يعطياه ما بأيديهما من أموال اليتامى الموقوفة فبادر إلى ذلك إسماعيل القاضي و استنظره إلى ذلك أبو العباس البرقي هذا ، ثم بادر إلى كل من أنس منه رشدا من اليتامى فدفع إليه ماله ، فلما طولب به قال : ليس عندي منه شيء ، دفعته إلى أهله ، فعزل عن القضاء و لزم بيته و تعبد إلى أن توفي في ذي الحجة منها .و قد رآه بعضهم في المنام و قد دخل على رسول الله صلى الله عليه و سلم فقام إليه و صافحه و قبل بين عينيه ، و قال : مرحبا بمن عمل بسنتي و أثري .و فيها توفي جعفر بن المعتضد ، و كان يسامر أباه .و راشد مولى الموفق بمدينه الدينور فحمل إلى بغداد .و عثمان بن سعيد الدارمي مصنف الرد على بشر المريسي فيما ابتدعه من التأويل لمذهب الجهمية و قد ذكرناه في طبقات الشافعية .و مسرور الخادم و كان من أكابر الامراء .و محمد بن إسماعيل الترمذي صاحب التصانيف الحسنة في رمضان منها ، قاله ابن الاثير ، و شيخنا الذهبي .و هلال بن المعلا المحدث المشهور و قد وقع لنا من حديثه طرف .و سيبويه أستاذ النحاة و قيل إنه توفي في سنة سبع و سبعين ، و قيل ثمان و ثمانين ، و قيل إحدى و ستين ، و قيل أربع و سبعين و مائة فالله أعلم .و هو أبو بشر عمر بن عثمان بن قنبر مولى بني الحارث بن كعب ، قيل : مولى الربيع بن زياد الحارثي البصري .و لقب سيبويه لجماله و حمرة وجنتيه حتى كانتا كالتفاحتين .و سيبويه في لغة فارس رائحة التفاح .و هو الامام العلامة العلم ، شيخ النحاة من لدن زمانه إلى زماننا هذا ، و الناس عيال على كتابه المشهور في هذا الفن .و قد شرح بشروح كثيرة و قل من يحيط علما به .أخذ سيبويه العلم عن الخليل بن أحمد و لازمه ، و كان إذا قدم يقول الخليل : مرحبا بزائر لا يمل .و أخذ أيضا عن عيسى بن عمر ، و يونس بن حبيب و أبي زيد الانصاري ، و أبي الخطاب الاخفش الكبير و غيرهم ، قدم من البصرة إلى بغداد أيام كان الكسائي يؤدب الامين بن الرشيد ، فجمع بينهما فتناظرا في شيء من مسائل النحو فانتهى الكلام إلى أن قال الكسائي : تقول العرب : كنت أظن الزنبور أشد لسعا من النحلة فإذا هو إياها .فقال سيبويه : بيني و بين أعرابي لم يشبه شيء من الناس المولد ، و كان الامين يحب نصرة أستاذه فسأل رجلا من الاعراب فنطق بما قال سيبويه .فكره الامين ذلك و قال له : إن الكسائي يقول خلافك .فقال : إن لساني لا يطاوعني على ما يقول فقال : أحب أن تحضر و أن تصوب كلام الكسائي ، فطاوعه على ذلك و انفصل المجلس عن قول الاعرابي إذا الكسائي أصاب .فحمل سيبويه على نفسه و عرف أنهم تعصبوا عليه و رحل عن بغداد فمات ببلاد شيراز في قرية يقال لها البيضاء ، و قيل إنه ولد بهذه و توفي بمدينه سارة في هذه السنة ، و قيل سنة سبع و سبعين ، و قيل ثمان و ثمانين ، و قيل إحدى و تسعين و قيل أربع و تسعين و مائة فالله أعلم ، و قد ينف على