و لنا ما روي أن صفية أرسلت إلى النبي صلى الله عليه و سلم ثوبين ليكفن فيهما حمزة فكفنه في أحدهما و كفن في الآخر رجلا آخر رواه يعقوب بن شيبة و قال هو صالح الاسناد ، و حديثهم يحمل على الاباحة و الاستحباب ، إذا ثبت هذا فانه ينزع عنه ما لم يكن من عامة لباس الناس من الجلود و الفراء و الحديد .قال أحمد لا يترك عليه فرو و لا خف و لا جلد و بهذا قال أبو حنيفة و الشافعي ، و قال مالك لا ينزع عنه فرو و لا خف و لا محشو لعموم الخبر و هو قوله " ادفنوهم في ثيابهم " و ما رويناه أخص فكان أولى ( مسألة ) ( و لا يصلى عليه في أصح الروايتين ) و هذا قول مالك و الشافعي و إسحق ، و عن أحمد رواية أخرى انه يصلى عليه اختارها الخلال و هو قول الثوري و أبي حنيفة إلا ان كلام أحمد رحمه الله في هذه الرواية يشير إلى ان الصلاة عليه مستحبة واجبة ، و قد صرح بذلك في رواية المروذي فقال : الصلاة عليه أجود و إن لم يصلوا عليه أجزأه ، و قال في موضع آخر يصلى عليه و أهل الحجاز لا يصلون عليه و ما تضره الصلاة لا بأس به ، فكأن الروايتين في استحباب الصلاة لا في وجوبها ، احداهما يستحب لما روى عقبة أن النبي صلى الله عليه و سلم خرج يوما فصلى على أهل أحد صلاته على الميت ثم انصرف إلى المنبر متفق عليه ، و عن ابن عباس ان النبي صلى الله عليه و سلم صلى على قتلى أحد .و وجه الرواية الاولى ما روى جابر ان النبي صلى الله عليه و سلم أمر بدفن شهداء أحد في دمائهم و لم يغسلهم و لم يصل عليهم متفق عليه ، و حديث عقبة مخصوص بشهداء أحد فانه صلى عليهم في القبور بعد سنين و هم لا يصلون على القبر أصلا و نحن لا نصلي عليه بعد شهر ، و حديث ابن عباس يرويه الحسن بن عمارة و هو ضعيف ، و قد أنكر عليه شعبة رواية هذا الحديث ، إذا ثبت هذا فيحتمل أن يكون سقوط الصلاة عليهم لكونهم أحياء عند ربهم ، و الصلاة انما شرعت في حق الموتى ، و يحتمل ان ذلك لغناهم عن الشفاعة لهم ، فان الشهيد يشفع في سبعين من أهله فلا يحتاج إلى شفيع ، و الصلاة انما شرعت للشفاعة ( فصل ) و البالغ و غيره سواء في ترك غسله و الصلاة عليه إذا كان شهيدا و بهذا قال الشافعي و أبو يوسف و محمد و أبو ثور و ابن المنذر ، و قال أبو حنيفة لا يثبت حكم الشهادة لغير البالغ لانه ليس من أهل القتال و لنا انه مسلم قتل في معترك المشركين بقتالهم أشبه البالغ و لانه يشبه البالغ في غسله و الصلاة عليه إذا لم يكن شهيدا فيشبه في سقوط ذلك عنه بالشهادة ، و قد كان في شهداء أحد حارثة بن النعمان و هو صغير ، و الحديث عام في الكل و ما ذكروه يبطل بالنساء ( مسألة ) ( و إن سقط من دابته و وجد ميتا لا أثر به أو حمل فأكل أو طال بقاؤه غسل وصلي عليه ) إذا سقط من دابته فمات أو وجد ميتا و لا أثر به فانه يغسل و يصلى عليه ، نص عليه أحمد .