عودة المنافقين القهقرى إلى المدينة:
كان عبداللّه بن أبيّ ممّن أبدى الإصرارعلى الإقامة في المدينة والتّحصن بهافلمّا رأى أنّ رسول اللّه (صلّى الله عليهوآله وسلّم) ترك رأيه وأخذ برأي الآخرين،فقال: أطاعهم وعصاني، ما ندري علام نقتلأنقسنا ها هنا، فرجع بمن اتّبعه من قومه منأهل النفاق والريب، وهم ثلث النّاس،واتبعهم عبد اللّه بن عمرو، فقال: ياقومأذكّركم اللّه ألاّ تخذلوا قومكم ونبيّكمعندما حضر من عدوّهم; قال عبد الله بن أبىّ:لو نعلم أنّكم تقاتلون لما أسلمناكم،ولكنّا لا نرى أنّه يكون قتال.فلمّا استعصوا عليه وأبوا إلاّ الإنصرافعنهم، قال: أبعدكم اللّه أعداء اللّه،فسيغني اللّه عنكم نبيّه.و في ذلك نزل قوله سبحانه: (وَ قِيلَ لَهُمتَعَالَوْا قَاتِلُوا فِى سَبِيلِاللَّهِ اَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْنَعْلَمُ قِتَالاً لاَ تَّبَعْنَاكُمْهُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذ اَقْرَبُمِنْهُم لِلاِيْمَانِ يَقُولُونَبِاَفْوَاهِهِم مَالَيْسَ فِىقُلُوبِهِم وَاللَّهُ اَعْلَمُ بِمَايَكْتُمُونَ) (آل عمران/167).و قد أوجد رجوع رئيس النفاق في أثناءالطريق شقاقاً وخلافاً بين أصحاب النّبي(صلّى الله عليه وآله وسلّم) على نحوين:1ـ فقال قوم من المسلمين: نقاتل قريشاً،وقال آخرون: لا نقاتلهم، وفي ذلك نزل قولهسبحانه(فَمَا لَكُم فِى المُنَافِقِينَفِئَتَيْنِ وَاللَّهُ اَرْكَسَهُم بِمَاكَسَبُوا اَتُرِيدُونَ1. المغازي للواقدي، ج1 ص213، و السيرةالنبويّة ج2 ص63.