[ 494 ] و بآخر ، أنه نزل في قادة الاحزاب أبي سفيان و الحكم و غيرهما : " إن الذين كفروا سواء عليهم أ أنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون " ( 1 ) فأخبر الله عز و جل أنهم لم يؤمنوا بقلوبهم و إن أظهروا الاسلام بألسنتهم ، و فيهم نزلت : " ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا و أحلوا قومهم دار البوار ، جهنم يصلونها و بئس القرار " ( 2 ) . و لم يسلم من قادة الاحزاب و أكابرهم أبي سفيان و الحكم بن أبى العاص . و لم يعتقد ا ذلك لان الله عز و جل قد أخبر أنهم لم يؤمنوا ( 3 ) . [ 495 ] و بآخر ، أن أبا سفيان قال بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه و آله : ما علمت أنه نبي حتى رأيته بعرفة في حجة الوداع ، و هو يخطب ، و رأيت ما حوله من الخلائق ، فقلت في نفسي : لو كان معي مثل نصف هؤلاء لقمت عليه . فترك الخطبة ، و أقبل الي بوجهه ، و قال : إذا يكبك الله في النار على وجهك ، فعلمت حينئذ أنه نبي . و مرة اخرى ، مربي و معي هند ، فقلت لها : يا هند بماذا غلبني هذا الغلام من بني هاشم ؟ و أنا أكبر منه سنا و أعظم شرفا في قومي و كنا في سفر . فلما نزل يومه ذلك مضيت ، فسلمت عليه . فقال : بالله و الله غلبتك يا أبا سفيان . و قلت في نفسي : متى لقيته هند فأخبرته ، و الله ما سمع مني ذلك غيرها و لا ضربها ضربا وجيعا ، و سكت ، و تغافلت عن قوله . 1 - البقرة : 6 . 2 - إبراهيم : 28 و 29 . 3 - و في نسخة - أ - : لان الله عز و جل قد اجزاهم لا يؤمنون .
(162)
فلما أردت أن أقوم ، قال : هيه ( 1 ) يا أبا سفيان ، أقلت في نفسك : إن هندا أخبرتني بما قلت ، و أردت أن تضربها ( 2 ) ، و لا و الله ما هي أخبرتني . قال أبو سفيان : فعلمت أنه يوحى اليه من الله . و كان أبو سفيان و ابنه معاوية من المؤلفة قلوبهم ، و قد ذكرت فيما تقدم من هذا الكتاب ما أعطاهما رسول الله صلى الله عليه و آله مع من أعطاه من المؤلفة قلوبهم من غنائم هوازن يوم حنين . و المنسوبون إلى العلم بالاخبار من العامة قد اجتمعوا على ذلك . و ذكروا المؤلفة قلوبهم في موضع من مؤلفاتهم . فقالوا : المؤلفة قلوبهم الذين كان رسول الله صلى الله عليه و آله يعطيهم العطايا ليتألفهم و يتألف بهم غيرهم على الاسلام إذا كانوا وجوه قومهم ، و اذ قد جعل الله له أن يعطيهم سهما من الصدقات ، فقال جل من قائل عند ذكر أهل الصدقات و المؤلفة قلوبهم . قالوا : فكانوا : أبا سفيان بن حرب ، و معاوية بن أبي سفيان ابنه ، و حكيم بن حزام ، و سهيل بن عمرو ، و حويطب بن عبد العزي ( 3 ) ، و صفوان بن أمية ( 4 ) ، و العلاء بن حارثة الثقفي ، و عينية بن حصن بن حذيفة بن بدر ، و الاقرع بن حابس ، و مالك بن العوف البصري ، و العباس بن مرداس 1 - كلام حكاية الضحك . 2 - و في نسخة - ج - : و أردت ضربها . 3 - حويطب بن عبد العزي بن أبي قيس بن عبدود من بني عامر بن لؤي من المعمرين من أهل مكة و مات بالمدينة 54 ه . 4 - صفوان بن أمية بن خلف بن وهب الجمحي القرشي المكي ، أبو وهب مات بمكة 41 ه
(163)
السلمي ( 1 ) ، و قيس . بن محرمة ، و جبير بن مطعم ( 2 ) . و ما علمنا أحدا ممن ينسب إلى العلم يقول : إن أحدا من هؤلاء يقاس بعلي عليه السلام و لا بأحد من أهل السوابق في الاسلام من البدريين و غيرهم ، و لا إنه يصلح للخلافة فيكون يستحق ذلك ، أو يقاس بواحد من أهل السوابق في الاسلام ، فيكون لمعاوية أن ينافس عليا عليه السلام في الامامة ، أو الحسن عليه السلام من بعده كما قد فعل ، و لا لمن تسبب بسببه أن يدعيها ، أو ينافس فيها . و قد ذكر ابن إسحاق صاحب المغازي في كتابه المؤلف في السير من كان قد حسن إسلامه من المؤلفة قلوبهم بعد أن تألفهم رسول الله صلى الله عليه و آله بما تألفهم به . فقال : و ممن حسن إسلامه من المؤلفة قلوبهم من قريش من مسلم الفتح : قيس بن محرمة ، و جبير بن مطعم ، و الحارث بن هشام ، و حكيم بن حزام ، و حويطب بن عبد العزي ، و سهيل بن عمرو . فهؤلاء من الذين ذكر أنه حسن إسلامهم بعد ، و لم يذكر فيهم أبا سفيان و لا معاوية و هما من مسلم الفتح الذين غلب عليهم رسول الله صلى الله عليه و آله يوم فتح مكة ، فأسلموا للغلبة عليهم . و لما فتح رسول الله صلى الله عليه و آله الطائف ( 3 ) سأله أهلها أن يدع لهم اللات - و كانوا يعبدونها - لمدة ذكروها ، و قالوا : إنا نخشى في هدمها سفهاءنا ! فأبى عليهم . 1 - أبوا ميثم العباس بن مرداس بن أبي عامر السلمي من مضرمات 18 ه . 2 - أبو عدي جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف القرشي من سادات قريش توفي بالمدنية 59 ه . 3 - مدينة في جنوب شرقي مكة على قمة جبل غزوان و من أهم مصايف الحجاز .
(164)
و أرسل أبا سفيان لهدمها و مضى معه المغيرة بن شعبة ( 1 ) ، فتوقف أبو سفيان عن هدمها ، و أقام دونها ، و أرسل المغيرة ، و أبى أن يدخل الطائف . و قال للمغيرة : أمض أنت إلى قومك ، فمضى فهدمها و لما رآها أبو سفيان تهدم جعل يقول : و اهاللات ، يتأسف على هدمها . و قد ذكرت أنه خرج إلى حنين مع رسول الله صلى الله عليه و آله و الازلام معه ، و أنه أخرجها و ضرب بها لما انهزم المسلمون ، و قال : هذه هزيمة لا ترجع دون البحر . و قيل : إن عمر بن الخطاب نظر إلى معاوية يوما ، فقال : هذا كسرى العرب ( 2 ) . [ 496 ] و بآخر ، عن جابر بن عبد الله الانصاري ، أنه قال : ما عادي معاوية عليا عليه السلام إلا بغضه لرسول الله صلى الله عليه و آله ، و لقد قاتله علي عليه السلام و قاتل أباه ، و هو يقول : صدق الله و رسوله ، و هما يقولان كذب الله و رسوله ، لا و الله ما يساوي بين أهل بدر و السابقين ، و بين الطلقاء و المنافقين ( 3 ) . 1 - أبو عبد الله المغيرة بن شعبة بن أبي عامر بن مسعود الثقفي ولاه معاوية الكوفة و مات فيها 50 ه . 2 - و نعم ما قال أبو عطاء السندي رحمه الله بهذا الصدد : إن الخيار من البرية هاشم و بنو أمية أفجر الاشرار و بنو أمية عودهم من خروع و لهاشم في المجد عود نضار أما الدعاة إلى الجنان فهاشم و بنو أمية من دعاة النار و بهاشم زكت البلاد و أعشبت و بنو أمية كالسراب الجاري 3 - و قد ذكر الشيخ العاملي في إثبات الهداة 1 / 442 ، و في خطبة أمير المؤمنين عليه السلام : فارتقبوا الفتنة الاموية و المملكة الكسروية . و روى الزركلي في الاعلام 8 / 173 : قول عمر في معاوية .
(165)
[ 497 ] و قيل لمعاوية - لما تغلب على الامر - لو سكنت المدينة فهي دار الهجرة و بها قبر رسول الله صلى الله عليه و آله . فقال : قد ضللت إذا ، و ما أنا من المهتدين . [ 498 ] و ذكر علي عليه السلام معاوية فقال : معاوية طليق ابن طليق ، منافق ابن منافق ، و قد لعن رسول الله صلى الله عليه و آله أبا سفيان و معاوية و يزيد . [ 499 ] و سمع رسول الله صلى الله عليه و آله معاوية و عمرو بن العاص يتغنيان ، و قال : أللهم اركسهما في الفتنة ركسا ( 1 ) ودعهما إلى النار دعا . [ 500 ] و سمع علي عليه السلام رجلا يلعن أهل الشام ، فقال : ويحك لا تلعنهم ، و لكن العن معاوية و عمرو بن العاص و شيعتهما . [ 501 ] و كان علي عليه السلام يلعنهم في قنوته . [ 502 ] و جاء عن رسول الله صلى الله عليه و آله ، أنه أشرف يوم أحد على عسكر المشركين ، فقال : أللهم العن القادة منهم و الاتباع . فأما الاتباع فأن الله يتوب على من يشاء منهم . و أما القادة و الرؤوس فليس منهم مجيب ( 2 ) و لا ناج . و من القادة يومئذ أبو سفيان و ابنه معاوية معه . [ 503 ] و عنه صلى الله عليه و آله أنه قال : يكون معاوية في صندوق من النار مقفل عليه ، لا تحته إلا فرعون في أسفل درك من جهنم ، و لو لا قول فرعون : " أنا ربكم الاعلى " ( 3 ) لما كان تحت معاوية . 1 - أي ثبت و أقام . 2 - هكذا في كتاب العوالم ص 208 و في الاصل : نجيب . 3 - النازعات : 24 .
(166)
[ 504 ] و قال صلى الله عليه و آله : يخرج من ادخل النار من هذه الامة بعد ما شاء الله ، و يبقى فيها رجل تحت صخرة ألف سنة ينادي يا حنان يا منان . فكان يقال : هو معاوية بن أبي سفيان . [ 505 ] و عن صعصعة بن صوحان ، أنه قال - في أيام يزيد - : ليت الارض لفظت إلينا معاوية لننظر اليه كيف عذبه الله ، و ينظر إلينا كيف عذبنا ابنه . [ 506 ] و عن رسول الله صلى الله عليه و آله ، انه بعث يوما إلى معاوية . فقالوا : هو يأكل ، فمكث ساعة . ثم بعث اليه فقالوا : هو يأكل ، فمكث ساعة . ثم بعث اليه ثالثة . فقالوا : هو يأكل . فقال : لا أشبع الله بطنه . فلم يكن بعد ذلك يشبع ، و لو أكل ما عسى أن يأكل ( 1 ) . [ 507 ] و عنه صلى الله عليه و آله أنه قال : إذا رأيتم معاوية يخطب على المنبر ، فاقتلوه . قال الحسن البصري : قد و الله رأوه يخطب فما فعلوا [ و لا أفلحوا ] ( 2 ) . [ 508 ] و عن رسول الله صلى الله عليه و آله أنه نظر يوما إلى معاوية ، فقال : إن هذا سيطلب هذا الامر بعدي ، فمن أدركه منكم يطلب ذلك ، فليبقر بطنه بالسيف . 1 - قال الشاعر يصف رجلا أكولا : و صاحب لي بطنه كالهاوية كأن في أمعائه معاوية 2 - هذه الزيادة من كتاب وقعة صفين : ص 216 .
(167)
[ 509 ] و عنه صلى الله عليه و آله أنه قال : إذ رأيتم عمرا مع معاوية ، فافرقوا بينهما ، فانهما لا يجتمعان لخير . و أجري معاوية ماء على موضع قبور الشهداء بأحد ، فأمر بنبشهم ، فنبشوا و أخرجوا من قبورهم رطابا يثنون ، و أصابت المسحاة رجل حمزة رضوان الله عليه ، فدميت ، و أزالهم معاوية من قبورهم ، و قد كان رسول الله صلى الله عليه و آله أمر بدفنهم هناك في مواضع مصارعهم ، و حمل بعضهم إلى المدينة . فأمر رسول الله صلى الله عليه و آله بردهم و بدفنهم في مصارعهم ، فغير ذلك معاوية ، و نقض أمر رسول الله [ فيهم ] ( 1 ) . [ 510 ] و عن أبي سعيد الخدري ، أنه سئل عن قتال معاوية لعلي عليه السلام فقال : معاوية الفاسق نازع الحق أهله . [ 511 ] و بلغ سعد بن أبي وقاص كلام تكلم به معاوية ، فقال : من أين يدري الفاسق هذا . [ 512 ] و ذكر الحسن البصري معاوية ، فقال : جبار فاسق . [ 513 ] و عن رسول الله صلى الله عليه و آله أنه نظر إلى معاوية يتبختر في برد حبرة و ينظر إلى عطفيه ، فلعنه . و قال : أي يوم سوء لامتي منك ، وأي يوم سوء لذريتي من جرو يخرج من صلبك [ من ] يتخذ آيات الله هزوا ، و يستحل من حرمتي ما حرم الله تعالى . [ 514 ] و عن أبي ذر رضوان الله عليه أنه قال : قد سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله يقول : ترد علي الحوض أمتي على خمس رايات - ثم ذكر حديثا طويلا ، قال فيه - : 1 - هكذا صححناه ، و في الاصل : فيه .