و أحمد بن محمد بن عيسى بن الازهر
فعمرتها حتى استنزلها المعتضد عنها فأجابته إلى ذلك ، ثم أصلحت ما و هي منها و رممت ما كان قد تشعث فيها ، و فرشتها بأنواع الفرش في كل موضع منها ما يليق به من المفارش ، و أسكنته ما يليق به من الجواري و الخدم ، وأعدت بها المآكل الشهية و ما يحسن ادخاره في ذلك الزمان ، ثم أرسلت مفاتيحها إلى المعتضد ، فلما دخلها هاله ما رأى من الخيرات ، ثم وسعها و زاد فيها و جعل لها سورا حولها ، و كانت قدر مدينة شيراز ، و بني الميدان ثم بني فيها قصرا مشرفا على دجلة ، ثم بني فيها المكتفي التاج ، فلما كان أيام المقتدر زاد فيها زيادات أخر كبارا كثيرة جدا ، ثم بعد هذا كله خربت حتى كأن لم يكن موضعها عمارة ، و تأخرت آثارها إلى أيام التتار الذين خربوها و خربوا بغداد و سبوا من كان بها من الحرائر كما سيأتي بيانه في موضعه من سنة ست و خمسين و ستمأة .قال الخطيب : و الذي يشبه أن بوران وهبت دارها للمعتمد لا للمعتضد ، فإنها لم تعش إلى أيامه ، و قد تقدمت وفاتها .و فيها زلزلت أردبيل ( 1 ) ست مرات فتهدمت دورها و لم يبق منها مائة دار ، و مات تحت الردم مائة ألف و خمسون ألفا فإنا لله و إنا إليه راجعون .و فيها غارت المياه ببلاد الري و طبرستان حتى بيع الماء كل ثلاثة أرطال بدرهم ، و غلت الاسعار هنالك جدا .و فيها غزا إسماعيل بن أحمد الساماني ببلاد الترك ففتح مدينة ملكهم و أسر إمرأته الخاتون و أباه ( 2 ) و نحوا من عشرة آلاف أسير ، و غنم من الدواب و الامتعة و الاموال شيئا كثيرا ، أصاب الفارس ألف درهم .و فيها حج بالناس أبو بكر محمد بن هارون بن إسحاق العباسي .و فيها توفي من الاعيان أحمد بن سيار بن أيوب الفقية الشافعي المشهور بالعبادة و الزهادة .و أحمد بن أبي عمران موسى بن عيسى أبو جعفر البغدادي ، كان من أكابر الحنفية ، تفقه على محمد بن سماعة و هو أستاذ أبي جعفر الطحاوي ، و كان ظريرا ، سمع الحديث من علي بن الجعد و غيره ، و قدم مصر فحدث بها من حفظه ، و توفي بها في المحرم من هذه السنة ، و قد وثقه ابن يونس في تأريخ مصر .و أحمد بن محمد بن عيسى بن الازهر القاضي بواسط ، صاحب المسند ، روى عن مسلم بن إبراهيم و أبي سلمة التبوذكي ، و أبي نعيم و أبي الوليد و خلق ، و كان ثقة ثبتا تفقه بأبي سليمان الجوزجاني صاحب محمد بن الحسن و قد حكم بالجانب الشرقي من بغداد في أيام المعتز ، فلما كان أيام الموفق طلب منه و من إسماعيل القاضي أن( 1 ) في الطبري 11 / 343 و ابن الاثير 7 / 465 : دبيل .( 2 ) في الطبري 11 / 343 : و أسرة إياه و إمرأته الخاتون .و في مروج الذهب 4 / 276 : و يقال ان اسم هذا الملك يقال له : طنكش .قال : و أراه من الجنسين المعروفين بالخدلجية .