إنّ هذا
التحليل لا يبتنى على أساس رصين وإنّما هو من
الاَوهام والاَساطير التي اخترعتها نفسية الرجل
وعداوَه للاِسلام والمسلمين أوّلاً، والشيعة
وأئمّتهم ثانياً، وسيوافيك بيان منشأ ظهور تلك
الفكرة.
القرآن يطرح مسألة العصمة
إنّ العصمة بمعنى المصونية عن الخطأ
والعصيان مع قطع النظر عمن يتصف بها، قد ورد في
القرآن الكريم، فقد جاء وصف الملائكة الموكلين على
الجحيم بهذا الوصف إذ يقول: (عَلَيْها
مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لا يَعْصُونَ اللهَ ما
أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُوَْمَرُونَ ).(1) ولا يجد الاِنسان كلمة أوضح من
قوله سبحانه: (لا يعصون الله ما
أمرهم ويفعلون ما يوَمرون) في تحديد حقيقة العصمة،
وواقعها، والفات الاِنسان المتدبر في القرآن إلى
هذه الفكرة، وذاك الاَصل.
إنّ الله سبحانه يصف الذكر الحكيم
بقوله: (لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ
مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ
تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ).
(2)
كما يصفه أيضاً بقوله: (إِنَّ
هذَا الْقُرآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِىَ أَقْوَمُ
وَيُبَشّرُ الْمُوَْمِنينَ ). (3)
فهذه الاَوصاف تنص على مصونية القرآن من كل خطاء
وضلال.
وعلى ذلك فالعصمة بمفهومها الوسيع، مع
قطع النظر عن موصوفها، قد طرحها القرآن وألفت نظر
المسلمين إليها، من دون أن يحتاج علماوَهم إلى أخذ
1 . التحريم: 6.
2 . فصلت: 42.
3 . الاِسراء: 9.