فصل في الاحداد الاحداد صفة في العدة و هو أن تتجنب المعتدة كل ما يدعو إلى أن تشتهى و تميل النفس إليها مثل الطيب و لبس المطيب و التزيين بخضاب و غيره ، فإذا تجنب ذلك فقد حدت يقال حدت حدادا و أحدت إحدادا .و المعتدات على ثلاثة أظرب : معتدة يلزمها الاحداد ، و معتدة لا حداد عليها ، و معتدة اختلف فيها : فالتي يلزمها الاحداد فالمتوفى عنها زوجها ، فعليها أن تحد على زوجها أربعة أشهر و عشرا بلا خلاف إلا الشعبي و الحسن البصري ، فانهما قالا يكفى في بعضها .و أما المعتدة التي لا إحداد عليها فهي الرجعية ، لانها في معنى الزوجة و كذلك المعتدة عن نكاح فاسد و عن وطي شبهة ، و الامة المشتراة وام الولد كل هؤلاء لا إحداد عليهن .و أما التي اختلف فيها فهي البائن عن نكاح صحيح ، إما بطلاق ثلاث أو خلع أو فسخ ، قال قوم يجب عليها الاحداد ، و قال آخرون لا تجب ، و هو مذهبنا و فيه خلاف .المعتدة عن نكاح فاسد لا عدة عليها للوفاة ، و لا نفقة لها و لا سكنى ، و لا إحداد عليها و كذلك ام الولد .قد بينا أن الاحداد هو ترك ما تدعو النفس إليها لاجله ، و تمتد الابصار نحوها فمن ذلك الدهن و هو على ضربين طيب و غير طيب ، فالطيب كدهن البنفسج و البان و دهن الورد و غير ذلك ، فلا يجوز للمعتدة اتخاذه و استعمال تزيينه في بدنها ، و لا في شعرها لانه طيب ، و لانه يرجل الشعر و يحسنه و ما ليس بطيب كالشيرج و الزيت و السمن فلا يجوز استعماله في شعرها ، لانه يرجله و يحسنه و يجوز في البدن لانه ليس فيه زينة و لا طيب ، و إذا كانت لها لحية لم يجز لها أن تدهنها .و أما الكحل فعلى ضربين أسود و هو الاثمد الفارسي ، و أبيض و هو التوتيا فالأَسود لا يجوز لها أن تكتحل به ، و هكذا لا يجوز لها أن تخضب حاجبها لانه زينة ، و إن