التوفيق أمامهم فيصيرون صمّـاً وبكماً وعمياً.ثمّ إنّ الآيات القرآنية تفسر تلك الحالة النفسانية التي كانت تسود
المنافقين في مهجر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حيث كانوا في حيطة وحذر من أن تنزل عليهم
سورة تكشف نواياهم، كما يشير إليه قوله سبحانه: (يَحْذَرُ المُنافِقُونَ أَن تُنَزَّل
عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِءُوا إِنَّ اللهَ مُخْرِجٌ ما تَحْذَرُون ). (1)ومن جانب آخر يشاهدون تنامي قدرة الاِسلام وتزايد شوكته على وجه
يستطيع أن يقطع دابرهم من أديم الاَرض، يقول سبحانه: (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ
وَالّذِينَ في قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالمُرجِفُونَ فِي المَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجاوِرُونَكَ
فِيها إِلاّ قَلِيلاً * مَلْعُونينَ أَيْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتّلُوا تَقْتِيلاً ). (2)هذا بعض ما يمكن أن يقال حول التمثيل الوارد في حق المنافقين، ولكن
المهمَّ تطبيق هذا التمثيل على منافقي عصرنا، فدراسة حال المنافقين في عصرنا
هذا من أهم وظيفة المفسّر، فانّ حقيقة النفاق واحدة، ترجع إلى إظهار الاِيمان
وإبطان الكفر لغاية الاِضرار بالاِسلام والمسلمين، وهم يقيمون في خوف
ورعب، وفي الوقت نفسه صم بكم عمي فهم لا يرجعون.
1 ـ التوبة:64.2 ـ الاَحزاب: 60ـ61.
26 - الملك
الحديد50
التمثيل الخمسون
(اعْلَمُوا أَنَّمَا الحَياةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزينَةٌ وَتَفاخُرٌ بَينَكُمْ وَتَكاثُرٌ فِيالاََمْوالِ وَالاََولادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهيجُ فَتَراهُ مُصْفَرّاً ثُمّ يَكُونُ
حُطَاماً وَفِي الآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللهِ وَرِضْوانٌ وَمَا الحَياةُ الدُّنيا إِلاّ
مَتاعُ الغُرُور ). (1)
تفسير الآية
"الكفّار": جمع الكافر بمعنى الساتر، والمراد الزارع، ويطلق على الكافربالله لستره الحق، والمراد في المقام الزارع، لاَنّه يستر حبّه تحت التراب ويغطّيها
به، يقول سبحانه : (كَزَرْعٍ ... يُعْجِبُ الزُّرّاعَ ). (2)"هيج": يقال: هاج البقل يهيج، أي أصفرّ، والمراد في قوله: (ثُمّ يهِيج ) أي
ييبس (فتراه مصفرّاً ) أي إذا قارب اليبس .و"الحطام" بمعنى كسر الشيء، قال سبحانه: (لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ
وَجُنُودُهُ ) . (3)
1 ـ الحديد:20.2 ـ الفتح:29.3 ـ النمل:18.