تحريم مكة قبل الاسلام وبعده
و قلنا انه لم يصل إلينا متن الكتاب فظفرنا به بعد الشرح قوله صلى الله عليه و آله : " ان الله تعالى حبس الفيل عن مكة " اشار إلى قصة اصحاب الفيل المذكورة في القرآن الكريم " ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل." و تفصيلها مذكورة في كتب التاريخ و التفسير و الحديث .أراد صلى الله عليه و آله ان تسليط الله سبحانه المسلمين على مكة ، التي لم يسلط عليها اصحاب الفيل ، آية تامة على عناية ربانية ، و ان المسلمين ليسوا كأصحاب الفيل ، لان تسليطهم لحسم مادة الشرك و الوثنية و إعلاء كلمة التوحيد ، و بعبارة اخرى سلطتهم سلطة نبوة لا سلطة ملكية ، فالتسليط تسليط إلهي هو سلطهم على الشرك و أهله .قوله صلى الله عليه و آله : " انها لا تحل لاحد كان قبلى." حرمة البيت و حرمة مكة مما دعى به أبو الأَنبياء إبراهيم الخليل عليه السلام حيث قال " رب اجعل هذا بلدا آمنا " ( 1 ) و أخرجنا أحاديث عن النبي صلى الله عليه و آله ان إبراهيم عليه السلام حرم مكة ( راجع ج 1 ص 257 ) فالبيت الحرام و مكة حرم ، لم يحل لاحد من زمن إبراهيم عليه السلام ، و يدل عليه ايضا قوله تعالى " أو لم نمكن لهم حرما آمنا يجبى اليه ثمرات كل شيء " ( 2 ) و قوله تعالى " أو لم يروا انا جعلنا لهم حرما آمنا و يتخطف الناس من حولهم " ( 3 ) حيث بين سبحانه اكرامه لاهل مكة بان جعل لهم دار امن ، فلو لم تكن مكة دار امن لهم عند اعراب الجاهلية لم يصح هذا الكلام ، كما هو واضح .بل تشعر الايتين بكونها حرما آمنا و حواليها لا البلد خاصة ، اذ لو لم يكن لهم امن في رعيهم و احتطابهم و سائر أمورهم لما صح المن عليهم بقوله انا جعلنا لهم حرما آمنا و يتخطف الناس من حولهم .مضافا إلى ان الآية الاولى جواب لقولهم " و قالوا ان نتبع الهدى نتخطف من ارضنا " و يعلم من ذلك ان الحرم كان بامر و ارادة منه سبحانه ، بلسان1 - 2 / 126 - 14 / 35 2 - 28 / 57 3 - 27 / 91