العصمة ترجع إلى التقوى بل هي درجة عليامنها، فما توصف به التقوى وتعرف به تعرفوتوصف به العصمة.لا شك أنّ التقوى حالة نفسانية تعصمالاِنسان عن اقتراف كثير من القبائحوالمعاصي، فإذا بلغت تلك الحالة إلىنهايتها تعصم الاِنسان عن اقتراف جميعقبائح الاَعمال، وذميم الفعال على وجهالاِطلاق، بل تعصم الاِنسان حتى عنالتفكير في المعصية، فالمعصوم ليس خصوص منلا يرتكب المعاصي ويقترفها بل هو من لايحوم حولها بفكره.إنّ العصمة ملكة نفسانية راسخة في النفسلها آثار خاصة كسائر الملكات النفسانية منالشجاعة والعفة والسخاء، فإذا كانالاِنسان شجاعاً وجسوراً، سخياً وباذلاً،وعفيفاً ونزيهاً، يطلب في حياته معالىالاَُمور، ويتجنب عن سفاسفها فيطرد مايخالفه من الآثار، كالخوف والجبن والبخلوالاِمساك، والقبح والسوء، ولا يرى فيحياته أثراً منها.ومثله العصمة، فإذا بلغ الاِنسان درجةقصوى من التقوى، وصارت تلك الحالة راسخةفي نفسه يصل الاِنسان إلى حد لا يرى فيحياته أثر من العصيان والطغيان، والتمرّدوالتجرّي، وتصير ساحته نقية عن المعصية.وأمّا أنّ الاِنسان كيف يصل إلى هذاالمقام؟ وما هو العامل الذي يمكنه من هذهالحالة؟ فهو بحث آخر سنرجع إليه في مستقبلالاَبحاث.فإذا كانت العصمة من سنخ التقوى والدرجةالعليا منها، يسهل لك تقسيمها إلى العصمةالمطلقة والعصمة النسبية.فإنّ العصمة المطلقة وإن كانت تختص بطبقةخاصة من الناس لكن