بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید السنّة، ثم قال: ومن دسائسه الخبيثة أنّه قال في شرح الاَربعين للنووي: إعلم أنّ من أسباب الخلاف الواقع بين العلماء: تعارض الروايات والنصوص، وبعض الناس يزعم أنّ السبب في ذلك: عمر بن الخطاب، وذلك أنّ الصحابة استأذنوه في تدوين السنّة من ذلك الزمان، فمنعهم من ذلك، وقال: لا أكتب مع القرآن غيره، مع علمه أنّ النبي ـ صلىَّ الله عليه وآله وسلَّم ـ قال: «اكتبوا لاَبي شاةٍ خطبة الوداع» وقال: «قيدوا العلم بالكتابة» ... إلى آخر كلامه.
قال ابن رجب: فانظر إلى هذا الكلام الخبيث المتضمن: أنّ أمير الموَمنين عمر رضي اللّه عنه هو الذي أضلّ الاَُمّة، قصداً منه وتعمّداً، ولقد كذب في ذلك وفجر، ثم إنّ تدوين السنة .... .
أقول: لا أدري لماذا هذا التسرّع في الحكم على الآخرين، وذمّ المترجَم، ووصمه بما لا يناسب، مع العلم أنّه من كبار علماء السنّة، وخيار(1)فقهاء الحنابلة، أمّا تعرّضه لاَسلوب تدوين السنّة، ورأيه في انضباطها لولا نهي عمر عن تدوينها أو بالاَصح ما نقله عن بعض الناس حول هذا الرأي، فإنّه لا يُفهم منه ما فهمه ابن رجب، فالفارق كبير جداً بين تخطئة شخص، وإن كان خليفة ـ وكل ابن آدم خطّاء كما جاء في الحديث الشريف ـ وبين اتهامه بإضلال الاَُمّة قصداً منه وتعمّداً.
ويظهر أنّ المترجم كان متّسماً بالاِعتدال، غير مُتطرّف لرأي، مستقلاً في تفكيره، ومما يصب في هذا الاِتجاه تأليفه لكتاب «العذاب الواصب على أرواح النواصب»، وليس في هذا الكتاب ما يدلّ على ذمّ أهل السنّة، كيف وهو من أكابرهم؟! وإنّما هو في التعرّض للمتعصّبين الذين يبغضون أئمّة أهل البيت عليهم السَّلام ويجتهدون في رد الاَحاديث الواردة في فضلهم، ويحطّون على شيعتهم لاَدنى شبهة، ولاَي سبب.
(1) قال الذهبي: كان ديّناً ساكناً قانعاً. الدرر الكامنة: 2|155.