26 ـ طلبهم كتاباً من السماء:
إنّ اليهود كانت جاهلة بحكمة نزول القرآنتدريجيّاً و قد ورد النص بها في غير واحدمن الآيات، قال سبحانه: (وَ قَالَالَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لاَنُزِّلَعَلَيْهِ القُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةًكَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً) (الفرقان/32).إنّ في نزول القرآن تدريجيّاً منجّماًحسب الوقائع و الأحداث لدلالة واضحة علىأنّه وحي إلهي ينزل شيئاً فشيئاً حسبالحاجات و ليس شيئاً متعلّماً عن ذي قبل منإنس أو جن، و لكن جهل اليهود بحكمته دعاهمإلى أن يطلبوا عن رسول اللّه نزول القرآنجملة واحدة من السماء حتّى يروا باُمّأعينهم أنّه كتاب سماوي اُنزل من عنداللّه سبحانه و هم يضاهئون في هذاالإقتراح قول المشركين في مكّة(1).أتى جماعة من اليهود رسول اللّه، فقالوا:يا محمد! إنّ هذا الذي جئت به لحقّ من عنداللّه فإنّا لانراه متّسقاً كما تتّسقالتوراة؟ فقال لهم رسول اللّه: أما و اللّهلأنّكم لتعرفون أنّه من عند اللّه تجدونهمكتوباً عندكم في التوراة و لو إجتمعتالإنس و الجنّ على أن يأتوا بمثله ما جاؤابه، فقالوا: يا محمّد أما يعلّمك هذا إنسولاجن؟ فقال لهم رسول اللّه (صلّى اللهعليه وآله وسلّم): أما واللّه إنّكم تعلمونأنّه من عند اللّه و إنّي لرسول اللّهتجدون ذلك مكتوباً عندكم في التوراة،فقالوا: يا محمد فإنّ اللّه يصنع لرسول إذابعثه ما يشاء ويقدر منه على ما أراد، فأنزلعلينا كتاباً من السماء1. الإسراء/93، و قد مضى تفسيرها.