و أتولاك . فقال النبي صلى الله عليه و آله : بها و الله أدرك ما أدرك ، لقد رأيت - يا أبا الحسن - معه قبيلا من الملائكة يشيعون جنازته ( 1 ) حتى صلوا عليه ، و دفنوه . [ 582 ] أبو الجارود ( 2 ) ، قال : كنت عند أبي جعفر محمد بن علي صلوات الله عليه مع جماعة من أصحابه ، فقال له رجل ( 3 ) منهم : يا ابن رسول الله ، حدثنا الحسن البصري أن رسول الله صلى الله عليه و آله قال : إن الله أرسلني برسالة ، فضقت بها ذرعا ، فتواعدني إن لم أبلغها أن يعذبني ، ثم قطع الحديث ، فسألناه تمامه ، و أن يخبرنا بالرسالة ما هي ، فجعل يروغ . فقال أبو جعفر عليه السلام : ما لحسن ، قاتل الله حسنا ، أما و الله لو شاء أن يخبركم لاخبركم ، و لكني أخبركم . إن الله عز و جل بعث محمدا رسول الله صلى الله عليه و آله بشهادة أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله ، و أقام الصلاة ، فشهد المسلمون الشهادتين ، وصلوا فأقلوا و أكثروا . فجاء جبرائيل عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه و آله فقال : يا محمد علم الناس صلاتهم و حدودها و مواقيتها و عددها . فجمع رسول الله صلى الله عليه و آله الناس ، فقال : أيها الناس إن الله عز و جل فرض عليكم الصلاة في الفجر كذا و كذا عددها 1 - و في بحار الانوار : 39 / 254 : إنه قد شيعه سبعون ألف قبيل من الملائكة ، كل قبيل على سبعين ألف قبيل . 2 - و هو أبو جارود الاعمى الكوفي زياد بن المنذر . 3 - و في بحار الانوار 37 / 140 : فقام اليه رجل من أهل البصرة يقال له عثمان الاعشى .
(274)
و الظهر كذا و كذا عددها و وقتها حتى أتى على الصلوات الخمس . ثم قال أبو جعفر عليه السلام : فهل تجدون هذا في القرآن . قالوا : لا . قال : ثم أنزل الله عز و جل و آتوا الزكاة ، فتزكى المسلمون على قدر ما يرون ، أعطى هذا من دراهمه ، و أعطى هذا من دنانيره ، و هذا من تمره ، و هذا من زرعه ، فأتاه جبرائيل عليه السلام . فقال : يا محمد علم الناس من زكاتهم مثل ما علمتهم من صلاتهم . فجمع رسول الله صلى الله عليه و آله الناس ، فقال : إن الله افترض علكيم الزكاة في الذهب من كذا و كذا و في الفضة من كذا و كذا ، و عدد جميع ما يجب فيه الزكاة و ما يجب فيه منها . ثم قال أبو جعفر عليه السلام : فهل تجدون هذا في كتاب الله ؟ قالوا : لا . قال : ثم أنزل الله عز و جل فريضة الحج ، فقال تعالى : " و لله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا " ( 1 ) ، ليس فيه كيف يطوفون و لا كيف يسعون . فأتاه جبرائيل عليه السلام ، فقال : يا محمد علم الناس من حجهم ما علمتهم من صلاتهم و زكاتهم . فجمع رسول الله صلى الله عليه و آله الناس ، فقال : أيها الناس ، إن الله عز و جل قد فرض عليكم الحج ، و أوقفهم على مناسك الحج و معالمه شيئا شيئا . ثم قال أبو جعفر عليه السلام ، فهل تجدون ذلك مفسرا في كتاب الله ؟ 1 - آل عمران : 97 .
(275)
قالوا : لا . قال : ثم أنزل الله عز و جل فرض الصيام ، و إنما كان رسول الله صلى الله عليه و آله يصوم يوم عاشورا ، فأتاه جبرائيل . فقال : يا محمد علم الناس من صومهم ما علمتهم من صلاتهم و زكاتهم و حجهم . فجمع رسول الله صلى الله عليه و آله الناس ، فقال : أيها الناس إن الله عز و جل قد فرض عليكم صيام شهر رمضان ، ثم [ علمهم ] ما يجتنبون في صومهم و ما يأتون و ما يذرون . ثم قال أبو جعفر عليه السلام : فهل تجدون هذا في كتاب الله تعالى ؟ قالوا : لا . قال : ثم أنزل الله عز و جل فريضة الجهاد ، فلم يعلموا كيف يجاهدون ، فأتاه جبرائيل ، فقال : يا محمد علم الناس من جهادهم ما علمتهم من صلاتهم و زكاتهم و صومهم و حجهم . فجمع رسول الله صلى الله عليه و آله الناس ، فقال : أيها الناس إن الله عز و جل قد فرض عليكم الجهاد في سبيله بأموالكم و أنفسكم . و بين لهم حدوده ، و أوضح لهم شروطه . ثم أنزل الله عز و جل الولاية ، فقال : " إنما وليكم الله و رسوله و الذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة و هم راكعون " ( 1 ) . فقال المسلمون : هذا لنا ، بعضنا أوليآء بعض . فجاء جبرائيل ، فقال : يا محمد علم الناس عن ولايتهم ما علمتهم من صلاتهم و زكاتهم و صومهم و حجهم و جهادهم . 1 - المائدة : 55 .
(276)
فقال رسول الله صلى الله عليه و آله : يا جبرائيل ، إن أمتي حديثة عهد بجاهلية ، و أخاف عليهم أن يرتدوا ، فأنزل الله عز و جل : " يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك و إن لم تفعل فما بلغت رسالته و الله يعصمك من الناس " ( 1 ) ، فلم يجد رسول الله صلى الله عليه و آله بدا من أن خرج إلى الناس ، فقال : أيها الناس إن الله عز و جل بعثني برسالته ، فضقت بها ذرعا ، و خفت أن الناس يكذبوني ، فتواعدني إن لم أبلغها ليعذبني . ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب صلوات الله عليه ، ثم قال : أيها الناس ألستم تعلمون أن الله مولاي وأني مولى المؤمنين و وليهم ، وأني أولى بكم من أنفسكم ؟ قالوا : بلى . قال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، أللهم وال من والاه ، و عاد من عاداه ، و انصر من نصره ، و اخذل من خذله و أدر الحق معه حيث دار . قال أبو جعفر صلوات الله عليه : فوجبت ولاية علي صلوات الله عليه على كل مسلم . [ 583 ] عباد بن يعقوب ، باسناده ، عن يعلي بن مرة ( 2 ) ، أنه قال : كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه و آله إذ دخل علي بن أبي طالب صلوات الله عليه ، فقال رسول الله صلى الله عليه و آله : كذب من زعم أنه يتولاني و يحبني و يعادي هذا و يبغضه ، و الله لا يبغضه و لا يعاديه 1 - المائدة : 67 . 2 - أبو المرازم يعلي بن مرة بن وهب بن جابر بن عتاب بن مالك . و امه سيابة و لذا يقال يعلي بن سيابة .
(277)
إلا كافر أو منافق أو ولد زنا . [ بني الاسلام على خمس ] [ 584 ] الحسن بن غالب ، باسناده ، عن أبي هارون العبدي ، أنه قال : كنت أرى رأي الخوارج ، فجلست يوما إلى أبي سعيد الخدري ، و هو يحدث ، فقال : بني الاسلام على خمس ، فأخذ الناس بأربع و تركوا واحدة . قلت : يا أبا سعيد ، ما هي الاربع التي أخذوا بها ؟ قال : الصلاة و الزكاة و الصوم و الحج . قلت : و ما الواحدة التي تركوها . قال : ولاية علي بن ابي طالب عليه السلام . قلت : أنظر ما تقول ، هي مفروضة ؟ قال : اي و الله إنها لمفترضة ( 1 ) . [ 585 ] عبد الرحمن بن صالح ، باسناده ، عن البراء بن عازب ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله يقول : إن الصدقة لا تحل لي و لا لاهل بيتي ، لعن الله من ادعى إلى أبيه ، و لعن من انتمى إلى مواليه الولد لصاحب الفراش و للعاهر الحجر ، ليس لوارث وصية إلا و قد سمعتم مني و رأيتموني ، فمن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ألا إني فرطكم على الحوض ، و مكاثر بكم الامم يوم القيامة ، فلا تسودوا وجهي ، ألا لاستنقذن من النار رجالا و ليستنقذن مني آخرون . فأقول : يا رب أصحابي ؟ فيقال لي : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك . ألا و ان الله وليي 1 - و في أمالي المفيد ص 90 زيادة : قال الرجل : فقد كفر الناس اذن ، قال أبو سعيد : فما ذنبي ؟
(278)
و أنا ولي كل مؤمن ، و من كنت مولاه فعلي مولاه . [ 586 ] سعيد بن خيثم ، باسناده : أن رسول الله صلى الله عليه و آله قال : إنه لم تكن امة إلا و قد كان لهم علم تعرف به طاعة الله من معصيته ، ابتلى الله قوما ، فقال : لا تأكلوا الحيتان يوم السبت ، و ابتلى قوما بناقة ، فقال : لا تعقروها . و ابتلى قوما بنهر ، فقال " فمن شرب منه فليس مني " ( 1 ) ، و جعل سفينة نوح من ركبها نجا ، من تخلف عنها غرق ، و جعل باب حطة من دخله ساجدا غفر له و إن الله تبارك و تعالى لم يذر هذه الامة حتى جعل لها علما تعرف به طاعته من معصيته ، و هو علي بن أبي طالب ، من تولاه فقد تولى الله و رسوله ، و من عصاه فقد عصى الله و رسوله . [ 587 ] عبد الرحمن بن محمد ، باسناده ، عن أبي رافع ، قال : سير عثمان أبا ذر إلى الربذة ، فأتيته لاسلم عليه ، فلما أردت الانصراف قال لي : إنه ستكون فتنة ، و لست أدري أدركها أم لا ، و لعلك أن تدركها ، فان أدركتها فعليك بالشيخ علي بن أبي طالب ، فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله يقول له : أنت أول من آمن بي و يصافحني يوم القيامة ، و أنت الصديق الاكبر ، و أنت الفاروق الذي يفرق بين الحق و الباطل ، و أنت يعسوب المؤمنين ، و المال يعسوب الكفرة . [ 588 ] علي بن عابس ، باسناده ، عن أبي معشر ، قال : دخلت الرحبة ، فإذا علي صلوات الله عليه بين يديه مال مصبوب ، و هو يقول : و الذي فلق الحبة وبرأ النسمة لا يموت عبد و هو يحبني إلا جئت أنا و هو يوم القيامة كهاتين - و جمع بين اصبعيه المسبحتين - و لو شئت لقلت كهاتين 1 - البقرة : 249 .
(279)
- و جمع بين المسبحة و الوسطى - ، و هذه أفضل من هذه ، و أنا يعسوب المؤمنين ، و هذا - و أومأ بيده إلى المال - يعسوب المنافقين ، بي يلوذ المؤمنون ، و بهذا يلوذ المنافقون . [ 589 ] محمد بن عبد الحميد السهمي ، باسناده ، عن عبد الله بن مسعود ( 1 ) ، قال : كنت عند رسول الله صلى الله عليه و آله ، فتنفس الصعداء . فقلت : مالك ، يا نبي الله ؟ فقال : نعيت الي نفسي . قلت : ألا تستخلف علينا يا رسول الله . قال : من ؟ فذكرت أبا بكر ، و عمر ، و عثمان ، و طلحة ، و الزبير . كل ذلك لا يقول شيئا حتى ذكرت علي بن أبي طالب عليه السلام . فرفع رأسه و نظر الي ، و قال : و الذي نفسي بيده يا ابن مسعود لئن سمعوا له و أطاعوا ليدخلن الجنة أجمعين أكتعين ( 2 ) . [ 590 ] حدثنا جعفر بن سليمان الهاشمي ، باسناده عن عمر بن الخطاب ، أنه قال : لا يتم إسلام مؤمن ( 3 ) إلا أن يتولى علي بن أبي طالب . و مثل هذا كثير قد ذكرنا جملة منه فيما تقدم من هذا الكتاب ، و نذكر بعد في باقيه كثيرا منه إن شاء الله تعالى . و من أمر رسول الله صلى الله عليه 1 - عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب الهذلي ، أبو عبد الرحمان الصحابي من السابقين إلى الاسلام و أول من جهر بقراءة القرآن بمكة ، و كان خادم رسول الله صلى الله عليه و آله و هو من أهل مكة ، و كان قصيرا جدا يكاد الجلوس يوارونه ، و كان يحب الاكثار من التطيب ، و ولي بعد النبي صلى الله عليه و آله بيت مال الكوفة ، ثم قدم المدينة في خلافة عثمان معترضا فتوفي فيها عن نحو ستين عاما 32 ه . 2 - أي تام دون نقص . ( مختار الصحاح ص 563 ) . 3 - و في نسخة - ج - : مسلم .