و الفصل بينهما هو أن إذا للزمان المستقبل حقيقة ، فإذا قال إذا لم أطلقك كان بمنزلة متى لم أطلقك فأنت طالق ، و قد بينا أنها على الفور ، و ليس كذلك ( إن ) لانه لا حقيقة لها في الزمان ، و إنما أصلها الشرط و الجزاء ، فإذا لم يكن لها حقيقة في الزمان كانت للفعل ، فيكون قوله إذا لم أطلقك فأنت طالق ، معناه إن فاتني طلاقك فأنت طالق ، و هذا يقتضى أن تكون على التراخ .و لان إذا لتحقيق الزمان ، فانه تعلق بها ما لابد أن يقع ، كقوله إذا طلعت الشمس ، و إذا أقبل الليل ، قال الله تعالى ( إذا الشمس كورت ) و لا يقال إن الشمس كورت .و ليس كذلك ( إن ) لانه لا حقيقة لها في الزمان ، و إنما يعلق بها ما قد يوجد ، و قد لا يوجد ، كقولك إن جاء زيد ، فانه قد يجيئ و قد لا يجيئ ، فلما كانت على الاشتراك كانت على التراخى .و الذى يقتضيه مذهبنا أنا إذا علقنا بذلك نذرا أن يفصل بين الحرفين لما تقدم .و كل موضع قلنا على الفور فمتى وجدت الصفة وقع الطلاق ، و إن فاتت زال العقد و انحلت الصفة .و كل موضع قلنا على التراخي فهو على التراخى أبدا ، فان مأتا أو أحدهما وقع الطلاق من قبل وفاته في الزمان الذي يسع إيقاع الطلاق فيه ، لان قوله إن لم أطلقك فأنت طالق ، معناه إن فاتني طلاقك ، و الفوات يكون إذا بقي من الحياة الزمان الذي يفوته فيه قوله " أنت طالق " و هكذا يجب أن نقوله في النذر سواء أنه يلزمه في هذا الوقت أن هذا في حرف " إن " و " إن لم " فقط على ما بيناه .إذا قال كلما لم أطلقك فأنت طالق ، فكلما للزمان كمتى ، لكنها للتكرار و متى لغير التكرار ، فإذا لم يطلقها طلقت ثلاثا لان معنى كلما لم أطلقك أى أي وقت عدم طلاقك ، فإذا مضى بعد هذا زمان يسع لطلاقها فلم يفعل طلقت ، فإذا مضى بعده مثل هذا وقعت اخرى ، فإذا مضى زمان بعده مثله وقعت اخرى : ثلاث تطليقات و هكذا يجب أن نقول في النذر سواء .