خليل بن المنصور ، فلبس خلعة سوداء و خطب الناس بالخطبة التي كان خطب بها في الدولة الظاهرية ، و كانت من إنشاء الشيخ شرف الدين المقدسي في سنة ستين و ستمأة ، فيكون بين الخطبتين أزيد من ثلاثين سنة ، و ذلك بجامع قلعة الجبل ، ثم استمر ابن جماعة يخطب بالقلعة عند السلطان ، و كان يستنيب في الجامع الازهر .و أما ابن بنت الاعز فناله من الوزير إخراق و مصادرة و إهانة بالغة ، و لم يترك له من مناصبه شيئا ، و كان بيده سبعة عشر منصبا ، منها القضاء و الخطابة و نظر الاحباس ( 1 ) و مشيخة الشيوخ ، و نظر الخزانة و تداريس كبار ، و صادره بنحو من أربعين ألف ، مراكبه و أشياء كثيرة ، و لم يظهر منه استكانة له و لا خضوع ، ثم عاد فرضي عنه و ولاه تدريس الشافعي ، و عملت ختمة عند قبر المنصور في ليلة الاثنين رابع ذي القعدة و حضرها القضاة و الامراء ، و نزل السلطان و معه الخليفة إليهم وقت السحر ، و خطب الخليفة بعد الختمة خطبة بليغة ، حرض الناس على غزو بلاد العراق nو استنقاذها من أيدي التتر ، و قد كان الخليفة قبل ذلك محتجبا فرآه الناس جهرة ، و ركب في الاسواق بعد ذلك .و عمل أهل دمشق ختمة عظيمة بالميدان الاخضر إلى جانب القصر الابلق ، فقرئت ختمات كثيرة ثم خطب الناس بعدها الشيخ عز الدين القاروني ، ثم ابن البزوري ، ثم تكلم من له عادة بالكلام و جاءت البر يدية بالتهيؤ لغزو العراق ، و نودي في الناس بذلك ، و عملت سلاسل عظام بسبب الجسورة على دجلة بغداد ، و حصلت الاجور على المقصود و إن لم يقع المقصود ، و حصل لبعض الناس أذى بسبب ذلك .و فيها نادى نائب الشام الشجاعي أن لا تلبس إمرأة عمامة كبيرة ، و خرب الابنية التي على نهر بانياس و الجداول كلها و المسالح و السقايات التي على الانهار كلها ، و أخرب جسر الزلابية و ما عليه من الدكاكين ، و نادى أن لا يمشي أحد بعد العشاء الآخرة ، ثم أطلق لهم هذه فقط ، و أخرب الحمام الذي كان بناه الملك السعيد ظاهر باب النصر ، و لم يكن بدمشق أحسن منه ، و وسع الميدان الاخضر من ناحية الشمال مقدار سدسه ، و لم يترك بينه و بين النهر إلا مقدارا يسيرا ، و عمل هو بنفسه و الامراء بحيطانه .و فيها حبس جمال الدين آقوش الافرم المنصوري و أميرا آخر معه في القلعة .و فيها حمل الامير علم الدين الدويداري إلى الديار المصرية مقيدا .و قد نظم الشيخ شهاب 1 - هو ديوان الاوقاف ، و قد أنشئ أول ما أنشئ في عهد الفاطميين و كان يتولى شؤون الاوقاف الخاصة و العامة .و لا يخدم فيها إلا أعيان كتاب المسلمين من الشهود و المعدلين و متوليه يختار من بين العلماء المشهورين بالتقوى و الصلاح ، و كان ناظر هذا الديوان يشرف على رواتب العلماء و الفقهاء و أرباب الحديث و أئمة المساجد ( التعريف بمصطلحات صبح الاعشى 141 ) .