فقال : عبد الله بن وهب الراسبي ( 1 ) : لعلها روحة إلى النار . قالوا : شككت ؟ قال : أتألون ( 2 ) على الله ؟ فاعتزل منهم فروة بن نوفل الاشجعي بألف رجل ، فقال لهم أصحابهم : أشككتم ؟ أما لو أن تبقي منا عصابة من بعدنا يدعون إلى أمرنا لبدأناكم . فسار فروة بن نوفل ( 3 ) إلى الديلم ، فأوقعوا بها وقعة لم ير مثلها . ثم رجعوا إلى النخيلة ، فلما جاء معاوية قاتلوه ، فأرسل إلى الكوفة إني خلفت أهل الشام . قال يحيى : فخرجوا إليهم - يعني أصابوهم - . [ 417 ] أبو هاشم ، باسناده ، عن حميد بن هلال ، قال : دخل المسجد رجل ، فنقر كما ينقر الديك . فقال رجل من أصحاب السواري : ما أحسن هذه الصلاة ؟ فقال حذيفة : إن حدثتكم ، أن أصحاب السواري شراركم أ كنتم تصدقون ؟ فقام رجل ، فقال : لا تحفظن أصحاب السواري فتحفظهم فوجدهم خمسة و عشرين رجلا يصلون إلى الاساطين لا يفترون ليلا و لا نهارا . 1 - من الازد من أئمة الاباضية ( الخوارج ) قاتل أمير المؤمنين فقتل بالنهروان - بين بغداد و واسط - 38 ه . 2 - أي : ألم تخلفوني . 3 - فروة بن نوفل بن شريك الاشجعي رئيس الشراة . أقام بعد الاعتزال شهر زور و بعد صلح الحسن ( ع ) زحف إلى الكوفة و قتل في شهر زور 41 ه .
(57)
- و قال ذلك الرجل - : فلما كان يوم النهروان عددت أربعة و عشرين رجلا منهم ممن قتل ، و ظننت أن الخامس و العشرين معهم ، و لكن خفي علي . قال : يعني ممن قتله علي صلوات الله عليه . [ مع ابن عباس أيضا ] [ 418 ] عاصم بن كليب ، عن أبيه ، قال : إني الخارج من المسجد حتى جاء ابن عباس من عند معاوية ، و قد حكموا الحكمين ، فدخل دار سليمان بن ربيعة ، فجلس ، و أجلب الناس اليه ( 1 ) ، فما زال يؤتى اليه برجل بعد رجل و كثروا حتى خفت على نفسي ، فقال ابن عباس : إنكم قد أكثرتم ، فاختاروا رجلا منكم يتكلم عنكم ، فاختاروا رجلا أعور من بني تغلب يقال له : عتاب . فقال : الله اكبر . قال : الله كذا . و قال : الله كذا ، ينزع بحجته من القرآن في سورة واحدة . فقال ابن عباس : إني أراك عالما بما قد فصلت و وصلت . انشدكم الله أي رجل كان فيكم أبو بكر ؟ فأثنوا عليه خيرا . قال : فانشدكم الله أي رجل كان فيكم عمر ؟ فأثنوا عليه خيرا . قال : فانشدكم الله لو أن رجلا أصاب ظبيا أو بعض الصيد و هو 1 - و في الاصل : عليه .
(58)
محرم فحكم فيه أحدهما ، أ يجوز ( حكمه ) ( 1 ) ؟ قالوا : لا ، لان الله عز و جل يقول : تحكم به ذوا عدل منكم ( 2 ) . قال : فدماؤكم أعظم . ثم قال : انشدكم الله أنتم تعلمون أن أهل الشام سألوا القضيه و كرهناها و أبيناها ، فلما أصابتكم الجراح و عضتكم الحرب ، و منعتم ماء الفرات ، أنشأتم تطلبوها ، و الله حدثني معاوية انه أتى بفرس بعيد البطن من الارض ليهرب عليه حتى أتاه آت منكم ، فقال : إني رأيت أهل العراق مثل الناس ليلة النفر ، فأقام . 1 - ما بين القوسين من نسخة - ج - . 2 - المائدة : 95 :
(59)
[ نعود إلى ذكر الاحاديث ] [ 419 ] عبد الرحمن بن صالح ، باسناده ، عن ابن سيرين ( 1 ) قال : سمعت عبيدة يقول : ذكر علي عليه السلام أهل النهروان . فقال فيهم رجل مخدوج اليد ، لو لا أن تبطروا لانبأتكم بما وعد الله على لسان رسوله صلى الله عليه و آله الذين يقاتلونهم . قال ابن سيرين : فقلت لعبيدة : أنت سمعته ( 2 ) ؟ قال أي و رب الكعبة إي و رب الكعبة إي و رب الكعبة . [ يعني ثلاثا ] . [ 420 ] سفيان الثوري ، باسناده ، عن علي عليه السلام ، انه لما قتل أهل النهروان ، قال : أطلبوا ذا الثدية . و طلبوه فلم يجدوه . قال : فجعل يعرق جبينه و يقول : و الله ما كذبت و لا كذبت ، هو رجل مخدوج اليد ، فاطلبوه . فلما استخرجوه ، فرآه ، سجد . [ 421 ] محمد بن داود ، باسناده ، عن مسروق ، قال : سألتني عائشة : من قتل الخوارج ؟ 1 - أي محمد بن سيرين . 2 - و في مسند أحمد بن حنبل 1 / 78 : قال ، قلت : أنت سمعته من محمد ؟ قال : إي . .
(60)
قلت : علي بن أبي طالب عليه السلام . قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله يقول : هم شر الخلق و الخليقة يقتلهم خير الخلق و الخليقة ، و أقربهم إلى الله وسيلة . و قد سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله يقول : علي مع الحق و الحق مع علي ( 1 ) . قال : ثم ذكرت لها أن عليا عليه السلام استخرج ذا الثدية من قتلى أهل النهروان الذين قتلهم . فقالت : إذا أتيت الكوفة فاكتب الي بأسماء من شهد ذلك - ممن يعرف من أهل البلد - . قال : فلما قدمت الكوفة ، وجدت الناس أتباعا ، فكتبت من كل سبع عشرة ممن شهد ذلك - ممن نعرفه - ، فأتيتها بشهادتهم . فقالت : لعن الله عمرو بن العاص ، فإنه زعم هو قتله على نيل مصر . [ 422 ] عبد الله بن الحارث ، باسناده ، عن عاصم بن كليب ( 2 ) ، عن أبيه ، قال : بينا علي يحدث الناس بالكوفة و حوله جماعة ، إذ وقف عليه رجل فقال : يا أمير المؤمنين أ تاذن لي في الكلام ؟ فقال : تكلم . قال : فإني خرجت للعمرة ، فلقيت عائشة ، فقالت لي : ما هؤلاء الذين خرجوا بأرضكم يسمون الحرورية ؟ قلت : قوم خرجوا بأرض 1 - و لا يخفى أن هذه الجملة منفصلة عن الرواية الاولى و هي رواية في حد ذاتها جمعهما المؤلف في رواية واحدة ( لاحظ استخراج الحديث ) و بقية الرواية تابع للرواية الاولى . 2 - و هو عاصم بن كليب بن شهاب بن المجنون الجرمي الكوفي توفي 137 ه . ( تهذيب التهذيب 5 / 55 ) .
(61)
تسمى حروراء ، فنسبوا إليها . فقالت : و الله لو شاء علي بن أبي طالب لاخبركم بما أخبره به رسول الله صلى الله عليه و آله عنهم . و قد جئتك يا أمير المؤمنين أسألك عن ذلك . فهلل : علي عليه السلام و كبر مرتين . ثم قال : نعم ، دخلت على رسول الله صلى الله عليه و آله ، و ليس عنده أحد عائشة . فقال : يا علي ، كيف أنت و قوم كذا و كذا ؟ قلت : الله و رسوله أعلم . قال : هم قوم يخرجون من المشرق يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ، فيهم رجل مخدج كأن يده ثدي إمرأة ( 1 ) . ثم نظر إلى الناس فقال : انشدكم الله هل أخبرتكم بهم ؟ قالوا : نعم . قال : فانشدكم الله هل أخبرتكم أنه فيهم ؟ فقلتم : إنه ليس فيهم . فحلفت لكم أنه فيهم و إني ما كذبت و لا كذبت ، فأتيتموني به تسحبونه كما نعت لكم . قالوا : نعم . [ صدق الله و رسوله ] . [ 423 ] يحيى بن أكثم ( 2 ) ، باسناده ، عن ابن عباس ، قال : لما قتل علي عليه السلام أهل النهروان قال : أي نهر هذا ؟ قالوا : هو النهروان . قال : أطلبوا في القتلى رجلا أخدج إحدى اليدين ليست له كف 1 - و في خصائص النسائي ص 147 : ثدي حبشية . 2 - أبو محمد يحيى بن أكثم بن محمد بن قطن التميمي الاسيدي المروزي القاضي ولد بمرو 159 و اتصل بالمأمون ولاه قضأ البصرة 202 ه ثم قضأ بغداد . و احتجاجه مع الامام الجواد مشهور . عزله المتوكل و مات في الزبذة 242 ه .
(62)
و لا ذراع على موضع عضده مثل ثدي المرأة في طرفه حلمة مثل حلمة الثدي ، فيها سبع شعرات طوال . فالتمسناه ، فلم نجده ، فما رأيته اشتد عليه شيء كما اشتد ذلك عليه . و قال : اطلبوه فو الله ما كذبت و لا كذبت و أنه لفيهم . فرجعنا ، و أتينا خندقا فيه قتلى بعضهم على بعض ، فاستخرجناه من تحتهم . فلما رآه فرح فرحا ما رأيناه فرح مثله . [ 424 ] إسماعيل بن موسى ، باسناده ، عن علي عليه السلام ، أنه لما أتى بالمخدج سجد - سجدة الشكر - ( 1 ) . [ 425 ] الحكم بن سليمان ، باسناده ، عن أبي سعيد الخدري ، أنه قال : ذكر رسول الله صلى الله عليه و آله الخوارج و وصفهم ، ثم قال : يقتلهم خير البرية علي بن أبي طالب عليه السلام . [ 426 ] إسماعيل ، باسناده ، عن حبة العرني ، انه قال : لما فرغ علي عليه السلام من قتال أهل النهروان قام اليه رجل ، فقال : الحمد لله الذي قتلهم و أخزاهم و أفناهم . فقال له علي عليه السلام : لقد بقي منهم من هو في أصلاب الرجال و من هو في أرحام النساء ، و لا تزال الخارجة تخرج منهم بعد الخارجة حتى تخرج منهم فرقة - أو قال : طائفة - لا يناويهم أحد إلا قتلوه - أو قال : ظهروا عليه - ، قال : فيخرج إليهم رجل مني ( 2 ) - أو قال : من ولدي - فيقتلهم فلا يخرج منهم بعدها خارجة أبدا . فاخلق أن يكون الخارج إليهم بعد ما كان منهم وصفه علي 1 - و في نسخة - ج - : سجدتي الشكر . 2 - هكذا في نسخة - أ - و في الاصل : من أمتي .