد إذا غرز بذنبه في الأرض ليبيض.
ومن الباب الإرزيز وهو الطعن وقياسه ذاك.
والرز الطعن أيضا.
يقال رزه أي طعنه.
ورززت السهم في الحائط والقرطاس إذا ثبته فيه.
ومن القياس ارتز البخيل عند المسألة إذا بقي وبخل وذلك أنه يقل اهتزازه.
والكلمات كلها من القياس الذي ذكرناه.
(رس) الراء والسين أصل واحد يدل على ثبات يقال رس الشيء ثبت.
والرسيس الثابت.
ومن الباب رسرس البعير إذا نضنص

372
بركبته في الأرض يريد أن ينهض.
ومن الباب فلان يرس الحديث في نفسه.
وسمعت رسا من خبر وهو ابتداؤه لأنه ثبت في الأسماع.
ويقال رس الميت قبر.
فهذا معظم الباب.
والرس واد معروف في شعر زهير:
* فهن ووادي الرس كاليد في الفم *
والرسيس واد معروف.
قال زهير:
لمن طلل كالوحي عاف منازله * عفا الرس منه فالرسيس فعاقله
فأما الرس فيقال إنه من الإضداد وهو الإصلاح بين الناس والإفساد بينهم.
وأي ذلك كان فإنه إثبات عداوة أو مودة وهو قياس الباب.
(رش) الراء والشين أصل واحد يدل على تفريق الشيء ذي الندى.
وقد يستعار في غير الندى فتقول رششت الماء والدمع والدم.
وطعنة مرشة.
ورشاشها دمها.
قال:
فطعنت في حمائه بمرشة * تنفي التراب من الطريق المهيع
ويقال شواء رشراش ينصب ماؤه.
ويقال رشت السماء وأرشت.
ويقال أرش فلان فرسه إرشاشا أي عرقه بالركض وهو في شعر أبي دواد.
ومن الباب عظم رشرش أي رخو.

373
(رص) الراء والصاد أصل واحد يدل على انضمام الشيء إلى الشيء بقوة وتداخل.
تقول رصصت البنيان بعضه إلى بعض.
قال الله تعالى: * (كأنهم بنيان مرصوص الصف 4) *.
وهذا كأنه مشتق من الرصاص والرصاص أصل الباب.
ويقال تراص القوم في الصف.
وحكى عن الخليل الرصراص الحجارة تكون مرصوصة حول عين الماء.
ومن الباب الترصيص أن تنتقب المرأة فلا يرى إلا عيناها.
وهو التوصيص أيضا.
ويقولون الرصراصة الأرض الصلبة.
والباب كله منقاس مطرد.
(رض) الراء والضاد أصل واحد يدل على دق شيء.
يقال رضضت الشيء أرضه رضا.
والرضراض حجارة ترضرض على وجه الأرض.
والمرأة الرضراضة الكثيرة اللحم كأنها رضت اللحم رضا وكذلك الرجل الرضراض.
قال الشاعر:
فعرفنا هزة تأخذه * فقرناه برضراض رفل
والرض التمر الذي يدق وينقع في المخض.
وهذا معظم الباب.
ومن الذي يقرب من الباب الإرضاض شدة العدو.
وقيل ذلك لأنه يرض ما تحت قدمه.
ويقال إبل رضارض راتعة كأنها ترض العشب رضا.
وأما المرضة وهي الرثيئة الخاثرة فقريب قياسها مما ذكرناه كأن زبدها قد رض فيها رضا.
[قال]:

374
إذا شرب المرضة قال أوكي * على ما في سقائك قد روينا
(رط) الراء والطاء ليس هو بأصل عندنا.
يقولون الرطيط الجلبة والصياح.
وأرط إذا جلب.
ويقال الرطيط الأحمق.
ويقال الإرطاط اللزوم.
وفي كل ذلك نظر.
(رع) الراء والعين أصل مطرد يدل على حركة واضطراب.
يقال ترعرع الصبي تحرك.
وهذا شاب رعرع ورعراع والجمع رعارع.
قال:
* ألا إن أخدان الشباب الرعارع *
وقصب رعرع طويل.
وإذا كان كذا فهو مضطرب.
ومن الباب الرعاع وهم سفلة الناس.
ويقولون الرعرعة ترقرق الماء على وجه الأرض.
فإن كان صحيحا فهو القياس.
(رغ) الراء والغين أصل يدل على رفاهة ورفاغة ونعمة.
قال ابن الأعرابي الرغرغة من رفاغة العيش.
وأصل ذلك الرغرغة وهو أن ترد الإبل على الماء في اليوم مرارا.
ومن الباب الرغيغة طعام يتخذ للنفساء.
يقال هو لبن يغلى ويذر عليه دقيق.

375
(رف) الراء والفاء أصلان أحدهما المص وما أشبهه والثاني الحركة والريق.
فالأول الرف وهو المص.
يقال رف يرف إذا ترشف.
وفي حديث أبي هريرة:
(إني لأرف شفتيها).
وأما الثاني فقولهم رف الشيء يرف إذا برق.
وأما ما كان من جهة الاضطراب فالرفرفة وهي تحريك الطائر جناحيه.
ويقال إن الرفراف الظليم يرفرف بجناحيه ثم يعدو.
ومن الباب الرفيف رفيف الشجرة إذا تندت.
ومنه الرفرف وهو كسر الخباء ونحوه.
وسمي بذلك لما ذكرناه لأنه يتحرك عند هبوب الريح.
ويقال ثوب رفيف بين الرفف وذلك رقته واضطرابه.
فأما قوله تعالى في الرفرف فيقال هي الرياض ويقال هي البسط ويقال الرفرف ثياب خضر.
ومما شذ عن معظم الباب الرف.
قال اللحياني هو القطيع من البقر ويقال هو الشاء الكثير.
وأما قولهم يحف ويرف فقال قوم هو اتباع وقال آخرون يرف يطعم.
(رق) الراء والقاف أصلان أحدهما صفة تكون مخالفة للجفاء والثاني اضطراب شيء مائع.
فالأول الرقة يقال رق يرق رقة فهو رقيق.
ومنه الرقاق وهي الأرض

376
اللينة وهي أيضا الرق والرق.
والرقق ضعف في العظام.
قال:
* لم تلق في عظمها وهنا ولا رققا *
قال الفراء في ماله رقق أي قلة.
والرقة الموضع ينضب عنه الماء.
والرق الذي يكتب فيه معروف.
والرقاق الخبز الرقيق.
والأصل الثاني قولهم ترقرق الشيء إذا لمع.
وترقرق الدمع دار في الحملاق.
وترقرق السراب وترقرقت الشمس إذا رأيتها كأنها تدور.
والرقراقة المرأة التي كأن الماء يجري في وجهها.
ومنه رقرقت الثوب بالطيب ورقرقت الثريدة بالدسم.
قال الأعشى:
وتبرد برد رداء العروس * بالصيف رقرقت فيه العبيرا
ومما شذ عن البابين الرق ذكر السلاحف إن كان صحيحا.
(رك) الراء والكاف أصلان أحدهما وهو معظم الباب رقة الشيء وضعفه والثاني تراكم بعض الشيء على بعض.
فالأول الرك وهو المطر الضعيف.
يقال أركت السماء إركاكا إذا أتت برك.
وقد أركت الأرض.
ورك الشيء إذا رق.
ومن ذلك قول الناس اقطعها من حيث ركت بالكاف.
فحدثني القطان عن المفسر عن القتيبي قال تقول العرب اقطعه من حيث رك أي من حيث ضعف والعامة تقول من

377
حيث رق فأما الحديث.
(أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن الركاكة) فيقال إنه من الرجال الذي لا يغار.
قال وهو من الركاكة وهو الضعف.
وقد قلناه.
والركيك الضعيف الرأي.
والأصل الثاني قولهم رك الشيء بعضه على بعض إذا طرحه يركه ركا.
قال:
* فنجنا من حبس حاجات ورك *
ومن الباب قولهم رككت الشيء في عنقه ألزمته إياه.
وسكران مرتك أي مختلط لا يبين كلامه.
وسقاء مركوك إذا عولج بالرب وأصلح به.
ومن الباب الركراكة من النساء العظيمة العجز والفخذين.
ومنه شحمة الركي.
قال أهل اللغة هي الشحمة تركب اللحم وهي التي لا تعني إنما تذوب.
يقال وقع على شحمة الركى إذا وقع على ما لا يعنيه.
(رم) الراء والميم أربعة أصول أصلان متضادان أحدهما لم الشيء وإصلاحه والآخر بلاؤه.
وأصلان متضادان أحدهما السكوت والآخر خلافه.
فأما الأول من الأصلين الأولين فالرم إصلاح الشيء.
تقول رممته أرمه.
ومن الباب أرم البعير وغيره إذا سمن يرم إرماما.
وهو قوله:
هجاهن لما أن أرمت عظامه * ولو عاش في الأعراب مات هزالا

378
وكان أبو زيد يقول المرم الناقة التي بها شيء من نقي وهو الرم.
ومن الباب الرم وهو الثرى وذلك أن بعضه ينضم إلى بعض يقولون له الطم والرم.
فالطم البحر والرم الثرى.
والأصل الآخر من الأصلين الأولين قولهم رم الشيء إذا بلي.
والرميم العظام البالية.
قال الله تعالى: * (قال من يحيي العظام وهي رميم) *.
وكذا الرمة.
ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الاستنجاء بالروث والرمة.
والرمة الحبل البالي.
قال ذو الرمة:
* (أشعث باقي رمة التقليد *
ومن ذلك قولهم ادفعه إليه برمته.
ويقال أصله أن رجلا باع آخر بعيرا بحبل في عنقه فقيل له ادفعه إليه برمته.
وكثر ذلك في الكلام فقيل لكل من دفع إلى آخر شيئا بكماله دفعه إليه برمته أي كله قالوا.
وهذا المعنى أراد الأعشى بقوله للخمار:
فقلت له هذه هاتها * بأدماء في حبل مقتادها
يقول بعني هذه الخمر بناقة برمتها.
ومن الباب قولهم الشاة ترم الحشيش من الأرض بمرمتها.
وفي الحديث ذكر البقر (أنها ترم من كل شجر).
وأما الأصلان الآخران فالأول منهما من الإرمام وهو السكوت يقال أرم إرماما.
والآخر قولهم ما ترمرم أي ما حرك فاه بالكلام.
وهو قول أوس:

379
ومستعجب مما يرى من أناتنا * ولو زبنته الحرب لم يترمرم
فأما قولهم ما عن ذلك الأمر حم ولا رم فإن معناه ليس يحول دونه شيء.
وليس الرم أصلا في هذا لأنه كالإتباع.
ويقولون إن كان صحيحا نعجة رماء أي بيضاء وهو شاذ عن الأصول التي ذكرناها.
(رن) الراء والنون أصل واحد يدل على صوت فالإرنان الصوت.
والرنة والرنين صيحة ذي الحزن.
ويقال أرنت القوس عند إنباض الرامي عنها.
قال:
* ترن إرنانا إذا ما أنضبا *
أي أنبض.
والمرنان القوس لأن لها رنينا.
ويقال إن الرنن دويبة تكون في الماء تصيح أيام الصيف.
قال:
* ولا اليمام ولم يصدح له الرنن *
فهذا معظم الباب وهو قياس مطرد.
وحكيت كلمة ما أدري ما هي وهي شاذة إن صحت ولم أسمعها سماعا.
قالوا كان يقال لجمادى الأولى رنى بوزن حبلى وهذا مما لا ينبغي أن يعول عليه.
(ره) الراء والهاء إن كان صحيحا في الكلام فهو يدل على بصيص.
يقال ترهرة الشيء إذا وبص.
فأما الحديث:
(أن رسول الله صلى الله عليه

380
وآله وسلم لما شق عن قلبه جيء بطست رهرهة) فحدثنا القطان عن المفسر عن القتيبي عن أبي حاتم قال سألت الأصمعي عنه فلم يعرفه.
قال ولست أعرفه أنا أيضا وقد التمست له مخرجا فلم أجده إلا من موضع واحد وهو أن تكون الهاء فيه مبدلة من الحاء كأنه أراد جيء بطست رحرحة وهي الواسعة.
يقال إناء رحرح ورحراح.
قال:
* إلى إزاء كالمجن الرحرح *
والذي عندي في ذلك أن الحديث إن صح فهو من الكلمة الأولى وذلك أن للطست بصيصا.
ومما شذ عن الباب الرهرهتان عظمان شاخصان في بواطن الكعبين يقبل أحدهما على الآخر.
(رأ) الراء والهمزة أصل يدل على اضطراب يقال رأرأت العين إذا تحركت من ضعفها.
ورأرأت المرأة بعينها إذا برقت.
ورأرأ السراب جاء وذهب ولمح.
وقالوا رأرأت بالغنم إذا دعوتها.
فأما الراءة فشجرة والجمع راء.
(رب) الراء والباء يدل على أصول.
فالأول إصلاح الشيء والقيام عليه.
فالرب المالك والخالق والصاحب.
والرب المصلح للشيء.
يقال رب فلان ضيعته إذا قام على إصلاحها.
وهذا سقاء مربوب بالرب.
والرب

381
للعنب وغيره لأنه يرب به الشيء.
وفرس مربوب.
قال سلامة:
ليس بأسفى ولا أقنى ولا سغل * يسقى دواء قفي السكن مربوب
والرب المصلح للشيء.
والله جل ثناؤه الرب لأنه مصلح أحوال خلقه.
والربي العارف بالرب.
ورببت الصبي أربه ورببته أرببه.
والربيبة الحاضنة.
وربيب الرجل ابن امرأته.
والراب الذي يقوم على أمر الربيب.
وفي الحديث: (يكره أن يتزوج الرجل امرأة رابه).
والأصل الآخر لزوم الشيء والإقامة عليه وهو مناسب للأصل الأول.
يقال أربت السحابة بهذه البلدة إذا دامت.
وأرض مرب لا يزال بها مطر ولذلك سمي السحاب ربابا.
ويقال الرباب السحاب المتعلق دون السحاب يكون أبيض ويكون أسود الواحدة ربابة.
ومن الباب الشاة الربي التي تحتبس في البيت للبن فقد اربت إذا لازمت البيت.
ويقال هي التي وضعت حديثا.
فإن كان كذا فهي التي تربي ولدها.
وهو من الباب الأول.
ويقال الإرباب الدنو من الشيء.
ويقال أربت الناقة إذا لزمت الفحل وأحبته وهي مرب.
والأصل الثالث ضم الشيء للشيء وهو أيضا مناسب لما قبله ومتى أنعم النظر كان الباب كله قياسا واحدا.
يقال للخرقة التي يجعل فيها القداح ربابة.
قال الهذلي:

382
وكأنهن ربابة وكأنه * يسر يفيض على القداح ويصدع
ومن هذا الباب الربابة وهو العهد.
يقال للمعاهدين أربة.
قال:
كانت أربتهم بهز وغرهم * عقد الجوار وكانوا معشرا غدرا
وسمي العهد ربابة لأنه يجمع ويؤلف.
فأما قول علقمة:
وكنت امرأ أفضت إليك ربابتي * وقبلك ربتني فضعت ربوب
فإن الربابة العهد الذي ذكرناه.
وأما الربوب فجمع رب وهو الباب الأول.
وحدثنا أبو الحسن علي بن إبراهيم عن علي بن عبد العزيز عن أبي عبيد قال الرباب العشور.
قال أبو ذؤيب:
توصل بالركبان حينا وتؤلف الجوار * وتغشيها الأمان ربابها
وممكن أن يكون هذا إنما سمي ربابا لأنه إذا أخذ فهو يصير كالعهد.
ومما يشذ عن هذه الأصول الربرب القطيع من بقر الوحش.
وقد يجوز أن يضم إلى الباب الثالث فيقال إنما سمي ربربا لتجمعه كما قلنا في اشتقاق الربابة.
ومن الباب الثالث الربب وهو الماء الكثير سمي بذلك لاجتماعه.
قال:
* والبرة السمراء والماء الربب *

383
فأما رب فكلمة تستعمل في الكلام لتقليل الشيء تقول رب رجل جاءني.
ولا يعرف لها اشتقاق.
(رت) الراء والتاء ليس أصلا.
لكنهم يقولون الرتة العجلة في الكلام.
ويقال هي الحكلة فيه.
ويقولون الرتوت الخنازير.
وقال ابن الأعرابي الرت الرئيس والجمع رتوت.
وكل هذا فمما ينبغي أن ينظر فيه.
(رث) الراء والثاء أصل واحد يدل على إخلاق وسقوط.
فالرث الخلق البالي.
يقال حبل رث وثوب رث ورجل رث الهيئة.
وقد رث يرث رثاثة ورثوثة.
والرثة أسقاط البيت من الخلقان والجمع رثث.
وأما قولهم ارتث في المعركة فهو من هذا وذلك أن الجريح يسقط كما تسقط الرثة ثم يحمل وهو رثيث.
ومن الباب الرثة وهم الضعفاء من الناس.
ويقال الرثة المرأة الحمقاء.
فإن صح ذلك فهو من الباب.
(رج) الراء والجيم أصل يدل على الاضطراب وهو مطرد منقاس ويقال كتيبة رجراجة تمخض لا تكاد تسير.
وجارية رجراجة يترجرج كفلها.
والرجرجة بقية الماء في الحوض.
ويقال للضعفاء من الرجال الرجاج.
قال:

384
أقبلن من نير ومن سواج * بالقوم قد ملوا من الإدلاج
* فهم رجاج وعلى رجاج *
والرج تحريك الشيء تقول رججت الحائط رجا وارتج البحر.
والرجرج نعت للشيء الذي يترجرج.
قال:
* وكست المرط قطاة رجرجا *
وارتج الكلام التبس وإنما قيل له ذلك لأنه إذا تعكر كان كالبحر المرتج.
والرجرجة الثريدة اللينة.
ويقال الرجاجة النعجة المهزولة فإن كان صحيحا فالمهزول مضطرب.
وناقة رجاء عظيمة السنام وذلك أنه إذا عظم ارتج واضطرب.
فأما قوله:
* ورجرج بين لحييها خناطيل *
فيقال هو اللعاب.
(رح) الراء والحاء أصل يدل على السعة والانبساط.
فالرحح انبساط الحافر وصدر القدم.
ويقال للوعل المنبسط الأظلاف أرح.
قال:

385
ولو أن عز الناس في رأس صخرة * ململمة تعيي الأرح المخدما
ويقال ترحرحت الفرس فحجت قوائمها لتبول.
ويقال هم في عيش رحراح أي واسع.
ورحرحان مكان.
(رخ) الراء والخاء قليل إلا أنه يدل على لين.
يقال إن الرخاخ لين العيش.
وأرض رخاء رخوة.
ويقال وهو مما ينظر فيه إن الرخ مزج الشراب.
(رد) الراء والدال أصل واحد مطرد منقاس وهو رجع الشيء تقول رددت الشيء أرده ردا.
وسمي المرتد لأنه رد نفسه إلى كفره.
والرد عماد الشيء الذي يرده أي يرجعه عن السقوط والضعف.
والمردودة المرأة المطلقة.
ومنه الحديث أنه قال لسراقة بن مالك.
(ألا أدلك على أفضل الصدقة ابنتك مردودة عليك ليس لها كاسب غيرك).
ويقال شاة مرد وناقة مردة وذلك إذا أضرعت كأنها لم تكن ذات لبن فرد عليها أو ردت هي لبنها.
قال:
* تمشي من الردة مشي الحفل *
ويقال هذا أمر لا رادة له أي لا مرجوع له ولا فائدة فيه.
والردة تقاعس

386
في الذقن كأنه رد إلى ما وراءه.
والردة قبح في الوجه مع شيء من جمال يقال في وجهها ردة أي إن ثم ما يرد الطرف أي يرجعه عنها.
والمتردد الإنسان المجتمع الخلق كأن بعضه رد على بعض.
ويقال وفيه نظر إن المردودة الموسى وذلك أنها ترد في نصابها.
ويقال نهر مرد كثير الماء.
وهذا مشتق من ردة الشاة والناقة.
ومن الباب رجل مرد إذا طالت عزبته وهو من الذي ذكرناه من ردة الشاة كأن ماءه قد اجتمع في فقرته كما قال:
رأت غلاما قد صرى في فقرته * ماء الشباب عنفوان شرته
(رذ) الراء والذال كلمة واحدة تدل على مطر ضعيف.
فالرذاذ المطر الضعيف.
يقال يوم مرذ أي ذو رذاذ.
ويقال أرض مرذ عليها.
قال الأصمعي لا يقال مرذ ولا مرذوذة ولكن يقال مرذ عليها.
وكان الكسائي يقول هي أرض مرذة.
والله أعلم.
(باب الراء والزاء وما يثلثهما)
(رزغ) الراء والزاء والغين أصيل يدل على لثق وطين.
يقال أرزغ المطر إذا بل الأرض فهو مرزغ.
وكان الخليل يقول الرزغة أشد من الرذغة.
وقال قوم بخلاف ذلك.
ويقال أرزغت الريح أتت بالندى.
قال طرفة:

387
وأنت على الأدنى صبا غير قرة * تذاءب منها مرذغ ومسيل
وقولهم أرزغ فلان فلانا إذا عابه فهو من هذا لأنه إذا عابه فقد لطخه ويقال للمرتطم رزغ.
ويقال احتفر القوم حتى أرزغوا أي بلغوا الرزغ وهو الطين.
(رزف) الراء والزاء والفاء كلمتان تدل إحداهما على الإسراع والأخرى على الهزال.
فأما الأولى فالإرزاف الإسراع كذا حدثنا به علي بن إبراهيم عن ابن عبد العزيز عن أبي عبيد عن الشيباني.
وحدثنا به عن الخليل بالإسناد الذي ذكرناه أرزف القوم أسرعوا بتقديم الراء على الزاء والله أعلم.
قال الأصمعي رزفت الناقة أسرعت وأرزفتها أنا إذا أخببتها في السير.
والكلمة الأخرى الرزف الهزال وذكر فيه شعر ما أدري كيف صحته:
يا أبا النضر تحمل عجفي * إن لم تحمله فقد جارزفي
(رزق) الراء والزاء والقاف أصيل واحد يدل على عطاء لوقت ثم يحمل عليه غير الموقوت.
فالرزق عطاء الله جل ثناؤه.
ويقال رزقه الله رزقا والاسم الرزق.
والرزق بلغة أزدشنوءة الشكر من قوله جل ثناؤه: * (وتجعلون رزقكم) *.
الواقعة 82 وفعلت ذلك لما رزقتني أي لما شكرتني.

388
(رزم) الراء والزاء والميم أصلان متقاربان أحدهما جمع الشيء وضم بعضه إلى بعض تباعا والآخر صوت يتابع فلذلك قلنا إنهما متقاربان.
يقول العرب رزمت الشيء جمعته.
ومن ذلك اشتقاق رزمة الثياب.
والمرازمة في الطعام الموالاة بين حمد الله عز وجل عند الأكل.
ومنه الحديث.
(إذا أكلتم فرازموا).
ورازمت الشيء إذا لازمته.
ويقال رازمت الإبل المرعى إذا خلطت بين مرعيين.
ورازم فلان بين الجراد والتمر إذا خلطهما.
ويقال رجل رزم إذا برك على قرنه.
وهو في شعر الهذلي:
* مثل الخادر الرزم *
ورزمت الناقة إذا قامت من الإعياء وبها رزام.
وذلك القياس لأنها تتجمع من الإعياء ولا تنبعث.
والأصل الآخر الإرزام صوت الرعد وحنين الناقة في رغائها.
ولا يكون ذلك إلا بمتابعة فلذلك قلنا إن البابين متقاربان.
ويقولون لا أفعل ذلك ما أرزمت أم حائل.
الحائل الأنثى من ولد الناقة.
ورزمة السباع أصواتها.
والرزيم زئير الأسد.
قال:
* لأسودهن على الطريق رزيم *

389
فأما قولهم لا خير في رزمة لا درة معها فإنهم يريدون حنين الناقة.
يضرب مثلا لمن يعد ولا يفي.
والرزمة صوت الضبع أيضا.
ومما شذ عن الباب المرزمان نجمان.
قال ابن الأعرابي أم مرزم الشمال الباردة.
قال:
إذا هو أمسى بالحلاءة شاتيا * تقشر أعلى أنفه أم مرزم
(رزن) الراء والزاء والنون أصل يدل على تجمع وثبات.
يقولون رزن الشيء ثقل.
ورجل رزين وامرأة رزان.
والرزن نقرة في صخرة يجتمع فيها الماء.
قال:
* أحقب ميفاء على الرزون *
ويقال الرزن الأكمة والجمع رزون.
(رزأ) الراء والزاء والهمزة أصل واحد يدل على إصابة الشيء والذهاب به.
ما رزأته شيئا أي لم أصب منه خيرا.
والرزء المصيبة والجمع الأرزاء.
قال:
وارى أربد قد فارقني * ومن الأرزاء رزء ذو جلل
وكريم مرزا تصيب الناس من خيره.
(رزب) الراء والزاء والباء إن كان صحيحا فهو يدل على قصر

390
وضخم فالإرزب الرجل القصير الضخم.
والمرزبة معروفة.
وركب إرزب عظيم.
قال:
* إن لها لركبا إرزبا *
(رزح) الراء والزاء والحاء أصل يدل على ضعف وفتور.
فيقولون رزح إذا أعيا وهي إبل مرازيح ورزحى ورزاحى.
ويقولون إن أصله المرزح وهو ما تواضع من الأرض واطمأن.
وذكر في الباب كلام آخر ليس من القياس المذكور قال الشيباني المرزيح الصوت.
قال:
ذر ذا ولكن تبصر هل ترى ظعنا * تحدى لساقتها بالدو مرزيح
(باب الراء والسين وما يثلثهما)
(رسع) الراء والسين والعين أصل يدل على فساد.
يقولون الرسع فساد العين.
يقال رسع الرجل فهو مرسع.
ويقال رسعت أعضاؤه إذا فسدت.
(رسغ) الراء والسين والغين كلمة واحدة الرسغ وهو موصل الكف في الذراع والقدم في الساق.
والرساغ حبل يشد في رسغ الحمار ثم يشد إلى وتد.
ويقال أصاب المطر الأرض فرسغ وذلك إذا بلغ الماء الرسغ.

391
(رسف) الراء والسين والفاء أصيل يدل على مقاربة المشي فالرسف مشي المقيد ولا يكون ذلك إلا بمقاربة.
رسف يرسف ويرسف رسفا ورسيفا ورسفانا.
قال أبو زيد أرسفت الإبل إذا طردتها بأقيادها.
(رسل) الراء والسين واللام أصل واحد مطرد منقاس يدل على الانبعاث والامتداد.
فالرسل السير السهل.
وناقة رسلة لا تكلفك سياقا.
وناقة رسلة أيضا لينة المفاصل.
وشعر رسل إذا كان مسترسلا.
والرسل ما أرسل من الغنم إلى الرعي.
والرسل اللبن وقياسه ما ذكرناه لأنه يترسل من الضرع.
ومن ذلك حديث طهفة بن أبي زهير النهدي حين قال ولنا وقير كثير الرسل قليل الرسل.
يريد بالوقير الغنم يقول إنها كثيرة العدد قليلة اللبن.
والرسل القطيع هاهنا.
ويقال أرسل القوم إذا كان لهم رسل وهو اللبن.
ورسيل الرجل الذي يقف معه في نضال أو غيره كأنه سمي بذلك لأن إرساله سهمه يكون مع إرسال الآخر.
وتقول جاء القوم أرسالا يتبع بعضهم بعضا مأخوذ من هذا الواحد رسل.
والرسول معروف.
وإبل مراسيل أي سراع.
والمرأة المراسل التي مات بعلها فالخطاب يراسلونها.
وتقول على رسلك أي على هينتك وهو من الباب لأنه يمضي مرسلا من غير تجشم.
وأما إلا من أعطى في نجدتها ورسلها فإن النجدة الشدة.
يقال فيه نجدة أي شدة.
قال طرفة:

392
تحسب الطرف عليها نجدة * يا لقومي للشباب المسبكر
والرسل الرخاء.
يقول ينيل منها في رخائه وشدته.
واسترسلت إلى الشيء إذا انبعثت نفسك إليه وأنست.
والمرسلات الرياح.
والراسلان عرقان.
(رسم) الراء والسين والميم أصلان أحدهما الأثر والآخر ضرب من السير.
فالأول الرسم أثر الشيء.
ويقال ترسمت الدار أي نظرت إلى رسومها.
قال غيلان:
أأن ترسمت من خرقاء منزلة * ماء الصبابة من عينيك مسجوم
وناقة رسوم تؤثر في الأرض من شدة الوطء.
والثوب المرسم المخطط.
ويقال إن الترسم أن تنظر أين تحفر.
وهو كالتفرس.
قال:
* ترسم الشيخ وضرب المنقار *
ويقال إن الروسم شيء تجلى به الدنانير.
قال:
* دنانير شيفت من هرقل بروسم *

393
والروسم خشبة يختم بها الطعام.
وكل ذلك بابه واحد وهو من الأثر.
ويقال إن الرواسيم كتب كانت في الجاهلية.
وعلى ذلك فسر قوله:
* كأنها بالهدملات الرواسيم *
وقيل الراسم الماء الجاري فإن كان صحيحا فلأنه إذا جرى أثر وأبقى الرسم.
وأما الأصل الآخر فالرسيم ضرب من سير الإبل.
يقال رسم يرسم.
فأما أرسم فلا يقال:
وقول ابن ثور:
* غلامي الرسيم فأرسما *
فإنه يريد فأرسم الغلامان بعيريهما إذا حملاهما على الرسيم ولا يريد أن البعير أرسم.
(رسن) الراء والسين والنون أصل واحد اشترك فيه العرب والعجم وهو الرسن والجمع أرسان.
والمرسن الذي يقع عليه الرسن من أنف الناقة ثم كثر حتى قيل مرسن الإنسان.
ورسنت الرجل وأرسنته شددته بالرسن.
(رسى) الراء والسين والحرف المعتل أصل يدل على ثبات.
تقول رسا الشيء يرسو إذا ثبت.
والله جل ثناؤه أرسى الجبال أي أثبتها.
وجبل راس ثابت ورست أقدامهم في الحرب.
ويقال ألقت السحابة مراسيها،

394
إذا دامت.
والفحل إذا تفرقت عنه شوله فصاح بها استقرت فيقال عند ذلك رسا بها.
ومن الباب رسوت بين القوم رسوا إذا أصلحت.
وبقيت في الباب كلمة إن صحت فقياسها صحيح.
يقال رسوت عنه حديثا أرسوه إذا حدثت به عنه.
وفي ذلك إثبات شيء أيضا.
(رسب) الراء والسين والباء أصل واحد هو ذهاب الشيء سفلا من ثقل.
تقول رسب الحجر في الماء يرسب.
وحكى بعضهم رسبت عيناه غارتا.
فإن كان صحيحا فهو محمول على ما ذكرناه مشبه به.
والسيف الرسوب الذي يمضي في الضريبة فكأنه قد رسب فيها.
وراسب حي من العرب.
(رسح) الراء والسين والحاء أصيل فيه كلمة واحدة.
الرسحاء المرأة اللاصقة العجز الصغيرة الأليتين.
ورجل أرسح والذئب أرسح.
(رسخ) الراء والسين والخاء أصل واحد يدل على الثبات.
ويقال رسخ ثبت وكل راسخ ثابت.
(باب الراء والشين وما يثلثهما)
(رشف) الراء والشين والفاء أصل واحد وهو تقصي شرب الشيء.
والرشف استقصاء الشرب حتى لا يدع في الإناء شيئا.
رشف يرشف ويرشف.
وفي كتاب الخليل الرشف بقية الماء في الحوض.
والرشف أخذ الماء بالشفتين،

395
وهو فوق المص.
والرشوف المرأة الطيبة الفم.
ومعنى هذا أن ريقتها من طيبها تترشف.
(رشق) الراء والشين والقاف أصل واحد وهو رمي الشيء بسهم وما أشبهه في خفة.
فالرشق مصدر رشقه بسهم رشقا.
والرشق الوجه من الرمي إذا رمى القوم جميعهم قالوا رمينا رشقا.
قال أبو زبيد كل يوم ترميه منها برشق فمصيب أو صاف غير بعيد ومن الباب قولهم أرشقت إذا حددت النظر قال القطامي:
* وتروعني مقل الصوار المرشق *
ويقال رشقه بالكلام.
ومن الباب الرشيق الخفيف الجسم كأنه شبه بالسهم الذي يرشق به.
ومنه أرشقت الظبية مدت عنقها لتنظر.
(رشم) الراء والشين والميم كلمة واحدة لا يقاس عليها وليس في الباب غيرها.
وذلك الأرشم الذي يتشمم الطعام ويحرص عليه.
قال:
لقى حملته أمه وهي ضيفة * فجاءت بنز للنزالة أرشما
(رشن) الراء والشين والنون ليس أصلا ولا فيه ما يؤخذ به.
لكنهم يقولون.
رشن الكلب في الإناء أدخل رأسه والراشن الذي يتحين وقت الطعام فيأتي ولم يدع.
وفي كل ذلك نظر.

396
(رشى) الراء والشين والحرف المعتل أصل يدل على سبب أو تسبب لشيء برفق وملاينة.
فالرشاء الحبل الممدود والجمع أرشية.
ويقال للحنظل إذا امتدت أغصانه قد أرشى.
يعني أنه صار كالأرشية وهي الحبال.
ومن الباب رشاه يرشوه رشوا.
والرشوة الاسم.
وتقول ترشيت الرجل لا ينته.
ومنه قول امرئ القيس:
* تراشي الفؤاد *
ومن الباب استرشى الفصيل إذا طلب الرضاع وقد أرشيته إرشاء.
وراشيت الرجل إذا عاونته فظاهرته.
والأصل في ذلك كله واحد.
(رشأ) الراء والشين والهمزة كلمة واحدة وهي الرشأ مهموز وهو ولد الظبية.
(رشح) الراء والشين والحاء أصل واحد وهو الندى يبدو من الشيء.
فالرشح العرق.
يقال رشح بدنه بعرقه.
فأما قولهم يرشح لكذا فهو من هذا وأصله الوحشية إذا بلغ ولدها أن يمشي معها مشت به حتى يرشح عرقا فيقوى ثم استعير ذلك لكل من ربي فقيل يرشح للخلافة كأنه يربى لها.
والراشح الجبل يندى أصله.
ورشح الندى النبت إذا رباه.
وأرشحت الناقة إذا دنا فطام ولدها وذلك هو عندما تفعل.
وقال:

397
كأن فيه عشارا جلة شرفا * من آخر الصيف قد همت بإرشاح
(رشد) الراء والشين والدال أصل واحد يدل على استقامة الطريق.
فالمراشد مقاصد الطرق.
والرشد والرشد خلاف الغي.
وأصاب فلان من أمره رشدا ورشدا ورشده.
وهو لرشدة خلاف لغيه.
(باب الراء والصاد وما يثلثهما)
(رصع) الراء والصاد والعين أصل واحد يدل على عقد شيء بشيء كالتزيين له به.
يقال لحلية السيف رصيعة والجمع رصائع وذلك ما كان منها مستديرا.
وكل حلقة حلية مستديرة رصيعة.
قال الهذلي:
ضربناهم حتى إذا اربث جمعهم * وعاد الرصيع نهبة للحمائل
ومن الباب المراصع وهي التمائم سميت بذلك لأنها تعلق.
ويقال رصع الشيء إذا عقد.
ويقال رصع به إذا عبق.
ويجوز أن يكون الباقي من الكلم في هذا أصلا آخر يدل على خفة وصغر حجم فيقال لفراخ النخل الرصع الواحدة رصعة.
ويقال للمرأة الرسحاء رصعاء.
والرصع الضرب باليد ضربا خفيفا.
والترصع النشاط والخفة.

398
(رصغ) الراء والصاد والغين ليس أصلا.
لكن الخليل قال الرصغ لغة في الرسغ.
(رصف) الراء والصاد والفاء أصل واحد منقاس مطرد وهو ضم الشيء بعضه إلى بعض.
فالرصف ضم الحجارة بعضها إلى بعض.
والحجارة نفسها رصف.
ومن ذلك رصف الصخر في البناء.
والرصاف العقب يشد على فوق السهم.
وحكى الخليل الرصافة والرصفة أيضا.
والرصوف المرأة الصغيرة الفرج وكأن ذلك من تراصف الشيء ويقال هذا أمر لا يرصف بك أي لا يليق.
وعمل رصيف محكم.
وفلان رصيف فلان أي يعارضه في عمله.
(رصن) الراء والصاد والنون أصل واحد يدل على ثبات وكمال وإحكام.
تقول شيء رصين أي شديد ثابت.
وقد رصن رصانة وأرصنته أنا.
وحكى ناس فلان رصين بحاجتك أي حفي.
ويقال رصنت الشيء أكملته.
وقال أبو زيد رصنت الشيء معرفة.
والرصينان في ركبة الفرس أطراف القصب المركب في رضفة الفرس.
ومما شذ عن الباب قولهم هو رصين الجوف أي موجع الجوف.
قال:
* تقول إني رصين الجوف فاسقوني *
ويقولون رصنه بلسانه رصنا أي شتمه.
وفيه نظر.

399
(رصد) الراء والصاد والدال أصل واحد وهو التهيؤ لرقبة شيء على مسلكه ثم يحمل عليه ما يشاكله.
يقال أرصدت له كذا أي هيأته له كأنك جعلته على مرصده.
وفي الحديث إلا أن أرصده لدين علي.
وقال الكسائي رصدته أرصده أي ترقبته وأرصدت له أي أعددت.
والمرصد موقع الرصد.
والرصد القوم يرصدون.
والرصد الفعل.
والرصود من الإبل التي ترصد شرب الإبل ثم تشرب هي.
ويقال إن الرصدة الزبية كأنها للسبع ليقع فيها.
ويقال الرصيد السبع الذي يرصد ليثب.
وشذت عن الباب كلمة واحدة يقال الرصد أول المطر.
والله أعلم بالصواب.
(باب الراء والضاد وما يثلثهما)
(رضع) الراء والضاد والعين أصل واحد وهو شرب اللبن من الضرع أو الثدي.
تقول رضع المولود يرضع.
ويقال لئيم راضع وكأنه من لؤمه يرضع إبله لئلا يسمع صوت حلبه.
ويقال امرأة مرضع إذا كان لها ولد ترضعه.
فإن وصفتها بإرضاعها الولد قلت مرضعة.
قال الله جل ثناؤه: * (يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت الحج 2) *.
والراضعتان الثنيتان اللتان يشرب عليهما.
وذكر بعضهم أن أهل نجد يقولون رضع يرضع على وزن فعل يفعل.
وأنشد:

400
وذموا لنا الدنيا وهم يرضعونها * أفاويق حتى ما يدر لها الثعل
وهو أخوه من الرضاعة بفتح الراء.
والرضاع مصدر راضعته.
وهو رضيعي كالرسيل والأكيل.
والرضوعة الشاة التي ترضع.
(رضف) الراء والضاد والفاء أصل واحد يدل على إطباق شيء على شيء.
فالرضفة عظم منطبق على الركبة فأما الرضف فحجارة تحمى يوغر بها اللبن ولا يكون ذلك بحجر واحد.
وفي الحديث: (كان يعجل القيام كأنه على الرضف).
والرضيف اللبن يحلب على الرضف يؤكل.
ويقال شواء مرضوف يشوى على الرضف.
فأما قول الكميت:
ومرضوفة لم تؤن في الطبخ طاهيا * عجلت على محورها حين غرغرا
فإنه يريد القدر التي أنضجت بالرضف وهي الحجارة التي مضى ذكرها ذكر ابن دريد رضفت الوسادة ثنيتها في لغة اليمن.
(رضم) الراء والضاد والميم قريب من الباب الذي قبله كأنه رمي الحجارة بعضها على بعض.
فالرضيم البناء بالصخر.
والرضام الصخور واحدتها رضمة.
ورضم فلان بيته بالحجارة وبرذون مرضوم العصب إذا تشنج عصبه فصار بعضه على بعض.
ورضم البعير بنفسه إذا رمى بنفسه.

401
(رضن) الراء والضاد والنون تشبه الباب الذي قبلها.
فالمرضون من الحجارة المنضود.
(رضى) الراء والضاد والحرف المعتل أصل واحد يدل على خلاف السخط.
تقول رضي يرضى رضي.
وهو راض ومفعوله مرضي عنه.
ويقال إن أصله الواو لأنه يقال منه رضوان.
قال أبو عبيد راضاني فلان فرضوته.
ورضوى جبل وإذا نسب إليه رضوي.
(رضب) الراء والضاد والباء كلمة واحدة تدل على ندى قليل.
فالراضب من المطر سح منه.
قال:
خناعة ضبع دمجت في مغارة * وأدركها فيها قطار وراضب
ومنه الرضاب وهو ما يرضبه الإنسان من ريقه كأنه يمتصه.
(رضح) الراء والضاد والحاء كلمة واحدة تدل على كسر.
الشيء والرضح كسر الشيء كدق النوى وما أشبهه وذلك الشيء رضيح قال الأعشى.
نماها السوادي الرضيح مع الخلا * وسقيي وإطعامي الشعير بمحفد
(رضخ) الراء والضاد والخاء كلمة تدل على كسر ويكون يسيرا ثم يشتق منه.
فالرضخ الكسر وهو الأصل ثم يقال رضخ له إذا أعطاه

402
شيئا ليس بالكثير كأنه كسر له من ماله كسرة.
ومنه حديث مالك بن أوس حين قال له عمر إنه قد دفت علينا دافة من قومك وإني أمرت لهم برضخ.
ويقال تراضخ القوم تراموا كأن كل واحد منهم يريد رضخ صاحبه.
والرضخ من الخبر الذي تسمعه ولا تستيقن منه.
ويقال فلان يرتضخ لكنة إذا شاب كلامه بشيء من كلام العجم يسير.
(باب الراء والطاء وما يثلثهما)
(رطع) الراء والطاء والعين ليس بشيء إلا أن ابن دريد ذكر أنهم يقولون رطعها إذا نكحها وليس ذلك بشيء.
(رطل) الراء والطاء واللام كالذي قبله إلا أنهم يقولون للشيء يكال به رطل.
ويقولون غلام رطل شاب ورطل شعره كسره وثناه وليس هذا وما أشبهه من محض اللغة.
(رطم) الراء والطاء والميم كلمة تدل على ارتباك واحتباس.
يقولون ارتطم على الرجل أمره إذا سدت عليه مذاهبه.
ويقولون ارتطم في الوحل ومن الباب تسميتهم اللازم للشيء راطما.
والرطوم الأحمق وسمي بذلك لأنه يرتطم في أموره ومن الباب الرطام وهو احتباس نجو البعير.
ويقولون رطمها إذا نكحها وقد قلنا إن هذا وشبهه مما لا يكون من محض اللغة.

403
(رطن) الراء والطاء والنون بناء ليس بالمحكم ولا له قياس في كلامهم إلا أنهم يقولون تراطنوا إذا أتوا بكلام لا يفهم ويخص بذلك العجم قال:
فأثار فارطهم غطاطا جثما * أصواته كتراطن الفرس
ويقال الرطانة الإبل معها أهلها قال:
* رطانة من يلقها يخيب *
(رطو) الراء والطاء والواو ليس بشيء.
وربما قالوا رطاها ورطأها إذا جامعها.
ومما يقرب من هذا في الضعف قولهم للأحمق.
رطي.
(رطب) الراء والطاء والباء أصل واحد يدل على خلاف اليبس.
من ذلك الرطب والرطيب.
والرطب المرعى بضم الراء.
والرطب معروف.
ويقال أرطب النخل إرطابا.
ورطبت القوم ترطيبا إذا أطعمتهم رطبا.
والرطاب من النبت.
تقول رطبت الفرس أرطبه رطبا ورطوبا.
والرطبة اسم للقضب خاصة ما دام رطبا.
وريش رطيب أي ناعم.
وحكى ناس عن أبي زيد رطب الرجل بما عنده يرطب إذا تكلم بما كان عنده من خطأ أو صواب.
والله أعلم.

404
(باب الراء والعين وما يثلثهما)
(رعف) الراء والعين والفاء أصل واحد يدل على سبق وتقدم.
يقال فرس راعف سابق متقدم.
ورعف فلان بفرسه الخيل إذا تقدمها.
قال الأعشى:
به ترعف الألف إذ أرسلت * غداة الصباح إذا النقع ثارا
ومن الباب رعفت ورعفت.
والرعاف فيما يقال الدم بعينه.
والأصل أن الرعاف ما يصيب الإنسان من ذلك على فعال كما يقال في الأدواء.
ويقولون للرماح رواعف قيل ذلك من أجل أنها تقدم للطعن.
ويقال بل سميت لما يقطر منها الدم.
والأصل فيه كله واحد.
وراعوفة البئر حجر يتقدم من طيها نادرا يقوم عليه الساقي.
وأرعف فلان فلانا إذا أعجله.
وجاء في الراعوفة أنه سحر وجعل سحره في جف طلعة ودفن تحت راعوفة البئر.
والراعف أنف الجبل ويجمع رواعف.
وطرف الأرنبة راعف.
ويقال أرعف فلان قربته إرعافا إذا ملأها حتى ترعف.
قال:
* يرعف أعلاها من امتلائها *

405
(رعق) الراء والعين والقاف ليس أصلا بل هو صوت من الأصوات.
فالرعاق صوت يخرج من قنب الدابة الذكر كما يسمع الرعيق من ثفر الأنثى.
تقول رعق رعقا ورعاقا.
(رعك) الراء والعين والكاف) كلمة واحدة.
يقولون الراعك من الرجال الأحمق.
(رعل) الراء والعين واللام معظم بابه أصلان أحدهما جماعة والآخر شيء ينوس ويضطرب.
فالأول الرعلة القطعة من الخيل.
والرعيل مثل الرعلة.
وقال طرفة في الرعال وجعلها للطير:
ذلق في غارة مسفوحة * كرعال الطير أسرابا تمر
وأراعيل الرياح أوائلها.
وحكى ابن الأعرابي تركت عيالا رعلة أي كثيرة.
فأما قوله:
أبأنا بقتلانا وسقنا بسبينا * نساء وجئنا بالهجان المرعل
فالمعنى المجمع من القياس الذي ذكرناه.
ويقال المرعل السمين المختار وليس ببعيد إلا أن القول الأول أقيس.
والأصل الثاني الرعلة ما يقطع من أذن الشاة ويترك معلقا ينوس كأنه زنمة.
وناقة رعلاء إذا فعل بها ذلك.
قال الفند الزماني:

406
رأيت الفتية الأعزال * مثل الأينق الرعل
قال ابن الأعرابي مر فلان يجر رعله وأراعيله أي ثيابه وشاة رعلاء طويلة الأذن.
ويقال للذي تهدل أطرافه من الثياب أرعل.
ومما شذ عن البابين وقد يمكن من أحدهما الرعلة وهي النعامة.
ويقال إن الراعل فحال بالمدينة.
(رعم) الراء والعين والميم كلمتان متباينتان بعيد ما بينهما.
فالأولى الرعام شيء يسيل من أنف الشاة لداء يصيبها يقال منه شاة رعوم.
والكلمة الثانية شيء ذكره الخليل.
قال رعم الشمس يرعمها إذا رقب غيبوبتها.
وذكر أنه في شعر الطرماح.
(رعن) الراء والعين والنون أصلان أحدهما يدل على تقدم في شيء والآخر يدل على هوج واضطراب.
فالأول الرعن الأنف النادر من الجبل.
قال ابن دريد وسميت البصرة رعناء لأنها تشبه برعن الجبل.
وهو قول الفرزدق:
لولا ابن عتبة عمرو والرجاء له * ما كانت البصرة الرعناء لي وطنا
ويقال جيش أرعن إذا كانت له فضول كرعون الجبال.

407
والأصل الآخر قولهم أرعن مسترخ.
قالوا هو من رعنته الشمس إذا آلمت دماغه.
يقال من ذلك رجل مرعون.
ويقال رعن الرجل يرعن رعنا فهو أرعن أي أهوج والمرأة الرعناء.
فأما قوله جل ثناؤه * (لا تقولوا راعنا البقرة 104) * فهي كلمة كانت اليهود تتساب بها وهو من الأرعن.
ومن قرأها * (راعنا) * منونة فتأويلها لا تقولوا حمقا من القول.
وهو من الأول لأنه يكون كلاما أرعن أي مضطربا أهوج.
ويقال رحلوا رحلة رعناء أي مضطربة.
قال:
* ورحلوها رحلة فيها رعن *
وذلك إذا لم تكن على الاستقامة.
(رعى) الراء والعين والحرف المعتل أصلان أحدهما المراقبة والحفظ والآخر الرجوع.
فالأول رعيت الشيء رقبته ورعيته إذا لاحظته.
والراعي الوالي قال أبو قيس:
ليس قطا مثل قطى ولا * ال مرعي في الأقوام كالراعي
والجميع الرعاء وهو جمع على فعال نادر ورعاة أيضا.
وراعيت الأمر نظرت إلام يصير.
ورعيت النجوم رقبتها.
قالت الخنساء:
أرعى النجوم وما كلفت رعيتها * وتارة أتغشى فضل أطماري

408
والإرعاء الإبقاء وهو من ذاك الأصل لأنه يحافظ على ما يحافظ عليه.
قال ذو الإصبع:
عذير الحي من عدوان * كانوا حية الأرض
بغى بعض على بعض * فلم يرعوا على بعض
ورجل ترعية وترعاية حسن الرعية بالإبل.
ومن الباب أرعيته سمعي أصغيت إليه.
وأرعني سمعك بكسر العين أي ليرقب سمعك ما أقوله.
والأصل الآخر ارعوى عن القبيح إذا رجع.
وحكى بعضهم فلان حسن الرعو والرعو والرعوى.
ومن الشاذ عن الأصلين الرعاوى والرعاوى وهي الإبل التي يعتمل عليها.
قالت امرأة تخاطب بعلها:
تمششتني حتى إذا ما تركتني * كنضو الرعاوى قلت إني ذاهب
وممكن أن يكون هذا من الأصل لأنها تهرم فترد إلى حال سيئه كما قال جل ثناؤه: * (من يرد إلى أرذل العمر النحل 70 الحج 5) *.
(رعب) الراء والعين والباء أصول ثلاثة أحدها الخوف والثاني الملء والآخر القطع.

409
فالأول الرعب وهو الخوف رعبته رعبا والاسم الرعب.
ويقال إن الرعب رقية يزعمون أنهم يرعبون ذا السحر بكلام أي يفزعونه.
وفاعله راعب ورعاب.
والأصل الآخر قولهم سيل راعب إذا ملأ الوادي ورعبت الحوض إذا ملأته.
والثالث قولهم للشيء المقطع مرعب.
ويقال للقطعة من السنام رعبوبة.
وتسمى الشطبة من النساء رعبوبة تشبيها لها بقطعة السنام.
ويقال سنام مرعوب إذا كان يقطر دسما.
(رعث) الراء والعين والثاء أصل واحد وهو تزين شيء بشيء.
فالرعث العهن من الصوف وهو يزين به.
والرعاث القرطة واحدتها رعثة.
وفي كتاب الخليل الرعاث ضرب من الخرز والحلى.
قال:
* وما حليت إلا الرعاث المعقدا *
ومما شبه بهذا وحمل عليه رعثة الديك وهي عثنونه كأنها شبهت برعث العهن.
قال:
* من صوت ذي رعثاث ساكن الدار *

410
(رعج) الراء والعين والجيم أصل يدل على نضارة وحسن وخصب وامتلاء.
ويقال ارض مرعاج ورعجة إذا كانت خصبة.
ومن النضارة والحسن إرعاج البرق وهو تلألؤه.
(رعد) الراء والعين والدال أصل واحد يدل على حركة واضطراب.
وكل شيء اضطرب فقد ارتعد.
ومنه الرعديدة والرعديد الجبان.
وأرعدت فرائص الرجل عند الفزع.
والرعديدة المرأة الرخصة والجمع رعاديد.
ومن الباب الرعد وهو مصع ملك يسوق السحاب.
والمصع الحركة والذهاب والمجيء.
ويقال مصعت الدابة بذنبها إذا حركته.
ثم يتصرف في الرعد فيقال رعدت السماء وبرقت ورعد الرجل وبرق إذا أوعد وتهدد.
وأجازوا أرعد وأبرق.
وأنشد:
أرعد وأبرق يا يزيد * فما وعيدك لي بضائر
وفي أمثالهم صلف تحت الراعدة للذي يكثر الكلام ولا خير عنده.
والصلف قلة النزل.
ويقال أرعدنا وأبرقنا.
إذا سمعنا الرعد ورأينا البرق.
ومن أمثالهم جاء بذات الرعد والصليل إذا جاء بشر وغزو.
ويقال إن ذات الرعد والصليل الحرب.
وذات الرواعد الداهية.

411
(رعز) الراء والعين والزاء ليس بشيء.
على أنهم يقولون المراعز المعاتب.
(رعس) الراء والعين والسين أصيل يدل على ضعف.
قال الفراء رعست في المشي إذا مشيت مشيا ضعيفا من إعياء أو غيره.
وقال بعضهم الارتعاس كالارتعاش والانتفاض.
قال:
يبري بإرعاس يمين المؤتلي * خضمة الذراع هذ المختلي
(رعش) الراء والعين والشين في معنى الباب قبله من الاضطراب والارتعاد.
ورجل جبان رعش.
وجمل رعشن وذلك اهتزازه في سيره والنون زائدة.
والرعشاء من النعام السريعة.
(رعص) الراء والعين والصاد في معنى الباب الذي قبله.
فالرعص الاضطراب ويقال ارتعصت الحية تلوت.
قال:
أنى لا أسعى إلى داعية * إلا ارتعاصا كارتعاص الحية
ويقال ارتعص الجدي إذا طفر من النشاط.
(رعظ) الراء والعين والظاء كلمة واحدة لا يقاس ولا يتفرع.
فالرعظ مدخل النصل في السهم.
وحكى الخليل إن فلانا ليكسر عليك أرعاظ النبل إذا كان يتغضب.
ويقال سهم رعظ إذا غاب في رعظه.

412
(باب الراء والغين وما يثلثهما)
(رغف) الراء والغين والفاء كلمة واحدة.
فالرغيف معروف ويجمع على الرغفان والأرغفة والرغف.
قال:
* إن الشواء والنشيل والرغف *
وهاهنا كلمة أخرى إن صحت.
زعموا أن الإرغاف تحديد النظر.
(رغل) الراء والغين واللام أصل واحد وهو اغتفال شيء وأخذه.
ثم يشتق منه ويحمل.
فالرغل اختلاس في غفلة.
والرغلة رضاعة في غفلة.
قال أبو زيد يقال رم رغول إذا اغتنم كل شيء وأكله.
قال أبو وجزة:
رم رغول إذا اغبرت موارده * ولا ينام له جار إذا اخترفا
يقول إذا أجدب لم يحقر شيئا وشره إليه وإن اخترف وأخصب لم ينم جاره خوفا من غائلته.
والرغول الشاة ترضع الغنم.
فأما الأرغل وهو الأقلف فليس من الباب لأنه مقلوب عن الأغرل وقد ذكر في بابه.
ويقال عيش أرغل أي واسع رافه.
وهذا لعله من أرغلت الأرض إذا أنبتت الرغل وهو من أحرار البقول.
(رغم) الراء والغين والميم أصلان أحدهما التراب والآخر المذهب.
فالأول الرغام وهو التراب.
ومنه أرغم الله أنفه أي ألصقه بالرغام.
ومنه

413
حديث عائشة في الخضاب (اسلتيه ثم أرغميه) تقول ألقيه في الرغام.
هذا هو الأصل ثم حمل عليه فقال الخليل الرغم أن يفعل ما يكره الإنسان.
ورغم فلان إذا لم يقدر على الانتصاف.
قال والرغام اسم رملة بعينها.
ويقال راغم فلان قومه نابذهم وخرج عنهم.
والأصل الآخر المراغم وهو المذهب والمهرب في قوله جل ثناؤه: * (يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة النساء 100) *.
وقال الجعدي:
* عزيز المراغم والمهرب *
ويقال ما لي عن ذاك الأمر مراغم أي مهرب.
ومما شذ عن الأصلين الرغامي قال قوم هي الأنف وقال آخرون زيادة الكبد.
قال الشماخ:
* لها بالرغامى والخياشيم جارز *
(رغن) الراء والغين والنون فيه كلام إن صح يقولون الإرغان الإصغاء إلى الإنسان والقبول له والرضا به.
والرغن كذلك أيضا.
وحكوا عن

414
الفراء لا ترغنن له في ذاك أي لا تطعه فيه.
ورغن إلى الصلح مثل ركن والله أعلم كيف هذا.
(رغو) الراء والغين والحرف المعتل أصلان أحدهما شيء يعلو الشيء والآخر صوت.
فالأول الرغوة والرغوة للبن زبدة والجمع رغى.
وارتغى الرجل شرب الرغوة يقولون يسر حسوا في ارتغاء.
يضرب مثلا لمن يظهر أمرا ويريد خلافه.
ورغى اللبن من الرغوة.
والمرغاة الشيء من الخبز أو التمر يؤكل به الرغوة.
وكلام مرغ لم يفسر كأن عليه رغوة.
والأصل الآخر الرغاء رغاء الناقة والضبع وهو صوتهما.
ويقال ما له ثاغية ولا راغية أي شاة ولا ناقة.
وأتيت فلانا فما أثغى ولا أرغى أي لم يعطني شاة ولا ناقة.
(رغب) الراء والغين والباء أصلان أحدهما طلب لشيء والآخر سعة في شيء.
فالأول الرغبة في الشيء الإرادة له.
رغبت في الشيء فإذا لم ترده قلت

415
رغبت عنه.
ويقال من الرغبة رغب يرغب رغبا ورغبا ورغبة ورغبى مثل شكوى.
والآخر الشيء الرغيب الواسع الجوف.
يقال حوض رغيب وسقاء رغيب.
ويقال فرس رغيب الشحوة.
والرغيبة العطاء الكثير والجمع رغائب.
قال:
* وإلى الذي يعطي الرغائب فارغب *
والرغاب الأرض الواسعة.
وقد رغبت رغبا.
(رغث) الراء والغين والثاء أصل يدل على الرضاع.
يقال رغث الجدي أمه رضعها.
فأما قولهم برذونة رغوث فقد اختلف فيه.
فكان الخليل يقول الرغوث.
كل مرضعة وذكر قول طرفة.
ليت لنا مكان الملك عمرو * رغوثا حول قبتنا تخور
وكان ابن دريد يقول فعيل في معنى مفعولة لأنها مرغوثة.
يريد أنه يرتضع لبنها.
ولعل هذا أصح القولين.
وقال الأحمر يقال للرجل إذا كثر عليه السؤال حتى ينفد ما عنده مرغوث.
والرغثاء أصل الضرع وهو القياس لأن المرتضع يعمد له.
ثم شبه بذلك غيره قيل لمضيغتين بين الثندوة والمنكب بجانبي الصدر رغثاوان.

416
(رغد) الراء والغين والدال أصلان أحدهما أطيب العيش والآخر خلافه.
فالأول عيش رغد ورغيد.
أي طيب واسع.
وقد أرغد القوم إذا أخصبوا.
ويقال إن الرغيدة في بعض اللغات الزبدة.
وأرغد الرجل ماشيته إذا تركها وسومها.
والأصل الآخر المرغاد الذي تغير حاله في جسمه ضعفا.
ومن ذلك المرغاد الشاك في رأيه لا يدري كيف يصدره.
(رغس) الراء والغين والسين أصل واحد يدل على بركة ونماء.
يقولون الرغس النماء والبركة والخير.
قال العجاج:
* حتى رأينا وجهك المرغوسا *
ويقال الرغس النعمة في قوله:
* تراه منصورا عليه الأرغس *
وفي الحديث (أن رجلا أرغسه الله مالا) أي خوله إياه وبارك له فيه.

417
(باب الراء والفاء وما يثلثهما)
(رفق) الراء والفاء والقاف أصل واحد يدل على موافقة ومقاربة بلا عنف.
فالرفق خلاف العنف يقال رفقت أرفق.
وفي الحديث:
(إن الله جل ثناؤه يحب الرفق في الأمر كله).
هذا هو الأصل ثم يشتق منه كل شيء يدعو إلى راحة وموافقة.
والمرفق مرفق الإنسان لأنه يستريح في الاتكاء عليه.
يقال ارتفق الرجل إذا اتكأ على مرفقه في جلوسه.
ومن ذلك الحديث لما سأل الأعرابي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل له (هو ذاك الأمغر المرتفق) أي المتكئ على مرفقه.
ويقال فيه مرفق ومرفق حكاهما ثعلب.
والرفقة الجماعة ترافقهم في سفرك واشتقاقه من الباب للموافقة ولأنهم إذا تماشوا تحاذوا بمرافقهم.
قال الخليل الرفقة في السفر الجماعة الذين يرافقونك فإذا تفرقتم ذهب اسم الرفقة.
قال والرفيق الذي يرافقك وهو أن يجمعك وإياه رفقة وليس يذهب اسمه إذا تفرقتما.
والمرفق الأمر الرافق بك.
والرفاق حبل يشد به مرفق البعير إلى وظيفة وهو قوله:
* كذات الضغن تمشي في الرفاق *
والمرفق المرحاض والجمع مرافق.
ويقال ارتفق الرجل ساهرا إذا بات.

418
على مرفقه لا ينام.
وشاة مرفقة يداها بيضاوان إلى المرفقين.
والرفق انفتال عن الجنب ناقة رفقاء وجمل أرفق.
ويقال ماء رفق ومرتع رفق أي سهل المطلب.
(رفل) الراء والفاء واللام أصل واحد يدل على سعة ووفور.
من ذلك رفل في ثيابه يرفل وذلك إذا طالت عليه فجرها.
والرفل الفرس الطويل الذنب.
(رفن) الراء والفاء والنون ليس أصلا وإنما النون في رفن مبدلة من لام لأنه في الأصل رفل.
فأما قولهم ارفأن إذا سكن فإن النون فيه زائدة.
(رفة) الراء والفاء والهاء أصل واحد يدل على نعمة وسعة مطلب.
من ذلك الرفة وهو أن ترد الإبل كل يوم متى شاءت.
قال الشاعر:
يشربن رفها عراكا غير صادرة * وكلها كارع في الماء مغتمر
ومن ذلك الرفاهة في العيش والرفاهية.
ويقال بيننا وبين فلان ليلة رافهة أي لينة السير لا تعيي.
ومن ذلك الإرفاه كثرة التدهن وهو من الرفه الذي ذكرناه.
ورفه عنه إذا نفس عنه الكرب.

419
(رفوأ) الراء والفاء والحرف المعتل أو الهمزة أصل واحد يدل على موافقة وسكون وملاءمة.
من ذلك رفوت الثوب أرفوه.
ورفأته أرفؤه.
ورفوت الرجل إذا سكنته من رعب.
قال:
رفوني وقالوا يا خويلد لا ترع * فقلت وأنكرت الوجوه هم هم
والمرافاة الاتفاق.
قال:
ولما أن رأيت أبا رويم * يرافيني ويكره أن يلاما
والرفاء الاتفاق والالتحام.
ومن ذلك الحديث (أنه نهى أن يقال بالرفاء والبنين).
يقال ذلك للمملك.
ومن الباب أرفأت إليه إذا لجأت إليه.
وأرفأت فلانا في البيع إذا زدته محاباة.
ومنه أرفأت السفينة إذا قربتها للشط.
وذلك المكان مرفأ.
ومما شذ عن الباب اليرفئي قال قوم هو راعي الغنم وقال قوم هو الظليم.
ويقال بل كل نافر يرفئي.
(رفت) الراء والفاء والتاء أصل واحد يدل على فت ولي.
يقال رفت الشيء بيدي إذا فتته حتى صار رفاتا.
وارفت الحبل إذا انقطع.
واشتق منه رفت عنقه إذا دقها ولفتها [و] لواها.

420
(رفث) الراء والفاء والثاء أصل واحد وهو كل كلام يستحيا من إظهاره.
وأصله الرفث وهو النكاح.
قال الله جل ثناؤه: * (أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم البقرة 187) *.
والرفث: [الفحش] في الكلام.
يقال أرفث ورفث.
(رفد) الراء والفاء والدال أصل واحد مطرد منقاس وهو المعاونة والمظاهرة بالعطاء وغيره فالرفد مصدر رفده يرفده إذا أعطاه.
والاسم الرفد.
وجاء في الحديث (ويكون الفيء رفدا) أي يكون صلات لا يوضع مواضعه.
ويقال ارتفدت من فلان أصبت من كسبه.
وأرفدت المال اكتسبته.
والرافد المعين والمرفد أيضا.
ورفد بنو فلان فلانا إذا سودوه عليهم وعظموه وهو مرفد.
والرافدان دجلة والفرات.
قال الفرزدق:
بعثت على العراق ورافديه * فزاريا أحذ يد القميص
وترافدوا إذا تعاونوا عليه والرفادة شيء كانت قريش ترافد به في الجاهلية يخرج كل إنسان شيئا ثم يشترون به للحاج طعاما وزبيبا وشرابا.
والروافد خشب السقف وهو من الباب لأنه يرفد بها السقف.
قال:
روافده أكرم الرافدات * بخ لك بخ لبحر خضم
والمرفد العظامة التي تعظم بها الرسحاء عجيزتها.
ومن الباب الرفد وهو القدح الضخم وهو الرفد والمرفد أيضا.

421
ويقال المرفد الإناء الذي يقرى فيه.
والرفود الناقة تملأ الرفد وهو القدح الضخم في حلبة واحدة.
والرفيدات قوم من العرب.
(رفز) الراء والفاء والزاء ليس هو عندنا أصلا لكنهم قالوا إن الرفز الضرب يقال ما يرفز منه عرق أي ما يضرب.
قال:
وبلدة للداء فيها غامز * ميت بها العرق الصحيح الرافز
(رفس) الراء والفاء والسين قريب من الباب الذي قبله إلا أن في كتاب الخليل الرفس الصدمة في الصدر بالرجل.
(رفش) الراء والفاء والشين ليس شيئا.
ويقولون الرفش الأكل.
(رفص) الراء والفاء والصاد فيه كلمة واحدة.
يقولون ارتفص السعر غلا.
فأما الرفصة فالماء يكون بين القوم نوبة.
ويقال إنه مقلوب من الفرصة.
يقال هم يتفارصون الماء بينهم ويترافصون إذا تناوبوا.
وقد كتب الباب في موضعه.
(رفض) الراء والفاء والضاد أصل واحد وهو الترك ثم يشتق منه.
يقال رفضت الشيء تركته.
هذا هو الأصل ثم يشتق منه ارفض الدمع من العين سال كأنه ترك موضعه.
وكل متفرق مرفض.
ويقال للطريق المتفرقة أخاديده رفاض.
قال:

422
كالعيس فوق الشرك الرفاض *
والرفض الفرق في قول ذي الرمة:
* بها رفض من كل خرجاء صعلة *
أي فرق.
وفي القربة رفض من ماء مثل الجرعة كأنها رفضت فيه.
يقال فيه رفضت.
ورفوض الأرض مواضع لا تملك كأنها رفضت.
والروافض جنود تركوا أميرهم وانصرفوا.
ويقال رجل رفضة للذي يمسك الشيء ثم لا يلبث أن يدعه ويقال رفض النخل وذلك إذا انتشر عذقه وسقط قيقاؤه ويقال في أرض بني فلان رفوض من كلأ إذا كان متفرقا بعيدا بعضه من بعض وقال بعضهم مرافض الوادي مفاجره وذلك حيث يرفض إليه السيل.
قال ابن السكيت راع رفضه قبضة للذي يقبض الإبل ويجمعها فإذا صار إلى الموضع الذي تحبه وتهواه رفضها فتركها ترعى حيث شاءت تذهب وتجيء.
(رفع) الراء والفاء والعين أصل واحد يدل على خلاف الوضع.
تقول رفعت الشيء رفعا وهو خلاف الخفض.
ومرفوع الناقة في سيرها خلاف الموضوع.
قال طرفة.

423
موضوعها زول ومرفوعها * كمر صوب لجب وسط ريح
يقال رفع البعير ورفعته أنا.
ومن الباب الرفع تقريب الشيء.
قال الله جل ثناؤه: * (وفرش مرفوعة البقرة 34) * أي مقربة لهم.
ومن ذلك قوله رفعته للسلطان ومصدر ذلك الرفعان ويقال للناقة إذا رفعت اللبأ في ضرعها هي رافع.
والرفع إذاعة الشيء وإظهاره.
ومنه الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(كل رافعة رفعت علينا من البلاغ فقد حرمتها) أي كل جماعة مبلغة تبلغ عنا فلتبلغ أني حرمت المدينة.
وذلك كقولهم رفع فلان على العامل وذلك إذا أذاع خبره ورفع الزرع أن يحمل بعد الحصاد إلى البيدر يقال هذه أيام الرفاع.
(رفغ) الراء والفاء والغين كلمة تدل على ضعة ودناءة.
فالرفغ ألأم الوادي وشره ترابا.
والرفغ أصل الفخذ وكل موضع اجتمع فيه الوسخ.
وفي الحديث: (كيف لا أوهم ورفغ أحدكم بين ظفره وأنملته).
والأرفاغ من الناس السفلة.
فأما قولهم عيش رافغ ورفيغ طيب واسع فهذا له وجهان إما أن يكون الغين منقلبة عن الهاء فيكون من الرفه وإما أن يكون شبه ماله في كثرته برفغ التراب يراد به الكثرة.

424
(باب الراء والقاف وما يثلثهما)
(رقل) الراء والقاف واللام أصلان أحدهما طول في شيء والآخر ضرب من المشي.
فأما الأول فالرقل النخل الطوال واحدتها رقلة وتجمع في القلة رقلات.
والراقول حبل تصعد به النخلة.
والأصل الثاني أرقلت الناقة وهو ضرب من المشي وهي مرقل ولا يكون إلا بسرعة.
وهاشم بن عتبة المرقال لإرقاله كان في الحروب.
قال الراجز في أرقلت الناقة:
* والمرقلات كل سهب سملق *
(رقم) الراء والقاف والميم أصل واحد يدل على خط وكتابة وما أشبه ذلك.
فالرقم الخط.
والرقيم الكتاب.
ويقال للحاذق في صناعته هو يرقم في الماء.
قال:
سأرقم في الماء القراح إليكم * على نأيكم إن كان في الماء راقم
وكل ثوب وشي فهو رقم.
والأرقم من الحيات ما على ظهره كالنقش.
قال الخليل بن أحمد الرقم تعجيم الكتاب.
يقال كتاب مرقوم إذا بينت.

425
حروفه بعلاماتها من التنقيط.
ورقمتا الفرس والحمار الأثران بباطن أعضادها ويقال للروضة رقمة وإنما سميت بذلك لأنها كالرقم على الأرض.
ويقال لأرض بها نبات قليل مرقومة.
ومما شذ عن الباب قولهم للداهية الرقم.
وليس ببعيد أن يكون من قياس الباب لأنها إذا نزلت أثرت.
(رقن) الراء والقاف والنون باب يقرب من الباب الذي قبله.
يقال رقنت الكتاب قاربت بين سطوره.
وترقنت المرأة تلطخت بالزعفران.
والرقون والرقان الزعفران.
والمرقون المنقوش.
ويقال للمرأة الحسنة اللون الناعمة راقنة.
(رقى) الراء والقاف والحرف المعتل أصول ثلاثة متباينة أحدهما الصعود والآخر عوذة يتعوذ بها والثالث بقعة من الأرض.
فالأول قولك رقيت في السلم أرقى رقيا.
قال الله جل ثناؤه: * (أو ترقى في السماء ولن نؤمن لرقيك الإسراء 93) *.
والعرب تقول ارق على ظلعك أي اصعد بقدر ما تطيق.
والثاني رقيت الإنسان من الرقية.
والثالث الرقوة فويق الدعص من الرمل.
ويقال رقو بلا هاء.
وأكثر ما يكون إلى جانب واد.
(رقأ) الراء والقاف والهمزة كلمة واحدة.
يقال رقأ الدم والدمع،

426
إذا انقطعا.
وفي كلامهم لا تسبوا الإبل فإن فيها رقوء الدم أي إنها تدفع في الدية فيرقأ دم من يراد منه القود.
(رقب) الراء والقاف والباء أصل واحد مطرد يدل على انتصاب لمراعاة شيء.
من ذلك الرقيب وهو الحافظ.
يقال منه رقبت أرقب رقبة ورقبانا.
والمرقب المكان العالي يقف عليه الناظر.
والرقيب الموكل في الميسر بالضريب.
ومن ذلك اشتقاق الرقبة لأنها منتصبة ولأن الناظر لا بد ينتصب عند نظره.
والمرقب الجلد يسلخ من قبل رأسه ورقبته ورقابة الرحل الوغد الذي يرقب للقوم رحلهم إذا غابوا.
ويقال للمرأة التي ترقب موت زوجها لترثه الرقوب.
والرقوب الناقة الخبيثة النفس التي لا تكاد تشرب مع سائر الإبل ترقب متى تنصرف الإبل عن الماء.
ويقال أرقبت فلانا هذه الدار وذلك أن تعطيه إياها يسكنها كالعمرى ثم يقول له إن مت قبلي رجعت إلي وإن مت قبلك فهي لك.
وهي من المراقبة كأن كل واحد منهما يرقب موت صاحبه.
ورقاب المزاود لقب للعجم لأنهم حمر.
والرقيب السهم الثالث من السبعة التي لها أنصباء كأنه يرقب متى يخرج.
والرقوب المرأة التي لا يعيش لها ولد [كأنها ترقبه] لعله يبقى لها.
(رقح) الراء والقاف والحاء أصل واحد يدل على الاكتساب والإصلاح للمال.
ويقال رقحت المال أصلحته وقمت عليه ترقيحا.
وفلان

427
رقاحي مال.
وهو يترقح لعياله أي يتكسب.
وكانوا يقولون في تلبيتهم لم نأت للرقاحة يريدون التجارة.
(رقد) الراء والقاف والدال أصل واحد يدل على النوم ويشتق منه.
فالرقاد النوم.
يقال رقد رقودا.
ومن الذي اشتق منه أرقد الرجل بالأرض إذا أقام بها.
ومما شذ عن الأصل أرقد الظليم وغيره إذا أسرع في مضيه.
(رقش) الراء والقاف والشين أصل يدل على خطوط مختلفة.
فالرقش كالنقش.
يقال حية رقشاء منقطة.
ورقش كلامه زوره.
والرقشاء شقشقة البعير.
والرقشاء دويبة.
وقال:
الدار قفر والرسوم كما * رقش في ظهر الأديم قلم
ويقال للنمام إذا نم رقش.
قال:
* عاذل قد أولعت بالترقيش *
(رقص) الراء والقاف والصاد أصل يدل على النقزان.
يقال رقص يرقص رقصا.
ويقال أرقص البعير حمله على الخبب.
قال جرير:
* بزرود أرقصت البعير *

428
ويقال رقص السراب في لمعانه ورقص الشراب جاش.
والرقاصة لعبة.
(رقط) الراء والقاف والطاء يدل على اختلاط لون بلون.
فالرقطة سواد يشوبه نقط بياض.
يقال دجاجة رقطاء.
والأرقط النمر.
ويقال ارقاط العرفج إذا خالط سواده نقط.
(رقع) الراء والقاف والعين أصل يدل على سد خلل بشيء.
يقال رقعت الثوب رقعا.
والخرقة رقعة.
فأما قولهم لواهي العقل رقيع فكأنه قد رقع لأنه لا يرقع إلا الواهي الخلق.
ويقال رقعه إذا هجاه وقال فيه قبيحا كأن ذلك صار كالرقعة في جسده.
يقال لأرقعنه رقعا رصينا.
وأرى في فلان مترقعا أي موضعا للشتم.
قال:
وما ترك الهاجون لي في أديمكم * مصحا ولكني أرى مترقعا
والرقيع السماء.
وفي الحديث أنه صلى الله عليه وسلم قال لسعد
(لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعة أرقعة).
قال بعض أهل العلم إنما قيل لها أرقعه لأن كل واحد كالرقعة للأخرى.
ومما شذ عن هذا الأصل قولهم ما أرتقع بهذا أي ما أكترث له.
وجوع يرقرع شديد.

429
(باب الراء والكاف وما يثلثهما)
(ركل) الراء والكاف واللام أصل يدل على جنس من الضرب بالرجل.
يقال ركله ورفسه برجله.
ومر كلا الفرس من جنبيه حيث يركل الفارس برجليه.
وتركل على الشيء برجله.
وتركل الحافر بمسحاته إذا ضربها برجله لتدخل في الأرض.
قال الأخطل:
ربت وربا في حجرها ابن مدينة * يظل على مسحاته يتركل
والكديد المركل التراب المكدود بحوافر الدواب.
(ركم) الراء والكاف والميم أصل واحد يدل على تجمع الشيء.
تقول ركمت الشيء ألقيت بعضه على بعض.
وسحاب مرتكم وركام.
والركمة الطين المجموع.
ومرتكم الطريق سننه لأن المارة ترتكم فيه.
(ركن) الراء والكاف والنون أصل واحد يدل على قوة.
فركن الشيء جانبه الأقوى.
وهو يأوى إلى ركن شديد أي عز ومنعة.
ومن الباب ركنت إليه أركنه.
وهي كلمة نادرة على فعلت أفعل من غير حرف حلق.
وفلان ركين أي وقور ثابت.
والمركن الإجانة.
ويقال جبل ركين أي له أركان عالية.
وركنت إليه أي ملت وهو من الباب لأنه

430
سكن إليه وثبت عنده.
قال الخليل ركن يركن ركنا.
ولغة سفلى مضر ركن يركن.
ويقال ركن يركن وفيه نظر.
وحكى أبو زيد ركن يركن.
وناقة مركنة الضرع أي منتفخته أي كأنه ركن.
(ركو) الراء والكاف والحرف المعتل أصول ثلاثة أحدها حمل الشيء على شيء وضمه إليه والآخر إصلاح شيء والثالث وعاء الشيء.
فالأول قولهم ركوت على البعير الحمل ضاعفته.
ومن الباب ركوت عليه الأمر والذنب أي حملته عليه.
وقال بعضهم أنا مرتك على كذا أي معول عليه.
ومالي مرتكي إلا عليك.
وحكى الفراء أركيت علي ذنبا لم أذنبه.
ومن الباب أركيت إلى فلان لجأت إليه.
ومنه أركني إلى كذا أي أخرني للدين يكون عليه.
وركوت عنهم بقية يومي أي أقمت.
أما إصلاح الشيء فالمركو الحوض المستطيل ويقال المصلح قال:
* قام على المركو ساق يفعمه *
وركوت الشيء إذا سددته وأصلحته.
قال سويد بن كراع:
فدع عنك قوما قد كفوك شؤونهم * وشأنك إلا تركه متفاقم
أي إن لم تصلحه.
ويقال أركيت لفلان شيئا إذا هيأته له.
وأما الأصل الآخر فالركوة معروفة ومنه الركي لأنه كأنه وعاء ما يكون فيه.

431
(ركب) الراء والكاف والباء أصل واحد مطرد منقاس وهو علو شيء شيئا.
يقال ركب ركوبا يركب.
والركاب المطي واحدتها راحلة.
وزيت ركابي لأنه يحمل من الشام على الركاب.
وما له ركوبة ولا حمولة أي ما يركبه ويحمل عليه.
والركب القوم الركبان وكذلك الأركوب وناقة ركبانة تصلح للركوب وأركب المهر حان أن يركب.
ورجل مركب استعار فرسا يقاتل عليه ويكون له نصف الغنيمة ولصاحب الفرس النصف.
ومن الباب رواكب الشحم وهي طرائق بعضها فوق بعض في مقدم السنام.
فأما التي في المؤخر فهي الروادف الواحدة راكبة ورادفة.
والركابة شبه فسيلة من أعلى النخلة عند قمتها ربما حملت مع أمها.
وزعم الخليل أن الركب والأركوب راكبو الدواب وأن الركاب ركاب السفينة.
والمركب الأصل والمنبت.
يقال هو كريم المركب.
ومن الباب ركبة الإنسان وهي عالية على ما هي فوقه.
والأركب العظيم الركبة.
ويقال ركبت الرجل أركبه إذا ضربت ركبته أو ضربته بركبتك.
والركيب ما بين نهري الكرم وهو الظهر الذي بين النهرين ويكون عاليا على دونه.
والراكب داء يأخذ الغنم في ظهورها.
ومن الباب الركب ركب المرأة.
قال الخليل ولا يقال للرجل إنما هو للمرأة خاصة.
وقال الفراء الركب العانة للرجل والمرأة.
قال:
لا ينفع الجارية الخضاب * ولا الوشاحان ولا الجلباب
* من دون أن تلتقي الأركاب *

432
(ركح) الراء والكاف والخاء أصل واحد وهو يدل على إنابة إلى شيء ورجوع إليه.
قال الخليل الركوح الإنابة إلى الأمر.
وأنشد:
ركحت إليها بعد ما كنت مجمعا * على هجرها وانسبت بالليل ثائرا
فهذا هو الأصل.
ثم يقال لركن الجبل المنيف الصعب ركح.
والركح والركحة ساحة الدار.
والركحة البقية من الثريد تبقى في الجفنة كأنه شيء أوى إلى أسفل الجفنة.
ويقال جفنة مرتكحة إذا كانت مكتنزة بالثريد.
ومن الباب سرج مركاح إذا كان يتأخر عن ظهر الفرس.
(ركد) الراء والكاف والدال أصل يدل على سكون.
يقال ركد الماء سكن.
وركدت الريح.
وركد الميزان استوى.
وركد القوم ركودا سكنوا وهدءوا.
وجفنة ركود مملوءة.
فأما قولهم تراكد الجواري إذا قعدت إحداهن على قدميها ثم نزت قاعدة إلى صاحبتها فهذا إن صح فهو شاذ عن الأصل.
(ركز) الراء والكاف والزاء أصلان أحدهما إثبات شيء في شيء يذهب سفلا والآخر صوت.
فالأول ركزت الرمح ركزا.
ومركز الجند الموضع الذي ألزموه.
ويقال ارتكز الرجل على قوسه إذا وضع سيتها بالأرض ثم اعتمد عليها.
ومن الباب الركاز وهو المال المدفون في الجاهلية وهو من قياسه لأن صاحبه

433
ركزه.
وقال قوم الركاز المعدن.
وأركز الرجل وجد الركاز.
فإن كان هذا صحيحا فهو مستعار.
والمرتكز يابس الحشيش الذي تكسر ورقه وتطاير.
ومعناه أنه ذهب منه ما ذهب وارتكز هذا أي ثبت.
(ركس) الراء والكاف والسين أصل واحد وهو قلب الشيء على رأسه ورد أوله على آخره.
قال الله جل ثناؤه: * (والله أركسهم بما كسبوا النساء 88) * أي ردهم إلى كفرهم.
ويقال ارتكس فلان في أمر قد كان نجا منه.
والركوسية قوم لهم دين بين النصارى والصابئين.
وأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم حين طلب أحجارا للاستنجاء.
بروثة فرمى بها وقال إنها ركس.
ومعنى ذلك أنها ارتكست عن أن تكون طعاما إلى غيره.
(ركض) الراء والكاف والضاد أصل واحد يدل على حركة إلى قدم أو تحريك.
يقال ركض الرجل دابته وذلك ضربه إياها برجليه لتتقدم.
وكثر حتى قيل ركض الفرس وليس بالأصل.
وارتكاض الصبي اضطرابه في بطن أمه.
قال الخليل وجعل الركض للطير في طيرانها.
ويقال أركضت الناقة إذا تحرك ولدها في بطن أمها.
وفي بعض الحديث في ذكر دم الاستحاضة هو ركضة من الشيطان يريد الدفعة.
(ركع) الراء والكاف والعين أصل واحد يدل على انحناء في الإنسان وغيره.
يقال ركع الرجل إذا انحنى.
وكل منحن راكع.
قال لبيد:

434
أخبر أخبار القرون التي مضت * أدب كأني كلما قمت راكع
وفي الحديث ذكر المشايخ الركع يريد به الذين انحنوا.
والركوع في الصلاة من هذا.
ثم تصرف الكلام فقيل للمصلى راكع وقيل للساجد شكرا راكع.
قال الله تعالى في شأن داود عليه السلام: * (فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب ص 27) *
وقال في موضع آخر: * (واسجدي واركعي مع الراكعين آل عمران 43) * قال قوم تأويلها اسجدي أي صلي واركعي مع الراكعين أي اشكري لله جل ثناؤه مع الشاكرين.
قال ابن دريد الركعة الهوة في الأرض لغة يمانية.
(باب الراء والميم وما يثلثهما)
(رمن) الراء والميم والنون كلمة واحدة وهي الرمان.
والرمانتان هضبتان في بلاد عبس.
قال:
* على الدار بالرمانتين تعوج *
(رمى) الراء والميم والحرف المعتل أصل واحد وهو نبذ الشيء.
ثم يحمل عليه اشتقاقا واستعارة.
تقول رميت الشيء أرميه.
وكانت بينهم رميا على فعيلى.
وأرميت على المائة زدت عليها.
فإن قيل فهذه الكلمة ما وجهها؟

435
قيل له إذا زاد على الشيء فقد ترامى إلى الموضع الذي بلغه.
ورميت بمعنى أرميت والمرماة نصل السهم المدور وسمي بذلك لأنه يرمى به.
والمرماة ظلف الشاة وفي الحديث:
(لو أن أحدهم دعي إلى مرماتين).
والرمية الصيد الذي يرمى.
والرمي السحابة العظيمة القطر.
ويقال سميت رميا لأنها تنشأ ثم ترمى بقطع من السحاب من هنا وهنا حتى تجتمع.
وقال الخليل رمى يرمي رماية ورميا ورماء.
قال ابن السكيت خرجت أترمى إذا خرجت ترمى في الأغراض.
ويقال أرميت الحجر من يدي إرماء.
وقال أبو عبيدة يقال أرمى الله لك أي نصرك وصنع لك.
والرماء الزيادة.
وقد قلنا إن اشتقاق ذلك من الباب لأنه أمر يترامى إلى فوق.
(رمأ) [أما] الراء والميم والهمزة فأصل برأسه غير الأول وهو قليل.
يقال رمأت الإبل ترمأ رموءا ورمأ أقامت في الكلأ والعشب.
ورمأ فلان في بني فلان أقام.
ويقال أرمأت الأخبار.
أشكلت.
ومرمآت الأخبار أي أباطيلها.
(رمث) الراء والميم والثاء أصل واحد يدل على إصلاح شيء وضم بعض إلى بعض.
يقال رمثت الشيء أصلحته.
قال أبو دواد:
وأخ رمثت دريسه * ونصحته في الحرب نصحا
والرمث خشب يضم بعضه إلى بعض ويركب.
وفي الحديث:
(إنا نركب أرماثا لنا في البحر) وهو جمع رمث.
قال:

436
تمنيت من حبي بثينة أننا * على رمث في البحر ليس لنا وفر
والرمث مرعى من مراعي الإبل وذلك لانضمام بعضه إلى بعض.
يقال إبل رمثة ورماثي إذا أكلت الرمث فمرضت عنه.
والرمث أيضا بقية اللبن في الضرع لأن ذلك متجمع.
(رمج) الراء والميم والجيم ليس أصلا وفيه ما يقبل ويعتمد عليه لكنهم يقولون رمج الأثر بالتراب ورمج السطور أفسدها.
(رمح) الراء والميم والحاء كلمة واحدة ثم يصرف منها.
فالكلمة الرمح وهو معروف والجمع رماح وأرماح.
والسماك الرامح نجم وسمي بكوكب يقدمه كأنه رمحه.
فأما قولهم رمحته الدابة فمن هذا أيضا لأن ضربها إياه برجلها كرمح الرامح برمحه.
ومنه رمح الجندب إذا ضرب الحصى بيده.
والرماح الذي يتخذ الرماح وحرفته الرماحة.
والرامح الطاعن بالرمح.
والرامح الحامل له.
ويقال للبهمى إذا امتنعت على الراعية قد أخذت رماحها.
كما قال:
أيام لم تأخذ إلي سلاحها * إبلي لجلتها ولا أبكارها
(رمخ) الراء والميم والخاء ليس بشيء.
ويقال إن الرمخ شجر.

437
(رمد) الراء والميم والدال ثلاثة أصول أحدها مرض من الأمراض والآخر لون من الألوان والثالث جنس من السعي.
فالأول الرمد رمد العين يقال رمد يرمد رمدا وهو رمد وأرمد.
ومنه الرمد وهو الهلاك بسكون الميم.
كما قال:
* كأصرام عاد حين جللها الرمد *
ويقال رمدنا القوم نرمدهم إذا أتينا عليهم.
والثاني الرماد وهو معروف فإذا كان أرق ما يكون فهو رمدد.
وهو يسمى للونه.
يقال رمدت الناقة ترميدا إذا تركت عند النتاج لبنا قليلا.
وإنما يقال ذلك للون يعترى ضرعها.
والأرمد كل شيء اغبر فيه كدرة وهو من الرماد ومنه قيل لضرب من البعوض رمد.
وقال أبو وجزة وذكر صائدا:
يبيت جارته الأفعى وسامره * رمد به عاذر منهن كالجرب
والأرمداء على وزن أفعلاء الرماد.
والمرمد من الشواء الذي يمل في الجمر.
وفي المثل شوى أخوك حتى إذا أنضج رمد.
فأما قولهم عام الرمادة فقال قوم كان محلا نزل بالناس له رمد وهو الهلاك.
وقال آخرون سمي بذلك لأن الأرض صارت من المحل كالرماد.
وقال أبو حاتم ماء رمد إذا كان آجنا متغيرا.

438
والأصل الثالث الارمداد شدة العدو.
ويقال أرمد الظليم أسرع.
(رمز) الراء والميم والزاء أصل واحد يدل على حركة واضطراب.
يقال كتيبة رمازة.
تموج من نواحيها.
ويقال ضربه فما ارمأز أي ما تحرك.
وارتمز أيضا تحرك.
ويقولون إن الراموز البحر.
وأراه في شعر هذيل.
(رمس) الراء والميم والسين أصل واحد يدل على تغطية وستر.
فالرمس التراب.
والرياح الروامس التي تثير التراب فتدفن الآثار.
ويقال رمست على فلان الخبر إذا كتمته إياه.
ورمست الرجل وأرمسته دفنته.
(رمش) الراء والميم والشين ليس من محض اللغة ولا مما جاء في صحيح أشعارهم.
على أنهم يقولون الرمش تفتل في الأشفار وحمرة في الجفون.
وربما قالوا رمشه بالحجر رماه.
وذكر عن الشيباني رمشت الغنم ترمش إذا رعت يسيرا.
ويقال الرمش بياض يكون في أظفار الأحداث.
وحكى اللحياني أرض رمشاء حدبة.
(رمص) الراء والميم والصاد أصيل يدل على إلقاء قذى.
يقولون رمصت العين إذا أخرجت ما يخرج منها عند الرمد.
وقال ابن السكيت يقال قبح الله أما رمصت به أي ولدته.
وهذا إذا صح فهو على ما ذكرناه من أنه مشبه بقذى يرمى به.
ويقال رمصت الدجاجة ذرقت.

439
وفي الباب كلام آخر يدل على صلاح وخير.
يقولون رمصت بينهم أي أصلحت.
وربما قالوا رمص الله مصيبته يرمصها رمصا إذا جبرها.
(رمض) الراء والميم والضاد أصل مطرد يدل على حدة في شيء من حر وغيره.
فالرمض حر الحجارة من شدة حر الشمس.
وأرض رمضة حارة الحجارة.
وذكر قوم أن رمضان اشتقاقه من شدة الحر لأنهم لما نقلوا اسم الشهور عن اللغة القديمة سموها بالأزمنة فوافق رمضان أيام رمض الحر ويجمع على رمضانات وأرمضاء.
ومن الباب أرمضه الأمر ورمض للأمر.
ورمض أيضا إذا أحرقته الرمضاء.
ويقال رمضت اللحم على الرضف إذا أنضجته.
ومن الباب سكين رميض.
وكل حاد رميض.
وقد رمضته أنا.
ورمضت الغنم إذا رعت في شدة الحر فقرحت أكبادها.
ويقال فلان يترمض الظباء إذا تبعها وساقها حتى تفسخ قوائمها من الرمضاء ثم يأخذها ويقال ارتمض بطنه فسد كأن ثم داء يحرقه.
فأما قول القائل أتيت فلانا فلم أصبه فرمضت ترميضا وذلك أن ينتظره.
وممكن أن يكون شاذا عن الأصل.
ويمكن أن يكون الميم مبدلة من باء كأنه ربضت من ربص.
(رمط) الراء والميم والطاء ليس أصلا لكنهم يسمون ما اجتمع من العرفط وغيره من شجر العضاه رمطا.
وربما قالوا رمطت الرجل إذا عبته رمطا.
وفيه نظر.

440
(رمع) الراء والميم والعين أصل يدل على اضطراب وحركة.
فالرماعة من الإنسان الذي يضطرب من الصبي على يافوخه.
والرمعان الاضطراب.
ويقال رمع أنف الرجل يرمع رمعانا إذا تحرك من غضب.
ومن الباب قبح الله أما رمعت به أي ولدته.
ومن ذلك اليرمع حجارة بيض رقاق تلمع في الشمس.
ومن الباب إن صح الرامع وهو الذي يطأطئ رأسه ثم يرفعه.
ويقال الرماع تغير الوجه والباب كله واحد.
ويقولون المرمعة المهلكة.
(رمغ) الراء والميم والغين لا أصل له إلا بعض ما يأتي به ابن دريد من رمغت الشيء إذا عركته بيدك كالأديم وغيره.
(رمق) الراء والميم والقاف أصل يدل على ضعف وقلة.
ويقال ترمق الرجل الماء وغيره إذا حسا حسوة بعد أخرى.
وهو مرمق العيش أي ضيقه.
وما عيشه إلا رماق يراد به ما يمسك الرمق.
والرمق باقي النفس أو النفس.
قال:
وما الناس إلا في رماق وصالح * وما العيش إلا خلفة ودرور
ويقولون أضرعت المعزي فرمق رمق أي اشرب لبنها قليلا قليلا لأن

441
المعزى تنزل قبل نتاجها بأيام.
والترميق عمل يفعله الرجل لا يحسنه.
ويقال حبل أرماق إذا كان ضعيفا.
وقد ارماق ارميقاقا.
(رمك) الراء والميم والكاف أصلان أحدهما لون من الألوان والثاني لبث بمكان.
فالأول الرمكة من ألوان الإبل وهو أشد كدرة من الورقة.
ويقال جمل أرمك.
ومنه اشتقاق الرامك.
والرمكة الأنثى من البراذين.
والأصل الآخر رمك بالمكان وهو رامك.
(رمل) الراء والميم واللام أصل يدل على رقة في شيء يتضام بعضه إلى بعض.
يقال رملت الحصير وأرملت إذا سخفت نسجه.
قال:
* كأن نسج العنكبوت المرمل *
ثم يشبه بذلك فالرمل القليل الضعيف من المطر وجمعه أرمال.
ومن الذي يقرب من هذا الباب الرمل وهو رقيق.
ومنه ترمل القتيل بدمه إذا تلطخ وهو قياس ما ذكرناه.
ومن الباب الرمل الهرولة وذلك أنه كالعدو أو المشي الذي لا حصافة فيه.
فأما المرمل فهو الذي لا زاد معه سمي بذلك لأحد شيئين إما رقة حاله وإما للصوقة بالرمل من فقره.
والأرمل مثل المرمل.
قال جرير:
هذي الأرامل قد قضيت حاجتها * فمن لحاجة هذا الأرمل الذكر

442
(باب الراء والنون وما يثلثهما)
(رنى) الراء والنون والحرف المعتل أصل واحد يدل على النظر.
يقال رنا يرنو إذا نظر رنوا.
والرنا الشيء الذي ترنو إليه مقصور.
وظل فلان رانيا إذا مد بصره إلى الشيء.
ويقال أرناني حسن ما رأيت أي أعجبني وفسر قول ابن أحمر على هذا:
مدت عليه الملك أطنابها * كأس رنوناة وطرف طمر
ويقال إنه لم يسمع إلا منه وكأنه الكأس التي يرنو لها من رآها إعجابا منه بها.
ويقال فلان رنو فلانة إذا كان يديم النظر إليها.
واليرنا الحناء يجوز أن يكون من الباب ويجوز أن يقال هو شاذ.
ومما شذ عن الباب الرناء الصوت.
(رنب) الراء والنون والباء كلمة واحدة لا يشتق منها ولا يقاس عليها لكن يشبه بها.
فالأرنب معروف ثم شبهت به أرنبة الأنف وأرنبة الرمل وهي حقف منه منحن.
يقولون كساء مؤرنب للذي خلط غزله بوبر الأرانب.
وأرض مؤرنبة كثيرة الأرانب.
والأرنب ضرب من النبات.
(رنح) الراء والنون والحاء أصل يدل على تمايل.
يقال ترنح إذا

443
تمايل كما يترنح السكران.
ويقال رنح فلان إذا اعتراه وهن في عظامه فهو مرنح.
قال الطرماح:
وناصرك الأدنى عليه ظعينة * تميد إذا استعبرت ميد المرنح
(رنخ) الراء والنون والخاء ليس أصلا إلا أن يكون شيء من باب الإبدال يحمل على الباب الذي قبله فيدل على فتور وضعف.
يقولون الرانخ الفاتر الضعيف.
يقال رنخ إذا ضعف.
وربما قالوا رنخت الرجل ترنيخا إذا ذللته فهو مرنخ.
(رند) الراء والنون والدال أصيل يدل على جنس من النبت.
يقولون الرند شجر طيب من سجر البادية.
وحدثنا علي بن إبراهيم عن علي بن عبد العزيز عن أبي عبيد عن الأصمعي قال ربما سموا عود الطيب رندا.
يعني الذي يتبخر به.
قال وأنكر أن يكون الرند الآس.
وقال الخليل الرند ضرب من الشجر يقال هو الآس.
وأنشد:
* على فنن غضن النبات من الرند *
فأما قول الجعدي:
أرجات يقضمن من قصب الرند * بثغر عذب كشوك السيال
فإنه يدل على أن الرند [ليس] بالآس.

444
(رنف) الراء والنون والفاء أصيل واحد يدل على ناحية من شيء.
فالرانفة ناحية الألية.
وقال الخليل الرانفة جليدة طرف الروثة.
وهي أيضا طرف غضروف الأذن.
والرانفة ألية اليد.
وقال أبو حاتم رانفة الكبد ما رق منها.
وذكر عن اللحياني أن روانف الآكام رؤسها.
فأما الرنف فيقال هو بهرامج البر.
وليس بشيء.
(رنق) الراء والنون والقاف أصل واحد يدل على اضطراب شيء متغير له صفوه إن كان صافيا.
من ذلك الرنق وهو الماء الكدر يقال رنق الماء يرنق رنقا.
ورنق النوم في عينه.
إذا خالطها.
والترنوق الطين الباقي في مسيل الماء.
والذي قلناه من الاضطراب فأصله قولهم رنق الطائر خفق بجناحه ولم يطر.
(رنع) الراء والنون والعين كلمة واحدة صحيحة وهي المرنعة لأصوات تكون لعبا ولهوا.
قاله الفراء.
وقال أبو حاتم رنع الحرث إذا احتبس الماء عنه فضمر.
وفيه نظر.
(رنم) الراء والنون والميم أصيل صحيح في الأصوات.
يقال ترنم إذا رجع صوته.
وترنم الطائر في هديره.
وترنمت القوس شبه صوتها عند الإنباض عنها بالترنم.
قال الشماخ:
إذا أنبض الرامون عنها ترنمت * ترنم ثكلى أوجعتها الجنائز

445
(باب الراء والهاء وما يثلثهما)
(رهو) الراء والهاء والحرف المعتل أصلان يدل أحدهما على دعة وخفض وسكون والآخر على مكان قد ينخفض ويرتفع.
فالأول الرهو البحر الساكن.
ويقولون عيش راه أي ساكن.
ويقولون أره على نفسك أي ارفق بها.
قال ابن الأعرابي رها في السير يرهو إذا رفق.
ومن الباب الفرس المرهاء في السير وهو مثل المرخاء.
ويكون ذلك سرعة في سكون من غير قلق.
وأما المكان الذي ذكرناه فالرهو المنخفض من الأرض ويقال المرتفع واحتج قائل القول الثاني بهذا البيت:
* يظل النساء المرضعات برهوة *
قال وذلك أنهن خوائف فيطلبن المواضع المرتفعة.
وبقول الآخر:
فجلي كما جلى على رأس رهوة * من الطير أقنى ينفض الطل أزرق
وحكى الخليل الرهوة مستنقع الماء فأما حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سئل عن غطفان فقال:
(رهوة تنبع ماء) فإنه أراد

446
الجبل العالي.
ضرب ذلك لهم مثلا.
وقد جاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:
(أكمة خشناء تنفي الناس عنها).
قال القتيبي الرهوة تكون المرتفع من الأرض وتكون المنخفض.
قال وهو حرف من الأضداد.
فأما الرهاء فهي المفازة المستوية قلما تخلو من سراب.
ومما شذ عن البابين الرهو ضرب من الطير.
والرهو نعت سوء للمرأة.
وجاءت الخيل رهوا أي متتابعة.
(رهأ) الراء والهاء والهمزة لا تكون إلا بدخيل وهي الرهيأة وذلك يدل على قلة اعتدال في الشيء.
فالرهيأة أن يكون أحد عدلى الحمل أثقل من الآخر.
رهيأت حملك ورهيأت أمرك إذا لم تقومه.
والرهيأة: العجز والتواني.
ويقال ترهيأ في أمره إذا هم به ثم أمسك عنه.
ومنه الرهيأة أن تغرورق العينان.
وترهيأت السحابة إذا تمخضت للمطر.
(رهب) الراء والهاء والباء أصلان أحدهما يدل على خوف والآخر على دقة وخفة.
فالأول الرهبة تقول رهبت الشيء رهبا ورهبا ورهبة.
والترهب التعبد.
ومن الباب الإرهاب وهو قدع الإبل من الحوض وذيادها.
والأصل الآخر الرهب الناقة المهزولة.
والرهاب الرقاق من النصال واحدها رهب.
والرهاب عظم في الصدر مشرف على البطن مثل اللسان.

447
(رهج) الراء والهاء والجيم أصيل يدل على إثارة غبار وشبهه.
فالرهج الغبار.
(رهد) الراء والهاء والدال أصيل يدل على نعمة وهي الرهادة.
ويقال هي رهيدة أي رخصة.
فأما ابن دريد فقد ذكر ما يقارب هذا القياس قال يقال رهدت الشيء رهدا إذا سحقته سحقا شديدا.
قال والرهيدة بر يدق ويصب عليه اللبن.
(رهز) الراء والهاء والزاء كلمة تدل على الرهز وهو التحرك.
(رهس) الراء والهاء والسين أصلان أحدهما الامتلاء والكثرة والآخر الوطء.
فالأول قولهم ارتهس الوادي امتلأ.
وارتهس الجراد ركب بعضه بعضا.
والأصل الآخر الرهس الوطء.
ومنه الرجل الرهوس الأكول.
(رهش) الراء والهاء والشين أصل يدل على اضطراب وتحرك.
فالارتهاش أن تصطدم يد الدابة في مشيه فتعقر رواهشه وهي عصب باطن الذراع.
قال الخليل والارتهاش ضرب من الطعن في عرض.
قال:
أبا خالد لولا انتظاري نصركم * أخذت سناني فارتهشت به عرضا

448
قال وارتهاشه تحريك يديه.
ومن الباب رجل رهشوش حيي كريم كأنه يهتز ويرتاح للكرم والخير.
ومن الباب المرتهشة وهي القوس التي إذا رمي عنها اهتزت فضرب وترها أبهرها.
والرهيس التي يصيب وترها طائفها.
ومن الباب ناقة رهشوش غزيرة.
(رهص) الراء والهاء والصاد أصل يدل على ضغط وعصر وثبات.
فالرهص فيما رواه الخليل شدة العصر.
والرهص أن يصيب حجر حافرا أو منسما فيدوى باطنه.
يقال رهصه الحجر يرهصه من الرهصة.
ودابة رهيص مرهوصة.
والرواهص من الحجارة التي ترهص الدواب إذا وطئتها واحدتها راهصة.
قال الأعشى:
فعض حديد الأرض إن كنت ساخطا * بفيك وأحجار الكلاب الرواهصا
وكان الأسد الرهيص من فرسان العرب.
والمرهص موضع الرهصة.
وقال:
* على جبال ترهص المراهصا *
والرهص أسفل عرق في الحائط.
ويرهص الحائط بما يقيمه.
والمراهص المراتب يقال مرهصة ومراهص كقولك مرتبة ومراتب.
ويقال كيف مرهصة فلان عند الملك أي منزلته.
قال:

449
رمى بك في أخراهم تركك العلى * وفضل أقوام عليك مراهص
(رهط) الراء والهاء والطاء أصل يدل على تجمع في الناس وغيرهم.
فالرهط العصابة من ثلاثة إلى عشرة.
قال الخليل ما دون السبعة إلى الثلاثة نفر.
وتخفيف الرهط أحسن من تثقيله.
قال والترهيط دهورة اللقمة وجمعها.
قال:
* يا أيها الآكل ذو الترهيط *
والراهطاء جحر من جحرة اليربوع بين النافقاء والقاصعاء يخبأ فيه أولاده.
وقال والرهاط أديم يقطع كقدر ما بين الحجزة إلى الركبة ثم يشقق كأمثال الشرك تلبسه الجارية.
قال:
بضرب تسقط الهامات منه * وطعن مثل تعطيط الرهاط
والواحد رهط.
وقال:
متى ما أشأ غير زهو الملوك * أجعلك رهطا على حيض

450
قال الخليل والرهاط واحد والجمع أرهطة.
قال ويجوز في العشيرة أن تقول هؤلاء رهطك وأرهطك كل ذلك جميع وهم رجال عشيرتك.
وقال:
يا بؤس للحرب التي * وضعت أراهط فاستراحوا
أي أراحتهم من الدنيا بالقتل.
ويقال لراهطاء اليربوع رهطة أيضا.
(رهق) الراء والهاء والقاف أصلان متقاربان فأحدهما غشيان الشيء الشيء والآخر العجلة والتأخير.
فأما الأول فقولهم رهقه الأمر غشيه.
والرهوق من النوق الجواد الوساع التي ترهقك إذا مددتها أي تغشاك لسعة خطوها.
قال الله جل ثناؤه * (ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة يونس 26) *.
والمراهق الغلام الذي دانى الحلم.
ورجل مرهق تنزل به الضيفان.
وأرهق القوم الصلاة أخروها حتى يدنو وقت الصلاة الأخرى.
والرهق العجلة والظلم.
قال الله تعالى * (فلا يخاف بخسا ولا رهقا الجن 13) *.
والرهق عجلة في كذب وعيب.
قال:
* سليم جنب الرهقا *
(رهك) الراء والهاء والكاف أصل يدل على استرخاء.
فالرهوك:

451
السمين من الجداء والظباء.
والترهوك التحرك في رخاوة.
ويقولون رهكت الشيء إذا سحقته.
(رهل) الراء والهاء واللام كلمة تدل على استرخاء.
فالرهل الاسترخاء من سمن.
يقال فرس رهل الصدر.
أنشدنا أبو الحسن القطان قال أنشدنا علي بن عبد العزيز عن أبي عبيد عن الفراء:
فتى قد قد السيف لا متآزف * ولا رهل لباته وبآدله
(رهم) الراء والهاء والميم يدل على خصب وندى.
فالرهمة المطرة الصغيرة القطر والجمع رهم ورهام.
وروضة مرهومة.
وأرهمت السماء أتت بالرهام.
ونزلنا بفلان فكنا في أرهم جانبيه أي أخصبهما.
(رهن) الراء والهاء والنون أصل يدل على ثبات شيء يمسك بحق أو غيره.
من ذلك الرهن الشيء يرهن.
تقول رهنت الشيء رهنا ولا يقال أرهنت.
والشيء الراهن الثابت الدائم.
ورهن لك الشيء أقام وأرهنته لك أقمته.
وقال أبو زيد أرهنت في السلعة إرهانا غاليت فيها.
وهو من الغلاء خاصة.
قال:
* عيدية أرهنت فيها الدنانير *

452
وعبارة أبي عبيد في هذا عبارة شاذة.
لكن ابن السكيت وغيره قالوا أرهنت أسلفت.
وهذا هو الصحيح.
قالوا كلهم أرهنت ولدي إرهانا أخطرتهم.
فأما تسميتهم المهزول من الناس والإبل راهنا فهو من الباب لأنهم جعلوه كأنه من هزاله يثبت مكانه لا يتحرك.
قال:
إما ترى جسمي خلا قد رهن * هزلا وما مجد الرجال في السمن
يقال منه رهن رهونا.
(باب الراء والواو وما يثلثهما)
(روي) الراء والواو والياء أصل واحد ثم يشتق منه.
فالأصل ما كان خلاف العطش ثم يصرف في الكلام لحامل ما يروى منه.
فالأصل رويت من الماء ريا.
وقال الأصمعي رويت على أهلي أروي ريا.
وهو راو من قوم رواة وهم الذين يأتونهم بالماء.
فالأصل هذا.
ثم شبه به الذي يأتي القوم بعلم أو خبر فيرويه كأنه أتاهم بريهم من ذلك.
([روب]).........................

453
أعرني رؤبة فرسك.
ويقال فلان لا يقوم بروبة أهله أي بما أسندوه إليه من حاجاتهم كأنه شبه ذلك باللبن.
وقال ابن الأعرابي روبة الرجل عقله.
قال بعضهم وهو يحدثني وأنا إذ ذاك غلام ليست لي روبة.
فأما الهمزة التي في رؤبة فهي تجيء في بابه.
(روث) الراء والواو والثاء كلمتان متباينتان جدا.
فالروثة طرف الأرنبة.
والواحدة من روث الدواب.
(روج) الراء والواو والجيم ليس أصلا.
على أن الخليل ذكر روجت الدراهم وفلان مروج.
وراج الشيء يروج إذا عجل به.
وكل قد قيل والله أعلم بصحته إلا أني أراه كله دخيلا.
(روح) الراء والواو والحاء أصل كبير مطرد يدل على سعة وفسحة واطراد.
وأصل ذلك كله الريح.
وأصل الياء في الريح الواو وإنما قلبت ياء لكسرة ما قبلها.
فالروح روح الإنسان وإنما هو مشتق من الريح وكذلك الباب كله.
والروح نسيم الريح.
ويقال أراح الإنسان إذا تنفس.
وهو في شعر امرئ القيس.
ويقال أروح الماء وغيره تغيرت رائحته.
والروح جبرئيل عليه السلام.
قال الله جل ثناؤه * (نزل به الروح الأمين. على قلبك الشعراء 193) * والرواح العشي وسمي بذلك لروح الريح فإنها

454
في الأغلب تهب بعد الزوال.
وراحوا في ذلك الوقت وذلك من لدن زوال الشمس إلى الليل.
وأرحنا إبلنا رددناها ذلك الوقت.
فأما قول الأعشى:
ما تعيف اليوم في الطير الروح * من غراب البين أو تيس برح
فقال قوم هي المتفرقة.
وقال آخرون هي الرائحة إلى أوكارها.
والمراوحة في العملين أن يعمل هذا مرة وهذا مرة.
والأروح الذي في صدور قدميه انبساط.
يقال روح يروح روحا.
وقصعة روحاء قريبة القمر.
ويقال الأروح من الناس الذي يتباعد صدور قدميه ويتدانى عقباه وهو بين الروح.
ويقال فلان يراح للمعروف إذا أخذته له أريحية.
وقد ريح الغدير أصابته الريح.
وأراح القوم دخلوا في الريح.
ويقال للميت إذا قضى قد أراح.
ويقال أراح الرجل إذا رجعت إليه نفسه بعد الإعياء.
وأروح الصيد إذا وجد ريح الإنسي.
ويقال أتانا وما في وجهه رائحة دم.
ويقال أرحت على الرجل حقه إذا رددته إليه.
وأفعل ذلك في سراح ورواح أي في سهولة.
والمراح حيث تأوي الماشية بالليل.
والدهن المروح المطيب.
وقد تروح الشجر وراح يراح معناهما أن يتفطر بالورق.
قال:
* راح العضاه بهم والعرق مدخول *

455
أبو زيد أروحني الصيد إرواحا إذا وجد ريحك.
وأروحت من فلان طيبا.
وكان الكسائي يقول لم يرح رائحة الجنة من أرحت.
ويجوز أن يقال لم يرح من راح يراح إذا وجد الريح.
ويقال خرجوا برياح من العشي وبرواح وإرواح.
قال أبو زيد راحت الإبل تراح وأرحتها أنا من قوله جل جلاله * (حين تريحون النحل 6) *.
وراح الفرس يراح راحة إذا تحصن.
والمروحة الموضع تخترق فيه الريح.
قيل إنه لعمر بن الخطاب وقيل بل تمثل به:
كأن راكبها غصن بمروحة * إذا تدلت به أو شارب ثمل
والريح ذو الروح يقال يوم ريح طيب.
ويوم راح ذو ريح شديدة قالوا بني على قولهم كبش صاف كثير الصوف.
وأما قول أبي كبير:
وماء وردت على زورة * كمشي السبنتي يراح الشفيفا
فذلك وجدانه الروح.
وسميت الترويحة في شهر رمضان لاستراحة القوم بعد كل أربع ركعات.
والراح جماعة راحة الكف.
قال عبيد:

456
دان مسف فويق الأرض هيدبه * يكاد يدفعه من قام بالراح
الراح الخمر.
قال الأعشى:
وقد أشرب الراح قد تعلمين * يوم المقام ويوم الظعن
وتقول نزلت بفلان بلية فارتاح الله جل وعز له برحمة فأنقذه منها قال العجاج:
فارتاح رب وأراد رحمتي * ونعمتي أتمها فتمت
قال وتفسير ارتاح نظر إلي ورحمني.
وقال الأعشى في الأريحي:
أريحي صلت يظل له القوم * ركودا قيامهم للهلال
قال الخليل يقال لكل شيء واسع أريح ومحمل أريح وقال بعضهم محمل أروح.
ولو كان كذلك لكان ذمه لأن الروح الانبطاح وهو عيب في المحمل.
قال الخليل الأريحي مأخوذ من راح يراح كما يقال للصلت أصلتي.
(رود) الراء والواو والدال معظم بابه يدل على مجيء وذهاب من انطلاق في جهة واحدة.
تقول راودته على أن يفعل كذا إذا أردته على فعله.
والرود فعل الرائد.
يقال بعثنا رائدا يرود الكلأ أي ينظر ويطلب.

457
والرياد اختلاف الإبل في المرعى مقبلة ومدبرة.
رادت ترود ريادا.
والمراد الموضع الذي ترود فيه الراعية.
ورادت المرأة ترود إذا اختلفت إلى بيوت جاراتها.
والرادة السهلة من الرياح لأنها ترود لا تهب بشدة.
ورائد العين عوارها الذي يرود فيها.
وقال بعضهم الإرادة أصلها الواو وحجته أنك تقول راودته على كذا.
والرائد العود الذي تدار به الرحى.
فأما قول القائل في صفة فرس:
* جواد المحثة والمرود *
فهو من أرودت في السير إروادا ومرودا.
ويقال مرودا أيضا.
وذلك من الرفق في السير.
ويقال راد وساده إذا لم يستقر كأنه يجيء ويذهب.
ومن الباب الإرواد في الفعل أن يكون رويدا.
وراودته على أن يفعل كذا إذا أردته على فعله.
ومن الباب جارية رود شابة.
وتكبير رويد رود.
قال:
* كأنها مثل من يمشي على رود *
والمرود الميل.
(روز) الراء والواو والزاء كلمة واحدة وهي تدل على اختبار وتجريب.
يقال رزت الشيء أروزه إذا جربته.

458
(روض) الراء والواو والضاد أصلان متقاربان في القياس أحدهما يدل على اتساع والآخر على تليين وتسهيل.
فالأول قولهم استراض المكان اتسع.
قال ومنه قولهم افعل كذا ما دام النفس مستريضا أي متسعا.
قال:
أرجزا تريد أم قريضا * كلاهما أجيد مستريضا
ومن الباب الروضة.
ويقال أراض الوادي واستراض إذا استنقع فيه الماء.
وكذلك أراض الحوض.
ويقال للماء المستنقع المنبسط روضة.
قال:
* وروضة سقيت منها نضوى *
ومن الباب أتانا بإناء يريض كذا وكذا.
وقد اراضهم إذا أرواهم.
وأما الأصل الآخر فقولهم رضت الناقة أروضها رياضة.
(روع) الراء والواو والعين أصل واحد يدل على فزع أو مستقر فزع.
من ذلك الروع.
يقال روعت فلانا ورعته أفزعته.
والأروع من الرجال ذو الجسم والجهارة كأنه من ذلك يروع من يراه.
والروعاء من الإبل:

459
الحديدة الفؤاد كأنها ترتاع من الشيء.
وهي من النساء التي تروع الناس كالرجل الأروع.
وأما المعنى الذي أومأنا إليه في مستقر الروع فهو الروع.
يقال وقع ذلك في روعي.
وفي الحديث إن روح القدس نفث في روعي إن نفسا لن تموت حتى تستكمل رزقها.
فاتقوا الله وأجملوا في الطلب.
(روغ) الراء والواو والغين أصل واحد يدل على ميل وقلة استقرار.
يقال راغ الثعلب وغيره يروغ.
وطريق رائغ مائل.
وراغ فلان إلى كذا.
إذا مال سرا إليه.
وتقول هو يديرني عن أمري وأنا أريغه.
قال:
يديرونني عن سالم وأريغه * وجلدة بين العين والأنف سالم
ويقال روغت اللقمة بالسمن أروغها ترويغا إذا دسمتها.
وهو إذا فعل ذلك أدارها في السمن إدارة.
ومن الباب راوغ فلان فلانا إذا صارعه لأن كل واحد منهما يريغ الآخر أي يديره.
ويقال هذه رواغة بني فلان ورياغتهم حيث يصطرعون.
(روق) الراء والواو والقاف أصلان يدل أحدهما على تقدم شيء والآخر على حسن وجمال.
فالأول الروق والرواق مقدم البيت.
هذا هو الأصل.
ثم يحمل عليه

460
كل شيء فيه أدنى تقدم.
والروق قرن الثور.
ومضى روق من الليل أي طائفة منه وهي المتقدمة.
ومنه روق الإنسان شبابه لأنه متقدم عمره.
ثم يستعار الروق للجسم فيقال ألقى عليه أوراقه.
والقياس في ذلك واحد.
فأما قول الأعشى:
ذات غرب ترمي المقدم بالرد * ف إذا ما تتابع الأرواق
ففيه ثلاثة أقوال:
الأول أنه أراد أرواق الليل لا يمضي روق من الليل إلا يتبعه روق.
والقول الثاني أن الأرواق الأجساد إذا تدافعت في السير.
والثالث أن الأرواق القرون إنما أراد تزاحم البقر والظباء من الحر في الكناس.
فمن قال هذا القول جعل تمام المعنى في البيت الذي بعده وهو قوله:
في مقيل الكناس إذ وقد الحر * إذا الظل أحرزته الساق
كأنه قال تتابع الأرواق في مقيلها في الكناس.
ومن الباب الروق وهي أن تطول الثنايا العليا السفلى.
ومنه فيما يشبه المثل أكل فلان روقه إذا طال عمره حتى تحاتت أسنانه.
ويقال في الجسم ألقى أرواقه على الشيء إذا حرص عليه.
ويقال روق الليل إذا مد رواق ظلمته.
ويقال ألقى أروقته.

461
ومن الباب ألقى فلان أرواقه إذا اشتد عدوه لأنه يتدافع ويتقدم بجسمه.
قال:
* ألقيت ليلة خبت الرهط أرواقي *
ويقال ألقت السحابة أرواقها وذلك إذا ألحت بمطرها وثبتت والرواق بيت كالفسطاط يحمل على سطاع واحد في وسطه والجميع أروقة ورواق البيت ما بين يديه.
والأصل الآخر قولهم راقني الشيء يروقني إذا أعجبني.
وهؤلاء شباب روقة.
ومن الباب روقت الشراب صفيته وذلك حسنه والراووق المصفاة.
(رول) الراء والواو واللام أصل يدل على لطخ شيء بشيء يقال رولت الخبز بالسمن مثل روغت.
والروال بزاق الدابة.
يقال رول في مخلاته.
وقريب من هذا الباب رول الفرس أدلى.
(روم) الراء والواو والميم أصل يدل على طلب الشيء.
ويقال رمت الشيء أرومه روما.
والمرام المطلب.
قال ابن الأعرابي يقال رومت فلانا وبفلان إذا جعلته يروم [الشيء] ويطلبه.

462
(روه) الراء والواو والهاء ليس بشيء على أن بعضهم يقول الروه مصدر راه يروه روها.
قال هي لغة يمانية.
يقولون راه الماء على وجه الأرض اضطرب.
وفي ذلك نظر.
(رون) الراء والواو والنون يدل على شدة حر أو صوت.
يقولون يوم أرونان وليلة أرونانة أي شديدة الحر والغم.
قال القتيبي والأرونان الصوت الشديد.
قال الكميت:
بها حاضر من غير جن يروعه * ولا أنس ذو أرونان وذو زجل
(باب الراء والياء وما يثلثهما)
(ريب) الراء والياء والباء أصيل يدل على شك أو شك وخوف فالريب الشك.
قال الله جل ثناؤه * (ألم. ذلك الكتاب لا ريب فيه البقرة 2) * أي لا شك.
ثم قال الشاعر:
فقالوا تركنا القوم قد حصروا به * فلا ريب أن قد كان ثم لحيم
والريب ما رابك من أمر.
تقول رابني هذا الأمر إذا أدخل عليك شكا وخوفا.
وأراب الرجل صار ذا ريبة.
وقد رابني أمره.
وريب الدهر صروفه والقياس واحد.
قال:

463
أمن المنون وريبه تتوجع * والدهر ليس بمعتب من يجزع
فأما قول القائل:
قضينا من تهامة كل ريب * ومكة ثم أجممنا السيوف
فيقال إن الريب الحاجة.
وهذا ليس ببعيد لأن طالب الحاجة شاك على ما به من خوف الفوت.
(ريث) الراء والياء والثاء أصل واحد يدل على البطء وهو الريث خلاف العجل.
قال لبيد:
إن تقوى ربنا خير نفل * وبإذن الله ريثي وعجل
تقول منه راث يريث.
واسترثت فلانا استبطأته.
وربما قالوا استريث وليس بالمستعمل.
ويقال رجل ريث أي بطيء.
(ريح) الراء والياء والحاء.
قد مضى معظم الكلام فيها في الراء والواو والحاء لأن الأصل ذاك والأصل فيما نذكر آنفا الواو أيضا غير أنا نكتب كلمات للفظ.
فالريح معروفة وقد مر اشتقاقها.
والريحان معروف.
والريحان الرزق.
وفي الحديث إن الولد من ريحان الله.
والريح الغلبة والقوة في قوله تعالى * (فتفشلوا وتذهب ريحكم الأنفال 46) *.
وقال الشاعر:
أتنظران قليلا ريث غفلتهم * أم تعدوان فإن الريح للعادي
وأصل ذلك كله الواو وقد مضى.

464
(ريخ) الراء والياء والخاء كلمة واحدة فيها نظر.
يقال راخ يريخ ريخا إذا ذل وانكسر.
والترييخ وهي الشيء.
وضربوا فلانا حتى ريخوه.
وراخ الرجل يريخ ريخا إذا حار.
وراخ البعير إذا أعيا.
(ريد) الراء والياء والدال كلمتان الريد أنف الجبل.
والريد الترب.
(رير) الراء والياء والراء كلمة واحدة لا يقاس عليها ولا يفرع منها.
فالرير المخ الفاسد وهو الرير والرار.
وأرار الله مخ هذه الناقة أي تركه ريرا.
وحدثني علي بن إبراهيم قال سألت ثعلبا عن قول القائل:
* أرار الله مخك في السلامي *
فقلت أكذا هو أم أراني الله مخك في السلامي وأيهما أجود وأحب إليك فقال كلاهما واحد.
ومعنى أرار أرق.
والسلامي عظام الرجل.
(ريس) الراء والياء والسين كلمتان متفاوت ما بينهما.
فالرياس قائم السيف. [قال]:
إلى بطلين يعثران كلاهما * يدير رياس السيف والسيف نادر

465
وقال آخر:
* ومرفق كرياس السيف إذا شسفا *
والكلمة الأخرى الريس والريسان التبختر.
قال:
* أتاهم بين أرحلهم يريس *
(ريش) الراء والياء والشين أصل واحد يدل على حسن الحال وما يكتسب الإنسان من خير.
فالريش الخير.
والرياش المال.
ورشت فلانا أريشة ريشا إذا قمت بمصلحة حاله.
وهو قوله:
فرشني بخير طالما قد بريتني * وخير الموالي من يريش ولا يبري
وكان بعضهم يذهب إلى أن الرائش الذي في الحديث في الراشي والمرتشي والرائش أنه الذي يسعى بين الراشي والمرتشي.
وإنما سمي رائشا للذي ذكرناه.
يقال رشت فلانا أنلته خيرا.
وهذا أصح القولين بقوله:
* فرشني بخير طالما قد بريتني *

466
وقال آخر:
فريشي منكم وهواي فيكم * وإن كانت زيارتكم لماما
وقال أيضا:
سأشكر إن رددت إلي ريشي * وأثبت القوادم في جناحي
ومن الباب ريش الطائر.
ويقال منه رشت السهم أريشه ريشا.
وارتاش فلان إذا حسنت حاله.
وذكروا أن الأريش الكثير شعر الأذنين خاصة.
فهذا أصل الباب.
ثم اشتق منه فقيل للرمح الخوار راش.
وإنما سمي بذلك لأنه شبه في ضعفه بالريش.
ومنه ناقة راشة الظهر أي ضعيفة.
(ريط) الراء والياء والطاء كلمة واحدة وهي الريطة وهي كل ملاءة لم تك لفقين والجمع ريط ورياط.
وحدثني أبي عن أبي نصر ابن أخت الليث بن إدريس عن ابن السكيت قال يقال لكل ثوب رقيق لين ريطة.
(ريع) الراء والياء والعين أصلان أحدهما الارتفاع والعلو والآخر الرجوع.
فالأول الريع وهو الارتفاع من الأرض.
ويقال بل الريع جمع والواحدة ريعة والجمع رياع.
قال ذو الرمة:
* طراق الخوافي مشرفا فوق ريعة *

467
ومن الباب الريع الطريق.
قال الله تعالى * (أتبنون بكل ريع آية تعبثون الشعراء 128) *.
فقالوا أراد الطريق.
وقالوا المرتفع من الأرض.
ومن الباب الريع وهو النماء والزيادة.
ويقال إن ريع الدروع.
فضول أكمامها وأراعت الإبل نمت وكثر أولادها وراعت الحنطة زكت.
ويقولون إن ريع البئر ما ارتفع من حواليها.
وريعان كل شيء أفضله وأوله.
وأما الأصل الآخر فالريع الرجوع إلى الشيء.
وفي الحديث أن رجلا سأل الحسن عن القيء للصائم فقال هل راع منه شيء أراد رجع.
وقال:
طمعت بليلى أن تريع وإنما * تقطع أعناق الرجال المطامع
(ريف) الراء والياء والفاء كلمة واحدة تدل على خصب.
يقال أرافت الأرض.
وأريفنا إذا صرنا إلى الريف.
ويقال أرض ريفة من الريف.
ورافت الماشية رعت الريف.
(ريق) الراء والياء والقاف وقد يدخل فيه ما كان من ذوات الواو أيضا وهو أصل واحد يدل على تردد شيء مائع كالماء وغيره ثم يشتق من ذلك.
فالتريق تردد الماء على وجه الأرض.
ويقال راق السراب فوق الأرض ريقا.
ومن الباب ريق الإنسان وغيره.
والاستعارة من هذه الكلمة يقولون ريق كل شيء أوله وأفضله.
وهذا ريق الشراب وريق المطر أوله.
ومنه قول طرفة:

468
* وأعجل ثيبه ريقي *
وقد يخفف ذلك فيقال ريق.
وينشد بيت البعيث كذا:
مدحنا لها ريق الشباب فعارضت * جناب الصبا في كاتم السر أعجما
وحكى ابن دريد أكلت خبزا ريقا بغير أدم وهو من الكلمة أي إنه هو الذي خالط ريقي الأول.
والماء الرائق أن يشرب على الريق غداة بلا ثفل.
قال ولا يقال ذلك إلا للماء.
ومن الباب الرائق الفارغ وهو منه كأنه على الريق بعد.
وحكى اللحياني هو يريق بنفسه ريوقا أي يجود بها.
وهذا من الكلمة الأولى لأن نفسه عند ذلك يتردد في صدره.
(ريم) الراء والياء والميم كلمات متفاوتة الأصول حتى لا يكاد يجتمع منها ثنتان واشتقاق واحد.
فالريم الدرج.
يقال اسمك في الريم أي اصعد الدرج والريم العظم الذي يبقى بعد قسمة الجزور.
والريم القبر.
والريم الساعة من النهار.
ويقال ريم بالرجل إذا قطع به.
قال:
* وريم بالساقي الذي كان معي *

469
قال ابن السكيت ريم بالمكان أقام به.
وريمت السحابة وأغضنت إذا دامت فلم تقلع.
ولا أريم أفعل كذا أي لا أبرح.
والريم الزيادة يقال لي عليك ريم كذا أي زيادة.
(رين) الراء والياء والنون أصل يدل على غطاء وستر.
فالرين الغطاء على الشيء.
وقد رين عليه كأنه غشي عليه.
ومن هذا حديث عمر ألا إن الأسيفع أسيفع جهينة رضي من دينه بأن يقال سبق الحاج فادان معرضا فأصبح قد رين به يريد أنه مات.
وران النعاس يرين.
ورانت الخمر على قلبه غلبت.
ومن الباب رانت نفسي ترين أي غثت.
ومنه أران القوم فهم مرينون إذا هلكت مواشيهم.
وهو من القياس لأن مواشيهم إذا هلكت فقد رين بها.
(ريه) الراء والياء والهاء كلمة من باب الإبدال.
يقال تريه السحاب إذا تريع.
وإنما الأصل بالواو تروه.
وقد مضى.
(باب الراء والهمزة وما يثلثهما)
(رأد) الراء والهمزة والدال أصيل يدل على اضطراب وحركة.
يقال امرأة رأدة ورؤد وهي السريعة الشباب لا تبقى قميئة.
وهو الذي ذكرناه في الحركة.
والرأد والرؤد أصل اللحى.
ورأد الضحى ارتفاعه.
يقال ترأد

470
الضحى وتراءد.
وترأدت الحية اهتزت في انسيابها.
وكان الخليل يقول الرئد مهموز الترب.
(رأس) الراء والهمزة والسين أصل يدل على تجمع وارتفاع.
فالرأس رأس الإنسان وغيره.
والرأس الجماعة الضخمة في قول ابن كلثوم:
برأس من بني جشم بن بكر * ندق به السهولة والحزونا
والأرأس الرجل العظيم الرأس ويقال بيعر رؤوس إذا لم يبق له طرق إلا في رأسه.
وشاة رأساء إذا اسود رأسها.
والرئيس الذي قد ضرب رأسه.
ويقال سحابة رائسة وهي التي تقدم السحاب.
ويقال أنت على رئاس أمرك.
والعامة تقول على رأس أمرك.
(رأف) الراء والهمزة والفاء كلمة واحدة تدل على رقة ورحمة وهي الرأفة.
يقال رؤوف يرؤف رأفة ورآفة على فعلة وفعالة.
قال الله جل وعلا * (ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله) * وقرئت (رآفة) ورجل رؤوف على فعول ورؤف على فعل.
قال في رؤوف:
* هو الرحمن كان بنا رؤوفا *
وقال في الرؤف:

471
يرى للمسلمين عليه حقا * كفعل الوالد الرؤف الرحيم
(رأل) الراء والهمزة واللام كلمة واحدة تدل على فراخ النعام وهي الرأل والجمع رئال والأنثى رألة واسترأل النبات إذا طال وصار كأعناق الرئال.
وذات الرئال روضة.
والرئال كواكب.
(رأم) الراء والهمزة والميم أصل يدل على مضامة وقرب وعطف.
يقال لكل من أحب شيئا وألفه قد رئمه.
وأصله من قولهم رأم الجرح رئمانا إذا انضم فوه للبرء.
وقال الشيباني رأمت شعب القدح إذا أصلحته.
وأنشد:
وقتلى بحقف من أوارة جدعت * صدعن قلوبا لم ترأم شعوبها
والرؤمة الغراء الذي يلزق به الشيء.
والرأم بو أو ولد تعطف عليه غير أمه.
وقد رئمت الناقة رئمانا.
وأرأمناها عطفناها على رأم.
والناقة رؤوم ورائمة.
(رأى) الراء والهمزة والياء أصل يدل على نظر وإبصار بعين أو بصيرة.
فالرأي ما يراه الإنسان في الأمر وجمعه الآراء.
رأى فلان الشيء

472
وراءه وهو مقلوب.
والرئى ما رأت العين من حال حسنة.
والعرب تقول ريته في معنى رأيته وتراءى القوم إذا رأى بعضهم بعضا.
وراءى فلان يرائي.
وفعل ذلك رئاء الناس وهو أن يفعل شيئا ليراه الناس.
والرواء حسن المنظر والمرآة معروفة والترئية وإن شئت لينت الهمزة فقلت الترية ما تراه الحائض من صفرة بعد دم حيض أو أن ترى شيئا من أمارات الحيض قبل.
والرؤيا معروفة والجمع رؤى.
(رأب) الراء والهمزة والباء أصل واحد يدل على ضم وجمع.
تقول رأيت الأمور المتفرقة إذا أنت جمعتها برفقك كما يرأب الشعاب صدع الجفنة.
وتلك الخشبة التي يشعب بها رؤبة.
(باب الراء والباء وما يثلثهما)
(ربت) الراء والباء والتاء ليس أصلا لكنه من باب الإبدال يقال ربته تربيتا إذا رببه.
قال:
والقبر صهر صالح زميت * ليس لمن ضمنه تربيت
(ربث) الراء والباء والثاء أصل واحد يدل على اختلاط واحتباس.
تقول ربثت فلانا أربثه عن الأمر إذا حبسته عنه.
والربيثة الأمر يحبسك.
وفي الحديث إذا كان يوم الجمعة بعث إبليس جنوده إلى الناس فأخذوا عليهم بالربائث.
يريد ذكروهم الحاجات التي تربثهم.
ويقال اربث القوم إذا اختلطوا.
قال:

473
* رميناهم حتى إذا اربث جمعهم *
(ربج) الراء والباء والجيم كلمة واحدة إن صحت تدل على التحير.
قال الخليل التربج التحير.
قال:
* أتيت أبا ليلى ولم أتربج *
ويقال وهو قريب من ذلك إن الرباجة الفدامة.
(ربح) الراء والباء والحاء أصل واحد يدل على شف في مبايعة.
من ذلك ربح فلان في بيعه يربح إذا استشف.
وتجارة رابحة يربح فيها.
يقال ربح وربح كما يقال مثل ومثل.
فأما قول الأعشى:
* مثل ما مد نصاحات الربح *
فقال قوم النصاحات الخيوط وهي الأروية.
والربح الخيل والإبل تجلب للبيع والتربح.
فأما قوله:
* قروا أضيافهم ربحا ببح *

474
فقال ابن دريد ومما شذ عن الباب الرباح يقال إنه القرد.
(ربخ) الراء والباء والخاء أصيل يدل على فترة واسترخاء.
قالوا مشى حتى تربخ أي استرخى.
ويقولون للكثير اللحم الربيخ.
ويقال إن الربوخ المرأة يغشى عليها عند البضاع.
(ربد) الراء والباء والدال أصلان أحدهما لون من الألوان والآخر الإقامة.
فالأول الربدة وهو لون يخالط سواده كدرة غير حسنة.
والنعامة ربداء ويقال للرجل إذا غضب حتى يتغير لونه ويكلف قد تربد.
وشاة ربداء وهي سوداء منقطة بحمرة وبياض والأربد ضرب من الحيات خبيث له ربدة في لونه.
وربدت الشاة وذلك إذا أضرعت فترى في ضرعها لمع سواد وبياض.
ومن الباب قولهم السماء متربدة أي متغيمة فأما ربد السيف فهو فرند ديباحة وهي هذلية.
قال:
وصارم أخلصت خشيبته * أبيض مهو في متنه ربد
ويمكن رده إلى الأصل الذي ذكرناه.
فيقال:
وأما الأصل الآخر فالمربد موقف الإبل واشتقاقه من ربد أي أقام.
قال ابن الأعرابي ربده إذا حبسه.
والمربد البيدر أيضا.
وناس يقولون إن

475
المربد الخشبة أو العصا توضع في باب الحظيرة تعترض صدور الإبل فتمنعها من الخروج.
كذا رويت عن أبي زيد.
وأحسب هذا غلطا وإنما المربد محبس النعم.
والخشبة هي عصا المربد.
ألا ترى أن الشاعر أضافها إلى المربد فقال سويد بن كراع:
عواصي إلا ما جعلت وراءها * عصا مربد تغشى نحورا وأذرعا
(ربذ) الراء والباء والذال أصل يدل على خفة في شيء.
من ذلك الربذ وهو خفة القوائم.
والخفيف القوائم ربذ.
ومن الباب الربذة وهي صوفة يهنأ بها البعير.
ويقال إن خرقة الحائض تسمى ربذة.
وقال بعضهم الربذة الخرقة التي يجلو بها الصائغ الحلى.
فأما الربذ فالعهون التي تعلق في أعناق الإبل الواحدة ربذة.
والقياس في كله واحد وهو يرجع إلى ما ذكرناه من الخفة.
ومما يقرب من هذا قولهم إن فلانا لذو ربذات أي هو كثير السقط في الكلام.
ولا يكون ذلك إلا من خفة وقلة تثبت.
(ربس) الراء والباء والسين أصل واحد ذكره ابن دريد قال أصل الربس الضرب باليدين.
يقال أصل الربس الضرب يقال ربسه بيديه.
قال ويقولون داهية ربساء.
أي شديدة وهي على الأصل الذي ذكرناه وكأنها تخبط الناس بيديها.

476
وذكر غيره وهو قريب من الذي أصله أن الارتباس الاكتناز في اللحم وغيره يقال كبش ربيس أي مكتنز.
ومما شذ عن ذلك قولهم اربس اربساسا إذا ذهب في الأرض.
(ربص) الراء والباء والصاد أصل واحد يدل على الانتظار.
من ذلك التربص.
يقال تربصت به.
وحكى السجستاني لي بالبصرة ربصة ولى في متاعي ربصة أي لي فيه تربص.
(ربض) الراء والباء والضاد أصل يدل على سكون واستقرار من ذلك ربضت الشاة وغيرها تربض ربضا.
والربيض الجماعة من الغنم الرابضة وربض البطن ما ولي الأرض من البعير وغيره حين يربض.
والربض ما حول المدينة ومسكن كل قوم ربض.
والربضة مقتل كل قوم قتلوا في بقعة واحدة.
فأما قولهم قربة ربوض للواسعة فمن الباب كأنها تملأ فتربض أو تروي فتربض.
فأما الربوض فهي الدوحة والشجرة العظيمة وسميت بذلك لأنه يؤوى إليها ويربض تحتها.
قال ذو الرمة:
* تجوف كل أرطاة ربوض *
والأرباض حبال الرحل لأنها يشد بها فيسكن.
ومأوى الغنم ربضها؛

477
لأنها تربض فيه.
وقال قوم أربضت الشمس إذا اشتد حرها حتى تربض الشاة والظبى.
وربض الرجل وربضة امرأته والقياس مطرد لأنها سكنه.
والدليل على صحة هذا القياس أنهم يسمون المسكن كله ربضا.
وقال الشاعر:
جاء الشتاء ولما أتخذ ربضا * يا ويح كفي من حفر القراميص
فأما الرويبضة الذي جاء في الحديث وتنطق الرويبضة فهو الرجل التافه الحقير.
وسمي بذلك لأنه يربض بالأرض لقلته وحقارته لا يؤبه له.
(ربط) الراء والباء والطاء أصل واحد يدل على شد وثبات.
من ذلك ربطت الشيء أربطه ربطا والذي يشد به رباط.
ومن الباب الرباط ملازمة ثغر العدو كأنهم قد ربطوا هناك فثبتوا به ولازموه.
ورجل رابط الجأش أي شديد القلب والنفس.
قال لبيد:
رابط الجأش على فرجهم * أعطف الجون بمربوع متل
وقال ابن أحمر:
أربط جأشا عن ذري قومه * إذ قلصت عما تواري الأزر
ويقال ارتبطت الفرس للرباط.
ويقال إن الرباط من الخيل الخمس من الدواب فما فوقها.
ولآل فلان رباط من الخيل كما يقال تلاد وهو أصل ما يكون عنده من خيل.
قالت ليلى الأخيلية:

478
قوم رباط الخيل وسط بيوتهم * وأسنة زرق يخلن نجوما
ويقال قطع الظبي رباطه أي حبالته وذكر عن الشيباني ماء مترابط أي دائم لا يبرح.
قالوا والربيط لقب الغوث بن مر.
فأما قولهم للتمر ربيط فيقال إنه الذي ييبس فيصب عليه الماء.
ولعل هذا من الدخيل وقيل إنه بالدال الربيد وليس هو بأصل.
(ربع) الراء والباء والعين أصول ثلاثة أحدها جزء من أربعة أشياء والآخر الإقامة والثالث الإشالة والرفع.
فأما الأول فالربع من الشيء يقال ربعت القوم أربعهم إذا أخذت ربع أموالهم وربعتهم أربعهم إذا كنت لهم رابعا.
والمرباع من هذا وهو شيء كان يأخذه الرئيس وهو ربع المغنم.
قال عبد الله بن عنمة الضبي:
لك المرباع منها والصفايا * وحكمك والنشيطة والفضول
وفي الحديث لم أجعلك تربع أي تأخذ المرباع.
فأما قول لبيد:
* أعطف الجون بمربوع متل *
قولان أحدهما أنه أراد الرمح وهو الذي ليس بطويل ولا قصير كما يقال رجل ربعة من الرجال.
ومن قال هذا القول ذهب إلى أن الباء بمعنى مع كأنه

479
قال أعطف الجون وهو فرسه ومعي مربوع متل.
وقياس الربعة من الباب الثاني.
والقول الثاني أنه أراد عنانا على أربع قوى.
وهذا أظهر الوجهين.
ومن الباب رباعيات الأسنان ما دون الثنايا.
والربع في الحمى والورد ما يكون في اليوم الرابع وهو أن ترد يوما وترعى يومين ثم ترد اليوم الرابع.
يقال ربعت عليه الحمى وأربعت.
والأربعاء على أفعلاء من الأيام.
وقد ذكر الأربعاء بفتح الباء.
ومن الباب الربيع وهو زمان من أربعة أزمنة والمربع منزل القوم في ذلك الزمان.
والربع الفصيل ينتج في الربيع.
وناقة مربع إذا نتجت في الربيع فإن كان ذلك عادتها فهي مرباع.
ومن الباب أربع الرجل إذا ولد له في الشباب وولده ربعيون.
والأصل الآخر الإقامة يقال ربع يربع.
والربع محلة القوم.
ومن الباب القوم على ربعاتهم أي على أمورهم الأول كأنه الأمر الذي أقاموا عليه قديما إلى الأبد.
ويقولون اربع على ظلعك أي تمكث وانتظر.
ويقال غيث مربع مرتع.
فالمربع الذي يحبس من أصابه في مربعه عن الارتياد والنجعة.
والمرتع الذي ينبت ما ترتع فيه الإبل.
والأصل الثالث ربعت الحجر إذا أشلته.
ومنه الحديث أنه مر بقوم يربعون حجرا ويرتبعون.
والحجر نفسه ربيعة.
والمربعة العصا التي تحمل بها الأحمال حتى توضع على ظهور الدواب.
وأنشد:

480
أين الشظاظان وأين المربعة * وأين وسق الناقة المطبعة
الشظاظان العودان اللذان يجعلان في عرى الجوالق.
والمطبعة المثقلة والوسق الحمل.
ويقال الربيعة البيضة من السلاح.
ويقال رابعني فلان إذا حمل معك الحمل بالمربعة.
ومما شذ عن الأصول الربعة وهي المسافة بين أثافي القدر.
(ربغ) الراء والباء والغين كلمة واحدة إن صحت.
يقولون ربيع رابغ أي خصيب حكيت عن أبي زيد.
وحكي عن ابن دريد الربغ التراب المدقق.
(ربق) الراء والباء والقاف أصل واحد وهو شيء يدور بشيء.
كالقلادة في العنق ثم يتفرع.
فالربقة الخيط في العنق.
وفي كلامهم ربدت الضأن فربق ربق إذا أضرع الشاء فهيء الربق لأولادها فإنها تنزل لبنها عند الولادة.
والربيقة البهيمة المربوقة في الربقة.
وجاء في الحديث لكم الوفاء بالعهد ما لم تأكلوا الرباق وهو جمع ربق وهو الحبل وأراد العهد.
شبه ما لزم الأعناق بالربق الذي يجعل في أعناق البهم.
ويقال ربقت فلانا

481
في هذا الأمر إذا أوقعته فيه حتى ارتبق.
وأم الربيق الداهية كأنها تدور بالناس حتى يرتبقوا فيها.
(ربك) الراء والباء والكاف كلمة تدل على خلط واختلاط.
فالربك إصلاح الثريد وخلطه.
ويقال له حين يفعل به ذلك الربيكة.
ويقال ارتبك في الأمر إذا لم يكد يتخلص منه.
(ربل) الراء والباء واللام أصل واحد يدل على تجمع وكثرة في انضمام.
يقال ربل القوم يربلون.
والربيلة السمن.
قال الشاعر:
ولم يك مثلوج الفؤاد مهبجا * أضاع الشباب في الربيلة والخفض
ومن الباب الربلة باطن الفخذ والجمع الربلات.
وامرأة متربلة كثيرة اللحم وقد تربلت.
والاسم الربالة.
ومما يقارب هذا الباب الربل وهو ضروب من الشجر إذا برد الزمان عليها وأدبر الصيف تفطرت بورق أخضر من غير مطر.
يقال تربلت الأرض.
ومن الذي يقارب هذا الرئبال وهو الأسد سمي بذلك لتجمع خلقه.
(ربن) الراء والباء والنون إن جعلت النون فيه أصلية فكلمة واحدة وهي الربان.
يقال أخذت الشيء بربانه أي بجميعه.
وقال

482
آخرون ربان كل شيء حدثانه.
وقال ابن أحمر:
وإنما العيش بربانه * وأنت من أفنانه معتصر
يريد بربانه بجدته وطراءته.
(ربىأ) الراء والباء والحرف المعتل وكذلك المهموز منه يدل على أصل واحد وهو الزيادة والنماء والعلو.
تقول من ذلك ربا الشيء يربو إذا زاد.
وربا الرابية يربوها إذا علاها.
وربا أصابه الربو والربو علو النفس.
قال:
حتى علا رأس يفاع فربا * رفه عن أنفاسها وما ربا
أي رباها وما أصابه الربو.
والربوة والربوة المكان المرتفع.
ويقال أربت الحنطة زكت وهي تربي.
والربوة بمعنى الربوة أيضا.
ويقال ربيته وتربيته إذا غذوته.
وهذا مما يكون على معنيين أحدهما من الذي ذكرناه لأنه إذا ربي نما وزكا وزاد.
والمعنى الآخر من ربيته من التربيب.
ويجوز [أن يكون أصل] إحدى الباءات ياء.
والوجهان جيدان.

483
والربا في المال والمعاملة معروف وتثنيته ربوان وربيان.
والأربية من هذا الباب يقال هو في أربية قومه إذا كان في عالي نسبه من أهل بيته.
ولا تكون الأربية في غيرهم.
وأنشد:
وإني وسط ثعلبة بن غنم * إلى أربية نبتت فروعا
والأربيتان لحمتان عند أصول الفخذ من باطن.
وسميتا بذلك لعلوهما على ما دونهما.
وأما المهموز فالمربأ والمربأة من الأرض وهو المكان العالي يقف عليه عين القوم.
ومربأة البازي المكان يقف عليه.
قال امرؤ القيس:
وقد أغتدي ومعي القانصان * وكل بمربأة مقتفر
وأنا أربأ بك عن هذا الأمر أي أرتفع بك عنه.
وذكر ابن دريد: لفلان على فلان رباء ممدود أي طول.
قال أبو زيد رابأت الأمر مرابأة أي حذرته واتقيته.
وهو من الباب كأنه يرقبه.
قال ابن السكيت ما ربأت ربء فلان أي ما علمت به.
كأنه يقول ما رقبته.
ومنه فعل فعلا ما ربأت به أي ما ظننته.
والله أعلم بالصواب.

484
(باب الراء والتاء وما يثلثهما)
(رتج) الراء والتاء والجيم أصل واحد وهو يدل على إغلاق وضيق.
من ذلك أرتج على فلان في منطقة وذلك إذا انغلق عليه الكلام.
وهو من أرتجت الباب أي أغلقته.
يقال رتج الرجل في منطقة رتجا.
والرتاج الباب الغلق.
كذا قال الخليل.
وروى في الحديث من جعل ماله في رتاج الكعبة قالوا هو الباب ولم يرد الباب بعينه لكنه أراد أنه جعل ماله هديا للكعبة يريد النذر.
قال:
إذا أحلفوني في علية أجنحت * يميني إلى شطر الرتاج المضبب
قال الأصمعي أرتجت الناقة إذا أغلقت رحمها على الماء.
وأرتجت الدجاجة إذا امتلأ بطنها بيضا.
ويقال إن المراتج الطرق الضيقة.
والرتائج الصخور المتراصفة.

485
(رتخ) الراء والتاء والخاء ليس بشيء.
على أنهم يقولون رتخ العجين رتخا إذا رق.
وكذلك الطين.
(رتع) الراء والتاء والعين كلمة واحدة وهي تدل على الاتساع في المأكل.
تقول رتع يرتع إذا أكل ما شاء ولا يكون ذلك إلا في الخصب.
والمراتع مواضع الرتعة وهذه المنزلة يستقر فيها الإنسان.
(رتب)..................
ومن هذا الباب قولهم أمر ترتب كأنه تفعل من رتب إذا دام.
والرتب الشدة والنصب.
قال ذو الرمة:
* ما في عيشه رتب *
والرتب ما أشرف من الأرض كالدرج.
تقول رتبة ورتب كقولك درجة ودرج.
فأما قولهم في الرتب إنه ما بين السبابة والوسطى فمسموع إلا أنه وما أشبهه ليس من محض اللغة.

486
(باب الراء والثاء وما يثلثهما)
(رثد) الراء والثاء والدال أصل واحد يدل على نضد وجمع.
يقال منه رثدت المتاع إذا نضدت بعضه على بعض.
والمتاع المنضود رثد.
وبذلك سمي الرجل مرثدا.
ومتاع رثيد ومرثود.
وهو قوله:
فتذكرا ثقلا رثيدا بعدما * ألقت ذكاء يمينها في كافر
وحكى الكسائي أرثد الرجل بالأرض كذا أي أقام ويقال إن المرثد الكريم من الرجال.
فأما قول القائل إن الرثد ضعفة الناس فذلك بمعنى التشبيه كأنهم شبهوا بالمتاع الذي ينضد بعضه فوق بعض.
يقولون تركنا على الماء رثدا ما يطيقون تحملا.
والرثد أيضا ما يتلبد من الثرى.
يقال احتفر القوم حتى أرثدوا أي بلغوا ذلك.
(رثع) الراء والثاء والعين أصل صحيح يدل على جشع وطمع.
كذا قال الخليل إن الرثع الطمع والحرص.
قال الكسائي رجل راثع وهو الذي يرضى من العطية بالطفيف ويخادن أخدان السوء.
يقال رثع رثعا.

487
(رثم) الراء والثاء والميم أصيل يدل على لطخ شيء بشيء.
يقال رثمت المرأة أنفها بالطيب طلته.
قال:
* شماء مارنها بالمسك مرثوم *
ومن هذا الباب رثم أنفه وذلك إذا ضرب حتى يسيل دمه.
ومن الباب الرثم بياض في جحفلة الفرس العليا.
وهي الرثمة.
وهو القياس كأن الجحفلة قد رثمت ببياض.
(رثن) الراء والثاء والنون ليس بشيء.
وربما قالوا أرض مرثونة.
الرثان وهو مما زعموا شبه الرذاذ.
(رثى) الراء والثاء والحرف المعتل أصيل على رقة وإشفاق.
يقال رثيت لفلان رققت.
ومن الباب قولهم رثى الميت بشعر.
ومن العرب من يقول رثأت.
وليس بالأصل.
ومن الباب الرثية وجع في المفاصل.
فأما المهموز فهو أيضا أصيل يدل على اختلاط.
يقال أرثأ اللبن خثر.
والاسم الرثيئة.
قالوا في أمثالهم إن الرثيئة مما يطفئ الغضب.
قال أبو زيد يقال ارتثأ عليهم أمرهم اختلط.
ومنه الرثيئة.
ويقال ارتثأ في رأيه أي خلط.
وهم يرثؤون رثأ.
ويقال الرثيئة أن يخلط اللبن الحامض بالحلو.
والله أعلم بالصواب.

488
(باب الراء والجيم وما يثلثهما)
(رجح) الراء والجيم والحاء أصل واحد يدل على رزانة وزيادة.
يقال رجح الشيء وهو راجح إذا رزن وهو من الرجحان فأما الأرجوحة فقد ذكرت في مكانها.
ويقال أرجحت إذا أعطيت راجحا.
وفي الحديث زن وأرجح.
وتقول ناوأنا قوما فرجحناهم أي كنا أرزن منهم.
وقوم مراجيح في الحلم الواحد مرجاح.
ويقال إن الأراجيح الإبل لاهتزازها في رتكانها إذا مشت.
وهو من الباب لأنها تترجح وتترجح أحمالها.
وذكر بعضهم أن الرجاح المرأة العظيمة العجز.
وأنشد:
* ومن هواي الرجح الأثائث *
(رجز) الراء والجيم والزاء أصل يدل على اضطراب.
من ذلك الرجز داء يصيب الإبل في أعجازها فإذا ثارت الناقة ارتعشت فخذاها.
ومن هذا اشتقاق الرجز من الشعر لأنه مقطوع مضطرب.
والرجازة كساء يجعل فيه أحجار تعلق بأحد جانبي الهودج إذا مال وهو يضطرب.
والرجازة أيضا صوف يعلق على الهودج يزين به.
فأما الرجز الذي هو العذاب،

489
والذي هو الصنم في قوله جل ثناؤه * (والرجز فاهجر المدثر 5) * فذاك من باب الإبدال لأن أصله السين وقد ذكر.
(رجس) الراء والجيم والسين أصل يدل على اختلاط.
يقال هم في مرجوسة من أمرهم أي اختلاط.
والرجس صوت الرعد وذلك أنه يتردد.
وكذلك هدير البعير رجس.
وسحاب رجاس وبعير رجاس.
وحكى ابن الأعرابي هذا راجس حسن أي راعد حسن.
ومن الباب الرجس القذر لأنه لطخ وخلط.
(رجع) الراء والجيم والعين أصل كبير مطرد منقاس يدل على رد وتكرار.
تقول رجع يرجع رجوعا إذا عاد.
وراجع الرجل امرأته وهي الرجعة والرجعة.
والرجعي الرجوع.
والراجعة الناقة تباع ويشترى بثمنها مثلها والثانية هي الراجعة.
وقد ارتجعت.
وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في إبل الصدقة ناقة كوماء فسأل عنها فقال المصدق إني ارتجعتها بإبل.
والاسم من ذلك الرجعة.
قال:
جرد جلاد معطفات على ال‍ * ‍أورق لا رجعة ولا جلب
وتقول أعطيته كذا ثم ارتجعته أيضا صحيح بمعناه.
قال الشاعر:
نفضت بك الأحلاس نفض إقامة * واسترجعت نزاعها الأمصار
وامرأة راجع مات زوجها فرجعت إلى أهلها.
والترجيع في الصوت ترديده.
والرجع رجع الدابة يديها في السير.
والمرجوع ما يرجع إليه من الشيء.
والمرجوع جواب الرسالة.
قال حميد:

490
ولو أن ربعا رد رجعا لسائل * أشار إلي الربع أو لتكلما
وأرجع الرجل يده في كنانته ليأخذ سهما.
وهو قول الهذلي:
* قعيث في الكنانة يرجع *
والرجاع رجوع الطير بعد قطاعها.
والرجيع الجرة لأنه يردد مضغها.
قال الأعشى:
وفلاة كأنها ظهر ترس * ليس إلا الرجيع فيها علاق
والرجيع من الدواب ما رجعته من سفر إلى سفر.
وأرجعت الإبل إذا كانت مهازيل فسمنت وحسنت حالها وذلك رجوعها إلى حالها الأولى.
فأما الرجع ف‍ [‍الغيث] وهو المطر في قوله جل وعز: * (والسماء ذات الرجع الطارق 11) * وذلك أنها تغيث وتصب ثم ترجع فتغيث.
وقال:
وجاءت سلتم لا رجع فيها * ولا صدع فتحتلب الرعاء
(رجف) الراء والجيم والفاء أصل يدل على اضطراب.
يقال رجفت الأرض والقلب.
والبحر رجاف لاضطرابه.
وأرجف الناس في الشيء إذا خاضوا فيه واضطربوا.

491
(رجل) الراء والجيم واللام معظم بابه يدل على العضو الذي هو رجل كل ذي رجل.
ويكون بعد ذاك كلمات تشذ عنه.
فمعظم الباب الرجل رجل الإنسان وغيره.
والرجل الرجالة.
وإنما سموا رجلا لأنهم يمشون على أرجلهم والرجال والرجالى الرجال.
والرجلان الراجل والجماعة رجلي.
قال:
علي إذا لاقيت ليلى بخلوة * زيارة بيت الله رجلان حافيا
رجلت الشاة علقتها برجلها.
ويقال كان ذاك على رجل فلان أي في زمانه.
والأرجل من الدواب الذي ابيض أحد رجليه مع سواد سائر قوائمه وهو يكره.
والأرجل العظيم الرجل.
ورجل رجيل وذو رجلة أي قوي على المشي.
ورجلت أرجل رجلا.
وترجلت في البئر إذا نزلت فيها من غير أن تدلى.
وارتجل الفرس ارتجالا إذا خلط العنق بالهملجة.
وأرجلت الفصيل تركته يمشي مع أمه يرضع متى شاء.
ويقال راجل بين الرجلة.
وارتجلت الرجل أخذت برجله.
قال الخليل رجل القوس سيتها العليا ورجل الطائر ضرب من الميسم.
ورجل الغراب ضرب من صر أخلاف النوق.
وحرة رجلاء يصعب المشي فيها.
وهذا كله يرجع إلى الباب الذي ذكرناه

492
ومما شذ عن ذاك الرجل الواحد من الرجال وربما قالوا للمرأة الرجلة.
ومما شذ عن الأصل أيضا الرجلة هي التي يقال لها البقلة الحمقاء.
قالوا وإنما سميت الحمقاء لأنها لا تنبت إلا في مسيل ماء.
وقال قوم بل الرجل مسايل الماء واحدتها رجلة.
فأما قولهم ترجل النهار إذا ارتفع فهو من الباب الأول كأنه استعارة أي إنه قام على رجله.
وكذلك رجلت الشعر هو من هذا كأنه قوي.
والمرجل مشتق من هذا أيضا لأنه إذا نصب فكأنه أقيم على رجل.
ومما شذ عن هذه الأصول ما رواه الأموي قال إذا ولدت الغنم بعضها بعد بعض قالوا ولدتها الرجيلاء.
(رجم) الراء والجيم والميم أصل واحد يرجع إلى وجه واحد وهي [الرمي ب‍) الحجارة ثم يستعار ذلك.
من ذلك الرجام وهي الحجارة.
يقال رجم فلان إذا ضرب بالحجارة.
وقال أبو عبيدة وغيره الرجام حجر يشد في طرف الحبل ثم يدلى في البئر فتخضخض الحمأة حتى تثور ثم يستقى ذلك الماء فتستنقي البئر.
والرجمة القبر ويقال هي الحجارة التي تجمع على القبر ليسنم.
وفي الحديث لا ترجموا قبري أي لا تجعلوا عليه الحجارة دعوه مستويا.

493
وقال بعضهم الرجام حجر يشد بطرف عرقوة الدلو ليكون أسرع لانحدارها.
والذي يستعار من هذا قولهم رجمت فلانا بالكلام إذا شتمته.
وذكر في تفسير ما حكاه عز وجل في قصة إبراهيم عليه السلام * (لئن لم تنته لأرجمنك مريم 46) * أي لأشتمنك وكأنه إذا شتمه فقد رجمه بالكلام أي ضربه به كما يرجم الإنسان بالحجارة.
وقال قوم لأرجمنك لأقتلنك.
والمعنى قريب من الأول.
(رجن) الراء والجيم والنون أصلان أحدهما المقام والآخر الاختلاط.
فالأول قولهم رجن بالمكان رجونا أقام.
والراجن الآلف من الطير وغيره.
والثاني قولهم ارتجن أمرهم اختلط.
وهو من قولهم ارتجنت الزبدة إذا فسدت في المخض.
(رجى) الراء والجيم والحرف المعتل أصلان متباينان يدل أحدهما على الأمل والآخر على ناحية الشيء.
فالأول الرجاء وهو الأمل.
يقال رجوت الأمر أرجوه رجاء.
ثم يتسع في ذلك فربما عبر عن الخوف بالرجاء.
قال الله تعالى * (ما لكم لا ترجون لله وقارا نوح 13) * أي لا تخافون له عظمة.
وناس يقولون ما أرجو أي ما أبالي.
وفسروا الآية على هذا وذكروا قول القائل:

494
إذا لسعته النحل لم يرج لسعها * وخالفها في بيت نوب عوامل
قالوا معناه لم يكترث.
ويقال للفرس إذا دنا نتاجها قد أرجت ترجي إرجاء.
وأما الآخر فالرجا مقصور الناحية من البئر وكل ناحية رجا.
قال الله جل جلاله * (والملك على أرجائها الحاقة 17) *.
والتثنية الرجوان.
قال:
فلا يرمى بي الرجوان إني * أقل الناس من يغني غنائي
وأما المهموز فإنه يدل على التأخير.
يقال أرجأت الشيء أخرته.
قال الله جل ثناؤه * (ترجي من تشاء منهن الأحزاب 51) * ومنه سميت المرجئة.
قال الشيباني أرجأت.
(رجب) الراء والجيم والباء أصل يدل على دعم شيء بشيء وتقويته.
من ذلك الترجيب وهو أن تدعم الشجرة إذا كثر حملها لئلا تنكسر أغصانها ومن ذلك حديث الأنصاري أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب يريد أنه يعول على رأيه كما تعول النخلة على الرجبة التي عمدت بها.
ومن هذا الباب رجبت الشيء أي عظمته.
كأنك جعلته عمدة تعمده لأمرك يقال إنه لمرجب.
والذي حكاه الشيباني يقرب من هذا قال الرجب الهيبة.

495
يقال رجبت الأمر إذا هبته.
وأصل هذا ما ذكرناه من التعظيم والتعظيم يرجع إلى ما ذكرناه من السيد المعظم كأنه المعتمد والمعول.
والكلام يتفرع بعضه من بعض كما قد شرحناه.
ومن الباب رجب لأنهم كانوا يعظمونه وقد عظمته الشريعة أيضا.
فإذا ضموا إليه شعبان قالوا رجبان.
ومن الذي شذ عن الباب الأرجاب الأمعاء.
ويقال إنه لا واحد لها من لفظها.
فأما الرواجب فمفاصل الأصابع ويقال بل الراجبة ما بين البرجمتين من السلامي بين المفصلين.
(رجد) الراء والجيم والدال ذكرت فيه كلمة.
قالوا الإرجاد الإرعاد.
(باب الراء والحاء وما يثلثهما)
(رحض) الراء والحاء والضاد أصل يدل على غسل الشيء.
يقال رحضت الثوب إذا غسلته.
قال:
مهامه أشباه كأن سرابها * ملاء بأيدي الغاسلات رحيض
ويقال للمغتسل المرحاض.
فأما عرق الحمى فإنه يسمى الرحضاء وهو ذاك القياس كأنها رحضت الجسم أي غسلته.

496
(رحق) الراء والحاء والقاف كلمة واحدة.
وهي الرحيق اسم من أسماء الخمر ويقال هي أفضلها.
(رحل) الراء والحاء واللام أصل واحد يدل على مضي في سفر.
يقال رحل يرحل رحلة.
وجمل رحيل ذو رحلة إذا كان قويا على الرحلة.
والرحلة الارتحال.
فأما الرحل في قولك هذا رحل الرجل لمنزله ومأواه فهو من هذا لأن ذلك إنما يقال في السفر لأسبابه التي إذا سافر كانت معه يرتحل بها وإليها عند النزول.
هذا هو الأصل ثم قيل لمأوى الرجل في حضره هو رحلة.
فأما قولهم لما ابيض ظهره من الدواب أرحل فهو من هذا أيضا لأنه يشبه بالدابة التي على ظهرها رحالة.
والرحالة السرج.
ويقال في الاستعارة إن فلانا يرحل فلانا بما يكره.
والمرحل ضرب من برود اليمن وتكون عليه صور الرحال.
ويقال أرحلت الإبل سمنت بعد هزال فأطاقت الرحلة.
والرحال الطنافس الحيرية.
قال:
* نشرت عليه برودها ورحالها *
والراحلة المركب من الإبل ذكرا كان أو أنثى.
ويقال راحل فلان فلانا إذا عاونه على رحلته.
ورحله إذا أظعنه من مكانه.
وأرحله أعطاه

497
راحلة.
ورجل مرحل كثير الرواحل.
ويقولون في القذف يا ابن ملقى أرحل الركبان يشيرون به إلى أمر قبيح.
(رحم) الراء والحاء والميم أصل واحد يدل على الرقة والعطف والرأفة.
يقال من ذلك رحمه يرحمه إذا رق له وتعطف عليه.
والرحم والمرحمة والرحمة بمعنى.
والرحم علاقة القرابة ثم سميت رحم الأنثى رحما من هذا لأن منها ما يكون ما يرحم ويرق له من ولد.
ويقال شاة رحوم إذا اشتكت رحمها بعد النتاج وقد رحمت رحامة ورحمت رحما.
وقال الأصمعي كان أبو عمرو بن العلاء ينشد بيت زهير:
ومن ضريبته التقوى ويعصمه * من سيئ العثرات الله والرحم
قال ولم اسمع هذا الحرف إلا في هذا البيت.
وكان يقرأ: * (وأقرب رحما الكهف 81) * وكأن أبا عمرو ذهب إلى أن الرحم الرحمة.
ويقال إن مكة كانت تسمى أم رحم.
(رحى) الراء والحاء والحرف المعتل أصل واحد وهي الرحى الدائرة.
ثم يتفرع منها ما يقاربها في المعنى.
من ذلك رحى الحرب وهي حومتها.
والرحى رحى السحاب وهو مستداره.
ورحى القوم سيدهم.
وسمي بذلك

498
لأن مدارهم عليه.
والرحى سعدانة البعير لأنها مستديرة.
قال:
* رحى حيزومها كرحى الطحين *
قال الخليل الرحى والرحيان.
وثلاث أرح.
والأرحاء الكثيرة.
والأرحية كأنه جمع الجمع.
والأرحاء الأضراس.
وهذا على التشبيه أي كأنها تطحن الطعام.
ويقال على التشبيه أيضا للقطعة من الأرض الناشزة على ما حولها مثل النجفة رحى.
وناس من أهل اللغة يقولون رحى ورحوان قالوا والعرب تقول رحت الحية ترحو إذا استدارت.
(رحب) الراء والحاء والباء أصل واحد مطرد يدل على السعة.
من ذلك الرحب.
ومكان رحب.
وقولهم في الدعاء مرحبا أتيت سعة.
والرحبى أعرض الأضلاع في الصدر.
والرحيب الأكول وذلك لسعة جوفه.
ويقال رحبت الدار وأرحبت.
وفي كتاب الخليل قال نصر ابن سيار أرحبكم الدخول في طاعة الكرماني أي أوسعكم قال وهي كلمة شاذة على فعل مجاوزا.
والرحبة الأرض المحلال المئنات.
ويقال للخيل أرحبي أي توسعي.

499
(باب الراء والخاء وما يثلثهما)
(رخص) الراء والخاء والصاد أصل يدل على لين وخلاف شدة.
من ذلك اللحم الرخص هو الناعم.
ومن ذلك الرخص خلاف الغلاء.
والرخصة في الأمر خلاف التشديد.
وفي الحديث:
(إن الله جل ثناؤه يحب أن يؤخذ برخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه)
(رخف) الراء والخاء والفاء أصيل يدل على رخاوة ولين.
فيقال إن الرخفة الزبدة الرقيقة.
ويقال أرخفت العجين إذا كثرت ماءه حتى يسترخي.
ويقال منه رخف يرخف.
ويقولون صار الماء رخفة أي طينا رقيقا.
والرخفة حجارة خفاف جوف.
(رخل) الراء والخاء واللام كلمة واحدة وهي الرخل الأنثى من أولاد الضأن والذكر حمل ويجمع الرخل رخالا.
(رخم) الراء والخاء والميم أصل يدل على رقة وإشفاق.
يقال ألقى فلان على فلان رخمته وذلك إذا أظهر أشفاقا عليه ورقة له.
ومن ذلك الكلام الرخيم هو الرقيق.
قال امرؤ القيس:
رخيم الكلام قطيع القيام * تفتر عن ذي غروب خصر

500
والرخمة الطائر الذي يقال له الأنوق يقال سمي بذلك لرخمته على بيضته يقال إنه لم ير له بيض قط.
وهو الذي أراده الكميت بقوله:
وذات اسمين والألوان شتى * تحمق وهي بينة الحويل
ومن هذا الباب قول أهل العربية الترخيم وذلك إسقاط شيء من آخر الاسم في النداء كقولهم يا مالك يا مال ويا حارث يا حار.
كأن الاسم لما ألقى منه ذلك رق.
قال زهير:
يا حار لا أرمين منكم بداهية * لم يلقها سوقة قبلي ولا ملك
ومما شذ عن هذا الأصل قولهم شاة رخماء وهي التي ابيض رأسها.
(رخو) الراء والخاء والحرف المعتل أصل يدل على لين وسخافة عقل.
من ذلك شيء رخو بكسر الراء.
قال الخليل رخو أيضا لغتان.
يقال منه رخي يرخى ورخو إذا صار رخوا.
ويقال أرخت الناقة إذا استرخى صلاها.
وفرس رخو إذا كانت سهلة مسترسلة في قول أبي ذؤيب:
* فهي رخو تمزع *
ويقال استرخى به الأمر واسترخت به حاله إذا وقع في حال حسنة غير شديدة.
وتراخى عن الأمر إذا قعد عنه وأبطأ.
ومن الباب الرخاء وهي الريح

501
اللينة.
قال الله تعالى:
* (فسخرنا له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب ص 26) *.
والإرخاء من ركض الخيل ليس بالحضر الملهب.
يقال فرس مرخاء من خيل مراخ وهو عدو فوق التقريب.
قال أبو عبيد الإرخاء أن يخلى الفرس وشهوته في العدو غير متعب له.
وهذه أرخية لما أرخيت من شيء.
(رخد) الراء والخاء والدال كلمة واحدة ليس لها قياس.
ويقال الرخود اللين العظام.
(باب الراء والدال وما يثلثهما)
(ردس) الراء والدال والسين أصيل يدل على ضرب شيء بشيء.
يقال ردست الأرض بالصخرة وغيرها إذا ضربتها بها.
والمرداس صخرة عظيمة مفعال من ردست.
قال الأصمعي ما أدري أين ردس أي ذهب.
والقياس واحد لأن الذاهب يقال له ذهب في الأرض وضرب في الأرض.
(ردك) الراء والدال والكاف ليس أصلا لكنهم يقولون خلق مرودك أي سمين.
قال:
* قامت تريك خلقها المرودكا *
(ردع) الراء والدال والعين أصل واحد يدل على منع وصرع.
يقال ردعته عن هذا الأمر فارتدع.
ويقال للصريع الرديع.
حكاه ابن الأعرابي

502
والمرتدع من السهام الذي إذا أصاب الهدف انفضخ عوده.
والمرتدع المتلطخ بالشيء.
قال ابن مقبل:
* يجري بديباجتيه الرشح مرتدع *
فالمرتدع المتلطخ ويقال إنه من الردع والردع الدم.
قال بعض أهل اللغة.
ومنه يقال للقتيل ركب ردعه.
والأصل في هذا كله ما ذكرناه أن الردع الصرع وإذا صرع ارتدع بدمه إن كان هناك دم.
قال ابن الأعرابي ركب ردعه إذا خر لوجهه.
ومن الباب الرداع وهو وجع الجسم أجمع وهذا صحيح لأن السقيم صريع.
قال:
فواحزني وعاودني رداعي * وكان فراق لبنى كالخداع
(ردغ) الراء والدال والغين أصيل يدل على استرخاء واضطراب.
من ذلك الردغ الماء والطين.
ومنه الرديغ وهو الأحمق والأحمق مضطرب الرأي.
ومما شذ عن ذلك المرادغ ما بين العنق والترقوة.
(ردف) الراء والدال والفاء أصل واحد مطرد يدل على اتباع الشيء.
فالترادف التتابع.
والرديف الذي يرادفك.
وسميت العجيزة ردفا من ذلك.
ويقال نزل بهم أمر فردف لهم أعظم منه أي تبع الأول ما كان أعظم منه.
والرداف موضع مركب الردف.
وهذا برذون لا يرادف،

503
أي لا يحمل رديفا.
وأرداف النجوم تواليها.
ويقال أتينا فلانا فارتدفناه ارتدافا أي أخذناه أخذا.
والرديف النجم الذي ينوء من المشرق إذا انغمس رقيبه في المغرب وأرداف الملوك في الجاهلية الذين كانوا يخلفون الملوك.
والردفان الليل والنهار.
وفي شعر لبيد الردف وهو ملاح السفينة.
وهذا أمر ليس له ردف أي ليست له تبعة.
قال الأصمعي تعاونوا عليه وترادفوا وترافدوا بمعنى ويقال رادف الجراد والمرادفة ركوب الذكر الأنثى.
قال أبو حاتم الرديف الذي يجيء بقدحه بعد أن فاز من الأيسار واحد أو اثنان ويسألهم أن يدخلوا قدحه في قداحهم.
قال الأصمعي الردافى هم الحداة لأنهم إذا أعيا أحدهم خلفه الأخر.
قال الراعي:
وخود من اللائي يسمعن بالضحى * قريض الردافي بالغناء المهود
والروافد رواكيب النخل.
(ردم) الراء والدال والميم أصل واحد يدل على سد ثلمة.
يقال ردمت الباب والثلمة.
والردم مصدر والردم اسم.
والثوب المردم هو الخلق المرقع.
فأما قوله:
هل غادر الشعراء من متردم * أم هل عرفت الدار بعد توهم
على رواية من رواه كذا فإنه فيما يقال الكلام يلصق بعضه ببعض.

504
ومن الباب أردمت عليه الحمى دامت وأطبقت.
يقال ورد مردم وسحاب مردم.
(ردن) الراء والدال والنون هذا باب متفاوت الكلم لا تكاد تلتقي منه كلمتان في قياس واحد فكتبناه على ما به ولم نعرض لاشتقاق أصله ولا قياسه.
فالردن مقدم الكم.
يقال أردنت القميص جعلت له ردنا والجمع أردان.
قال:
وعمرة من سروات النسا * ء ينفح بالمسك أردانها
ويقولون إن الردن الخز في قول الأعشى:
فأفنيتها وتعللتها * على صحصح ككساء الردن
والرمح الرديني منسوب إلى امرأة كانت تسمى ردينة.
ويقال للبعير إذا خالطت حمرته صفرة هو أحمر رادني والناقة رادنية.
ويقولون إن المردن المغزل الذي يغزل به الردن.
وليس هذا ببعيد.
ويقال إن الرادن الزعفران.
وينشد:
* وأخذت من رادن وكركم *
وحكى عن الفراء ردن جلده ردنا أي تقبض.
والأردن النعاس الشديد.
قال:
* قد أخذتني نعسة أردن *

505
ولم يسمع من أردن فعل.
قال قطرب الردن الغرس الذي يخرج مع الولد من بطن أمه وتقول العرب هذا مدرع الردن.
قال الردن النضد.
تقول ردنت المتاع.
قال والردن صوت وقع السلاح بعضه على بعض.
(رده) الراء والدال والهاء أصيل يدل على هزم في صخرة أو غيرها.
قالوا الردهة قلت في الصفا يجتمع فيه ماء السماء والجمع رداه.
فأما الذي حكي عن الخليل فمخالف لما ذكرناه قال الردة شبة آكام خشنة كثيرة الحجارة الواحدة ردهة.
قال وهي تلال القفاف.
قال رؤبة:
* من بعد أنضاد التلال الردة *
(ردى) الراء والدال والياء أصل واحد يدل على رمي أو ترام وما أشبه ذلك.
يقال رديته بالحجارة أرديه رميته.
والحجر مرداة.
والردى ثلاثة مواضع ترجع إلى قياس ما قد ذكرناه.
فالأول ردى الحجر.
والثاني ردى الفرس أسرع.
وردت الجارية إذا رفعت إحدى رجليها وقفزت بواحدة وهو الثالث.
وكل ذلك يرجع إلى الترامي.
والرديان عدو الحمار بين آريه ومتمعكه.
ومن الباب الردى وهو الهلاك يقال ردي يردى إذا هلك.
وأرداه الله أهلكه.
والتردي التهور في المهوى.
يقال ردي في البئر كما يقال

506
تردى. قالها أبو زيد. ويقال ما أدري أين ردى أي أين ذهب.
وهو من الباب معناه ما أدري أين رمى بنفسه.
ومن الباب الرداة الصخرة وجمعها الردى.
قال:
* فحل مخاض كالردى المنقض *
وإذا قالوا للناقة مرداة فإنما شبهوها بالصخرة.
ويقال راديت عن القوم إذا راميت عنهم.
فأما قول طفيل:
يرادى على فأس اللجام كأنما * يرادى على مرقاة جذع مشذب
فليس هذا من الباب لأن هذا مقلوب.
ومعناه يراود.
وقد ذكر في موضعه.
ومما شذ عن الباب الرداء الذي يلبس ما أدري مم اشتقاقه وفي أي شيء قياسه.
يقال فلان حسن الردية من لبس الرداء.
ومما شذ أيضا قولهم أردى على الخمسين إذا زاد عليها.
فأما المهموز فكلمتان متباينتان جدا.
يقال أردأت أفسدت.
وردؤ الشيء فهو رديء.
والكلمة الأخرى أردأت إذا أعنت.
وفلان ردء فلان أي معينه.
قال الله جل جلاله في قصة موسى: * (فأرسله معي ردءا يصدقني القصص 34) *.
(ردج) الراء والدال والجيم ليس بشيء.
على أنهم يقولون إن الردج ما يلقيه المهر من بطنه ساعة يولد.
وينشدون:
لها ردج في بيتها تستعده * إذا جاءها يوما من الدهر خاطب

507
(ردح) الراء والدال والحاء أصل فيه ابن دريد أصلا.
قال أصله تراكم الشيء بعضه على بعض.
ثم قال كتيبة رداح كثيرة الفرسان.
وقال أيضا يقال أصل الرداح الشجرة العظيمة الواسعة.
ومن الباب فلان رداح أي مخصب.
ومن الباب الرداح المرأة الثقيلة الأوراك.
ومنه ردحت البيت وأردحته من الردحة وهو قطعة تدخل فيه أو زيادة تزاد في عمده.
وأنشد الأصمعي:
* بيت حتوف أردحت حمائره *
قال ابن دريد ردحت البيت إذا ألقيت عليه الطين.
(ردخ) الراء والدال والخاء ليس بشيء.
على أنهم حكوا عن الخليل أن الردخ الشدخ.
(ردب) الراء والدال والباء ليس بشيء.
ويقولون للقرميدة الإردبة.
والإردب مكيال لأهل مصر ضخم.
(باب الراء والذال وما يثلثهما)
(رذم) الراء والذال والميم أصيل يدل على سيلان شيء.
يقال

508
حفنة رذم إذا سالت دسما. وعظم رذوم كأنه من سمنة يسيل دسما.
قال:
* وفي كفها كسر أبح رذوم *
(رذا) الراء والذال والحرف المعتل يدل على ضعف وهزال.
فالرذية الناقة المهزولة من السير والجمع رذايا.
قال أبو دواد الهزج أو مجزوء الوافر:
رذايا كالبلايا أو * كعيدان من القضب
يقال منه أرذيتها.
(رذل) الراء والذال واللام قريب من الذي قبله.
فالرذل الدون من كل شيء وكذلك الرذال.
انقضى الثلاثي من الراء.
(باب الراء وما بعدها مما هو أكثر من ثلاث حروف)
هذا شيء يقل في كتاب الراء والذي جاء منه فمنحوت أو مزيد فيه.
من ذلك رعبلت اللحم رعبلة إذا قطعته.
قال:
* ترى الملوك حوله مرعبلة *

509
فهذا مما زيدت فيه الباء واصله من رعل وقد مضى.
يقال لما يقطع من أذن الشاة ويترك معلقا ينوس كأنه زنمة: [رعلة].
فالرعبلة من هذا.
ومن ذلك الرهبلة مشي بثقل.
وهذا منحوت من رهل وربل وهو التجمع والاسترخاء فكأنها مشية بتثاقل.
ومن ذلك المرجحن وهو المائل فالنون فيه زائدة لأنه من رجح وليس أكثر من هذا في الباب.
والله أعلم بالصواب
تم الجزء الثاني من مقاييس اللغة بتقسيم محققه
ويليه الجزء الثالث وأوله " كتاب الزاء "

510