لَنَكُونَنَّ مِنَ الخَاسِرِينَ)،فربّما يتبادر إلى الذهن من هذا المقطع منالآية صدور الذنب من أبينا آدم (عليهالسلام)، فنقول: لا دلالة فيه ولا في واحدةمن كلماته على ما يتوخاه الخصم، وإليكبيان هدف الآية ومفرداتها.
أمّا الغفران فإنّ أصله "الغفر" بمعنىالتغطية والستر، يقال: غفره، يغفره،غفراً: ستره، وكل شيء سترته فقد غفرته،فإذا كان الغفران بمعنى الستر فلا ملازمةبين الستر والذنب، فإنّ المستور ربّمايكون ذنباً وربّما يكون أمراً جائزاً غيرمترقب الصدور من الاِنسان، ولاَجل ذلك طلبآدم من الله سبحانه على عادة الاَولياءوالصالحين في استصغارهم ما يقومون به منالحسنات واستعظامهم الصغير من العيوبفقال: (وإن لم تغفر لنا) أيْ لم تستر عيبناولم (ترحمنا) أي لم ترجع علينا بالرحمة(لنكونن من الخاسرين) ولا شك أنّ آدم قد خسرالنعيم الذي كان فيه، بسبب عدم سماعه لنصحالله سبحانه، ولاَجل ذلك طفق يطلب منه أنيرجع عليه بالمغفرة أي بستر عيبه، والرحمةأي بإخراجه من الخسران الذي عرض له.
إذا وقفت على ما ذكرنا حول هذه الآياتوالجمل وتأمّلت فيها بإمعان ودقة يظهر لكأنّ الاستدلال بها على صدور الذنب المصطلحمن آدم من غرائب الاستدلالات وعجائبها،ولا يصح لباحث أن يُفسر آية دون أن يستعينلفهمها بأُختها، وبذلك يتضح أنّ ما سلكناهمن المنهج في تفسير القرآن، هو الطريقالصحيح الذي يرفع النقاب عن وجوه كثير منالحقائق التي قد تخفى على الباحثين، وهذاالطريق هو تفسير كتابه سبحانه بالتفسيرالموضوعي، أي جمع الآيات الواردة في موضوعواحد وعرض بعضها على بعض.