وسوف يوافيك أنّه كان يوحى إليه قبل أنيتشرّف بمقام الرسالة وأنّ نبوّته كانتمتقدّمة على رسالته، وأنّ جبريل نزل إليهبالرسالة عندما بلغ الاَربعين،والاستدلال مبني على أنّ نبوّته ورسالتهكانتا في زمان واحد، وهو غير صحيح كماسيأتي.
وعلى هذا الوجه الصحيح لا نحتاج إلىالاِجابة عن الاستدلال بما تكلّف بهالمرتضى في ذريعته، والطوسي في عدّته.
قال الاَوّل: لم يثبت عنه (صلّى الله عليهوآله وسلّم) أنّه قبل النبوّة حج أو اعتمر،وبالتظنّي لا يثبت مثل ذلك، ولم يثبتأيضاً أنّه (صلّى الله عليه وآله وسلّم)تولّى التذكية بيده، وقد قيل أيضاً: إنّهلو ثبت أنّه ذكّى بيده، لجاز أن يكون منشرع غيره في ذلك الوقت، "أن يستعان بالغيرفي الذكاة" (1) فذكّى على سبيل المعونةلغيره، وأكل اللحم المذكّى لا شبهة فيأنّه غير موقوف على الشرع، لاَنّه بعدالذكاة قد صار مثل كل مباح من المأكل،وركوب البهائم والحمل عليها، يحسن عقلاًإذا وقع التكفّل بما يحتاج إليه من علفوغيره، ولم يثبت أنّه (عليه السلام) فعل منذلك ما لا يستباح بالعقل فعله. (2)
وقريب منه ما في عدّة الشيخ الطوسي. (3)
ولا يخفى أنّ بعض ما ذكره وإن كان صحيحاً،لكن إنكار حجه واعتماره وعبادته في حرّاءواتجاره الذي يتوقف الصحيح منه على معرفةالحلال والحرام، ممّا لا يمكن إنكاره، فلامحيص عن معرفته بالمقاييس الصحيحة في هذهالموارد، إمّا من عند نفسه، أو من ناحيةالاتّباع لشريعة غيره.
1. يريد أنّ من أحكام الشريعة السابقة أنيستعين الرجل في تذكية الحيوان بالغير ـوعلى ذلك ـ فالنبي ذكّى نيابة عن الغير،ولاَجله ولم يذكّ لنفسه.
2. الذريعة: 2|597 ـ 598.
3. عدة الا َُصول: 2|63.