ثمّ إنّه لمّا بلغ رسول اللّه أنّ العدوبصدد معاودة الكرّة إلى المدينة حتّىيستأصل بقية المسلمين، فأمر رسول اللّهالمؤذّن أن يؤذّن بالخروج إلى مطاردةالعدو و أن لايخرج إلاّ من حضر الأمس فيالمعركة، و إليه يشير قوله سبحانه:(الَّذِينَاسْتَجَابُوا للّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُالقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوامِنْهُمْ وَ اتَّقَوا أَجْرٌ عَظِيمٌ *الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّالنَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْفَاخْشَوهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناًوَقَالُوا حَسْبُنَا اللّهُ وَ نِعْمَالوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةمِنَ اللّهِ وَ فَضْل لَمْ يَمْسَسْهُمْسُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْل عَظِيم * إِنَّمَاذلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُأَوْلِيَاءَهُ فَلاَتَخَافُوهُمْ وَخَافُون إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (آلعمران/172ـ175).
و يستفاد من جملتها:
(أوّلاً): إنّ المؤمن إذا إنتابته الهزيمةو اعتراه الإنكسار الظاهري لايصل به الأمرإلى فقد الثقة باللّه سبحانه و تعالى، فلوتمكّن من معاودة الكرّة لتحقيق الإنتصارلهبّ مسرعاً و لم يقعد به القرح و لايكونجليس البيت لأجل ملمّة ألمّت به، و إليهيشير قوله سبحانه: (اَلَّذِينَاسْتَجَابُوا للّه...).(و ثانياً): لو بلغهم تأهّب العدوّ لكرّعليهم ثانياً وجاءت النذر يخوفونهم من بأسالعدو و مازادهم إلاّ إيماناً وثقة وإنقطاعاً إلى اللّه و قالوا: (حَسْبُنَااللّهُ وَ نِعْمَ الوَكُيلُ).(و ثالثاً): إنّ ما جاءت به النذر منالأنباء إنّما كانت من الشياطين الّذينيخوّفون أولياءهم، و أمّا المؤمنونفإنّهم قد خرجوا عن نطاق تأثير تلكالإرهاصات النفسيّة.
غزوة اُحد بين السلبيات و الإيجابيّات:
إنّ غزوة اُحد كسائر الغزوات التي تمخّضعنها ما هو سلبي و ما هو إيجابي، و قد وردفي الذّكر الحكيم آيات تشير إلى جملتها، وإليك نصوصها مشفوعة بما