بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
إلاّ هماً واحداً انفرد به، فخرج من صفةالعمى ومشاركة أهل الهوى وصار من مفاتيحأبواب الهدى، ومغاليق أبواب الردى، قدأبصر طريقه، وسلك سبيله، وعرف مناره وقطعغماره، واستمسك من العرى بأوثقها، ومنالحبال بأمتنها، فهو من اليقين على مثلضوء الشمس، قد نصب نفسه لله سبحانه في أرفعالاَُمور من إصدار كل وارد عليه، وتصييركل فرع إلى أصله، مصباح ظلمات، كشافعشوات، مفتاح مبهمات، دفّاع معضلات، دليلفلوات، يقول فيفهم، ويسكت فيسلم، قد أخلصلله فاستخلصه فهو من معادن دينه، وأوتادأرضه، قد ألزم نفسه العدل فكان أول عدلهنفي الهوى عن نفسه، يصف الحق ويعمل به، لايدع للخير غاية، إلاّ أمّها، ولا مظنةإلاّ قصدها، قد أمكن الكتاب من زمامه، فهوقائده وإمامه، يحل حيث حل ثقله، وينزل حيثكان منزله. (1)ولا أرى أحداً نظر في هذه الخطبة، وأمعنالنظر في عباراته وجمله، إلاّ وأيقن أنّالموصوف بهذه الصفات في القمة الاَعلى منالعصمة. فهل ترى من نفسك انّ من لا يكون لهإلاّ هم واحد وهو الوقوف عند حدود الشريعةومن ألزم على نفسه العدل ونفى الهوى عننفسه، أن لا يكون مصوناً من المعصية،ومعتصماً من الزلل، كيف وقد أمكن القرآنمن زمامه، فهو قائده وإمامه يحل حيث حل،وينزل حيث نزل.قال ابن أبي الحديد: إنّ هذا الكلام منهأخذ أصحابه علم الطريقة والحقيقة وهوتصريح بحال العارف ومكانته من الله،والعرفان درجة حال رفيعة شريفة جداًمناسبة للنبوة ويختص الله تعالى بها منيقربه إليه من خلقه.وقال أيضاً: إنّ هذه الصفات والشروطوالنعوت التي ذكرها في شرح حال العارفإنّما يعني بها نفسه، وهو من الكلام الذيله ظاهر وباطن، فظاهره1. نهج البلاغة الخطبة 83، طبعة عبده.