4ـ إستغاثة المسلمين و نزول الملائكة
إنّ النّبي لمّا نظر إلى كثرة عددالمشركين وقلّة عدد المسلمين إستقبلالقبلة، وقال: اللّهم أنجز لي ما وعدتني،اللّهم إن تهلك هذه العصابة، لا تعبد فيالأرض. فمازال يهتف ربّه مادّاً ييديهحتّى سقط رداوه من منكبيه، فأنزل اللهتعالى: (إذْتَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمفَاْسْتَجَابَ لَكُم أنِّى مُمِدُّكُمبِأَلْف مِّنَ المَلاَئِكَةِ مُرْدِفِينَ * وَمَاجَعَلَهُ اْللَّهُ إلاَّبُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَ بِهِقُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إلاَّ مِنْعِندِ اللَّهِ إنَّ اللَّهَ عَزِيزٌحَكِيمٌ) (الأنفال/9و10).لعلّ معنى قوله: (وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُاِلاَّ بُشْرَى) إنّه سبحانه جعل الإمدادبالملائكة بشرى للمسلمين بالنّصر ولتسكنبه قلوبهم وتزول الوسوسة عنها، وإلاّ فملكواحد كاف للتدمير.أو لعلّ معناها: إنّ الإمداد بالملائكةإمداد بالسبب والنصر الحقيقي من جانبالمسبّب وهو اللّه العزيز الحكيم، وليسللسبب أصالة ولا إستقلال(1).ثمّ إنّه سبحانه جعل عدد الملائكة في هذهالآية ألفاً، مع أنّه سبحانه أمدّالمسلمين ـ حسب آية اُخرى ـ بثلاثة آلافكما في قوله: (اِذْ تَقُولُلِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُماَنْ يُمدَّكُم رَبُّكُم بِثَلاَثَةِآلاَف مِنَ المَلاَئِكَةِ مُنْزَلِينَ *بَلَى اِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُواوَيَأْتُوكُم مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَايُمْدِدْكُم رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلاَفمِنَ المَلاَئِكَةِ مُسَوِّمِينَ *وَمَاجَعَلَهُ اللَّهُ اِلاَّ بُشْرَىلَكُم وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِوَمَا النَّصْرُ اِلاَّ مِنْ عِنْدِاللَّهِ العَزِيزِ الحَكِيمِ) (آلعمران/124ـ126).و لكنّ الإختلاف يرتفع بالإمعان بما فيذيل الآية التّاسعة من سورة الأنفال حيثقال: (بِأَلْف مِنَ المَلاَئِكَةِمُرْدِفِينَ) أي مردفين بملائكة اُخرى،كما يقال أردفت زيداً خلفي، فيكون المفعولالثاني محذوفاً، فلو كان عدد الملائكةالاُخرى ألفين، يصير المجموع ثلاثة ألاف.1. و قد تكرّر مضمون الآية في سورة آلعمران، الآية 126.