و أبو عبيدة . كلهم يأخذ اللواء بعد صاحبه . ثم أخذه صعصعة ( 1 ) فأثبت ثم عاش بعد ذلك . و جندب الخير ( 2 ) قتل يوم صفين ، و هو الذي كان رسول الله صلى الله عليه و آله يرتجز به ليلة و هو يسوق أصحابه ، و هو يقول : جندب و ما جندب . فلما أصبح ، قالوا : يا رسول الله سمعناك تذكر جندبا . فقال : نعم ، رجل يقال له : جندب من أمتي يضرب ضربة يفرق بين الحق و الباطل ، يبعثه الله يوم القيامة امة وحده ( 3 ) . فرأى جندب ساحرا بين يدي الوليد بن عقبة ، و كان عاملا لعثمان على الكوفة ، فقتله . فقال له الوليد : لم قتلته ؟ قال : أنا آتيك بالبينة : إن النبي صلى الله عليه و آله قال : من رأى ساحرا فليضربه بالسيف . فأمر به الوليد إلى السجن . و كان على السجن رجل مسلم يقال له : دينار . فأطلق جندبا . فبلغ ذلك الوليد ، فأمر بدينار ، فضرب بالسياط حتى مات . و اويس بن عامر القرني ، قتل مع علي صلوات الله عليه بصفين ، و هو الذي قال رسول الله صلى الله عليه و آله : إن من بعدي رجل يقال له : أويس به شامة ( 4 ) بيضاء ، من لقيه فليبلغه مني السلام ، فانه يشفع يوم القيامة لكذا و كذا من الناس . و علقمة بن قيس من التابعين ، اصيبت رجله يوم صفين . 1 - صعصعة بن صوحان . 2 - و هو جندب بن كعب الازدي ، و قد مر ذكره في الحديث 395 فراجع . 3 - راجع الحديث رقم 395 . 4 - أي علامة .
(36)
و هند الجملي ( 1 ) ، قتل يوم الجمل . و عبد الله بن سلمة . و زياد بن أبي حفصة التيمي . و محرز بن الصحصح ( 2 ) ، و هو الذي قاتل عبيد الله بن عمر بن الخطاب يوم صفين . و هذه جمل من أخبار صفين و ما في ذلك من فضائل علي أمير المؤمنين صلوات الله عليه . 1 - هند بن عمرو الجملي من بني جمل بن كنانة بن ناحية المرادي قتله عمرو بن يثربي الضبي . 2 - هكذا في مقاتل الطالبيين ص 23 و لا يخفى أن في جميع النسخ مذكور محمد بن صبيح .
(37)
[ حرب النهروان ] و أما محاربة علي عليه السلام للخوارج فقد تقدم من ذلك ما جاء عنه صلوات الله عليه من أمر النبي صلوات الله عليه و آله بحربهم و قتلهم و أخباره ، و ما يكون منهم ، و ما يؤول اليه أمرهم ، و ما كان من فعله عليه السلام في ذلك ، و نحن نذكر - كما شرطنا بعد ذلك - جملا من أخبارهم : [ 407 ] فمن ذلك ما رواه محمد بن راشد ، باسناده ، عن عمرو بن علي ، قال : لما نزل أمير المؤمنين عليه السلام في منصرفه من صفين بحروراء ، صف المحكمة ; و هم يومئذ ثلاثون الفا . و أقبل علي عليه السلام على بغلة رسول الله صلوات الله عليه و آله - الشهباء - حتى وقف بينهم بحيث يسمعونه و يسمع كلامهم ، فخطبهم ، فقال : الحمد لله الذي دنا في علوه فحال دون القلوب ، و قرب فلم تدركه الابصار ، الاول و الآخر ، و الظاهر و الباطن الذي طلع على الغيوب ، و عفا عن الذنوب ، يطاع بإذنه فيشكر ، و يعصى بعلمه فيغفر و يستر ، لا يعجزه شيء طلبه ، و لا يمتنع منه أحد أراده ، قدر فحلم ، و عاقب فلم يظلم ، و ابتلى من يحب ، و من يبغض . ثم قال - فيما أنزل على نبيه صلى الله عليه و آله ( ليمحص الله
(38)
الذين آمنوا و يمحق الكافرين ) ( 1 ) - : ثم أنتم أيها القوم قد علمتم أني كنت للتحكيم كارها حتى غلبتموني ، و الله شهيد بيني و بينكم ، ثم كتبنا كما علمتم كتابا ، و شرطنا فيه أن يحييا ما أحيى القرآن ، و يميتا ما أمات القرآن ، فان هما لم يفعلا ذلك فلا حكومة لهما ، و أنتم على الكتاب من الشاهدين ( 2 ) ، و قد علمت [ إنا ] على هيئتنا الاولى ، فماذا تقولون ؟ و إلى أين تذهبون ( 3 ) فامتاز ( 4 ) منهم أربعة و عشرون الفا ، فقالوا : أللهم إنا نعلم إن هذا هو الحق . و دخلوا معه . و خرج منهم ألف . فعسكروا بالنخيلة ، و قالوا : هذا مكاننا حتى يرجع إمامنا إلى قتال أهل الشام . و خرج منهم خمسة آلاف حتى أتوا النهروان . و بايعوا عبد الله بن وهب الراسبي على الموت . [ أحاديث في الخوارج ] [ 408 ] الدغشي ، باسناده ، عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه ، أنه أمرني رسول الله صلوات الله عليه و آله أن اقاتل الناكثين و القاسطين و المارقين . [ 409 ] عن أبي سعيد الخدري ، أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و آله : تفترق أمتي فرقتين ، تمرق بينهما مارقة ، بقتلها أولى الطائفتين بالله 1 - آل عمران : 141 . 2 - و في الاصل : الناهدين 3 - و في نسخه - أ - : و ما ذا تفعلون . 4 - افترق و خرج .
(39)
و برسوله . قيل للخدريي ( 1 ) : فإن عليا قتلهم . قال : و ما يمنعه أن يكون أولاهم بالله و برسوله . [ 410 ] و عن علي صلوات الله عليه ، أنه قال في خطبة خطبها أنا فقأت عين الفتنة ، [ لم يكن ليفقأها أحد غيري ] ( 2 ) و لو لم أك فيكم ما قوتل أهل الجمل و لا أهل الشام و لا أهل النهروان ، [ و أيم الله ] لو لا أن تتكلموا فتدعوا العمل لاخبرتكم بما سبق على لسان نبيكم صلوات الله عليه و آله لمن قاتلهم منكم مبصرا لضلالتهم عارفا بالهدى الذي نحن عليه . ثم قال : سلوني قبل أن تفقدوني ( 3 ) ، فانكم لا تسألوني عن شيء فيما بينكم و بين الساعة و لا عن فئة تهدي مائة أو تضل مائة إلا حدثتكم بناعقها و سائقها . فقام اليه رجل ، فقال : يا أمير المؤمنين حدثنا عن البلاء . فقال علي عليه السلام : إذا سأل سائل فليعقل ، و إذا سئل مسؤول فليثبت ، [ ألا و ] إن من ورائكم أمورا [ أتتكم جللا مزوحا و بلاء مكلحا مبلحا ] و الذي فلق الحبة وبرأ النسمة ، لو ترأت ، و فقدتموني لفشل كثير من السائلين و أطرق كثير من المسؤولين ، و ذلك إذا قلصت حربكم عن ناب و كشف عن ساق ، و صارت الانباء ( 4 ) بلاء على 1 - و في نسخة - ج - : قيل لابي سعيد الخدري . 2 - هذه الزيادة موجودة في الغارات 1 / 7 . 3 - و في الغارات : بعد تفقدوني : اني ميت أو مقتول بل قتلا ما ينتظر أشقاها أن يخضبها من فوقها بدم . و الذي نفسي بيده ، لا تسألوني . . 4 - و في الغارات 1 / 9 : و كانت الدنيا بلاء .
(40)
أهلها حتى يفتح الله لبقية الابرار . فقام رجل ، فقال : حدثنا يا أمير المؤمنين عن الفتن . قال : إن الفتن إذا أقبلت اشتبهت و إذا أدبرت أسفرت ، و إنما الفتن تحوم كتحوم الرياح [ يصبن بلدا و يخطين اخرى ] ، و إن أخوف الفتن عليكم عندي فتنة بني أمية فانها عمياء مظلمة ، خصت رزيتها ، و عمت بليتها ، و أصاب البلاء من أبصر فيها ، و أخطأ البلاء من عمي عنها ، يظهر أهل باطلها على أهل حقها حتى تملا الارض عدوانا و ظلما ، و إن أول من يكسر عمدها ، و يضع جبروتها ، و ينزع أوتارها ، الله رب العالمين ، ألا و ستجدون في بني أمية أرباب سوء لكم بعدي كالناقة الضروس تعض بفيها ، و تركض برجليها ، و تخبط بيديها ، و تمنع درها ، و إنه لا يزال ( 1 ) بلاؤهم بكم حتى لا يبقى في الارض إلا نافع لهم ، أو ضار ، حتى لا تكون نصره أحدكم إلا كنصرة العبد من سيده [ إذا رآه أطاعه ، و إذا توارى عنه شتمه ] ، و أيم الله لو فرقوكم تحت كل كوكب لجمعكم الله لشر يوم لهم . فقام رجل ، فقال : هل بعد ذلك جماعة ، يا أمير المؤمنين ؟ فقال : نعم إلا أنها جماعة ( 2 ) شتى إن قبلتكم واحدة و حجكم واحد [ و عمرتكم واحدة ] و القلوب مختلفة كذا - و شبك بين أصابعه - . قال : فيم ذلك يا أمير المؤمنين ؟ قال : يقتل هذا هذا ، هجرا هجرا ، فتنة ، و قطيعة جاهلية ليس فيها إمام هدى ، و لا عالم بر ، و نحن أهل البيت فينا النجاة و لسنا فيها 1 - و في نسخة - ج - : اونة لا يزال . 2 - و في الغارات : ألا ان من بعدي جماع شتى .
(41)
الدعاة ( 1 ) . قال ( 2 ) : فما بعد ذلك يا أمير المؤمنين ؟ قال : يفرج الله البلاء برجل منا أهل البيت كتفريج الاديم ( 3 ) يأتي ( 4 ) ابن خير الامة يسومهم الخسف و يسقيهم كأسا مرة ، ودت قريش بالدنيا و ما فيها أن يقبل منهم بعض ما أعرض اليوم عليهم و يأبى إلا قتالا . يعني الذي يفرج الله به البلاء المهدي صلوات الله عليه ، و من يقوم بعده من ولده حتى يكون آخرهم الذي يجمع الله عز و جل له الامة كلها و يكون الدين كله لله كما أخبر عز و جل في كتابه ، و لا تكون فتنة ، و كما وعد سبحانه ( 5 ) ، و نسب ذلك إلى المهدي عليه السلام لانه أول قائم به ، و باذل نفسه فيه كما أن ذلك و غيره مما يكون في الاسلام من كل أحد يقوم من الائمة فيه ، و يجري الله عز و جل به بركة على يديه فمنسوب إلى رسول الله صلى الله عليه و آله لانه أول قائم بدعوة الاسلام . و من ذلك قوله صلى الله عليه و آله و قد ذكر المهدي عليه السلام . فقيل له : ممن هو يا رسول الله ؟ فقال : منا أهل البيت ، بنا يختم الله الدين كما فتحه بنا ، 1 - و في نسخة - ج - : و إنا فيها دعاة . 2 - و في الغارات : فقام رجل فقال : يا أمير المؤمنين ما نصنع في ذلك الزمان ؟ فقال ( ع ) : أنظروا أهل بيت نبيكم فان لبدوا فالبدوا و ان استصرخوكم فانصروهم تؤجروا ، و لا تسبقوهم فتصرعكم البلية . فقام رجل آخر فقال : 3 - أي : تفريح الانسان المحصور في الجلد لتعذيبه ، و في تفريجه راحة . 4 - في الغارات : بأبي . 5 - اشارة إلى الآية الكريمة " . . حتى لا تكون فتنة و يكون الدين لله " البقرة : 193 .