5 ـ صلح الحديبيّة
إنّ اللّه تعالى أرى نبيّه في المنامبالمدينة أنّ المسلمين دخلوا المسجدالحرام، فأخبر بذلك أصحابه، ففرحوا وحسبوا أنّهم داخلوا مكّة عامهم ذلك، و هيالسنة السادسة من الهجرة. ثمّ استنفرالعرب و من حوله من أهل البوادي ليخرجوامعهم لإداء فريضة العمرة، لزيارة بيتاللّه، و تعظيماً له، لا لقتال أو جهاد،فساق معه الهدي و أحرم بالعمرة ليأمنالناس من حربه، و كانت الهدي سبعين بدنة، وكان الناس سبعمائة رجل، فكانت كل بدنة عنعشرة نفرات.خرج رسول اللّه (صلّى الله عليه وآلهوسلّم) حتّى إذا كان بعسفان(1) لقيه «بشر بنسفيان الكعبي» فقال: يا رسول اللّه هذهقريش قد سمعت بمسيرك، و لقد لبسوا جلودالنمور، و نزلوا بذي طوى(2) يعاهدون اللّهلاتدخلها عليهم أبداً، و هذا «خالد بنالوليد» في خيلهم قد قدّموها إلى كراعالغميم(3)، فقال رسول اللّه (صلّى الله عليهوآله وسلّم): يا ويح قريش! لقد أكلتهم الحربما ذا عليهم لو خلّوا بيني وبين سائرالعرب، فإن هم أصابوني كان الذي أرادوا، وإن اظهر نبي اللّه عليهم دخلوا في الإسلامو افرين، و إن لم يفعلوا قاتلوا و بهمقوّة، فما تظن قريش؟ فو اللّه لاأزالاُجاهد على الذي بعثني اللّه به، حتّىيظهره اللّه، أو تنفرد هذه السالفة(4).ثمّ قال: مَنْ رجل يخرج بنا على طريق غيرطريقهم التي هم بها؟1. عسفان، منهلة من مناهل الطريق بينالجحفة و مكّة، و هي من مكّة على مرحلتين.2. موضع قرب مكّة.3. واد أمام عسفان بثمانية أميال.4. صفحة العنق، و كنى بإنفرادها عن الموت.