سنن النسائي بشرح الحافظ جلال الدين السيوطي و حاشية الامام السندي الطبعة الاولى سنة 1348 هجرية - سنة 1930 ميلادية الجزء الاول دار الفكر للطباعة و النشر و التوزيع بيروت
خطبة الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد و آله و سلم قال الشيخ الامام العالم الرباني الرحلة الحافظ الحجة الصمد انى أبو عبد لرحمن أحمد بن شعيب بن على بن بحر النسائي رحمه الله تعالى الحمد لله الذي لا تحصى مننه و الصلاة و السلام على رسوله محمد الذي أشرقت أنواره و سنته هذا الكتاب الخامس مما وعدت بوضعه على الكتب الستة و هو تعليق على سنن الحافظ ( أبي عبد الرحمن النسائي ) على نمط ما علقته على الصحيحين و سنن أبي داود و جامع الترمذي و هو بذلك حقيق اذ له منذ صنف أكثر من ستمأة سنة و لم يشتهر عليه من شرح و لا تعليق .
و سميته ( زهر الربى على المجتبى ) و الله تعالى أسأل أن يجعله خالصا لوجهه سالما عن الرياء و الخطل و شبهه وصلى الله على سيدنا محمد و آله و صحبه و سلم و بعد فهذا تعليق لطيف على سنن الامام الحافظ أبي عبد الرحمن أحمد بنشعيب بن على بن بحر النسائي رحمه الله تعالى يقتصر على حل ما يحتاج اليه القاري و المدرس من ضبط اللفظ و إيضاح الغريب و الاعراب .
رزق الله تعالى ختمه بخير ثم ختم الاجل بعد ذلك على أحسن حال آمين رب العالمين
مقدمة قال الحافظ أبو الفضل بن طاهر في شروط الائمة : كتاب أبي داود و النسائي ينقسم على ثلاثة أقسام .
الاول الصحيح المخرج في الصحيحين .
الثاني صحيح على شرطهما و قد حكى أبو عبد الله ابن منده أن شرطهما إخراج أحاديث أقوام لم يجمع على تركهم إذا صح الحديث باتصال الاسناد من قطع و لا إرسال فيكون هذا القسم من الصحيح الا أنه طريق دون طريق ما أخرج البخاري و مسلم في صحيحهما بل طريقه طريق ما ترك البخاري و مسلم من الصحيح لما بينا أنهما تركا كثيرا من الصحيح الذي حفظاه .
القسم الثالث أحاديث أخرجاها من قطع منهما بصحتها و قد أبانا علتها بما يفهمه أهل المعرفة و انما أودعا هذا القسم في كتابهما لانه رواية قوم لها و احتجاجهم بها فأورداها و بينا سقمها لتزول الشبهة و ذلك إذا لم يجدا له طريقا غيره لانه أقوى عندهما من رأى الرجال و قال ابن الصلاح حكى أبو عبد الله بن منده أنه سمع محمد بن سعد البارودى بمصر يقول كان من مذهب أبى عبد الله النسائي أن يخرج عن كل من لم يجمع على تركه .
قال الحافظ أبو الفضل العراقي و هذا مذهب متسع قال الحافظ أبو الفضل ابن حجر في نكته على ابن الصلاح ما حكاه عن البارودى أن النساء يخرج أحاديث من لم يجمع على تركه فانه أراد بذلك إجماعا خاصا و ذلك أن كل طبقة من نقاد الرجال لا تخلو من متشدد و متوسط .
فمن الاولى شعبة و سفيان الثورى و شعبة أشد منه .
و من الثانية يحيى القطان و عبد الرحمن بن مهدى و يحيى أشد من عبد الرحمن .
و من الثالثة يحيى بن معين و أحمد بن حنبل و يحيى أشد من أحمد .
و من الرابعة أبو حاتم و البخارى و أبو حاتم أشد من البخارى فقال النسائي لا يترك الرجل عندي حتى يجتمع الجميع على ما تركه فأما إذا وثقه بن مهدى و ضعفه يحيى القطان قالوا شرط النسائي تخريج أحاديث أقوام لم يجمعوا على تركهم إذا صح الحديث باتصال الاسناد من قطع و لا إرسال و مع ذلك فكم من رجل أخرج كه أبو داود و الترمذى تجنب النسائي إخراج حديثه بل تجنب النسائي إخراج حديث جامعة من رجال الصحيحين و لذلك قيل ان لابى عبد الرحمن شرطا في الرجال أشد من شرط البخاري و مسلم .
و روى عن النسائي أنه قال لما عزمت على جمع السنن استخرت الله تعالى في الرواية عن شيوخ كان في القلب منهم بعض الشيء فوقعت الخيرة على تركهم
مثلا فانه لا يترك لما عرف من تشديد يحيى و من هو مثله في النقل .
قال الحافظ ابن حجر و إذا تقرر ذلك أن الذي يتبادر إلى الذهن من أن مذهب النسائي في الرجال مذهب متسع ليس كذلك فكم من رجل أخرج له أبو داود و الترمذى تجنب النسائي إخراج حديثه بل تجنب النسائي إخراج حديث جماعة من رجال الصحيحين فحكى أبو الفضل بن طاهر قال سعد بن على الريحانى عن رجل فوثقه فقلت له ان النسائي لم يحتج به فقال يا بني ان لابى عبد الرحمن شرطا في الرجال أشد من شرط البخارى و مسلم و قال أحمد بن محبوب الرملي سمعت النسائي يقول لما عزمت على جمع السنن استخرت الله في الرواية عن شيوخ كان في القلب منهم بعض الشيء فوقعت الخيرة على تركهم فتركت جملة من الحديث كنت أعلم أنها عنهم .
قال الحافظ أبو طالب أحمد بن نصر شيخ الدار قطنى من يصبر على ما يصبر عليه النسائي كان عنده حديث ابن لهيعة ترجمة ترجمة فما حدث عنه بشيء .
قال الحافظ ابن حجر و كان عنده عاليا عن قتيبة عنه و لم يحدث به لا في السنن و لا في غيرها .
و قال أبو جعفر بن الزبير أولى ما أرشد اليه ما اتفق المسلمون على اعتماده و ذلك الكتب الخمسة و الموطأ الذي تقمدها وضعا و لم يتأخر عنها رتبة و قد اختلفت مقاصدهم فيها و للصحيحين فيها شغوف و للبخاري لمن أراد التفقه مقاصد جميلة و لابي داود في حصر أحاديث الاحكام و استيعابها ما ليس لغيره و للترمذي في فنون الصناعة الحديثية ما لم يشاركه غيره و قد سلك النسائي آغمض تلك المسالك و أجلها .
و قال أبو الحسن المعافري إذا نظرت إلى ما يخرجه أهل الحديث فما خرجه النسائي أقرب إلى الصحة مما خرجه غيره و قال الامام أبو عبد الله بن رشيد كتاب النسائي أبدع الكتب المنصفة في السنن تصنيفا و أحسنها ترصيفا و كان كتابه جامعا بين طريقي البخارى و مسلم مع حظ كثير من بيان العلل و في الجملة فكتاب السنن أقل الكتب بعد الصحيحين حديثا ضعيفا و رجلا مجروحا و يقاربه كتاب أبى داود و كتاب الترمذي و يقابله من الطرف الاخر كتاب بن ماجه فانه تفرد فيه بإخراج و لذلك ما أخرج حديث بن لهيعة و الا فقد كان عنده حديثه ترجمة ترجمة .
قال أبو جعفر بن الزبير أولى ما أرشد اليه ما اتفق المسلمون على اعتماده و ذلك الكتب الخمسة و الموطأ الذي تقدمها وضعا و لم يتأخر عنها رتبة .
و قد قيل إذا نظرت إلى ما يخرجه أهل الحديث فما خرجه النسائي أقرب لاي الصحة مما خرجه غيره قلت المراد الصحيحين .
و بالجملة فكتاب السنن للنسائي أقل الكتب بعد الصحيحين حديثا ضعيفا و رجلا مجروحا و يقاربه كتاب أبى داود و كتاب الترمذي و يقابله من الطرف الاخر كتاب
أحاديث عن راجل متهمين بالكذب و سرقة الاحاديث و بعض تلك الاحاديث لا تعرف الا من جهتهم مثل حبيب بن أبي حبيب كاتب مالك و العلاء بن زيد و داود بن المحبر و عبد الوهاب ابن الضحاك و إسماعيل بن زياد السكوني و عبد السلام بن يحيى أبي الجنوب و غيرهم .
و أما ما حكاه ابن طاهر عن أبى زرعة الرازي أنه نظر فيه فقال لعل لا يكون فيه تمام ثلاثين حديثا مما فيه ضعف فهي حكاية لا تصح لانقطاع سندها و ان كانت محفوظة فلعله أراد ما فيه من الاحاديث الساقطة إلى الغاية أو كان ما رأى من الكتاب الا جزءا منه فيه هذا القدر و قد حكم أبو زرعة على أحاديث كثيرة منه بكونها باطلة أو ساقطة أو منكرة و ذلك محكي في كتاب العلل لابى حاتم و قال محمد بن معاوية الاحمر الراوي عن النسائي قال النسائي كتاب السنن كله صحيح و بعضه معلول الا أنه لم يبين علته و المنتخب المسمى بالمجتبى صحيح كله و ذكر بعضهم أن النسائي لما صنف السنن الكبرى أهداه إلى أمير الرملة فقال له الامير أكل ما في هذا صحيح قال لا قال فجرد الصحيح منه صنف ( المجتبى ) و هو بالباء الموحدة قال الزركشي في تخريج الرافعي و يقال بالنون أيضا و قال القاضي تاج الدين السبكي سنن النسائي التي هى احدى الكتب السنة هي الصغرى لا الكبرى و هي التي يخرجون عليها الرجال و يعملون الاطراف و قال الحافظ أبو الفضل بن حجر قد أطلق اسم الصحة على كتاب النسائي أبو علي النيسابوري و أبو أحمد بن عدى و أبو الحسن الدار قطنى و أبو عبد الله الحاكم و ابن منده و عبد الغنى بن سعيد و أبو يعلى الخليلي و أبو على بن السكن و أبو بكر الخطيب و غيرهم و قال الخليلي في الارشاد في ترجمة بعض الرواة الدينوريين سمع من أبي بكر بن السني صحيح أبي عبد الرحمن النسائي و قال أبو عبد الله بن منده الذين خرجوا الصحيح أربعة ، البخارى و مسلم و أبو داود و النسائي و قال السلفى الكتب الخمسة اتفق على صحتها علماء المشرق و المغرب .
قال النووي مراده أن معظم كتب الثلاثة سوى الصحيحين يحتج به و قال الزركشي في نكته على ابن الصلاح تسمية الكتب الثلاثة صحاحا اما ابن ماجه فانه تفرد فيه بإخراج أحاديث عن رجال متهمين بالكذب و سرقة الاحاديث و بعض تلك لا احاديث لا تعرف الا من جهتهم قال النسائي كتاب السنن أى الكبرى كله صحيح و بعضه معلول الا أنه لم يبين علته و المنتخب المسمى بالمجتبى صحيح و ذكر بعضهم أن النسائي لما صنف السنن الكبرى أهداه إلى أمير الرملة فقال له الامير أكل ما في هذا صحيح قال لا قال فجرد الصحيح منه فصنف له المجتبى و هو بالباء الموحدة و قبل و يقال بالنون أيضا و بالجملة فإطلاق اسم الصحيح على كتاب النسائي الصغير
تأويل قوله عزوجل " اذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق "
تأويل قوله عز و جل إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم و أيديكم إلى المرافق أخبرنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا سفيان عن الزهرى عن أبى سلمة عن أبى هريرة