صلوات الله عليه الامام المنصور بالله صلوات الله عليه ، فانه لم يكن للخوارج فئة أشد و لا أغلظ على الامة من فئة اللعين مخلد ، و لا فتنة أعظم من فتنته عمت الارض شرقا و غربا وبرا و بحرا حتى خرج اليه ، المنصور عليه السلام من دار ملكه ، فلم يزل يفله و يقل حده و جمعه ، و يقتلهم في كل موطن ، و هم يولون بين يديه ناكصين على أعقابهم هربا منه يتوغلون الصحاري و الرمال ، و يقطعون الفيا في ، و ينزلقون في قلل الجبال و هو على ذلك لا يثني عنهم عنان الطلب حيث ما أمعنوا ، وجدوا في الحرب متجشما في ذلك لفح الهجير و الحر ، و مباشرة الثلج و القرو الصر حتى أمكنه الله عز و جل من رمته وأفنى على يديه أكثر أهل نحلته . و لن تخرج إن شاء الله لهم بعد ذلك خارجة أبدا . و فيه إن شاء الله جاء الخير و بذلك عن علي صلوات الله عليه ( 1 ) . [ عائشة و الخوارج ] [ 427 ] الدغشي ، باسناده ، عن مسروق ( 2 ) قال : قالت لي عائشة : ترى قول علي عليه السلام " و الله ما عبروا النهر و لا يعبرونه " حق ؟ قلت : إي و الله حق . قالت : أفترى قوله في ذي الثدية : اطلبوه ، فو الله ما كذبت و لا كذبت ؟ 1 - و من المتوقع أن هذه الرواية وردت في المهدي محمد بن الحسن العسكري - لان شراذم من الخوارج و بقاياهم موجودون في الارض و لهم حكومات كدولة عمان و دول في المغرب العربي حتى يظهر ( ع ) و يطهر الارض منهم و هذه من مؤيدات عدم ظهوره ( ع ) بعد . و سنذكر في الجزء الخامس عشر بطلان ما ادعاه المؤلف من أن المنصور بالله الفاطمي هو المهدي ، فراجع . 2 - مسروق بن الاجذع بن مالك الهمداني الوادعي - أبو عائشة - سكن الكوفة ، توفي 63 ه .
(64)
قلت : إي و الله . قالت : و الله إنى لاعلم أن الحق مع علي ، و لكني كنت إمرأة من الاحماء . [ 428 ] و بآخر ، عن غالب الهمداني ، قال : أخبرني رجل من كندة ، قال : خرجت من الكوفة أريد الحج ، فمررت بعائشة ، فدخلت عليها . فقالت لي : ممن الرجل ؟ قلت : رجل من أهل العراق . فقالت : إني أسألك عن أمر ، و لا تقل بلغني و لا قيل لي ، فإن ذلك قد ينسوبه الكذب ، و لا تخبرني إلا عما رأته عيناك و سمعته اذناك . قلت : سلي عما شئت يا ام المؤمنين ، فإني لا أخبرك إلا بما رأيت و سمعت . قالت : شهدت شيئا من حروب على عليه السلام ؟ قلت : قد شهدت جميعا ، فاسألي عما شئت . قالت : صف لي الموضع الذي اصيب فيه الخوارج ؟ قلت : نعم ، أصيبوا . بجانب نهر يقال لاسفله : النهروان ، و لاعلاه : تأمر ، أصبناهم بين أخافيق و أودية و طرق ، بقرب بناء لبوران بنت كسرى ، هنالك أصبناهم . قالت : فأصبتم فيهم ذا الثدية ؟ قلت : نعم أصبناه ، رجلا أسود له يد كثدي المرأة ، إذا مديت امتدت ، و إذا تركت تقلصت . قالت : فعل الله بعمرو بن العاص ما فعل به ، فقد قال : إنه أصابه على نيل مصر .
(65)
قلت : يا أماه ، و ما أرت بسؤلك عن ذلك ؟ قالت : لخبر . قلت : فإني أسألك بحق رسول الله إلا أخبرتنيه . قالت : سبحان الله ، سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله يقول : هم شر الخلق و الخليقة يقتلهم خير الخلق و الخليقة ، و أقربهم عند الله وسيلة يوم القيامة .
(66)
[ ابن عباس و معاوية ] [ 429 ] و بآخر ، عن عبيد الله بن عبد الله الكناني - من أهل المدينة - حليفا لبني أمية ، قال : حج معاوية ، فأتى المدينة ، فجلس في المسجد في حلقة ، فيها أصحاب النبي صلى الله عليه و آله فيهم عبد الله بن عباس ( 1 ) . فقال له معاوية : أنا كنت أولى بالامر منك من ابن عمك . قال ابن عباس : و لم ؟ قال : لاني ابن عم الخليفة المقتول ظلما . قال ابن عباس : فهذا إذا أولى بالامر منك و من ابن عمك - و أشار إلى عبد الله بن عمر - لان أباه قتل مظلوما قبل ابن عمك . قال معاوية : إن أبا هذا ليس كابن عمي ، إن أبا هذا قتله مشرك ، و إن ابن عمي قتله المسلمون . فضحك ابن عباس ، و قال : ذاك و الله أدحض لحجتك إذ كان المسلمون قتلوه . فسكت معاوية و لم يجر جوابا . ثم أقبل على سعد بن أبي وقاص . 1 - و في تاريخ دمشق 3 / 121 : في مجلس فيه سعد بن أبي وقاص و عبد الله بن عمر و عبد الله بن العباس .
(67)
فقال : و أنت يا سعد الذي لم تعرف حقنا عن باطل غيرنا ، فتكون معنا أو علينا ( 1 ) . فقال سعد : إني و الله لما رأيت الظلمة قد غشيت الارض قلت لبعيري : هيج ، فلما أسفرت مضيت . قال له معاوية : لقد قرأت ما بين اللوحين ، فما سمعت فيه هيج ( 2 ) . فقال سعد : أما إذا أبيت ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله يقول لعلي عليه السلام : أنت مع الحق و الحق معك . فقال له معاوية : لتجيئني بمن سمع ذلك معك أو لافعلن أو لاصنعن - . فقال سعد : بيني و بينك ام سلمة هي سمعته معي . فقام معاوية و جماعة معه و سعد ، فأتوها . فناداها معاوية . فقال : يا ام المؤمنين إن الكذب قد فشى على رسول الله صلى الله عليه و آله فلا يزال قائل يقول : قال رسول الله صلى الله عليه و آله ما لم يقله ، و قد زعم سعد أنه سمع قولا من رسول الله صلى الله عليه و آله [ ما لم نسمعه ] سمعه يقول لعلي بن أبي طالب أنه مع الحق و الحق معه ( 3 ) ، فإنك سمعت ذلك معه . قال : صدق سعد ، في بيتي قال ذلك رسول الله صلى الله عليه و آله لعلي عليه السلام . 1 - و في تاريخ دمشق : فلم تكن معنا و لا علينا . 2 - و في جميع المصادر التي لدينا كلمة إخ : صوت اناخة الجمل . 3 - و في تاريخ دمشق 3 / 121 : أنت مع الحق و الحق معك حيثما دار .
(68)
قال سعد : الله أكبر . فأقبل عليه معاوية ، فقال : الآن و الله أنت ألوم ما تكون عندي ، و الله لو سمعت هذا من رسول الله ما زلت خادما لعلي حتى أموت . و كذب عدو الله قد سمع من رسول الله صلى الله عليه و آله أكثر من ذلك مما ذكرناه ، و سمع قوله : من كنت مولاه فعلي مولاه أللهم وال من والاه و عاد من عاداه . فما تولاه و لا والاه بل حاربه و عاداه و لا رجع عما كان فيه ، إذ أخبره سعد وام سلمة بما أخبراه به عن رسول الله صلى الله عليه و آله بل تمادى على ظلمة و أصر عليه .
(69)
[ ندامة عائشة ] [ 430 ] و بآخر ، عن عائشة ، أنها قالت : و الله لوددت أني كنت غصنا رطبا ، و لم أسر مسيري - تعني إلى البصرة - يا ليتني كنت حيضة ، يا ليتني كنت حممة . [ ضبط الغريب ] و الحممة : الفحمة الباردة ، و جمعها حمم . و يقال للمرأة السوداء حممة ، شبهوها بالفحمة لسوادها . [ 431 ] و بآخر ، عن قيس بن أبي حازم ، أنه قال : قالت عائشة : لا تدفنوني ( 1 ) مع أزواج النبي ، فإنى أحدثت بعده حدثا - تعني خروجها مع طلحة و الزبير - . [ 432 ] و بآخر ، عن جميع بن عمير ، أنه قال : دخلت على عائشة و أنا غلام 1 - و أظن أن هنا تصحيفا و الصحيح : لا تدفنوني مع النبي صلى الله عليه و آله و ادفنوني مع أزواج النبي . أو كما ذكرنا الحديث : ادفنوني مع أزواج النبي ( راجع تخريج الاحاديث ) و يؤيده ما رواه المجلسي في بحار الانوار مجلد 8 / 640 : عن مصعب بن سلام ، عن موسى بن مطير ، عن أبيه ، عن ام حكيم بنت عبد الرحمان بن أبي بكر ، قالت - لما نزلت بعائشة الموت - قلت لها : يا أمتاه ندفنك في البيت مع رسول الله صلى الله عليه و آله - و قد كان موضع قبر تذخره لنفسها - ؟ قالت : لا ، ألا تعلمون حيث سرت ، ادفنوني مع صواحبي فلست خيرهن .