قد اطّلعت على الظنون والشبهات التينسجها القوم على منوال التّهم وعرفت إجابةالقرآن عنها، فهلمّ معي ندرس إستنكاراتالقوم الباطلة التي جعلوها سدّاً في وجهالإذعان برسالته، وهاتيك الإحتجاجات وإنكانت قد صدرت من أفواه رجال طعنوا في السنولكنّها أشبه شيء بمنطق الّذين لا يعون مايقولونه وإليك سردها واحدة واحدة:
1 ـ لماذا لم ينزل القرآن على رجل مُثْر؟!
إنّ الوليد بن المغيرة كان رجلاً مثرياًمعروفاً في مكّة ومثله عروة بن مسعودالثقفي في الطائف، فكان من حججهم الواهيةعلى النّبي أنّه لماذا لم ينزل ما تدّعيهمن القرآن عليهما ونزل عليك؟ فهما مثريانوأنت معوز فقير، فبما أنّ الرجلين كاناعظيمي قومهما و من أصحاب الأموال الطائلةفي البلدين، فدخلت الشبهة عليهم حتّىاعتقدوا إنّ من كان كذلك فهو أولىبالنبوّة. قال سبحانه حاكياً عنهم:(لَوْلانُزِّلَ هَذَا القُرآنُ عَلىرَجُل مِنَ القَرْيَتَيْنِ عَظِيم)(الزخرف/31) فهؤلاء وإن كانوا صادقين في أنّشأن القرآن أن ينزل على من له مكانة مرموقةيمتاز بها عن الآخرين، ولكنّهم أخطأوا فيجعل السموّ والعظمة في الثروة والمال لأنّنزول الوحي رهن كون المنزول عليه رجلاًتقيّاً طاهر النفس، صامداً في تحمّل أعباءالرسالة الإلهيّة، لايخاف من مواجهةالملك، ولايخفى عليك أنّه لاصلة لهذهالشروط بالغنى والفقر، أو الثروة وخلّواليد، والقرآن يردّ على تلك الفرية بقوله:(اَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبّكَنَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْمَعِيشَتَهُمْ فِي الحَياةِ الدُّنْيَاوَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضدَرَجَات لِيَتّخِذَ