أوّلاً، وواجهوا أنصاره وأعوانه بألوانالتعذيب ثانياً، فقتل من قتل وأُوذي منأُوذي، وضربوا عليه وعلى الموَمنين به،حصاراً اقتصادياً فمنعوهم من ضرورياتالحياة ثالثاً، وعمدوا إلى قتله في عقرداره رابعاً، ولولا جرائمهم الفظيعة لمااخضرت الاَرض بدمائهم ولا لقي منهم بشيءيكرهه، فأصبحت هذه الذنوب التي كانتتدّعيها قريش على النبي بعد وقعةالحديبية، أو فتح مكة، أُسطورة خيالية قضتعليها سيرته في كل من الواقعتين من غير فرقبين ما ألصقوا به قبل الهجرة أو بعدها،وعند ذلك يتضح مفاد الآيات كما يتضحارتباط الجملتين: الجزائية والشرطية،ولولا هذا الفتح كان النبي محبوساً في قفصالاتهام، وقد كسرته هذه الواقعة، وعرّفتهنزيهاً عن كل هذه التهم.
وعلى ذلك فالمقصود من الذنب ما كانت قريشتصفه به، كما أنّ المراد من المغفرة،إذهاب آثار تلك النسب في المجتمع.
وإلى ما ذكرنا يشير مولانا الاِمام الرضا(عليه السلام) عندما سأله المأمون عن مفادالآية فقال: "لم يكن أحد عند مشركي أهل مكةأعظم ذنباً من رسول الله (صلّى الله عليهوآله وسلّم)، لاَنّهم كانوا يعبدون من دونالله ثلاثمائة وستين صنماً، فلمّـا جاءهمبالدعوة إلى كلمة الاِخلاص كبر ذلك عليهموعظم، وقالوا: (أَجَعَلَ الآلِهَةَإِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌعُجَابٌ * وَ انْطَلَقَ الْمَلاَ مِنْهُمْأَنِ امْشُوا وَ اصْبِرُوا عَلَىآلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيءٌ يُرَادُ* مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمَلَّةِالآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلاَّ اخْتِلاقٌ)(1)، فلمّـا فتح اللهُ عزّ وجلّ على نبيهمحمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) مكة، قالله: يا محمد: (إنّا فتحنا لك (مكة) فتحاًمبيناً ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وماتأخر) عند مشركي أهل مكة بدعائك إلى توحيدالله عزّ وجلّ فيما تقدّم، وما تأخّر،لاَنّ مشركي
1. ص: 5 ـ 7.