تطهيرا " ( 1 ) . و قال رسول الله صلى الله عليه و آله : من كنت مولاه فعلى مولاه . و بعث رسول الله صلى الله عليه و آله ببراءة مع أبي بكر إلى أهل مكة ، ثم أردفه بعلي عليه السلام ، فأخذها منه ، و قال : إنه لا يبلغ عني إلا رجل مني ؟ و علي مني و أنا منه . و خرج رسول الله صلى الله عليه و آله إلى تبوك ، و استخلفه على المدينة و على أهله ، فبكى ، و قال : أخرج معك يا رسول الله . فقال له رسول الله صلى الله عليه و آله : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ، و أنت وزيري و خليفتي في قومي كما كان هارون وزير موسى عليهما السلام و خليفته في قومه . و كان أول من أسلم منا . و سد رسول الله صلى الله عليه و آله أبواب المسجد بابه [ فكان يدخل المسجد جنبا و هو طريقه ليس له طريق سواه ] ( 2 ) . و نام على فراش رسول الله صلى الله عليه و آله ليلة هاجر ليرى المشركين الذين تواطأوا على قتله أنه لم يزل ، فواساه بنفسه و بذلها دونه . و أخبر الله عز و جل في كتابه ، أنه قد رضي عنه و عن أهل الشجرة بقوله تعالى : " لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة ( 3 ) ، فكان علي عليه السلام أحدهم . [ الرسول مع فاطمة ] [ 542 ] يحيى بن أبي بكير ، باسناده ، عن معدان بن سنان ، أنه قال 1 - الاحزاب : 33 . ( 2 ) الفتح : 18 . ( 3 ) هذه الزيادة من مناقب الخوارزمي .
(211)
مرضت فاطمة عليها السلام بنت رسول الله صلى الله عليه و آله ، فأتاها عليه السلام ليعودها ، فبكت و شكت اليه حالها . فقال : يا فاطمة أما ترضين أن زوجتك أقدم أمتي سلما ، و أكثرهم علما ، و أعظمهم حلما ؟ قالت : بلى ، رضيت يا رسول الله . [ 543 ] الاعمش ، باسناده ، عن أبي أيوب الانصاري ( 1 ) ، أنه قال : مرض رسول الله صلى الله عليه و آله ، فعادته فاطمة ابنته صلوات الله عليها ، فلما نظرت إلى ما برسول الله صلى الله عليه و آله من العلة بكت ، فقال : مه يا بنية ، أما علمت أن الله عز و جل إطلع إلى الارض إطلاعة ليختار لك قرينا ، فاختار لك عليا ، و أوحى الي أن أنكحك إياه ، فأنكحتك أعلمهم علما ، و أقدمهم سلما ، و أعظمهم حلما . و مناقب علي و فضائله أكثر من أن يحيط بها هذا الكتاب فضلا عن هذا الباب ، و لكنا ذكرنا فيه نكتا منها بحسب ما شرطناه في أول هذا الكتاب . فكلما يجري ذكره فيه فمن مناقبه و فضائله ، و قد شرحنا كثيرا مما تقدم ذكره منها في الابواب التي قبل هذا الباب من هذا الكتاب و تكرر بعض ذلك في هذا الباب مما دخل فيه من جملة الاحاديث مما قبله ، فأغنى شرح ذلك في المتقدم عن إعادته و ذكر في هذا الفصل ، و لم نذكر في هذا الكتاب إلا ما روته العامة من فضائل علي صلوات الله عليه و مناقبه دون ما رواه كثير من الشيعة مما ينكره العوام ، تركته اختصارا ، و لئلا اعرض به إن ذكرته 1 - و هو خالد بن زيد الخزرجي صحابي نزل الرسول صلى الله عليه و آله في بيته في المدينة يوم الهجرة ، إلى أن تم بناء مسجد له . قاتل في أكثر الغزوات توفي بحصار القسطنطينية و دفن تحت اسوارها سنة 52 ه ، كان ملوك العثمانيين يتقلدون سيف الخلافة امام قبره حيث أقيم مسجد شهير .
(212)
لظن المخالفين و إنكار الجاهلين و تكذيب المكذبين ، و لان فيما رووه و أجمعوا عليه كفاية عما أنكروه و اختلفوا فيه . و لعل قائلا يقول إذا سمع بعض ما أثبتناه من هذا الكتاب من فضائل علي عليه السلام و مناقبه : إن لغيره مثل بعضها ، و يأتي بذلك ، و قل من يخلو من أن يكون فيه فضيلة ممن يذكر بخير . و لكن لا يقاس من كثرت فضائله بمن قلت فضائله أو نقصت عن فضائل من يقاس اليه ، كما يكون من يكون فيه أقل شيء من الفضائل أفضل ممن لا فضل له . و الفضائل التي تفاضل المؤمنون بها مما أجمعوا عليه و لم يختلفوا فيه ، و نطق الكتاب به و ذكر الله عز و جل فيه فضل من كان من أهله وجوه :
(213)
[ أوجه التفاضل ] [ 1 - الايمان ] أولها ما افترضه الله عز و جل أولا على عباده ذلك الايمان به و برسوله ، و نص على فضل السبق اليه ، فقال جل من قائل : " و السابقون السابقون أولئك المقربون " ( 1 ) ، و قال تعالى : " و الذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا و لاخواننا الذين سبقونا بالايمان و لا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا " ( 2 ) ، و قال تعالى : " و السابقون الاولون من المهاجرين و الانصار و الذين اتبعوهم بإحسان " ( 3 ) ، فأجمعوا على أن السبق إلى الاسلام من أفضل الفضائل التي تفاضل المؤمنون بها . و قد ذكرنا فيما تقدم أن عليا عليه السلام أول من آمن بالله و برسوله من ذكور هذه الامة ، و ذكرت ما ادخل في ذلك من ادخل من أهل العناد ، و ما يبطل إدخاله ، و وجدناهم يذكرون السابقين إلى الاسلام بفضيلة السبق على التقريب في الفضل ، و يسمونهم و يعدونهم فيقولون : إن السابقين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و آله إلى الاسلام علي بن أبي طالب صلوات الله عليه ، و زيد بن حارثة ، و أبو بكر ، و عثمان ، و طلحة ( 4 ) ، و الزبير ( 5 ) ، و سعد بن أبي وقاص ، و عبد الرحمن 1 - الواقعة : 10 . ( 2 ) الحشر : 10 . ( 3 ) التوبة : 100 . 4 - و هو طلحة بن عبيد الله القرشي التميمي صحابي من أغنياء قريش ، قتل في وقعه الجمل و هو بجانب عائشة سنة 36 ه . 5 - الزبير بن العوام القرشي الاسدي ، ابن عمة النبي صلى الله عليه و آله - صفية بنت <
(214)
بن عوف ( 1 ) ، و عمر بعد أناس كثير ، و سلمان الفارسي ( 2 ) ، و أبو ذر ، و المقداد ( 3 ) ، و عمار ، و عبد الله بن مسعود ( 4 ) ، و سعد بن زيد ( 5 ) ، و خباب بن الارت ( 6 ) ، و صهيب ( 7 ) ، و بلال ( 8 ) . فلا أقل - إن تفاضل هؤلاء في درجة السبق و فضله - أن يكون علي عليه السلام أحدهم ، و إن كان قد سبقهم . [ 2 - القرابة ] ثم ذكروا بعد السبق إلى الاسلام في الفضل فضل القربى من الرسول عبد المطلب - اعتنق الاسلام بأول صباه ، هاجر إلى الحبشة ثم المدينة ، انتخبه عمر في الشورى ، انسحب من قتال علي في الجمل ، اغتاله ابن جرموز سنة 36 ه . 1 - القرشي الزهري صحابي ، كان تاجرا واسع الثراء ، ثامن من أسلم في مكة ، هاجر إلى الحبشة ثم إلى المدينة توفي 32 ه . 2 - و ان سلمان أسلم في المدينة بعد الهجرة و ليس من جملة السابقين . 3 - هو المقداد بن الاسود ، صحابي من الابطال نسب إلى الاسود بن عبد يغوث ، و هو أحد السبعة الذين كانوا أول من أظهر الاسلام ، هاجر إلى الحبشة ، قاتل في بدر واحد لقب ( حب الله وحب رسول الله ) ، توفي بالمدنية 33 ه . 4 - عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب ، أبو عبد الرحمان الهذلي المتوفى 33 ه . 5 - القرشي العدوي من السابقين الاولين لدعوة الاسلام هو و إمرأته فاطمة اخت عمر . هاجرا إلى الحبشة ، قاتل مع الرسول ، و اشترك في فتوح الشام توفي بالمدينة 51 ه . 6 - أبو عبد الله خباب بن الارت بن جندلة بن سعد بن حزيمة التميمي الصحابي الجليل ، قال بحر العلوم في رجاله : أحد السابقين الاولين الذي عذبوا في الدين ، فصبروا على أذى المشركين . روي أن قريشا أو قدت له نارا و سحبوه عليها في اطفائها و أودك ظهره و كان أثر النار ظاهرا عليه في جسده توفي بالكوفة 37 ه وصلى عليه أمير المؤمنين عن عمر يناهز 73 سنة . 7 - صهيب بن سنان صحابي أحد السابقين إلى الاسلام ، كان تاجرا في مكة و ربح ما لا وفيرا منعه مشركو قريش من الهجرة إلى المدينة بماله فتركه و هاجر توفي بالمدينة 38 ه . 8 - بلال بن رباح الحبشي ، صحابي ، أول من أذن ، قاتل مع النبي صلى الله عليه و آله توفي بدمشق 20 ه .
(215)
صلى الله عليه و آله لقول الله عز و جل : " قل لا أسالكم عليه إلا المودة في القربى " ( 1 ) ، و قوله تعالى : " أن الله اصطفى آدم و نوحا و آل إبراهيم و آل عمران على العالمين . ذرية بعضها من بعض و الله سميع عليم " ( 2 ) ، و قوله تعالى : " و اتقوا الله الذي تساءلون به و الارحام " ( 3 ) ، و قوله تعالى : " و أنذر عشيرتك الاقربين " ( 4 ) ، و قوله تعالى : " فمن حاجك من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا و أبناءكم و نساءنا و نساءكم و أنفسنا و أنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين " ( 5 ) ، و قوله تعالى : " و اولوا الارحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله " ( 6 ) ، و قوله تعالى : " و اعلموا أنما غنمتم من شيء فان الله خمسه و للرسول و لذي القربى " ( 7 ) . و كان الذين يعدون من ذوي قرابة رسول الله صلى الله عليه و آله : علي بن أبي طالب عليه السلام ، و حمزة بن عبد المطلب و جعفر بن أبي طالب ، و الحسن ، و الحسين صلوات الله عليهم ، و العباس بن عبد المطلب ، و بنوه : عبد الله ، و عبيد الله ( 8 ) و الفضل ( 9 ) ، و عبيدة بن الحارث ( 10 ) ، و أخوه أبو سفيان و من حل محلهم ممن 1 - الشورى : 23 . ( 4 ) الشعراء : 214 . 2 - آل عمران : 33 . ( 5 ) آل عمران : 61 . 3 - النساء : 1 . ( 6 ) الانفال : 75 . 7 - الانفال : 41 . 8 - أبو محمد عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب الهاشمي القرشي ولد 1 ه كان أصغر من أخيه عبد الله بسنة ، رأى النبي صلى الله عليه و آله و لم يرو عنه شيئا و استعمله أمير المؤمنين عليه السلام على اليمن و كان جوادا ينحر كل يوم جزورا ، و هو أول من وضع الموائد في الطرق ، مات بالمدينة 87 ه . 9 - من شجعان الصحابة و وجوههم كان أسن ولد العباس ثبت يوم حنين ، و أردفه رسول الله صلى الله عليه و آله وراءه في حجة الوداع فلقب " ردف رسول الله " توفي 13 ه . 10 - عبيدة بن الحارث بن المطلب بن عبد مناف ، أبو الحارث ، من إبطال قريش في الجاهلية و الاسلام ، ولد بمكة 62 قبل الهجرة و أسلم قبل دخول النبي صلى الله عليه و آله دار الارقم ، و عقد له النبي ثاني لواء عقده بعد أن قدم المدينة ، و بعثه في ستين راكبا من المهاجرين ، فالتقى بالمشركين و عليهم <
(216)
حرم الله عز و جل عليهم الصدقة على لسان رسوله صلى الله عليه و آله لقرابتهم من رسول الله صلى الله عليه و آله كما حرمها عليه ، لانها طهارات الناس و غسالة ذنوبهم ( 1 ) و عوضهم منها الخمس إكراما لهم . و كان علي من أخصهم برسول الله صلى الله عليه و آله و ألصقهم به - كما ذكرنا - و ورثه دون جميعهم . و كان كما ذكرنا وصيه على الاحياء منهم ، ففضل أهل السبق الذين قدمنا ذكرهم بفضيلة القرابة ، إذ ليس لهم و بان بها عنهم ، و إن كان أيضا كما ذكرنا قد بان بالسبق فكان أفضلهم ، و ليس أحد منهم يعد و يذكر معه في الفضل على ما بينا و قدمنا ، و هم أكابر الصحابة ، و من تقدم عليه مستأثرا بحقه في الامامة ، و من ذكر معه من أهل الشورى و غيرهم . [ 3 - الاعلمية ] ثم ذكروا أن الفضل بعد السبق و القرابة في العلم بكتاب الله عز و جل و أحكامه و حلاله و حرامه لقول الله سبحانه : " هل يستوي الذين يعلمون و الذين لا يعلمون إنما يتذكر اؤلوا الالباب " ( 2 ) و قوله تعالى : " فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " ( 3 ) و قوله تعالى : " يرفع الله الذين آمنوا منكم و الذين اوتوا العلم درجات " ( 4 ) و قوله تعالى : " لعلمه الذين يستنبطونه منهم " ( 5 ) و قوله تعالى : " هو آيات بينات في صدور الذين اوتوا العلم " ( 6 ) و قوله تعالى : و ما يعقلها إلا العالمون " ( 7 ) و قوله تعالى : " إنما يخشى الله من أبو سفيان بن حرب في موضع يقال له : ثنية المرة ، و كان هذا أول قتال جرى في الاسلام ثم شهد بدرا و استشهد فيها 2 ه . 1 - و في نسخة - ج - : دونهم . 2 - الزمر : 9 . 5 - النساء : 83 . 3 - الانبياء : 7 . ( 6 ) العنكبوت : 49 . 4 - المجادلة : 11 . ( 7 ) العنكبوت : 43 .